النفاذ المعجل
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
من جملة البيانات التي قد يتضمنها الحكم الصادر عن المحكمة ( النفاذ المعجل ).
إن الحكم الصادرعن المحكمة لا يقبل مبدئياً التنفيذ بمجرد صدوره ، بل يخضع من أجل تنفيذه إلى شرطين :
الشرط الأول : هو تبليغه للخصم. هذا بالنسبة للحكم الصادر عن محاكم البداية أو محاكم الاستئناف.
الشرط الثاني : انقضاء مهلة الطعن بالاستئناف بالنسبة للأحكام التي يقبل الطعن فيها بالاستئناف أما بالنسبة للأحكام الجزائية المتعلقة بالحقوق الشخصية فلا يجوز تنفيذها ما لم تصبح مبرمة(م 289 ف2 أصول المحاكمات) فانقضاء مهلة الاستئناف بالنسبة لهذه الأحكام لا يكفي لاعتبارها قابلة للتنفيذ بل يجب أيضاً انقضاء مهلة الطعن بالنقض بخصوصها.
على أنه خلافاً لهذه القاعدة يجوز تنفيذ الحكم قبل حلول ميعاد الاستئناف في الحالات التالية:
أولاً : إذا كان النفاذ المعجل منصوصاً عليه في القانون.
ثانياً : إذا تضمن الحكم الصادر النفاذ المعجل ، وهذا النفاذ المعجل يكون إما وجوبياً أو جوازياً.
فالنفاذ المعجل : هو إذاً استثناء من القاعدة العامة في التنفيذ ، وهو تنفيذ الأحكام قبل الأوان العادي لإجرائه أي قبل أن يصير الحكم حائزاً لقوة الشيء المحكوم به، ولهذا يوصف بأنه معجل، وهذا التنفيذ يتعلق مصيره بمصير الحكم ذاته فيبقى إذا بقي الحكم وأيدته محكمة الطعن، ويزول ويسقط وتسقط إجراءاته إذا ألغت محكمة الطعن ذلك الحكم ولهذا وصف بأنه مؤقت .
حالات النفاذ المعجل للحكم
تتفاوت حالات النفاذ المعجل بحسب قوة حق المحكوم له في إجراء التنفيذ رغم قابلية الحكم للطعن فيه فهو قد يكون تنفيذاً معجلاً بقوة القانون أو تنفيذاً معجلاً قضائياً .
أولاً- النفاذ المعجل بحكم القانون أو النفاذ المعجل القانوني :
هو النفاذ الذي يستمد قوته التنفيذية من إرادة المشرع ويتعين تسبيب الحكم بالنفاذ المعجل وإلا كان باطلاً وفي حال صدر حكم في طلبات متعددة لا تخضع لقاعدة واحدة من حيث النفاذ المعجل فمن الواجب أن يخضع كل شق من هذه الطلبات للقاعدة الخاصة به . ( %C‡Wٌuو الوفا )
بمعنى آخر يكون الحكم قابلاً للتنفيذ الجبري لمجرد صدوره في إحدى حالات التنفيذ المعجل التي قرر المشرع أنها واجبة للحكم” بقوة القانون” فالحكم في هذه الحالة يستمد صلاحيته للتنفيذ من نص القانون مباشرة ولو لم يطلبه الخصم ودون حاجة لأن تصرح المحكمة به في حكمها فإذا رفضت المحكمة صراحة إجازة تنفيذ الحكم معجلاً في إحدى حالات التنفيذ المعجل بقوة القانون فإنها تكون قد أخطأت ويكون للمحكوم له أن يطعن في الحكم لوجود خطأ في الوصف من شأنه منع تنفيذ الحكم، أما إذا لم تتعرض المحكمة لطلب النفاذ بالرفض وصدر الحكم خالياً من الإشارة إليه فلا يكون الحكم باطلاً لانتفاء الخطأ من جانب المحكمة ويكون الحكم مشمولاً بالتنفيذ المعجل بقوة القانون.
الحالات التي يكون فيها النفاذ المعجل واجباً بقوة القانون :
نصت المادة 290 من قانون أصول المحاكمات على الحالات التي يكون فيها النفاذ المعجل واجباً بقوة القانون ، وفي هذه الحالات يقبل الحكم الصادر النفاذ المعجل وإن لم يتضمن ما يفيد ذلك وليس من الضروري أن يقدم طالب التنفيذ كفالة ليصار إلى التنفيذ المعجل إلا إذا قررت المحكمة ذلك، وهذه الحالات هي:
1-الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة أياً كانت المحكمة التي أصدرتها وذلك ما لم ينص في الحكم على تقديم كفالة :
المواد المستعجلة هي جميع القرارات الصادرة في مواد مستعجلة بطبيعتها التي تقضي بتنفيذها وعدم تأخير ذلك وتعليقه على انقضاء مهل الطعن.
لكن ينبغي عدم المزج بين المواد المستعجلة والدعاوى التي تنص على رؤيتها بسرعة لأن هذه الأخيرة لا تحمل موضوعاتها الطابع الذي تحمله المواد المستعجلة.
وقد قرر المشرع هذا المبدأ نظراً لطبيعة الحكم الصادر في المواد المستعجلة ، إذ من شأن التأخير في التنفيذ نتيجة اتباع طرق الطعن إيقاع الضرر بمصالح المدعي. فالحكم الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة بتعيين حارس قضائي أو بالحجز أو بإجراء عمل مستعجل خشية ضياع الوقت لا يجوز تأخير تنفيذه انتظاراً لانقضاء ميعاد الاستئناف أو بعد الفصل في الاستئناف إذا طعن فيه استئنافاً إذ قد ينتج عن هذا التأخير زوال الأسباب التي من أجلها لجأ المدعي إلى قاضي الأمور المستعجلة فيلحق به من جراء ذلك ضرر لا يمكن تلافيه، فإذا صدر حكم مستعجل فإن المحكوم له يمكنه استعمال حقه في التنفيذ المعجل دون حاجة إلى الانتظار حتى يحوز الحكم قوة الأمر المقضي به ، ومن القرارات التي تعتبر مستعجلة وبالتالي يتوجب تنفيذها وعدم تعليق ذلك على مرور مهلة الطعن فيها: (القرار الصادر بتعيين حارس قضائي – القرار الصادر ببيع المال المتنازع عليه بسبب قابليته للتلف أو لتقلب الأسعار وذلك بسبب طبيعة الموضوعات الصادرة فيها).
إن الحكم الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة يقبل مبدئياً التنفيذ بدون كفالة إلا إذا قررت المحكمة التي أصدرته ضرورة تقديم كفالة.
2-الأحكام الصادرة بالنفقة أو بأجرة الحضانة أو الرضاع أو المسكن أو تسليم الصغير أو إراءته لوليه:
فهذه الأحكام تصدرها المحكمة غالباً عند نظر الدعوى وهي ذات صفة مؤقتة وتقبل النفاذ المعجل نظراً لطبيعتها وعلاقتها بنظام الأسرة وكيانها ولأن في تأخير نفاذها ضرر كبير يلحق بمن صدرت لمصلحتهم.
النفقة الوقتية هي التي يصدر بها حكم وقتي لدائن يتحقق احتياجه إليها ويرجح ثبوت حقه في دعوى الموضوع المرفوعة بهذا الحق .. في حين أن النفقة الواجبة هي نفقة الأقارب وغيرهم إذا صدر الحكم بها من القضاء ويشمل النفقة النهائية والنفقة المؤقتة (المادة 82) من قانون الأحوال الشخصية .
3-قضت المادة 607 ف2 من قانون التجارة بان الحكم القاضي بشهر الإفلاس يكون معجل التنفيذ.
كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة 614 من نفس القانون على ما يلي: ( لا يكون في حال من الأحوال لطرق المراجعة التي يمارسها المفلس أي أثر موقف ) .
4 ـ الحجز الاحتياطي :
هو تدبير وقائي يقوم على تقييد سلطة المدين على ماله أو أملاكه حماية لحق الحاجز، المواد (من 312 إلى 378 ) أصول محاكمات .. ملاحظة: نصت المادة /204/ قانون مدني على:
1 ـ يجبر المدين بعد إعذاره للمادتين /220 ـ 221/ على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً، متى كان ذلك ممكناً.
2 ـ على أنه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز له أن يقتصر على دفع تعويض نقدي، إذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً .
إذاً هناك شروطاً أربعة لاقتضاء التنفيذ العيني :
1 ـ أن يكون التنفيذ العيني ممكناً.
2 ـ أن يطلبه الدائن .
3 ـ ألا يكون فيه إرهاق للمدين أو يكون فيه إرهاق ولكن العدول عنه لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً..
4 ـ أن يعذر المدين … الوسيط في شرح القانون المدني الجديد لعبد الرزاق السنهوري ـ الجزء 2 .
ويتقرر الحجز الاحتياطي بقرار من قاضي الأمور المستعجلة … فإذا لم يكن طلب الحجز مستنداً إلى حكم أو سند قابل للتنفيذ يزول أثر الحجز المقرر إذا لم يقدم الحاجز الدعوى بأصل الحق خلال ثمانية أيام تبدأ من تاريخ تنفيذ الحكم بالحجز.
فالحالات التي يجوز فيها إلقاء الحجز الاحتياطي هي:
1 ـ إذا لم يكن للمدين موطن مستقر في سورية.
2 ـ إذا خشي الدائن فرار مدينه وكان لذلك أسباب جدية.
3 ـ إذا كانت تأمينات الدين مهددة بالضياع.
4 ـ إذا كان بيد الدائن سند رسمي أو عادي مستحق الأداء وغير معلق على شرط.
5 ـ إذا كان المدين تاجراً وقامت أسباب جدية يتوقع منها تهريب أمواله أو إخفاؤها.
6 ـ إذا قدم الدائن أوراقاً أو أدلة ترى المحكمة كفايتها لإثبات ترجيح احتمال وجود دين له في ذمة المدين.
7 ـ لمؤجر العقار أن يوقع في مواجهة المستأجر أو المستأجر الثانوي الحجز الاحتياطي على المنقولات والثمرات والمحصولات الموجودة في العين المؤجرة وذلك ضماناً لحق الامتياز المقرر له في القانون المدني.
8 ـ ويجوز له أن يوقع هذا الحجز إذا كانت هذه المنقولات والثمرات والمحصولات قد نقلت بدون رضائه من العين المؤجرة ما لم يكن قد مضى على نقلها ثلاثون يوماً. (م 312 ـ 313) أصول محاكمات.
الطعن في الحكم الصادر بإلقاء الحجز الاحتياطي:
بالنسبة لطالب الحجز الذي لم تتحقق جميع مطالبه في الحجز له أن يقدم الطعن أمام محكمة الاستئناف في حال صدور القرار بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة .
أما بالنسبة للمحجوز عليه فله الحق أن يتقدم بدعوى مستقلة وذلك خلال ثمانية أيام تلي تاريخ تبلغه صورة القرار ، ويقدم الطعن إلى المحكمة التي قررت الحجز .
أما إذا لم يرغب المحجوز عليه في تقديم اعتراض مستقل على قرار الحجز فيمكنه إثارة دفوعه وتقديم أوجه اعتراضه عليه في دعوى الأساس إلا أنه في هذه الحال لا يمكن رفع الحجز إلا مع القرار النهائي الصادر بالأساس وفي هذه الحالة ليس متوجباً على المحجوز عليه تقديم اعتراضه على الحجز ضمن مهلة الثمانية أيام المقررة لاعتراض المحجوز عليه كما ورد ذلك في اجتهادات عديدة لمحكمة النقض السورية، وإن النص الواضح قد جاء في أحكام المادة /321/ أصول بما يلي:
1 ـ للمحجوز عليه أن يطعن في الحجز الاحتياطي بدعوى مستقلة خلال ثمانية أيام تلي تاريخ تبلغه صورة القرار ويقدم الطعن إلى المحكمة التي قررت الحجز.
2 ـ إذا تبين للمحكمة أن الحاجز غير محق في طلب الحجز أو ثبت بنتيجة الطعن بطلان إجراءاته تقضي المحكمة برفعه.
3 ـ إذا تبين لها أن إجراءات الحجز صحيحة تقضي برد الطعن.
ثانياً : النفاذ المعجل بحكم المحكمة
وهو النفاذ الذي يكون بقضاء المحكمة شرط أن يكون في الحالات التي نص عليها القانون وبطلب من صاحب المصلحة ويقع الطلب في استدعاء الدعوى أو مذكرة لاحقة أو في ضبط المحكمة شرط أن يقدم قبل ختامها.
ولا يتعارض الحكم بالنفاذ المعجل الجوازي مع منح المحكوم عليه مهلة للوفاء وذلك عملاً بأحكام المادة /344/ مدني دون إلحاق ضرر بالدائن.
أما إذا كان النفاذ المعجل بقوة القانون فلا يجوز منح المدين مهلة للوفاء لتعارضها مع النص.
ينبغي أن يطلب النفاذ المعجل أمام محكمة الدرجة الأولى ولا يجوز طلبه أمام محكمة الاستئناف لأنه يعتبر من الطلبات الجديدة التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام الاستئناف لأنه يهدف لإضافة ناحية على الحكم المستأنف غير واردة فيه بسبب عدم طلبه أمام محكمة الدرجة الأولى.
وقد ورد في الاجتهاد القضائي: ( أن إعطاء القرار صفة النفاذ المعجل يجعله قابلاً للتنفيذ دون تبليغ ودون انتظار مهلة الطعن). (استئناف دمشق رقم 75 أساس 73 تاريخ 4 / 6 / 1968 مجلة المحامون ص67 لعام 1968)
ويقسم النفاذ المعجل بحكم المحكمة إلى :
أ ـ نفاذ معجل وجوبي .
ب ـ نفاذ معجل جوازي .
[ أ ] النفاذ المعجل القضائي الوجوبي
تحكم المحكمة بالنفاذ المعجل إما بدون كفالة أو مع الكفالة متى طلب إليها ذلك من أحد الخصوم وغالباً ما يكون هو المدعي .
أولاً : النفاذ المعجل القضائي بدون كفالة :
تحكم المحكمة بالنفاذ المعجل بغير كفالة متى طُلب إليها ذلك في الحالات الآتية : نصت عليها المادة (291 أصول المحاكمات) :
1-إذا كان المحكوم عليه قد أقر بالالتزام . ويقصد بالإقرار الإقرار القضائي الواقع أمام المحكمة.
2-إذا كان الحكم قد صدر تنفيذاً لحكم سابق حاز قوة القضية المقضية أو مشمولاً بالنفاذ المعجل بغير كفالة، أو كان مبنياً على سند رسمي لم يطعن فيه بالتزوير وذلك متى كان المحكوم عليه خصماً في الحكم السابق أو طرفاً في السند.
<1> إذا كان المحكوم عليه قد أقر بالالتزام . ويراد بالإقرار هنا الإقرار أمام المحكمة بنشأة صحيحة للالتزام وإن كان المحكوم عليه قد نازع في بقائه وادعى انقضاءه بسبب من أسباب زواله كالتقاص أو التقادم أو الوفاء.
فيجب أن يكون المحكوم عليه قد أقر أمام المحكمة بسبب أو منشأ التزامه سواء كان التزامه ناشئاً عن عقد أو إرادة منفردة أو عملٍ غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نص القانون ( أي أقر بالتزامه إعمالاً لنص قانوني ).
ويشترط أن يشتمل الإقرار على أمرين :
1- قيام الالتزام .
2- صحة الالتزام .
أي أنه يلزم أن يقر المحكوم عليه بأن أصل الالتزام قد نشأ صحيحاً، أما إذا كان قد ادعى بطلان هذا الالتزام فلا مجال هنا لطلب المحكوم له بالنفاذ المعجل حتى ولو كان المحكوم عليه قد أقر بأن الورقة العرفية المثبتة لالتزامه قد صدرت منه.
والالتزام يبقى قائماً إذا تم الاعتراف به حتى ولو كان هناك نزاع في بقائه، أي لو أن المحكوم عليه أقر بأصل التزامه جاز النفاذ المعجل حتى ولو نازع في بقاء الالتزام كأن يدعي بإنقضائه بالوفاء أو بالتقادم أو بالفسخ أو أن الدين قد استبدل بدين آخر.
كما يشترط في الإقرار أن يقع أثناء خصومة قضائية وإن كان لا يشترط فيها أن تكون هي التي انتهت بالحكم الذي شُمّل بالنفاذ المعجل .
كذلك يجوز شمول الحكم بالنفاذ المعجل متى أقر المحكوم عليه بأصل التزامه حتى ولو تمسك هذا بدفوع وطلبات يقصد بها التخلص من الخصومة بغير حكم في موضوعها أو قصد بها عدم قبول دعوى خصمه أو منع المحكمة من الحكم في موضوعها (كالدفع بالمقاصة القانونية) كما لا يعتد بطلب المحكوم عليه تنقيص المبلغ الذي تمسك به خصمه أو طلبه المقاصة القضائية.
ولا يكون مشمولاً بالنفاذ المعجل الحكم الصادر في التزام اقتصر فيه المدين على الاعتراف بالسند وتوقيعه عليه، غير أنه تمسك ببطلان العقد بسبب أحد عيوب الإرادة أو بسبب يتناول مشروعية الالتزام (وروده على كل مخالف للنظام العام أو الآداب العامة). فلا يمكن القول هنا بوجود إقرار بنشأة صحيحة للالتزام.
ويشمل النص بعمومه جميع الالتزامات أياً كان مصدرها مجردة عن دليلها، فيستوي أن يكون دليل الالتزام كتابياً أو غير كتابي، أي لا يعتد بالوسائل التي تؤيد سبب الدعوى أو تثبتها (كالمحرر الكتابي الذي يثبت طلب المدعي)، ولا يلزم أن يكون المحكوم عليه قد أقر بالطلبات المحكوم بها لأن هذا الإقرار يعتبر قبولاً للحكم الصادر في الدعوى مما يمنع الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن فيكون من الجائز تنفيذها طبقاً للقواعد العامة.
هناك رأي يقول: إذا كان الالتزام ثابتاً بورقة مدعى صدورها من المحكوم عليه فلا يكفي لتطبيق النص المتقدم أن يعترف بصحة الورقة إذا كان منكراً لأصل الالتزام أي لنشوئه صحيحاً (كما لو ادعى بطلان الالتزام بسبب من الأسباب المبطلة للالتزامات) فمدعي البطلان إنما ينكر أن الالتزام قد نشأ صحيحاً.
وتجدر الإشارة إلى قواعد تجزئة الإقرار بالالتزام أو عدم تجزئته فإذا كان الالتزام المقر به قد ألحق بواقعة لا تقبل التجزئة ( الادعاء بالوفاء أو إضافة أجل أو شرط إلى التزام ) وكان الالتزام الأصلي غير موثق بسند خطي وجب على الدائن إثبات وجود الالتزام أولاً، فالحكم الصادر في هذه الحالة على المدين الذي لم يتمكن من إثبات الوفاء أو الأجل أو الشرط لا يتمتع بالنفاذ المعجل لعدم تجزئة الإقرار بالالتزام وبالتالي بنشأته ، أما إذا كان الإقرار قابلاً للتجزئة ( الادعاء بالتقاص مثلاً ) ولم يتمكن المدين من إثباته كان الحكم الصادر بحقه مشمولاً بالنفاذ المعجل لعدم وجود خلاف على نشأة الالتزام .
<2> إذا كان الحكم قد صدر تنفيذاً لحكم سابق حاز قوة القضية المقضية أو مشمولاً بالنفاذ المعجل بغير كفالة أو كان مبنياً على سند رسمي، لم يطعن فيه بالتزوير وذلك متى كان المحكوم عليه خصماً في الحكم السابق أو طرفاً في السند : وتشمل هذه القاعدة حالتين :
1) إذا صدر الحكم الجديد تنفيذاً لحكم سابق حاز قوة القضية المقضية.
2) إذا كان الحكم السابق مشمولاً بالنفاذ المعجل بغير كفالة.
يفترض في هذه الحالة أن يتحد الخصوم في دعويين ويصدر في الدعوى الأولى حكم يحوز قوة الشيء المحكوم فيه أي حاز قوة القضية المقضية أو كان نافذاً نفاذاً معجلاً بغير كفالة.
ويفترض بعد صدور هذا الحكم القابل للتنفيذ أن يصدر حكم آخر في دعوى أخرى بين نفس الخصوم لمصلحة المحكوم له في مواجهة ذات المحكوم عليه، ويكون هذا الحكم الثاني ابتدائياً أي لا يجوز تنفيذه طبقاً للقواعد العامة .
ويفترض أيضاً أن يكون الحكم الثاني قد صدر تنفيذاً للحكم الأول (أي أن يكون هناك رباط قوي بين الدعويين بحيث يصدر الحكم الثاني نتيجة للأول).
فإذا توفرت هذه الشروط أمكن الإفادة من صلاحية الحكم الأول للتنفيذ في مواجهة نفس المحكوم عليه بالحكم الثاني ويكون الحكم الثاني قابلاً للنفاذ المعجل.
أمثلة على حكم سابق حاز قوة القضية المقضية :
· الحكم الذي يقضي بإلزام البائع بتسليم المبيع إلى المشتري بعد صدور حكم سابق قضى بصحة عقد البيع وتثبيته .
· الحكم الذي يقضي برد العين المبيعة إلى البائع بعد صدور حكم سابق بفسخ العقد وسها عن الحكم بإعادتها إلى صاحبها أو لم يطلب صاحبها ذلك في الدعوى التي انتهت بالحكم السابق، فهذا الحكم يتمتع بالنفاذ المعجل لأنه كان قد صدر حكم بفسخ العقد إلا أنه سها عن الحكم بإعادتها إلى صاحبها .
· الحكم الذي يقضي بتعويض عن المدة المشغول فيها العقار دون وجه حق بعد صدور حكم سابق حاز قوة القضية المقضية باسترداد حيازة هذا العقار .
· الحكم الذي يقضي بنفقة العدة استناداً إلى حكم سابق في التفريق .
· الحكم الذي يقضي بالتسجيل في السجلات المدنية استناداً إلى حكم سابق بالبطلان .
· الحكم الذي يقضي بتعويض عن الضرر استناداً إلى حكم سابق بإثبات المسؤولية .
· إذا كان الحكم قد صدر مبنياً على سند رسمي لم يطعن فيه بالتزوير وكان المحكوم عليه طرفاً في هذا السند .. ويشترط لتوافر هذه الحالة ما يلي :
1 ـ أن يكون المحكوم عليه طرفاً في السند ويشمل المحكوم (الخلف العام، والخلف الخاص على حد سواء).
2 ـ أن يكون الحكم مبنياً على السند الرسمي.
ويراد بالسند الرسمي هنا كما هو معرف في قانون البينات لأن الحكم القضائي يعتبر سنداً رسمياً أيضاً أو أن المشرع قد أفرد له حالة خاصة وهي حالة حوزه قوة الأمر المقضي به وحالة كونه نافذاً معجلاً بلا كفالة.
ويدخل في مفهوم الأسناد الرسمية: الأسناد المنظمة من عمل الكاتب بالعدل أو أية جهة أخرى في حدود اختصاصها وصكوك الوصية وعقود الزواج المنظمة من قبل المحكمة الشرعية وعقود الصلح الجارية أمام المحكمة إذا استندت إليها في إصدار حكمها.
ويتضح من هذه الأمثلة أن الحكم الجديد يمكن طلب شموله بالنفاذ المعجل .
ثانياً : النفاذ المعجل القضائي مع الكفالة أو بدونها :
تحكم المحكمة بالنفاذ المعجل مع الكفالة أو بدونها في الأحوال الآتية: ( المادة 212 أصول محاكمات مدنية ):
1-إجراء الإصلاحات المستعجلة.
2-تقرير نفقة مؤقتة أو نفقة واجبة.
3-أداء أجور الخدم أو الصناع أو العمال أو مرتبات المستخدمين.
الحالة الأولى: الحكم بإجراء الإصلاحات العاجلة :
ويقصد به الحكم الصادر في الأساس بإجراء هذه الإصلاحات، أما الحكم الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة فهو نافذ بقوة القانون وبغير كفالة ما لم تلزم المحكمة المحكوم له بتقديمها. والمصلحة العامة هنا تقتضي تقرير تعجيل تنفيذ الحكم.
فالإصلاحات المستعجلة هي الإصلاحات الضرورية التي يخشى وقوع ضرر إذا لم يعجل في القيام بها .
ولا يهم الجهة التي طلبت الإصلاحات فقد يطلبها المؤجر إذا كان المستأجر لا يمكنه من دخول العقار لإجرائها أو المستأجر إذا كان المؤجر ممتنعاً عن القيام بها أو صاحب الطابق الأعلى إذا كان صاحب الطابق الأسفل لا يقوم بما يوجبه عليه القانون مع مراعاة أن مصلحة البناء تستوجب التعجيل تنفيذ الحكم حيث يجوز في هذه الحالة أن تأمر المحكمة بالنفاذ المعجل بكفالة أو بدونها رغم قابلية الحكم للمعارضة أو الطعن فيه بهذه الطريق.
أمثلة على ذلك :
· الحكم الصادر بإلزام المؤجر بإجراء الإصلاحات العاجلة في العين المؤجرة وللمؤجر هنا أن يطلب من المحكمة إصدار حكمها مشمولاً بالنفاذ المعجل .
· الحكم الذي يلزم صاحب الطابق الأسفل بإجراء ترميمات فيه لمصلحة الطابق الأعلى .
الحالة الثانية: الحكم بتقرير نفقة مؤقتة أو نفقة واجبة :
ويقصد بالنفقة المؤقتة : النفقة التي تقررها المحكمة في انتظار الحكم نهائياً في موضوع النفقة .. كالحكم للمتضرر من جرم دهس بمبلغ للمداواة ريثما يصدر حكم يقضي بالتعويض له .
أما النفقة الواجبة : فهي النفقة المترتبة بحكم نهائي ..
· كالنفقة المترتبة للمدين المعسر استناداً لنص المادة 259/قانون مدني. فالمدين المعسر يحق له تقاضي نفقة بناء على طلب منه عندما يوقع الدائنون الحجز على إيراداته .
· وكذلك النفقة المقررة للولد على أبيه، إذا لم يكن له مال (م155/أحوال شخصية) .
· والنفقة المقضي بها للأبوين الفقيرين على ولدهم الموسر استناداً للمادة ( 158 أحوال شخصية) .
· وكذلك النفقة المقررة للفقير العاجز عن الكسب على من يرثه من أقاربه الموسرين ( م159 أحوال شخصية ).
والنفقة المقصودة هنا هي نفقة الزوجية والقرابة وتشمل الأحكام المؤقتة والنهائية الصادرة في موضوعاتها. وعلة النفاذ المعجل في موضوعات النفقة هي التعجيل بحماية من يستحقها .
يلاحظ أن المشرع قد ناقض نفسه بالنسبة للأحكام المتعلقة بالنفقة، إذ قرر في المادة 290 من قانون أصول المحاكمات المدنية أن الحكم بها يتمتع بالنفاذ المعجل بحكم القانون، في حين أن المادة 292 من القانون المذكور اعتبرتها تتمتع بالنفاذ المعجل الوجوبي بحكم من المحكمة إذا طلب منها صاحب المصلحة هذه النفقة ولإزالة هذا التناقض نقول:
المقصود بالنفقة في المادة 290 هي نفقة الزوجية والقرابة وتشمل الأحكام المؤقتة والنهائية الصادرة في موضوعاتها .
أما النفقة المنصوص عليها في المادة 292 فهي كل نفقة أعطاها الاجتهاد هذه الصفة خارج نطاق الزوجية والقرابة. مثال على ذلك : (التعويض الذي يستحقه المتضررون بسبب حرمانهم من معيلهم الذي ذهب ضحية الحادث).
الحالة الثالثة: الحكم بأجور الخدم أو الصناع أو العمال أو مرتبات المستخدمين:
يقتصر الأمر هنا على الأجور والمرتبات فقط ولا يتناول ما يحكم لهم به من تعويض أو مكافأة.
والغاية من النفاذ المعجل هنا هي حماية طائفة من الناس تنظم حياتهم على أساس قبض مبلغ دوري في الحال ويضيرها إذا تأخرت في قبضه.
وهذه الأجور أصبحت تخضع لقانون العمل /المادة السابعة منه/ وبدون كفالة إلا إذا كانت الدعوى مؤسسة على أحكام القانون المدني فتبقى هذه الحالة نافذة.
[ ب ] النفاذ المعجل القضائي الجوازي
يجوز للمحكمة الحكم بالنفاذ المعجل بالكفالة أو بدونها في الحالتين التاليتين: (م 293 أصول المحاكمات):
1- إذا كان الحكم مبنياً على سند عادي لم ينكره المحكوم عليه.
2- إذا كان الحكم صادراً في دعاوى الحيازة .
الحالة الأولى : إذا كان الحكم مبنياً على سند عادي لم ينكره المحكوم عليه :
ويقصد بها عندما يثبت المدعي دعواه بواسطة سند خطي عادي صادر عن خصمه ولم ينكره ولم ينازع فيه بعد اطلاعه عليه أثناء المحاكمة.
وهذا السند هو السند العرفي وهو عبارة عن ورقة عرفية (كعقد بيع أو قرض) قدمها المحكوم له إلى المحكمة ولم ينكرها المحكوم عليه .. د.شفيق طعمة (تقنين أصول المحاكمات السوري ) الجزء رقم4.
ولم يشترط المشرع في هذه الحالة صدور إقرار من الخصم إنما يكفي ألا يكون الخصم قد أنكره.
ويشترط المشرع أن يصدر الحكم بناء على العادي .
ويعد من قبيل الإنكار: إنكار التوقيع أو ادعاء التزوير أو حلف الورثة اليمين أنهم لا يعلمون بصدور السند عن مؤرثهم.
كما لا يعد من قبيل الإنكار : المنازعة في تفسير بنود السند أو الادعاء بتوقيعه دون قراءة مضمونه.
أما إذا أنكر المحكوم عليه الورقة التي يتمسك بها خصمه في الدعوى أو ادعى تزويرها وقضت المحكمة بصحتها فإن الحكم الذي تصدره في الموضوع بناء على الورقة لا يجوز شموله بالنفاذ المعجل وذلك لانعدام سبب النفاذ وهو انتفاء النزاع في صحة الورقة، وعدم المنازعة في الورقة العرفية هو غير الإقرار بالالتزام.
ولابد من الإشارة على الفارق بين حالة الإقرار بالالتزام الأصلي التي يكون الحكم فيها بالنفاذ المعجل وجوبياً، وحالة الإقرار بسند عادي لم ينكره المحكوم، ويتجلى في أن الحالة الأولى توجب أن يكون الإقرار بالالتزام معترفاً بنشأته بصورة صحيحة أما الحالة الثانية فتوجب أن يكون السند المثبت للالتزام غير متنازع في صدوره من المدين وإن ادعى أنه لم يستلم ما وعد به أو أنه كتبه تحت التهديد والوعيد أو يقر أنه وقع بختمه دون أن يعلم اشتمال السند على غير ما اتفق عليه.
والغاية من إعطاء المشرع القاضي هنا الصلاحية بالحكم بالنفاذ المعجل هي قوة مركز المحكوم له المبني على السند العادي كدليل من أدلة الثبوت مادام لم ينكر توقيعه من التزم به ولم يدعي تزويره.
الحالة الثانية : إذا كان الحكم صادراً في دعاوى الحيازة :
وتشمل الأحكام الصادرة في دعاوى الحيازة كما عرفها القانون وهي دعاوى استرداد الحيازة ومنع التعرض ووقف الأعمال الجديدة.
وعلة النفاذ المعجل في هذه الدعاوى هي رغبة المشرع بالاهتمام بحماية الحيازة.
وقد يتساءل البعض ما إذا كان بإمكان شمول دعاوى الحيازة بحكم المادة /291/ أصول محاكمات التي نصت على النفاذ المعجل الوجوبي بدون كفالة مادام هناك سند رسمي بملكية العقار ويتم الرد على هذا التساؤل بقاعدة عدم جواز الجمع بين دعاوى الحيازة (م 73) أصول، والتي يجري مناقشتها في ضوء وضع اليد المادي، المستمر، الهادئ، العلني، والخالي من كل لبس أو إبهام وإذا جنحت المحكمة إلى دليل الملكية فللاستئناس به لتحديد مدى الحيازة ووضعها إلا أن الحكم في الدعوى يكون في نطاق الأدلة الأخرى المقدمة لها، أي أن واقعة الحيازة تثبت بأدلة غير دليل الملكية لذا فإن الحكم الصادر فيها ليس حكماً مستنداً إلى سند رسمي مما دفع المشرع إلى إقرار وضع خاص لها .
ضمانات المحكوم عليه في النفاذ المعجل
إن الحكم الذي يتمتع بالنفاذ المعجل يكون قابلاً للتنفيذ دون انتظار مهلة الطعن ولكن المشرع وضع ضمانات للمحكوم عليه في حالات النفاذ المعجل من شأنها حمايته بقدر الإمكان من الأضرار التي يمكن أن تصيبه بسبب التنفيذ في حال ألغي الحكم عند طعنه به . وهذه الضمانات هي :
1 – إلزام المحكوم له بتقديم كفالة وذلك في الحالات التي أوجب أو سمح المشرع بتقديمها ويعود أمر تقدير الكفالة إلى المحكمة فقد تكون كفالة شخصية أو نقدية أو مصرفية أو عقارية .
وإذا تعدد الكفلاء كانوا متضامنين عملاً بأحكام المادة /761/ مدني التي اعتبرت الكفلاء في الكفالة القضائية أو القانونية دائماً متضامنين.
وإذا لم تبحث المحكمة في الكفالة وذلك في الحالات التي يكون فيها أمر تقدير الكفالة جوازياً ، فهذا يعني أنها أعفت المحكوم له منها كما وتملك المحكمة في هذه الحالات إعفاء المحكوم له من تقديمها بدون طلب منه وذلك حسب السلطة التقديرية المطلقة التي تملكها المحكمة في موضوعات النفاذ المعجل الجوازي.
ولا يمكن القيام بأي عمل تنفيذي قبل تقديم الكفالة ويكون هذا الإلزام في الحالات التي أوجبت فيها المشرع تقديم الكفالة أو سمح للمحكمة بتقرير تقديمها ويعود تقدير نوع الكفالة إلى المحكمة فقد تكون كفالة شخصية أو نقدية أو مصرفية أو عقارية، ولا يحق لرئيس دائرة التنفيذ تقرير الكفالة أو نوعها إذا لم تكن المحكمة قد حددت النوع أو المقدار ويمكن مراجعة المحكمة في قضاء الولاية بهذا الشأن.
وكتبسيط للكفالة فلها من حيث المبدأ ركنان :
1 ـ التزام أصلي مكفول : وهو التزام المدين الأصلي يضمنه الكفيل وبدون هذا الالتزام لا تكون كفالة..
2 ـ اتفاقاً بين الكفيل والدائن لكفالة التزام المدين الأصلي وهذا الاتفاق هو عقد الكفالة ذاته، فلابد من رضاء الكفيل بالكفالة ورضاء الدائن بأن يضمن الكفيل حقه..
إلا أن تقديم الكفالة في حالات النفاذ المعجل قد تكون من طرق طالب النفاذ المعجل ذاته دون تدخل شخص ثالثا ككفيل..
2 – وقف النفاذ المعجل من قبل محكمة الاستئناف إذا وجدت مبرراً لذلك : وهذا ما أعطته المادة 294 من قانون أصول المحاكمات المدنية للمحكمة المرفوع إليها الاستئناف أن تقرر وقف النفاذ المعجل إذا وجدت مبرراً لذلك ويكون ذلك بكفالة أو بدونها.
أي يجوز في جميع الأحوال للمحكمة المرفوع إليها الاستئناف أن تقرر بناء على طلب ذي الشأن الحكم بوقف النفاذ المعجل إذا كان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم ويجوز للمحكمة عندما تأمر بوقف النفاذ المعجل أن توجب بتقديم الكفالة وهذا الوقف هو وقف قضائي يصدر بحكم من المحكمة التي تنظر في الاستئناف وليس وقفاً قانونياً يترتب نتيجة للطعن بالاستئناف.
ويشترط لوقف النفاذ المعجل من المحكمة الاستئنافية:
1-أن يكون الخصم قد تقدم بطلب الوقف أمامها. ولا يشترط أن يكون الطاعن قد تقدم بطلبه في صحيفة الطعن وقد يتقدم به أثناء النظر في الطعن بمذكرة أو شفاهة في الجلسة.
2-أن ترى المحكمة في أسباب الطعن ما يرجح إلغاء ما قضى به الحكم في الموضوع . وتقدير ذلك متروك للمحكمة، ويكون حكم المحكمة بوقف النفاذ أو برفض وقفه من قبيل القضاء المؤقت لا يقيد المحكمة عند فصلها في الموضوع.
3-أن يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم بالمحكوم عليه وتقدير ذلك متروك أيضاً للمحكمة (كما لو كان من شأن التنفيذ أن ينشأ عنه وضع يتعذر تداركه. على أن تدارك الوضع الذي قد يصيب المحكوم عليه من النفاذ المعجل ليس شرطاً لازماً في هذه الحالة وإنما يكفي احتمال وقوع ضرر جسيم بالمحكوم عليه.
وهكذا يشترط لإعمال الفقرات السابقة :
1- أن يطعن بالفعل في الحكم المطلوب وقف تنفيذه.
2- ألا يحكم بعدم قبول الطعن أو ببطلانه وألا يكون قد حصل التمسك بهذا أو ذاك ولم يبت فيه بعد وألا يكون الطاعن قد نزل عن طعنه.
3- أن يطلب وقف التنفيذ في أية حالة يكون عليها الطعن.
4- ألا يكون الحكم قد تم تنفيذه ومن ناحية أخرى يشترط لقبول طلب وقف التنفيذ أن يكون من المتعذر تنفيذ الحكم باستعمال القوة الجبرية.
5- أن ترى المحكمة من أسباب الطعن ما يرجح معها إلغاءه.
6- أن يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم.
تقرر محكمة الاستئناف وقف النفاذ المعجل إذا تبين لها أن الشرائط القانونية غير متوفرة للحكم بالنفاذ المعجل أو أن الحكم بالنفاذ المعجل استند على غير مقتضى القانون. كما يمكن لها تعديل قرار الحكم بالنفاذ المعجل كما لو كان النفاذ المعجل محكوماً به لقاء كفالة والقانون لا يوجب الكفالة والعكس صحيح.
وعندما تبت محكمة الاستئناف بالنفاذ المعجل فبإمكانها أن تبت فيه بمعزل عن الحكم النهائي في الأساس أو تقرر إرجاءه إلى ذلك الحكم. وإن مجرد استئناف القرار المعجل التنفيذ لا يوقف تنفيذه ما لم يصدر قرار من المحكمة المرفوع إليها الطعن بوقفه.
والحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بوقف التنفيذ لا يقيد المحكمة عندما تنظر في الطعن بالموضوع .
سلطة محكمة النقض في وقف النفاذ المعجل:
وفقاً لأحكام المادة 251 أصول المحاكمات يجوز لمحكمة النقض أن تقرر في غرفة المذاكرة وقف التنفيذ مؤقتاً إذا طلب ذلك وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضر جسيم يتعذر تداركه ويجوز لها أن تأمر الطاعن بتقديم سند كفالة يضمن لخصمه أضرار وقف التنفيذ فيما إذا قضي برفض الطعن.
ما هو أثر قرار وقف التنفيذ ؟ إذا صدر قرار عن محكمة الاستئناف أو النقض يتضمن وقف التنفيذ فما أثر هذا القرار على إجراءات التنفيذ التي بوشر فيها ولم تنته ؟
الأصل أن قرار وقف التنفيذ غير صالح للتنفيذ إذا تم تنفيذ الحكم بشكل نهائي ولا يمكن القول بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ فهذا الأمر لا يكون إلا إذا صدر حكم بإلغاء قرار المحكمة المطعون فيه أصلاً فكيف يكون ذلك والأمر هنا يتعلق بوقف التنفيذ فقط وليس بإلغاء الحكم ؟!
إن أثر صدور قرار وقف التنفيذ الصادر عن محكمة الموضوع هو وقف تنفيذ جميع الإجراءات التنفيذية حتى صدور حكم مبرم في الدعوى أو حتى انتهاء المدة التي حددها القرار الصادر بوقف التنفيذ، على اعتبار أن محكمة الموضوع هي التي يعود لها حق تقدير حالة وقف التنفيذ لأن ذلك من صلاحيتها وليس من صلاحية دائرة التنفيذ.
آثار تنفيذ الحكم المعجل النفاذ
أثر تنفيذ الحكم المعجل النفاذ على الغير :
نصت المادة 295 من قانون أصول المحاكمات على أنه : ( يجوز تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل قبل من ألزمهم الحكم من غير الخصوم بفعل أمر أو أداء شيء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ).
يقصد بالغير في هذا المقام من لا تكون له مصلحة شخصية في الدعوى بحيث لا يعود عليه من الحكم نفع أو ضرر وإنما يجب تدخله في تنفيذ الحكم لما له من صفة أو وظيفة ( كالحارس القضائي أو الوديع أو أمين السجل العقاري بالنسبة للأحكام الصادرة بتسليمه الأموال المودعة أو بمحو الرهن أو لما له من علاقة بالخصوم كالمحجوز لديه في حالة تنفيذ الحكم بطريق حجز ما للمدين لدى الغير ).
وعلى هذا فإن الحكم المقرر شموله بالنفاذ المعجل والملزم بتسليم العقار استناداً لحكم تثبيت ملكية العقار المكتسب قوة القضية المقضية يمكن تنفيذه بحق الحارس القضائي لهذا العقار.
والأمر كذلك في الالتزامات التي يتوقف أثرها على القيد مثل السجل العقاري وما في حكمها.
أثر إلغاء الحكم المقترن بالنفاذ المعجل :
إذا قضي في أساس الحق برد الدعوى أو بفسخ أو إلغاء الحكم المستند إليه بالتنفيذ فإن ذلك يقتضي وقف التنفيذ الذي بدأ وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم دونما حاجة إلى حكم جديد يقضي بإعادة الحال لأن قرار الفسخ أو الإلغاء هنا يعتبر بمثابة السند التنفيذي لإعادة الحال إلى وضعها السابق .
هل يترتب على من كان سبباً في تنفيذ حكم مشمول بالنفاذ المعجل ثم ألغي – مسؤولية التعويض للمحكوم عليه؟ أي (المحكوم له بالقرار النهائي ) عما أصابه من ضرر نتيجة هذا التنفيذ ؟
إن المسؤولية لا تترتب إلا إذا كان المحكوم له سيء النية أو كان قد أساء التنفيذ.
أما فيما عدا ذلك فإن المحكوم له بحكم مشمول بالنفاذ المعجل يعتبر كالمحكوم له بحكم حائز قوة القضية المقضية فيما يتعلق في حق كل منهما في تنفيذ الحكم. فهو يستعمل حقه الذي خوله إياه القانون على أنه يلزم بدفع فوائد المبالغ التي قبضها من تاريخ المطالبة بها قضائياً لا من تاريخ قبضها.
حجية أحكام المحكمين وتنفيذها
تتمتع أحكام المحكمين الصادرة وفق أحكام القانون 4 لعام 2008 بحجية الأمر المقضي به وتكون ملزمة وقابلة للتنفيذ تلقائياً من قبل الأطراف ، أو بصفة إجبارية إذا رفض المحكوم عليه تنفيذها طوعاً وذلك بعد إكسائها صيغة التنفيذ.
ويعطى حكم التحكيم صيغة التنفيذ بقرار تتخذه محكمة الاستئناف التي يجري ضمن دائرتها التحكيم ، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في سورية .
ويصدر القرار في غرفة المذاكرة بعد تمكين الطرف الآخر من الرد على الطلب خلال مدة 10 أيام من تاريخ تبلغه صورة عنه.
ويجب أن يرفق طلب إكساء صيغة التنفيذ بما يلي :
[1] أصل الحكم أو صورة مصدقة عنه.
[2] صورة عن اتفاق التحكيم أو صورة عن العقد المتضمن شرط التحكيم
[3] ترجمة محلفة للحكم إلى اللغة العربية، في حال صدوره بلغة أخرى.
[4] صورة عن المحضر الدال عن إيداع أصل الحكم مع اتفاق التحكيم ديوان محكمة الاستئناف التي جرى في دائرتها التحكيم وهذا المحضر يحرر من قبل رئيس ديوان هذه المحكمة .
لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ، ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تقرر في غرفة المذاكرة وقف التنفيذ لمدة أقصاها (60) يوماً إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه، ويجوز للمحكمة أن تلزم المدعي بتقديم كفالة مالية تضمن لخصمه أضرار وقف التنفيذ إذا قضت برد الدعوى .
وتجدر الإشارة إلى أنه :
(1) لا يجوز تنفيذ حكم التحكيم قبل انقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان.
(2) لا يجوز إكساء حكم التحكيم صيغة التنفيذ وفقاً للقانون 4 لعام 2008 إلا بعد التحقق مما يلي:
1- أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم السورية في موضوع النزاع.
2- أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في الجمهورية العربية السورية.
3- أنه قد تم تبليغه للمحكوم عليه تبليغاً صحيحاً.
أما اتفاقيات التحكيم المبرمة قبل نفاذ القانون 4 لعام 2008 فتبقى خاضعة للأحكام التي كانت سارية بتاريخ إبرامها سواء أكانت إجراءات التحكيم قد بوشرت أم لم تباشر.
وقد ألغيت المواد من 506 إلى 534 من قانون أصول المحاكمات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 لعام 1953 وتعديلاته بالقانون 4 لعام 2008 .
ورغم أن هذه المواد ملغاة إلا أنها ما تزال سارية على اتفاقيات التحكيم التي أبرمت في ظلها .
ووفقها كانت تطبق القواعد الخاصة بالنفاذ المعجل على أحكام المحكمين (م351 أصول المحاكمات) .
ولا يقبل حكم المحكمين بمجرد صدوره التنفيذ الجبري بل لابد من إكسائه صيغة التنفيذ من قبل السلطة القضائية وذلك بقرار يصدره رئيس المحكمة التي أودع إليها ذلك الحكم بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة (م 534 أصول مدنية) حيث يكون ذلك بناء على طلب ذوي الشأن.
وعلى ذلك فإن حكم المحكمين يكون قابلاً للتنفيذ الجبري شأنه شأن الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل.
وقد نصت المادة 290/أصول المحاكمات (النفاذ المعجل بغير كفالة واجب بقوة القانون في الأحوال الآتية:
أ-الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة أياً كانت المحكمة التي أصدرتها وذلك مالم ينص في الحكم على تقديم كفالة).
وبما أن إكساء حكم المحكمين صيغة التنفيذ يصدر عن قاضي الأمور المستعجلة – وهو إما القاضي المختص بالنزاع أصلاً والناظر في إعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين بوصفه قاضياً مستعجلاً في ذلك (م 78/3 أصول) أو رئيس محكمة البداية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة (م78/1 أصول) – فإن حكم المحكمين في هذه الأحوال ينفذ فوراً بعد إكسائه صيغة التنفيذ سواء طعن في حكم إكسائه صيغة التنفيذ أو لم يطعن فيه مالم يستحصل المحكوم عليه على قرار من محكمة الاستئناف بوقف التنفيذ شريطة تبليغه للخصوم.
بحث وإعداد : المحامية لما وراق
اترك تعليقاً