مقالة قانونية عن الطب الشرعي في المغرب
الطب الشرعي وسيلة هامة لتحقيق العدالة
حقق تطورا في المغرب ويعاني نقصا في الأطر البشرية المختصة
حقق الطب الشرعي، خلال السنين الأخيرة، تطورا كبيرا، وبالمقابل مازال يعرف نقصا ملحوظا في ما يتعلق بتخصص الطب الشرعي، إذ أن واقع الطب الشرعي بالمغرب مازال في مراحل تكوينه الأولى، الأمر الذي يقتضي من مختلف الجهات المعنية الاهتمام بهذا القطاع.
ولجأ المغرب في سياق الإعداد لتغطية الخصاص في مجال الطب الشرعي عبر التراب الوطني إلى إحداث دبلوم في تخصص الطب الشرعي بكلية الطب خصص لأطباء مراكز حفظ الصحة بمختلف المدن، وفاق عددهم 50 طبيبا، بالإضافة إلى ثمانية أطباء على رأسهم أستاذ جامعي يشغل في الوقت نفسه منصب مدير للمعهد.
ويرى المتتبعون أن تطوير العدالة الجنائية يرتبط بمدى دور الخبرة القضائية في هذا المجال، التي يشكل الطب الشرعي أحد أهم مجالاتها، إذ يعتبر الطبيب الشرعي خبيرا يختلف دوره من حيث استشارات القاضي له عن باقي الخبراء الآخرين، لما تتسم به مهمته من خطورة في البحث والتحقق والتحري في الجرائم، والتوصل إلى مرتكبيها، وكذا في توجيه المحكمة، إذ لا يقوم لدى القاضي مجال يتسع للتأويل في نتيجة الطبيب الشرعي، نظرا لارتباطه بمعطيات طبية تقنية محضة.
ويصنف الطب الشرعي ضمن العلوم التي يعتمد عليها العلم الجنائي للتوصل إلى حقائق ونتائج بخصوص البحث في القضايا الجنائية المعروضة على العدالة، فهو المعتمد من طرف رجال القضاء والضابطة القضائية، المكلفين بالبحث في الجنايات والجنح، وهي الحقائق الطبية المطبقة على مقتضيات القانون.
ولعب الطب الشرعي دورا كبيرا في تشخيص الجريمة، وفي تحديد الفعل الإجرامي ونتائجه، إذ يؤثر بصفة مباشرة على تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة وعلى التكييف القانوني للوقائع، ويظهر ذلك جليا في حالة الوفاة وفي الجروح بمختلف أشكالها ومسبباتها.
ويرى المختصون أن الطب الشرعي لا يقوم فقط على تنظيم التقارير الطبية أو تشريح الجثث، بل هو علم بذاته له الأهمية التي هي للعلوم الطبية، وعليه أن يواكب التطورات الحديثة والمتسارعة، والنظريات المتقدمة في التشخيص والتحليل، إلا أنه خلافا لما هي عليه الفروع الطبية الأخرى يتميز عنها بوظيفة أساسية هادفة في أكثر الأحيان إلى خدمة العدالة والقانون، ما يزيد في سمو مهمة الطبيب الشرعي ومسؤوليته.
وإذا كانت فروع الطب الشرعي متنوعة، فإن من أهمها ما يتعلق بموضوع الأسلحة النارية نظرا لما يحتاجه هذا الأمر من تقنية مضافة لدى الطبيب الشرعي وإلمام متزايد يواكب تطور هذه الأسلحة وتجدد أنواعها، مما من شأنه أن يعزز دوره في كشف الألغاز لكثير من الجرائم التي أصبح فيها استعمال الأسلحة النارية، حينها يساهم بذلك في إظهار الحقيقة عن طريق المساعدة على التعرف على مطلق الناس والمساهمين في الجرم، وما إذا كان في الأمر قتل أو انتحار، بالإضافة إلى تحديد الظروف المادية الأخرى التي رافقت تنفيذ الجرم، فبقدر ما يكون الطبيب الشرعي مدركا لمكامن هذا العلم وملما بخباياه، بقدر ما يكون فاعلا في تحقيق العدالة.
خالد العطاوي
اترك تعليقاً