خصائص الشركة القابضة
أ/ عيسي العماوي
يرجع أصل هذه الشركة إلى نهاية القرن التاسع عشر في أمريكا، ثم عرفت في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى ويفسر انتشار الشركات القابضة كوسيلة فعالة لتجميع وتركيز المشاريع بالفائدة التي تمثلها هذه الشركات للمشاريع المتجمعة في إطار الشركة القابضة التي تسيطر عليها.
وهذه الشركة يمكن أن تؤمن تحقيق رقابة مستقرة على شركات المجموعة التي تنتمي إليها وقد أقره قانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997 وتعديلاته باب للشركة القابضة بالمواد (204-208).
فما معنى الشركة القابضة وما هي خصائصها؟
نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة بإيجاز شديد، فنبدأ بتعريف الشركة القابضة Holding Company فنقول أن القوانين المقارنة اختلفت حيال تعريف هذه الشركة، ولكن العنصر الأساسي من عناصر التعريف الذي لا خلاف عليه هو أن الهدف الرئيس لهذه الشركة هو المشاركة في رأسمال شركة أو عدة شركات أخرى بغرض السيطرة عليها، وتسمى هذه الشركات التي تسيطر عليها الشركة القابضة بأنها شركات تابعة كما تسمى القابضة أحياناً باسم “الشركة الأم” وقد عرّفتها المادة (204) من قانون الشركات الأردني (هي شركة مساهمة عامة تقوم بالسيطرة المالية والإدارية على شركة أو شركات أخرى تدعى التابعة).
يوجب بعض القوانين أن تقتصر غايات الشركة القابضة على غاية واحدة هو المساهمة في رأسمال شركات أخرى بغرض السيطرة عليها وإدارة محفظة الأوراق المالية التي تمتلكها في الشركات التابعة، ولا تجيز لها أن تمارس أي نشاط اقتصادي آخر ويسمح البعض الآخر من القوانين ومن ضمنها قانون الشركات الأردني بالمادة (205) للشركة القابضة أن تمارس أعمالاً أخرى إلى جانب الغاية الأساسية وهو إدارة الشركات التابعة لها أو المشاركة في شركات أخرى التي تساهم باستثمار أموالها في الأسهم والسندات والأوراق المالية وتقديم القروض والكفالات والتمويل للشركات التابعة لها وتملك براءات الاختراع والعلامات التجارية.
ويرى بعض فقهاء القانون التجاري أن الشركة القابضة ظاهرة قانونية للتركيز الاقتصادي بين المشاريع، فهي وسيلة من وسائل تجمع الشركات، بحيث تعتبر في الواقع إطاراً قانونياً للتركيز على أساس من الرقابة في الإدارة والمشاركة في رأس المال.
وتتحقق سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة من خلال السيطرة على سلطة اتخاذ القرار في الشركات التابعة عن طريق التمتع بأغلبية التصويت في الهيئات العامة ومجالس إدارات تلك الشركات وتتمكن الشركة القابضة من إحراز هذه السيطرة عن طريق تملكها أغلبية الأسهم في رأسمال الشركة التابعة وينص على ذلك قانون الشركات الأردني بالمادة (204/أ)على وجوب أن تتملك الشركة القابضة أكثر من نصف رأسمالها و/أو أن يكون لها السيطرة على تأليف مجلس إدارتها في الشركة التابعة، كما يجيز بعض القوانين بأن تتحقق سيطرة الشركة القابضة على الشركة التابعة عن طريق الاتفاق مع باقي المساهمين، تتمتع بموجبه بالسيطرة على تأليف مجلس إدارتها أياً كانت نسبة الأسهم التي تمتلكها الشركة القابضة في رأسمال الشركة التابعة.
ولا تعتبر الشركة القابضة شكلاً قانونياً جديداً يضاف إلى أشكال الشركات ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة والمعروفة في قانون الشركات أنها تتخذ شكل الشركة المساهمة فلا يجوز لأنواع الشركات الأخرى مثل شركات التضامن وشركات ذات المسؤولية المحدودة والمساهمة الخاصة والتوصية بالأسهم أن تكون شركة قابضة وفق أحكام المادة (204/أ) من قانون الشركات.
وتحدد عادة القوانين المقارنة العلاقة المالية والإدارية بين الشركة القابضة والشركات التابعة، ونبين على ذلك بعض الأمثلة على النحو التالي:
1. حظر قانون الشركات الأردني تملك الشركة التابعة لأسهم الشركة القابضة، حماية للغير ومنعاً لصورية رساميل الشركات.
2. يوجب قانون الشركات الأردني على الشركة القابضة أن تبين في ميزانيتها أسهم شركاتها التابعة ونوع الأسهم أو الحصص التي تساهم بها الشركة القابضة فيها، كما ألزم الشركات التابعة أن تبين في ميزانيتها ديونها والتزاماتها تجاه الشركة القابضة والشركات الأخرى التابعة للشركة القابضة نفسها.
3. يوجب بعض القوانين أن تعمل الشركة القابضة على أن تتفق السنة المالية لكل شركة من شركاتها التابعة مع السنة المالية للشركة القابضة ذاتها، ومن ثم يجب على الشركة القابضة أن تضع أمام المساهمين فيها في نهاية السنة المالية، وفي اجتماع الهيئة العامة للشركة القابضة ميزانية مجمعة وبيانات الأرباح والخسائر والتدفقات النقدية لها ولجميع الشركات التابعة لها وفق معايير وأصول المحاسبة والتدقيق الدولية والهدف من ذلك إعطاء صورة واضحة لكل مساهم في الشركة القابضة عن الوضع المالي للشركة القابضة والشركات التابعة لها.
4. كما أن بعض القوانين يلزم الشركة القابضة بأن تلتزم العدالة في تصرفاتها حيال أقلية المساهمين في شركاتها التابعة، وأن تمتنع عن أي سلوك من شأنه الإضرار بمصالح هذه الأقلية ولهذا تعتبر الشركة القابضة مسؤولة مسؤولية تقصيرية في إدارة الشركة التابعة، وذلك إذا ثبت اتخاذها قرارات من شأنها الإضرار بمصالح هذه الأقلية أو أن الشركة القابضة كانت تهدف من وراء إدارتها إلى تحقيق مصالحها فقط في الشركة التابعة على حساب مصالح المساهمين الآخرين ولا بد من معالجة هذا الأمر بنظام الشركات القابضة وفق أحكام المادة (206/ب) من قانون الشركات.
5. أجازت المادة (205/ج) بأن تقدم الشركة القابضة القروض والكفالات والتمويل إلى الشركة التابعة عندما تتعرض الأخيرة لأزمة مالية أثناء قيامها بنشاطها التجاري وفي هذه الحالة يمكن أن ينص الاتفاق على أن تتحمل الشركة القابضة جزءاً من الخسائر التي قد تصيب الشركة التابعة بيد أنه ليس ثمة ما يمنع أن يكون مثل هذا الاتفاق عكسياً، بحيث يتفق على أن تقدم الشركة التابعة العون المالي إلى الشركة القابضة عند الضرورة وهذه يتطلب تعديل نص المادة (205) من قانون الشركات.
6. كما يجيز بعض القوانين ومن ضمنها قانون الشركات الأردني بالمادة (205/أ) أن يتم الاتفاق على أن تقوم الشركة القابضة بتقديم بعض الخدمات الإدارية أو الفنية إلى الشركة التابعة، كأن تبرم اتفاقات تشغيل أو إدارة بين الشركة القابضة والشركة التابعة تتولى الأولى بموجبه أعمال الإدارة اليومية للشركة التابعة، كذلك قد يتضمن الاتفاق النص على تقديم خدمات الشركة القابضة إلى الشركة التابعة فيما يتعلق بعمليات التسويق والمحاسبة أو القيام بالأبحاث الفنية اللازمة لنشاط الشركة التابعة وتهدف مثل هذه الاتفاقيات إلى مساعدة الشركات التابعة بما يتوافر لدى الشركة القابضة من خبرة واسعة في مثل تلك الأمور، ما يوفر للشركات التابعة جزءاً لا يستهان به من نفقاتها مقابل أن تحصل الشركة القابضة على نسبة معينة من النفقات العامة التي تتحملها الشركة التابعة وهذا يتطلب إيضاح في نظام الشركة التابعة وفق أحكام المادة (206/ب).
وعلى الرغم من أن الشركة التابعة تتمتع بشخصية معنوية مستقلة وذمة مالية منفصلة عن ذمة الشركة القابضة، فإن الاتجاهات القضائية في بعض الدول تذهب إلى تقرير مسؤولية الشركة القابضة عن ديون شركاتها التابعة، على أساس أن الشركة القابضة وشركاتها التابعة تمثل وحدة اقتصادية واحدة وفي مجال العلاقة العمالية يذهب بعض الأحكام القضائية في بعض الدول إلى اعتبار الشركة القابضة هي رب العمل الحقيقي لعمال الشركة التابعة، ومن ثم فإن الشركة القابضة تسأل عن أجور عمال الشركة التابعة، وأنه إذا قامت الشركة القابضة بنقل عمالها للشركة التابعة فإن الشركة القابضة تظل هي رب العمل الحقيقي علماً بأن القضاء الأردني لم يعرض عليه مثل هذه السوابق.
اترك تعليقاً