حماية حقوق الإنسان في النظام العربي مقارنة بالنظام الأوروبي
د. زازة لخضر، أستاذ محاضر (أ)، جامعة عمار ثليجي – الأغواط (الجزائر)
ملخص
خطت الدول العربية، في مجال تحقيق نظام عربي لحماية حقوق الإنسان، خطوة كبيرة بإنشائها محكمة عربية لهذا الغرض. وعلى الرغم من أن إنشاء تلك المحكمة جاء متأخرا جدا مقارنة مع نظيراتها من الأنظمة الإقليمية الأخرى إلا أن الوثائق والصكوك العربية المتعلقة بحقوق الإنسان في البلدان العربية عرفت محاولات مبكرة ومتكررة لكنها كلها أفضت إلى الفشل إلى أن أُفرج عنها مع مطلع الألفية بالموافقة بنجاح على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ثم إنشاء اللجنة العربية لحقوق الإنسان ثم تأسيس المحكمة العربية لحقوق الإنسان عام 2014. ومع كل ذلك، ثمة العديد من الانتقادات لهذا النظام مقارنة بالنظام الأوروبي لحقوق الإنسان الذي يعتبر نموذجا فذاًّ لكفالة الحقوق الإنسانية بالسماح للأفراد أنفسهم بالتقاضي أمام لمحكمة وبتخويل الأجهزة المختصة صلاحيات واسعة في إطار مهامها.
وعلى ذلك، فإن هذا المقال يستعرض النظام العربي لحقوق الإنسان من خلال عرض مواثيقه وصكوكه أولا ثم يعرج على آلياته التي تكفل احترام تلك المواثيق والصكوك كل ذلك في إطار استعراض جانبي للنظام الأوروبي لحقوق الإنسان من حيث المواثيق الآليات في شكل مقارنة بسيطة للوصول إلى المدى الذي وصل إليه النظام العربي مع النظام الأوروبي.
ملخص البحث باللغة الفرنسية
Les pays arabes ont fait, dans la réalisation d’un système arabe pour la protection des droits de l’homme, un grand pas on créant une cours arabe à cet effet. Bien que la mise en place d’une telle cours est venu trop tard par rapport à leurs homologues d’autres systèmes régionaux, les documents et les instruments relatifs aux droits de l’homme dans les pays arabes ont apparus très tôt et d’une manière répétées mais ont conduit à l’échec et n’ont pu être libérée qu’au début du millénaire approuvant avec succès sur la Charte arabe des droits de l’homme et la mise en place de la Commission arabe des droits de l’homme et la création de la Cour arabe des droits de l’homme en 2014. Néanmoins, il existe de nombreuses critiques de ce système par rapport au système européen des droits l’homme, qui est un modèle révérenciel pour la protection des droits de l’homme en permettant aux individus eux de faire face aux procédures judiciaires devant la cours, et on autorisant les organes spécialisés d’exercer leurs fonctions largement.
Par conséquent, cet article examine le système des droits de l’homme arabe en présentant ces documents et ces instruments premièrement, et balancer sur ses mécanismes assurant le respect de ces conventions et instruments, tous dans le cadre de l’examen des deux côtés du système européen des droits humains en termes des instruments et des mécanismes, sous forme d’une simple comparaison pour savoir ou on est le système arabe par rapport au système européenne.
مقدمة:
إن الإنسان لا يكون إنسانا إلا بحقوقه فإن امتلكها كان كامل الإنسانية وإن أُنقص من إحداها كان في ذلك إنقاص من إنسانيته ؛ ولهذا تعززت حماية حقوق الإنسان في مواجهة الانتهاكات التي عانتها الشعوب من الأنظمة المستبدة ومواجهة ما أفرزته الحروب من ألام وويلات ودمار، بمواثيق وآليات لصيانة وحماية هذه الحقوق والحريات. ولأن المجتمع الأوروبي يعد نموذجا في تنظيم وكفالة احترام وحماية حقوق الإنسان على عكس المجتمع العربي الذي لم يعط لهذه الحقوق مكانتها اللازمة واحترامها بالشكل المطلوب.
لذا ارتأينا أن نقوم بدراسةٍ مقارنة بين النظامين: العربي الأوروبي لحماية حقوق الإنسان من جانب المواثيق التي جاء بها كل منهما، وكذلك من جانب الآليات التي اعتمداها لحماية حقوق الإنسان، مع العروج على أهم النقاط التي جعلت من النظام الأوروبي نموذجا ناجحا لحماية حقوق الإنسان وكذلك النقاط التي أخرت النظام العربي وجعلته مجرد نطام على الورق لم يعرف النور في حماية حقوق الإنسان إلا من بوادر ظهرت مؤخرا، ولا يمكن الحكم مسبقا بنجاحها.
وعلى ذلك، نطرح الإشكال التالي: هل يمكن أن يصل النظام العربي لحماية حقوق الإنسان إلى مصاف النظام الأوروبي؟ وما الذي جعل النظام الأوروبي يعتبر نموذجا ناجحا خلافا للنظام العربي؟
المبحث الأول: مواثيق حماية حقوق الإنسان في النظامين: الأوروبي والعربي
المطلب الأول: الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان
لقد رغبت الدول الأعضاء في مجلس أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية في إيجاد آلية تهدف إلى تعزيز استقرار القارة الأوروبية عبر التنسيق بينها ومنع تكرار ويلات الحرب العالمية الثاني. تعتمد هذه الآلية على مجموعة مشتركة من القيم الثقافية والقانونية بين هذه الدول منها حماية حقوق الإنسان للأفراد وسيادة القانون وتعزيز الديمقراطية ([1])؛ ومن أجل هذا، وضعت أوروبا أسسا قوية من أجل حماية حقوق وحريات الإنسان الأساسية ، حيث انشأت اتفاقية أوروبية تعد الأقوى والأكثر تقدما على مستوى العالم، هذه الاتفاقية تم توقيعها في مدينة روما في 4/10/1950 ، ودخلت حيز التنفيذ في 3/9/1953. ([2])
تتكوَّن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان من مقدمة و66 مادة تضع الأساس لحماية حقوق الإنسان على المستوى الأوروبي، وتضع وسائل مراقبة احترام السلطات لها، وآليات تطبيقها كقانون دولي إقليمي على مستوى دول أوروبا، بحيث تلتزم كل الدول الأوروبية بهذا القانون.([3])
ولقد وُقِّعَتْ هذه الاتفاقية من قبل الدول الأعضاء في مجلس أوروبا في 4 نوفمبر 1950، وكان ذلك في مدينة روما الايطالية، وقد دخلت حيَّز التنفيذ في الثالث من سبتمبر عام 1953، بعد إيداع عشر دول لوثائق التصديق، وهو النصاب اللازم لكي تصبح الاتفاقية سارية المفعول أو نافذة، ووقعت ايطاليا عليها في السادس والعشرين من أكتوبر عام 1955 عقب صدور القانون رقم 848 في الرابع من أغسطس عام 1955؛ وبعد ذلك، ومن خلال الموافقات المتتالية، صادقت جميع الدول الأعضاء في مجلس أوروبا، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. ومنذ 10 كانون الثاني/يناير 1996 أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تتمتع في داخل المجلس بصفة عضو مراقب.)[4](
وتعد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في الدول الإنجلوسكسونية والدول الإسكندنافية معاهدة دولية تخاطب سلطات الدولة وتضع عليها التزاما بعدم مخالفة دستورها وقوانينها لنصوص المعاهدة، ولكن لا تعد الاتفاقية ذاتها جزءا من قانونها الداخلي، أما باقي الدول الأوروبية، فهي تعد ـــ الاتفاقية ـــ جزءًا من القانون الداخلي لتلك الدول، إذ أنها أصبحت في مرتبة أعلى، أو على الأقل، مساوية للقانون الداخلي، ومن ثم يستطيع أيُّ إنسان أوروبي أن يستند إلى نصوص الاتفاقية أمام السلطات الداخلية القضائية والإدارية لدولته.
وتتخذ الحقوق والحريات الواردة في الاتفاقية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان القاعدة الأساسية رغم وجود اختلافات في صياغة بعض الأحكام تتراوح بين التوسع والتقييد في نطاق الأحكام. ويمكن تصنيف الحقوق والحريات التي تضمنها الاتفاقية كالآتي:
– حقوق تتعلق بالفرد وحياته الشخصية؛
– حقوق تتعلق بالفرد وحياته في المجتمع؛
– حقوق تتعلق بالفرد أمام القانون؛
وهو ما تناوله القسم الأول من الاتفاقية للحقوق والحريات وذلك في المواد من 1 إلى 18. كالحق في الحياة والسلامة الجسدية وحظر الإعدام والاسترقاق، والحق في الحرية والأمن والمحاكمة العادلة، واحترام حياة الإنسان الخاصة والعائلية ومسكنه ومراسلاته، والحق في حرية التفكير والضمير والعقيدة وحرية التعبير والتجمعات السلمية، والحق في الزواج وتكوين أسرة، وحظر أشكال التمييز كافة .. وغير ذلك من الحقوق.
وتضم قائمة المواد الواردة في الاتفاقية ثلاثة عشر حقا) [5]( بالإضافة إلى الحقوق الموجودة في البروتوكولات الملحقة بها. ومن ثم نطرح التساؤل التالي: فيما تتمثل هذه البرتوكولات وما هو مضمونها؟
إن النشاط القانوني للمجلس الأوروبي في هذا الشأن لم يقتصر على التوقيع على الاتفاقية فحسب والاكتفاء بها، ذلك أن التطور المستمر منذ بداية العام التالي، والذي مازال مستمرا حتى اليوم، أدى إلى صياغة 14 برتوكولا إضافيا، بالإضافة إلى اتفاق أوروبي حول الأشخاص الذين يشاركون في الإجراءات أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان)[6](. من هذه البروتوكولات من جاءت بحقوق اضافية ومنها من عدل مواد موجودة في الاتفاقية؛ لكن يعد البروتوكول الحادي عشر والبروتوكول الرابع عشر أهم البروتوكولات على الاطلاق. ذلك أن الأول يهدف إلى استبدال نظام الرقابة الذي كان يعتمد لجنة ومحكمة بنظام يعتمد على محكمة فقط وأصبح ساريا في 01/11/1998 في الاتفاقية. أما الثاني فيهدف إلى تحسين فعالية آلية حماية حقوق الإنسان استجابة للتغير الكمي في الطلبات الفردية والتغير النوعي في موضوعاتها، عن طريق اضافة معيار جديد إلى قبول الطلبات الفردية وادخال نظام التقاضي المنفرد وتوسيع اختصاصات لجنة القضاة الثلاثية.
المطلب الثاني: المواثيق العربية
القولُ بإن بداية فكرة حقوق الإنسان في الوطن العربي كانت بعد 21 سنة من إنشاء الجامعة وكان ذلك بعد أن أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بجعل سنة 1968 سنة دولية لحقوق الإنسان) [7](، وطلبت هيئةُ الأمم المتحدة من دول العالم والمنظمات الدولية والإقليمية التعاون معها لإنجاح التظاهرة، وقد تجاوب مجلس الجامعة معها وأصدر قرارا في سبتمبر 1966 يتعلق بعقد أول مؤتمر عربي لحقوق الإنسان، وفعلا، انعقد المؤتمر في بيروت في ديسمبر 1968 وكان بمثابة أول ندوة لحقوق الإنسان في جامعة الدول العربية.
أما عن المواثيق والصكوك العربية التي طبعت الساحة العربية، فقد تمثلت في:
أولا) إعلان حقوق المواطن العربي:
لقد كانت المبادرة الأولى سنة 1970 حين قدمت جمعية حقوق الإنسان بالعراق اقتراحا بالعمل على إصدار إعلان عربي لحقوق الإنسان تمهيدا لاتفاقية عربية ومحكمة عدل عربية. وبناءً على ذلك الاقتراح تشكلت لجنة خبراء قامت بتحضير الإعلان الذي صدر في العام التالي باسم “إعلان حقوق المواطن في الدول والبلاد العربية”، وجاء ذلك الإعلان مكونا من ديباجة و31 مادة.
ولقد تمت الإشارة في الديباجة إلى الالتزام بمبادئ إعلان العالمي لحقوق الإنسان عن عقيدة وإيمان، وأنه من أجل ذلك ستعمل الدولُ العربية على تقنين حقوق وحريات المواطن العربي مع الالتزام بعدم المساس بها، وبضرورة الاهتمام الكامل بها كأساس لكل سياسة أو إدارة أو تشريع.([8])
أما في متن الإعلان فقد نصت المادة الأولى على «نبذ أي تفرقة تقوم على العنصر أو اللون أو الأصل أو الدين أو اللغة أو الميلاد أو الثروة أو الرأي السياسي أو غيره، والمساواة بين الرجال والنساء في ممارسة الحقوق والواجبات على قدم المساواة».
واحتوى الإعلان أيضا نصوصا تهدف إلى حماية الحق في الحياة وحظر الاتجار في الذات الإنسانية وحماية الحرية الشخصية والحق في السلامة البدنية، وحظر التعذيب والمعاملة القاسية أو المحطة بالكرامة وتحريم السخرة والنفي من الوطن أو المنع من العودة إليه أو منع المواطن من مغادرة أي دولة عربية بما في ذلك دولته والحق في طلب اللجوء هربا من الاضطهاد.
وأقر الإعلان، من جهة أخرى الحق في الجنسية وعدم جواز إسقاطها، وحماية الحياة الخاصة وحرمة المسكن وسرية المراسلات وكفالة حق الملكية وعدم المساس بشخصية المواطن القانونية، واحترام قاعدة المساواة أمام القانون وقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وعدم رجعية القوانين.
كما نص الإعلان على الحق في الممارسة الدينية بكل حرية دون الإخلال بحقوق الآخرين وحرياتهم ؛ واحتوى أيضاً على كفالة حرية الرأي والتعبير عنها عن طريق نشرها أو إذاعتها، وذلك باستثناء ما يمس بالأمن القومي والنظام العام والآداب العامة، كل ذلك إضافة إلى حرية الاجتماع والتجمع بشكل سلمي والحق في المشاركة في الحياة العامة، والحق في العمل واحترام الحقوق النقابية.([9])
وأشار ذلك الإعلان، من جهة أخرى، إلى الحق في مستوى معيشي يلبي الحاجات الإنسانية وحماية الأسرة والأمومة والطفولة والحق في التعليم بالمجان وحق المشاركة في الحياة الثقافية وتهيئة فرص التنمية البدنية والعقلية للشباب.
وأخيرا جاء في الإعلان التأكيد على عدم جواز المساس بالحقوق وحريات المذكورة ماعدا الطوارئ في الحالات العامة التي تهدد الأمة والتي يتم الإعلان عنها بصفة رسمية.
غير أن ما يجب ملاحظته على هذا الإعلان هو خلوه من أي إلزام للدول التي توافق عليه، هذا إضافة إلى ما وجه إليه من انتقاد بكون المادة 31 تسمح للحكومات العربية بالتنصل في حالة الطوارئ من كل الحقوق التي تضمنها الإعلان دون استثناء، أي أن التنصل يشمل حتى الحق في الحياة المنصوص عليه في المادة الثانية من ذلك الإعلان العربي، هذا علما بأن حالة الطوارئ العامة قد تُركت في الإعلان بدون تحديد.
ورغم تلك الإمكانيات المتروكة للدول في التنصل من التزاماتها بموجب حالة الطوارئ، ورغم عدم الدقة المذكورة، إلا أن 9 دول عربية فقط تقدمت بموافقتها على الإعلان فأيده بعضها دون تحفظات ورفضه بعضها الآخر بشكل كامل، أما فريق ثالث، فقد طالب بإدخال تعديلات شكلية وموضوعية على الإعلان، ومن ثم لم يظهر إعلان حقوق المواطن في الدول والبلاد العربية للوجود.([10])
ثانيا) مشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان:
جاءت المبادرة بإنشاء هذا المشروع عن اتحاد الحقوقيين العرب الذي عقد ندوة في بغداد عام 1979 حول حقوق الإنسان في الوطن العربي، بحيث وضعت تلك الندوة مشروع اتفاقية عربية لحقوق الإنسان وعدة قرارات تدعو فيها الجامعة العربية لتنشيط لجنتها، وقد كانت هذه المبادرة الدافع الحقيقي لجامعة الدول العربية حيث ما لبثت أن كلفت مجموعةً من الخبراء العرب بوضع ميثاق عربي لحقوق الإنسان، وفي 31 مارس 1983 ، أعلنت الجامعة عن مشروع ذلك الميثاق وعن إحالته إلى الدول العربية لتعطي رأيها فيه.
ولقد تضمن المشروع ديباجة و42 مادة، وجاء في الديباجة إشارة إلى تأكيد مبادئ الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأحكام العهدين الدوليين المتعلقين بكل من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، كما تعهدت الدول العربية للأعضاء بضمان الحريات الأساسية التي لا يجوز المساس بها ويتحتم تنفيذها وتأمين الاحترام الكامل لها، أما المواد الأخرى من المشروع فقد احتوت على احترام الحقوق والحريات الأساسية أما مواد أخرى من المشروع فقد اقتصرت على مبادئ العامة دون تفصيل وذلك لإعطاء كل دولة عربية قدر من تكييف مع ظروفها وحرية تطبيق وفق لتك الظروف ولكن اقتراح العديد من تعديلات على ذلك المشروع فإن مجلس الجامعة العربية لم يتخذ أي قرار فيما يتعلق به وقد يكون راجعا لمعارضة بعض الدول الأعضاء له ولكن تجدر الإشارة إلى أن المشروع سجل تقدما عن الإعلان ولقد تجسد هذا التقدم في منع التنصل من بعض التزامات ومنها احترام الحق في المحاكمة وحق العودة إلى الوطن، إلا أن المشروع تمسك بالمادة 31 من الإعلان السابق والتي تسمح لحكومات الدول العربية بالتنصل في حالات الطوارئ من كل الحقوق التي تضمنها الإعلان وهذا ما يؤدي إلا عدم التزام الدول بمشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان في حالة الطوارئ على غرار ما حصل بالنسبة إعلان حقوق المواطن العربي.([11])
وكذلك نجد أن المادة 27 لا تكتفي في حالة الطوارئ كاستثناء بتعليق الحقوق المعلنة، بل هي أضافت حق المشرع في سن قوانين تقيد الحقوق المنصوص عليها إذا ما اقتضت ذلك ضرورات لحماية الأمن والاقتصاد والنظام العام والصحة والأخلاق، ومنه نستشف أن كلا من الإعلان ومشروع الميثاق يشتركان في السماح للحكومات العربية بالخروج عن احترام حقوق الإنسان الجوهرية كالحق في الحياة ..، هذا بالإضافة إلى عدم إلزام المشروع الدول الأعضاء بتقديم تقارير دورية عن تنفيذه ،كل ذلك جعل المشروع متخلفا عن التطور الدولي لحقوق الإنسان.
وفي الأخير نشير إلى أنه على خلاف ما اعتمدته هيئة الأمم المتحدة التي فصلت بين الحقوق السياسية والمدنية من جهة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة أخرى نجد أن المشروع العربي جمع بين الحقوق المختلفة في وثيقة واحدة، وهو لم يتجاوز 40 مادة بينما نجد العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يصل إلى 31 مادة ويصل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إلى 53 مادة؛ وقد يعود هذا الضعف إلى اقتصار المشروع على إيراد المبادئ العامة والحقوق الأساسية وترك التفاصيل للمواثيق المتممة التي قد تليه.([12])
ثالثا) مشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي:
ظهرت بوادر هذا المشروع عندما قام المعهدُ الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية في إيطاليا سنة 1986، بناءً على توصية من مؤتمر علماء القانون العرب، ببحث ومناقشة موضوع العدالة الجنائية، التعليم وإصلاح حقوق الإنسان ؛ وقد انعقد المؤتمر في مدينة سيراكوزا في إيطاليا. وفي ختام المؤتمر الذي حضره ممثلو 12 دولة عربية و76 شخصية من الشخصيات العربية البارزة وممثلون عن المناطق المحتلة من فلسطين، طالب المشاركون المعهدَ، وبعد استعراض وثائق حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة والمجلس الأوروبي والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان والميثاق الإفريقي ومشروع جامعة الدول العربية وأجزاء من المشروع الإسلامي لحقوق الإنسان، بتنظيم مؤتمر للخبراء العرب تكون مهمته وضع مشروع ميثاق أو اتفاقية عربية لحقوق الإنسان. وبالفعل، انعقد مؤتمر الخبراء بمقر المعهد الدولي لدراسات العليا في العلوم الجنائية في المدة ما بين 05 و12 ديسمبر 1986 وحضره ممثلون عن 12 دولة عربية و64 شخصية بارزة لمختلف أنحاء العالم بالإضافة إلى ممثلين عن المناطق المحتلة وآخرين من داخل إسرائيل.
وقد تبنى المؤتمر النص النهائي لمشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي وتُرجم إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، كما أعلن اتِّحادُ المحامين العرب الذي يمثل أكثر من مائة ألف محامي في الوطن العربي تأييده الكامل للمشروع وذلك في مؤتمر الاتحاد الذي عُقد في الكويت في أفريل 1987، وأعلنوا عن أملهم في أن تتبنى جميع الدول العربية هذا الميثاق.([13])كما جرى ارسال نسخة منه إلى كل من رؤساء الدول العربية وإلى الامين العام لجامعة الدول العربية، وجرى أيضاً ارسال 500 نسخة إلى أكثر من 500 شخصية على صعيد العالم العربي.([14])
وإذا ما تصفَّحنا مشروع الميثاق هذا نجده قد احتوى على ديباجة و03 أبواب. ولقد استهلت الديباجة بالقول إنه: « لما كان الإقرار بما لجميع أعضاء المجتمع البشري من كرامةٍ أصيلة فيهم ومن حقوق متساوية وثابتة، بشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم » ؛ ثم تمضي إلى القول: «ونظرا لما يجمع بين أبناء الأمة العربية في كافة أقطارها من روابط قومية لا تنفصم تتمثل في وحدة القيم والتراث والتاريخ والحضارة والمصالح والتي كرم الله أرضها بان جعلها مهد الرسالات السماوية، وبحكم الآمال التي يتطلعون إليها من أجل استئناف المشاركة في بناء الحضارة الإنسانية وتقدمها، وحيث أن تجاهل الحقوق الجماعية للأمة العربية وحقوق الإنسان في أراضيها قد أفضى إلى كل كوارث لا حصر لها بدءا من احتلال فلسطين وإقامة كيان عنصري غريب فيها واقتلاع شعبها منها وانتهاء باستباحة الأرض العربية كلها وإهدار مواردها البشرية والمادية وربط مقدراتها ومصيرها بقوى خارجية عنها وبالتالي عجزها عن مجابهة نموها واستقلالها وتحقيق أمانيها المشروعة».
ومن أهم التوجهات التي ظهرت اثناء نقاش المشروع تقديم حقوق الإنسان أولاً لأنها الضمان لحقوق الشعوب وأن الحقوق الفردية تأتي قبل الحقوق السياسية، كما نص المشروع أيضا على حق الأبناء في الجنسية دون تمييز بين الرجل والمرأة وكذلك على حظر التعذيب وحق المواطن في التعويض إذ جرى توقيفه بغير سند قانوني. كذلك فقد جرى التركيز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وخاصة حق التعليم.
وبهذا نستطيع القولُ بإن المحاولات التي قامت بها الدول العربية مجسدة في جامعة دول العربية التي خصت حقوق الإنسان في الإقليم العربي وتمثلت في المشروعين حيث نجد مشروع الميثاق العربي نص مثله مثل مشروع ميثاق الإنسان والشعب في الوطن العربي على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كحقوق فردية زيادة على بعض الحقوق الجماعية كحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.([15])
رابعا) الميثاق العربي لحقوق الإنسان: المشروع والتحديث: بالرغم من كل تلك المبادرات، إلا أن الوصول إلى نظام وصكوك عربية لحماية حقوق الإنسان بقيت بعيدة ولم يتجسد منها أي مشروع على أرض الواقع. ومع ذلك فقد بقيت الفكرة حلما يراود المجموعة العربية حكومات ومنظمات وشخصيات، وكان لزاما أن ينتظر حتى مطلع التسعينيات لكي تستقيم الفكرة على أساس واضح وجاد، حيث بادرت لجنة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية بوضع مشروع سمي بالميثاق العربي لحقوق الإنسان وقدمته إلى مجلس الجامعة خلال شهر يناير 1993، وهو المشروع الذي استحسنته الجامعة وتم اعتماده من طرف مجلسها بتاريخ 15 سبتمبر 1994، وتم ذلك بجو من التكتم وبقي بعيداً عن الاضواء ولم يعط حقه في الاعلان والنشر([16]).
إن مشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 1994، والذي بدأ بذكر الدول العربية الاثنتين والعشرين جميعها يتألف من ديباجة واربعة أقسام. وتتميز الديباجة بإبراز خصوصيته بالتأكيد على: – الأمة العربية تؤمن بكرامة الإنسان ؛ -الوطن العربي مهد الديانات وموطن الحضارات؛ -المبادئ الخالدة التي أرستها الشريعة الإسلامية؛ -رفض العنصرية والصهيونية؛ -إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام. ([17])
وقد تضمن مشروع 1994 أربعة أقسام مختلفة لكل منها وجه من وجوه حقوق الإنسان معظمها مستوحاة من المواثيق التقليدية لحقوق الإنسان. غير أن المميز في هذا المشروع احتواؤه على بعض الحقوق التي لم تكن مكفولة في الدول العربية فيما سبق بموجب التشريعات الوطنية. ومن بين أهم تلك الحقوق: عدم جواز الحكم بعقوبة الاعدام في جريمة سياسية؛ لا يجوز حبس إنسان ثبت اعساره عن الوفاء بدين مدني؛ حماية الدولة لكل إنسان يقيم على ارضها من التعذيب؛ الحق في طلب اللجوء السياسي وعدم جواز تسليم اللاجئين السياسيين؛ تجريم المساس بحرية الحياة الخاصة بما في ذلك خصوصيات الاسرة والمسكن وسرية المراسلات وغيرها؛ يجب معاملة المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية معاملة إنسانية؛ لا يجوز نفي المواطن من بلده أو منعه من العودة إليه؛ حرية العقيدة والفكر والرأي مكفولة لكل فرد .. إلى غير ذلك من الحقوق.
وعلى الرغم من أن هذا المشروع شكل خطوة إيجابية في مسار الدول العربية وشعوبها وإنجازا كبيرا في مجال عمل جامعة الدول العربية، غير أنه لم يحظ بالقبول والاستحسان من قبل كافة الدول العربية؛ فالدولة الوحيدة التي صادقت عليه كان العراق في حين، فقد تحفظت عليه 7 دول عربية هي الامارات العربية المتحدة والبحرين وسلطنة عمان والكويت والمملكة العربية السعودية والسودان واليمن، كما أن أسباب التحفظ حسب ادعائها تعود بشكل اساسي إلى ارتباطاتها الإسلامية التي توفر هذه الحقوق وتغني عن الميثاق. ([18])
ومع ذلك، وبالرغم من كافة أوجه القصور التي اعترت الميثاق العربي لحقوق الإنسان، إلا أن من الملاحظين من استحسنه حينها واعتبره بادرة مشهودة وخطوة عملية موفقة وإن جاءت متأخرة، وهو على أية حال قد قاد فيما بعد، وعلى نحو ما سنرى، إلى إنجازات أخرى في مجال حقوق الإنسان أهمها تحديث هذا المشروع واعتماده بعد عشر سنوات فضلا عن إنجاز المحكمة العربية لحقوق الإنسان. وعن هذا الميثاق، عبر كثيرون بالقول: “أن يكون لنا ميثاق عربي لحقوق الإنسان افضل من إلا يكون لنا ميثاق بالمرة .. إذ بالإمكان مواصلة العمل والنضال من اجل تطوير هذا الميثاق وتعديله والاضافة إليه ..” وأن “بعض ما ورد في الميثاق يشكل في حالة تنفيذه انقلاباً حقيقياً في توجهات وسياسة العديد من الدول العربي ..” وأنه يبدو “قد صدر لحظة يقظة وفي غفلة من أكثرية الدول العربية التي كانت تعرقل صدوره بشتى الأساليب الظاهرة والمستترة”.([19])
إن انهيار مشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 1994، بالجملة كان حافزا في جانب آخر لدعاة حقوق الإنسان سواء من الدول العربية أو من المنظمات أو الهيئات والشخصيات لأن تعاود الكرة بعد قرابة العشر سنوات. وكان هذه المرة معاودة بعث ذات المشروع مع تحديثه والعمل على أن يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وعدم التناقض معها في المضمون. وفي إطار مذكرة النوايا الموقعة بين جامعة الدول العربية ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، بدأت فعلا عملية تحديث الميثاق بناءً على دعوة من الأمين العام لجامعة الدول العربية وعلى إثر هذه الدعوة صدر القرار رقم (6089) عن مجلس الجامعة في مارس 2001 يقضي بوضع مشروع لتحديث الميثاق وإنشاء إدارة حقوق الإنسان التابعة للأمانة العامة لجامعة العربية. وفي مارس من سنة 2003، قام مجلسُ الجامعة بتكليف اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بمشاركة خبراء حكوميين بتحديث الميثاق استرشادا بملاحظات الدول العربية.
وفعلا، عقدت اللجنة دورتين استثنائيتين وانتهت في الدورة الثانية من وضع مشروع الميثاق الجاري تحديثه وكان ذلك في 12 أكتوبر 2003، ثم قامت اللجنة بعد اجتماعها التكميلي فتوصلت في 14 يناير 2004 إلى وضع مشروع تحديث الميثاق صودق عليه في ختام مؤتمر القمة العربية لحقوق الإنسان المنعقد في تونس في 23 ماي 2004 ([20])، بموجب قرار مجلس الجامعة رقم 270 د. ع (16) في التاريخ المتقدم.
أما عن نفاذ الميثاق فإنه يستلزم مصادقة 07 دول عربية عليه أي ما يعادل ثلث عدد الدول العربية تقريبا، وهو ما تم بالفعل في مطلع سنة 2008 فقد أعلنت جامعة الدول العربية عن بدأ سريان الميثاق العربي لحقوق الإنسان اعتبارا من يوم 15 مارس 2008 بعد شهرين من تاريخ إيداع وثيقة التصديق السابعة لدى أمانة الجامعة العربية عملا بما تنص عليه الفقرة 2 من المادة 49 من الميثاق ، وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة هي السابعة، أما الدول العربية الست الأخرى التي سبقت وأن صادقت على الميثاق فهي الجزائر، البحرين، الأردن، ليبيا، فلسطين، وسوريا.([21]) وحتى الآن، وفوق الدول التي سبق ذكرها بالمصادقة على الميثاق، صادقت كذلك عليه كل من السودان والعراق والكويت ولبنان والمملكة العربية السعودية، وقطر واليمن. ([22])
ويتكون الميثاق العربي لحقوق الإنسان في طابعه الحديث من حوالي 4379 مفردة موزعة على 165 فقرة تقتسمها ديباجة و53 مادة. وبدراسة مواد الميثاق يمكن تقسيمه إلى أربعة أجزاء يحتوي الجزء الأول على المادة الأولى التي أعلنت عن الهدف من وضع الميثاق، أما الجزء الثاني فيضم المواد من 02 إلى 44 ، خُصِّصَ للحقوق المحمية بموجبه، وقد تعهدت الدول الأعضاء باتخاذ التدابير اللازمة من أجل ضمان الحقوق والحريات الواردة فيه. أما الجزء الثالث فيضم المواد من 45 إلى 48 ، وهو قد خصص لجهاز الرقابة على تنفيذ الميثاق وهو لجنة حقوق الإنسان العربية ؛ أما الجزء الرابع والأخير فيضم المواد من 49 إلى 53 ، وخصص للجوانب الإجرائية.
ولقد نص الميثاق العربي لحقوق الإنسان على مختلف حقوق الإنسان كما وردت في معظمها في المواثيق الثلاثة الرئيسة وهي الإعلان العالمي والعهدين الدوليين، كما جاء توزيع تلك الحقوق بين ثنايا الميثاق العربي مصنفة وفق الأجيال الثلاثة المعروفة، غير أن الجيل الثاني، وهو الحقوق الجماعية كالحق في تقرير المصير والسيادة على الثروات .. ومقاومة الاستعمار ..، هو الذي بدأ به الميثاق ربما تأثر بالحقبة الاستعمارية التي خضعت لها الدول العربية وكذلك تأثرا بالصراع العربي الإسرائيلي (المادة الثانية)، ثم انبرى الميثاق بالنص على مختلف الحقوق الفردية، سلبية كانت أو إيجابية، سياسة ومدنية كانت أو اقتصادية واجتماعية أو ثقافية. ومع ذلك، لم يهمل الميثاق أيضا الجيل الثالث لحقوق الإنسان بالتعرض للحق في التنمية .. (المادة 37).([23])
المطلب الثالث : تقييم المواثيق
رغم أن النظام الأوروبي قد اعتمد على ميثاق واحد إلا وهو الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ورغم حداثتها حيث، وكما أشرنا سابقا، جاءت في سنة 1950، إلا أنها دخلت حيز التنفيذ في ظرف قصير قدره 03 سنوات مقارنة بمواثيق الأنظمة الأخرى خاصة النظام العربي الذي عرف ثلاث مواثيق مختلفة لم ترى النور جلُّها وهي إعلان حقوق المواطن العربي ومشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان ومشروع ميثاق حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي، قبل أن تصل، وبعد جهود ماراتونية، إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان
وبالنظر إلى محتوى الاتفاقية الأوروبية نجدها أنها تبنت مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكانت جد محددة وصارمة ومحافظة على حقوق الإنسان الأوروبي، وقد استكملت النقائص التي بها بمجموعة من البروتوكولات الملحقة بها ؛ كما اعتمدتها الدول الأوروبية على أنها مساوية لقوانينها الداخلية وفي بعض الأحيان أسمى منها. وقد كانت، أي الاتفاقية، تخاطب سلطات الدول وتضع عليها التزاما بعدم مخالفة دساتيرها وقوانينها.
أما المواثيق العربية فهي أيضا تبنت مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلا أنها لم تعطها القوة اللازمة لمحتواها، فلقد تركت للدول حق التنصل والتهرب من كل التزاماتها في حالة الطوارئ، والمعلوم أن حالات الطوارئ هي التي يجري فيها انتهاك حقوق الإنسان بصورة أكبر، وكان بالأحرى التأكيد على حماية حقوق الإنسان في مثل تلك الحالة وحذف النصوص([24]) التي تسمح بتعطيل حقوق الإنسان في ظرف يُحتاج فيه أصلا إلى حماية تلك الحقوق.
ومن جانب آخر، فإن الدول الأوروبية بالرغم من مصادقتها على معظم الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وإصدارها لاتفاقية عام 1950، إلا أنها عززت منظومة حقوق الإنسان في أوروبا بعدد واف من البروتوكولات الإضافية التي تناولت تفاصيل وجزئيات دقيقة تخص مواضيع مختلفة من مواضيع حقوق الإنسان فضلا عن نصها على ترتيبات دقيقة تتعلق بالترتيبات والإجراءات والتنفيذ وغير ذلك. أما بالنسبة للدول العربية، وعلى الرغم من ضعف منظومتها التشريعية في مجال كفالة حماية حقوق الإنسان، فهي قد اكتفت بالميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي لا تتعدى نصوصه ومواده أكثر من 35 مادة، وغني عن البيان أن تلك النصوص لن تكون كافية أمام مواضيع متخصصة من حقوق الإنسان مثل حماية قضايا المرأة وحرية المعتقد وحرية الرأي والتعبير والتعذيب والاختفاء القسري وغيرها .. وكان بالأحرى تدعيم هذا الميثاق بمواثيق وبروتوكولات أخرى على غرار النظام الأوروبي لحقوق الإنسان.
وعلى صعيد آخر، ومع الحكم المبدئي عن نجاح الميثاق العربي لعام 2004 في الوصول إلى نقطة محورية فاصلة تكون الدول والشعوب العربية قد خطتها بعد سنوات طوال من النضال، يمكن القول هنا أنه شكل نقلة نوعية تجاوز بها ميثاق عام 1994، سيما مع إقراره عددا من الحقوق التي لم يتضمنها نظيره لعام 1994، فهو قد ضم من حقوق الإنسان ما يتوافق والمعايير الدولية المتعارف عليها عالميا، وفي بعض الأحيان يكون قد تجاوز هذه الأخيرة مثل ضمانه لحقوق الإنسان للأفراد ذوي الإعاقات النفسية والبدنية (المادة 4 من الميثاق العربي لعام 2004)، وحظره العنف ضد المرأة والطفل والأسرة (المادة 33)، وضمانه استقلالية القضاء (المادة 12) .. وغير ذلك. غير أن هذا كله لا ينفي عنه أوجه القصور في بعض الحقوق الجوهرية المتعارف عليها عالميا وتضمنتها أهم صكوك حقوق الإنسان مثل الحق في الحياة وتنفيذ عقوبة الإعدام مثلا. فالمادة (7) من ميثاق 2004، تسمح بتنفيذ عقوبة الإعدام على من هم دون سن 18 إذا كانت التشريعات في بلد ارتكاب الجريمة تسمح بذلك([25])، وبذلك يُسَبِّقُ الميثاق التشريع الوطني في هذه المسألة ويعطيه الأولوية في التطبيق مع أن العكس هو الصحيح، وهو يسمح بتنفيذ هذه العقوبة على القصر مع أن ذلك محظور في وثيقة من أهم وثائق حقوق الإنسان إلا وهي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة (6) منه. مضافا إلى ذلك أن اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والتي تعد الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية أطرافا فيها ، تحظر في المادة (37/أ) منها، وبشكل مطلق، فرض عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد دون إمكانية الإفراج، على الجرائم الي يرتكبها أفراد دون سن الـ18. إن المادتين السالفتين تشكلان قاعدة عرفية من قواعد القانون الدولي العرفي ولا يمكن للميثاق العربي ان يخالفها تحت أي مسمى أو ذريعة وبالأخص التذرع بالتشريعات الوطنية طبقا لمبدأ سمو القانون الدولي على الوطني.
وبحسب بعض التقارير التي تقدمت بها منظمات لحقوق الإنسان، فإن انتقادات كبيرة يمكن أن توجه على مضمون الحقوق التي تضمنها الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 2004، سيما في مجال المساواة بين الرجل والمرأة وحظر التمييز ضد المرأة الوارد في المادة (3)، وكذلك فيما يتعلق بحظر التعذيب وقصور المادة (3) عن تعريف التعذيب والعاملة المهينة .. ؛ وأيضا قصور المادة (30) عن النص على حرية الرأي والتعبير بتقصيرها في مضمون حرية المعقد وضمانات ممارسة شعائره .. ([26])
المبحث الثاني: آليات حماية حقوق الإنسان في النظامين: الأوروبي والعربي
المطلب الأول: الآليات الأوروبية لحماية حقوق الإنسان
تنفيذا لمبدأ عدم إمكان أي دولة التحلل من الوفاء بالتزاماتها التعاقدية بسبب مخالفتها لأحكام القوانين المعمول بها في أراضيها، إلا في حدود القيود والتحفظات الخاصة التي تجيزها الاتفاقية وبروتوكولاتها، انشأت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ثلاثة أجهزة لكفالة تنفيذ أحكامها وضمان احترام الحقوق والحريات الواردة بها، كضمان نهائي لواجب الحماية الذي تفرضه الاتفاقية على الدول الأعضاء في نطاق أنظمتها القانونية الوطنية بعد استنفاذ كافة إجراءات التقاضي وطرق الطعن الداخلية. وهذه الأجهزة هي:
– اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان؛
– المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؛
– لجنة الوزراء بمجلس أوروبا.([27])
الفرع الأول: اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان
كانت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان هي الجهة الرقابية الأولى والمباشرة على مدى تقيُّد الدول الأطراف بأحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، كما أنها كانت تلعب دوراً هاماً في النظر بالشكاوى المقدمة لها ضد أيٍّ من الدول الأطراف في الاتفاقية حال ادعائها بارتكاب انتهاكات لأحكام هذه الأخيرة، وقد كانت تعد من أهم الآليات لتنفيذ أحكام الاتفاقية على الإطلاق، وقد استمر عملها إلى غاية عام 1988 إلى غاية أن تم إلغاؤها بموجب البروتوكول رقم (11) الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان؛ وتم إسناد اختصاصاتها إلى المحكمة الأوروبية الجديدة.
ومع ذلك، فإن إلغاءها لا يمنع من تناولها بالدراسة لما لها من قيمة تاريخية بما يساهم ويساعد في الدراسات المقارنة بينها وبين لجان أخرى والدور الذي لعبته في هذا المجال.
أولا) قوام واختصاصات اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان:
تتميز اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان عن غيرها من اللجان الدولية والإقليمية من حيث أنه قد تم تشكيلها بموجب نص المادة (19 /أ) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أنها تتألف من أعضاء يساوي عددهم عدد الأطراف المتعاقدة على الاتفاقية وبالتالي فإن قوامها يكون قابلا للنقصان أو الزيادة وفقا لانسحاب أو انضمام الدول الأوروبية في الاتفاقية؛ كما أن الغرض من تمثيل كل دولة طرف في الاتفاقية بعضو في اللجنة ضمانٌ أن يكون تشكيل اللجنة ممثلاً لجميع الأطراف في الاتفاقية[28].
وتعتمد اللجنة في اختيار أعضاءها على آلية الانتخاب، حيث يقوم مكتب الجمعية الاستشارية لمجلس أوروبا بإعداد قائمة اسمية تقدم فيها كل دولة طرف ثلاث مرشحين على الأقل اثنان من جنسيتها، أما عن طريقة التصويت فإنه يكون بالأغلبية المطلقة وبمعرفة لجنة الوزراء طبقا لنص المادة (21) من الاتفاقية.
ووفقا لما جاء في نص المادة (23) من الاتفاقية الأوروبية فإن الولاية الزمنية المحددة لعضوية اللجنة هي ست سنوات قابلة للتجديد، مع مراعاة أن أعضاء اللجنة المنتخبين يقومون بممارسة مهامهم بصفتهم الشخصية، أي يكون رائدهم الدفاع عن احترام نصوص الاتفاقية، دون تحيز إلى الدولة التي يحملون جنسيتها. فعضو اللجنة لا يعمل لصالح دولته، رغم أنها هي من قامت بترشيحه لعضوية اللجنة، وعليه فإنهم في ممارسة مهامهم لا يمثلون دولهم، بل جميع دول المجلس الأوروبي[29] .
وتتلخص مهام واختصاصات اللجنة في أنها تقوم بتطبيق أحكام الاتفاقية وتلقي الشكاوى من أي شخص أو هيئة غير حكومية بصدد تجاوزات أو مخالفات تقع على حقوق الإنسان هذا عدا عن اختصاصها بالنظر في المخالفات المقدمة من الأطراف المتعاقدة ضد أي دولة طرف في الاتفاقية. ويعد اختصاصها بنظر الطعون إلزاميا للدول الأطراف طبقا للمادة (24) من الاتفاقية[30] ، وتتخذ القراراتُ في اللجنة بأغلبية الأعضاء الحاضرين الذين أدلوا بأصواتهم، (انظر المادة 34) من الاتفاقية، كما تعقد اجتماعاتها بشكل سري (انظر المادة 33) من الاتفاقية.
ثانيا) آليات اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان:
تمارس اللجنة دورها الإشرافي والرقابي حول احترام الدول الأطراف لأحكام الاتفاقية، بالاستناد إلى:
1- تلقي الشكاوى: حيث أنها كانت تتلقى نوعين من الشكاوى منها ما هو مقدم من طرف الدول وأخرى يقدمها الأفراد أو المنظمات الغير حكومية ، أما فيما يخص الدول فإنها تتلقى الشكاوى المقدمة من الدول الأطراف، عبر السكرتير العام لمجلس أوروبا، عن أية مخالفات يرتكبها أي طرف متعاقد ضد أحكام الاتفاقية (انظر المادة 24)، وتنظر اللجنة هذا النوع من الشكاوى دون حاجة لتصريح خاص بقبول اختصاصها[31] ، فاختصاص اللجنة ينعقد بنظر الشكاوى المقدمة ضد أي دولة طرف، بمجرد توقيعها على الاتفاقية، لكن فيما يخص الشكاوى المقدمة من الأفراد والمنظمات غير الحكومية فإنها تنظر إليهم على أساس أنهم أشخاص يدعون بأنهم ضحايا انتهاكات للحقوق الواردة في الاتفاقية من الأطراف السامية المتعاقدة، وهي تمثل المهمة الرئيسية للجنة. ومن الشروط المطلوبة في هذا النوع من الشكاوى،[32] أن تكون الدولة التي قدمت ضدها الشكوى، قد أعلنت اعترافها باختصاص اللجنة بتلقي الشكاوى وهي إحدى جوانب الاختلاف بين آلية الشكاوى المقدمة من الدول، والشكاوى المقدمة من الأفراد، حيث لا يكفي لنظر اللجنة الشكاوى الفردية توقيع الدولة على الاتفاقية، بل لا بد من تصريح الدولة المشكو ضدها باختصاص اللجنة بنظر هذا النوع من الشكاوى. ولا تقتصر الشكاوى في هذا النظام على رعايا الدول الأعضاء فقط، بل يتعداها إلى الأجانب الذين لا يحملون جنسية الدول الأعضاء وهي المميزات الإيجابية لهذه الآلية. أما عن المتظلم فإنه يشارك في كل مراحل الدعوى في هذا النظام.
ولا يجوز للجنة النظر في الشكاوى المجهولة آو الشكاوى التي فحصت وكانت مطابقة لها ماديا من قبل أو سبق تقديمها في إجراءات تحقيق دولية أخري أو تسوية، أو كانت لا تنطوي على وقائع جديدة (انظر المادة 2) ، كما أنها ترفض النظر في أي شكوى تقدم لها إذا ثبت أنها تخالف أحكام المعاهدة الحالية، ولا تستند بياناتها إلى أساس، أو تنطوي على تعسف في استخدام حق الشكوى (انظر المادة 25).كما أنها ترفض أي شكوى ترد إليها إذا تبين أنها غير مقبولة لعدم استنفاذ طرق التظلم الداخلية[33] طبقا للمادة (26) .
تقوم اللجنة بفحص الشكوى مع ممثلي الأطراف، ولها أن تجري تحقيقاً حول الشكوى، وتلتزم الدول الأطراف بتقديم التسهيلات اللازمة بعد تبادل وجهات النظر مع اللجنة.
2: التسوية: إن اللجنة تسعى دائما لحل وتسوية النزاعات بالطرق الودية فهي تتبع هذا الإجراء بأن تجعل نفسها في خدمة الأطراف المعنية من اجل تسوية ودية بما يضمن تحقيق احترام حقوق الإنسان كما أنها تقوم بعملية التوفيق بين الأفراد والحكومة المعنية حيث تمكن صاحب الحق من حصوله على تعويض وتعد تقريرا متضمن للوقائع والحل ترسله إلى الدول المعنية ولجنة الوزراء والسكرتير العام لمجلس أوروبا. أما في حال عدم نجاحها لإجراء التسوية فإنها تقدم تقريرا مدعوما برأيها إلى لجنة الوزراء.
لقد ألغيت هذه اللجنة بموجب التعديلات العميقة على آليات الحماية الأوروبية لحقوق الإنسان والذي كان أساسها البروتوكول الحادي عشر الذي أصبحت بموجبه المحكمة الجديدة هي الوحيدة صاحبة الاختصاص في حل المنازعات.
الفرع الثاني : المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
لمعرفة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، أتطرق لدراسة الجانب العضوي أو الهيكلي للمحكمة وبعد ذلك الجانب الوظيفي لها.
أولا) الجانب العضوي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان:
يتمثل الجانب العضوي والهيكلي للمحكمة في تشكيلها وأقسامها أو أشكالها.
1: تشكيل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: تتكون المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الجديدة من عدد من القضاة يساوي عدد الدول الأعضاء في مجلس أوروبا le conseil d’Europe (الأطراف السامية المتعاقدة) – المادة 38 من الاتفاقية، وعندما تنعقد للفصل في قضية ما ، فإنها تتكون من 07 قضاة ، بما في ذلك قاضي يحمل جنسية الدولة التي تكون طرفا في النزاع ، وإذا لم يوجد مثل هذا القاضي فإنه بإمكان الدولة المعنية انتداب شخص آخر تكون له صلاحية القاضي، ولكنه لا يشترك في المداولات ( المادة 43 من الاتفاقية) [34]. وحاليا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تتألف من 47 قاض. ويلاحظ أن قضاة المحكمة إما أن يكونوا قضاة منتخبين من قبل الأطراف السامية المتعاقدة، وإما أن يكونوا مؤقتين ad-hoc .
ففيما يتعلق بالقضاة المنتخبين، فقد ورد في نص المادة (21) من الاتفاقية على أن القضاة ” يجب أن يتمتعوا بأعلى قدر من الاعتبار الأخلاقي، وأن تتوافر فيهم الشروط اللازمة لممارسة اسمي المهام القضائية ، وأن يكونوا من رجال القانون المشهود لهم بالكفاءة”[35]، وهو الشي الذي يستوجب اختيار القضاة الذين يتمتعون بنزاهة وصفات خلقية عالية وأن يكونوا من رجال القانون الذين يتمتعون بقدر كبير من الكفاءة. ولا يشارك القضاة في أي نشاط يتعارض مع استقلالهم ونزاهتهم أو مع متطلبات المنصب لوقت كامل. وينتخب القضاة لمدة 9 سنوات[36] ولا يجوز إعادة انتخابهم بعد انتهاء المدة وفقا لما جاء في البروتوكول (14) (الموقع في 13 ماي عام 2014) .كما تنتهي ولاية القضاة حال بلوغهم سن 70 سنة[37]، وإذا لم يعد القاضي يستوفي الشروط المطلوبة فإنه لا يقال من منصبه إلا بقرار من أكثرية ثلثي سائر القضاة. ويستفاد من هذا القول أن قضاة المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان ، ينتخبون بواسطة المجلس البرلماني باسم الأطراف الأساسية الموقعة لكل مجلس وبغالبية التي يتم التعبير عنها حول قائمة تضم ثلاثة مرشحين يقدمهم كل طرف من هذه الأطراف[38].
يتم تعيين القضاة المؤقتينad-hoc في حال ما إذا وجد لدى القاضي ما يمنعه من الدعوى أو القضية المعروضة على المحكمة ، فإنه يتعين عليه إخطار رئيس الغرفة ، وهذا الأخير يطلب من الطرف المعني أن يسمي قاضيا آخر، إما بطريقة الانتخاب وإما بصفته قاضيا مؤقتا ، على أن يتوافر في هذا الأخير الشروط التي تطلبها الاتفاقية لممارسة وظيفة القاضي بالمحكمة.[39] ويتعين على الدول أن تقدم لرئيس المحكمة قائمة بالأشخاص الذين باستطاعتهم ممارسة الوظيفة القضائية كقضاة مؤقتين ، ورئيس المحكمة هو المخول له الاختيار للشخص الذي يعين كقاضي مؤقت، إلا أن هذا النظام لا يخلو من النقد على أساس أنه يمكن للدول أن تختار القاضي بعد أن تكون قد رفعت القضية.
تنتخب المحكمة بكامل هيئتها رئيسا لها، ونائبين للرئيس ، وذلك لمدة 03 سنوات قابلة لتجديد[40] ، واذا تخلى احدهم أو كلهم عن الاستمرار في مباشرة وظيفته أو عمله قبل انتهاء مدة عضويته فإن المحكمة تنتخب بكامل هيئتها خلفا له الذي يستمر في أداء مهام عمله طوال المدة المتبقية، ويشارك في الانتخاب كل القضاة المنتخبين والحاضرين ويكون عن طريق الاقتراع السري.
2: الأشكال التقليدية للمحكمة الأوروبية: بدخول البروتوكول (11) حيز التنفيذ فإن المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان تعددت أشكالها، وقد بقيت محافظة على هذا النظام كذلك بعد دخول البروتوكول (14) حيز النفاذ إلا بشيء من التنظيم والتجديد. إذ تعد الجمعية العامة بكامل هيئتها –الشكل الرسمي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، ومع ذلك فإن دور تلك الجمعية هو دور قليل الأهمية لأنها في الحقيقة لا تمارس إلا الوظائف الإدارية ، أي أنها لا تملك الوظيفة القضائية والإفتائية[41]، ويكمن دورها فقط في انتخاب رئيس المحكمة ونائبيه، وإنشاء غرف للمداولة مع انتخاب رؤسائها ، وتعتمد الجمعية النظام الداخلي للمحكمة ، كما تقوم بانتخاب قلم كتاب للمحكمة ومساعديه. وتعد اللائحة الداخلية للمحكمة الأوروبية أخطر وظيفة للجمعية وأهمها على الإطلاق إذ أنها تساعد في تفعيل آلية الرقابة لحريات وحقوق الإنسان، ويخضع تعديل وإلغاء النصوص إلى مصادقة أغلبية قضاة المحكمة. كما يتكون قلم كتاب المحكمة من مسجلي الغرف التي تشكلها المحكمة بكامل هيئتها لفترة محددة، على أن يكون عدد مسجلي المحكمة مساو لعدد الغرف المكونة بواسطة المحكمة ، وكاف لأن تؤدي المحكمة وظائفها الإدارية والقانونية اللازمة أو المطلوبة. ويساعد مسجلي الغرف غرفَ المحكمة في القيام بالوظائف المنوط بهم القيام بها أو تنفيذها وفقا للاتفاقية ، ومن اجل تحقيق هذا الهدف يتكون مكتب التسجيل من ادريين وفنيين ومترجمين وقانونيين.[42] ويجب أن تتوافر في ممثلي مكتب تسجيل المحكمة شرط الاستقلالية والحياد عند مباشرة مهامهم الذين يتم تعيينهم من طرف السكرتير العام لمجلس أوروبا بعد استشارة واتفاق مع رئيس المحكمة أو مسجل الرئيس.
3 : الأشكال القضائية للمحكمة: تتألف المحكمة الأوروبية من خمسة أقسام ودوائر والدائرة الكبرى. ويراعى في تشكيلها التوزيع الجغرافي وتمثيل الجنسين وتمثيل النظم القانونية المختلفة للدول الأطراف في الاتفاقية الأوروبية. ولكل قسم رئيس ونائب رئيس وكاتب ونائب كاتب[43].
أ- : اللجان: يعتبر نظام اللجان ليس بالجديد ، إذ أن البروتوكول (8)يسمح للجنة الأوروبية بان تشكل في صدرها لجانا مكونة على الأقل من 03 أعضاء ،ولقد أعادت الأخذ بهذا النظام، الاتفاقية الحالية أو النظام الحالي ، حيث أن المادة 27 من الاتفاقية وطبقا لفقرتها الأولى “تتشكل المحكمة لبحث أي مسالة تعرض عليها ، من لجنة مكونة من 03 قضاة”، وهي لجان لفترة محددة من الوقت[44] ، وتختص اللجنة بالإعلان وبالإجماع بعدم قبول الطلب والالتماس الفردي المعروض أمامها وفقا للمادة 34 من الاتفاقية، ولها كذلك ان تعلن شطبه من جدول أعمالها ، وعندما تتعلق المسألة بتفسير أو تنفيذ الاتفاقية أو احد بروتوكولاتها، فإن لها أن تعلن قبول الطلب أو الالتماس الفردي من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنها تصدر حكمها أو قرارها في موضوعه وذلك وفقا للبروتوكول (14)، وتكون القرارات والأحكام الصادرة في مثل هذه الأحوال نهائية[45].
ب- : غرفة المداولة: تتكون من 07 قضاة بمن فيهم رئيسا للغرفة الذي تشكلها المحكمة بكامل هيئتها لمدة محددة وفقا للمادة 26 من الاتفاقية عند النظر في كل قضية، أما عن باقي الأعضاء فانه يتم تعينهم بواسطة رئيس الغرفة، وتملك غرفة المداولة الاختصاص الأساسي لفحص كل الطلبات والالتماسات سواء كانت دولية أو فردية، وتتشابه وظيفتها بمحكمة العدل عندما تقوم بالتوفيق والوصول إلى اتفاق مرضي بين الأطراف المتنازعة ووضع نهاية للنزاع القائم. وعندما تخفق في ذلك تصدر حكما أو قرارا في موضوع النزاع، وقرارها لا يكون نهائيا ، ذلك انه يمكن لغرفة المداولة الكبرى أن تتدخل.
ج- : غرفة المداولة الكبرى: وهي تتكون وفقا للمادة 27 الفقرة الثالثة من عدد 17 قاضيا ، من بينهم رئيس المحكمة واثنين من نوابه وكل رؤساء الغرف ، الذين يصل عددهم إلى خمسة [46]و يشارك حوالي ثمانية أعضاء من مجموع السبعة عشر عضوا (يؤدون مهمتهم ) Ex officio)) في الغرفة الكبرى[47]، ووجود غرفة كبرى واحدة في صدر المحكمة يؤكد وحدة القضاء الأوروبي. ويتم تعيين القضاة عن طريق الاقتراع في كل قضية، وقد سمحت المادة 31 من الاتفاقية الأوروبية للغرفة أن تصدر أحكامها أو قراراتها في الالتماسات أو العرائض التي ترفع أمام المحكمة بموجب المادة 33 من الاتفاقية ( القضايا بين الدول )، أو بموجب المادة 34 من الاتفاقية ذاتها ( الطلبات الفردية)، وذلك حينما تحال إليها القضية وفقا للمادة 43 من الاتفاقية.[48] وتقوم غرفة المداولة الكبرى بفحص طلبات الرأي الاستشاري ( المادة47)، ومع دخول البروتوكول (14) حيز النفاذ فإن مهمتها أساسا هي إصدار قرارات (أحكام) نهائية[49]،خاصة في المسائل التي ترفع أمام المحكمة بواسطة لجنة الوزراء.
ثانيا) الشكل الجديد للمحكمة
يتمثل الشكل الجديد للمحكمة في نظام جديد اُدخل بموجب البروتوكول (14) ، وهو ما يسمى بنظام القاضي المنفرد.[50] إذ لا يجوز للقاضي المنفرد الذي يجلس للقضاء في هيئة المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان أن يفحص أي التماس تم تقديمه ضد الدولة التي انتخبته والتي ينتسب إليها [51]، ويهدف هذا النظام إلى الحماية والمحافظة على حياد واستقلال القاضي ، ويمنح الفعالية في الرقابة على الحقوق المتضمنة في الاتفاقية. وللقاضي المنفرد أن يعلن عدم قبول الطلب الفردي أو شطبه نهائيا من جدول أعمال المحكمة، وله أن يصدر هذا القرار دون الحاجة إلى فحص إضافي أو تكميلي ، وقراره في كل الأحوال يكون نهائيا.
1 : الجانب الوظيفي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: تطبق المحكمة لحقوق الإنسان الاتفاقية ، وتقوم مهمتها على التحقق من احترام الدول للحقوق والضمانات المنصوص عليها في الاتفاقية، وعندما تتحقق المحكمة من انتهاك دولة عضو حقا وضمانة أو أكثر من هذه الحقوق والضمانات ، تصدر حكمها، ولهذا الحكم قوة ملزمة حيث يتوجب على البلد المعني تطبيقه.[52] كما أنه في البداية كانت اختصاصات المحكمة تتعلق بالمنازعات، فأصبحت بناء على البروتوكول الثاني المؤرخ في 16/05/1953 لها اختصاصات في إبداء أراء استشارية[53] كما انها تمتاز كذلك بالاختصاص القضائي.
أ-: الاختصاص الاستشاري: المحكمة الأوروبية وبناءً على طلب لجنة الوزراء فإنها تبدي أو تعطي أراء استشارية بخصوص المسائل القانونية التي تتعلق بتفسير الاتفاقية الأوروبية والبروتوكولات الإضافية الملحقة بها[54]، ولها ان تقرر ما إذا كان يدخل في اختصاصها الطلب، فإذا لم يكن من اختصاصاتها تصدر قرارا بعدم الاختصاص مسببا. وتقوم المحكمة بإخطار لجنة الوزراء بهذه الآراء الاستشارية” وينحصر دور المحكم الاستشاري في تقديم المعلومات حول ما يعرض عليها من لجنة الوزراء، ولا تقوم بالمبادرة بالتفسير من تلقاء نفسها. وتمتاز الآراء الاستشارية للمحكمة بعدم الإلزام من الناحية القانونية، ولكن مع ذل تتمتع بوزن أدبي كبير ومن الصعب تجاهلها[55]. وطلب الرأي الاستشاري يتبع وفق إجراءات وطرق مكتوبة. وعندما تنتهي منها، لرئيس المحكمة أن يسمح للأطراف السامية المتعاقدة بشرح الملاحظات التي قدموها مكتوبة شفويا ، ويتم ذلك في جلسة مخصصة لهذا الغرض. كما تتطلب القرارات بشأن طلب رأي استشاري من المحكمة أغلبية أصوات الممثلين المخول لهم حضور اللجنة. وترسل كل أراء المحكمة الاستشارية إلى لجنة الوزراء، مع ملاحظة أن كل رأي أو قرار يتعين أن يكون موقعا من قبل رئيس المحكمة وفقا لنص المادة 87 من نظامها الأساسي. ومنه فإنه إذا كان للوظيفة الاستشارية للمحكمة الأوروبية أهمية كبيرة وفق الإجراءات السابقة، فمما يؤسف له انه لا يجوز للقضاء الوطني أن يطلب أراء استشارية من المحكمة الأوروبية ، وذلك رغم الأهمية الحالية للمسائل المتعلقة بتطبيق الاتفاقية وتشابكها.[56].
ب : الاختصاص القضائي: تلعب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان دوراً قضائياً هاماً، في النظر والبت في الشكاوى المقدمة من الدول والأفراد. أسهم البروتوكول ( 11 ) الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في تيسير ” طرق الطعن بالنسبة للأشخاص والمجموعات والهيئات في أوروبا”[57]، حيث فتح المجال أمامهم بالتوجه بشكواهم للمحكمة مباشرة. وطبقا لنص المادة 32 من الاتفاقية، يمتد اختصاص المحكمة ليشمل كل المسائل للنظر في الدعاوى المتعلقة بتفسير أو تطبيق الاتفاقية والبروتوكولات الملحقة بها التي تخضع لها في الظروف المنصوص عليها في المواد46-47-34-33[58]، سواء كانت تلك الدعاوى ، دعاوى فيما بين الدول أو دعاوى فردية ، وفي حالة وجود نزاع بشأن اختصاص المحكمة ، تحسم هذه الأخيرة ذلك النزاع بقرار منها. وطبقا للفقرة الثانية من المادة 32 نفسها وفي حالة النزاع حول مسألة اختصاصها تكون هي صاحبة القرار. فوظائف المحكمة متعددة ، فهي تقوم بفحص النزاع وتقيم الوقائع وتحاول التوفيق ، وفي الاخير تصدر قرارها في النزاع. ويشترط لقبول الشكاوى منها استنفاذ جميع طرق الإنصاف وفقاً للمادة 35/1 من البروتوكول رقم (11) الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وينتهي نظر المحكمة في الدعاوى بإصدار قرارات بشأنها، وهي قرارات ” نهائية وإلزامية، وغير قابلة للاستئناف[59]، وهو ما يميز الطبيعة القانونية للقرارات القضائية عن الآراء الاستشارية التي تتوصل إليها المحكمة حول تفسير المعاهدة والبروتوكولات الملحقة بها، حيث تقتصر قيمتها على البعد الأدبي فقط[60] .وتشير الأرقام إلى تلقي المحكمة سنويا 30 ألف شكوى حول انتهاكات حقوق الإنسان وتشير بالمقابل إلى أنها أصدرت 837 حكماً ، مما يدل على الإقبال الكبير للشكاوى ،كما يعد دلالة كبيرة على الدور الفعال الذي تقوم به.
ولقد أصدرت المحكمة أكثر من 12،000 حكما على مدى نصف القرن الماضي، وفي أكثر من 80 في المائة من أحكامها ، قضت المحكمة بأن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان قد انتُهكت، وجاء أكثر من نصف هذه الأحكام بحق 4 دول هي: إيطاليا وتركيا وفرنسا وروسيا. [61]
ج-: حالات اختصاص المحكمة : يمكن لأي شخص طبيعي أو معنوي يعد نفسه شخصيا ومباشرة ضحية لانتهاك الحقوق والضمانات المنصوص عليها في الاتفاقية أو في بروتوكولاتها ،أن يقدم التماسا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، ويجب أن يكون الانتهاك مرتكبا من إحدى الدول الملزمة بالاتفاقية[62]. والدولة الطرف في الاتفاقية ، هي التي يمكنها وحدها أن ترفع طلب أو التماس أمام المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان. والأطراف التي لها حق تقديم القضايا أمام المحكمة هي:
* الدولة المتعاقدة التي وقع احد رعاياها ضحية مخالفة لاتفاقية.
* اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان.
*الدولة المتعاقدة التي أحالت القضية للجنة الأوروبية لحقوق الإنسان.
*الدولة الطرف في الاتفاقية والتي قدمت الشكوى في حقها[63]
يجب أن تكون الدولة المعنية بالقضية قد صرحت بقبول الاختصاص الإلزامي[64] للمحكمة بنظر شكاوى الأفراد، وهذا من شروط قبول القضية أمام المحكمة ، وقد يكون التصريح أمام المحكمة مؤقتا أو خاصا إزاء قضية محددة وقد يكون عاما كذلك.
الفرع الثالث: إجراءات التقاضي أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان[65]
تدرس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طلبات الأفراد المقدمة إليها على مرحلتين، وهما: البت في قبولها، ثم النظر فيها وإصدار حكم في أساس النزاع. وتعقد المحكمة جلساتها وفق لجنة القضاة الثلاثية أو الدوائر المؤلفة من سبعة قضاة أو الدائرة الكبرى المؤلفة من سبعة عشر قاضياً. وتجري جلسات المحكمة بصورة علنية ما لم تقرر الدائرة خلاف ذلك من تلقاء ذاتها أو بناءً على طلب أحد الأطراف. تتصف الإجراءات أمام المحكمة بالصفة القضائية، إذ إنَّها تشمل الاستماع إلى الشهود ومناقشتهم وطلب الخبراء وتقديم المرافعات والأدلة وقلما تجري المرافعات الشفهية. وتعد الإنكليزية أو الفرنسية اللغتين الرسميتين أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
أولا: الطلبات الفردية
تنظر المحكمة في الطلبات الفردية بعد استنفاذ المتضرر طرق الطعن المتاحة في القوانين المحلية وفقاً لقواعد القانون الدولي العام مع مراعاة تقديم الطلب خلال ستة أشهر من تاريخ صدور القرار النهائي عن طريق الطعن الداخلي.كما لا يجب إلا يكون الطلب مجهول المصدر، وان لا يتعلق الطلب بمسألة سبق أن نظرت فيها المحكمة؛ أو أن لا يكون موضوع تحقيق دولي أو تسوية دولية، وتعلن المحكمة عدم قبول أي طلب يقدم بموجب المادة ( 35 ) والذي تراه يتعارض مع أحكام الاتفاقية أو البروتوكولات الخاصة بها أو يكون مؤسسا بشكل رديء أو يمثل سوء استخدام لهذا الحق.
1-: إجراءات فحص قبول الطلبات الفردية: يجري التأكد من توافر شروط قبول الطلبات الفردية وفق إجراءات حيث يحال الطلب الفردي إلى لجنة القضاة الثلاثية التي تدرس قبول الطلب ولها السلطة في تقرير عدم قبوله، وقرارها نهائي وتتخذه دون فحص إضافي، ويجب أن يصدر قرار اللجنة بعدم قبول أو شطب طلب فردي بالإجماع وهو قرار نهائي وإذا لم تتخذ اللجنة الثلاثية أي قرار بموجب المادة 28 فإن غرفة المداولة المؤلفة من سبعة قضاة تفصل في قبول الطلبات الفردية وفي موضوعها بأغلبية الأصوات، وللمحكمة السلطة في شطب أي طلب إذا توافر لديها من الأسباب للاقتناع بأن مقدم الطلب غير جادٍّ في الاستمرار بطلبه، أو أن المسألة موضوع الطلب تم تسويتها.[66]
2-: الفصل في أساس النزاع: تختص الدوائر المؤلفة من سبعة قضاة أو الدائرة الكبرى في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الفصل في الطلبات الفردية. غير أنَّه يرد على اختصاص الدائرة المؤلفة من سبعة قضاة للفصل في أساس النزاع قيدان يجب على الدائرة التي تنظر في النزاع التخلي عن اختصاصها ورفع يدها عن النزاع وإحالة النزاع إلى الدائرة الكبرى عندما تثير القضية المعروضة مسألة مهمة تتعلق بتفسير أحد أحكام الاتفاقية أو ملحقاتها.
إذا كان الحكم الذي ستقرره المحكمة يتعارض مع حكم سابق للمحكمة الأوروبية يستطيع أحد أطراف النزاع الاعتراض على قرار الدائرة برفع يدها عن الدعوى خلال شهر من تاريخ تبليغه القرار.
ثانيا) متطلبات اللجوء للمحكمة
بما أن المحكمة مقرها هو فرنسا فان اللجوء إليها يتطلب تكاليف مالية ومصاريف للتنقل وهو ما يتعذر على الضحايا.
1- : الشروط الشكلية :إن الشروط الشكلية سبب رئيسي لقبول الشكاوى فقرابة ( 95 ) في المائة من الشكاوى تُرفض لعدم استيفاء الشروط الشكلية كأن ينسى مرسلها الفترة الزمنية المسموح بها، أو لم يستنفذ بعد طرق الاستئناف في دولته .
2-: النوع الاجتماعي :تعد من أهم الانتقادات الموجهة للمحكمة هو التحيز القائم على النوع الاجتماعي لعدم اعترافها بالعديد من الجرائم المرتكبة ضد النساء مثلا .
3-: قوام المحكمة :تمثل كل دولة طرف في الاتفاقية بقاض في المحكمة، وتتمحور المشكلة الأساسية في توصل القضاة الـ ( 47 ) إلى موقف مشترك توافق عليه كل دولهم. وتعتبر القاضية الألمانية “ريناته ييغر ” هذه المهمة من أصعب المهام المطروحة.[67]
الفرع الرابع: لجنة الوزراء بمجلس أوروبا
تعتبر الجهاز التنفيذي (المادة 13) من النظام الأساسي في مجلس أوروبا الذي يمثل الدول الأعضاء في المجلس، حيث أن لكل عضو مقعد واحد وصوت واحد في اللجنة. أي أن تشترك بعض الدول في تطبيق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان من خلال عضويتها في لجنة الوزراء رغم عدم انضمامها للاتفاقية الأوروبية، ويقوم وزراء الخارجية أو من ينوب عنهم بتمثيل دولهم في لجنة الوزراء ( المادة 14) من النظام الأساسي.[68] ومن مهامها الأساسية انتخاب أعضاء اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان من بين القائمة التي تقدمها اللجنة الاستشارية لمجلس أوروبا ،كما انها تعتبر السلطة الوحيدة التي تقرر وجود خرق للاتفاقية في عدم حالة قيام اللجنة الأوروبية بالفصل في القضية وفقا للمادة(32) من الاتفاقية وتجتمع لجنة الوزراء عادة في جلسات سرية أو غير علنية(المادة21/أ) من النظام الأساسي لمجلس أوروبا، فإنها كذلك تقوم بالإشراف على تنفيذ قراراتها وأحكام قرارات المحكمة أيضا(المادة 32) من الاتفاقية وهي أيضا مسئولة على عملية الإشراف (المادة 45). وفي حالة الخرق الصارخ لأحكام الاتفاقية يمكن أن تستخدم لجنة الوزراء سلطتها طبقا لنص المادة(3) من النظام الأساسي لمجلس أوروبا ، التي تنص على أن “كل دولة عضو في مجلس أوروبا يجب أن تقبل مبادئ حكم القانون وان تتيح لكل شخص تحت ولايتها التمتع بحقوقه وحرياته الأساسية “.
إن الدور المزدوج الذي تقوم به اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا للاتفاقية الأوروبية- إصدار قرارات والتنفيذ –ليس مرضيا بالكامل ، خاصة أن لجنة الوزراء هي جهاز سياسي أكثر منه جهاز قضائي ، ويضاف إلى ما سبق انه في حالة شكاوى الأفراد فان الدولة المشكو منها تشارك في اجتماعات لجنة الوزراء ، بينما لا يشارك الفرد الشاكي بأية صورة في أعمال لجنة الوزراء عند النظر في شكواه.[69] ولقد أصبح دور اللجنة الوزارية يقتصر على مراقبة تنفيذ القرارات النهائية الصادرة عن المحكمة بإلغاء دور اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان بموجب البروتوكول (11).
المطلب الثاني: الآليات العربية لحماية حقوق الإنسان
أولا) اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان:
اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان هي إحدى اللجان المتخصصة التي أنشأتها جامعة الدول العربية منذ وقت بعيد، فميثاق الجامعة لم يكن يتضمن من النصوص ما يكفل بها حقوق الإنسان في البلدان العربية، وأمام الفراغ الذي كان يكتنفه، وأمام تزايد الاهتمام العالمي بحقوق الإنسان واعتبار فترة الستينيات طفرة تلك الحقوق، بادر مجلس الجامعة بإنشاء تلك اللجنة بموجب قراره رقم 2443 المؤرخ في 3 سبتمبر 1968 وعهد إليها بالتكفل بحقوق الإنسان وقضاياها في الدول العربية، ومع ذلك، فقد كان مجلس الجامعة قبل إنشاء تلك اللجنة يبدي اهتماما بقضايا حقوق الإنسان[70].
وتتشكل اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان من الدول العربية الأعضاء في الجامعة، بحيث أنه، وبحسل المادة (2) من نظامها الداخلي، يحق لكل دولة عضو في الجامعة أن توفد لدى اللجنة ممثلا أو أكثر على أن لا يكون لهم إلا صوت واحد يعبر عن الدولة الموفِّدة ..، ويجب إعلام الأمين العام للجامعة بكل تعيين جديد أو استبدال لممثلي إحدى الدول الأعضاء (المادة 3 من النظام الداخلي للجنة)، ويحق لمجلس الجامعة تعيين رئيس اللجنة لمدة سنتين قابلتين للتجديد (المادة 5 من النظام الداخلي للجنة)، ومن جانبه، يحق للأمين العام للجامعة تعيين أمين متخصص في قضايا حقوق الإنسان (المادة 6 من النظام الداخلي للجنة) .. ، وتباشر اللجنة عملها واجتماعاتها بمقر جامعة الدول العربية (المادة 7 من النظام الداخلي للجنة).
ومنذ إنشائها، عقدت اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان العديد من الاجتماعات وشاركت في العديد من الفعاليات والمؤتمرات مع عدد جم من المنظمات الإقليمية والعالمية. [71]
وكونها إحدى اللجان المتخصصة داخل جامعة الدول العربية فإن ذلك يعني أن كل الدول العربية قد وافقت عليها وأيدت نشاطاتها، ومن الملاحظ أن اللجنة العربية الدائمة تسمح للمنظمات غير الحكومية العربية بحضور اجتماعاتها بصفة مراقب، مما يعتبر أمرا مفيدا لها خاصة وأن تواجد هذه المنظمات يسمح للجنة بالاطلاع على آراء الشارع العربي وهواجسه وأمانيه، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات التي تتمتع بها تلك المنظمات. وقد أنشأت هذه اللجنة لجنةً فرعية تابعة لها منذ 2006 قصد تخفيف العبء عنها.
والحقيقة أن اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، وبحسب ما تقضي به لائحتُها الداخلية،[72] كانت مجرد لجنة لتطوير حقوق الإنسان، فلم يكن لديها أية سلطة عقابية لمواجهة حالات انتهاكات حقوق الإنسان في البلدان العربية، كما أن مهامها الرئيسية كانت تنحصر بالدرجة الأولى في “الإعلام والتنسيق”، كما سُجِّل لها دور كبير من خلال مختلف التوصيات التي كانت تصدرها بقصد توسيع نشر مفاهيم حقوق الإنسان وتدريسها في البلدان العربية والعمل على إنشاء أقسام فرعية لها في معظم تلك البلدان،[73] فضلا عن دراسة الاتفاقيات العربية التي قد تكون لها امتدادات في مجال حقوق الإنسان وذلك بقصد إبداء رأيها في مدى مواءمتها لمعايير ومبادئ حقوق الإنسان، والعمل على تنسيق المواقف العربية تجاه قضايا حقوق الإنسان في المؤتمرات والمحافل الإقليمية، وتشجيع نشر ثقافة حقوق الإنسان في الوطن العربي .. [74]
ثانيا) لجنة حقوق الإنسان العربية: هي اللجنة التي أنشأها ونص عليها الميثاق العربي لحقوق الإنسان في المادة (45) كآلية وحيدة للرقابة على تنفيذه، فالميثاق لم يتحدث عن إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان على غرار المحكمتين الأوروبية والأمريكية لحقوق الإنسان.
والواقع أن هذه اللجنة نشأت متأخرة بعد دخول الميثاق حيز النفاذ وهي ما تزالُ في بدايات عملها. ذلك أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان لم يدخل حيز النفاذ إلا منذ شهر مارس من سنة 2008، وقد نص في الفقرة 2 من المادة (48) على “تقوم الدول الأطراف بتقديم التقرير الأول إلى اللجنة خلال سنة من تاريخ دخول الميثاق حيز التنفيذ” أي على الأقل في شهر مارس من سنة 2009، أما التقارير الدورية الأخرى فهي تتم بعد كل 3 سنوات بما يجعل من عمل اللجنة لا يزال في أولى مراحله.
وبالفعل، فقد تم تأسيس لجنة حقوق الإنسان العربية، وقد كان إنشاؤها بالدرجة الأولى للنظر في تقارير الدول الأطراف بشأن التدابير التي اتخذتها لإعمال الحقوق والحريات المنصوص عليها في الميثاق. وعلى النقيض من نظيراتها من الهيئات في نظام معاهدات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، أو النظم الإقليمية في أفريقيا والأمريكتين، فإن اللجنة العربية ليست مختصة باستقبال الشكاوى الفردية ودراستها حول انتهاكات الحقوق المنصوص عليها في الميثاق. وعلى النقيض من تلك اللجان ايضا، رفضت لجنة حقوق الإنسان العربية، حتى الآن، حين مراجعتها تقارير الدول، النظر بشكل جدي وفعلي في التقارير البديلة حول وضع حقوق الإنسان في الدول الأعضاء والمقدمة على سبيل المثال من طرف منظمات المجتمع المدني. ([75])
وبالنسبة لقبول الدول العربية باختصاص اللجنة فإن ذلك يعتمد على قبولها الالتزام بالميثاق نفسه، وبمعنى آخر فإن أية دولة عربية صدقت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان تلتزم بقبول اختصاص اللجنة؛ وفي الوقت الحالي توجد 07 دول عربية مصدقة على الميثاق هي: الجزائر، البحرين، الأردن، ليبيا، فلسطين، سوريا، والإمارات، ومن المؤمل أن تنضم إليه دول عربية أخرى.
أما عن تشكيلتها، فهي تتشكل من سبعة 7 أعضاء يتم انتخابهم بصفتهم الشخصية من طرف الدول الأطراف في الميثاق بالاقتراع السري لمدة 4 سنوات على أن يكونوا من ذوي الخبرة والكفاءة العالية ويعمل هؤلاء بكل تجرد ونزاهة. ولا يجوز أن تضم اللجنة أكثر من شخص واحد من مواطني الدولة الطرف في الميثاق، على أنه يجوز إعادة انتخابه لمرة واحدة فقط، مع مراعاة مبدأ التداول .. ([76])
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن ميزانية اللجنة ما يلزمها من موارد مالية وموظفين ومرافق ضرورية لكفالة حسن أدائها لعملها إنما يوفرها الأمين العام من ضمن ميزانية جامعة الدول العربية، ويعامل خبراء اللجنة فيما يتعلق بالمكافأة وتغطية المصاريف معاملة خبراء الأمانة العامة. ([77])
وقد أوجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان على الدول الأطراف أن تتعهد بأن تضمن لأعضاء اللجنة الحصانة اللازمة والضرورية لحمايتهم ضد أي شكل من أشكال المضايقات أو الضغوط المعنوية أو المادية أو أي متابعات قضائية بسبب مواقفهم أو تصريحاتهم في إطار قيامهم بمهامهم كأعضاء في اللجنة. ([78])
وفي إطار ممارستها لمهامها، فإنه يتعين على كل دول طرف في الميثاق تقديم أول تقرير إلى اللجنة خلال سنة من دخول الميثاق حيز التنفيذ، ثم عليها بعد ذلك تقديم تقارير دورية كل ثلاثة أعوام. على أنه يجوز للجنة أن تطلب من الدول الأطراف معلومات إضافية ذات صلة بتنفيذ الميثاق.
أما عن دور اللجنة في الرقابة على تطبيق الميثاق فإنه مع الأسف يقتصر على دراسة التقارير التي تلزم الدول العربية الأطراف بتقديمها للجنة من أجل تبيان مدى التزامها بتطبيق أحكام الميثاق، ومدى التقدم الذي أحرزته في مجال التمتع بالحقوق والحريات الثابتة فيه، حيث يقدم التقرير الأولي بعد سنة من نفاذ الميثاق بالنسبة لكل دولة طرف، أما التقارير الدورية فتقدم كل ثلاث سنوات، ولا تختلف طريقة تقديم ودراسة التقارير عن ما هو سائد على الصعيد العالمي والإقليمي في نطاق لجان حقوق الإنسان العالمية والإقليمية([79]) ، بحيث تدرس اللجنة التقارير التي تقدمها الدول الأطراف بحضور من يمثل الدولة المعنية لمناقشة التقرير وتبدي ملاحظاتها وتقدم التوصيات الواجب اتخاذها طبقاً لأهداف الميثاق، ثم تحيل اللجنة بعد ذلك تقريراً سنوياً يتضمن ملاحظاتها وتوصياتها إلى مجلس الجامعة عن طريق الأمين العام. وتعتبر تقارير اللجنة وملاحظاتها الختامية وتوصياتها وثائق علنية تعمل اللجنة على نشرها على نطاق واسع([80]).
وعن حق اللجوء إلى اللجنة العربية لحقوق الإنسان، فهو يطرح كمثيلتها في أوروبا قضية الأشخاص الذين يحق لهم ذلك اللجوء من دول وأفراد، فأما عن الدول، يكون من حق كل الدول الأعضاء في ميثاق حقوق الإنسان أن تتقدم ببلاغات إلى اللجنة بانتهاكات عضو ما لحقوق الإنسان منصوص عليها في الميثاق. وأما عن الأفراد، فإنه لا يكون في إمكانهم، فرادى أو جماعات، رفع شكاوى إلى اللجنة عندما تنتهك حقوقهم المقررة في الميثاق.
وبعد النظر في الشكاوى يكون على اللجنة اتخاذ ما تراه مناسبا من تعليقات وتوصيات تخطر بها الأطراف المعنية وتقوم بنشرها؛ كما لها أن تحيل الشكوى إلى المحكمة العربية لحقوق الإنسان، والجدير بالذكر أن مشروع الميثاق لا يشترط قبول الدول الأعضاء كي تكون اللجنة مختصة بالنظر في الشكاوى المقدمة ضدها، بل ذلك الاختصاص يترتب مباشرة عن الموافقة على ميثاق([81]).
ثالثا) المحكمة العربية لحقوق الإنسان:
أما عن تشكيل محكمة عربية لحقوق الإنسان على غرار المحاكم الدولية في الأنظمة القانونية الإقليمية وعلى وجه الخصوص المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فالحقيقة أن هذه المسألة ظلت حلما يراود الحقوقيين ودعاة حماية حقوق الإنسان العرب.
وعلى الرغم من الانتقادات التي تعرضت لها لجنة حقوق الإنسان العربية، إلا أن الدافع الأكبر إلى التفكير في إنشاء تلك المحكمة كان على إثر الانتفاضات الشعبية والربيع العربي الذي طال عددا من الدول العربية من شمال إفريقيا ومن الشرق الأوسط وغيره، لقد ساعد الربيع العربي كثيرا على كشف الحالة المزرية والبائسة لحقوق الإنسان في الدول العربية وضعف ضمانات حقوق الإنسان فيها وعدم توفر آليات إنصاف فعالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
حينها انطلقت دعوات ومبادرات لإصلاح نظام جامعة الدول العربية بما في ذلك نظام حقوق الإنسان، سواء من جامعة الدول العربية نفسها أو من بعض الدول الأطراف في الميثاق أو من منظمات المجتمع المدني. ولقد كان من بين مبادرات الإصلاح تلك مقترح إنشاء هيئة قضائية إقليمية عربية للنظر في الشكاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان، فكان بذلك إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان.
والحقيقة أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان لم يتعرض إلى فكرة إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان، ومع ذلك، فإن هذه الأخيرة تبلورت على إثر عدد من الاجتماعات والمؤتمرات التي انعقدت لمناقشة موضوعها ونظامها.
البداية التي مهدت الطريق كانت حينما قام الأمين العام لجامعة الدول العربية، السيد “نبيل العربي”، في 24 أكتوبر 2011، بتعيين وزير الخارجية الجزائري الأسبق، المبعوث الأممي، السيد “الأخضر الإبراهيمي” رئيسا للجنة مستقلة من شخصيات عربية ذات خبرة وصلة بعمل جامعة الدول العربية من أجل تقديم مقترحات وتوصيات لإصلاح وتحديث جامعة الدول العربية ولاسيما دورها والآليات الحاكمة لعملها. ولأجل ذلك، ظهرت بعض التفاصيل حول تكوين تلك اللجنة وعملها ومجال تواصلها مع مختلف أصحاب الشأن ولاسيما ممثلي المجتمع المدني. وعملياً، انطلق مشروع تأسيس المحكمة العربية لحقوق الإنسان في 15 يناير 2012، حين قدمت حكومة البحرين مقترحاً بهذا الخصوص إلى المجلس الوزاري الـ 137 لجامعة الدول العربية. ([82]) وفي 10 مارس 2013، وبموجب قراره رقم 7489، رحب المجلس بمبادرة البحرين وكلف الأمين العام للجامعة بإعداد تقرير حول إنشائها، ثم تم تشكيل لجنة من الخبراء القانونيين لمساعدة الأمين العام بقصد وضع دراسة على ضوء التجارب الإقليمية المماثلة، وقد وضعت اللجنة دراستها حول المسألة.
وعلى إثرها، تم تقديم كل من تقرير “الإبراهيمي” وتقرير لجنة الخبراء القانونيين إلى الأمانة العامة للجامعة العربية التي قدمتهما إلى مؤتمر قمة العربية المنعقد بالدوحة خلال شهر مارس 2013 فتمت الموافقة على إنشائها في 26 مارس 2013، وكلّفت لجنة قانونية بمهمّة إعداد نظام لها، كما دعيت في المؤتمر الدول التي لم تكن قد صادقت بعد على الميثاق العربي بأن تصادق عليه([83]).
وخلال لقاء القمة، أعرب العاهل البحريني عن رغبة بلاده في استضافة محكمة حقوق الإنسان العربية، وقد وافقته جامعة الدول العربية في اجتماع مجلس الجامعة في 2 سبتمبر 2013. أما بالنسبة لنظام المحكمة، فقد وافقت القمة العربية المعقودة في الكويت، في 26 مارس 2014، مبدئياً عليه إلا أنها كلفت اللجنة القانونية بتعديل بعض النقاط فيه. وجرى خلال ذلك تباحث عدد من النقاط التي يتعين إلحاقها بهذا النظام خاصة خلال المؤتمر الذي انعقد كذلك في المنامة يومي 25 و26/5/2014، وشهد حضور عدد كبير من ممثلي المجتمع المدني والخبراء والباحثين من العالم العربي وأوروبا وأفريقيا([84]).
وعلى إثر ذلك، وعلى إثر النقص الذي اعترى الميثاق العربي لحقوق الإنسان على تأسيس محكمة عربية لحقوق الإنسان، انعُقد اجتماع وزراء الخارجية في جامعة الدول العربية في جلسته (142) بالقاهرة يومي 6 و7 أيلول/سبتمبر 2014، وأصدر قراره رقم 0779 د.ع (142) ج3، بتاريخ 7/9/2014، واعتمد بموجبه نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان، واختيرت المنامة، عاصمة مملكة البحرين، مقرا لها، وهي تتألف حسب نظامها من 7 قضاة على أن يدخل هذا النظام حيز النفاذ متى صادقت عليه 7 دول أعضاء في الجامعة. ([85])
والملاحظ أن جهود جامعة الدول العربية لتأسيس محكمة عربية لحقوق الإنسان جاء متأخرا جدا مقارنة بجهود منظمات إقليمية أخرى. فقد أنشئت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، على نحو ما ذكرنا، في ستراسبورغ بفرنسا بفضل اعتماد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950، وهي تضم 47 قاضيا ؛ واعتمدت منظمة الدول الأمريكية، ومقرها العاصمة الأمريكية واشنطن، الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان عام 1969 وقد كرست فصلها الثامن لتأسيس محكمة أمريكية لحقوق الإنسان تضم 7 قضاة ومقرها مدينة “سان خوسيه” في جمهورية كوستاريكا بأمريكا الوسطى. واختار الاتحاد الأفريقي اعتماد بروتوكول في عام 1998 تم إلحاقه بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي تم اعتماده عام 1981، ليؤسس محكمة أفريقية لحقوق الإنسان والشعوب تضم 11 قاضيا ومقرها مدينة أروشا بجمهورية تنزانيا.
والملاحظ كذلك أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان يتشابه مع الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب في كون كليهما لم ينص على تأسيس محكمة، ومع ذلك فقد استطاع الاتحاد الأفريقي لاحقا، وبموجب بروتوكول عام 1998، إنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، وهو ما لم يحدث في رحاب جامعة الدول العربية، فقد تم تأسيس المحكمة العربية لحقوق الإنسان بفضل قرار مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية على نحو ما ذكرنا وقد كان محبذا لدى كثيرين أن يتم اعتماد بروتوكول لهذا الغرض، اعتمادا على المادة 52 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان([86])، يتعلق بتأسيس المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وأن يتم اعتماد هذا البروتوكول من طرف مجلس الجامعة على مستوى القمة، وكما تم اعتماد الميثاق العربي لحقوق الإنسان في نهاية أعمال القمة العربية بتونس عام 2004، على الأقل أنه سيعطي نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان أهمية أكبر وبُعدا أوسع. ([87])
ويتكون النظام الأساسي للمحكمة العربية من ديباجة و35 مادة، وتتشكل المحكمة العربية لحقوق الإنسان من 07 قضاة ويجوز رفع عددهم إلى 11 قاضيا بناء على طلب المحكمة وموافقة الجمعية (المادة 5) يجري انتخابهم من قائمة من الأشخاص الذين ترشح كل دولة شخصين منهم (المادة 6)، ويجري انتخاب القضاة من بين أولئك المترشحين عن طريق الاقتراع السري، أما عن مدة ولاية هؤلاء القضاة فهي 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط (المادة 8).
وتعين المحكمة المسجل وعدد من الموظفين، ويتمتع الجميع بالامتيازات الحصانات الممنوحة لممثلي الدول الاعضاء لدى جامعة الدول العربية (المادة 14)، وأن يكون القضاء مستقلين في مهامهم في خدمة المحكمة في أي وق (المادة 15).
وتختص المحكمة بكافة الدعاوي والنزاعات الناشئة عن تطبيق وتفسير الميثاق العربي لحقوق الإنسان أو أية اتفاقية عربية اخرى في هذا المجال وتفصل في اي نزاع يثار حول اختصاصها بنظر الدعاوي أو الطلبات أو الحالات التي تنظرها، ولا يعمل بالقضايا بأثر رجعي قبل عمل المحكمة (المادتان 16 و17).
ويكون اختصاص المحكمة مكملا للقضاء الوطني ولا يحل محله، ولا يجوز للمحكمة أن تقبل الدعوى في حالة عدم استنفاد طرق التقاضي في الدولة المشكو منها وفقا لنظامها القضائي الوطني، وكذلك إذا كانت الدعوى قد رفعت في ذات الموضوع أمام محكمة إقليمية أخرى لحقوق الإنسان، وأيضاً إذا كانت الدعوى قد رفعت بعد 6 أشهر من إبلاغ المدعي بالحكم (المادة 18).
ويجوز للمحكمة التعاون مع الأطراف للحل الودي (المادة 22)، فيما يكون الحكم الذي تصدره المحكمة قوة النفاذ بالنسبة للدول التي قبلت اختصاص المحكمة فقط (المادة 19) .. ؛ كما تتمثل اختصاصات المحكمة العربية في النظر في شكاوى الأشخاص التي تحيلها عليها اللجنة بعد أن يتعذر عليها حلها وتسويتها وديا (المادة 19) ، وهكذا لا يكون من الممكن للأفراد أن يرفعوا شكاواهم مباشرة إلى المحكمة، بل يكون على أولئك الأفراد تقديم شكاواهم إلى اللجنة حتى يكون لهذه الأخيرة أن تحيل القضية على المحكمة عندما يستعصى عليها الحل.([88])
المطلب الثالث: تقييم فعالية الآليات
الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان نصت على حقوق الإنسان المشمولة بالحماية كما أوجدت لها هيئات أوروبية لمراقبة الدول في مدى التزامها باحترام بنود هذه الاتفاقية وبالتالي الحقوق المنصوص عليها.
كما أن اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان تتكون من عدد من الأعضاء مساوي لعدد الدول المصادقة على الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان، وهؤلاء الاعضاء تنتخبهم لجنة الوزراء بمجلس أوروبا. أما المحكمة الأوروبية لحقوق فهي امتداد للجنة الأوروبية لحقوق الإنسان كوسيلة لضمات تطبيق الاتفاقية واحكامها ملزمة ونافذة. وبالتالي فإن آليتي النظام الأوروبي والمتمثلة في اللجنة الأوروبية ثم المحكمة الأوروبية فقد فُعلت بالكامل وكان لها كل الحق في النظر في أنواع الشكاوى واتخاذ القرار المناسب تجاها.
أما النظام العربي لحقوق الإنسان، فإن ميثاق جامعة الدول العربية المنشأ في عام 1945 لم يُقِمْ تنظيما لحقوق الإنسان ولم يشر بإعلان لهذه الحقوق وهذا بسبب أوضاع الدول العربية حتى وقت متأخر بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن كان لزاما على الدول العربية وضع تنظيم إقليمي عربي لحقوق الإنسان وبنفس الوتيرة التي سارت عليها شعوب الأقاليم سواء الأوروبية او الأمريكية والإفريقية ولعل خير مثال عن ذلك ما أسفر عليه مشروع سيرا كوزا بإيطاليا عام 1986 والذي قدمته مجموعة الخبراء العرب أين تم إنشاء ميثاق عربي لحقوق الإنسان لتوفير آلية حقيقية لحماية حقوق الإنسان وحث على إنشاء لجنة حقوق الإنسان ومحكمة عربية لحقوق الإنسان إلا أنه مع تعدد اللجان حال دون تفعيلها.
أما عن اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، فعلى الرغم من أنها من أولى اللجان المنشأة على مستوى جامعة الدول العربية، إلا أنها لم تكن تتمتع بالصلاحيات التي تمكنها من متابعة وكفالة حقوق الإنسان على مستوى البلدان العربية، فصلاحياتها في الواقع كانت واسعة في مناقشة مواضيع حقوق الإنسان بقصد تطويرها ونشرها واتخاذ توصيات بشأنها ترفع إلى مجلس الجامعة، لكنها للأسف لم تكن لتهتم بتنفيذ توصياتها ومراقبتها، وقد اقتصر عملها على نظر انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، وهي لا تنظر في انتهاكات حقوق الإنسان داخل الدول العربية الأخرى مما يعني كونها لجنة لتشجيع حقوق الإنسان أكثر من حمايتها بدليل عدم إعطائها الحق في قبول الشكاوى، هذا ما يجعلها مطالبة بتحقيق تقدم أكبر في مجال حقوق الإنسان في الدول العربية، ويجعل الدول العربية أيضا مطالبة بإعطائها دورا أكبر في هذا المجال، لاسيما في ظل وجود حملة دولية ضد العرب في مجال حقوق الإنسان.([89])
أما عن المحكمة العربية فهي لم تظهر إلى النور إلا في وقت جد متأخر، وهي لا تزال تتأرجح بين معوقات تأسيسية واجرائية ما جعلها عرضة لانتقادات لا حصر لها أقلها أنها لا تزال قاصرة عن حسم قضايا حقوق الإنسان في الدول العربية.
ولعل من بين أهم الانتقادات الموضوعية التي وُجهت إلى المحكمة العربية لحقوق الإنسان ما ورد في نظامها الأساسي بخصوص من يحق له اللجوء إليها أو بعبارة أدق، مدى إمكانية الأفراد في اللجوء إليها برفع شكاوى أو دعاوى بشأن انتهاكات حقوق الإنسان يكونون قد وقعوا ضحيتها وهو أهم ما يميز النظام الأوروبي لحقوق الإنسان على نحو ما رأينا بخصوص إمكانية الأفراد في اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
والحقيقة أن هذا المطلب نصت عليه المادة 19 من النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان. ([90]) فهذه الأخيرة خولت للدول فقط مبدئيا، وبشروط معينة، أن ترفع دعاوى أمام المحكمة العربية بخصوص انتهاك حقوق الإنسان، ومن بين تلك الشروط أن تكون الدولة المدعية والدولة المشكو منها كلاهما طرفا في نظام المحكمة الأساسي، أو تكون الدولة الأخيرة قد قبلت باختصاص المحكمة في الحالة التي لا تكون طرفا في النظام الأساسي، أما بخلاف ذلك، وبخاصة حق الأفراد في تقديم شكاوى أو رفع دعاوى أمام المحكمة فهو مما لم يسمح به نظام المحكمة الأساسي ولم تنص عليه المادة 19 سالفة الذكر. ومع ذلك، فقد نصت المادة 19 عن إمكانية الاقتراب من هذه الحالة وهي السماح للمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان في الدولة التي ينتمي إليها الفرد ضحية الانتهاك أن ترفع دعاوى أمام المحكمة لفائدة ذلك الفرد وضد الدولة المدعى عليها بأنها انتهكت حقوق ذلك الفرد الإنسانية ولكن ذلك كله مرهون على شرط أن تكون تلك الدولة قد قبلت بذلك مسبقا وعند المصادقة على النظام الأساسي.
وبالرغم من أن هذه المادة تتيحُ نوعا من الحماية لصالح الأفراد، إلا أنها تبقى عاجزة وقاصرة عن بلوغ المستوى الذي وصل إليه النظام الأوروبي الذي يسمح للأفراد برفع دعاواهم مباشرة. ولقد كانت المادة 19 أهم مادة تعرضت للانتقاد سيما من بعض المنظمات والهيئات الحقوقية([91]) التي اعتبرت أن ما ورد فيها غير كاف لضمان حماية حقوق الإنسان، وكان الأحرى تعديل هذه المادة لتسمح للأفراد مباشرة برفع شكاواهم أمام المحكمة للمطالبة بجبر الأضرار التي حصلت في حقهم وليس الاعتماد فقط على تدخل المنظمات غير الحكومية نيابة عنهم، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن تَدَخُّلَ المنظمات نفسه يخضع للموافقة المسبقة للدولة التي سوف تصادق على النظام الأساسي للمحكمة وهذا كله يجعل من المحكمة العربية لحقوق الإنسان بلا فعالية ومرهونة بموافقة الدول العربية المسبق وفي ذلك إهدار واضح لحقوق الإنسان، ([92]) ويحد بشكل كبير من قدرة المحكمة على معالجة انتهاكات حقوق الإنسان، وتقديم الجناة إلى العدالة. ([93])
إن المادة 19 سالفة الذكر، وبشكلها الذي تم اعتماده سوف تؤدي إلى نتائج حتمية منافية لحقوق الإنسان وتتمثل في أنه لا اختصاص للمحكمة في الدول العربية التي لا توقع على نظام المحكمة، ولا إمكانية لرفع المقيمين في الدولة من غير المواطنين دعاوى، ولا يحق إلا للمنظمات غير الحكومية التي ترضى عنها السلطات التوجه إليها. والأسوأ أن نظام المحكمة الأساسي لا يقدم أية آلية لمراقبة الإشراف على تنفيذ أحكام المحكمة. ([94])
ولقد كانت المادة (19) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان محل هجوم عنيف حتى لما كانت مسودة في نطاق مشروع الميثاق وذلك من طرف عدد من منظمات حقوق الإنسان المعروفة. وفي تقرير صادر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وقعته 27 منظمة لحقوق الإنسان أهمها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش جاء النص التالي: “إن غاية وجود محكمة إقليمية لحقوق الإنسان هي بالأساس ضمان قدرة الأفراد على اللجوء للعدالة وضمان حقهم في الانتصاف والجبر الفعالين على ما تعرضوا له من انتهاكات. ومع حجب هذا الحق، بل وحجب أية آلية تمكن الأفراد من اللجوء للمحكمة العربية، فإن مسودة النظام الحالية للمحكمة تخالف الغاية والهدف من إنشاء المحكمة. نذكر الدول الأعضاء بالوعد الذي قطعته جامعة الدول العربية بنفسها وعدد من أعضائها، منذ بدء عملية إصلاح الجامعة على مدار السنوات القليلة الماضية، لاسيما في أعقاب الانتفاضات الشعبية التي اندلعت في عدد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2011، بإنشاء آلية قضائية فعالة تحمي حقوق وحريات الأفراد في دول جامعة الدول العربية. إن منظماتنا تعارض بشدة إنشاء أية محكمة لحقوق الإنسان لا تكفل للأفراد القدرة على تقديم الشكاوى على الانتهاكات”.([95])
وبالرغم من مختلف الانتقادات التي قيلت عن المادة 19 سالفة الذكر إلا أنها بقيت على حالها في النظام الأساسي الرسمي المعتمد، ولعل الأسوأ من ذلك كله، هو أن مشروع النظام الأساسي كان يتضمن فقرة ثالثة وأخيرة وهي تسمح للجنة حقوق الإنسان بإحالة الشكاوى الفردية إلى المحكمة إذا ما تعذر عليها تسويتها بشكل ودي، ([96]) ما يسمح بطريقة غير مباشرة للأفراد بالعبور بشكاواهم إلى المحكمة. وعلى الرغم من أن هذه الفقرة بالذات تعرضت كذلك للانتقاد لكون لجوء الأفراد إلى المحكمة لا يتم مباشرة ولكنه يبقى مرهونا بمدى موافقة وتقدير تلك اللجنة، وليس مؤدى النص على هذه الإمكانية أن تلك الشكاوى سوف تُحال بالضرورة بشكل تلقائي إلى المحكمة، فالأمر متروك لتقدير اللجنة المعنية. غير أن الفقرة الأخيرة هذه حُذفت كلية من النص النهائي للنظام الأساسي مما قطع كل أمل للجوء الأفراد بشكل فردي إلى المحكمة لا من قريب أو بعيد. فالفقرة الثالثة المذكورة كانت تشكل بعض الأمل في لجوء الأفراد إلى المحكمة ولو غير مباشر، لكن حذفها قطع الطريق كلية على الأفراد في لجوئهم إلى المحكمة.
وبالمختصر، فإن أهم الانتقادات، وبحسب ما جاء في تقرير اللجنة الدولية للحقوقيين والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، “تتضح تحديدا في المواد المرتبطة باختصاص المحكمة وولايتها القضائية، وفي ضمانات استقلال المحكمة، بما في ذلك استقلالية القضاة، ومجال متطلبات استنفاد التقاضي المحلي قبل اللجوء إلى المحكمة، وقدرة الضحايا على ولوج المحكمة بشكل ملائم. ([97])
كذلك من بين أهم الانتقادات الخارجة عن نطاق النظام الأساسي للمحكمة، وبحسب تقرير اللجنة الدولية للحقوقيين والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان وغيرها من الهيئات الحقوقية الأخرى والمنظمات، تتمثل في تلك السرية والتكتم اللذين طبعا صياغة النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان من جهة، وحول مقر المحكمة من جهة أخرى.
فبالنسبة للأولى، فقد جاء في تقرير اللجنتين المذكورتين أنه “لكي تصبح هذه الجهود حقيقية وفعالة، فلا بد أن تستند إلى إجراءات شفافة وعملية تشرك فيها مختلف الأطراف. فليس فقط الممثلين الحكوميين من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بل أيضا ممثلي المجتمع المدني على المستوى الإقليمي والوطني والدولي، وأعضاء نقابات المحامين والقضاة والأكاديميين والخبراء المستقلين وأصحاب الشأن الآخرين، إذ يجب مشاورة الجميع وسماع آرائهم وأن يضطلعوا بدور ناشط في عملية الإصلاح”، وأنه لا يمكن الاعتماد فقط، وبصورة حكرية، على تقرير الإبراهيمي أو اللجنة المستقلة للخبراء الحقوقيين في وضع نظام المحكمة الأساسي. ([98])
وأما بالنسبة للانتقاد الثاني الواقع على اختيار المنامة، عاصمة البحرين، مقرا للمحكمة، فقد ورد في تقرير اللجنتين المذكورتين أنهما يعربان عن القلق من أنه على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، كانت السلطات البحرينية مسؤولة عن جملة من الانتهاكات لحقوق الإنسان الجسيمة في إطار حملة قمعية مستمرة وعنيفة ضد قيادات المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين تم فيها خرق حقوقهم وحريتهم في التجمع. وبعد أن عدد تقرير اللجنتين المذكورتين جملة الانتهاكات التي عمدت إليها السلطات البحرينية، ذهبت إلى حد اعتبار أن البحرين مسؤولة عن تلك الانتهاكات، وأنها ستخفق في ضمان أي شكل من المحاسبة عنها، وأن استضافتها للمحكمة العربية لحقوق الإنسان مع تلك الانتهاكات سيقوض مصداقية وفعالية المحكمة. ([99])
الخاتمة
وفي الأخير نستخلص بأن حقوق الإنسان هي من أهم الحقوق المعروفة منذ القدم وهذا على المستوى العالمي والإقليمي وحتى الداخلي حيث أن كل الدول سخرت لها اتفاقيات ومواثيق وآليات، إلا أن النظام الأوروبي لحقوق الإنسان يعد من أكثر الأنظمة الإقليمية تطورا في مجال حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بفضل الاتفاقية الأوروبية وملاحقها وآلياتها .. ؛ أما النظام العربي فيخطو خطوات بطيئة حيث ترجع فكرة وضع ميثاق عربي لحقوق الإنسان إلى سنة 1969 غير أن هذه الفكرة لم تخرج إلى الوجود إلا بعد 25 سنة عندما اعتمد مجلس جامعة الدول العربية مشروعا للميثاق في سبتمبر 1994 ، ونظرا لرفضه من الدول العربية، تم تحديثه لتتم المصادقة عليه في ماي 2004، ولكنه مع ذلك لم يدخل حيز النفاذ إلا في مارس 2008 ، وهذه خطوة أولى بالغة الأهمية نحو صياغة نظام عربي لحقوق الإنسان في انتظار إضافات جديدة للميثاق تجعله أكثر فعالية خاصة في ظل عدم إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان واكتفائه باللجنة كآلية وحيدة للرقابة عليه.
وفي الأخير يجب على الدول بمختلف مؤسساتها مع النخب العربية المثقفة أن تبذل إمكانياتها الفكرية والعلمية لخدمة قضايا حقوق الإنسان العربي وهذا بتيسير وتسهيل السبل لتوعية المواطنين بحقوقهم وحرياتهم عن طريق وسائل الإعلام وتعليم حقوق الإنسان للأجيال القادمة.
وهنا يمكننا أن نخرج بالمقترحات والتوصيات التالية:
عدم وضع قيود خاصة على ممارسة الحريات السياسية وهي ما يعرف بالقوانين الاستثنائية والاحكام العرفية المطبقة في الكثير من الدول
دعم المؤسسات الحقوقية المستقلة عن الدول والتي تتجسد في تنظيمات المجتمع المدني من احزاب سياسية واتحادات ونقابات (المنظمات الغير حكومية )
الالتزام الفعلي بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ليس بالتصديق عليها ودمجها في القوانين الداخلية فقط بل المطلوب من الدول العربية السعي نحو تطبيقها على أرض الواقع والعمل على تعديل قوانينها الداخلية المتعارضة معها
على الدول العربية أن تعمل على تطوير الجهود العربية في مجال حقوق الإنسان من خلال إنفاذ الاتفاقيات الموجودة وإبرام اتفاقيات أخرى متخصصة بأنواع معينة من الحقوق.
الإسراع بتفعيل المحكمة العربية لحقوق الإنسان وإضافة بروتوكول ملحق بالميثاق العربي لحقوق الإنسان.
على الدول العربية أن تقوم بإصلاح أنظمتها بجعلها تقوم على احترام مبادئ الديمقراطية التي هي في ذات الوقت من أساسيات حقوق الإنسان والحريات العامة.
على الدول العربية تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث وأن تتمتع السلطة القضائية بالاستقلال التام وفرض الرقابة القضائية على أعمال الإدارة وقراراتها.
وعلى الدول العربية إصلاح القوانين الداخلية من خلال تعديل القوانين المقيدة للحقوق والحريات.
لابد من وقف العمل بحالة الطوارئ وقوانينها الاستثنائية وإن كانت هناك ضرورة ملحة للعمل بها فيجب التقيد بالمبادئ الديمقراطية عند إعلانها وعدم تجاوز تلك المبادئ في الممارسات.
المراجع
بومعزة فطيمة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، في القانون العام، قانون المنظمات الدولية وقانون العلاقات الدولية.
خضر خضر، مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الإنسان، المؤسسة الحديثة للكتاب، طبعة2011، لبنان، 2011.
رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي. “حقوق الإنسان والحريات العامة”، الطبعة الأولى، بدون دار نشر، 2010.
رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي، حقوق الإنسان والحريات العامة، الطبعة الأولى، بدون دار نشر،2010.
رياض العجلاني. “تطور إجراءات النظر في الطلبات الفردية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد: 28 ، العدد الثاني، 2012.
عبد الكريم علوان، حقوق الإنسان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1998 .
عبد الله محمد الهواري، المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان، دراسة في ضوء أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، الطبعة الاولى، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، مصر، 2009.
علام وائل احمد. “الميثاق العربي لحقوق الإنسان، دراسة حول دور الميثاق في تعزيز حقوق الإنسان في جامعة الدول العربية”.
علام وائل أحمد. “الميثاق العربي لحقوق الإنسان، دراسة حول دور الميثاق في تعزيز حقوق الإنسان في جامعة الدول العربية”.
عمر صدوق، محاضرات في القانون الدولي العام، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر،
قادري عبد العزيز. “حقوق الإنسان، في القانون الدولي والعلاقات الدولية المحتويات والآليات”، الطبعة 2008، دار هومة، الجزائر،
كارم محمود حسين نشوا ن، آليات حماية حقوق الإنسان في القانون الدولي لحقوق الإنسان، دراسة تحليلية، دراسة للحصول على درجة الماجستير، جامعة الازهر،غزة،2011.
كلوديو زانغي. “الحماية الدولية لحقوق الإنسان”، تصدير: بطرس بطرس غالي، تقديم: محمد بجاوي، الطبعة الأولى، مكتبة لبنان الناشرون، بيروت، لبنان، 2006.
المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الوثائق الصادرة عن القلم، أسئلة وأجوبة،,www.echr.coe.int
محمد محي الدين، ملخص محاضرات في حقوق الإنسان، السنة الدراسية 2010/2011، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر
نزيهة بوذيب، الميثاق العربي لحقوق الإنسان ” قراءة قانونية نقدية”، المجلة العربية لحقوق الإنسان، تونس، العدد السادس، أوت
ورنيقي زهرة. “النظام العربي لحماية حقوق الإنسان وآلياته”، مذكرة لنيل شهادة الليسانس في العلوم القانونية، جامعة عمار ثليجي، كلية الحقوق والعلوم الاجتماعية قسم الحقوق، الاغواط 2005.
وليد سليم النمر. “حقوق الإنسان وحرياته الأساسية”، دار الفتح للطباعة والنشر، مصر.
وليد سليم النمر، حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، دار الفتح للطباعة والنشر، مصر،2013-2014.
المواقع الإلكترونية:
وثيقة برقم: IOR 61-003-2010، منشورة على المجلة الإلكترونية لمنظمة العفو الدولية العدد: 14، بعنوان: “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”، بحسب الرابط الإلكتروني التالي:
http://www.amnestymena.org/ar/Magazine/Issue14/TheEuropeanCourtforHumanRights.aspx
تقرير بعنوان: “المحكمة العربية المقترحة لحقوق الإنسان – يجب التراجع عن تبني مشروع ميثاق المحكمة وبدء عملية إنشائها بشكل سليم”، منشورا على الموقع الإلكتروني للجنة الدولية الحقوقيين “ICJ – FIDH ” بتاريخ مارس 2014، بحسب الرابط الإلكتروني التالي: https://www.fidh.org/IMG/pdf/final_pp_arab_court_-_ar-2.pdf
د. محمد أمين الميداني. “أصبح لدينا محكمة عربية لحقوق الإنسان”. مقال منشور على الموقع الإلكتروني لـ” المركز العربي للتربية على القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان ACIHL” بدون ذكر التاريخ، بحسب الرابط الإلكتروني التالي: https://www.acihl.org/articles.htm?article_id=39&lang=ar-SA
مقال بعنوان: “ما الذي فعلته جامعة الدول العربية لحقوق الإنسان؟ “، منشورا بتاريخ: 11/12/2015، على الموقع الإلكتروني لـ “الرصيف 22″ بحسب الرابط الإلكتروني التالي:
http://raseef22.com/politics/2015/12/11/ /ما-الذي-فعلته-جامعة-الدول-العربية-لحقو
إبراهيم العبد الله. محاضرة مكتوبة بعنوان: “الميثاق العربي لحقوق الإنسان وسبل تفعيله”، منشورة بتاريخ: 02/01/1998، على الموقع الإلكتروني لـ “مركز الإمام موسى الصدر للدراسات والأبحاث” بحسب الرابط الإلكتروني التالي: http://imamsadr.net/News/news.php?NewsID=3921
تقرير بعنوان: “المحكمة العربية لحقوق الإنسان المقترحة: آلية فارغة بدون إدخال تغييرات جوهرية على مسودة النظام الأساسي” منشور بتاريخ: 6 جوان 2014، على الموقع الإلكتروني لـ “مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” بحسب الرابط الإلكتروني التالي: http://www.cihrs.org/?p=8711
Ahmed MAHIOU. « La Charte arabe des droits de l’homme ». Publié sur fr selon le lien électronique suivant :
https://blogavocat.fr/sites/default/files/fichiers/la_charte_arabe_des_droits_de_l_homme_-_a._ma.pdf
Mohammed Amin Al-Midani. « La ligue des états arabes et les droits de l’homme ». Article publié sur le site « scienzaepolitica», selon le lien electronique suivant :
https://scienzaepolitica.unibo.it/article/download/2892/2289
[1] ) وهذا ما أكدته مقدمة الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، إذ جاء فيها أن « الحكومات الموقعة أدناه باعتبارها أعضاء في مجلس أوروبا…..وبوصفها حكومات لدول أوروبية تسودها وحدة فكرية ذات تراث مشترك من الحرية والمثل والتقاليد السياسية واحترام القانون، فقد عقدت العزيمة على اتخاذ الخطوات الأولى نحو التنفيذ الجماعي لبعض الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ..».
[2] ) رياض العجلاني. “تطور إجراءات النظر في الطلبات الفردية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد: 28 ، العدد الثاني، 2012، ص: 167.
[3]) وليد سليم النمر. “حقوق الإنسان وحرياته الأساسية”، دار الفتح للطباعة والنشر، مصر، ص238.
[4] ) رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي. “حقوق الإنسان والحريات العامة”، الطبعة الأولى، بدون دار نشر، 2010، ص118.
[5] ) رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي، المرجع السابق، ص121.
[6] ) كلوديو زانغي. “الحماية الدولية لحقوق الإنسان”، تصدير: بطرس بطرس غالي، تقديم: محمد بجاوي، الطبعة الأولى، مكتبة لبنان الناشرون، بيروت، لبنان، 2006، ص168.
[7] ) وهو القرار رقم (2441) (د 23) المؤرخ في 19 ديسمبر 1968، المعنون بـ “السنة الدولية لحقوق الإنسان”.
[8]) قادري عبد العزيز. “حقوق الإنسان، في القانون الدولي والعلاقات الدولية المحتويات والآليات”، الطبعة 2008، دار هومة، الجزائر، الصفحة 141.
[9]) قادري عبد العزيز، مرجع سابق، الصفحة 142.
[10]) قادري عبد العزيز، مرجع سابق، الصفحة 143.
[11]) ورنيقي زهرة. “النظام العربي لحماية حقوق الإنسان وآلياته”، مذكرة لنيل شهادة الليسانس في العلوم القانونية، جامعة عمار ثليجي، كلية الحقوق والعلوم الاجتماعية قسم الحقوق، الاغواط 2005.
[12]) قادري عبد العزيز، المرجع السابق، الصفحة 146
[13]) ورنيقي زهرة، المرجع السابق، الصفحة 19
[14]) أنظر: إبراهيم العبد الله. محاضرة مكتوبة بعنوان: “الميثاق العربي لحقوق الإنسان وسبل تفعيله”، منشورة بتاريخ: 02/01/1998، على الموقع الإلكتروني لـ “مركز الإمام موسى الصدر للدراسات والأبحاث” بحسب الرابط الإلكتروني التالي: http://imamsadr.net/News/news.php?NewsID=3921
[15]) ورنيقي زهرة المرجع نفسه، الصفحة 20
[16])
V : Ahmed MAHIOU. « La Charte arabe des droits de l’homme ». Publié sur blogavocat.fr selon le lien electronique suivant :
https://blogavocat.fr/sites/default/files/fichiers/la_charte_arabe_des_droits_de_l_homme_-_a._ma.pdf . P7.
[17]) أنظر: إبراهيم العبد الله. محاضرة مكتوبة بعنوان: “الميثاق العربي لحقوق الإنسان وسبل تفعيله”، منشورة على الموقع الإلكتروني لـ “مركز الإمام موسى الصدر للدراسات والأبحاث” بحسب الرابط الإلكتروني السابق.
[18]) أنظر: إبراهيم العبد الله. محاضرة مكتوبة بعنوان: “الميثاق العربي لحقوق الإنسان وسبل تفعيله”، المرجع السابق، وأيضا: Ahmed Mahiou. Op. Cit, P8
[19]) أنظر: إبراهيم العبد الله. محاضرة مكتوبة بعنوان: “الميثاق العربي لحقوق الإنسان وسبل تفعيله”، منشورة على الموقع الإلكتروني لـ “مركز الإمام موسى الصدر للدراسات والأبحاث” بحسب الرابط الإلكتروني السابق.
[20]) علام وائل أحمد. “الميثاق العربي لحقوق الإنسان، دراسة حول دور الميثاق في تعزيز حقوق الإنسان في جامعة الدول العربية”. الصفحة : 8 إلى 11
[21]) علام وائل احمد، مرجع نفسه، الصفحات نفسها.
[22]) أنظر: د. محمد أمين الميداني. “أصبح لدينا محكمة عربية لحقوق الإنسان”. مقال منشور على الموقع الإلكتروني لـ” المركز العربي للتربية على القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان ACIHL” بدون ذكر التاريخ، بحسب الرابط الإلكتروني التالي:
https://www.acihl.org/articles.htm?article_id=39&lang=ar-SA
[23]) بومعزة فطيمة، المرجع سابق، الصفحة :40 – 41
[24]) مثل المادة (4) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 2004.
[25]) تنص لمادة (7) من ميثاق 2004 على أنه: ” لا يجوز الحكم بالإعدام على أشخاص دون الثامنة عشرة عاماً ما لم تنص التشريعات النافذة وقت ارتكاب الجريمة على خلاف ذلك”.
[26]) أنظر بشأن مختلف الانتقادات: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية المقترحة لحقوق الإنسان – يجب التراجع عن تبني مشروع ميثاق المحكمة وبدء عملية إنشائها بشكل سليم”، منشورا على الموقع الإلكتروني للجنة الدولية الحقوقيين “ICJ – FIDH ” بتاريخ مارس 2014، بحسب الرابط الإلكتروني السابق، ص4-5.
[27]) رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي، المرجع السابق، ص127.
[28] ) كارم محمود حسين نشوان، آليات حماية حقوق الإنسان في القانون الدولي لحقوق الإنسان، دراسة تحليلية، دراسة للحصول على درجة الماجستير، جامعة الازهر، غزة، 2011، ص141
[29]) عبد الكريم علوان، حقوق الإنسان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1998 ، ص 152
كارم محمود حسين نشوان، نفس المرجع، ص142 )[30]
[31]) عبد الكريم علوان ، نفس المرجع، ص153
[32]) كارم محمود حسين نشوان، نفس المرجع ، ص143
[33] )كارم محمود حسين نشوان، نفس المرجع،ص144
[34] ) خضر خضر، مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الإنسان، المؤسسة الحديثة للكتاب، طبعة 2011، لبنان، 2011، ص248
[35] ) انظر المادة 21 الفقرة الأولى من الاتفاقية.
[36] ) انظر المادة 23 من الاتفاقية ، الفقرة 1
[37] ) انظر المادة 23 من الاتفاقية ، الفقرة 2
[38] ) كلوديو زانغي، الحماية الدولية لحقوق الإنسان، تصدير بطرس بطرس غالي، تقديم محمد بجاوي، الطبعة الأولى، مكتبة لبنان للناشرون، بيروت، لبنان، 2006 ، ص158
[39] ) عبد الله محمد الهواري، المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان، دراسة في ضوء أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، الطبعة الاولى، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، مصر، 2009، ص21
[40] ) انظر المادة 23 من الاتفاقية ، الفقرة أ
[41]) عبد الله محمد الهواري، المرجع السابق، ص40
[42]) عبد الله محمد الهواري، نفس المرجع، ص30
[43] ) رياض العجلاني، تطور إجراءات النظر في الطلبات الفردية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28 – العدد الثاني، 2012، ص176
[44] ) كلوديو زانغي، المرجع السابق، ص169
[45] ) عبد الله محمد الهواري، نفس المرجع، ص46
[46] ) وليد سليم النمر، حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، دار الفتح للطباعة والنشر، مصر، 2013-2014، ص241
[47]) كلوديو زانغي، نفس المرجع ، ص160
[48] ) عبد الله محمد الهواري، نفس المرجع ، ص59
) محمد محي الدين، ملخص محاضرات في حقوق الإنسان، السنة الدراسية 2010/2011، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر، ص76[49]
[50] ) انظر المادة 26 الفقرة 1 من الاتفاقية الأوروبية المعدلة بالبروتوكول(14).
[51] ) انظر المادة 26 الفقرة 3 من الاتفاقية الأوروبية المعدلة بالبروتوكول (14).
[52]) المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الوثائق الصادرة عن القلم، أسئلة وأجوبة، ,www.echr.coe.intص4
[53]) محمد محي الدين، نفس المرجع، ص73
[54]) انظر المادة 47 من الاتفاقية الأوروبية.
[55])كارم محمود حسين نشوان، المرجع السابق ، ص151
) عبد الله محمد الهواري، المرجع السابق، ص35[56]
[57]) نزيهة بوذيب، الميثاق العربي لحقوق الإنسان ” قراءة قانونية نقدية”، المجلة العربية لحقوق الإنسان، تونس، العدد السادس، أوت 1999، ص108
[58]) انظر المادة 32 من الاتفاقية الأوروبية
[59] ) عمر صدوق، محاضرات في القانون الدولي العام، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عنكون، الجزائر، 1998، ص142
[60] ) كارم محمود حسين نشوان، المرجع السابق، ص 152
[61] ) أنظر وثيقة برقم: IOR 61-003-2010، منشورة على المجلة الإلكترونية لمنظمة العفو الدولية العدد: 14، بعنوان: “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”، بحسب الرابط الإلكتروني التالي: http://www.amnestymena.org/ar/Magazine/Issue14/TheEuropeanCourtforHumanRights.aspx
[62] ) المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الوثائق الصادرة عن القلم، أسئلة وأجوبة، ,www.echr.coe.intنفس الصفحة
[63] ) رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي، حقوق الإنسان والحريات العامة، الطبعة الأولى، بدون دار نشر، 2010، ص127
) رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي، نفس المرجع، نفس الصفحة.[64]
[65]) رياض العجلاني، المرجع السابق ، ص17
) انظر المادة 28 من الاتفاقية الأوروبية[66]
[67]) كارم محمود حسين نشوان، المرجع السابق، ص 156
[68]) رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي، المرجع السابق، ص129
) رامز محمد عمار، نعمت عبد الله مكي، نفس المرجع، ص129[69]
[70]) وقبل إنشاء تلك اللجنة، كان مجلس الجامعة يبدي اهتماما بحقوق الإنسان خلال تلك الفترة، وقد رحب بدعوة الأمم المتحدة له بغية المشاركة في فعالية اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وبموجب تلك المناسبة أنشأ المجلس، وبموجب قراره رقم 2259 المؤرخ في 12 سبتمبر 1966، وعلى مستوى الأمانة العامة للجامعة، لجنة مؤقتة عهد إليها التحضير لبرنامج يكفل الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان. من جانب آخر أنشأ مجلس الجامعة، وبموجب قراره رقم 2304 المؤرخ في 18 مارس 1967، لجنة ثانية للتوجيه وعهد إليها بمهمة التنسيق مع اللجنة الأولى تمهيدا لمشاركة الجامعة في فعاليات اليوم العالمي المذكور لدى الأمم المتحدة.
V: Mohammed Amin Al-Midani. « La ligue des états arabes et les droits de l’homme ». Article publié sur le site « scienzaepolitica », selon le lien electronique suivant :
https://scienzaepolitica.unibo.it/article/download/2892/2289
[71]) فمثلا شاركت اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في فعاليات اليوم العالمي لحقوق الإنسان المنعقد في بيروت فيما بين 2 إلى 10 ديسمبر 1968، وأيضاً في المؤتمر المنعقد بالقاهرة بمناسبة إنشاء الأمم المتحدة للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان فيما بين 2 و15 سبتمبر 1969، وكذلك اللجنة في عدد من الدورات التي عقدتها لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وفي مؤتمرات كبرى أخرى مثل مؤتمر الأمم المتحدة للخبراء الحكوميين لتطوير القانون الدولي الإنساني المنعقد في جنيف عام 1973.
V: Mohammed Amin Al-Midani. « La ligue des états arabes et les droits de l’homme ». Op. Cit
[72]) الصادرة عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري بموجب القرار رقم: 6826 – د.ع (128) – ج 2 المؤرخ في 5 سبتمبر 2007.
[73]) V: Mohammed Amin Al-Midani. « La ligue des états arabes et les droits de l’homme ». Op. Cit
[74]) تضمنت المادة الثالثة من اللائحة الداخلية للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان مختلف مهام هاته الأخيرة، وحصرتها في 13 بندا هي كالتالي:
1-وضع قواعد التعاون ومداه بين الدول العربية في مجال حقوق الإنسان. -2 إعداد تصور للموقف العربي تجاه قضايا حقوق الإنسان المطروحة إقليميًا ودوليًا. -3 إعداد مشروعات الاتفاقيات ذات الصلة بحماية حقوق الإنسان وعرضها على مجلس الجامعة على المستوى الوزاري. -4 دراسة الاتفاقيات العربية التي قد تكون لها امتدادات في مجال حقوق الإنسان وذلك بقصد إبداء رأيها في مدى مواءمتها لمعايير ومبادئ حقوق الإنسان. -5 التعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة بحقوق الإنسان. -6 تشجيع العمل على تطوير وتعزيز واحترام وحماية حقوق الإنسان في الوطن العربي.
-7 متابعة تنفيذ التوصيات والمواثيق والاتفاقيات العربية ذات الصلة بحقوق الإنسان بما فيها الميثاق العربي لحقوق الإنسان. -8 تشجيع نشر ثقافة حقوق الإنسان في الوطن العربي. -9 المشاركة في الندوات والمؤتمرات العربية والإقليمية والدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان. -10 الاستعانة بخبير أو خبراء لإعداد دراسات معينة أو أوراق علمية، في إطار الضوابط والمعايير المعمول بها داخل الجامعة. -11 تنسيق المواقف العربية تجاه قضايا حقوق الإنسان في المؤتمرات والمحافل الإقليمية والدولية، خاصة فيما يتعلق بمشروعات الاتفاقيات الدولية. -12 إعداد تصور في مجال التدريب للكفاءات في هذا المجال. -13 دراسة ما يحيله مجلس الجامعة أو الأمانة العامة أو إحدى الدول الأعضاء إلى اللجنة من موضوعات تتصل بحقوق الإنسان وتقديم توصيات في هذا الشأن.
[75]) أنظر: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية المقترحة لحقوق الإنسان – يجب التراجع عن تبني مشروع ميثاق المحكمة وبدء عملية إنشائها بشكل سليم”، منشورا على الموقع الإلكتروني للجنة الدولية الحقوقيين “ICJ – FIDH ” بتاريخ مارس 2014، بحسب الرابط الإلكتروني التالي:
https://www.fidh.org/IMG/pdf/final_pp_arab_court_-_ar-2.pdf
[76]) الفقرات: 1 و2 و3 من المادة (45) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان. أنظر حول هذا بتفصيل أكثر: بومعزة فطيمة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، في القانون العام، قانون المنظمات الدولية وقانون العلاقات الدولية، الصفحة 116
[77]) الفقرة 5 من المادة (45) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
[78]) المادة (47) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
[79]) بومعزة فطيمة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام، مرجع سابق، الصفحة 116.
[80]) المادة (48) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
[81]) قادري عبد العزيز، حقوق الإنسان، مرجع سابق، صفحة 190.
[82]) الفكرة تعودُ في الأصل بحسب الملاحظين حينما أطلقها ملك البحرين “حمد بن عيسى آل خليفة”، في 23 نوفمبر 2011، وذلك خلال تسلمّه تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق والتي أشارت إلى انتهاكات البحرين لحقوق الإنسان خلال تصدّيها للمعارضة الداخلية. ومع ذلك فقد اعتبر البعض أن فكرة المحكمة تفيد المملكة الصغيرة في تبييض سجلها، رغم أنها، لغاية الآن، لم تطبّق توصيات اللجنة المذكورة.
أنظر: حسن عباس. طبخة” سرّية لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان! “. مقال منشور بتاريخ 22/4/2014، على الموقع الإلكتروني لـ “الرصيف 22″ بحسب الرابط الإلكتروني التالي: http://raseef22.com/politics/2014/04/22/1-/طبخة-سرية-لإنشاء-محكمة-عربية-لحقوق
[83]) أنظر: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية المقترحة لحقوق الإنسان – يجب التراجع عن تبني مشروع ميثاق المحكمة وبدء عملية إنشائها بشكل سليم”، ص6، منشورا على الموقع الإلكتروني للجنة الدولية الحقوقيين “ICJ – FIDH ” بتاريخ مارس 2014، بحسب الرابط الإلكتروني التالي:
https://www.fidh.org/IMG/pdf/final_pp_arab_court_-_ar-2.pdf
[84]) أنظر: حسن عباس. طبخة” سرّية لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان! “. على الموقع الإلكتروني السابق.
[85]) أنظر: د. محمد أمين الميداني. “أصبح لدينا محكمة عربية لحقوق الإنسان”. مقال منشور على الموقع الإلكتروني لـ” المركز العربي للتربية على القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان ACIHL” ، المرجع السابق.
[86]) وتنص المادة 52 أعلاه على أنه: “يمكن لأية دولة طرف أن تقترح ملاحق إضافية اختيارية لهذا الميثاق ويتخذ في إقرارها الإجراءات التي تتبع في إقرار تعديلات الميثاق”.
[87]) أنظر: حسن عباس. ” طبخة سرّية لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان! “. على الموقع الإلكتروني السابق.
[88]) قادري عبد العزيز، حقوق الإنسان، المرجع السابق، الصفحة 191
[89]) علام وائل احمد. “الميثاق العربي لحقوق الإنسان، دراسة حول دور الميثاق في تعزيز حقوق الإنسان في جامعة الدول العربية”. الصفحة من 202 إلى 209.
[90]) وتنص المادة 19 المذكورة أعلاه على أنه: “يحق للدولة الطرف التي يدعي أحد رعاياها أنه ضحية انتهاك حق من حقوق الإنسان اللجوء للمحكمة بشرط أن تكون الدولة الشاكية والدولة المشكو في حقها طرفا في النظام الأساسي، أو أن تكون قد قبلت اختصاص المحكمة على النحو المشار إليه في المادة 20 من هذا النظام.
يجوز للدول الأعضاء عند المصادقة أو الانضمام للنظام الأساسي أو في أي وقت لاحق قبول أن تقوم منظمة أو أكثر من المنظمات الوطنية غير الحكومية المعتمدة والعاملة في مجال حقوق الإنسان لدى ذات الدولة التي يدعي أحد رعاياها أنه ضحية انتهاك حق من حقوق الإنسان باللجوء إلى المحكمة.”
[91]) ومنها اللجنة الدولية للحقوقيين والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان. أنظر: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية المقترحة لحقوق الإنسان – يجب التراجع عن تبني مشروع ميثاق المحكمة وبدء عملية إنشائها بشكل سليم”، منشورا على الموقع الإلكتروني للجنة الدولية الحقوقيين “ICJ – FIDH ” بتاريخ مارس 2014، بحسب الرابط الإلكتروني التالي: https://www.fidh.org/IMG/pdf/final_pp_arab_court_-_ar-2.pdf
[92]) أنظر: د. محمد أمين الميداني. “أصبح لدينا محكمة عربية لحقوق الإنسان”. مقال منشور على الموقع الإلكتروني لـ” المركز العربي للتربية على القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان ACIHL” ، المرجع السابق.
[93]) أنظر مقالا بعنوان: “ما الذي فعلته جامعة الدول العربية لحقوق الإنسان؟ “، منشورا بتاريخ: 11/12/2015، على الموقع الإلكتروني لـ “الرصيف 22″ بحسب الرابط الإلكتروني التالي: http://raseef22.com/politics/2015/12/11/ /ما-الذي-فعلته-جامعة-الدول-العربية-لحقو
[94]) أنظر: حسن عباس. ” طبخة سرّية لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان! “. على الموقع الإلكتروني السابق.
[95]) أنظر: تقرير بعنوان: “المحكمة العربية لحقوق الإنسان المقترحة: آلية فارغة بدون إدخال تغييرات جوهرية على مسودة النظام الأساسي” منشور بتاريخ: 6 جوان 2014، على الموقع الإلكتروني لـ “مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” بحسب الرابط الإلكتروني التالي:http://www.cihrs.org/?p=8711
[96]) تنص الفقرة الثالثة من المادة 19 المذكورة أعلاه على أنه: “للجنة حقوق الإنسان العربية (المنبثقة عن الميثاق) أن تحيل الشكاوى الفردية المقدمة إليها إذا استحال تسويتها وديا).”
[97]) أنظر: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية المقترحة لحقوق الإنسان – يجب التراجع عن تبني مشروع ميثاق المحكمة وبدء عملية إنشائها بشكل سليم”، منشورا على الموقع الإلكتروني للجنة الدولية الحقوقيين “ICJ – FIDH ” بتاريخ مارس 2014، بحسب الرابط الإلكتروني السابق، ص3، وانظر كذلك: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية لحقوق الإنسان المقترحة: آلية فارغة بدون إدخال تغييرات جوهرية على مسودة النظام الأساسي” منشور بتاريخ: 6 جوان 2014، على الموقع الإلكتروني لـ “مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” بحسب الرابط الإلكتروني السلابق.
[98]) أنظر: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية المقترحة لحقوق الإنسان – يجب التراجع عن تبني مشروع ميثاق المحكمة وبدء عملية إنشائها بشكل سليم”، منشورا على الموقع الإلكتروني للجنة الدولية الحقوقيين “ICJ – FIDH ” بتاريخ مارس 2014، بحسب الرابط الإلكتروني السابق، ص7، وانظر أيضاً: حسن عباس. ” طبخة سرّية لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان! “. على الموقع الإلكتروني السابق.
[99]) أنظر: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية المقترحة لحقوق الإنسان – يجب التراجع عن تبني مشروع ميثاق المحكمة وبدء عملية إنشائها بشكل سليم”، منشورا على الموقع الإلكتروني للجنة الدولية الحقوقيين “ICJ – FIDH ” بتاريخ مارس 2014، بحسب الرابط الإلكتروني السابق، ص7، وانظر كذلك: تقريرا بعنوان: “المحكمة العربية لحقوق الإنسان المقترحة: آلية فارغة بدون إدخال تغييرات جوهرية على مسودة النظام الأساسي” منشور بتاريخ: 6 جوان 2014، على الموقع الإلكتروني لـ “مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” بحسب الرابط الإلكتروني السابق.
اترك تعليقاً