مقدمة:
تعتبر ظاهرة عمالة الأطفال من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمع المصري في السنوات الأخيرة ، فقد بلغ حجم عمالة الأطفال في مصر ، وفق تقديرات منظمة العمل الدولية نحو ما يقرب من 2.2 مليون طفل ، بنسبة تصل إلى 26%، . ووفقا لآخر احصائية للجهاز المركزي للتعبئة و الإحصاء لسنة 2013، فإن حجم عمالة الأطفال يبلغ نحو 1.6 مليون طفل، منهم 83% يعملون فى الريف مقابل 16% فى المدن ، وأن 46% من أجمالي هؤلاء الأطفال العاملين يتراوح من 15 إلى 17 سنة ، وأن 78% منهم من الذكور و 21% من الإناث ، وأن عدد ساعات العمل التي يقضيها هؤلاء الأطفال في العمل تتعدي أكثر من 9 ساعات يومياً في المتوسط ، و أكثر من ستة أيام في الأسبوع. أي أن عدد ساعات العمل بالنسبة للطفل قد تتجاوز عدد ساعات عمل للكبار .
و وفقا للدراسات الاحصائية الصادرة عن مركز الطفل العامل، فإن حجم عمالة الأطفال يبلغ نحو 3 مليون عامل ، يمثلون ثلث الشريحة العمرية الموجودة بالتعليم الأساسي، وطبقا للمسح القومي لظاهرة عمل الأطفال في مصر والصادر عن المجلس القومي للطفولة والأمومة فإن هناك ٢.٧٦ مليون طفل عامل في مصر ، يمثلون حوالي ٢٦% أي أكثر من خمس الأطفال في الشريحة العمرية من ١٦:١٤ سنة .
و رغم تباين الإحصائيات السابقة وعدم دقتها إلي أن جميعها تشير إلي ارتفاع حجم عمالة الأطفال في مصر، مما يجعلها تشكل – بحق- ظاهرة تستحق الدراسة نظرا لتداعياتها الخطيرة وآثارها علي المجتمع بأسره .
و في اطار هذا الهدف تم وضع خطة عمل في العيادة اشترك فيها طلاب كلية الحقوق بالتعاون مع الباحثين الاجتماعيين والنفسين من كلية الاداب لعمل بحث ميداني عن عمالة الأطفال وتقديم تقرير بهذا الشأن.
ويهدف البحث إلي:
1- التعرف على العوامل الاجتماعية والاقتصادية المؤدية إلى خروج الأطفال للعمل فى سن مبكرة.
2- التعرف على طبيعة الأعمال التى يؤديها الأطفال وأوقات ممارستها، وكيفية إنفاق الأجور.
3- معرفة درجة رضا الأطفال العاملين أثناء قيامهم بهذه الأعمال.
4- معرفة درجة التزام رب العمل بالقواعد الواردة في قانون العمل والتأمينات الاجتماعية .
5- مراجعة القانونين القائمة وتقديم مقترحات في هذا الشأن.
6- وضع رؤية استشرافية للحد من انتشار ظاهرة عمالة الأطفال مستقبلاً.
وتنفيذا لهذا الهدف قام فريق العمل بالعيادة القانونية بالانتقال إلي أماكن عمالة الأطفال ، وعقد مقابلات معهم ، وعمل استبيانات . وكذلك تم التواصل مع مركز الأمومة والطفولة ، وبعض منظمات المجتمع المدني المعنية بهذه القضية .
وانتهي البحث الميداني إلي عدد من النتائج أهمها:
– أن أكثر نسبة من عمالة الأطفال تقع بين الذكور تتواجد في الورش الفنية ( الحدادة والخراطة المكانيكا ) وقيادة المركبات الصغيرة (التوكتك ) ، والعمل فى محلات الحلاقة . المساعدة في أعمال البناء (المناولة ….الخ.
– يتركز عمل الاناث في الحقول خاصة في مواسم الجني والحصاد ( عاملات التراحيل ) ويتم نقل الأطفال إلي هذه المزارع نقلا جماعيا غير انساني مما يعرضهم لكثير من المخاطر ، حيث يتم تجميع العشرات من الأطفال في سيارات نصف نقل مكشوفة، وحشدهم فجرا الي المزارع بالمناطق الصحراوية التي تبعد مئات الكيلومترات عن المنوفية، مما يؤدي الي اصابة الأطفال بالنزلات الشعبية والأمراض الصدرية، بالإضافة الي وقوع العشرات من الحوادث التي تتكرر شهريا، ويروح ضحيتها المئات من الأطفال.
– يشترك الأطفال من الجنسين في بعض الأعمال أهمها مصانع لإنتاج دخان المعسل التي تسبب أضرارا صحية بالغة وهناك حالات كثيرة تركت هذا العمل بعد إصابتها بأمراض صدرية مزمنة.
– أن اعمار الأطفال العاملين تتراوح بين (9 إلى 15 سنة).
– أن غالبية الأطفال العاملين كانوا فى المراحل التعليمية وتم تركها للعمل تهربا من المدرسة خاصة في مرحلة الاعدادي .
– ان عدد أفراد أسرتهم تتكون من 5 إلى 7 أفرد.
– تنوع مدد العمل ما بين ( موسمية – مؤقتة الاجازات الصيفية –دائمة ).
– أن خروج الأطفال إلي العمل في هذه السن المبكرة ليس بالضرورة راجعا إلي تفكك الأسرة أو انفصال الأبوين.
– أن عمل الأطفال ليس بالضرورة بدافع إعالة أسرتهم ولكن يرجع للعوامل أخرى بهدف اقتناء أشياء تعجز اسرهم عن توفيرها وكذلك بهدف توفير المصروف للسنة الدراسية وللالتحاق (للأسف) بالدروس الخصوصية. أي أن العمل كان بدافع البحث علي حلول بديلة للمشكلة التي يواجهها الطفل .
– أثبت الدراسة ان الاطفال العاملين يقضون اكثر من 10 ساعات فى العمل خارج منازلهم مما يمثل انتهاكا صارخا لقانون العمل لعدم وجود رقابة على أصحاب الاعمال وسوق العمل.
– توصلت الدراسة إلى وجود تضارب واختلافات فى الاراء حول رضاء الاطفال العاملين من عدمه بمهنتهم.
– ضآلة الأجر الذي يتقاضاه الطفل العامل فدخلهم الأسبوع يتراوح من 20 بين جنيه الى 90 جنية.
– اكدت حالات الدراسة عدم تناسب طبيعة العمل مع حالة الطفل الجسمانية مما يشكل خطرا بالغا علي صحته ونموه .
– أن الغالبية العظمي من الأعمال التي يقوم بها الأطفال تتمثل في ( ورش الحدادة والخراطة – مصانع لإنتاج المعسل – الحقوق الزراعية – سائقي توكتك ) وكلها أعمال لاتتناسب مع أعمارهم فضلا عن كونها تتسم بالخطورة .
– اكدت حالات الدراسة أن كثير من الأطفال العاملين أصابهم أمراض وتشوهات جسمانية تتنوع ما بين أمراض العيون – وتشوهات فى الجسم من جروح وحروق – الأمراض الصدرية ) مما يشير إلي غياب التفتيش الدوري علي أصحاب الأعمال وغياب التأمين علي الأطفال العاملين .
الأسباب والدوافع التى تدفع الطفل وأسرته للتساهل فى خروجه للعمل:
لاشك أن سوء الأحوال الاقتصادية في المجتمع المصري ، وانتشار الفقر وارتفاع نسبة الأمية ، تدني مستوي التعليم علي اختلاف أنواعه، فضلا عن نقص الوعي المجتمعي لدي الأسر المصرية وعدم الادراك لأهمية التعليم، وعدم الثقة في النظام التعليمي خاصة في ظل تزايد نسبة البطالة بين المتعلمين، والحاجة الماسة للمال شجع الأسر علي الدفع بأبنائها في سن مبكرة للخروج لسوق العمل الذي يعد بمثابة طوق نجاه لأسرهم رغم المخاطر التي يتعرض لها الأطفال صحيا واجتماعيا ونفسيا خاصة في ظل غياب الرقابة القانونية والمجتمعية علي ارباب الأعمال وعدم فاعليه القوانين القائمة وعدم كفايتها لضمان احترام حقوق الطفل .
أولا: الدستور المصري 2014:
*حرص الدستور المصري لسنة 2014 علي تحديد مرحلة الطفولة وذلك في نص المادة (80) بأنه يعتبر طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشر من عمره ،ومد مظلة التعليم الاساسي حني نهاية المرحلة الثانوية أو مايعادلها (م 19) وأكد الدستور في المادة (80/3) علي التزام الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميعأشكال العنف والإساءة وسوءالمعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري ، ونص في الفقرة الرابعة من ذات المادة علي حظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن اتمام التعليم الاساسي ،وأضاف بأنه يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر .
ونستخلص من هاتين المادتين حرص المشرع الدستوري علي تحديد المرحلة العمرية لسن الطفولة ،ومنعه من حيث المبدأ تشغيل الطفل في هذه السن المبكرة إلا أنه بإضافته عبارة يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر، يفيد أنه أباح تشغيل الطفل في مرحلة الطفولة وفق ضوابط معينه ، بحيث يكون العمل الذي سيلتحق به الطفل مأمون العواقب ولا يؤثر سلبا علي حالته الصحية والنفسية ولا يؤثر علي استمراره بالتعليم .
ثانيا: قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996:
وفقا للمادة (2) من هذا القانون فإنه يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كل من لم يبلغ ثماني عشرة سنة ، وتعدد صورة الرعاية وفق أحكام هذا القانون إلي ( الرعاية الصحية –الاجتماعية –الرعاية البديلة – الحماية من أخطار المرور )، إلا أن المادة (59/1) من ذات القانون قصرت مرحلة التعليم الأساسي علي الحلقتين الابتدائية والإعدادية دون الثانوية . ولذا فإنه يتعين تعديل هذا النص بما يتوافق مع أحكام الدستور وباقي القوانين ذات الصلة .
وأفرد المشرع في الباب الخامس فصلا كاملا (الفصل الأول المواد من 64: 69) يتناول فيه الأحكام والقواعد المنظمة لرعاية الطفل العامل (السن – طبيعة العمل- التزامات رب العمل – المكافأة أو الأجر ) إذ تنص المادة 64 من القانون المذكور علي حظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم أربع عشرة سنة ميلادية ، كما يحظر تدريبه قبل بلوغ اثنتي عشر سنة ، وأجاز المشرع في الفقرة الأخيرة من ذات المادة الترخيص بتشغيل الأطفال من سن اثنتي عشرة إلي أربع عشرة سنة في أعمال موسمية مأمونة المخاطر بحيث لاتضر بصحتهم أو نموهم ولا تخل بمواظبتهم علي الدراسة ، وإجازة تشغيلهم في هذه الأعمال مرهون بصدور قرار من المحافظ المختص بعد موافقة وزير التعليم، وأحال القانون للائحة التنفيذية لبيان نظام تشغيل الأطفال والظروف والشروط والأحوال التي يجوز فيها التشغيل .
ولاشك أن فتح باب الاستثناءات بالسماح بتدريب الأطفال اعتبارا من 12 سنة، يعد ثغرة يمكن أن يتسلل منها أصحاب الأعمال لتشغيلهم عند هذه السن تحت ذريعة تدريبهم لتعلم مهنة.
كما أن السماح للأطفال بين 12 – 14 سنة بالاشتغال فى أعمال موسمية تكون عادة فى الزراعة التى لا يخضع العاملين بها صغاراً أو كباراً لأحكام قانون العمل وبالتالي لايلتزم فيها صاحب العمل بأي قواعد في تشغيل الأطفال والتي يحدث فيها انتهاكات صارخة لحقوق الطفل.
ثالثا: قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008:
تنص المادة (98) علي أنه يعتبر طفلا- في تطبيق أحكام القانون – كل من بلغ الرابعة عشرة سنة أو تجاوز سن إتمام التعليم الأساسي ولم يبلغ ثماني عشرة سنة كاملة. ويلتزم كل صاحب عمل يستخدم طفلا دون سن السادسة عشرة بمنحه بطاقة تثبت أنه يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل وتعتمد من مكتب القوي العاملة المختص
تنص المادة (99) علي أنه يحظر تشغيل الاطفال من الاناث والذكور قبل بلوغهم سن اتمام التعليم الاساسى، او اربع عشرة سنة أيهما اكبر، ومع ذلك يجوز تدريبهم متى بلغت سنهم اثنتى عشرة سنة.
تنص المادة (100) علي أنه يصدر الوزير المختص قرارا بتحديد نظام تشغيل الأطفال والظروف والشروط والأحوال التي يتم فيها التشغيل. وكذلك الأعمال والمهن والصناعات التي يحظر تشغيلهم فيها وفقا لمراحل السن المختلفة .
تنص المادة (101) علي أنه يحظر تشغيل الطفل أكثر من ست ساعات يوميا ، ويجب أن تخلل ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة ، وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يشتغل الطفل أكثر من أربع ساعات متصلة ، ويحظر تشغيل الطفل ساعات عمل إضافية أو تشغيله في أيام الراحة الأسبوعية والعطلات الرسمية .وفي جميع الأحوال يحظر تشغيل الطفل فيما بين الساعة السابعة مساء والسابعة صباحا .
كما ألزمت المادة 102 صاحب العمل الذي يقوم بتشغيل طفل أوأكثر علي القيام بالتالي :
- أن يعلق في مكان ظاهر في محل العمل نسخة تحتوى على الأحكام التي يتضمنها هذا الفصل .
- أن يحرر كشفا موضحا به ساعات العمل وفترات الراحة .
- أن يبلغ الجهة الإدارية المختصة بأسماء الأطفال العاملين لديه والأعمال المكلفين بها وأسماء الأشخاص المنوط بهم مراقبة أعمالهم
و نص المشرع علي استبعاد تطبيق أحكام هذا الفصل علي الأطفال الذين يعملون في أعمال الزراعة البحتة بموجب نص المادة 103 من هذا القانون بالرغم من أن الشريحة الأكبر من عمالة الأطفال في مصر تعمل في أعمال الفلاحة البحتة وهذا ما يعتبر إهدارا لحقوق هذه الفئات التي تتعرض للعديد من المخاطر والانتهاكات …
وفيما يتعلق بالعمال المتدرجين فقد أفرد المشرع له الباب الخامس من قانون العمل إلا أنه لم يضع معايير معينة (السن – طبيعة ونوعية العمل ) يمكن من خلالها معرفة المقصود بهذا المصطلح، إذ يعتبر متدرجا وفق المادة 141 كل من يلتحق لدى صاحب عمل بقصد تعلم مهنه أو صنعه ” كما أعطت المادة 143 لصاحب العمل الحق في إنهاء اتفاق التدرج إذا ثبت لديه عدم صلاحية المتدرج أو عدم استعداده لتعلم المهنة أو الصنعة بصورة حسنه . وهو الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لتشغيل الأطفال وإنهاء عملهم وقتما يشاء صاحب العمل تحت ستار التدرج مما يعد ثغرة في القانون تستغل للتحايل علي أحكام القانون وستارا للتحلل من التزامات رب العمل تجاه الطفل العامل مستغلا حالة الضعف والفقر لديه .
رابعا: قانون التأمينات الاجتماعية:
يشترط للخضوع لقانون التأمينات الاجتماعية أن يكون سن المؤمن عليه 18 سنه فأكثر، سواء كان يعمل بالحكومة أو القطاع الخاص مما يعني خروج الطفل من مظلة تطبيق أحكام هذا القانون .
ولذا نهيب بالمشرع المصري مراجعة كافة القوانين المتعلقة بالطفل وحقوقه والقوانين ذات الصلة حني يتحقق التجانس بينها مراعاة لمصلحة الطفل الفضلي.
يبقى لنا تساؤل اخير حول ظاهرة عمالة الأطفال على النحو السابق بيانه ومتى اعتبارها نوعاً أو صورة من صور الاتجار بالبشر ؟
وفقاً للمادة (1) من هذا القانون فانه يقصد بالجماعة الاجرامية المنظمة : الجماعة المؤلفة وفق تنظيم معين من ثلاثة اشخاص على الاقل للعمل بصفة مستمرة او لمدة من الزمن بهدف ارتكاب جريمة محددة أو أكثر من بينها جرائم الاتجار بالبشر وحدها أو مع غيرها وذلك من اجل الحصول بشكل مباشر او غير مباشر على منفعة مادية او معنوية.
كما بينت المادة (2) من يُعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر بأنه كل من يتعامل بأية صورة فى شخص طبيعى بما فى ذلك البيع او العرض للبيع او الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الايواء أو الاستقبال او التسلم سواء فى داخل البلاد او عبر حدودها الوطنية – اذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة او العنف او التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف او الاحتيال او الخداع ، أو استغلال السلطة، او استغلال حالة الضعف او الحاجة، او الوعد بإعطاء او تلقى مبالغ مالية او مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص اخر له سيطرة عليه – وذلك كله- اذا كان التعامل بقصد الاستغلال ايا كانت صورة بما فى ذلك الاستغلال فى اعمال الدعارة وسائر اشكال الاستغلال الجنسى، واستغلال الاطفال فى ذلك وفى المواد الاباحية او السخرة او الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق او الاستعباد، او التسول، او استئصال الاعضاء او الانسجة البشرية، أو جزء منها.
واوضحت المادة(3) أنه لا يُعتد برضاء المجنى عليه على الاستغلال فى اى من صور الاتجار بالبشر، متى استخدمت فيها اية وسيلة من الوسائل المنصوص عليها فى المادة (2) من هذا القانون.
ولا يشترط لتحقق الاتجار بالطفل او عديمى الاهلية استعمال اية وسيلة من الوسائل المشار اليها، ولا يعتد فى جميع الاحوال برضائه او برضاء المسئول عنه او متوليه.
ولا شك ان عمالة الاطفال فى هذا السن المبكرة فى تحت وطأة الحاجة الاقتصادية يعد نوعاً من الاستغلال الاقتصادى، الذى يعد صورة من صور الاتجار بالبشر ، والذى يتجلى فى عدد من الأوضاع مثل بدء العمل فى سن مبكرة ( أقل من 7 سنوات ) ، وهو ما يمثل تحديا صارخا لأحكام قانون الطفل , واستمرار ظاهرة مقاولى الأنفار الذين يستحوذون على جزء من أجر الأطفال مستغلين حالة الضعف او الحاجة لدى زويهم ، وانخفاض أجور الأطفال ، وزيادة عدد ساعات العمل اليومية بالمخالفة لأحكام قانون الطفل ومستويات العمل الدولية . وحرمان الأطفال من كافة أشكال الحقوق المتعلقة بالأجازات والراحات الأسبوعية ، وحقهم فى الحصول على أجورهم عنها وذلك بالمخالفة للاتفاقيات الدولية والتشريع المصرى.
ولذا نرى ان ظاهرة عمالة الاطفال وفقاً لما سبق تمثل بحق احد تطبيقات جريمة الاتجار فى البشر وذلك بقتل روح الطفولة فى مهدها بحرمان الطفل من حقوقه الاساسية التى اكد عليها الدستور فى المادة (80) بالتزام الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع اشكال العنف والاساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى ، وكذلك المادة (89) من الدستور التى تحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من اشكال الاتجار فى البشر، واحالت للقانون بتجريم هذه الصور جميعها.
توصيات ومقترحات البحث:
- يتعين مراجعة القوانين المنظمة لأحكام قانون العمل والتأمين بشأن الطفل العامل في ظل الدستور الحالي الذي مد مظلة التعليم الأساسي للمرحلة الثانوية وتحديده لسن الطفولة .
- ضرورة توفير المساعدات المباشرة الضرورية والملائمة لانتشال وحماية الاطفال من الوقوع فريسة للاستغلال الاقتصادى من قبل ارباب العمل.
- يجب اعادة تأهيل الاطفال العاملين ودمجهم اجتماعيا من خلال اهتمام الدولة بإصلاح منظومة التعليم وتجديدها وتطويرها حتى تكون جاذبه اللطلاب عن طريق ادخال التقنيات الحديثة فى وسائل التعليم وتفعيل جانب الانشطة المهنية وإعطاء الفرصة للطفل لكى يخرج ما لديه من طاقات ومهارات ومواهب .
- الاهتمام بالرعاية الصحية للأطفال العاملين وعمل تأمين صحى لهم.
- دعم وتشجيع قطاعات العمل التطوعى ومؤسسات المجتمع المدنى لعمل المشروعات الانتاجية خاصة المشروعات الاسرية الصغيرة التى تستهدف اسر الاطفال العاملين وإعطاء الأولوية فى الاهتمام للأسر الفقيرة والمفككة المحرومة من احتياجاتها الاساسية.
- تطوير التشريعات القانونية وتعديلها للحد من عمل الاطفال بما يتفق مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية وحقوق الانسان الى جانب تشديد العقوبة على صاحب العمل المخالف للأحكام القانون فى هذا الشأن.
- نشر الوعى وتنمية الثقافة القانونية ذات العلاقة بعمل الاطفال فى سن مبكرة لدى اسر الأطفال العاملين وتوضيح المخاطر والأضرار التي قد تلم بهم وذلك من خلال وسائل الاتصال الجماهيرى خاصة المرئية و والمسموعة
- تكثيف المراقبة والتفتيش على الاماكن التى يعمل بها الاطفال للتأكد من تطبيق احكام قانون العمل والأنظمة والقرارات الصادرة بموجبه.
- تخصيص قاعدة بيانات تتوافر بها المعلومات والإحصائيات الخاصة بعمل الأطفال وتطبيق منهجية علمية لجمع البيانات الاحصائية وتحديثها وتطويرها بشكل دورى يفيد الباحثين فى هذا الصدد.
اترك تعليقاً