على النساء في عقد النكاح بين تراضي العاقدين أو الإجبار (دراسة فقهية مقارنة)
د/أبكر عبدالبنات آدم إبراهيم-أستاذ مشارك-قسم مقارنة الأديان
كلية العلوم الإنسانية-جامعة بحري-السودان
ملخص
تناولت الدراسة الولاية على النساء في عقد النكاح بين تراضي العاقدين، لأن بناء العلاقات الزوجية سنة من سنن الأنبياء والمرسلين، فالتوافق بين الزوجين هو اللبنة الأساسية لبناء المجتمع البشري. ولقد سعت الدراسة إلى الكشف عن التحديات الفقهية الماثلة التي تواجه الأمة المسلمة عامة، والسودانية على وجه الخصوص لما تقتضيه المصلحة العامة حول الآراء المتباينة في أحقية المرأة في تزويج نفسها دون وجود الولي، وكذلك معرفة الآثار المترتبة على ذلك. استخدم الباحث المنهج الوصفي والتحليلي والمقارن.
Abstract
This study deals with the mandateof women in the marriage contract between the consent of the two partiesand agreament because the construction of marriage relationship is one of the Sunna of prophets and messengers. Consensus between spouses is the basic building of human society. The study seeks to discover current jurisprudential challenges of facing the Muslim community in general and Sudanese in particular for the public interest. The divergent views are based on the woman’s right to marry herself without the guardian and the consequences. The researcher used the descriptive, analytical, and comparative.
مقدمة
تمثل الأسرة اللبنة الأساسية لبناء المجتمعات البشرية المؤسسة على القيم السلوكية، كما تعتبر القانون الذي يعمل على حماية الإنسان من النزوع نحو ارتكاب الفواحش، وبموجب تلك المعطيات عندما يبلغ الشخص سن الرشد، يجوز له أن يتزوج وفق الشرع الإلهي، أو حسب الأعراف والتقاليد، إما بالتراضي أو بالتعاقد، أو بالوكالة، وغيرها.وقد يرى بعض العلماء أن ولاية المرأة بنفسها في عقد الزواج يخالف الفطرة الطبيعية، وتعتبر وسيلة من وسائل الفساد الاجتماعي.
ولذلك جاء الشرع الاسلامي لينظم تلك العلاقة باشتراط مباشرة عقد الزواج بواسطة ولي المرأة: أبوها،والأصل في اشتراط الولي قول النبيّ صلى الله عليه وسلم:”أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له”[1]،وبموجب الحديث الشريف لا يتم الزواج الشرعي في الإسلام إلا بتوفر صيغة الايجاب والقبول بين الرجل الراشد والبالغ والعاقل،مع وجود ولي للمرأة، والشهادة، والمهر، والعفة (الإحصان) والكفاءة، وهذه تمثل أهم شروط عقد الزواج مع الاختلاف في ثبوت بعضها، وهو اتفاق بين الراغبين على القيام بخلق علاقة إرتباط يلتزم كل منهما تجاهه بواجبات معينة، ولكل من الطرفين حقوق لدى الطرف الآخر.
مشكلة الدراسة:
بما أن التزاوج سنة الأنبياء والمرسلين، والتوافق بين الزوجين هو صمام الأمان في بناء تلك اللبنة، إلا أنما نشاهده اليوم من اختلاف العلماء حول مسألة وجود الولي أو عدمه يمثل نوع من الخلاف والاختلاف.
أهمية الدراسة:
تسعى الدراسة إلى الوقوف أمام التحديات الفقهية التي تواجه الأمة السودانية في ظل الخلاف والاختلاف حول أحقية الفتاة في زواج نفسها بنفسها.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة في تحقيق الأهداف التالية:
-معرفة الآراء المتباينة حول أحقية المرأة في مباشرة إجراء عقد الزواج بنفسها.
-الكشف عن ما تقتضيه المصلحة العامة في الزواج في ظل غياب الولي.
-إلقاء الضوء على الإشكالات التي ستواجه المجتمع السوداني حول قانون حق المرأة في زواج نفسها.
-الوقوف أمام الأثار الناجمة عن تطبيق قانون زواج المرأة نفسها.
فرضيات الدراسة:
تكمن فرضيات الدراسة في الإجابة عن التساؤلات التالية:
ما هي المنافع التي يجلبها زواج المرأة لنفسها؟
هل زواج المرأة بغير الولي يمثل إجماع أهل السودان؟
إلى أي مدى يمثل غياب الولي نوع من الحرية للمرأة؟
هل طيلة هذه الأعوام عاشت المرأة السودانية بدون حرية؟
من المستفيد من قانون زواج التراضي؟
منهج الدراسة:
استخدم الباحث المنهج الوصفي والتحليلي لمعرفة أوجه الشبه والاختلاف بين جمهور العلماء حول شرط توفر الولي عند العقد، أو الزواج بالتراضي. المبحث الأول: مفهوم الولاية: إن الولاية في الزواج من أهم أنواع الولاية على النفس، لأنها تتعلق بنفس المولى عليه، فهي سلطة مطلقة في الأمور الشخصية[2].
وتنقسم الولاية إلى قسمين[3]:
ولاية قاصرة: وهي سلطة تزويج المرأة نفسها عند توفر الأهلية، وليس لأحد حق الإعتراض.
ولاية متعدية: وهي سلطة تزويخ الغير، إجبارية أو إختيارية.
ويرى الفقهاء أن ولي المرأة هو الذي لا يقوم الزواج إلا به، فتأكيد الولاية عند المذاهب الأربعة على النحو التالي: * الولاية عند الأحناف: الولاية عند الفقه الحنفي، هي سلطة الولي على من تحت ولايته، وبهذا المنطوق فإن الولاية هنا ولاية الإجبار وليس الإختيار[4].
* الولاية عند المالكية: تنقسم الولاية عند الفقه المالكي إلى قسمين[5]: ولاية عامة، وولاية خاصة. فالعامة هي ولاية القرابة والنسب، فقالوا بقوله تعالى:{…وَأُوْلُواْ الأَرْحَام بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلّ شَيْءٍعَلِيمٌ}[6]. أما العامة فللمسلمين، وقالوا بقوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُم أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُون بِالْمَعْرُوف وَيَنْهَوْن عَن الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُون الزَّكَاةَ وَيُطِيعُون اللّه وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[7].
* الولاية عند الشافعية: لقد عبّر فقهاء الشافعية عن مفهوم الولاية بالآتي:”ولايكون الرجل ولياً بولاء وللمزوجة نسب من قبل أبيها يعرف ولا للأخ والولاية بحال أبدا إلا أن يكونوا عصبة وإذا لم يكن للمرأة عصبة ولها موال فمواليها أولياؤها ولا ولاء إلا لمعتق ثم أقرب الناس بمعتقها وليها كما يكون أقرب الناس به ولي ولدا لمعتقلها وقال اجتماع الولاة من أهل الولاء في ولاية المزوجة كاجتماعهم في النسب”[8]، وبمفهوم النص فإن الولاية في الزواج عندهم تثبت لدفع العار.
* الولاية عند الحنابلة: يرى فقهاء الحنابلة أن الولاية في الزواج هو موافقة ولي المرأة على عقد زواجها، وهذا ما ذهب إليه ابن قدامة، حيث قال:” فإذا زوجت المرأة نفسها أو غيرها لم يصح ولا تملك توكيل غير وليها، فإذا فعلت لم يصح”[9]. المبحث الثاني: أوجه الشبه والاختلاف بين الفقهاء حول حق الولاية
اتفق المالكية، والشافعية، والحنابلة على ضرورة وجود الولي في النكاح فكل نكاح يقع بدون ولي أو من ينوب منابه يكون باطلاً، فليس للمرأة الحق أن تباشر عقد زواجها بأية حال من الأحوال سواء كانت كبيرة أو صغيرة عاقلة أو مجنونة. وخالفهم الحنفية في ذلك فقالوا: إن الولي ضروري للصغيرة والكبيرة المجنونة، أما البالغة العاقلة سواء كانت بكراً أو ثيباً فإنها صاحبة الحق في زواج نفسها ممن تشاء[10].
اتفق القائلون بضرورة الولي، وقُسم إلى قسمين: ولي مجبر، وولي غير مجبر. واتفق الشافعية، والحنابلة على أن الولي المجبر هو الأب والجد، وخالف المالكية فقالوا: الولي المجبر هو الأب فقط. واتفق المالكية والحنابلة على أن وصي الأب بالتزويج مجبر كالأب[11]. بخلاف الشافعية فإنهم لم يذكروا وصي الأب، وزاد الحنابلة أن الحاكم يكون مجبراً عند الحاجة.
اتفق القائلون بالإجبار على أن الولي المجبر له جبر البكر البالغة بأن يزوجها بدون إذنها ورضاها، ولكن اختلفوا في الشروط التي يصح تزويج المجبرة بدون إذنها.
اتفقوا أيضاً على أن الثيب لا جبر عليها، ولكن للولي حق مباشرة العقد، فإذا باشرته بدونه يكون باطلاً، فالولي والمرأة الثيب شريكان في العقد، فحقها أن ترضى بالزواج صراحة، وحقه أن يباشر العقد، هذا إذا كانت كبيرة بالغة، أما إذا كانت ثيباً صغيرة فهي ملحقة بالبكر البالغ فيزوجها الولي المجبر بدون إذنها ورضاها ما لم تبلغ، وخالف الحنابلة فقالوا: إن الثيب الصغيرة التي تجبر هي ما كانت دون تسع سنين، فإن بلغت تسعاً كانت كبيرة لا تجبر[12].
اتفق المالكية، والشافعية، والحنابلة على أن الولي غير المجبر وإن كان يتوقف عليه العقد ولكن ليس له أن يباشره بدون إذن من له عليها الولاية ورضاها صريحاً إن كانت ثيباً أو ضمناً إن كانت بالغة، هذا في الكبيرة، أما الصغيرة فقد اتفقوا على أنها إذا كانت دون تسع سنين فإنه لا يجوز للولي غير المجبر زواجها بحال من الأحوال.
ثم اختلفوا بعد ذلك، فقال الملكية: إن بلغت عشر سنين وخيف عليها الفساد إن لم تتزوج فللولي أن يزوجها بإذنها. وهنا لا بد من رضاها صراحة أو يكفي صمتها.
وقال الشافعية: لا يصح للولي أن يزوج الصغيرة التي لم تبلغ إلا إذا كان أباً أو جداً، لأن الولي غير المجبر إنما يزوج الصغيرة بالإذن ولا إذن للصغيرة، أما إذا كانت مجنونة فإنه يجوز للحاكم أن يزوجها إذا بلغت. وقال الحنابلة: إذا بلغت الصغيرة تسع سنين كانت ملحقة بالكبيرة العاقلة، فللولي غير المجبر أن يزوجها بإذنها ورضاها، فإن كانت دون تسع فللحاكم أن يزوجها عند الحاجة.
اتفق الشافعية، والحنابلة على أن حق الأولياء غير المجبرين الأب، ثم الجد. وخالف المالكية فقالوا: إن أحقهم بالولاية الابن ولو من زنا، بمعنى أن المرأة إذا تزوجت بعقد صحيح صارت ثيباً، ثم زنت وجاءت بولد يكون مقدماً على الأب والجد[13].
أما إذا زني بها قبل أن تتزوج بعقد صحيح وجاءت من هذا الزنا فإنه لا يقدم على الأب في هذه الحالة لأن الزنا عندهم لا يرفع البكارة فيكون الأب ولياً مجبراً، وهذا الكلام في غير المجبر، ووافقهم الحنفية على أن أحق الأولياء في النكاح الإبن.وخالف الشافعية، والحنابلة فقالوا: إن أحق الأولياء الأب ثم الجد ولكن الحنابلة قالوا: إن الابن يلي الجد في الولاية.
والشافعية قالوا: إنه لا ولاية للإبن على أمه مُطلقاً.
اتفق الشافعية، والحنابلة والحنفية على أنه لا يصلح للولي البعيد أو الحاكم أن يباشر عقد الزواج مع وجود الولي الأقرب المستكمل للشروط. وخالفهم المالكية فقالوا: إن الترتيب بين الأولياء مندوب لا واجب. فإذا كان للمرأة أب وابن فزوجها أبوها صح وإن كانت مرتبته بعد مرتبة الإبن. وكذا إذا كان لها أخ شقيق وأخ غير شقيق فزوجها غير الشقيق مع وجود الشقيق فإنه يصح. فإذا لم ترضى المرأة بحضور أحد من أقاربها فزوجها الحاكم فإنه يصح لأنه من الأولياء. وإذا وكلت واحداً من أفراد المسلمين بحكم الولاية العامة مع وجود ولي صح، وهذا كله في الولي غير المجبر، أما الولي المجبر فوجوده ضروري عندهم.
اتفق الشافعية والمالكية والحنابلة على أن الولاية في النكاح يشترط لها الذكورة، فلا تصح ولاية المرأة على المرأة. وخالف المالكية فقالوا: تتصف المرأة بالولاية إذا كانت وصية أو مالكة أو معتقة.
اتفقوا على أن الفسق يمنع ولاية النكاح، فمن كان فاسقاً انتقلت الولاية عنه إلى غيره.وخالف الحنفية فقالوا: إن الذي يمنع الولاية هو أن يشتهر الولي بسوء الاختيار فيزوج من غير كفء وفي هذه الحالة يكون للبنت الصغيرة الحق في رد النكاح بعد أن تكبر ولو كان المزوج أباً.
اتفقوا على أن العدالة ليست شرطاً في الولي. وخالف الحنابلة فقالوا: إن العدالة الظاهرية شرطاً في الولاية إلا في السلطان والسيد.
اتفقوا على أن للولي الحق على أن يوكل من ينوب منابه في عقد الزواج.
المبحث الثالث:
مفهوم الزّواج لغة واصطلاحا الزّواج لغةً: من زوَّج الشّيء، وزوّجه إليه: أي ربَطهُ به، وهو بمعنى الاقتران والارتباط، ويُطلَق على كلّ واحدٍ من الزّوجين اسم زوجٍ إذا ارتبطا بعقد نكاحٍ[14]. أمّا عقد الزّواج: فهو عقدٌ يتَضَمَّن اتفاق الطرفين[15].
أما اصطلاحاً: يعني قيام شراكة زوجية بين الطرفين، بحيث يلتزم كل منهما بواجبات وأصول والتزامات معينة تضمن حقوق كل من الطرفين، الغرض منها إقامة حياة زوجية سعيدة.
وقد اختلف كثير من الفقهاء حول مفهومه وتعريفه، فمنهم من قال أنه عقد يحل للرجل الاستمتاع بالمرأة قصداً بواجب شرعي ومنهم من قال أنه عقد بين الطرفين(الزوج والزوجة) بعد توفر الأساسيات،ولا يجب الانحراف عنها أو تبديلها أو نقصانه[16]. وقد وصف القرآن الكريم عقد الزّواج بالميثاق الغليظ كما في قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[17]، ويعني أن الله سبحانه وتعالى جعل لإقامة تلك اللبنة السّكينة، والاطمئنان، والمحبّة، والمودّة، والاستقرار، والأمان، وهو تشبيهٌ بليغٌ؛ حيث وصف طبيعة العلاقة بين الرّجل والمرأة على أنّهما جسمان في روحٍ واحدةٍ، وهذا ما جعل الرّابطة الزوجيّة مُقدّسةً، لا تماثلها أيّة رابطةٍ أخرى، لذلك جاء عقد الزّواج يحوي أركاناً وشروطاً وآداباً. وحتى تسير الأسرة وفق تلك النظم الإسلامية، يجب أن يراع فيها المتاع،و الوصايا والمواريث بعد الموت[18].
وقد جاء في قصص الأنبياء بأن النبيّ موسى عليه السلام تراضى مع الرجل الصالح على الصداق حين أراد الزواج من أحد إبنتيه، لقوله تعالى:{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}[19]، وفي هذه إشارة إلى أن موسى عليه السلام أتفق مع الرجل الصالح على أن يدفع مهر ابنته عملاً عنده لمدة ثمانى سنوات فإن أتم عشر سنوات عملاً فذلك تفضل من النبي موسى؛ ووافق موسى عليه السلام على أساس أن يختار لنفسه أي الأجلين دون حرج ، وجعلا الله تعالى وكيلاً لهما على عقد الزواج،وبالتراضى عليه فقد أصبح لازماً بين الطرفين والعقد صحيح لقوله تعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }[20]، ووجه الدلالة هنا أن اللّه تعالى يخاطب أولياء النساء فينهاهم عن منعهن من الزواج بمن يرضينه لأنفسهن زوجاً، فلو لم يكن لهؤلاء الأولياء حق المنع لما كان لخطابهم بمثل هذا.وقد نقل عن الشافعي رضي اللّه عنه أنه قال: إن هذه الآية أصرح آية في الدلالة على ضرورة الولي، غير أن الحنفية قد أجابوا عن هذا بجوابين، الجواب الأول منع كون الآية خطاباً للأولياء، بل هي تحتمل أن تكون خطاباً للأزواج الذين يطلقون أزواجهم، وتحتمل أن تكون خطاباً للمؤمنين عامة.
أما الأول: فهو الظاهر المتبادل من لفظ الآية الكريمة، فهو سبحانه يقول لمن يطلقون نساءهم: إذا طلقتم النساء فلا تستعملوا معهن الوسائل الظالمة التي يترتب عليها منعهن من الزواج[21]. وأما الثاني: فمعناه إذا طلقتم النساء أيها المؤمنون وأصبحن خاليات من الأزواج والعدة فلا يصح أن يقع بينكم عضلهن ومنعهن من الأزواج سواء كان ذلك المنع من قريب أو من ذي جاه، وإلا كنتم مشتركين معه في الإثم لأن عضل المرأة من الزواج منكر حرمه اللّه تعالى، والنهي عن المنكر فرض على المؤمنين، وإزالته لازمة على كل قادر حُكماً[22].
ولا تعارض بين هذا الذي ذكرناه وبين ما رواه البخاري من أن الآية نزلت في معقل بن يسار حيث كان قد زوج أخته لرجل فطلقها زوجها ثم أراد الرجوع إليها ثانياً فأبى أخوها معقل أن تعود إليه مع كونها راغبة فيه، ونظير ذلك ما قاله المفسرون في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[23]، إذ قال الفخر الرازي[24]: إن الآية عامة ولكنها صادفت حادثة الوليد المشهورة، ومع ذلك فإذا سلم أن الآية نزلت في حادثة أخت معقل بخصوصها فإن الخطاب فيها يجب أن يكون عاماً لكل من يعضل النساء سواء كان ولياً أو غيره، فليست مقصورة على الأولياء بلا نزاع. وهنالك من يرى أن صيغة الآية خطاب لمعقل وغيره من أقارب المرأة بخصوصهم، ولكن ليس في الآية ما يدل على أن لهم حق الولاية على النساء مطلقاً، وإنما تدل على أن من منع منه النساء من التزوج فهو آثم لا حق له في هذا، وهذا المنع لا يلزم أن يكون مترتباً على الولاية بل هو ظاهر في أنه مترتب على ضعف النساء، وعدم قدرتهن على استعمال حقهن. وبيان ذلك أن المرأة تستكين عادة لمن يكفلها أو لعاصبها القريب من أب أو أخ فتفنى إرادتها في إرادته خصوصاً في هذا الجانب الذي يغلب فيه الحياء على معظمهن، فالآية الكريمة تفيد أنه لا يصلح للرجال أن يستغلوا هذا الضعف فيسلبوا النساء حقوقهن الطبيعية في التزاوج بالكفء الذي يرغبن فيه، وهذا يتضمن أن للمرأة الحرية في اختيار الكفء الذي تريده زوجاً لأن النهي عن منعها من الزواج يتضمن إباحة الحرية لها في الاختيار.
المبحث الرابع: أركان الزّواج إن عقد الزواج يعتبر من أسْمى العقود على وجه هذه البسيطة لما يترتَّب عليه من حُرمة نَسَبٍ ومُصاهرةٍ وإقامة علاقاتٍ أُسريةٍ واجتماعيّة، ولما ينْبَني عليه من أحكام تَخُصّ الفرد والأسرة والمُجتمع، وقد جعله الله عزَّ وجل السَّبيل الوحيد للإحْصان، بعد أن حرَّم كل الطّرق المُفضيَة إلى انتهاك حُرمة الفرج[25].
وقد جعل جمهور العلماء للزّواج أركانٌ وضوابط وشروطٌ ينبغي مراعاتُها، كما يجب على العاقدين الانصياع لتلك الأركان حتى يكون العقد صحيحاً[26]. فالمعلوم إذا تخلف الركن يبطل العقد، أما إذا تخلف الشرط لا يؤدي إلى بطلان العقد. بناءاً على القاعدة الفقهيّة المشهورة:”إنّ الأصل في الأبضاع التّحريمُ”[27]، فقد أوجد الشّارع لكلّ عقدٍ مجموعةً من الأركان التي لا ينعقد العقد ولا يتمّ إلّا بها، وتتبعُها بعض الشّروط الأخرى التي لا تخالف النظم الإسلامية التي تحفظ للإنسان كينونيتها.
وقد اختلف الفقهاء في أركان عقد الزّواج على قولين: أوّلهما أنّ عقد الزّواج له ركنٌ واحدٌ(الصيغة)، وهو رأي الحنفيّة والشيعة الإمامية[28]، أمّا القول الثاني: فهو أنّ لعقد الزّواج خمسةُ أركانٍ، وهو رأي جمهور الفقهاء، وما ذهب إليه الرأي الثاني تتضمن في الآتي:
* الصَّداق: الصّداق أو المهر هو أحد أركان عقد الزّواج عند بعض جمهور الفقهاء كالمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة، وقد استدلّوا على ذلك بأدلة من القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة والإجماع، أمّا دليلهم من القرآن الكريم فهو قوله تعالى:{وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }[29]، أما من السّنة ما جاء عن سهل بن سهد الساعدي رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال:” التَمِسْ ولو خَاتَماً من حديدٍ”[30]، وهذا تنبيه من الحديث النبويّ الشريف بأنّ المهر ركنٌ في عقد الزّواج، وإن قلَّت قيمته، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:” لا نِكاحَ إلّا بِوَليّ وصَداق وشاهِدَيْ عَدلٍ”[31]، وقوله:” لا نكاح” دليلٌ على انتفاء تمام العقد بِلا صداقٍ، وقد أجمع الصّحابة على ذلك، فلا يَجوز التَّراضي لأجل إسقاط المهر من العقد[32].
* العاقِدان: المقصود بالعاقدين الزَّوج وولي الزّوجة، وكلّ واحدٍ منهما ركنٌ مُستقلٌّ بذاته، فلا ينعقد النّكاح بأحدهما دون الآخر[33]. * الشُّهود: لا يَنْعَقِدُ الزّواج إلا بِحُضُور شاهدَين عدلين.
* الوَلِيّ: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الولي ركنٌ في الزواج، فلا يتمُّ عقد النِّكاح إِلَّا بولِيٍّ، وذلك لقَوله تَعَالَى:{ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[34]، وقال ابن قدامة” فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا سلطان أن يزوجها رجل عدل بإذنها”[35]، لأن الولي مطالب بمراعاة مصلحة موليته.
* الصيغة: أي اللفظ المعتبر في القراءة: وهنا يشار إلى أنّ الفُقهاء قد اتّفقوا على الأركان الخمسة سالفة الذكر لإتمام عقد الزَّواج، حتّى فقهاء الحنفيّة، الذين ذهبوا إلى أنّ ركن النّكاح واحدٌ فقط، وهو الصّيغة، وقالوا باشتراطِ باقي تلك الأركان، فلا ينعقد عقد الزّواج إلّا بِوُجود تلك الشّروط، والخِلافُ بينهم خِلافٌ شَكليٌ.
وتنقسم شُروط عقد الزواج إلى ثلاثة أقسامٍ: شُروطُ انعقادٍ، وشُروط نَفاذٍ، وشُروطُ جَواز. وقد اتَّفق الفقهاء على هذه الشُّروط بما في ذلك الحنفيّة. ومن خلال تلك الشروط يجب أن تكون خُطوات إجراء عقد الزّواج الشرعي،ووفق ما تمَّ بيانه من أقوال الفُقهاء، وحسب المذهب المتبع في البلد المعين،مع مراعاة النّقاط التالية: يتقدَّم شابٌ لخِطبة فتاة، فيخبر أهلها بنيّته عازماً على إتمام العقد عليها إن تمّت المُوافقة من قِبَلِهم.
يَعِدُ أهل الفتاة الشّاب بإتمام العقد بَعد أخذ المُوافقة من الفتاة. يَتِم الاتّفاقُ على المهر والشُّروط لكلا الطّرفين والتي يُريدان إضافتها إلى عقد الزّواج إن رَغِبا. يُخاطِب وَلِيُّ المَخطوبة – والدها أو شقيقها أو من يكون له حقّ الأهليّة بشرط توفر صيغة الايجاب والقبول.
وهذا ما جاء في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي أشارت على اشتراط الولي في النكاح وبطلان الزواج إذا لم يكن بالولي وهي أدلة واضحة وكافية، ولذلك صار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذاك المنوال وهم قدوتنا بمقتضى هذه النصوص الواضحة الدلالة، حيث قال العلامة ابن المنذر رحمه الله:”إنَّه لا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك” أي لا يعرف أحداً قال خلاف اشتراط الولي في الزواج[36]. فالذي اشتهر ذكره عن الصَّحابة رضوان الله عنهم قولاً وفعلاً أن الذي يزوِّج النِّساء هم أولياؤهنَّ من الرجال، وفي هذا دعوى لإجماع الصحابة على القول بأنَّه “لا نكاح إلا بوليٍّ”، وكفى بإجماعهم حجَّة على المسلمين ما لم يخالف الشرع الإسلامي،فإذا لم يعقد الولي فإن العقد غير موجود أو معناه لا يصح النكاح إلا بولي، قال تعالى:{وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}[37]، أي أنه إذا لم يتوفر الولي فالعقد غير صحيح.
وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء، كما هو مذهب الصحابة جميعاً، وقد روى عكرمة بن خالد قال:”جمعت الطريق ركباً فجعلت امرأة منهن ثيب أمرها بيد رجل غير ولي فأنكحها فبلغ ذلك عمر فجلد الناكح والمنكح ورد نكاحها”[38].
وما ذهب إليه السلف الصالح أرادوا في ذلك إبراء ذمتهم عندما قالوا :” إذا وجدتم قولنا يخالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولنا عرض الحائط”.. وكان الإمام مالك رحمه الله يقول:” كلٌيؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر ويعني النبي صلى الله عليه وسلم …”[39]. وقد يتعجب المرءُ من قوم الذين يريدون أن يغيّروا أمر الزواج بحجة الحرية والحفاظ على الحقوق في بلادنا، فيريدون أن يباح زواج (التراضي) ويتحجّجون بأقوال قد لا تفيد المجتمع الإسلامي كثيراً بقدر ما تزرع الخلاف والاختلاف في الفقه الإسلامي، وهذا ما أراد به المستشرقين والمنصرين، فقالوا أنَّ هنالك ضعف في الفقه الإسلامي، فاليوم نحن نحقق لهم اطماعهم الثقافية والفكرية.
وهنالك من يرى أن النفي يتوجب الكمال، أي لا نكاح كامل إلا بولي، فإذا لم يعقد الولي نكاح المرأة، فزواجها صحيح. واستدل أصحاب هذا الرأي على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:” الثيب أحق بنفسها من وليها”[40].
لكن يرد عليهم بأن هذا الحديث ينص على أن الثيب لابد من أن تعبر عن رضاها، ولا ينص على أنها هي التي تتولى العقد بنفسها، وهذا ما ذهب إليها المالكية الذين يرون أن الولي شرط في الزواج ولا يصح إلا به، بحيث لا تعقد المرأة الزواج لنفسها بنفسها، فإن عقدت لنفسها فإن الزواج يفسخ قبل الدخول وبعده[41].
وعلى هذا سارت المدونة في أول الأمر، حيث كانت تعتبر أن الإيجاب أو القبول يقع من ولي الزوجة فقط. وقد نصت في الفصل الثاني عشر، في الفقرة الثانية منه:” لا تباشر المرأة العقد ولكن تفوض لوليها أن يعقد عليها”. وقد تم تغيير هذه الفقرة بمقتضى التعديل الذي صدر في ربيع الأول 1414هـ حيث قرأت هذه الفقرة كالآتي:” تفوض المرأة لوليها أن يعقد عليها”، كما أنها أعطت المرأة الرشيدة التي لا أب لها الحق في أن تعقد زواجها بنفسها من غير حاجة إلى ولي يتولى العقد نيابة عنها”.
ويتبين من هذه النصوص التي جاءت في المدونة إنّ الولاية تعتبر ركناً من أركان الزواج في الحالتين التاليتين:
-المرأة غير الرشيدة، سواء كانت بكراً أو ثيباً، كان لها أب أو لم يكن، عاقلة كانت أو مجنونة.
-المرأة التي لها أب. سواء كانت بكراً أو ثيباً، رشيدة أو محجورة[42].
ومن خلال تلك المعطيات، لا يجوز أن يدخل كل طرف من طرفي العقد مكرهاً، وهو ما يشار إليه بزواج(التراضي)!! فهذه الحالة تمثل حديث الساعة في السودان!! إذ انبرى في الأيام الماضية أناس كُثر يتحدثون في هذه المسألة وبعضهم لم يحط بها علماً، وإنما أراد أن يخوض مع الخائضين !! بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير!! وفتح الباب على مصراعيه للأسف الشديد كلٌ يدلو بدلوه حسب ما يرنو له من أهوائه دون مراعاة لخصوصية البيت السوداني الذي بُنيّ أساسه على نظم وتقاليد إسلامية لا يستطيع كائن من كان الانفكاك منها.
ومن جراء تلك الفتاوي أبدت كثير من الفتيات تحفظهن على مقترح زواج بدون ولي الذي تم تداوله في الشارع السوداني لإعتبارات إجتماعية كثيرة أهمها: الصورة الذهنية الراسخة لمكونات الأسرة في المجتمع السوداني، وتوافق الكثير من العادات والتقاليد للنظم الإسلامية خاصة في بناء العلاقة الزوجية، حيث ترى الفتيات أن الزواج بموافقة الولي يحفظ كرامة المرأة وكبريائها عند زوجها، ويحفظ كرامة أوليائهن وأهلهن في وسط المجتمع، فالذين يخرجون عن هذا السياق ينظرون إليهن بدونية أحياناً.
أما الشباب فلديهم وجهة نظر مختلفة، فمنهم من ينظر بإيجابية لزواج التراضي، ومنهم من يرون خلاف ذلك، فالذين يوافقون الرأي يرون أنه يقلل نسبة العنوسة وسط الفتيات في المجتمع،ويستندون في نظرتهم على أن زواج التراضي قد يسهم في تخفيض التكاليف المادية الباهظة لمن يريد أن يقيم الحياة الزوجية، وكفالة حرية الاختيار للمرأة،بل يرون في هذا لا يعني أنّه لا يوجد نسوة إلتزمن بالإسلام عقيدة وسلوكاً، وأصبحن قدوة حسنة لإسرتها ولزوجها، وللمجتمع السوداني كله.
فالسودان ليس بعيداً عن هذه الموجة الثقافية والفكرية التي تنداح بين أنحاء العالم الإسلامي، لذلك فإن قانون نظام الأسرة تثور حوله عدة مغالطات فقهية أحياناً، وسياسية أحياناً أخرى دون مراعاة لخصوصية المجتمع السوداني الذي بُني كل تعاليمه الإسلامية وفق المذهب المالكي، فكثرة المطلقات، وتشرد الأبناء في الشوارع، وتفكك الروابط الأسرية، وارتفاع عدد الأطفال غير الشرعيين، والأمهات العوانس،كل هذه المشاكل كلها بسبب وجودمن ينادون بالتجديد في أصول الفقه، كذلك هنالك من يريدون أن لا تكون هنالك قانون تحكم بناء تلك اللبنة بآليات تمنع تفشي الظواهر السالبة التي تعيشهاالمجتمع السوداني.
فالمقصود من زواج التراضي الذي يجادل فيه الكثيرون من السودانيين، أن من المرأة أن تختار شريكها بنفسها دون الرجوع للولي، أو تطابق الإرادتين على إحداث العلاقة الزوجية دون الرجوع للولي، وهذا محل الخلاف. إنّ الاسلام يراعي الأعراف والتقاليد التي لا تخالف مقاصد التشريع، فحتى الأحناف يتحدثون عن أن (الثيّب) هي ولية نفسها، ومن المعلوم أن وضع القوانين لا يتم إلا بمشاركة من قبل الفقهاء حتى لا تصبح المؤسسات الدينية عبارة عن مجالس شعبية، فالذين يتحدثون عن حالات قد طرأت في الفترات الأولى من صدر الدولة الإسلامية فإن ذلك لحل مشكلة اجتماعية معينة حفظاً للدين والنفس والنسل، واتقاء الفتنةفي ارتكاب المعاصي.
فإذا نظرنا للتكوين الاجتماعي في السودان نجده يختلف كثيراً عما هو موجود في الدول الإسلامية، حيث أن رجوع المرأة لعقد النكاح عند القاضي لا تشكل ظاهرة، وبهذا ليست ظاهرة ثقافية أو فكرية، وحتى إن وجدت لا يعتبر ذلك رفض من الولي عن الزواج .وبموجب أهمية الولي فإذا نظرنا للديانة اليهودية لا يتم القران المدني والديني إلا بموافقة الولي، والدولة تحاسب الأولياء بصرامة شديدة، لأن القانون يمنع الزواج من غير اليهودية إلاّ القليل منهم،وكذلك الشيعة الإمامية يشترطون حضور الولي حتى عند زواج المتعة[43].
المبحث الخامس: مزايا الزواج بوجود الولي *زواج الولي يحقق بر الوالدين: إن وجود الولي شرط من شروط النكاح عند جمهور فقهاء المسلمين كما سلف، ولا يصح نكاح المرأة ثيباً أو بكراً بدون إذن وليها وهو الأب أو الوصي ثم يترتب بعده الأقرب فالأقرب من عصبتها أو ذو الرأي من أهلها أو السلطان.
وقد أفتى بعض الفقهاء ببطلان عقد الزواج الذي تتولاه الفتاة دون علم أبيها وهو وليها باستثناء أبي حنيفة النعمان[44]. فكل هذه النصوص وغيرها أقرت وأوجبت الولاية في النكاح وأقرت بطلان النكاح بلا ولي ولم يقدح أحد العلماء في صحة هذه الأدلة، والقاعدة الأصولية تقول”لا اجتهاد مع وجود النص”[45].
أمَّا القائلون بصحة زواج المرأة بدون ولي فحجتهم في ذلك أن بعض الأولياء قد يضيِّقون على بناتهم فيزوجونهن عنوة ولا يتركون لهن حرية اختيار، والتمسك ببعض العادات والتقاليد التي لا تمتُّ إلى الإسلام بصِلَة، وهناك من يرى وجود الولي صورة من صور القصور عند المرأة خاصة إذا بلغت مراتب عالية في المعرفة والعلم، بينما تعتبر قاصرة في عقد زواجها، وحتى إن سلَّمنا جدلاً بأن هذا الحذر مشروع ومعتبر إلاَّ أنَّ الإسلام قد حسم هذا الإشكال ولم يغفل عن حق المرأة في اختيار من تحب أو ترغب الزواج به[46].
وقد منع الإسلام العضل وهو منع المرأة أن تتزوج ممن ترغب فيه بدون عذر شرعي أو إجبارها أن تتزوج بمن لا ترغب فيه.
* حماية المرأة وصون عرضها: ولم يجعل الإسلام ولاية الولي مُطْلَقة غير مقيَّدة أو مشروطة بل اشترط الولي العدل الذي لا يمنع موليته من النكاح، فإن كان غير عدل في ولايته كفساد دينه أو رأيه فتسقط عنه الولاية وتنتقل إلى أحد الأقارب حسب الترتيب الشرعي، أو إلى القاضي فهو ولي من لا ولي له، فسُلطة الأب على ابنته ليست مطلقة بل يقتصر وجوب رأي الولي على البنت القاصر التي لم تبلغ سن الزواج ولا تفقه مصلحتها في اختيار الرجل المناسب، وبعد البلوغ تتحول إلى ولاية مشورة ونصيحة وتوجيه وليست ولاية تسلُّط وتحكُّم واستبداد[47].
ومن هنا فإن وجود الولي هو الملاذ الآمن والملجأ الحصين للمرأة، فالغرض عند إبرام العقد هي إعادة الاعتبار والقيمة الاجتماعية للمرأة، ومن هنا فإن وجود الولي في عقد الزواج هو حصن الأول والأخير المحافظ عن شرف المرأة وعن مستقبلها، لذلك فإن إلغاء ركن الولي من الزواج لا يهدف أبداً إلى رفع مكانة المرأة ومساواتها مع الرجل كما يدعي البعض، وإنما هو احتقار وإهانة لها.
* حفظ كرامة المرأة: الحكمة من نظام الولاية في الزواج هي تكريم المرأة التي تقدم على أخطر مشروع في حياتها،ألا وهو الاقتران والمباشرة برجل لأول مرة لبناء صرح من الحياة الزوجية تقوم على الألفة والمحبة وإنجاب الأطفال، فالزواج علاقة شراكة تعني الجمع بين عائلتين، وقد تكون بين قبيلتين أو قريتين أو مملكتين يندمج فيها الزوجان بعائلتيهما، وتتعلق به حقوق غير المتعاقدين وهم الأولاد الذين من حقهم معرفة نسبهم الصحيح، وليس الزواج مجرد عقد بين شاب وشابة فكل ما يترتب على الزواج ينسحب على العائلتين المتصاهرتين سلباً أو إيجاباً فزواج ابنهما أو بنتهما قد يشرفهما أو يذلهما ويلحق بهما الإهانة، ولذلك كان حضور وموافقة الولي شرطاً أساسياً لعقد النكاح. فالزواج بالولي يحفظ كرامة المراة عند زوجها وأهله مضيفه أن الشريعة جعلت المرأة لا تسافر إلا برفقة محرم ناهيك عن الزواج الذي يصنع المجتمع.وفي هذه إشارة إلى أن اشتراط الولاية في الزواج يحقق مصلحة المرأة، ويرفع قيمتها، ويحافظ على الروابط الأسرية التي تربط بين المرأة وأقاربها وأهل زوجها، وبغير وجود الولي قد تنساق وراء هوى نفسها لأن المظاهر خداع.
* ضمان لصحة العلاقة بين الزوجين: إنً وجود الولي في الزواج ضمان لصحة وجدية بناء العلاقة بين الزوجين، وهو الذي يحرص على مصلحتهما، فيوافق على زواج بنتها المناسب سناً وديناً وخُلقاً ومكانة اجتماعية، فالولاية فيها صحة لقيام عقد الزواج، وصيانة المرأة عن حضور مجلس عقد الزواج الذي يحضر أقارب الزوج، وحياء المرأة تاج عفتها وكرامتها[48]، فالولي هو أحرص الناس على مصلحة الفتاة، وهو الذي له قدم سبق بأحوال وطباع الرجال وأهوائهم، وبالتالي له من القدرة الذهنية والفكرية الذي يجعله أن يختار لإبنته زوجاً صالحاً دون تأثير أو هوى النفس، فالولي هو أكثر الأشخاص شفقةً وعطفاً على إبنتها دون غيرها. فالفتاة التي تكون في مقتبل عمرها المبكر أو مازالت في فترة المراهقة قد تسقط في فخ المغريات والإغراءات المادية والعاطفية وقد يدفعها الفقر أو الحاجة أو قلة التجربة وقصر النظر وضعف عاطفتها، وعدم خبرتها بشؤون الرجال وأحوالهم وأخلاقهم وأسرارهم، فتنخدع بالمظاهر البراقة والكلام المعسول، والوعود الخاوية فتنساق وراء العواطف الجياشة، وخاصة من ذوي النفوذ والمال فتزوج نفسها في لحظة ضعف فتصبح زوجة وفريسة لرجلٍ، كان الغرض من بناء تلك العلاقة قضاء نزوته فقط دون الحاجة لإتمام سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
* تحقيق كرامة المرأة في الإسلام: إنّ الولاية تعتبر في الواقع مظهراً من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة. حيث كلف الرجل بأن يضع نفسه في خدمة المرأة التي في ولايته، ليعينها على اختيار الزوج الصالح، وليصونها عن الابتذال والوقوف من زوجها المنتظر موقف المساوم المماكس. هذا بالإضافة إلى أن الزواج في مجتمعاتنا الإسلامية لا يخص المرأة وحدها، ولا تقتصر آثاره على الزوجين فقط، وإنما يؤثر على الأسرة كلها، وعلى أقارب الزوجين معا لأن الإسلام يأمر بتمتين الروابط الأسرية التي تجمع بين الأقارب، والمحافظة على المودة وصلة الرحم بين الأهل.
ويرى الأستاذ أبوبكر صالح:”إنّ الاحتجاج برأي أبي حنيفة يمكن أن يستصحب معه المذهب المتبع في الدولة المعنية، لأن أبا حنيفة لم يلغ الولاية في الزواج مطلقاً، بل لم يشترط الولي بالنسبة للمرأة التي ليس لها ولي، وولاية المرأة العاقلة أو الراشدة نفسها هي ولاية ندب واستحباب”[49]، ولذلك يندب ألا تتولى المرأة العقد بنفسها محافظة على مصلحتها وصيانة لحيائها[50].
فالخليفة عمر بن الخطاب عندما أراد توقيف حد السرقة عام المجاعةلم يقل إن عُمراً رضي الله عنه قد أراد إلغاء حدَّ السرقة، بل أرجأه لانتفاء مبرراته ومسوغاته، وكذا أبو حنيفة ألغى بعض صيغ الولاية الظاهرة والمتعارف عليها، حتى لا تحكمه بعض الملابسات التي صرفته عن أصله، فلا يجوز التعامل مع الأدلة الفقهية بطريقة مقطوعة من أدلتها فتأخذ على عمومها، وقد اشترط أبو حنيفة لصحة تزويج المرأة نفسها بدون ولي شروطاً حتى لا يكون زواجها عاراً أو مذلةً لأهلها، فقال بوجوب أن يكون الزوج كفءً وهذا ضمان لكي لا يصبح زواج المرأة إهانة أو إساءة لأهلها فإن لم يتحقق ذلك فللولي أن يبطل الزواج، وهكذا يجب أن يفهم رأي أبي حنيفة موصولاً بهذه الضوابط، إذ لم يكن ترخيصاً على الإطلاق.
من خلال ما ذكر لا توجد مبررات إلغاء شرط الولي من الزواج إذ لم تعترضه عوارض أو نواقض، لأن وجود الولي في عقد الزواج لم يكن بدعاً جديدةً في مقاصد التشريع الإسلامي، بل يشكل جزء أساسي في الكليّات الخمسة( حفظ الدين-حفظ النفس- حفظ العقل- حفظ النسل- حفظ المال) كما لم نسمع بصورة أو بأخرى بأن هنالك فتاة سودانية واحدة أرادت أن تستغني أو تشتكي من وجود أبيها أو أهلها في عقد قرانها. بل أنّ معرفة الأهل وحضورهم في كل مراحل الزواج سلوكٌ متجذر ومتأصل في الثقافة السودانية المتعدد الإثنيّات والقبائل والعشائر، وهذا يشكل مظهر من مظاهر الفخر والاعتزاز بالأمة السودانية المنصهرة في بوتقة متاسكة في دينها وعاداتها وتقاليدها،والتي تمثل صمام الأمان من كل ما يهدد الخلية الأساسية للمجتمع السوداني.
المبحث السادس: الأثار السالبة تجاه الزواج بدون ولي لم تستبعد الدولة السودانية مذهبها المالكي الذي يؤكد على وجوب الولي كركن أساسي في عقد الزواج يتفق معها في ذلك المذهبان الأخران الشافعية والحنابلة، وتراعي في هذا خصوصية الثقافة والواقع الاجتماعي للشعب السوداني، فلا يوجد هنا مصوغات موضوعية يجعلنا نتمسك بالقول الآخر الذي قد تفضي إلى عواقب وخيمة على الفتاة والأسرة والمجتمع،كما أن غياب الولي يولد تخوفاً كبيراً لدى الكثير من الأسر السودانية.
أيضاً يرى الكثيرون إن حذف ركن الولي تبقى الأركان الأخرى لا معنى لها، في كل مكان فالشهود وما أكثرهم وما أسهل تواطؤهم وشراءهم بأبخس الأثمان، والصداق ولو بخاتم من حديد،والرضاء حاصل منذ البداية بين الشاب والفتاة، فالسؤال ما نسبة نجاح مثل هذه النوع من الزواج؟ فإذا أرادت الفتاة لنفسها مستقبل مشرف عليها الاهتمام بالأب أو الولي محل الزواج.
فالتعديلات في قانون الأسرة التي تنادى بها القانون الجديد لا تخرج عن كونها جزء من الإصلاحات التربوية فقط، وهذا ما ينادي به الغرب للموائمة بين الحضارتين الغربية والإسلامية(مؤتمر القاهرة، مؤتمر بكين، مؤتمر الفاتيكان، مؤتمر حوار الحضارات… وعيرها. ومن خلال تلك الشواهد فإن الأب هو المسؤول الأول عن ابنته حتى تبلغ سن الرشد، وبعد أن يتقدم لها زوج يقوم بتسليم تلك الرعاية للزوج وقد جاءت الآيات القرآنية مخاطبة أولياء الأمور، كقوله تعالى:{ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[51]، وهنالك من يرى أن محصلة الزواج بالتراضي تفسد القيم والأخلاق، وقد تكون سبباً في الطلاق، لذلك فإن وجود الولي يمثل إكراماً للبنت وتقوية لمكانتها الاجتماعية.أيضاً أشار آخرون إلى أن زواج التراضي قد يؤدي إلى خلق مشاكل اجتماعية كالتفكك الأسري وفقدان التوافق بين الأسر[52].
بينما يشبه آخرون زواج التراضي بالزواج العرفي لعدم إشتراط موافقة الولي فيه، وأن المجتمع والأسرة السودانية لا تحتاج لمثل هذه القوانين.
ومن خلال تلك المعطيات فإننا لسنا مع الجدال الدائر اليوم لأن إرتفاع نسبة العنوسة ليس من أسبابها وجود الولي، أو رفض الأبويين أن تذهب الفتاة إلى القاضي، فإذا أدركا بأن في زواجها الصلاح والفلاح فيجب زواجها انطلاقاً من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”[53].
وأيضاً يرى بعض علماء الاجتماع أن مثل هذه القوانين الضرر فيها أكبر من النفع، وقد يمهد لصراعات وايدولوجيات لا يحتاجها المجتمع السوداني على المستوى الفكري والثقافي. لذلك تعتقد الاستاذة حنان(جامعة النيلين) أن الشذوذ عن المنظومة والقاعدة الإلهية ستصبح إشكالية، وذلك لعدة أسباب منها الاخلال بشرع الله، وبطبيعة وخصائص المجتمع السوداني الممتد والمتداخل الذي مازالت تسيطر عليه الحميمية الأسرية والمشورة والتقصي في مسائل الزواج، فالسؤال كيف لمجتمع أن يعطى فيه المرأة بصلاحيات تتجاوز العرف الاجتماعي مضيفة أنه يجب ألا تخلق اشكالية لمعاير الزواج التي تبني على أسس واضحة لاتحتاج لأي قانون وجدال ونقاش لأن الله وضع أسس ينبني على المودة والرحمة بين الشريكين[54].
وعلى تلك الحجج فالمرأة السودانية لا تعاني من أي ضغوط في خيارات الزواج حالياً بل هي تتفق مع من تختاره زوجاً، وذلك تحسباً لأي صراع يحدث داخل المؤسسة الزوجية، فنحن نحتاج لقوانين أهم من هذه القوانين لأن المرأة السودانية تتمتع بصلاحيات كبيرة لا تتمتع بها حتى المرأة العربية ويرى الخبير القانوني سمير شيخ إدريس:إن فكرة تعديل الشكل المتعارف عليه في العقد بأركانه وشروطه معركة في غير معترك مشيراً لوجود العديد من القوانين التي يجب تعديلها كالقوانين المقيدة للحريات والحقوق والرقابة مضيفاً أنه لا توجد عيوب كثيرة في قانون الأحوال الشخصية،وموضحاً أن مسار التعديل محل الخلاف في قانون الأحوال الشخصية…
ولتحقيق تلك الغايات تم إلغاء بعض مواد الدستور في قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991م واستحدثت ولاية البنت لنفسها باعتبار البنت ولية نفسها، وبموجب تلك الفلسفة تم تعديل المواد 32 الى37والتي تنص كلها على ضرورة وجود الولي في الولاية حيث نصت المادة (37)على سقوط الولاية إذا ترك الولي الإنفاق على موليته سنة كاملة بدون عذر فتسقط ولايته عليها أو إذا امتنع الولي عن تزويج موليته فيجوز لها أن تطلب من القانوني أو القاضي تزويجها .
حيث جاء نص التعديلات الوارد في المادة بإسم(حق التزاوج)كما يلي :الأسرة هي الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع ولها الحق في حماية القانون، عند بلوغ سن الرشد المقررة قانونا يجوز التزاوج بين ذكر وانثى بالتراضي وبالتعاقد مباشرة أو وكالة، وتسير الأسرة وفق دين الأطراف أو عرفها، على أن يراع المتاع والوصايا والمواريث بعد الموت،لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ }[55]، وعليه فإنه يمكن القياس هنا؛ مع الأخذ في الإعتبار أن عقد الزواج من أهم العقود التي يعقدها الإنسان؛ والله تعالى وصف عقد الزواج بأنه ميثاق غليظ لقوله تعالى:{وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً}[56].
خاتمة أكدت الدراسة أن ولاية عقد النكاح في ظل وجود الولي تشكل البوتقة الأساسية في المحافظة على قيام حياة زوجية خالية من التحديات والتهديدات، مقرونة بآراء الفقهاء الذين تحدثوا عن إرادة الطرفين في بناء عقد الزواج. وقد خلصت الدراسة إلى النتائج التالية:
* الأصل في الزواج التراضي مع بقاء حق الولي.
* التوافق بين العاقدين شرط أساسي في قيام حياة زوجية خالية من العيوب.
* هنالك جملة من الأثار السلبية المترتبة على غياب الولي عند الزواج.
* لا يمثل زواج المرأة بغير الولي إجماع أهل السودان.
* تفهمت الأسر السودانية خطورة المجادلة في ثقافة زواج التراضي بدون ولي.
* استغلال بعض الجهات لقانون حرية المرأة في اختيار الزوج.
* هنالك عدة عيوب للعقد بالتراضي منها: الغش، والاكراه، والاستغلال، والخيانة. أهم التوصيات
* ضرورة العمل بمقتضى الشرع الإسلامي مع بقاء حق الولي في الزواج.
* العمل على بناء التوافق بين العقدين وفق المذهب المعمول في الدولة المعنية.
* نشر ثقافة ولاية النكاح في المناهج الدراسية.
* الوقوف أمام التحديات والتهديدات التي تنادي بأحقية المرأة في الزواج بنفسها دون الرجوع للولي. المراجع ابن القرطبي،أبو الوليد محمد بن أحمد(1999م). بداية المجتهد ونهاية المقتصد.دار ابن حزم،بيروت،ط2. ابن المنذر،أبو بكر بن محمد النيسابوري(2004م). الإجماع.تحقيق خالد بن محمد أبو الأعلى.دار الآثار للنشر والتوزيع، دمشق،ط2. ابن حزم،محمد علي(1985م).الفصل بين الملل والأهواء والنحل.
دار الجيل،بيروت،ط2. ابن عبدالبر، أبوعمر يوسف بن عبدالله(1993م). الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار. دار قتيبة، القاهرة.باب الكناح.ط2. ابن فارس، أحمد بن زكريا(1411هـ).معجم مقاييس اللغة.تحقيق عبدالسلام هارون.دار الجيل،بيروت،ط2ج3. ابن قدامة،محمد بن عبدالله بن محمد النيسابوري(1972م). المغني.دار الكتب العلمية،بيروت،ط2. ابن منظور،محمد(1973م).لسان العرب.دار الفكر العربي.بيروت،ط3ج2. أبو داود، سليمان بن الأسعش(1314هـ).سنن أبي داؤود.تحقيق محمد محي الدين. دار الفكر العربي،بيروت،ط2. ابن بزيزة،عبدالعزيز بن إبراهيم(2010م). روضة المستبين في شرح كتاب التلقين. دار بن حزم،الرياض،ط1ج1. البخاري، محمد بن إسماعيل(1314هـ).صحيح البخاري.دار القلم،القاهرة،ط3ج4. الترمذي، أبو عيسى(1989م). سنن الترمذي.
تحقيق أحمد شاكر، وعبدالباقي عطية، مطبعة الحلبي، كتاب النكاح،ط2ج3. الجزائري،جابر بن موسى(1988م). النكاح والطلاق أو الزواج والعرف. مطابع الرحاب،الجزائر،ط2. الجزيري،عبدالرحمن(1989م). كتاب الفقه على المذاهب الأربعة. مكتبة المنار، بيروت،ط2ج3. الحصني،أبوبكر بن محمد(1994م). كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار.دار الخير،دمشق،ط1. داؤد،أحمد محمد علي(2009م). فقه الأحوال الشخصية المقارن.دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان،ط1. الرازي، فخر الدين(1986م). مفاتيح الغيب. دار الكتب العلمية،بيروت،ط2. الرملي، شمس الدين محمد بن أبي العباس(1997م).غاية البيان في شرح زيد بن رسلان.دار المعرفة،بيروت،ط1. الزحيلي، وهبة(1987م). الفقه الإسلامي وأدلته.دار الفكر،دمشق،ط4ج4. الشافعي،حسين بن محمد(1987م). الأفصاح عن عقد النكاح على المذاهب الأربعة.دار الجيل،بيروت،ط2ج5. الشافعي،محمدبن إدريس(1980م).كتاب الأم.دارالفكر للطباعة والنشر،بيروت،ط1ص15. شهبون،عبدالكريم(2006م). الشافي في شرح مدونة الأسرة.ط1ج2. صالح، أبو بكر(2017م):http/www.taddart.org/?p=1008 الصدر،السيد محمد صادق(2009م). ما وراء الفقه. دار الأضواء للطباعة للنشر والتوزيع، دمشق،ط1. الغزالي، ومنصور(2009م). أحكام الأسرة في الفقه الإسلامي.دار الفكر الجامعي، الإسكندرية،ط1. مالك بن أنس، أبو عبدالله(1994م).الموطأ.دار إحياء العلوم العربية. القاهرة،ط1. مالك، ابن أنس(بدون تاريخ). المدونة الكبرى.دار الكتب العلمية.بيروت،ط2. النووي، أبو زكريا محي الدين يحي بن شرف(1991م). روضة الطالبين وعمدة المتقين.المكتب الإسلامي،بيروت،ط3.
http://islamport.com/d/2/fgh/1/29/337.html.
http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-265804.htm.
http://alsudanalyoum.com/2017/02/28.
http://www.maghress.com/10835.
[1]- البخاري، محمد بن إسماعيل(1314هـ).صحيح البخاري.دار القلم،القاهرة،ط3ج4ص5135. [2]- الغزالي، ومنصور(2009م). أحكام الأسرة في الفقه الإسلامي.دار الفكر الجامعي، الإسكندرية،ط1ص265. [3]- الصدر،السيد محمد صادق(2009م). ما وراء الفقه. دار الأضواء للطباعة للنشر والتوزيع، دمشق،ط1ص22. [4]- شهبون،عبدالكريم(2006م). الشافي في شرح مدونة الأسرة.ط1ج2ص78. [5]- مالك، ابن أنس(بدون تاريخ). المدونة الكبرى.دار الكتب العلمية.بيروت،ط2ص345. [6]- سورة الأنفال:75. [7]- سورة التوبة:71. [8]- الشافعي،محمدبنإدريس(1980م).الأم.دارالفكرللطباعةوالنشر،بيروت،ط1ص15. [9]- ابن قدامة،محمد بن عبدالله(1972م). المغني.دار الكتب العلمية،بيروت،ط2ص67. [10]- http://islamport.com/d/2/fgh/1/29/337.html [11]- المغني(بدون تاريخ). الشرح الكبير.ج8ص145. [12]- داؤد،أحمد محمد علي(2009م). فقه الأحوال الشخصية المقارن.دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان،ط1ص167. [13]- الجزائري،جابر بن موسى(1988م).مصدر سابق.ص234. [14]- ابن منظور،محمد(1973م).لسان العرب.دار الفكر العربي.بيروت،ط3ج2ص60. [15]- ابن فارس، أحمد بن زكريا(1411هـ).معجم مقاييس اللغة.تحقيق عبدالسلام هارون.دار الجيل،بيروت،ط2ج3ص3425. [16]- الرملي،شمس الدين محمد بن أبي العباس(1997م).غاية البيان في شرح زيد بن رسلان.دار المعرفة،بيروت،ط1ص245. [17]- سورة الروم:21. [18]- الزحيلي، وهبة(1987م). الفقه الإسلامي وأدلته.دار الفكر،دمشق،ط4ج4ص2934. [19]- القصص:27. [20]- سورة البقرة:232. [21]- الحصني،أبوبك بن محمد(1994م). كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار.دار الخير،دمشق،ط1ص365. [22]- الزحيلي،وهبة(1987م).مصدر سابق.ص3452. [23]- سورة الحجرات:6. [24]- الرازي، فخر الدين(1986م). مفاتيح الغيب. دار الكتب العلمية،بيروت،ط2ص54. [25]- الجزيري،عبدالرحمن(1989م). كتاب الفقه على المذاهب الأربعة. مكتبة المنار، بيروت،ط2ج3ص157. [26]- نقلاً عن عائشة نوفل: http:/mawdoo3.com [27]- الشافعي،حسين بنبن محمد(1987م). الأفصاح عن عقد النكاح على المذاهب الأربعة.دار الجيل،بيروت،ط2ج5ص432. [28]- ابن القرطبي،أبو الوليد محمد بن أحمد(1999م). بداية المجتهد ونهاية المقتصد.دار ابن حزم،بيروت،ط2ج4،ص234. [29]- سورة النساء:4. [30]- البخاري،محمد بن إسماعيل(1314هـ).مصدر سابق.ص5145. [31]- أخرجه أبو داود 1/635، كتاب النكاح: باب في الولي، حديث 2085، [32]- النووي، أبو زكريا محي الدين يحي بن شرف(1991م). روضة الطالبين وعمدة المتقين.المكتب الإسلامي،بيروت،ط3ج7ص45. [33]- بابن بزيزة،عبدالعزيز بن إبراهيم(2010م). روضة المستبين في شرح كتاب التلقين. دار بن حزم،الرياض،ط1ج1ص7440. [34]- سورة البقرة:232. [35]- ابن قدامة،محمد بن عبدالله(1972م). المغني.دار الكتب العلمية،بيروت،ط2ص87. [36]- ابن المنذر،أبو بكر بن محمد النيسابوري(2004م). الاجماع.تحقيق خالد بن محمد أبو الأعلى.دار الآثار للنشر والتوزيع، دمشق،ط2ص123. [37]- سورة البقرة:221. [38]- الرملي،شمس الدين محمد(1997م). مصدر سابق.ص432. [39]- ابن المنذر،أبو بكر بن محمد النيسابوري(2004م).مصدر سابق:324. [40]- ابن عبدالبر، أبوعمر يوسف بن عبدالله(1993م). الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار. دار قتيبة، القاهرة.باب الكناح.ط2،ص20.حديث رقم:31132. [41]- مالك بن أنس، أبو عبدالله(1994م).الموطأ.دار إحياء العلوم العربية. القاهرة،ط1ص34. [42]- http:/www.maghress.com/10835 [43]- الزحيلي،وهبة(1987م).مصدر سابق.ص4452.بالتصرف. [44]- النووي،أبو زكريا(1991م).مصدر سابق.ص67. [45]- ابن حزم،محمد علي(1985م).الفصل بين الملل والأهواء والنحل.دار الجيل،بيروت،ط2. [46]- الحصني،أبو بكر بن محمد(1994م).مصدر سابق.ص456. [47]- الحصني،أبو بكر بن محمد(1994م).المصدر نفسه.ص287. [48]- الرملي،شمس الدين محمد بن أبي العباس(1997م). غاية البيان شرح ابن رسلان.دار المعرفة، بيروت،ط2ص267. [49]- صالح، أبو بكر(2017م):http/www.taddart.org/?p=1008 [50]- الجزائري،جابر بن موسى(1988م). النكاح والطلاق أو الزواج والعرف. مطابع الرحاب،الجزائر،ط2ص56. [51]- سورة النور:32. [52]- http:/alsudanalyoum.com/2017/02/28 [53]- الترمذي، أبو عيسى(1989م). سنن الترمذي. تحقيق أحمد شاكر، وعبدالباقي عطية، مطبعة الحلبي، كتاب النكاح،ط2ج3ص394حديث رقم1084. [54]- http//www.alrakoba.net/news-action-show-id-265804.htm [55]- سورة المائدة:1. [56]سورة النساء:20-21.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً