بحث ودراسة مقارنه حول تولية المرأة القضاء
أ/يارا النجادات
أولا : في الشريعة الإسلامية :
الدليل الأول: القرآن الكريم :
قوله – تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (1)
وجه الدلالة: ووجه الدلالة منَ الآية الكريمة هو أنها أفادتْ حصر القِوامة في الرِّجال دون النساء، وعلى هذا لا تَصِحُّ ولاية المرأة القضاء؛ لأن في قضائها قوامة على الرجال، وهذا مما يَتَعَارَض مع الآية الكريمة.
الدليل الثاني: السُّنَّة الشَّريفة:
استدل الجمهور منَ السُّنَّة الشَّريفة :
عن أبي بكرة – رضي الله عنه – قال: “لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أيام الجمل، بعدما كدتُ أن ألحق بأصحاب الجمل، فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن أهل فارس مَلَّكوا عليهم بنت كسرى، قال: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) (2)
وجْه الدلالة: ووجْه الاستدلالِ بهذا الحديث ظاهِر في مَنْع المرأة مِن تولِّي القضاء؛ حيث أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – بعدم الفلاح لِمَن يُوَليها، وهذا التعبير إخبار بعدم الفلاح لمن يقوم بهذا الفعل، وعدم الفلاح ضَرر، والضرر منهيٌّ عنه شرعًا، وهذا الضرر متمَثِّل في تولية المرأة الولايات العامَّة، فتكون هذه التولية غير جائزة.
الدليل الثالث: الإجماع:
ادَّعى أصحاب هذا الرأي الإجماع على مَنْع المرأة مِن تولِّي القضاء، وقالوا بأن الإجماع قائم على منعها قبل ظهور الخلاف، فلا يُعتد بمخالفة مَن خالف؛ لأنه قول من غير دليل، ومخالفته تعتبر خرقًا للإجماع فلا تُقبل، خاصة إذا ظهر هذا الرأي بعد عصر المجمعين.
الدليل الرابع: القياس:
قالوا: إنَّ المرأة ممنوعة مِن توِّلي رئاسة الدولة بالإجماع؛ استناداً إلى حديث: ((لن يُفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))، فيُقاس عليها القضاء، بجامع أنَّ كلاًّ منهما ولاية عامة، فتكون المرأة ممنوعة مِن تولي القضاء، كما أنها ممنوعة مِن تولي رئاسة الدولة، والسبب في ذلك ضعف المرأة ونقصانها الطبيعي عنِ الرجل بسبب ما يعتريها منَ الأمور الخاصة بالنساء.
دليل آخر: إنَّ مجلس القضاء يجب فيه على القاضي أن يحضرَ محافل الخصوم، ومخالَطة الرجال، والمرأةُ ممنوعة من ذلك، ومأمورة بالتَّخدر، فهي ليست أهلاً لحضور مثل هذه المحافل، والقضاء لا يكون إلاَّ بِحُضورها، فيؤدِّي إلى منعها منَ القضاء
دليل آخر: لو جاز تولية المرأة القضاء، لَفَعَلَه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو أصحابه – رضوان الله عليهم – من بعده؛ ولكنه لم يثبتْ توليتها هذا المنصب في تلك العصور وما بعدها، ولم ينقل أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وَلاَّها القضاء، أو ولاية بلد منَ البُلدان، ولا نقل ذلك عنْ أحد منَ الخلفاء الراشدين، ولا عمَّن بعدهم، فثبت: أنه لا يجوز تولية المرأة القضاء.
دليل آخر: القضاء يحتاج إلى كمال الرأي، والفطنة، وتمام العقل، وهذا غير مُتَحَقِّق في المرأة على سبيل الكمال؛ وقد نَبَّه الله – سبحانه – إلى نسيان النساء بقوله – تعالى -: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (3)
مذاهب العلماء في حُكم تولية المرأة القَضاء:
أولاً: مَذْهب الجُمهُور:
ذَهَب جمهور العلماء – وفيهم الشافعية، والحنابلة، وجمهور المالكية ، وغيرهم – إلى: أنَّه لا يجوز تولية المرأة القضاء، في أي نوع من أنواع القضايا، سواء أكانت في قضايا الأموال، أم في قضايا القِصاص والحدود، أم في غير ذلك منَ القضايا، ولو وُلِّيَتْ، كان مَن وَلاَّها آثمًا، ولا ينفذ قضاؤُها، ولو كان موافقًا للحَقِّ.
ثانيًا: مذهب الحنفيَّة:
أمَّا الحنفيَّة، فنرى بعض الكتَّاب في الفقه الإسلامي، ينسبون إليهم أنهم يرون جواز أن تَتَوَلَّى المرأةُ القضاء، في الأمور التي يصِحُّ لها أن تشهدَ فيها، وهي ما عدا مسائل الحدود والقِصاص.
بينما يرى البعض: أنَّ حقيقة مذهب الحنفيَّة غير ذلك؛ لأنَّ الحنفية يقفون مع الجمهور في القول: بِعَدَم جواز تولية المرأة القضاء؛ لكنهم زادوا على ذلك أنها لو وُلِّيَتْ أَثِمَ مَن ولاَّها؛ لكن قضاءها ينفذ مع إِثْم المُولِّي بشرطينِ:
1- أن يوافقَ قضاؤها كتاب الله، وسنَّة رسوله.
2 – أن يكونَ القضاء في غير الحدود والقِصاص؛ إذ لا تُقْبَل شهادتها فيهما, ويستدل لذلك بنصوص الحنفية أنفسهم، كمِثْل ما قَرَّرَهُ صاحب “مجمع الأنهر”؛ حيث يقول: “يجوز قضاء المرأة في جميع الحقوق؛ لكونِها مِن أهل الشهادة، لكن أَثِم موليها؛ للحديث: ((لن يفلحَ قوم وَلَّوا أمرهم امرأة)) في غير حدٍّ وَقَوَد؛ إذ لا يجري فيهما شهادتها، وكذا قضاؤها في “ظاهر الرِّوايَة”.
ثالثًا: رأي ابن جرير الطبري:
نُقل عن ابن جرير الطبري المُؤرِّخ، والمفسر، والفقيه المعروف، أنه قال بِجَوَاز أن تَتَوَلَّى المرأة القضاء في كل شيء، بدون حَدٍّ، أو قَيْدٍ، في كل أنواع القضايا.
يقول الحافظ في “الفتح”: “واتَّفَقُوا على اشتراط الذكورة في القاضي، إلاَّ عند أبي حنيفة، واستثنوا الحدود، وأطلق ابن جرير، كما نقله عنه ابن رشد في “البداية”، بقوله: “وقال الطبري: يجوز أن تكون المرأة حاكمًا على الإطلاق في كل شيء”. (4)
ثانيا : في القانون :
تشير إحصائية حول تولي المرأة للقضاء في ست دول عربية هي المغرب والسودان وسورية ولبنان واليمن وتونس، وكانت المغرب الأولى إذ تولت فيها المرأة منصب القضاء 1959 وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة مشاركة المرأة في القضاء تساوي 50 في المائة. والمرتبة الثانية سجلها لبنان حيث تولت المرأة القضاء 1968، والنسبة المئوية هي 16 في المائة، وتأتي في المرتبة الثالثة تونس 1968، بنسبة مشاركة 22.5 في المائة. أما المرتبة الرابعة فحصلت عليها السودان 1970، بنسبة مشاركة المرأة بلغت 18 في المائة. وتأتي سورية خامسا 1975 بنسبة مشاركة 11 في المائة. وتأتي في المرتبة السادسة اليمن 1974 بنسبة 16 في المائة. والإحصائيات الحديثة تشير إلى أن اليمن تقدمت على سورية وأصبحت في المرتبة الخامسة.(5)
القانون العراقي :
في عام 1985 صدر توجيه يمنع قبول المرأة في المعهد القضائي وتعيينها قاضية أو عضو ادعاء عاماً وجاء هذا المنع متفقا مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء باعتبار أن الإسلام دين الدولة الرسمي كما نص على ذلك دستور عام 1970، يتضح أن تولي المرأة القضاء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية ومخالف لأحكام الدستور النافذ وقانون ادارة الدولة حيث ان المادة(7/أ) من قانون ادارة الدولة نصت على ان الاسلام دين الدولة الرسمي ويعد مصدرا للتشريع ولا يجوز سن قانون خلال المرحلة الانتقالية يتعارض مع ثوابت الاسلام المجمع عليها، ويؤكد النص احترام الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي وقد اكد ذا النص الدستور النافذ في المادة(2) منه، وبما ان قواعد الشريعة الغراء لا يجوز مخالفتها فضلا عن عدم وجود نص صريح في القوانين العراقية والى يومنا هذا، يسمح للمرأة تولي القضاء، وان معظم الدول العربية والاسلامية لن تسمح قوانينها بتولي المرأة القضاء وهذا لا يعد عيبا على المرأة او نقصا في ذاتها وانما تلك مشيئة الخالق سبحانه وتعالى.
القانون الليبي :
المادة الأولى من نظام القضاء تنص على : ” يحق للمرأة تولي وظائف القضاء والنيابة العامة وإدارة القضايا بذات الشروط المقررة بالنسبة للرجل “
القانون الإماراتي :
تنظر الجهات المختصة حالياً تعديل نص المادة رقم (18) من قانون السلطة القضائية والتي تنص على أنه يشترط فيمن يولى القضاء في المحاكم الاتحادية ان يكون ذكراً مسلماً كامل الأهلية، حيث تبحث الجهات في حذف كلمة “ذكر” من المادة لإفساح المجال للمرأة لتولي المناصب القضائية.
في اليمن :
قرار السماح للفتيات بالانضمام إلى المعهد العالي للقضاء يمثل تشجيعا للمرأة لدخول مجال القضاء.
في سوريا :
في سوريا أكثر من 100 قاضية والمئات من المساعدات العدليات .
في المغرب :
ان عدد القاضيات بالمملكة المغربية هو 612 قاضية، وهو ما يشكل نسبـة حوالي 22% من مجموع عدد القضاة الذي يصل إلى حوالي 3157 قاضي حسب آخر إحصاء لوزارة العدل بتاريخ 22/10/2008 مع ملاحظة أن العدد لا يتضمن الملحقين القضائيين الذين هم في طور التكوين.
وتتحمل الآن عدة قاضيات مغربيات مسؤولية رئاسة عدة محاكم تجارية وإدارية وعادية، وترأس غرفة وعدة أقسام بالمجلس الأعلى وتزاول عملها القضائي بالبت في جميع القضايا دون تفرقة بينها وبين زميلها الرجل القاضي.
القانون السوداني :
وقد أخذ السودان فيما يتعلق بتولي المرأة القضاء بمذهب ابن حزم وابن جرير الطبري والحسن البصري، فليست الذكورة شرط فيمن يتولى القضاء في السودان، وقد جاء تولي المرأة للقضاء في السودان مطلقًا سواء في الحدود أو القصاص أو المعاملات أو الطعون الإدارية في القضايا التي ترفع ضد الدولة وموظفيها ولا يستثني من ذلك رئيس الجمهورية أو الوزراء الاتحاديين أو الولائيين، كما أنها تتولى القضاء في جميع محاكم الأحوال الشخصية باختلاف أنواعها ودرجاتها سواء كانت للمسلمين أو لغير المسلمين أو ذوي المعتقدات والأعراف الأخرى.
بلغ عدد القاضيات حوالي 76 قاضية في جميع درجات التقاضي وإذا اعتبر منصب المستشارة القانونية ووكيلات النيابة جزء من القضاء فإن عدد النساء يساوي أكثر من 65% من العاملين بالهيئة القضائية ووزارة العدل.
في الأردن :
عمل المرأة في السلك القضائي فقالت: إن هذا التوجه بدأ منذ عام1996 ولكنه ترسخ أكثر في العامين الأخيرين بعد أن وصل عدد القاضيات إلى14 قاضية.
في تونس :
المرأة التحقت بسلك القضاء منذ عام1968.. ووصل عدد القاضيات في تونس حاليا إلي أكثر من290 قاضية.. كما يضم المجلس الأعلى للقضاء سيدتين وتشغل سيدة منصب الشئون المدنية بوزارة العدل. و قد شاركت المرأة التونسية في إعداد العديد من مشاريع القوانين.
في الدنمارك ..!
شهد المجتمع الدنمركي حالة من الجدل بسبب ما طالبت به وزيرة العدل “لينا اسبرسن” من مجلس القضاء الأعلى والمستشارين من إعداد تقرير ونظرة موضوعية حول تولي المرأة المسلمة المحجبة وظيفة قاض في المحاكم الدنمركية وكيف سيتعامل القضاة والمحاكم معها.
المهم في وظيفة القاضي هو الكفاءة والعدل واحترام القانون الدنمركي وإن كانت تلك المرأة المسلمة المحجبة تحترم القانون ولديها الكفاءة فلا مانع من توليها منصب القاضي، و عقيدتها لن تمنعها وتتدخل في عملها القضائي الذي يتبع الدستور في الدنمرك وكغيرها لو تقدمت راهبة لهذا العمل أو بوذية أو من أي عقيدة أخرى فلن يكون ذلك الحجاب واللباس الديني عائقاً أمام وظيفتها ما دام الوجه مكشوفاً ورأينا أن الكفاءة لهذا المنصب تأتي بالدرجة الأولى. (5)
المرأة المسلمة قاضية في الولايات المتحدة :
شارلين مقلد الدر من أصل لبناني تعتبر أول قاضية مسلمة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية وتم تنصيبها أمام حاكمة ميشيغان وكبار قضاتها وبحضور مئات من العرب والمسلمين، شارلين تسعى إلى أن تكون مثلا يحتذيبه النساء العربيات في الولايات المتحدة وخارجها.
اترك تعليقاً