دراسة حول دافع اعتماد التحكيم في منازعات عقود الملكية الصناعية
مقدمة:
يعد حق الملكية الصناعية فرعا من فروع الملكية الفكرية إلى جانب حق الملكية الأدبية والفنية. وكجميع الحقوق، تشكل حقوق الملكية الصناعية حقوقا حصرية، تمنح صاحبها احتكارا لاستثمار موضوع الحق، ضمن الدول المطبق فيها الحق[1]، إذ تخول له التمتع بامتيازات الملك المعني أو استعماله، وتهم الممتلكات المعنوية التالية: الاختراعات التقنية (براءات الاختراع)، الاختراعات التزيينية (الرسوم والنماذج الصناعية)، الإشارات المميزة (العلامات، اسم الشركة، التسميات التجارية، التسميات الأصلية والإشارات الجغرافية)[2].
تشكل الملكية الصناعية ثمرة النشاط الإبداعي للفرد في مجال الصناعة والتجارة، إذ تخول له سلطة مباشرة على ابتكاره بغية استغلاله واستثماره[3]، كما أنها تشتمل على حقوق مرتبطة بها[4].
ونتيجة لأهمية حقوق الملكية الصناعية، ظهرت إرهاصات دولية من أجل حمايتها لما قد تتعرض له من خروقات. وقد تبلورت فكرة حماية الملكية الصناعية والتجارية على المستوى الداخلي والدولي[5]. وقد جاء قانون الملكية الصناعية المغربي ليضمن الحماية اللازمة لحقوق الملكية الصناعية طبقا للمعايير الجاري بها العمل، والمنصوص عليها في المعاهدات الدولية التي يعد المغرب طرفا فيها، وذلك من حيث الأهداف العامة التي تحكمه[6]. واعتمد هذا القانون مقتضيات جديدة كنظام التعرض على العلامات التجارية، والتدابير على الحدود بالنسبة للبضائع المشكوك في كونها مزيفة، وتنجز في المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية إجراءات حماية حقوق الملكية الصناعية والتجارية وتطبق القوانين الدولية والوطنية[7].
ونظرا لأن النزاعات المثارة في هذا المجال تتطلب تقنية وخبرة فنية بغية فهم نزاعاتها وحلها كان ولابد من اللجوء إلى وسائل أخرى غير القضاء بغية حل النزاع ألا وهو التحكيم وهو وسيلة ليست بديلة عن القضاء لأنها تجري تحت إشرافه ومن تم فهي بديلة عن بعض المساطر والإجراءات القضائية، ويعرف التحكيم حسب ق 05-08 المغربي بأنه “حل النزاع من لدن هيئة تحكـيمية تتلقى من الأطـراف مهمة الفصـل في النزاع بناء على اتفـاق التحكـيم”[8]، وهو نفس التعريف المعتمد في مشروع قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية المغربي[9]. ويجب التمييز بين التحكيم الوطني والتحكيم الدولي، في كون أن التحكيم الوطني يكون في حالة وجود نزاع يمس دولة واحدة سواء كان النزاع مدنيا أو تجاريا، أما التحكيم الدولي فهو الذي يمس أكثر من دولة[10]، ويعد التحكيم دوليا في حالة ما إذا كان النزاع المعروض للفصل فيه ذا صلة بعقد دولي، ودولية العقد تتحدد وفق المعيار الراجح، وهو وجود عنصر أجنبي فيها سواء تعلق العنصر بمحل إبرام العقد أو بمحل تنفيذه أو بموضوعه أو بأطرافه، كأن يكون أطراف العقد أو أحداهما من الأجانب أو الوطنيين المقيمين بالخارج[11]، ويعتبر دوليا حسب الباب الثالث من مشروع التحكيم والوساطة الاتفاقية المغربي المعنون بالتحكيم الدولي التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي يكون لأحد أطرافه على الأقل موطن أو مقر بالخارج[12].
وتعد أغلب المنازعات المرتبطة بالملكية الصناعية والتي ترتبط بالتحكيم منازعات تتعلق بشأن تنفيذ أو تفسير عقود موضوعها استغلال حق من حقوق الملكية الصناعية، وسنركز على عقد تفويت براءة الاخترع والذي يدخل ضمن العقود البسيطة، وعقد نقل التكنولوجيا الذي يدخل ضمن العقود المركبة، ويعرف عقد تفويت براءة الاختراع بأنه عقد يلتزم بمقتضاه مالك البراءة وهو المفوت بإعطاء الحق في استغلال البراءة إلى شخص أخر هو المفوت له خلال المدة التي يتفق عليها في مقابل حصوله على مبلغ مالي، وذلك دون المساس بملكية البراءة[13]. ويعرف عقد نقل التكنولوجيا حسب أحد الباحثين عقد نقل التكنولوجيا بأنه “الاتفاق الذي يلتزم بمقتضاه مورد التكنولوجيا بتمكين مستوردها من الوصول إلى معلوماته وخبراته، مع السماح له باستغلال حقوق الملكية الصناعية اللازمة لذلك، مقابل ثمن يؤديه المستورد”، ويتميز عقد نقل التكنولوجيا بكونه عقد معقد وذلك لأنه قد يتضمن تراخيص بالاستغلال لحق أو أكثر من حقوق الملكية الصناعية، كما يمكن أن يتضمن أحد عناصر عقد نقل التكنولوجيا الترخيص باستغلال براءة الاختراع[14] .
ونظرا للتطور التكنولوجي وإلى الاختراعات التي أصبح يعرفها العالم في هذا العصر، إضافة إلى النزاعات المثارة بصدده والتي يتطلب حلها خبرة عالية وسرعة وفعالية أصبح اللجوء إلى التحكيم والدعوة إليه أمر ضروري في هذه المنازعات، الشيء الذي جعلنا نتساءل حول طبيعة منازعات عقود الملكية الصناعية ومدى ملاءمة التحكيم لها؟
وللإجابة عن هذا التساؤل سنتناولها في إطار مبحثين سنتطرق في (المبحث الأول) طبيعة منازعات الملكية الصناعية، وفي (المبحث الثاني) ملاءمة وقابيلة التحكيم في منازعات الملكية الصناعية.
المبحث الأول: طبيعة منازعات الملكية الصناعية:
تعد الملكية الصناعية نتاجا فكريا يرمي إلى تطوير الاقتصاد بغية التطور والاستثمار، هذه الملكية الصناعية تتكون من عدة حقوق، عمل المجتمع الدولي على حمايتها من مختلف المخالفات التي قد تتعرض لها، ومن بين حقوقها سنركز على حق براءة الاختراع الذي من الحقوق المهمة والمتميزة، لما له من طابع خاص إذ يمكن للمخترع إبرام عقد مع طرف آخر بغية تفويته حق استغلال اختراعه، وتتسم المنازعات الناتجة عن الملكية الصناعية بأن لها طابع خاص متمثل في كونها معقدة نظرا لكيفية تكوين بعض العقود الناتجة عنها، وكذلك تتميز بأن لها طابع دولي أي أنها لا تتحدد في منطقة أو إقليم معين وإنما قد تهم دولتين أو أكثر.
إن تطور التجارة الدولية والذي هم الملكية الصناعية جعلها تتخذ الطبيعة الدولية المطلب الثاني، بالإضافة إلى طبيعة التعقيد نظرا لكونها قد تتضمن عقود مركبة المطلب الأول.
المطلب الأول: الطبيعة المعقدة:
أصبحت المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية تتخذ طابعا فنيا وقانونيا بالغ التعقيد، الشيء الذي أصبح يحتم عرض النزاعات المرتبطة بها على هيئة تحكيمية ذات خبرة فنية ومهنية متفوقة، وهو ما لا يتوفر في أغلب الأحيان في القاضي. إلا أن تعقيد هذه المنازعات يزداد كلما تعلق الأمر بالعقود الواردة على حقوق الملكية الصناعية، وبما أن البت في أي نزاع كان يتطلب معرفة قانونية وتقنية عالية بغية اتخاذ قرارات عادلة في هذا النزاع، خاصة عندما يتعلق النزاع بالملكية الصناعية لأنها تتكون من حقوق تتطلب المعرفة القانونية والتقنية، من أجل التمكن من فهم خيوط القضية موضوع النزاع، فنظرة القانوني والخبير الفني للنزاع ليست هي نظرة الشخص العادي، لذلك سنخصص الفقرة الأولى للحديث عن الجانب القانوني من التعقيد، على أن نخصص الفقرة الثانية للحديث عن الجانب التقني من التعقيد.
الفقرة الأولى: الجانب القانوني:
تتشكل أهم التعقيدات القانونية في منازعات الملكية الصناعية في العقود المبرمة بصددها وذلك لأن هذه العقود تختلف حسب مصدرها وحسب النظام القانوني الذي صيغت فيه، إلى جانب ذلك فإن هذه العقود تبرم وفق مصطلحات تقنية خاصة بها، وهو ما يفترض في الشخص الذي سينظر في النزاع أن يكون على دراية واسعة بهذه المصطلحات التقنية، والتي يمكن أن تتغير حسب موضوع العقد إذ أن المصطلحات التي تستخدم في العقود المتعلقة ببراءة الاختراع ليست هي نفسها التي تستخدم في العقود المتعلقة بالدوائر المدمجة، فسوء صيغة هذه العقود من طرف من يوكل له حل النزاع يطرح في بعض الأحيان صعوبات كثيرة تحتاج لتجاوزها تجربة كبيرة، فشكل عقود الملكية الصناعية على الصعيد الدولي تعد من بين الصعوبات التي تحملها هذه المنازعات، إذ أن أغلب هذه العقود تجمع في طبيعتها القانونية بين مجموعة من العقود، التي تسمى بالعقود المركبة كعقد البيع وعقد الإيجار وعقد المقاولة، ومن بين العقود المركبة التي تعقد بصدد الملكية الصناعية نجد عقد نقل التكنولوجيا [15]، وهي العقود التي تشتمل على عقدين أو أكثر، ويتم ذلك باتفاق الطرفين على إبرام معاملة بذاك الشكل، إذ تعتبر من موجبات تلك العقود، فهي لا تقبل التفكيك والقطع والاجتزاء بمثابة آثار العقد الواحد، وجميع الحقوق والالتزامات المترتبة عليها تعد وحدة متكاملة[16].
يطرح الشكل التركيبي لهذه العقود صعوبات على مستوى تداخل التزامات الأطراف وتعدد المتدخلين في العقد مما يزيد من تعقيد المنازعات الناتجة عنها، بالإضافة إلى إشكالية تنازع القوانين.
ويعرف تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص بأنه تزاحم قانونين فأكثر لدولتين أو أكثر بشأن حكم علاقة قانونية تـشتمل علـى عنصر أجنبي. فلكي يقوم التنازع، يجب أن نكون بصدد علاقة قانونيـة تـشتمل على عنصر أجنبي، أي أن يكون الأطراف فيها أجانب، أو يكون موضـوعها أو سببها أجنبيا[17]، الشيء الذي يفرض دراية معمقة للأنظمة القانونية الدولية المتعلقة بحماية حقوق الملكية الصناعية، مع الأخذ بعين الاعتبار الاتفاقيات الدولية المتعلقة بها والهيئات والمؤسسات المتداخلة في هذا المجال على الصعيد الدولي، كما يطرح في بعض الأحيان تدخل الأشخاص العامة كأطراف في بعض عقود الملكية الصناعية، مما يطرح إشكالية تتعلق بمبدأ سيادة الدولة القانونية والقضائية، إضافة إلى أنه هناك إمكانية الاصطدام بمفهوم النظام العام، الذي يكون له حضور كبير في ميدان الملكية الصناعية والقوانين المتعلقة بها مما يفرض الحرص الشديد من طرف الجهة التي تعمل على حل المنازعات وذلك للحساسية التي يتميز بها هذا الموضوع[18].
الفقرة الثانية: الجانب التقني:
يعد التحكيم أنجع وسيلة يمكن اللجوء إليها في منازعات الملكية الصناعية وذلك لطبيعة هذه المنازعات التي تتميز بالتعقيد على المستوى التقني، الذي يجد مصدره في الطبيعة التقنية لأغلب حقوق الملكية الصناعية خاصة تلك التي تتعلق بابتكارات جديدة، فالخوض في معرفة سبب النزاع يتطلب معرفة ودراية تامة بالجانب التقني لهذه الحقوق حتى يتسنى للشخص الذي سينظر في النزاع إلى تكوين فكرة مكتملة وواضحة عن النزاع، ونعلم أن الوصول إلى ابتكار جديد يتطلب أبحاثا علمية ودراسات معمقة تعتمد على العديد من العلوم البحثة، وتتجسد خطوات تقديم طلب براءة الاختراع في تقديم المخترع بطلب شهادة براءة الاختراع وذلك بعد استكمال الشروط التالية:
الشروط الموضوعية:
وتتمثل في: أن يكون الاختراع جديدا، وينطوي على خطة إبداعية، وقابلية للتطبيق الصناعي.
– الشروط الشكلية:
يجب على شخص يرغب في الحصول على براءة اختراع أن يودع لدى الهيئة المكلفة بالملكيــة الصناعيــة ملفــا لطلب البراءة وفق الشروط المنصوص عليها قانونا[19].
فعند توفر طلب براءة الاختراع على شروط شكلية وأخرى موضوعية، يتم إيداع الطلب لدى الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية، إلا أن الإدارة تقوم بفحص فقط الجانب الشكلي دون الموضوعي، وذلك لما يتطلبه من خبرة ودراية تامة بمجال الاختراعات والابتكارات، لإعطاء صورة واضحة على هذا الاختراع أو الابتكار الجديد، وبذلك نجد المكاتب الوطنية المكلفة تقف عاجزة عن تقييم الطلبات من أجل الحصول على براءات الاختراع، الشيء الذي يوضح الطبيعة المعقدة من الناحية التقنية لهذه الطلبات، حيث لا يتم اعتماد نظام الفحص التقني السابق للتأكد من عناصر الابتكار المتعلقة بالجدية والصلاحية للتطبيق الصناعي، ويرجع ذلك للتطور الكبير الذي عرفه هذا الميدان وإلى انعدام توفر الإمكانيات اللازمة وعدم توفر خبراء في هذا المجال، وبالرغم من وجود بعض البلدان تتضمن بعض تشريعاتها ما يفيد اعتماد براءة الاختراع، إلا أنها لم تتغلب على الصعوبات التقنية التي تفرضها الابتكارات بل إن المكاتب التابعة لها تعاني من مشكل التعقيد التقني بحدة، فتبذل مجهودات إضافية للتغلب عليها[20]، ومن بين التشريعات المتعلقة بالملكية الصناعية خاصة في مجال براءات الاختراع والتي لا تقوم بفحص طلب براءة الاختراع القانون المتعلق بحماية الملكية الصناعية المغربي[21]. ومن بين المكاتب التي تهتم بمجال براءات الاختراع وتقوم بفحصها نجد المكتب الأوربي لبراءة الاختراع وهو يحتل المرتب الثانية بين المنظمات الأوربية الكبرى، ويهدف هذا المكتب إلى تعزيز ودعم الابتكار لمجتمع قائم على المعرفة في أوربا، فهو يهتم بمجال براءات الاختراع من حماية وتدريب وضمان أعلى معايير الجودة في مجالها، ويوظف هذا المكتب 7000 موظف من أكثر من ثلاثين دولة من أجل الارتقاء بمجال براءة الاختراع[22].
وبغية التغلب على الطبيعة المعقدة لمنازعات الملكية الصناعية، نجد بعض الدول قد قامت بانتداب خبراء متخصصين إلى جانب القضاة لحل المنازعات، مثال ذلك النمسا، بالإضافة إلى خلق محاكم مختصة في نزاعات الملكية الصناعية، إذ تم خلق عشر محاكم مختصة في منازعات براءة الاختراع كما هو الحال في فرنسا وفي بعض الدول الأوربية كألمانيا وفنلندا وسويسرا وإيطاليا التي يصل عدد المحاكم المتخصصة فيها إلى 260 محكمة[23].
المطلب الثاني: الطبيعة الدولية:
أصبح مجرد الحديث عن منازعات الملكية الصناعية يحيل تصورنا على الطابع الدولي، وذلك لما تتوفر عليه هذه المنازعات من عناصر تجعل النزاع يأخذ منحا دوليا، والمتمثل في وجود عنصر أجنبي في موضوع النزاع مما يجعله يتخذ الطبيعة الدولية، ومنازعات الملكية الصناعية تعرف بأنها دولية وذلك نظرا لكون العقد المبرم بشأنها يتخذ طابع العقود الدولية ، وذلك لوجود عنصر أجنبي المتمثل إما في وجود طرفي العقد من جنسيتين مختلفتين أو إبرامه في مكان غير موطن الطرفين، ولعل الطبيعة الدولية لمنازعات الملكية الصناعية تتمثل في جانبين مهمين هما: الجانب الاقتصادي وهو ما سنتطرق إليه في الفقرة الأولى، والجانب القانوني وهو ما سنتطرق إلى في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: الجانب الاقتصادي:
تعتبر حقوق الملكية الصناعية أدوات اقتصادية بامتياز، وقد تعاظم دورها بشكل كبير في الزمن المعاصر، أي زمن العولمة وذلك من منطلق ارتباطها بالاستغلال الصناعي والتجاري للمقاولات، فهي تمثل أدوات لحماية نتاج الفكر الإنساني، وأداة لتنظيم العلاقات داخل السوق سواء فيما يتعلق بكيفية استغلال الحقوق الناتجة عنها أو فيما يخص الوظيفة الأصلية المتصلة بالبعض منها، وهو ما يجعل أهميتها تتزايد بازدياد أهمية نتاج الفكر وتعاظم دورها ضمن الاقتصاد، فقد شهد العالم خلال القرن العشرين طفرة تكنولوجية كبيرة تفوق ما تم الوصول إليه في الأحقاب التاريخية السابقة، فقد تعاظم دور نتاج الفكر ضمن الاقتصاد وذلك مع دخول الإنسانية عهد ثورة المعلوميات وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة، بعد عهد الثورة الصناعية ثم الثورة العلمية، هذا إضافة إلى تزايد الاختراعات التقنية ذات الاتصال بالصناعة مما جعل العصر هو عصر الطفرة التكنولوجية بامتياز، إذ أصبحت ثروة إبداع الفكر قطاعا اقتصاديا مولدا للثروة، وموردا مهما من موارد الدخل القومي وذلك بالنسبة للعديد من الدول خاصة المتقدمة منها، وأصبح ينظر للملكية الصناعية كأداة إستراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وذلك بالنظر للدور الهام الذي أصبحت تضطلع به على مستوى تنمية ونجاح المقاولة، ومن ثم على مستوى تطوير الاقتصاد القومي ككل، فالدول تكون لها مقدرة أكبر على تحقيق الثورة وكذا التنمية الاقتصادية بما يتبعها من قدرة على تحقيق التنمية الشاملة[24]، وهذا كله يتوقف على ما تملك من مقاولات قادرة على الإبداع على المستوى التقني[25]، بالإضافة إلى تميزها على مستوى التجديد التقني، ويجب أن تكون ناجحة في فرض صورة محترمة عن نفسها ولمنتجاتها أو خدماتها[26]، وكان لأهمية حقوق الملكية الصناعية دورا مهما في اشتداد المنافسة داخل السوق إذ بفضل التطور الذي عرفه النظام الاقتصادي العالمي أثر وبشكل واضح على وظيفة حقوق الملكية الصناعية على المستوى الاقتصادي، فقد أدت إلى انفتاح الأسواق على بعضها ورفع الحواجز التي كانت تعيق انتقال المنتجات والخدمات والأموال، الشيء الذي جعل حقوق الملكية الصناعية تتخذ أكثر مما كانت عليه، فقد أصبح اعتماد قوانين فعالة للمكيلة الصناعية من المؤشرات الهامة بالنسبة للدول وذلك لمعرفة مدى قدرة نظامها القانوني على التلاؤم مع متطلبات العولمة، فأصبح يعتبر شرطا لدخولها في منظمة التجارة الدولية، وبدأت تتزايد رغبة الدول في الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وتسعى جاهدة إلى إرساء أنظمة قانونية ملائِمة وفعالة للملكية الصناعية، وذلك لتوفير المناخ الملائم للاستثمار الأجنبي وكذا الضمانات القانونية الكافية لتحفيزه على الاستقرار بها، وكذا النهوض بالاقتصاد[27].
إن هذا التطور على المستوى الاقتصادي أدى إلى ضرورة حمايتها وطنيا ودوليا الشيء الذي دفع إلى عقد مجموعة من الاتفاقيات الدولية لحمايتها، وكذا اتسام النظام العالمي الجديد بخصائص تعتمد بالأساس وبصفة جوهرية على قدرات اقتصادية هائلة تتحكم في الاقتصاد العالمي مما أظهر للدول آليات جديدة تناسبها وكانت اتفاقية الجات الوسيلة المثلى التي وجدتها الدول لتحقيق أهدافها، ومرت اتفاقية الجات منذ إنشائها[28] بثماني جولات من المباحثات بهدف تحرير التجارة الدولية[29]، وانتهت باتفاقية أورجواي التي وقع عليها المغرب سنة 1994 بمدينة مراكش، وقد انتهت هذه الجولة بإنشاء منظمة دولية جديدة هي منظمة التجارة العالمية W.T.O وذلك للإشراف على التجارة الدولية والعمل على تحريرها[30].
الفقرة الثانية: الجانب القانوني:
تتميز منازعات الملكية الصناعية بطبيعتها الدولية ولعل ما يضفي عليها هذه الطبيعة هو راجع إلى بعض العناصر التي تكون مرتبطة بالعقد موضوع النزاع، فالعقد بصفة عامة يعد دوليا كلما ارتبطت عناصره القانونية بأكثر من نظام قانوني واحد وهذه العناصر تتمثل في مكان تنفيذ العقد أو جنسية الأطراف أو مكان حل النزاع، وبالتالي فالطبيعة الدولية لمنازعات الملكية الصناعية تتوقف على مدى توفر الصفة الأجنبية لعناصره القانونية.
– جنسية الأطراف:
تعد جنسية الأطراف أمرا مهما لإضفاء طابع الدولية على منازعات عقود الملكية الصناعية فوجود طرفي العقد من جنسيتين مختلفتين يجعل العقد يبرم في ظل قوانين دولية، وبالتالي في حالة حدوث نزاع يطرح مشكل تنازع القوانين حول ما هو القانون الأنسب والواجب تطبيقه على هذا النزاع، وهو ما يجعل كل طرف غير مرتاح ومتخوف من القانون الذي سيحكم نزاعهما، بالإضافة إلى الخوف من انحياز القاضي الوطني إلى القانون الوطني، وهو ما يعد غير عادل في حق الطرف الأجنبي، وهو أيضا ما يجعل التحكيم يفرض نفسه في هذا النوع من النزاعات وذلك لتفادي هذه المشاكل وضمان الحياد وعدم التحيز من قبل المحكم لأي طرف من الأطراف. فالتحكيم يعطي للعقود الدولية الفاعلية القانونية دون اللجوء إلى إسناد العقد لأي نظام قانوني دولي[31].
– مكان تنفيذ العقد:
إن مكان تنفيذ العقد له دور مهم في اعتبار النزاع دوليا، فمثلا إذا أبرم شخصين من نفس الجنسية عقد نقل التكنولوجيا في دولة غير دولة جنسيتهما، هنا يعد هذا العقد دوليا وذلك يعود لأن مكان تنفيذ العقد هو ليس مكان جنستهما، ففي هذه الحالة يتم الربط بين مصالح دولتين الدولة المنفذ فيها العقد ودولة جنسية الطرفين.
مكان إبرام العقد:
يتمثل هذا العنصر في اتفاق الأطراف على أن يكون مكان إبرام العقد غير مكان التقاضي، وبالتالي تتوفر الصبغة الأجنبية للإضفاء على هذا العقد الصبغة الدولية، حيث متى وجدت الصفة الأجنبية في أي عنصر من عناصر العقد اعتبر دوليا[32].
المبحث الثاني: ملاءمة وقابلية التحكيم في منازعات الملكية الصناعية:
لم يعد خفيا على العموم أهمية التحكيم في منازعات الملكية الصناعية، نظرا لانسجامه وتناسبه مع طبيعة هذه المنازعات التي تتميز بالتعقيد سواء على المستوى الفني أو التقني، أو من حيث تعدد الأطراف المتدخلة فيها التي تكون من جنسية مختلفة وتجعل منها نزاعات دولية[33]، وبالرغم من أن التحكيم كالقضاء العادي من حيث القرار الملزم للأطراف، إلا أنه من الناحية العملية يبقى التحكيم أنجع منه، على مستوى الخبرة الفنية التي تتمتع بها الهيئة التحكيمية، وكذلك لتجنب مشكل تنازع القوانين، بالإضافة إلى تجنب الجلسات العلنية للقضاء[34]، وبذلك فهو يتلاءم مع منازعات الملكية الصناعية نظرا للمزايا التي يتميز بها عن القضاء العادي، الشيء الذي يحفز الأطراف المتنازعة على اللجوء إليه بدلا من سلك طريق المحاكم العادية، والتي تطرح بصددها نزاعات تهم القانون الواجب التطبيق خاصة في النزاعات الدولية، كما أن قابلية منازعات الملكية الصناعية للتحكيم يجعل منه الوسيلة المثلى، بالإضافة إلى أنها تشجع على اللجوء إليه في هذه المنازعات التي تتسم بكونها ترتبط بالنظام العام، الشيء الذي يجعل من تطور التحكيم في هذا المجال محدودا، لذلك سنتطرق في المطلب الأول إلى ملاءمة التحكيم في منازعات الملكية الصناعية، ونتطرق في المطلب الثاني إلى قابلية منازعات الملكية الصناعية للتحكيم.
المطلب الأول: ملاءمة التحكيم في منازعات الملكية الصناعية:
إن أغلب عقود الملكية الصناعية عامة تتضمن شرط التحكيم فيها كوسيلة لحل المنازعات، نظرا لملاءمة هذه الوسيلة مع خصوصيات هذه المنازعات، بالإضافة إلى مزايا التحكيم العديدة، والتي يمكن تقسيمها إلى مزايا عامة أي التي تنسجم مع جميع العقود، وإلى مزايا خاصة تنسجم وتتلاءم مع عقود الملكية الصناعية، لذلك أصبح اللجوء إليها هو الحل الأفضل والأنسب لحل مثل هذه النزاعات، خاصة وأننا نعلم النجاح الذي وصل إليه التحكيم وجعله يتطور في منازعات التجارة الدولية عامة، لذلك سنخصص الفقرة الأولى للحديث عن مميزات التحكيم العامة، ونخصص الفقرة الثانية للحديث عن المميزات الملائِمة لمنازعات الملكية الصناعية.
الفقرة الأولى: مميزات التحكيم العامة:
أضحت مميزات التحكيم في حل منازعات التجارة الدولية مسألة بديهية، نظرا للنجاح الذي عرفه التحكيم في هذا المجال، لذلك فهو أصبح ضرورة تفرضها طبيعة وخصوصية هذه المنازعات، واكتساب الثقة في هذه الوسيلة من قبل الأطراف لم يأت سدا وإنما بفضل مزاياه والمتمثلة في:
على مستوى المرونة:
يتسم التحكيم ببساطة إجراءاته ومرونتها، التي تتمثل في السرعة التي تعد من المزايا المحببة لدى المتنازعين، لرغبتهم في فض النزاع بسرعة أكبر كي لا يعرقل عملهم، فإن ما يعيب القضاء العادي هو بطء الإجراءات وعدم مرونته وهو أمر غير المرغوب فيه من قبل المتنازعين، والذي لا يستجيب مع متطلبات التعامل التجاري الدولي، الشيء الذي يدفعهم إلى اللجوء إلى التحكيم لما يقدمه من سرعة وبساطة في الإجراءات، وهو ما يجعل منه الوسيلة المفضلة في التعامل التجاري الدولي، وعلى الرغم من أن التحكيم في الحالات الخاصة أو التحكيم المؤسساتي يكون معقدا أو مرهقا إذ يستمر لفترات طويلة، إلا أن بعض مؤسسات التحكيم التجاري الدولي حاولت تفادي هذا التأخير الذي يمكن أن يحدث، وذلك بوضع مدد معينة يتوجب صدور الحكم التحكيمي فيها، إذ نصت م 18 في فقرتها الأولى من قواعد محكمة التحكيم في غرفة التجارة الدولية بباريس على أنه يتوجب صدور الحكم التحكيمي خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع الوثائق المنصوص عليها في م 13[35]، كما أن هيئة التحكيم تتمتع بحرية أوسع على مستوى التبليغات وإدارة الجلسات وتنظيمها، وكذا تقديم البيانات بالمقارنة مع القضاء العادي، فهو يبتعد عن الإجراءات الشكلية التي تعد طويلة ويتسم بها القضاء[36]، كما أن المتعاملون في ميدان التجارة الدولية يحبذون اللجوء إلى التحكيم، نظرا لأنه بديل مضمون من حيث سرعته، بالإضافة إلى أن المحكم يفصل في النزاع خلال مدة زمنية محددة، سواء تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف أو دون اتفاقهم، كما أن إجراءات الفصل فيه أكثر بساطة من إجراءات التقاضي أمام القضاء العادي، كما أن التحكيم يحد من طرق الطعن التي تكون السبب الرئيسي في طول أمد النزاع[37]. فالمحكم يتمتع بحرية أكبر على مستوى تحديد القانون الذي سيطبق على موضوع النزاع وحتى على الإجراءات، إذ أنه لا يتقيد إلا بالضمانات الأساسية للتقاضي وبالقواعد الآمرة في الدولة والتي يجرى فيها التحكيم عادة، فإذا لم يقم الأطراف بتحديد قانون معين بغية تطبيقه من قبل المحكم على نزاعهم، فإنه يستطيع أن يختار القانون الأنسب ليطبق على هذا النزاع، قد يتم في بعض الأحيان تطبيق قواعد وأعراف التجارة الدولية التي لا تخص دولة معينة، وإنما تسير عليها المعاملات الدولية دون أن تكون لها صفة إلزامية وآمرة، ويمكن للمحكم أن يطبق قواعد العدالة وما يستوحيه من الضمير دون أن يلجأ إلى قانون معين، وبالتالي فهذه الحرية التي يتمتع بها المحكم تجعله يعالج القضية بمرونة كبيرة[38].
حرية الأطراف في اختيار المحكم:
يعد اختيار الأطراف للمحكمين الذين ينظرون ويحسمون في نزاعهم ميزة هامة من مميزات التحكيم، إذ تمنح للأطراف فرصة اختيار من ينظر في دعواهم ويعينوه وفق رغبتهم وإرادتهم، وكذا الأخذ بعين الاعتبار خبرته في مجال نزاعهم حتى يتمكن من فهم فحوى النزاع، ويكون قراره صائبا، وذلك بخلاف اللجوء للقضاء العادي حيث أن المحكمة مكونة من قضاة رسميين في الدولة، لا دور للأطراف في تعيينهم أو تعيين أي منهم، بالإضافة إلى أنهم غير متخصصين في مجال معين وغالبا ما يستعينون بخبراء في مجال موضوع الدعوى. كما أن الأطراف في التحكيم تمتلك حرية اختيار طريقة فض نزاعها، إذ أنهم يستطيعون اختيار المكان الذي سيتم فيه التحكيم، ولعل حرية الأطراف في اختيار المحكمين يساعدهم عندما يكون النزاع ذا طبيعة فنية، إذ أن الأطراف في هذه الحالة تضمن مهارات وخبرة فنية خاصة لدى محكمهم، ويجب أن تكون الهيئة التحكمية وترا أي تتكون من عدد مفرد من المحكمين، بالإضافة إلى ذلك تعطى للأطراف حرية اختيار اللغة التي يجب اعتمادها من قبل المحكمين[39]، كما أن الأطراف تكون لديهم الحرية في اختيار القانون الواجب تطبيقه على نزاعهم، إذ غالبا ما تثار منازعات في مجال التجارة الدولية حول القانون الأنسب لتطبيقه على النزاع، وهذا غالبا ما يؤدي إلى تنازع القوانين لذلك فمنح الأطراف حرية اختيار القانون الواجب التطبيق يبعدهم عن متاهات الوقوع في مشكل تنازع القوانين.
إن الحرية في اختيار الأطراف للمحكمين ميزة مهمة تجعل الأطراف هم يقومون بتسيير نزاعهم ولو بشكل بسيط فهم في هذه الحالة يتعاونون على حل النزاع بشكل ودي، إلا أن اختيار الأطراف للمحكم ليس أمرا مطلقا وإنما هناك شروط يجب توفرها في الأشخاص المعينين من قبل الأطراف حتى يكون التحكيم صحيحا، وتتجلى هذه الشروط في :
– شروط قانونية: منح للأطراف حرية اختيار المحكمين إلى أن هذه الحرية تم تقييدها بشروط قانونية يجب توفرها في شخص المحكم، والمتمثلة في الأهلية إذ يشترط فيه أن يكون كامل الأهلية حتى يتسنى له القيام بدور المحكم، بالإضافة إلى أن لا يكون ممن منعوا من ممارسة التحكيم، وأن لا يكون له صفة من صفات التجريح[40].
– شروط اتفاقية: تعد إرادة الخصوم العمود الفقري الذي يستند عليه التحكيم بصفة عامة، لذلك يجوز للأطراف أن يتفقوا على شروط يرغبون توفرها في المحكم، كجنس المحكم أي رجل أو امرأة، وكذلك جنسية المحكم أي أن يكون المحكم من جنسية معينة، أو أن يكون يمتهن مهنة معينة، بالإضافة إلى ثقافته ولغته وكذلك مجال خبرته[41].
الفقرة الثانية: المميزات الملائِمة لمنازعات الملكية الصناعية:
يعد الحفاظ على استمرار العلاقات بين المتنازعين وكذا سرية المعلومات ما يرغب فيه أغلب المتنازعين، للقيمة التجارية والمالية لعملهما وخاصة عندما يتعلق الأمر بأحد عقود الملكية الصناعية، التي لها طبيعة خاصة سواء على المستوى التجاري أو على المستوى الاقتصادي، مما يجعل التحكيم الوسيلة الأمثل لحل نزاعهما ولتحقيق مطالبهما، وبالتالي فهاتين الميزتين تتلاءم بشكل خاص مع منازعات الملكية الصناعية، ويمثلان في:
على مستوى الحفاظ على استمرار العلاقات:
إن استمرار العلاقات بين المتنازعين بعد الفض في النزاع شيء يصعب تخيله، إذ غالبا ما يؤدي النظر في النزاع وإصدار الحكم من قبل القاضي إلى إنهاء الخصومة، أما بالنسبة للأطراف فيعني هذا إنهاء العلاقة، لذلك يفضل اللجوء إلى التحكيم لأنه يحافظ على استمرار العلاقات حتى بعد فض النزاع وإصدار الحكم التحكيمي، فهو يساعد المتنازعين على التفاهم، إذ أن كلا الطرفين يعتقد أنه هو من فهم العقد بشكل صحيح أو أن تصرفه في تنفيذ العقد سليم، ولذلك يتم الاتفاق بينهما على عرض كل منهما موقفه أما المحكم أو المحكمين المختارين من قبلهم، فيتم توضيح الخلاف الحاصل بينهما وتفسير موقف كل منهما، ويفصل في النزاع، وتستمر بعد ذلك العلاقات في غالب الأحيان بين الطرفين، على عكس ما يحدث عند اللجوء إلى القضاء العادي فنجد أن كلا الطرفين يستعمل أساليب الكيد بغية الإطاحة بالطرف الآخر وكسب القضية لصالحه، فينتهي النزاع بانتهاء العلاقات، وفي هذا الإطار يقول البعض أن الأطراف يدخلون إلى القضاء العادي وهم ينظرون إلى الوراء بينما يدخلون إلى التحكيم وهم ينظرون إلى الأمام[42].
تعد عقود الملكية الصناعية من العقود الزمنية أي التي يكون فيها الزمن عنصرا جوهريا، بحيث يكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد، وهذا ما يفرض أن يكون بين الأطراف في هذه الأنواع من العقود نوع من التعاون والتعايش، بغية فض النزاع بسرعة من جهة والحفاظ على العلاقة بين الطرفين من جهة أخرى، والملاحظ أن المنازعات الناتجة عن الملكية الصناعية قد لا تكون ناتجة عن علاقة تعاقدية انتهت بسبب عدم تنفيذ العقد أو لتنفيذ سيء له، وإنما غالبا ما تكون هذه المنازعات بمناسبة تنفيذ العقد وأثناء فترة سريانه، إذ يكون هناك خلاف بشأن تفسير العقد أو حول مقابل ذلك العقد من دون أن تكون هناك رغبة في إنهاءه، وكمثال على ذلك عقد الترخيص بالاستغلال[43].
كما أن التحكيم يؤدي إلى تلافي الحقد بين المتخاصمين، حيث أن القرار يكون صادرا عن محكم اختاروه بمحض إرادتهم، ويثقون بقراره ويرضونه في الغالب، فيؤدي القرار إلى وأد الخصومة والمشاحنات، وبالتالي استمرار العلاقة بينهم واطمئنان النفوس وزرع الرضا بينهم[44]. فالود الذي يتم به حل النزاع لا يتوفر في القضاء العادي ويسمح للأطراف بالحفاظ على العلاقات التجارية بينهم أثناء وبعد إجراءات التحكيم[45].
على مستوى السرية:
تعد السرية من أهم المميزات التي يحققها التحكيم للمتنازعين في معاملات التجارة الدولية، وذلك عكس القضاء العادي الذي يتميز بالعلانية والتي تعتبر من ضمانات العدالة، إلا أن هذه الميزة لا تصلح في مجال التجارة إذ من شأنها إذاعة السر المهني أو المعارف الفنية أو اتفاقات خاصة يحرص التجار على إبقاءها سرا، الشيء الذي يجعل بعض التجار يفضلون خسارة دعواه على أن يتم كشف أسراره التجارية التي لها قيمة أعلى من قيمة الحق المتنازع بشأنه[46]، وكثيرا ما تتضمن عقود التجارة الدولية أسرارا يحرص المتعاقدون على عدم كشفها لذلك فالسرية التي تتم بها إجراءات التحكيم تتفق و مقتضيات عقود التجارة الدولية.
فبالنسبة لحقوق نقل التكنولوجيا خاصة تلك التي ترد على المعرفة الفنية والتي تشكل اليوم الجانب المهم في الجوانب التكنولوجية للمشروعات الكبرى يعد الكشف عن سريتها فقدنها لأهميتها الاقتصادية[47].ونعلم أنه في ظل المحاكم العادية تتم جلسات المحاكمة في علانية تامة، ولا يسوغ للمتنازعين المطالبة بإجرائها في سرية، وذلك لأن العلانية تعد ضمانة من ضمانات التقاضي الأساسية وتعد كذلك مبدأ شكلي، على عكس التحكيم الذي يعتبر السرية من ضمن مبادئه ومميزاته، فهي تضمن للأطراف الحفاظ على أسرار معاملاتهم عن الغير وعن بعضهم البعض[48]، لذلك يحرص المحكم على حل النزاع بأقل قدر ممكن من العلانية، فإفشاء أسرار المعاملات التجارية قد يؤدي إلى أضرار بليغة بأصحابها الذين يتنافسون في الأسواق الدولية بما يقومون بإنتاجه، ولأجل ذلك يفضلون إبقاء أسرار إنتاجها محفوظة داخل أسوار وحدات إنتاجهم، إذ تمثل بياناتها والمفاوضات التي تتم بشأنها جزءا من رأسمالهم، فمثلا في عقود نقل التكنولوجيا والمعرفة الفنية في مجال تصنيع الأدوية وتصنيع الأقمار الاصطناعية، يفضل اللجوء إلى التحكيم لأنه هو الذي يضمن لهم الحفاظ على أسرارهم[49]؛ فأسرار الطرفين لا يطلع عليها سوى المحكمين المختارين للنظر في القضية، وكذا المحامون المدافعون عن الطرفين، وهم ملزمون بالحفاظ على سر المهنة فلا يجوز لهم أن يذيعوا موضوع القضية وتفاصيلها، على عكس ما هو معمول به في القضاء العادي، حيث تكون الإجراءات علنية، ويتعذر إخفاء نوع المعاملة بين الطرفين وحجم النزاع أو مقدار الأموال التي يتعلق بها، ففي مجال التجارة الدولية تكون قيمة العقود المتعلقة بها مهمة جدا، وكشف أسرارهم يؤدي حتما إلى ضرر إما أحد الأطراف أو هما معا، ولذلك نجد الأطراف يحرصون في المسائل التجارية على اللجوء إلى مراكز للتحكيم المتخصصة كمحكمة التحكيم بلندن وغرفة التجارة الدولية بباريس، إلى غير ذلك من المراكز بغية تشكيل هيئة متخصصة تتولى الفصل في النزاع القائم بين الطرفين بصفة سرية، كما يمكنهم اللجوء إلى تشكيل هيئة تحكيمية خاصة بهم. وتجدر الإشارة إلى أنه عند نشر المبادئ القانونية الخاصة بأحكام التحكيم يراعى الاقتصار على ذكر المبادئ القانونية المطبقة على المشكلة دون ذكر أسماء الأطراف أو قد تنشر أسماؤهم إلا إذا سمحوا بذلك[50]. ولعل هذا ما يفسر أن القرارات التحكيمية المتعلقة بالملكية الصناعية نادرا ما يتم نشرها، إذ أن نشر مثل هذه القرارات يعد خرقا لقاعدة السرية التي يتسم بها التحكيم، ذلك لأن السرية لا تقتصر على مرحلة الإجراءات فقط، بل تمتد إلى ما بعد هذه المرحلة، حيث تنص العديد من قوانين وقواعد التحكيم على عدم نشر أحكام التحكيم إلا بموافقة الأطراف[51].
المطلب الثاني: قابلية منازعات الملكية الصناعية للتحكيم:
تعد قابلية منازعات الملكية الصناعية للتحكيم من المواضيع الشائكة في الوقت الحاضر، وذلك لأن المنازعات التي تثار بصدد عقود الملكية الصناعية أصبحت تلح وبقوة على ضرورة التحكيم كوسيلة بديلة لحل منازعاتها لأنه يتناسب مع طبيعتها وخصوصيتها، ولما لها من ارتباط وثيق بمفهوم النظام العام، الشيء الذي يجعل اللجوء إلى التحكيم بخصوص هذه المنازعات غير مؤكد لأنه يتأرجح بين القابلية وعدم القابلية، أي أن التحكيم في هذا المجال يبقى محدودا ومحصورا ويتم اللجوء بصدده إلى بعض الاجتهادات والآراء الفقهية للتمييز بين ما يجوز التحكيم فيه وما لا يجوز التحكيم فيه، وعلى هذا الأساس سنتطرق في الفقرة الأولى إلى معايير القابلية للتحكيم ومنازعات الملكية الصناعية، وسنتطرق في الفقرة الثانية نطاق القابلية للتحكيم.
الفقرة الأولى: معايير القابلية للتحكيم ومنازعات الملكية الصناعية:
يكتسي عنصر القابلية للتحكيم أهمية بالغة في تحديد المجالات المفتوحة في وجه التحكيم، إذ لا يمكن عرض نزاع على التحكيم وهو من ضمن المواضيع التي لا يجوز فيها التحكيم، على اعتبار أن الملكية الصناعية لها مفاهيم ترتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم النظام العام والاختصاص الحصري للقضاء، ولذلك توجد بعض المعايير التي يتم الأخذ بها لتحديد القابلية للتحكيم والمتمثلة في:
– قابلية الحق لتصرف فيه:
يعد النزاع قابلا للتحكيم عندما يكون من يدعي هذا الحق له سلطة التصرف فيه، وهذا يعني أن حرية التصرف في الحق هي امتلاك السيطرة عليه بالشكل الذي يمكن مالكه من التخلي عنه أو تفويته بمقابل أو بدون مقابل. وتنص معظم التشريعات على هذا المعيار، ومنه التشريع المغربي حيث جاء في ف 308 من 05-08[52] ما يؤكد على ذلك. وكذلك التشريع الفرنسي إذ نص في م 2059 من ق.م.م.ف على أن ” كل الأشخاص يمكنهم اللجوء إلى التحكيم فيما يتعلق بالحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها”[53]، إذ أنه هناك بعض الحقوق التي لا يجوز التصرف فيها في ذاتها، حتى لو جاز التصرف في حق الاستغلال المالي الناشئ عنها، ومثال ذلك الحقوق الذهنية وكذا حقوق الملكية الصناعية، إذ لا يجوز التصرف في حق امتلاك الرسوم والنماذج والعلامات التجارية، بناء على توافر شروط منحها، أو التحكيم في هذا الحق، وإن جاز التصرف في حق استغلالها والتحكيم في المسائل الناشئة عن هذا الاستغلال، إذ أن سبب المنع من التصرف يدخل في مسألة الأهلية والنيابة في التصرفات، أو يوجد مانع من موانع التصرف، وفي الواقع أن المنع من التصرف قد يكون إما لمصلحة عامة أو لمصلحة خاصة، ويمكن أن يكون مطلقا وقد يقيد بقيد زمني، وبالتالي فإن أثر المنع على القابلية للتحكيم يختلف باختلاف هذه الأحوال، فعندما يتعلق المنع من التصرف حماية للمصلحة العامة يكون المنع مطلقا في الزمان، ويؤدي إلى عدم القابلية للتحكيم، مثال ذلك الأموال العامة إذ أنها تخضع لنظام خاص بها إذ يكون التصرف أو النزول الوارد عليها باطلا بطلانا مطلقا، ومن تم لا يجيز التصرف فيها أو النزول عنها، أما عندما يتعلق المنع من التصرف حماية لمصلحة الخاصة فالمنع يكون مؤقتا، كما أن القيام بذلك التصرف الممنوع لا يؤدي دائما إلى بطلان التصرف، وإنما يؤدي أحيانا إلى مجرد عدم نفاذه وأحيانا إلى مجرد عدم قابليته للإبطال، وبالتالي فأثره على القابلية للتحكيم يختلف باختلاف الأحوال[54]. فالقانون يعطي للأشخاص سلطة مباشرة على شيء معين وهي قابلية الحق في التصرف، والتي تمثل أقوى السلطات التي يخولها الحق العيني على الشيء لصاحبه أو من يقوم مقامه وذلك إلى جانب سلطتي الاستعمال والاستغلال، فالحقوق غير القابلة للتصرف بها بصفة نهائية هي تلك المسائل المتعلقة بمسائل الحالة والأهلية، فالأهلية اللازمة لإبرام اتفاق التحكيم هي أهلية التصرف أي أهلية ذلك الشخص لإبرام مثل ذاك الاتفاق[55].
– مالية الحق محل النزاع:
يجب أن يكون محل التحكيم حقا ماليا سواء تعلق الأمر بحق شخصي أو حقا عينيا أو مالا أو منقولا، ولا يهم مصدر الحق سواء كانت طبيعة العلاقة التي يدور حولها النزاع عقدية أو غير عقدية[56]، هذا المعيار اعتمدته أغلب الدول التي تعمل على أنظمتها القانونية الخاصة بالتحكيم وخاصة الدولي، ونجد أن المشرع السويسري ينص في قانونه الدولي الخاص في م 177 على أن كل قضية ذات طابع مالي يمكن أن تكون موضوعا للتحكيم، وهو الاتجاه نفسه المتبع من المشرع الألماني إذ يعتمدون على الطابع المالي للإقرار بقابلية النزاع للتحكيم من عدمه[57]، ويمكن القول إن النزاعات الناشئة عن عقد تفويت براءة الاختراع يجوز فيه التحكيم مادام أنها تكتسي طابعا ماليا.
الاختصاص الحصري للقضاء:
استبعد التحكيم في المنازعات التي يجعل أمر البت فيها مسندا للقضاء وحده، فإسناد هذا الاختصاص الحصري للقضاء ما هو إلا تعبير عن إرادة بمنع إخضاع النزاع لجهة أخرى بغية البت فيه، وهو ما أثار مناقشات فقهية خاصة في بين الفقه الفرنسي حيث يرون أن طابع الأمر لاختصاص المحاكم لا يؤثر على التحكيم، بينما يرى البعض الآخر أن الاختصاص الحصري هو تأكيد على خص جهة معينة للبث في نزاعات معينة. ولقد كان لمفهوم الاختصاص الحصري تأثيرا كبيرا على قابلية نزاعات الملكية الصناعية للتحكيم، فبالإضافة إلى مفهوم النظام العام والذي يخلف نوعا من الغموض بخصوص مدى تحكيمية نزاعات الملكية الصناعية، نجد أيضا النصوص المتعلقة بالاختصاص القضائي المتعلق بنزاعات الملكية الصناعية ساهمت في زيادة الغموض بخصوص هذا الموضوع[58]، ويجسد تطور التشريع الفرنسي مثالا واضحا على هذه الوضعية[59]، إلا أن التشريع الفرنسي تدارك هذا هذا الغموض ونص في ف L615-17 من ق.م.ص المعدل بصدد قانون رقم315 –2014 على إمكانية التحكيم في قضايا الملكية الصناعية واستثنى المسائل المتعلقة بالنظام[60]، غير أن القانون المغربي المتعلق بحماية الملكية الصناعية ينص في م 15 منه على اختصاص المحاكم التجارية للبث في النزاعات الناتجة عن الملكية الصناعية[61]، لذلك فالقانون الوطني يلعب دورا في حظر اللجوء إلى التحكيم في هذا النوع من المنازعات وحصر اختصاص البت فيها للقضاء[62].
الفقرة الثانية: نطاق القابلية للتحكيم:
إن منازعات الملكية الصناعية أكثر الميادين المتأثرة بمبدأ القابلية للتحكيم وتأثيره على التحكيم، على اعتبار أن مجال الملكية الصناعية يعد من المجالات الحساسة التي كل الدول تعطيها عناية خاصة، نظرا لارتباطها الوثيق بمفهوم النظام العام الاقتصادي، وما يوضح هذا الارتباط الوثيق هو أن حقوق الملكية الصناعية تمنح لأصحابها حق الاستئثار باستغلالها وهذا استثناء من مبدأ تحريم الاحتكار وهو حق ممنوح لهم دون غيرهم[63].
وعلى هذا الأساس تطرح منازعات الملكية الصناعية تناقضات حول مدى قابليتها للتحكيم من عدمه على اعتبار أن هناك حدود يفرضها النظام العام في ميدان الملكية الصناعية ينبغي مراعاتها، وبالرغم من أن أغلبية النزاعات المرتبطة بالملكية الصناعية تبقى خاضعة للمبدأ العام الذي يقضي بجواز التحكيم، وهو ما تأخذ به جل التشريعات على المستوى الدولي، إلا أننا نجد هناك نوع من النزاعات التي لا يقبل فيها التحكيم، وبالتالي فإننا نميز بين نوعين من النزاعات المتعلقة بالملكية الصناعية، النوع الأول والذي يكون قابلا للتحكيم وهو متفق عليه من قبل أغلب الفقه، والتي تتمثل في المنازعات المرتبطة باستغلال واستثمار حقوق الملكية الصناعية، والتي تتعلق بتنفيذ عقد تفويت براءة الاختراع بغية استغلالها واستثمارها، إذ أن هذا النوع من النزاعات لا يطرح إشكالا بخصوص القابلية للتحكيم على اعتبار أنها لا تمس بالنظام العام، وذلك لأنها تجد أساسها القانوني ضمن القواعد العامة المنظمة في القانون المدني، وبالتالي تبقى خاضعة للمبدأ العام القاضي بجواز التحكيم. أما النوع الثاني وهو الذي يكون غير قابل للتحكيم، والمتمثل في النزاعات المنصبة على وجود وصحة سندات أو شهادات الملكية الصناعية كالنزاع المتعلق ببطلان علامة تجارية أو سقوط براءة الاختراع، وهو ما أثار مجموعة من النقاشات حول مدى قابلية هذا النوع من المنازعات للتحكيم. ويبقى الرأي الغالب هو الذي يؤكد على أن هذه النزاعات غير قابلة للتحكيم، على أساس أنه من غير المقبول أن تمنح للمحكم سلطة البت في صحة سند صادر عن سلطة عامة، لأن هذا لا يدخل في ضمن إطار اختصاصه فهو لا يمكن أن يعلن عن بطلان أو انعدام تصرف صادر عن سلطة عامة، لما في ذلك من مس بالنظام العام، فالدولة هي التي تحتكر مسألة منح سندات الملكية الصناعية وإعطاء هذه السلطة للمحكم يتناقض مع وظيفتها وسلطتها وسيادتها. وهو ما يجعلنا نخلص في الأخير إلى أن النزاعات التي يكون موضوعها سوء استغلال أو استثمار أحد حقوق الملكية الصناعية فهي قابلة للتحكيم أما النزاعات التي يكون موضوعها صحة سند الملكية الصناعية فهي غير قابلة للتحكيم، وتعد من النزاعات التي يبقى اختصاص البت فيها متروكا للقضاء العادي، لأنه يمس بالنظام العام[64]. لنخلص في الأخير إلى إشكال يطرح نفسه، وهو مدى سلطة المحكم للبت في مثل هذه المنازعات التي يعود اختصاص البت فيها للقضاء العادي؟.
لعل الإجابة على هذا التساؤل تقتضي منا معرفة نوع النزاع الذي يمكن أن نجعل اختصاص البت فيه للمحكم فكلما كان النزاع مرتبط بالمسائل الغير القابلة للتحكيم فإنه يفرض على المحكم رفع يده عن هذا النزاع والتخلي عن القضية للقضاء، لأن بته في هذا النزاع سيعرض مقرره للبطلان، أما في حالة ارتباط موضوع النزاع بالمسائل القابلة للتحكيم فيجوز للمحكم البت فيها.
خاتمة:
إن مسألة التحكيم في منازعات عقود الملكية الصناعية والتخلص من القيود الواردة في القوانين والتشريعات الوطنية أصبح ضرورة ملحة تفرضها طبيعة المنازعات، غير أن جعل التحكيم هو الوسيلة الأولى لفض النزاعات الناشئة بين المتنازعين يستلزم ثقافة قانونية منفتحة، ووعيا خاصا بها وبمزاياها العديدة، فالطبيعة الدولية والمعقدة للمنازعات الناشئة عن الملكية الصناعية جعلت منها منازعات متلائمة للتحكيم، إذ تفرض وجود أشخاص ذوي خبرة عالية لحل النزاع وذلك حتى يتسنى لهم فك خيوط كل تعقيد يوجد في هذه المنازعات وإصدار حكم يتوافق معها، ويجعل أمر حسمها من قبل القضاء أمرا صعبا، بالإضافة إلى أن طبيعة منازعات الملكية الصناعية تشترط السرية وهو ما لا يتوفر في القضاء على عكس التحكيم، والتي تعد من المزايا التي تتلاءم وبشكل كبير مع هذه المنازعات، بالإضافة إلى المرونة والسرعة فعامل الوقت في هذا النوع من المنازعات له أهمية كبيرة ذلك لأنها في كثير من الأحيان تتعلق بالتكنولوجيا وبأدوات تسويق المنتجات والخدمات، الشيء الذي يجعل كل تأخر في حسمها مكلفا ماليا، وهو ما لا ينسجم مع وتيرة القضاء الذي أصبح يعاب عليه طول إجراءاته، هذا إضافة إلى الحرية في اختيار من يحكم نزاعهم مما يزرع في نفوس الأطراف الثقة في القرار الذي سيصدر، لأنه صادر من أشخاص اختاروهم بمحض إرادتهم ويثقون فيهم، وكذا الحفاظ على استمرار العلاقات التي تعد من بين المزايا المهمة في التحكيم وذلك لكون هذه المنازعات عادة ما تنشأ بين أطراف تربط فيما بينها علاقات قديمة ومستمرة، فتجعل هاجس الحفاظ عليها قائما بعد نشوب النزاع، مما يستدعي حلها عن طريق التحكيم تفاديا للخصومة القضائية التي تؤدي في الغالب إلى القطيعة. كما أنه وباستثناء النظام العام لا يوجد ما يمنع اللجوء إلى التحكيم في هذا النوع من النزاعات ما دام أنها تتوافق والمعايير التي يتم الأخذ بها لتحديد القابلية للتحكيم.
إن نجاح التحكيم في منازعات عقود الملكية الصناعية رهين بتضافر جهود كل من الفاعلين القانونيين وكذا المجتمع الدولي من أجل النهوض بهذه الوسيلة وإعطاءها حقها في الإشهار والإعلام لتصبح معروفة لدى الجميع شأنها شأن القضاء، وذلك في جميع النزاعات وخاصة في مجال الملكية الصناعية الذي يتسم بأنه مجال معقد يصعب فهمه مما يستدعي توفر الخبرة الفنية والتقنية لدى القاضي للحسم في النزاع بشكل يستجيب ومتطلبات العدالة، مما يطرح ضرورة التخصص في أنواع القضايا المطروحة على القضاء، وبالتالي نجد أن التحكيم يفرض نفسه وبقوة في هذا المجال، وعلى هذا الأساس نقترح ما يلي:
جعل شرط الخبرة والدراية الواسعة بهذا المجال من الشروط الضرورية الواجب توفرها في شخص المحكم.
جعل القوانين الوطنية أكثر مرونة، وعدم حصر هذا النوع من النزاعات في اللجوء إلى القضاء.
توظيف خبراء وتقيين في المكاتب الوطنية للملكية للصناعية، بغية فحص الاختراعات وإعطاء سند لا يتم الطعن في صحته، ذلك لأن أمر جعل الدولة هي من تمنح سند استغلال حق من حقوق الملكية الصناعية هو ما يبعد التحكيم عن النزاعات الناشئة عن صحة هذا السند لأنه مرتبط بالنظام العام.
مراجع باللغة العربية:
أبو زيد رضوان، الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983.
أحمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم التجاري والداخلي (تنظير وتطبيق مقارن)، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ط 1، 2004.
حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص تنازع القوانين المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، ط 2، 1997.
عبد اللطيف بو العلف، الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي دراسة في القانون المغربي والمقارن، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، ط 1، ع 20، 2011.
فتحي والي، التحكيم في المنازعات الوطنية والتجارية الدولية علما وعملا، منشأة المعارف، الاسكندرية، مطبعة التجارة، 2014.
محسن شفيق، التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1995.
محيي الدين إسماعيل علم الدين، منصة التحكيم التجاري الدولي، د.ط، 1986، ج1.
مصطفى محمد كمال، عكاشة محمد عبد العال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية وضع التحكيم من النظام القانوني الكلي – اتفاق التحكيم – خصومة التحكيم، د.د.ن، ط 1، 1998، ج 1.
نزيه حماد، العقود المركبة في الفقه الإسلامي، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ط 1، 2005.
جلال وفاء محمدين، الحماية القانونية للملكية الصناعية وفقا لاتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، القاهرة، مصر، 2000.
جيروم باسا، حق الملكية الصناعية، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 2015.
سميحة قيلوبي، الملكية الصناعية براءات الاختراع – الرسوم والنماذج الصناعية – العلاقات التجارية والصناعية – الاسم والعنوان التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ط 2، 1996.
فؤاد معلال، الملكية الصناعية والتجارية (دراسة في القانون المغربي والاتفاقيات الدولية)، مطبعة الأمنية، الرباط، د.ط، 2009.
الرسائل والأطروحات:
حسن على كاظم، تسوية المنازعات الناشئة عن عقد الترخيص الدولي، رسالة لنيل الماستر، جامعة الجزائر كلية القانون بن عكنون، الجزائر، 2004/2005.
حمد حمود الصانع، المسؤولية المدنية للمحكم، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، عمان – الأردن، 2012.
سعد بن محمد شايع القحطاني، التحكيم التجاري في النظام السعودي وأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي )دراسة تأصيلية مقارنة(، رسالة لنيل الماستر،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2012.
سوزان غازي مصطفى، فض منازعات عقود توريد التكنولوجيا عن طريق التحكيم، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا، كلية الحقوق، عمان، الأردن، 2009.
محمد باية، التحكيم التجاري الدولي في منازعات الملكية الصناعية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس-السويسي، الرباط، 2005-2006.
المقلات:
طارق البختي، التحكيم في إطار العقود التجارية الدولية، مجلة الملف، نونبر 2009، ع 15.
عادل علي محمد النجار، نشر أحكام التحكيم بين الحظر والإباحة، مجلة القضاء المدني، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ع 3.
محمد شعيبي، التحكيم التجاري الدولي في الميزان، المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، ع 34، 1994.
دفاتر محكمة النقض، التحكيم والوساطة الاتفاقية، مركز النشر والتوثيق القضائي بمحكمة النقض، الرباط، مطبعة MbArt، 2015،ع 25.
مراجع باللغة الفرنسية:
Mémoires
Tatiana Goloubtchikova-ernst, l’arbitrabilité de la propriété intellectuelle dans l’arbitrage commercial international, Université Panthéon-Assas, mémoire pour obtenir un doctorat, 2011.
Conférences
Pierre Veron , arbitrage et propriété intellectuelle, conférence donnée le 2 février 1994 devant le groupe Rhone Alpes de Prpriété industrielle, lamy, veron, ribeyre et associes, lyon, paris.
المواقع الإلكترونية:
marocdroit.com
droitplus.ma
droitetentreprise.org
epo.org
invest.gov.ma
economy.gov.lb
helwan.edu.eg
nortonrose.com
[1] – جيروم باسا، حق الملكية الصناعية، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 2015، ص 11.
[2] – www.invest.gov.ma، اطلع عليه في 2016/07/28، على الساعة 21.
[3] – الهام اسماعيل محمد شلبي، دليل حقوق الملكية الفكرية ” معيار المصداقية والأخلاقيات”، كلية التربية الرياضية للبنات بالجزيرة جامعة حلوان، مصر، 2010، مقال منشور www.helwan.edu.eg، اطلع عليه في 2016/07/5، على الساعة 16، ص 3.
[4]– براءة الاختراع: هي صك تصدره الدولة للمخترع الذي استوفى اختراعه الشروط اللازمة لمنح براءة اختراع صحيحة. وتخول له التمسك بالحماية التي يضمنها له القانون، والمتمثلة في أن يستأثر لوحده ببراءة الاختراع في استعمال واستغلال اختراعه ماليا، إذ أن هذا الحق الاستئثاري الذي تخوله البراءة لصاحبها تمنع الغير من استعمال أو استغلال الاختراع، كما أنها تمنعه أيضا من تصنيع السلعة موضوع البراءة أو بيعها أو عرضها للبيع أو استيرادها بالنسبة لبراءة المنتج، ويجوز لمالك البراءة بيعها أو الترخيص للغير باستعمالها أو التصرف فيها بأي وجه من أوجه التصرف، فالبراءة تباع وتشترى ويتقرر عليها حق الانتفاع إذ لها قيمة مالية، ويجوز أيضا رهن البراءة والترخيص للغير باستغلالها.
أشير إليها من قبل حسام الدين الصغير، الملكية الفكرية لأعضاء مجلس الشورى، ندوة الويبو الوطنية نظمتها المنظمة العالمية للملكية الفكريـة مع وزارة التجارة والصناعية ومجلس الشورى، سلطنة عمان، 2004، ص 2.
العلامة التجارية: هي إشارة أو رمز تتخذه مؤسسة تجارية شعارا لها بغية التميز به بين السلع أو المنتجات المتشابهة، قصد جذب العملاء والمستهلكين، إذ تسهل عليهم عملية التعرف على ما يفضلونه من منتجات وسلع. ولقد استخدمت العلامة التجارية منذ القدم، حيث نجد الرومان استعملوا علامات تجارية في صناعة الخزف والعقاقير الطبية والقرميد، واستخدمت كذلك من قبل بعض أعضاء الطوائف الحرفية للدلالة على انتمائهم الحرفي وعلى مصدر السلعة والمنتوج.
../..أشير إليها من قبل محمد محبوبي، النظام القانوني للعلامات في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحقوق الملكية الصناعية والاتفاقيات الدولية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، ط 2، 2011، ص 185.
الرسم والنموذج الصناعي: هو كل ما يستخدم في الإنتاج الصناعي بوسيلة آلية أو يدوية أو كيميائية، ككل ترتيب للخطوط أو كل شكل مجسم بألوان أو بغير ألوان، فهو يستخدم من أجل تجميل المنتجات.
أشير إليه من قبل حسام الدين الصغير، م.س، ص7.
البيان الجغرافي: يقصد به الإشارة التي توضع على السلعة ذات منشأ جغرافي محدد، فهو وسيلة للتعرف على منشأ السلع والخدمات، إذ يوضح للمستهلك المنشأ الجغرافي للمنتجات التي ترتبط في الغالب بصفات نوعية يبحث عنها المستهلك. ويستعمل لتشجيع التجارة، وكذلك ليوضح للمستهلك أن المنتج صادر عن مكان معين، وينتفع بهذا التبيان كل المنتجين الذين يصنعون منتجاتهم في ذلك المكان.
أشير إليه من قبل محمد عبد الفتاح نشأت، الحماية الدولية للمؤشرات الجغرافية، طرابلس، 2011، مقال منشور بموقع www.economy.gov.lb، اطلع عليه في 2016/06/21، على الساعة 12، ص 2.
[5] – فؤاد معلال، الملكية الصناعية والتجارية (دراسة في القانون المغربي والاتفاقيات الدولية)، مطبعة الأمنية، الرباط، د.ط، 2009، ص 22- 23، 25.
[6] – المرجع نفسه، ص57-58.
[7] – http://www.invest.gov.ma.
[8]– الفصل 306 من قانون 05-08 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية الصادر الأمر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.07.169 بتاريخ 19 من ذي القعدة 1428 ( 30 نونبر 2007 )، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذي القعدة 1428 ( 6 دجنبر 2007 )، ص 3894.
[9] – دفاتر محكمة النقض، التحكيم والوساطة الاتفاقية، مركز النشر والتوثيق القضائي بمحكمة النقض، الرباط، مطبعة MbArt، 2015،ع 25، ص 363.
[10] – فتحي والي، التحكيم في المنازعات الوطنية والتجارية الدولية علما وعملا، منشأة المعارف، الاسكندرية، مطبعة التجارة، 2014، ص 60.
[11] – طارق البختي، التحكيم في إطار العقود التجارية الدولية، مجلة الملف، نونبر 2009، ع 15، ص 182.
[12] – دفاتر محكمة النقض، م.س، ص 381.
[13] – سميحة قيلوبي، الملكية الصناعية براءات الاختراع – الرسوم والنماذج الصناعية – العلاقات التجارية والصناعية – الاسم والعنوان التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ط 2، 1996، ص 226.
[14] – محمد باية، التحكيم التجاري الدولي في منازعات الملكية الصناعية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس-السويسي، الرباط، 2005-2006، ص 13.
[15] – محمد باية، م.س، ص 17.
[16] – نزيه حماد، العقود المركبة في الفقه الإسلامي، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ط 1، 2005، ص 58.
[17] – حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص تنازع القوانين المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، ط 2، 1997، ص 13.
[18] – محمد باية، م.س، ص 18.
[19] – المادة 31 من قانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية المغربي، والتي توضح الشروط الشكلية وما يجب أن يتضمن عليه ملف إيداع طلب براءة الاختراع.
المادة 31:
يجب على كل شخص يرغب في الحصول على براءة اختراع أن يودع لدى الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية ملفا لطلب البراءة وفق الشروط المبينة بعده: يجب أن يشتمل ملف طلب البراءة في تاريخ إيداعه على:
أ ) طلب براءة يتضمن عنوان الاختراع ويحدد مضمونه بنص تنظيمي؛
ب ) إثبات دفع الرسوم المستحقة.
../.. لا يقبل، في نفس وقت إيداعه، ملف طلب البراءة الذي لا يشتمل على الوثائق المنصوص عليها في (أ) و(ب) أعلاه.
تحدد بنص تنظيمي الإجراءات المفروض استيفاؤها والوثائق الواجبة إضافتها إلى الوثيقتين المشار إليهما في (أ) و(ب ) أعلاه ولاسيما الوثائق المتعلقة بوصف الاختراع والمطالب المتعلقة به. إذا كان ملف طلب البراءة مشتملا على الوثيقتين المشار إليهما في (أ) و(ب) أعلاه وجب تقييد طلب البراءة، آما هو منصوص عليه في (أ) أعلاه، وفق ترتيب زمني للإيداع في السجل الوطني للبراءات المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 58 أدناه مع بيان تاريخ ورقم الإيداع.
[20] – محمد باية، م.س، ص 18 – 19.
[21] – المادة 47 من قانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية المغربي، التي توضح على أن البراءات تسلم دون فحص سابق لها، وتحميل الطالبين تبعات ذلك.
المادة 47:
تسلم البرءات التي لم يرفض طلبها دون فحص سابق لها، مع تحميل الطالبين تبعات ذلك ومن غير
أي ضمان سواء فيما يتعلق بحقيقة الاختراع أو بأمانة الوصف أو دقته أو بقيمة الاختراع.
[22] – https://www.epo.org، اطلع عليه بتاريخ 2016/06/28، على الساعة الثامنة زوالا.
[23] – محمد باية، م.س، ص 20.
[24] – فؤاد معلال، الملكية الصناعية والتجارية…، م.س، ص 26 – 28.
[25] – ويدخل في هذا المستوى نظام البراءات، وتصاميم تشكل الدوائر المندمجة، والرسوم والنماذج الصناعية.
[26] – وفي هذا الإطار يدخل نظام الأسماء التجارية والعلامات والشارات الجغرافية المميزة.
[27] – فؤاد معلال، الملكية الصناعية والتجارية…، م.س، ص 28-29.
[28] – وقع على هذه الاتفاقية 23 دولة عام 1947 وهي الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة وقد دخلت حيز التنفيذ عام 1948.
[29] – جولات الجات الثمانية هي:
جولة جنيف لعام 1947 شاركت فيها 23 دولة.
جولة انسي بفرنسا لعام 11949 شاركت فيها 13 دولة.
جولة توركواي بانجلترا لعام 1951 شاركت فيها 38 دولة.
جولة جنيف الثانية لعام 1956 شاركت فيها 26 دولة.
جولة ديلون بسويسرا من 1960 – 1961 شاركت فيها 26 دولة.
جولة كينيدي من 1964 – 1979 شاركت فيها 102 دولة.
جولة في طوكيو 1973 – 1979 شاركت فيها 99 دولة.
جولة أورجواي من 1986 – 1993 شاركت فيها 117 منها 87 دولة نامية.
[30] – سميحة قيلوبي، الملكية الصناعية براءات الاختراع – الرسوم والنماذج الصناعية – العلاقات التجارية والصناعية – الاسم والعنوان التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ط 2، 1996، ص 16 – 17.
[31] – محمد شعيبي، التحكيم التجاري الدولي في الميزان، المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، ع 34، 1994، ص 122.
[32] – محمد البشير وحمان، العقود الإدارية الدولية، مقال منشور بموقع العلوم القانونية، www.marocdroit.com أطلع عليه في 2016/08/06، على الساعة 16.
[33] – سعد بن محمد شايع القحطاني، التحكيم التجاري في النظام السعودي وأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي )دراسة تأصيلية مقارنة(، رسالة لنيل الماستر،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2012، ص 35.
[34] – حسن على كاظم، تسوية المنازعات الناشئة عن عقد الترخيص الدولي، رسالة لنيل الماستر، جامعة الجزائر كلية القانون بن عكنون، الجزائر، 2004/2005، ص 182.
[35] – حسن علي، م.س، ص 183.
[36] – أبو زيد رضوان، الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983، ص 9.
[37] – بن أحمد الحاج، التحكيم التجاري الدولي و دوره في عولمة النظام القانوني لعقود التجارة الدولية، مقال منشور بموقع المجلة الإلكترونية للدراسات والأبحاث القانونية، www.droitplus.ma، أطلع عليه في 2016/07/15 على الساعة 14.
[38] – محيي الدين إسماعيل علم الدين، منصة التحكيم التجاري الدولي، د.ط، 1986، ج 1،ص 10 – 11.
[39] – أنتوني دوتون، التحكيم في الشرق الأوسط، منشور بموقع www.nortonresoe.com اطلع عليه في 2016/05/29، على الساعة 20،ص 15.
[40] – الفصلين 320و 323 من من قانون 05-08 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية الصادر الأمر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.07.169 بتاريخ 19 من ذي القعدة 1428 ( 30 نونبر 2007 )، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذي القعدة 1428 ( 6 دجنبر 2007 )، ص 3894.
[41] – حمد حمود الصانع، المسؤولية المدنية للمحكم، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، عمان – الأردن، 2012، ص 27 – 29.
[42] – محيي الدين، م.س، ص 8 – 9.
[43] – محمد باية، م.س، ص 28.
[44] – سعد بن محمد، م.س، ص 36.
[45] – Pierre Veron , arbitrage et propriété intellectuelle, conférence donnée le 2 février 1994 devant le groupe Rhone Alpes de Prpriété industrielle, lamy, veron, ribeyre et associes, lyon, paris, p 4.
[46] – حسن علي كاظم، م.س، ص 182.
[47] – محمد شعيبي، م.س، ص 131.
[48] – محسن شفيق، التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1995، ص 28 – 29.
[49] – أحمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم التجاري والداخلي (تنظير وتطبيق مقارن)، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، ط 1، 2004، ص 131.
[50] – محيي الدين، م.س، ص 8.
[51] – عادل علي محمد النجار، نشر أحكام التحكيم بين الحظر والإباحة، مجلة القضاء المدني، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ع 3، ص 107.
[52] – الفصل 308 من قانون 05-08 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية الصادر الأمر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.07.169 بتاريخ 19 من ذي القعدة 1428 (30 ../.. نونبر 2007 )، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذي القعدة 1428 ( 6 دجنبر 2007 )، ص 3894.
الفصل 308 :
“يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق الإجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب..”
[53] – محمد بكار، التحكيم في العقود الواردة على حقوق الملكية الصناعية: عقد تفويت براءة الاختراع نموذجا، مقال منشور بموقع مجلة القانون والأعمال http://www.droitetentreprise.org، اطلع عليه بتاريخ 2016/06/15، على الساعة 14.
[54] – مصطفى محمد كمال، عكاشة محمد عبد العال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية وضع التحكيم من النظام القانوني الكلي – اتفاق التحكيم – خصومة التحكيم، د.د.ن، ط 1، 1998، ج 1، ص 178-181.
[55] – سوزان غازي مصطفى، م.س، ص167- 168.
[56] – المرجع نفسه، ص 145.
[57] – محمد باية، م.س، ص 51.
[58] – محمد بكار، م.س.
[59] – Art 68 de la loi no 68-1 du 2 janvier 1968 tendant à valoriser l’activité inventive et à modifier le régime des brevets d’invention , qui comprend “L’ensemble du contentieux né de la présente loi est attribué aux tribunaux de grande instance et aux cours d’appel ·auxquelles ils sont rattachés, à l’exception des recours formés contre les décrets et les arrêtés du ministre chargé de la propriété industrielle, qui relèvent de la juridiction administrative. La cour d’appel de Paris connaît directement des recours formés contre les décisions du directeur de l’institut national de la propriété industrielle prises en application de la présente loi. Un décret pris sur le rapport du garde des sceaux, ministre de la justice, détermine les tribunaux de grande instance appelés à connaître des actions civiles. Le nombre de ceux-ci ne pourra être inférieur à dix. Il fixe également le ressort dans lequel ces juridictions exerceront les attributions qui leur sont ainsi dévolues “.
[60] – عبد اللطيف بو العلف، الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي دراسة في القانون المغربي والمقارن، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، ط 1، ع 20، 2011، ص 68 – 69.
[61] – المادة 15 من قانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية المغربي، التي تنص على ” يكون للمحاكم التجارية وحدها الاختصاص للبت في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون باستثناء القرارات الإدارية المنصوص عليها فيه “.
[62] – Tatiana Goloubtchikova-ernst, l’arbitrabilité de la propriété intellectuelle dans l’arbitrage commercial international, Université Panthéon-Assas, mémoire pour obtenir un doctorat, 2011, p 39.
[63] – جلال وفاء محمدين، الحماية القانونية للملكية الصناعية وفقا لاتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، القاهرة، مصر، 2000، ص 50.
[64] – محمد باية، م.س، ص 54 – 55.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً