الآثار الإدارية للشركة القابضة هي أثار تتعلق بالهيأت الإدارية للشركة التابعة وعلاقة هيأت الإدارة ( الجمعية العامة ومجلس الإدارة ) في الشركة القابضة مع الهيأت المماثلة في الشركة التابعة وطبيعة التمثيل في الشركات التابعة . ويمكن لنا بحث الأثار الأدارية من خلال عرض للهيأت الإدارية في الشركات المساهمة باعتبار ان الشركة المساهمة هي النموذج الأكثر انتشاراً وأكثر أهمية في ميدان الشركات العملي، ونطباق الكثير من احكام الشركات المساهمة على الشركة القابضة. ( حيث ينص قانون الشركات القطري رقم 5 لسنة 2002 في المادة ((266)) فيما لا يتعارض مع أحكام هذا الباب تسري على الشركات القابضة الأحكام الخاصة بالشركات المساهمة او ذات المسؤولية المحدودة الواردة في هذا القانون بحسب الأحوال). سنقسم الموضوع الى مطلبين يتضمن المطلب الأول ادارة الشركة التابعة ونبحثه على انه اثرا لتكوين الشركة القابضة، اما المطلب الثاني فنتناول فيه المشاركة التبادلية في الأدارة ،ونقصد من ذلك عدم امكانية الشركة التابعة من ادارة الشركة القابضة او امتلاك الأسهم فيها. فنرى ان منع الشركة التابعة من تملك الأسهم وكذلك ادارة الشركة القابضة انه اثر ما كان يوجد لولا وجود الشركة القابضة وسيطرتها على الشركة التابعة.
المطلب الأول/ إدارة الشركة التابعة
من مظاهر عدم استقلالية الشركة القابضة هو إدارة الشركة التابعة ونعني بالإدارة جميع وسائل ممارسة النشاط للشركة ، حيث تمارس الشركة التابعة نشاطها من خلال الممثل القانوني وهو الوكيل المنتدب عن الشركة القابضة حيث أن الشخص الطبيعي هذا يجوز لهُ إدارة الشخص المعنوي مع أن هذه الإدارة لا يمكن تسميتها بأنها إدارة شخص طبيعي لشخص معنوي وإدارة الشركة القابضة للشركات التابعة أساسه هو المساهمة من قبل الشركة القابضة في رأسمال الشركة التابعة وقد خولتها هذه المشاركة بإدارة هذه الشركات أو بعبارة أخرى فرض القانون على الشركة القابضة مسؤولية إدارة الشركة التابعة ،ذلك وفق أحكام النصوص العامة للشركات حيث أن أي مساهم يتحمل واجبات الشركة ولهُ حقوقً من جهة أخرى فهذه الإدارة للشركة هي بمثابة تحقيق النجاح للشركة القابضة فأن هدف الإدارة للشركات التابعة ولو بشكل جزئي يعد نجاحاً اذ انه وسيلة للسيطرة على الشركة وتوجيه إدارتها لما يخدم أغراض الشركة القابضة . ومن الملاحظ أن وسيلة الشركة القابضة لإدارة الشركات التابعة هو عن طريق تمثيل الشركة القابضة من خلال مندوب في مجلس الإدارة للشركات التابعة وقبل البحث في إدارة الشركة القابضة لشركاتها نرى أهمية عرض بعض شروط عضوية مجالس الإدارة في الشركات المساهمة، مع أن أغلب القوانين تتفق في أن العضوية في مجلس الإدارة حق لمن ساهم في أقامه هذا المشروع وتختلف فيما بعد على تحديد شروط هذه العضوية . فنجد ان قانون الشركات العراقي رقم 21لسنة 1997 في المادة (106فقرة3) (يشترط في العضو أن يمتلك ما لا يقل عن ألفي سهم) .
بينما القانون الأردني يشترط فيمن يرشح نفُسه لعضوية مجلس الإدارة ان يكون مالكاً لعدد من الأسهم ترُك تحديده لنظام الشركة الداخلي . على أن تحجز هذهِ الأسهم مادام مالك هذهِ الأسهم في عضوية مجلس الإدارة (1). كذلك القانون المصري يشترط على عضو مجلس الإدارة ان يكون مالكا لعدد من الأسهم لا يقل عن خمسة آلاف جنيه من القيمة الاسمية لهذه الأسهم (2). ونرى أن قلة أو زيادة عدد الأسهم التي تشترطها القوانين لعضوية مجلس الإدارة هي لضمان جدية العضو في إدارة الشركة ومن الطبيعي يجب أن لا تكون هذهِ الأسهم محجوزة ولا يجوز أن يتصرف بها العضو بعد ذلك بل يحجز عليها لمصلحة الشركة ، كما لا يجوز التصرف بها طيلة مدة العضوية وحتى ستة أشهر بعد انتهاء العضوية لذلك تسمى هذه الأسهم بأسهم الضمان لأنها تضمن مسؤولية العضو تجاه الشركة (3). أن الشخص المساهم تفرض عليه نسبة مشاركته مسؤولية عدم الإخلال اوالأضرار بمصالح الشركة ومن هذا القول نجد أن تسويغ حجز الأسهم لضمان التصرفات في مجلس الإدارة لهُ ما يسوغه . لأن توجهات المساهمين قد تختلف عن توجهات الشركة وأهدافها ولا يجب الخلط بين هذه وتلك فلكل منهما مصالح مختلفة فالأرباح هي هدف الشركاء الأساسي (4). لذلك ان للتخوف من سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعه هو في محله ذلك لأن للشركات مصالح تكون حريصة على تحققها فتكون الشركات التابعة طريقاً لتحقيق مصالح هـذه الشركات العملاقة خصوصاً أن الإدارة تكون ولو جزئياً لهذه الشركات لتنفيذ مصالحها بالدرجة الأولى ثم مصالح الشركة التابعة مع ذلك أن ارتباط الهدف أو عدم تجزئته هو سمة جيدة ذلك لأن زيادة نشاط الشركات في إطار الشركات القابضة والتابعة على حد سواء مع أن الميزة الأكثر هي للشركة القابضة بحكم مكانتها في هذهِ الشركة . ولابد من الاشارة الى صفة مدير الشركة التابعة ولا نعني بمدير الشركة التابعة هو مجلس الإدارة الذي يتولى الإدارة الفعلية للشركة تحت رقابة الجمعية العامة (( او كما تسمى في بعض الدول العربية بالجمعية العمومية كمصر )) و أنما نبحث هنا الشخص الطبيعي الذي يتولى تمثيل الشركة القابضة لأن إدارة الشركة تتطلب إرادة حقيقية أي أن الإرادة الاعتبارية المتمثلة بإرادة الشخص الاعتباري هي عاجزة عن إدارة شخص اعتباري على ان ذلك ممكن من خلال الشخص الطبيعي وهو المكون الأساسي لهذا الشخص الاعتباري فنجد الشخص الطبيعي يمتاز بالقدرة على الرقابة من حيث لا تتمتع الشخصية المعنوية بهذه الإمكانية وكذلك أن المساهمين عند اختيارهم مساهماً لعضوية مجلس الإدارة فإنهم يختارون مراعين في هذا الاختيار صفاته الشخصية من حيث كفاءته ونزاهته الأخلاقية كما أن عدم المسؤولية الجنائية للشخص الاعتباري يحول دون ذلك (5).
ومن الجدير بالذكر ان معظم القوانين تضع على مدير الشركة شروط عديدة يجب أن يمتـثل لها كل مدير وامتثاله لأحكامها أحكامها حتى وأن كان مديراً معين من قبل شركة قابضة لإدارة شركة تابعة ، لأن الأساس في ذلك هو التنظيم القانوني لقانون الشركات بشكله العام . أما متطلبات النظام الداخلي والمسائل الإدارية( الداخلية ) ، نجد قانون الشركات العراقي وفي المادة(106 ) يشترط لعضوية مجلس الإدارة أن يكون (( 1. متمتعاً بالأهلية القانونية 2. غير ممنوع من إدارة الشركات بموجب قانون أو قرارها من سلطة مختصة قانوناً 3. مالكاً لما يقل عن ألفي سهم ))(6). اما قانون الشركات الأردني رقم (22 لسنة 1997 ) فيضع شروطاً لعضو مجلس الإدارة منها حسب نص المادة (147) (1_أن لا يقل عمره عن واحد وعشرين سنة 2_ وأن لا يكون موظفا في الحكومة او أي مؤسسة رسمية عامة.) وتنص المادة (146) على (أ_ يجوز للشخص ان يكون عضوا في مجلس ادارة ثلاث شركات مساهمة عامة على الأكثر ) ونرى أن الشرط الأول مع انه أعطى عضو مجلس الإدارة إمكانية المشاركة في عضوية إدارة الشركات آلا أنه ومن خلال الشرط الثاني نراه حد من التخوف على الاضطرابات التي يمكن حصولها من جراء هذا التعدد في عضوية مجالس الشركات ، بان ألزمت الفقرة (ب) من المادة (148) على إن (( لا يجوز لعضو مجلس إدارة الشركة أو مديرها العام أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركة مشابهة في أعمالها للشركة التي هو عضو في مجلس إدارتها أو مماثلة لها في غاياتها أو تنافسها في أعمالها ، كما لا يجوز له أن يقوم بأي عمل منافس لأعمالها )) . لو أخذنا الشرط الأول وهو جواز العضوية في عدد معين من مجالس الإدارة وعدم جواز الانضمام الى شركة تمارس نفس النشاط أو منافسة لوجدناها تدخل في صلب نشاط الشركة ولها ما يبررها وخصوصاً في مجال سيطرة شركة على شركة أخرى. حيث نرى أن ضمانة دخول العضو رغم كونه مشترك في أكثر من إدارة وخصوصاً إذا كانت متشابهة أو منافسة اقصد ان هذا العضو مطالب في الشركتين بتحقيق نفس النتيجة في كلا الشركتين وهذا فيه تعارض خصوصا اذا كانت الشركتين متنافستين، فلا ضمان لهذا العضو من أنه سوف يقدم العناية المطلوبة من العضو إذا ما عمل على أتاحة الفرصة لشركة أخرى في التقدم على حساب الشركة التي أثبتت عضويتها لاحقاً . ولهذه المسوغات نجد الأمر واضحا في قرار الديوان الخاص بتفسير القانون الأردني رقم ( 15 لسنة 1966 )، حيث يشترط للاشتراك في إدارة شركة لتصنيع الأحذية الكتان اوالمطاطية أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركة الدباغة، حيث منع الديوان الخاص الشرط المتقدم بتبرير منطقي، ذلك لأن المنافسة بين السلع أنما تعني إمكانية الاستعانة بواحدة منها عوضا عن الأخرى من قبل المستهلكين بغض النظر عن نوع المادة المصنوعة منها السلعة (7). أن إدارة الشركة القابضة لشركتها التابعة يكون عن طريق تمثيلها في مجلس إدارة الشركة التابعة يأخذ قوته من نسبة الأسهم التي يتمتع بها ممثل الشركة القابضة.
وبذلك نرى إن مصلحة الشركة التابعة تكون هي نفس مصلحة الشركة القابضة مع الاختلاف النسبي لكلا الطرفين حيث أن مصلحة الشركة القابضة تكون لصالحها المالي والعائد في نهايته إلى الموطن الأصلي للشركة القابضة ومصلحة الشركة التابعة تكون في مجال الشهرة وقوة دخول الأسواق للمنافسة مع حافز مالي مع ذلك فأن الأصل في المصلحتين هو مصلحة الشركة القابضة . نقصد بقولنا المتقدم هو ان عضو مجلس الأدارة في الشركات القابضة التي يكون نشاطها مشابها لنشاط الشركة التابعة قد يؤثر سلبا في تحقق مصلحة الشركة التابعة نتيجة كون الشركة القابضة هي المسيطرة. أما في حالة الشركة القابضة فنرى أن أغراض الشركة القابضة تختلف عن بقية الشركات حيث نجد أن الشركات التابعة للشركة القابضة تساهم في تكوين التكامل الاقتصادي سواء أفقي (integration horizontal) أو عامودي (vertical) وذلك من خلال السيطرة العمودية للشركة القابضة على شركاتها التابعة ما نريد أن نقول أن توافق المصالح في الشركة القابضة يجعل عضو مجلس الإدارة حريصا على الشركة ونشاطها . أما أن كانت الشركة ليست من ضمن إطار الشركة القابضة قد لا ترى ذلك بفضل اختلاف المصالح بين الشركات وهي طبيعة تنافسية. أن أساس علاقة المدير المنتدب (لإدارة الشركة) هو ان يقوم في شركات الأشخاص على أساس علاقة الوكالة وفي شركات الأموال يعتبر المدير عضواً في الشركة لأن الاعتبارات الشخصية في الوكيل لا تستقيم في إدارة شركة الأموال (8). الا أننا نرى أن صفة المدير للشركة التابعة بالوكالة أمر لا يغير من مسؤولية الشركة القابضة ولا من مركزها . أن أثر النيابة في الشركة التابعة تلحق الأصيل وهو الشركة القابضة وعندما تعبر عن أرادتها في الشركة التابعة أنما تعبر عن إرادة الشركة الأخيرة وليس عن إرادتها هي وذلك بوصفها مدير يستمد صلاحياته من القانون والنظام الداخلي (9).
وتجيز المادة (147 )من مشروع قانون الشركات الأردني ، للشركات الأجنبية والوطنية من أن تنتدب لها ممثلين في مجالس الشركات المساهمة العامة مع تقدير مسؤولية الشخص المعنوي من هؤلاء الممثلين(10). أن جواز إدارة الشركة القابضة لشركاتها التابعة هي ناتجة من سيطرتها على نسبة الأسهم التي تزيد عن( 51% ) أو نسبة تقل عن ذلك مع توفر ظروف أخرى ذكرناها سابقاً تمهد السيطرة للشركة القابضة ، فضلاً عن توفر بعض الامتيازات لهذه الشركات في بعض الدول ، وأن تمثيل (الشركة القابضة) بوساطة نائب عن الشركة هو تعبير عن مساهمتها في الشركة أولاً وسيطرتها ثانيا. وتجدر الأشارة الى ان البحث عن السيطرة ومشاركة الشركة القابضة في مجلس إدارة الشركات ربما يعطي تصوراً بأن الإدارة هي صورة ثانية لإدارة الشركة القابضة بكل تفاصيلها وخططها ، ولكن حقيقة الأمر أن الشركة القابضة على الرغم من سيطرتها فانها لاتقوم بجميع الأنشطة اليومية وتوجيهاتها وأنما تحفظ الشركة القابضة لنفسها بالقرارات الضرورية حتى لاتفقد هذهِ السيطرة ، وتترك الباقي من القرارات للشركة مع سلطة الرقابة على الشركة الأخيرة . فمن القرارات التي ترتكز إدارة الشركة القابضة عليها في سيطرتها هي:
1. أن جميع الاستثمارات للشركات التابعة مرتبط في توسعها بالشركة القابضة بالموافقة والرفض
2. التمويل المالي للشركات تقرره الشركة القابضة .
3. وضع الشركة القابضة للخطة الإنتاجية لكل شركة بما يتلاءم مع تفكير الشركة القابضة .
4.تحديد أسواق الاستيراد والتصدير تحقيقاً لأهداف الشركة بصورة عامة .
5. تعيين كبار المديرين والفنيين في الشركات التابعة ضمن المعايير التي تراها الشركة القابضة.
6. حصر مجال الأبحاث داخل الشركة القابضة دون شركاتها التابعة وهذا من قبل زيادة السيطرة(11). أن ما تقدم هو التمثيل الحقيقي لصورة السيطرة للشركة القابضة في مجال الإدارة للشركات التابعة .
خلاصة ذلك أن إدارة الشركة التابعة هي من مسؤولية الشركة القابضة بحكم نسبة المشاركة بالإضافة إلى غرض الشركة في الإدارة تكوين مجلس الإدارة يكون من قبل الجمعية العمومية . والقانون الأردني يعرض لطرق تكوين الشركة القابضة حيث ينص في الفقرة (2)من المادة (204 ) على ((أن يكون لها السيطرة على تأليف مجالس إدارتها)).
المطلب الثاني/ المشاركة التبادلية في الإدارة :
أن إمكانية سيطرة شركة تابعة على شركة قابضة هو أمر بعيد في الواقع وأسباب عدم إمكانية سيطرة شركة تابعة لشركة قابضة هو عدة نقاط وهي :
أولاً. ان امتلاك الشركة القابضة لأكثر من نصف الأسهم ،يجعل الوضع العام للشركة التابعة بحاجة إلى دعم لزيادة نشاطها بالمقارنة مع نشاط الشركة القابضة التي تكون على درجة من التمكن. بالإضافة إلى أن التشريعات تضع تسهيلات للشركات القابضة وخصوصاً الأجنبية إذا كانت ذات إمكانيات علمية او مادية وذلك من خلال تقديم التسهيلات باعفائها من الضرائب كما في قانون الأستثمار السوري ( رقم 10 لسنة 1991 ) المعدل بالمرسوم التشريعي رقم( 7لعام 2000 ) والذي يؤكد على عدم إخضاع الأرباح الصافية التي تؤول إلى حسابات الشركات المساهمة القابضة من مشاريعها المحدثة أوالشركات التي تساهم فيها . ومما يزيد قوة الشركة القابضة أيضا ما نجده في نص المادة السادسة (المرسوم الاشتراعي اللبناني)، حيث تستثنى الشركات القابضة (هولدنغ) من ضريبة الدخل عن أرباحها كما تستثنى التوزيعات التي تجريها من ضريبة الدخل إلى إيرادات (رؤوس الأموال المنقولة). ونرى ان رواج أنموذج الشركة القابضة التي تسير معظم الدول باتجاهها تفسح المجال للشركات القابضة وتزيد قوتها القابضة ،وذلك لدعم الاقتصاد بالاستعانة بالشركات العملاقة، وهذا مما يحتم ضرورة توفير التشريعات التي تعطي مميزات أكبر لهذه الشركات على حساب الشركات التابعة المحلية أو حتى على الشركات القابضة المحلية لأن المقارنة بين الشركة القابضة المحلية في الدول العربية والشركة القابضة في الدول الغربية متفاوت جداً للأسباب المعروفة من امتلاك شركات الدول الغربية للتكنلوجيا والقوة المالية…الخ .
مثال ذلك توجه وزارة قطاع الأعمال العام المصرية التي أعلنت أنها ستبيع كل الحصص الباقية في الشركات التي تمت خصخصتها ، وتؤكد الوزارة في بيان لها أن جميع الحصص الباقية في ملكية شركات قطاع الأعمال التي تم خصخصتها(الخصخصة )، مطروحة للبيع وأن الشركات القابضة المالكة لهذه الحصص تفضل تلقي عروض شراء هذهِ الحصص من المشترين وصناديق الاستثمار. ويشير الاقتصاديون في مصر ان الخصخصة واحدة من المجالات الرئيسة ،التي يتعين على مصر دفع خطواتها ، وأبدت عدة شركات( قابضة) اهتمامها بصفة عامة ، بصفقة بيع حصة أسمنت حلوان ومن هذهِ الشركات (سيمكس) المكسيكية و(سيشل) البرتغالية وشركة الأسمنت المصرية التابعة لمجموعة (أورسكوم) التي تملك شركة (هولسم) السويسرية بنسبة 43،7% منها(12). بيد أن السند القانوني أيضاً يقف حائلاً في عدم إمكانية انعكاس السيطرة على الشركة القابضة بعد تكوين الهوية القانونية للشخصية الاعتبارية للشركة ووصفها بالشركة القابضة فتقضي المادة (27) من قانون الشركات البريطاني الصادر سنة 1985بأنه ((لا يجوز للشركة التابعة وممثليها الاشتراك في عضوية شركتها القابضة ويعتبر تخصيص الأسهم أو تحويلها من الشركة القابضة إلى شركاتها التابعة باطلاً))(13). كما يحضر قانون الشركات الأردني في المادة (204 فقرة ج) الشركة التابعة من تملك أي أسهم أو حصة في الشركة القابضة ،وأن فكرة منع انعكاس السيطرة على الشركة القابضة دافعها أكبر من وجوب احتفاظ الشركة القابضة بالسيطرة حسب اعتقادنا لأن ما ذكرناه سابقاً من إمكانيات للشركة القابضة يكفي لضمان سيطرتها . وما نراه من سند قانوني يمنع انعكاس السيطرة هو اختلال صورة التنظيم القانوني للشركة القابضة ككل لأن تبادل امتلاك الأسهم التي هي سند السيطرة للشركة القابضة عندما تكون بيد شركة أخرى ولو جزء يسير يضع المتعاملين مع الشركة القابضة بخوف من ضياع أموالهم خوفاً من سيطرة الشركة التابعة التي في أغلب الأحيان لا تملك السمعة والنشاط الاستثماري الضخم … الخ. والسماح بالمشاركة التبادلية بين الشركتين القابضة والتابعة ، سيؤدي الى افتقار الموجودات العينية للشركتين المعنيتين، كما يؤدي الى جعل موجوداتها موجودات صورية(14).
ويوضح تبرير القول المتقدم المثال التالي :(إذا كانت الشركة ( أ ) قد أنشئت برأسمال قدره عشرة ملايين دينار تستطيع أن تشتري أسهماً أو حصصاً في رأسمال الشركة ( ب ) بقيمة صافية قدرها عشرة ملايين دينار بالمقابل تشتري الشركة ( ب ) أسهماً أو حصصاً في رأسمال الشركة ( أ ) بقيمة صافية قدرها عشرة ملايين دينار فأن النتيجة تصبح من جهة أن مساهمي الشركة(أ ) مثل مساهمي الشركة (ب) ، ومن جهة اخرى فان أسهم راس المال لكل من هاتين الشركتين ستقتصر على شهادات اسهم الشركة الأخرى)(15). وأيضاً أن التشريعات التي تأخذ بالشركة القابضة تنص في قوانينها انه على الشركة القابضة أن تذكر في بياناتها الرسمية ومعاملاتها بأنها شركة قابضة وهذا لا يستقيم إذا تصورنا دخول الشركة التابعة في الشركة القابضة كمساهم أو ان نفترض انها مسيطرة على جزء ولها حق التصويت في مجلس الإدارة لأن ذلك يكون لنا ازدواجا في مفهوم الشركة القابضة . على أنه يمكن للشركة التابعة الاحتفاظ في أسهمها في الشركة القابضة بشرط أن تستبعد عضوية الشركة التابعة من الشركة القابضة بأن يقتصر حق الشركة التابعة بالحصول على الربح دون حضور اجتماعات للجمعية العمومية أو الاشتراك بالتصويت على قراراتها (16). ونشيرهنا ان بعض القوانين تجيز لمجلس ادارة الشركة القابضة دعوة رئيس مجلس ادارة أي شركة تابعة لحضور اجتماعات مجلس ادارة الشركة القابضة لكن ذلك يتعلق في المسائل التي تخص الشركة التابعة وله الأشتراك في المناقشة دون الأشتراك في التصويت(17). كما نرى ان انعكاس السيطرة على الشركة القابضة له مايمنعه في الواقع العملي ذلك لأن لا مصلحه للشركة التابعة في ان تدخل او تشارك الشركة القابضة في الأدارة والعكس يصح لأن الشركة القابضة لها المصلحة في الاحتفاظ بهذه السيطرة فهي تمثل رأس الهرم الإداري وأطلعنا في الفصل الأول من البحث أن من أغراض الشركة التي تنص عليها القوانين هو إدارة الشركات التابعة لها أو المشاركة في إدارتها (18). وهذا يعطي كما نلاحظ حق الإدارة للشركة القابضة دون الشركة التابعة. وبما أنه يجوز حضور رئيس مجلس الإدارة للشركة التابعة اجتماعات الشركة القابضة يطلب من الشركة القابضة دون حق التصويت كما يؤدي دخول الشركة التابعة في عضوية الشركة القابضة ما يسمى بالإغلاق (verronillago) في تطابق الهيأت الإدارية التابعة والقابضة في سلطات الإدارة ورقابة سير العمل (19).
ويمكن الاشارة في الوقت الحاضر لشركات قابضة مختصة في إدارة الشركات وتقديم الخدمات في مجالات صناعية وتجارية وسياحية وخدمية أو شركات أو وحدات منشاة ضمن المجموعة الواحدة كشركة قابضة متخصصة بالإدارة (20). ومن الملاحظ ان فلسفة هذه الشركات تقوم على مجموعة من الخبراء المتخصصين والذين يتوفر بهم شرط الخبرة والإدارة والخدمة ويقدمونها بسعر متدنِ مع خبرة فنية رفيعة المستوى أي أن هذه الشركة تقدمها بمقابل وهي من ضمن عقد الإدارة الذي أصبح وسيلة مهمة في خصخصة الإدارات حيث لا يترتب علية بيع أصول المنشأة أو حصة الحكومة في رأس المال وأنما يزود المنشأة محل الخصخصة بالكفاءات والمهارات الإدارية والتكنولوجية خلال فترة التعاقد وذلك مقابل تعويض مادي(21). وقد أضاف المشرع الكويتي في تعديله بالقرار رقم( 2لسنة 1995 )إنشاء شركة قابضة لإدارة الصناعات وما يرتبط بها من خدمات وتصرفات إدارية ومالية وتداول وتعاقدات ولو دققنا النظر في المرسوم الكويتي بالقانون رقم( 117 لسنة 1992 )بشأن اضافة باب جديد في قانون الشركات لرأينا أن أحد أهداف الشركة القابضة هي الاشتراك في إدارة الشركات التي تملك السيطرة عليها. ونعتقد أن من مميزات شركات الإدارة توفير وتقليص المصاريف والنفقات وتوفير إدارة متخصصة وناجحة ومتمرسة وتحريك الاستثمار من خلال تشجيع المستثمرين على إنشاء وتأسيس المشاريع وإسنادها إلى شركات متخصصة ولكن يؤخذ على هذهِ الشركات احتكار بعض الأساليب الإدارية الناجحة وعدم تعميمها واحتكار سوق معين من الخدمات أو المنتجات على المستوى العالمي كما تستغل هذه الشركات إداراتها بشراء جميع المواد والمنتجات اللازمة للإدارة والتشغيل من شركات تابعة لها وبأسعار مرتفعة نسبياً. بعد الذي عرضناه، نجد ان مركزية الإدارة للشركة القابضة هي ضرورة، الإستراتيجية الحتمية للسيطرة(22). وهذه الستراتيجية المعاصرة تقوم اليوم على تكريس القوة المالية للشركة القابضة وشركاتها التابعة واستغلالها في التأكيد على جوهر الاختصاص لتركيز استمرارية نموها ضمن البيئة العالمية الجديدة(23).أي أن ارتباط الشركة القابضة بالشركة التابعة هو ارتباط استغلال وتطوير دون ان يسمح بانعكاس السيطرة على الشركة القابضة وهذا ما نراه في الشركات التابعة حيث يزيد من دقة صناعاتها ووفرة استثماراتها وتكوين ثقافة جديدة في الشركة التابعة لأن وجود الاستقلال القانوني ولو جزئي يميز شخصية الشركة التابعة ويعطيها وجودها الواقعي الفعلي المدعوم بخبرات من الشركات العملاقة أما انعكاس السيطرة على الشركة القابضة فليس له أي جدوى تذكر على مستوى التطوير التقني أو الاستثماري …الخ.
_____________________
1- قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997 ، المادة (133) فقرة (أ.ب)
2- قانون الشركات المصري رقم (159) لسنة 1981 ، المادة (90)
3- ينظر د. فوزي محمد سامي ، الشركات التجارية ، مصدر سابق ،ص426
4- ينظر د. محمد شوقي شاهين ، الشركات المشتركة طبيعهتا واحكامها في القانون المصري والمقارن، مصدر سابق ، ص279 .
5- المصدر نفسه ، ص262
6- قانون الشركات العراقي ،رقم21 لسنة 1997 .
7- ينظر د. فوزي محمد سامي ، مصدر سابق ، ص432.
8- محمد شوقي شاهين . الشركات المشتركة طبيعنها واحكامها في القانون المصري والمقارن ، مصدر سابق ص265
9- المصدر نفسه . ص268 .
10- محمد حسين اسماعيل ،الشركة القابضة وعلاقاتها بشركاتها التابعة، مصدر سابق،ص78.
11- ينظر د ، حسام عيسى ، الشركات المتعددة القوميات ، مصدر سابق ص171-172 .
2- رويترز . نشرة الخميس 16/8/2001 ، الساعة 19،15بتوقيت مكة المكرمة .www. islam on lin .com
13- محمود سمير الشرقاوي ، المشروع متعدد القوميات والشركة القابضة كوسيلة لقيامه، مصدر سابق ص330 .
14- محمد حسين اسماعيل ، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة، مصدر سابق ، ص82.
15- المصدر نفسه. ص82.
16- المادة (128) قانون الشركات التجاري لسلطنة عمان . رقم 4 لسنة 1974(المعدل) .
17- المادة (128)، قانون الشركات التجارية لسلطنة عمان ، رقم 4لسنة 1974(المعدل) .
18- أنظر المادة (127) من قانون الشركات لسلطنة عمان ،وكذلك قانون الشركات الأردني فقرة أ مادة 205
19- ينظر د. محمد حسين إسماعيل ،الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة ، المصدر السابق ص82.
20- ينظر د. هشام عبد الله ، كتاب العولمة التجارية والإدارية والقانونية مزايا وعيوب شركات الرجل الواحد بالإدارة ،جريدة البيان عددها الصادر الثلاثاء جمادي الأول 1421 الموافق 18 أغسطس 2000م.
www .ealbayan.com
21-مصطفى حسين المتوكل ،خلق أفاق أمام القطاع الخاص ،مجلة المعلوماتية، ع2، مارس 2001.
22- دريد السامرائي ،النظام القانوني للشركات المتعددة الجنسية ، مصدر سابق ، ص120
23- أسامة زين العابدين ، مجلة البعث الاقتصادي ،في عددها الصادر، 10 أبريل 2001.www. baath .com
المؤلف : رسول شاكر محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للشركة القابضة
الجزء والصفحة : ص103-117.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً