دراسة عن التحكيم في إطار مركز المنظمة العالمية للملكية الفكرية
دكتور/ محمد حسام محمود لطفي
أستاذ ورئيس قسم القانون المدني – كلية حقوق بني سويف -جامعة القاهرة – محام لدى محكمة النقض
القاهرة أكتوبر 2001
التحكيم هو اقدم الوسائل التي ابتكرها الإنسان لفض ما قد ينشأ بينه وبين أقرانه من منازعات وأبرز دليل على أقدمية التحكيم ودوره في حل الخلافات ورد في قضية النزاع الذي نشب بين قابيل وأخيه هابيل على الزوجة التي سيقترن بها حيث كان النظام السائد هو أن يتزوج الرجل بشقيقته بشرط ألا يكون توأما لها، فكان الزواج يتم مع المغايرة في شريك الرحم وبنفس الفترة مفاد ذلك أن المقدر كان أن يتزوج هابيل بتوأم قابيل ويتزوج قابيل بتوأم هابيل، فأراد قابيل أن يتزوج بتوأمه خلافا للمألوف حيث رأي نفسه أحق منها بأخيه. فكان أن احتكما إلى “السماء” فقرب كل منهما قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر[1].
وفي السيرة النبوية ما يدل على وجود نظام التحكيم قبل الرسالة المحمدية حيث احتكم أهل قريش إلى الشاب الورع محمد بن عبد الله في واقعة حمل الحجر الأسود، فكان أن خلع قميصه ووضع عليه الحجر وجعل ممثلي قبائل قريش جميعا يحملون طرفا من القميص فجنبهم بذلك الخلاف الذي نشب بينهم حول أيهم أحق بحمل هذا الحجر الأسود.
ولما بعث الرسول عليه الصلاة والسلام نزل قوله تعالى “بلى لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[2]”
وقـد يختلط التحكيم كوسيلة لفض المنازعات بالوساطة (Mediation) أو التوفيق (Conciliation) حيث لا يستهدف الأخير فض النزاع بحكم حاسم بل الحصول على توافق الأطراف المتنازعة على الحل المقبول منهما وتجد مثالا لذلك في القرآن الكريم في حالة الشقاق بين الزوجين “وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهلها وحكما من أهله أن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما”[3].
وإذا كان الأمر كذلك منذ بدايات البشرية، فالأمر لا يختلف في العصر الحديث حيث ارتضت المجتمعات المتحضرة التحكيم كأسلوب لفض المنازعات وضمنته تشريعاتها بل وأسبغت على أحكامه صبغة “الحكم” وألزمت الأطراف المتنازعة باحترامه، بل وأبرمت معاهدة نيويورك لضمان تنفيذ هذه الأحكام من قبل الدول[4].
وبعد أن وقعت اتفاقية مراكش بإنشاء منظمة التجارة العالمية في ديسمبر عام 1994 تضمن نظاماً، ورأت المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO: World Intellectual Property Organization)[5] أن نضع نظاماً لفض المنازعات بين الأفراد لمواجهة الآفات الثلاثة للنظام القضائي الوطني وهي التأخير (Delay) والمدة (Length) والتكلفة (Cost).
ويتميز هذا النظام الجديد بالتخصص في مجال الملكية الفكرية، فضلا عن انه ثنائي بمعنى أنه يتضمن نظامين لفض المنازعات وهما الوساطة والتحكيم وقد بدأ نفاذ نظامهما اعتبارا من الأول من أكتوبر تشرين الأول عام 1994- يضاف إليهما نظام ثالث للوساطة المتبوعة بتحكيم.
فضلا عن ذلك يتيح المركز خدمات استشارية بشأن اتفاقات إحالة النزاعات إلى أي من هذه الوسائل الثلاثة للتسوية في ضوء ما يعقد من اجتماعات تحضيرية مع الخصوم في هذا الصدد، ويطلق على هذه الخدمات (Good offices) ويقوم المركز بصياغة اتفاق الإحالة سالف الذكر أو المعاونة في ذلك حسبما يرتضي الأطراف.
الوساطـــة
تعتبر الوساطة أسلوبا غير ملزما (non-binding) لأي من الأطراف المتنازعة، فلا يكون في الوسع فرضه عليهم إلا برضاء تام صحيح ومستمد من جانبهم، فإذا ما ارتأى أحدهما نبذه بداية أو العدول عنه في أي توقيت لاحق- وهذا ما يعبر عنه بأنه إجراءات تحت السيطرة (controllable) – زال كل أثر للوساطة.
ويمكن التمييز بين صورتين للوساطة بالنظر إلى ما يتمتع به الوسيط من سلطات – دون إخلال بالطابع غير الشكلي (Informal) الذي يميزه، وسمة عدم المواجهة ((non- confrontational التي تتم إجراءاته فيما بين الخصوم- على النحو الآتي:
الصورة الأولى (الصورة البسيطة): وساطة للتيسير والتقارب (Facilitative Mediation)، وهي عبارة عن وساطة يقتصر دور الوسيط فيها على إطلاع كل طرف متنازع على نقاط الضعف والقوة في موقفه ويجيب عن استفساراته وتساؤلاته المختلفة، ولعل كثرة تطبيقات هذه الصورة جعل الوسيط مجرد “رسول” ينقل وجهات نظر كل طرف إلى الآخر فحسب، فلا يكون للوسيط أي دور تفاعلي مع الأطراف ومفاد ذلك ألا يرد الوسيط على سائل أو يبدي ملاحظة.
الصورة الثانية (الصورة المركبة): وساطة تقويمية (Evaluative Mediation)، وهي عبارة عن وساطة يتجاوز دور الوسيط فيها تقديم الإجابات وجلاء الغامض من الأمور بل ينتهي فيها الوسيط إلى رأي محدد يسنده إلى تقويمه الشخصي لمواقف الأطراف وحججهم وان ظل هذا الرأي غير ملزم لأي من الطرفين.
ونورد فيما يلي أحكام الوساطة بوجه عام:
حالات الوساطة:
تستخدم الوساطة عادة في الحالات الآتية:
– فشل المفاوضات الودية.
– تهيئة مناخ للتسوية دون اللجوء إلى التقاضي أو التحكيم.
– التوصل إلى حل وقائي (Dispute Prevention) لتفادي وقوع نزاع أكبر من مجرد فض النزاع بعد وقوعه ( Dispute Resolution ).
– الخروج من طريق مسدود (Impasse) في معرض إبرام أو تنفيذ اتفاق على درجة من الأهمية كبيرة بالنسبة لأطرافه مثال ذلك عدم الاتفاق على مسألة “فرعية” كتحديد الإتاوة العادلة في عقد ترخيص.
مزايا الوساطة:
– تقليل التكاليف (Cost exposure) حيث عادة ما تتم بلغة واحدة.
– سيطرة الأطراف على النزاع في كل مراحل تسويته بحيث يكون لهم التخلي عن الوساطة في أي وقت دون أن يكون في وسع أي منهما التمسك برأي أبداه أو اقتراح طرحه أثناء الوساطة.
– التوصل إلى تسوية عاجلة.
– الاستفادة من الطابع السري لعملية التسوية لخلاف قائم حيث يلتزم كل من يشارك في الوساطة بما في ذلك الوسيط والأطراف الممثلين والمستشارين والخبراء وكل من يحضر أثناء الاجتماعات بعدم إفشاء ما يطلع عليه من معلومات أو الاحتفاظ بأي نسخة منها.
كما يحظر على المشاركين الانتفاع بالمعلومات المتعلقة بالوساطة أو المحصلة أثناءها أو أن يكشف عنها للغير ما لم يتفق الطرفان والوسيط على غير ذلك، وضمانا لما تقدم يوقع هؤلاء المشاركون على تعهد مسبق للالتزام بسرية الوساطة.
وليس للمركز إدراج معلومات عن الوساطة في أي إحصاءات ينشرها عن أنشطته إلا بشرطين وهما:
الأول: عدم كشف هذه المعلومات عن هوية الأطراف.
الثاني: عدم سماح هذه المعلومات بتحديد الظروف الخاصة بالنزاع.
كذلك ليس للوسيط التصرف بغير صفة الوسيط في أي إجراءات حالية أو مستقبلة تتعلق بموضوع النزاع. يتساوى في ذلك أن تكون هذه الإجراءات قضائية أو تحكيمية أو غيرها إلا في حالتين:
الأولى: الامتثال لحكم من محكمة.
الثانية: إعمال تصريح كتابي من الطرفين.
– عدم انقضاء العلاقات المهنية حيث يتوازى عمل الوسيط مع تنفيذ العقد.
وإذا كان التحكيم يقوم على رد الحق إلى أصحابه (Right based procedure)، فان الوساطة يهمها في المقام الأول المحافظة على المصالح المهنية للأطراف (Interest based procedure) في الماضي والحاضر والمستقبل على حد سواء وبالذات في المستقبل حيث أن الغرض منها يكمن في السعي الحثيث إلى تجنب تأثير النزاع على العلاقات المستمرة فيما بين الأطراف.
فضلا عن ذلك فان ما سيصدر من مقترحات (Proposal) أو عروض للحل (Offers) أو حتى ما سيرتضيه الأطراف من نتائج مترتبة على ذلك لن يكون في وسع أي من الطرفين الارتكان إليه في معرض أي نزاع أو حتى تحكيم آخر بين الخصوم أنفسهم.
مع ذلك فلا مجال للتمسك بالوساطة في الحالات التي ينتفي فيها حسن النية فيما بين الطرفين كما هو الحال في دعاوى القرصنة (Piracy) والتقليد (Counterfeiting) وسوء النية المبيت (Deliberate bad-faith)[6] إذا ما كان مقصود الطرف المدعي بالحق إعلان براءة ذمته على الملأ أو التوصل إلى حل بصدد نزاع غير مسبوق حيث لا توجد بصدده أي سوابق.
أحكام الوساطة:
اختيار الوسيط: يختار المركز وسيطا بعد استشارة الأطراف، فيقدم لهم مقترحاته مشفوعة ببيانات السيرة الذاتية لكل وسيط مرشح، ويراعى في اختيار المركز والأطراف على السواء ما يلي:
(أ) دور الوسيط، فهل سيكتفي بنقل الرسائل وتحليل وجهات النظر أم سيطرح تصوراته الشخصية للحل؟
(ب) المهارة والقدرات، فيتعين أن يكون متخصصا في النزاع ومتمرسا في عمليه الوساطة.
(ج) الجنسية، فقد يرى الأطراف استبعاد جنسيات معينة من نظر النزاع لوجود شبهة في عدم الحيدة أو الأمانة أو الاستقامة، أو الإصرار على جنسيات معينة لنظر النزاع لوجود خصوصية معينة تستدعي ذلك. ولتقريب المعنى نضرب المثال بنزاع فيما بين جنسيتين محددتين فيرغبان في استبعاد أي وسيط من جنسيتهما، على العكس فالمثال الآخر يتعلق بنزاع متعلق بمشكلة لها بعد اجتماعي وسياسي عربي مثلا فيشترط الأطراف أن يكون وسيطهما المختار من جنسية محددة.
(د) العــدد، عادة ما يكون الوسيط فردا، وفي النزاعات المعقدة التي تستدعي وجود أكثر من وسيط كما لو كان النزاع بين طرفين أحدهما من ذوى الثقافة القانونية اللاتينية والآخر من ذوى الثقافة الجرمانية أو الانجلو أمريكية ويراعى دائما أن العدد يكون وترى.
(هـ) المؤهلات، لعل من أبرز العناصر المتحكمة في اختيار الوسيط هو مؤهلاته العلمية والعملية.
إجراءات الوساطة:
المرحلة الأولى: الاتصال بالأطراف، وذلك بهدف وضع جدول موضوعي وزمني للدعوى بمراحلها المتتالية، ويمكن أن تتم هذه المرحلة بالتليفون أو الفاكس أو حتى البريد الإلكتروني ويرتبط بتحديد مراحل إعداد المستندات والمتطلبات الواجب على كل طرف تقديمها قبل أول جلسة وساطة.
المرحلJة الثانية: الجلسة الأولى، ويتم خلالها تحديد القواعد الأساسية الحاكمة لعمل الوسيط (Ground Rowels)، وما إذا كان سيعمل في حضور الأطراف جميعا أو سيعقد لقاءات منفصلة (Caucuses) لكل منهم على حده، فضلا عن ذلك يحدد الوسيط بالتنسيق مع الأطراف مدى حاجته إلى مستندات إضافية أو خبرة علمية أو عملية لم يتضمنها ملف الوساطة. وجدير بالذكر أن لأي من الطرفين إطلاع الوسيط على أي معلومات أو مستندات كتابية يعتبرها سرية، ويحظر من ثم على الوسيط الكشف عنها للطرف الأول إلا بموافقة كتابية مسبقة منه.
المرحلة الثالثة: جلسات لنظر الموضوع، ولا ترتبط هذه الجلسات بعدد معين أو بجدول زمني محدد بل يحكم ذلك طبيعة النزاع، ومدى أهميته، والخيارات المتاحة في شأنه، ولا يوجد ما يحول دون لجوء كل طرف إلى خبرائه ومستشاريه للتقويم المستمر لموقف النزاع.
المرحلة الرابعة: إنهاء الوساطة، ويختلف ذلك بحسب ما إذا كانت مهمة الوسيط بسيطة أم مركبه. فإذا كان الوسيط في وساطة بسيطة يكتفي باستعراض الخيارات ويضع صياغة مقبولة من الأطراف لاتفاق التسوية بعد أن يبين مواطن الضعف والقوة لدى كل منهم، فان الوسيط في وساطة مركبة يضع تقريرا كاملا بما استخلص وما استقر في قناعته في شأن صاحب الحق محل النزاع، وفي كل الأحوال يقتصر دور الوسيط على الاقتراح فحسب، وقد يتمثل افتراض اللجوء إلى التحكيم لفض النزاع يكون هو فيه المحكم الوحيد.
وذلــك بهــدف توفيــر الوقــت والجهد حيث يكون قد ألم إلماما كافيا بجوانب النزاع.
وجدير بالذكر أن الوسيط يلتزم لدى انتهاء الوساطة بأن يرسل إلى المركز دون إبطاء إخطارا كتابيا بانتهاء الوساطة وبين تاريخ انتهائها والنتيجة التي تم التوصل إليها سواء أكانت تسوية كاملة أو جزئية أم إخفاق في التسوية ويظل هذا الإخطار سرياً إلا بالنسبة للأطراف الذين يتسلمون نسخة منه.
– دور المركز في الإجراءات:
يساعد المركز الأطراف المتنازعة في اختيار الوسيط وتعيينه على النحو المتقدم، ويحدد لهم أتعابهم بالاتفاق مع الأطراف والمحكم على حد سواء.
ويلتزم كل طرف في الوساطة أن يودع وديعة مالية يتم الاتفاق منها على سداد أتعاب الوسيط وخدماته المعاونة من ترجمة وسكرتارية.
والجديــر ذكره أن دور المركز في صدد الوساطة يختلف إذا ما تمت الوساطة في مقــر المركز أو خارجه حيث يجهز للأطراف المتنازعة حجرة يخلو فيها كل منه إلى نفسه (Retiring Room) وأخرى للقاءات(Meeting Room) في الأحوال التي تتم فيها الوساطة.
وننــوه بــأن دور المركـــز في الوساطة رهن بتقدم الأطراف بطلب الوساطة (Request for mediation) يتضمــن أسمــاء وعنــاوين الأطراف مع ملخص (Brief Description) للنزاع.
ولا يرق هذا الملخص إلى عرض الحجج والطلبات بل تتمثل في تزويد المركز بتفصيلات كافية (Sufficient Details) حتى تتسنى له مساعدة الأطراف على اختيار الوسيط المناسب لنظر النزاع من بين قائمة المركز من الخبراء وليس المتخصصين في موضوع النزاع والملمين إلماماً كاملا بجوانبه المختلفة بما في ذلك الجوانب التقنية والتجارية والقانونية.
أما إذا تمت الوساطة خارج مقر المركز ، فيكتفي المركز بالمساعدة في تهيئة المكان المناسب لهذه اللقاءات، على أن يتحمل الأطراف كامل التكاليف بما في ذلك نفقات السفر بنسب مئوية متساوية ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.
وتتمثل عناصر التكلفة[7] التي يتكبدها أطراف الوساطة في أمرين :
الأول : أتعاب التسجيل فــي المركـز(Registration Fees)وقد حددت بحد أدنى وهو (10ر0%) من قيمة النزاع وحد أقصى وهو 10.000 دولار أمريكي، ويقتضي الوصول إلى هذا المبلغ أن تكون بقيمة النزاع عشرة ملايين دولار أمريكي.
الثاني: أتعاب الوسيط، وتحسب هذه الأتعاب على أحد أساسيين أولهما الساعة، والثاني يوم العمل، وترتبط قيمة هذه الأتعاب تصاعديا بظروف النزاع ومدى تعقده وقيمة المبالغ المتنازع عليها وخبرة الوسيط والمدة التي أستغرقها في عمله، وهناك جدول لهذه الأتعاب يعتمد بما ورد فيه في تاريخ طلب الوساطة.
عملة التجديد
الحد الأقصى
الحد الأدنى
دولار أمريكي
600
300
الساعة
دولار أمريكي
3500
1500
اليوم
ويلاحظ أن تحديد الأتعاب على هذا النحو يتم بعد استشارة الأطراف والتفاهم مع الوسيط، ولم يفت نظام الوساطة التأكيد على مسئولية الوسيط أو المنظمة العالمية للملكية الفكرية أو المركز تجاه أي طرف عن أي عمل أو سهو مقترن بأي وساطة تباشر وفقا لهذا النظام فيما عدا الأخطاء المرتكبة عن عمد فضلاً عن ذلك يعد طلب الوساطة من الخصوم وقبولها من الوسيط بمثابة نزولا منه عن أي حق في التمسك بسب أو قذف قد ينسب إلى أيٍ من الطرفين أو ممثليهم أثناء التحضير للوساطة أو مباشرتها وجعل الجزاء هو عدم سماع الدعوى. وأخيراً أعتبر التقادم المسقط موقوف حساب مدته اعتباراً من تاريخ الشروع في الوساطة وحتى تاريخ انتهائها.
وعلى أية حال فإن الخبرة العملية تدل على أن الوساطة عادة ما يكون مصيرها الفشل، فهي في أقل القليل ستبين لكل طرف ماله وما عليه في النزاع المطروح.
التحكيـم
يتمثل التحكيم في أسلوب حاسم لفض منازعة إما قبل وقوعها أو بعد وقوعها، وإذا كان التحكيم مرده بداية إرادة الأطراف شأنه في ذلك شأن الوساطة، فإن الاتفاق عليه مفاده جعل القول الفصل في يد هيئة التحكيم، فلا يكون لأي من الطرفين العدول عنه أو التحلل منه. فيتميز بذلك التحكيم بأن الحكم الصادر فيه يستند إلى معيار موضوعي (Objective Standard) مرده إلى القانون واجب التطبيق وليس إلى إرادة الأطراف (Will of partners) فيجتهد كل خصم في إقناع هيئة التحكيم بعدالة قضيته وسلامة حججه وقوة أسانيده، ولا شأن له بخصمه، فلا يقدم دفاعه إلى خصمه بل إلى هيئة التحكيم.
إجراءات التحكيم
المرحلة الأولى:
وقد يكون اتفاق التحكيم، كما سبق ا لقول، سابقا على وقوع النزاع فيسمى شرط التحكيم (Clause Arbitration) وقد يكون لاحقا على ذلك فيسمى مشارطة التحكيم ويعبر عنها بمصطلح (Submission agreement).
المرحلة الثانية:
الاتفاق على ما يلي:
(أ)- القانون واجب التطبيق: فإذا لم يحدد الأطراف اتفاقا حددته هيئة التحكيم حسبما تراه مناسبا.
(ب)- لغة التحكيم: وإن كان لهيئة التحكيم تحديد اللغة المناسبة وفقا لظروف النزاع أو استجابة لطلبات أطرافه.
(ج)- عدد المحكمين: إذا ما أخفق الأطراف في الاتفاق عليه حدده المركز بواحد ما لم تكن ظروف النزاع تتطلب مشاركة عدد اكبر فيحدده المركز بثلاثة محكمين.
التحكيم المعجل
Expedited Arbitration
يتمثل هذا التحكيم الاتفاقي (Conventional Arbitration) وهو عبارة عن تحكيم يرتضيه الأطراف ويستجمع عدة عناصر تجعل منه تحكيما معجلا، علما بأنه لا يختلف عن نظام التحكيم العادي إلا بعدة عناصر نوردها فيما يلي:
أولا: مدة نظر النزاع:
تنظر ا لدعوى في جلسات مكثفة خلال مدة ثلاثة أيام فحسب، ما لم تستدعى الدعوى المنظورة مدة أطول- مفاد ذلك أن الأصل هو احترام قاعدة الثلاثة الأيام والاستثناء وهو تجاوز هذه المدة.
ثانيا: عدد المحكمين:
تتشكل هيئة التحكيم المعجل من محكم فرد. وإذا لم يتم تعيين المحكم المنفرد خلال 15 يوما بعد الشروع في التحكيم ، تولى المركز تعيين المحكم المنفرد.
ثالثا: إجراءات التحكيم:
يلتزم أطراف التحكيم بما يلي:
– التقدم بطلب التحكيم(Request) ومعه مذكرة بالطلبات (Statement of Claims).
– التقـدم بمذكرة الدفاع (Statement of Defense) ومعها مذكرة بالرد على الطلبات (Answer) ويلتزم المدعى عليه بأن يوجه إلى المركز وإلى المدعى ردا على الطلب يتضمن تعليقات على أي عنصر من عناصر طلب التحكيم في غضون عشرين يوما من تاريخ تسلم طلب التحكيم من المدعى أو في غضون عشرة أيام من تاريخ تعيين هيئة التحكيم أيهما لاحق.
رابعا: المدة الإجرائية:
حددت مدة إجرائية أقصر وفرض اختتام إجراءات التحكيم في غضون ثلاثة اشهر فسحب اعتباراً من تاريخ تسليم مذكرة الدفاع أو إنشاء هيئة التحكيم أيهما لاحق كلما كان ذلك ممكنا ومعقولا.
ويصدر حكم التحكيم في موعد شهر واحد متى كان ذلك ممكنا ومعقولا.
ويتضح مما سبق أن المدد أنقصت في شأن اختصار إجراءات التحكيم إلى ثلاثة اشهر بدلاً من تسعة، وفى شأن إصدار حكم التحكيم إلى شهر واحد بدلا من ثلاثة اشهر.
الوساطة المتبوعة
بالتحكيم في غياب التسوية
وتتمثل هذه الوساطة في إجراء مزدوج يتيح للأطراف الانتقال من الوساطة إلى التحكيم خلال مهلة زمنية يتفق عليها الأطراف مسبقا، على التفصيل المتقدم.
ARBIT1/HOS/WP98/AF/SA
الهوامش
([1]) تتمة القصة أن قابيل رفض “الحكم” الصادر لصالح شقيقه وقتله.
(2) آية رقم 65 سورة النساء.
(3) آية رقم 35 سورة النساء.
(4) وضعت في نيويورك في الفترة من 20 مايو- 10 من يونيو سنة 1958 ويبلغ عدد الأعضاء فيه مائة وسبع عشرة دولة طبقا لإحصاء رسمي تم في الأول من يونيو سنة 1998.
(5) منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة وتضم مائة وسبع وخمسين دولة ويعمل فيها خمسمائة وخمسون عضوا من حوالي ستين جنسية، وتحقق دخلا سنويا قدره مائة وخمسون مليون فرنك سويسري يمثل دخل التسجيل الدولي منها 86% من هذا الدخل.
(6) كما إذا كان وجه النزاع ظاهر الفساد لثبوت حق المدعى ( ).
(7) يتناصف الأطراف رسم التسجيل وأتعاب الوسيط وسائر مصروفات الوساطة، بما في ذلك على وجه الخصوص مصروفات تنقل الوسيط الضرورية وأي مصروفات مقترنة بخدمات الخبراء ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً