اقتراح رئيس الدولة :
إذا كان رئيس الدولة لا يملك وضع التشريعات المختلفة الا ان هذا لا يمنعه من المساهمة في التشريع بصور مختلفة أولها حق اقتراح القوانين ، وقد كانت الفكرة السائدة في القرن الثامن عشر هي عدم تخويل رئيس الدولة مثل هذا الحق احتراماً لاستقلال كل سلطة بأعمالها . ولكن فكرة التعاون والتوازن بين السلطات سرعان ما أضعفت هذا الرأي خصوصاً ان منح رئيس الدولة هذا الحق فيه فائدة كبرى لقدرته بوصفه رئيس السلطة التنفيذية بما يملكه من وسائل البصر بحاجات الدولة. فهو القادر على التعرف على القواعد القانونية اللازمة ، وعلى ما يعتري القواعد القانونية القائمة من اوجه نقص فيسعى بواسطة حق الاقتراح إلى سد ما يظهر من ثغرات(1). وأصبحت الظاهرة السائدة في أغلب دول العالم ان القوانين المتخذة بناءً على مشروعات قوانين حكومية وصلت إلى أغلبية ساحقة تجاوزت أحياناً الثمانين بالمائة من القوانين فلا تكاد تجد الحكومة فرصة لاتخاذ إجراء تشريعي ذي أهمية الا اغتنمتها وقدمت بها مشروعاً إلى البرلمان(2). والحقيقة ان ذلك قد يعود إلى ما يتمتع به مقترح رئيس الدولة من امتيازات خاصة لا تنسحب على المقترح البرلماني كإعفاء مقترح رئيس الدولة من شرط العرض على لجان الفحص حيث يحال مباشرة إلى إحدى لجان البرلمان المختصة لفحصه وتقديم تقرير عنه بعكس المقترح البرلماني والذي يحال إلى لجنة الاقتراحات لفحصه وإبداء الرأي في صلاحيته لجواز نظر البرلمان فيه ، ثم يحال إلى اللجنة المختصة لتقديم تقرير عنه في حالة موافقة المجلس على جواز نظره ، والحكمة من هذه التفرقة ان مشروع القانون المقدم من قبل السلطة التنفيذية يمر بلجان إدارية وفنية قبل تقديمه إلى البرلمان(3). فضلاً عن ذلك فان مقترح رئيس الدولة في حالة رفض البرلمان له يجوز تقديمه مجدداً في دورة الانعقاد نفسها كدستور مصر لعام 1971 الذي أجاز في المادة (111) منه إعادة عرض مشروعات القوانين المقدمة من رئيس الجمهورية في دورة الانعقاد نفسها إذا قدرت الحكومة ذلك(4). ويستطيع رئيس الدولة ان يقترح القوانين سواء في المسائل العادية أو المالية(5). بحيث انه يتمكن من المبادرة بالاقتراح في جميع المسائل إذ ان اقتراحه يتميز بالطابع الشمولي ذلك ان أشكال الاقتراح الأخرى كالبرلماني على سبيل المثال قد يحجب عنه اقتراح القوانين في بعض المسائل. الا ان حق الرئيس باقتراح القوانين انما هو حق مقيد بوجود نص دستوري صريح يسمح له بممارسة هذا الحق ، بحيث انه لا يجوز له دستورياً ممارسته من حيث المبدأ خارج هذه النصوص(6). وهذه نتيجة منطقية لان اقتراح القوانين أصلاً هو ليس من اختصاص السلطة التنفيذية وانما من اختصاص السلطة التشريعية ومنح الدستور هذا الحق للسلطة التنفيذية إنما كانت له مسوغاته. ولرئيس الدولة حق استرداد مشروعات القوانين التي سبق وتقدم بها إلى المجلس وهذا الحق مجمع عليه إطلاقاً. ويكون الاسترداد بموجب مرسوم ، ويمكن الاسترداد في أية مرحلة من مراحل دراسة المشاريع في المجلس وبعد صدور مرسوم الاسترداد لا يبقى للمجلس حق مناقشته هذه المشاريع أو التصويت عليها الا إذا تبناها أحد النواب وأحالها مجدداً إلى المجلس بشكل اقتراح قانون جديد ، وكما يجوز للرئيس حق سحب مشروعه بمشروع آخر مضاد. فان له حق تعديله مادام معروضاً أمام المجلس سواء تعديلاً كلياً أو جزئياً(7). ويعد اقتراح رئيس الدولة أحد أشكال الاقتراح الحكومي والذي يتخذ شكلين اما ان يكون اقتراحاً وزارياً إذا تقدم به أحد أعضاء الوزارة ومنهم رئيس الوزارة والذي قد يكون غير رئيس الدولة كالدستور الفرنسي لعام 1958 إذ نصت المادة (39) منه : ((للوزير الأول وأعضاء البرلمان حق اقتراح القوانين))(8). وكذلك الدستور الجزائري لعام 1989 فقد جعل اقتراح القوانين بصريح المادة 113/1 ((لكل من رئيس الحكومة وأعضاء المجلس الشعبي الوطني)) أو يكون الاقتراح صادراً من رئيس إذا تقدم به رئيس الدولة. ولقد لاحظنا ان اغلب الدساتير التي تمنح حق الاقتراح للحكومة إنما تمنحه لرئيس الدولة ولعل هذا الوضع يرجع إلى ان رئيس الدولة عادة هو رئيس للسلطة التنفيذية(9). كالمادة (87) من الدستور السوداني لعام 1998 حيث منحت رئيس الجمهورية حق التقدم للمجلس بمشروعات القوانين والمادة (148) من الدستور الجزائري لعام 1976 نصت : ((المبادرة بالقوانين حق لرئيس الجمهورية كما انها حق لأعضاء المجلس الوطني)) والمادة 35/أ من الدستور البحريني الصادر عام 1973 على ان (للأمير حق اقتراح القوانين …) والمادة (110) من الدستور السوري الصادر عام 1973 على ان (لرئيس الجمهورية ان يعد مشاريع القوانين ويحيلها إلى مجلس الشعب للنظر في إقرارها) وكذلك جاء في الدستور التونسي لعام 1959 انه (لرئيس الجمهورية ولكل نائب حق عرض مشاريع القوانين) والمادة (13) من دستور جمهورية ساحل العاج لعام 1960 إذ نصت (لرئيس الجمهورية بالاشتراك مع أعضاء الجمعية الوطنية حق اقتراح القوانين) والمادة (14) من دستور جمهورية غينيا الصادر سنة 1958 والتي نصت على ان (اقتراح مشروعات القوانين من اختصاص رئيس الجمهورية ونواب الجمعية الوطنية دون سواهم). هذا وان الاقتراح الذي يتقدم به رئيس الدولة إلى المجلس يسقط باستقالة الرئيس أو وفاته فهو حق شخصي مرتبط بشخص رئيس الدولة فهو الذي يقدر الوقت والظـرف الملائم للقيام بتقديم الاقتراح وإليه يعود أمر تقديمه أو عدم تقديمه تبعاً لحاجة الدولة والمجتمع لذلك. فمثلاً ان الدولة تمر بظرف راهن يتحتم إصدار تشريع في نظر رئيس الدولة في موضوع معين ، فهنا يكون على رئيس الدولة تقديم اقتراحه ولكن مع ذلك فالقرار الأول والأخير في تقديم الاقتراح يعود لرئيس الدولة جملة وتفصيلاً(10).
__________________________
1- ينظر د. محمد زهير جرانة ـ مذكرات في القانون الدستوري ـ بغداد ـ 1936 ص75 وكذلك ساجد محمد كاظم ـ سلطات رئيس الدولة في العمل التشريعي البرلماني ـ رسالة دكتوراه ـ غير منشورة مقدمة إلى كلية القانون ـ جامعة بغداد ـ 1998 ـ ص41.
2- ماجد راغب الحلو ـ القانون الدستوري ـ دار المطبوعات الجامعية ـ الاسكندرية 1993 ، ص286.
3- د. محمود حلمي ـ مرجع سابق ـ ص246ـ247.
4- ماجد راغب الحلو ـ القانون الدستوري ـ مصدر سابق ص319.
5- ان اقتراح مشاريع القوانين المالية كان في الماضي من اختصاص الملوك نتيجة للصراع بينهم وبين ممثلي الشعب ـ لاسيما في بريطانيا ـ أدى إلى انتقال هذه السلطة إلى البرلمان وعمل البرلمان على تقييد سلطة الحكومة حتى أصبحت البرلمانات هي التي تقوم بدراسة المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ولكن بتقدم التيار الديمقراطي أصبحت البرلمانات تميل إلى الصرف والحكومة هي التي تحاول ان تحد من ذلك فأكدت معظم الدساتير ان مشاريع القوانين المالية يجب ان تقدم من الحكومة مع تقييد حق البرلمان في ذلك ، كالمادة (45) من القانون الأساسي العراقي لعام 1925 إذ نصت (لكل عضو من أعضاء مجلس النواب ان يقترح وضع لائحة قانونية عدا ما يتعلق بالأمور المالية) وتأييد هذا الحكم بعد ذلك في المادة (100) منه التي تقرر انه ((يجب ان يعرض وزير المالية على مجلس النواب أولاً جميع اللوائح القانونية لتخصيص الأموال أو تزيد التخصصات المصدقة أو تنقيصها أو إلغائها وكذلك قانون الميزانية وجميع اللوائح الخاصة بالقروض التي تعقدها الحكومة)) كما نصت المادة (28) من الدستور المصري لعام 1930 على ان : (اقتراح القوانين المالية خاص بالملك). أنظر د: سعيد بو الشعير ـ النظام السياسي الجزائري ـ دار الهدى الجزائر ـ 1993 ـ ص369ـ370. ود. السيد صبري ـ النظم الدستورية في البلاد العربية ـ ص258. وكذلك د. مصطفى أبو زيد فهمي ـ النظام الدستوري مرجع سابق ـ ص568.
6- عمر حلمي ـ مصدر سابق ـ ص12.
7- ينظر د. حسن الحسن ـ مصدر سابق ـ ص241.
ينظر د. محمد كامل ليله ـ القانون الدستوري ـ مصدر سابق ـ ص348.
8- ARTICILE 39((L’initiative des Lois appartient Concurremment au Premier Minister et aux members du parlement)).Francais Lu CHAIRE ، Gerard Co NAC : La constitution de La ropublique Francaise ، Paris 1987 ، p120.
9- ينظر د. فؤاد العطار ـ مصدر سابق ـ ص113.
10- د. عبد الفتاح حسن ـ مرجع سابق ـ 184. وساجد محمد كاظم ـ مصدر سابق ـ ص44.
تشمل اقتراحات الرغبات والتمنيات كل اقتراح غير ذي صبغه تشريعيه يقدم من واحد أو أكثر من أعضاء المجلس أو من لجانه. ولا يشترط في هذه الاقتراحات ان تكون مفرغه في قالب مواد الا إذا كانت خاصة بأحكام اللائحة الداخلية. واقتراحات الرغبات والتمنيات اما ان تكون سياسة كتلك الاقتراحات المتعلقة باتهام أحد الوزراء أو تعيين لجان للتحقيق في موضوع ما أو تقدير الثقة بالوزارة أو تقرير لومها …الخ. أو تكون إدارية كتلك الخاصة برفع الحصانة البرلمانية أو بتقرير جدول الأعمال أو بقبول الاستقالة من العضوية أو بتوقيع عقوبة الإخراج من الجلسة..الخ(1). وتتميز هذه الاقتراحات بان المجلس ينفرد وحده باعتمادها بحيث تكتسب كل مالها من قوة بمجرد هذا الاعتماد فلا تحتاج إلى موافقة المجلس الآخر ان كان البرلمان يتكون من مجلسين ولا إلى مصادقة رئيس الدولة(2). هذا وليس للرغبات والتمنيات التي يعتمدها المجلس من القوة والسلطان ما للقوانين الصادرة عن المجلس الا انها ذات قيمة أدبية وسياسية لا تنكر. وتحرص الحكومات عادة على وضع مثل هذه القرارات موضع الاعتبار. كما ان القوة التي تكتسبها بمختلف مداها باختلاف الأحوال. فهذه القرارات اما ان تكون خاصة بمسائل من اختصاص المجلس وحده ان يفصل بها كطلب تعديل النظام الداخلي ، أو الفصل في صحة نيابة الأعضاء 000 وفي هذه الحالة يكون لقرارات المجلس في هذه المواضيع ما للقوانين سواء بسواء ، أو تكون قرارات المجلس صادرة برغبات تتضمن دعوة الحكومة للقيام بعمل هو من اختصاصها فلا يكون لهذه القرارات حكم الزامي تخضع له الحكومة كما تخضع لحكم القانون ، بل تكون بمثابة إرشاد اما ان تسير بمقتضاه فتتحقق رغبة المجلس ، واما ان تتجاوز عنه ، وفي هذه الحالة اما ان يقتنع المجلس بما تقدمه الحكومة من الأسباب المسوغة لهذا التجاوز ، واما ان يحرك المسؤولية الوزارية ويعلن عدم ثقته بالحكومة(3).
________________________
1- د. حسن الحسن ـ المرجع السابق ـ ص243 ود. مصطفى أبو زيد فهمي ـ مرجع سابق ـ ص562، ود. فؤاد كمال ـ الأوضاع البرلمانية ـ القاهرة ـ 1972 ، ص58.
2- د. عارف الحمصاني ـ محاضرات في النظم السياسية والقانون الدستوري ـ مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية ـ جامعة حلب ـ كلية الحقوق للعام الدراسي 1963ـ1964، ص302. ود. محمد كامل ليله ـ القانون الدستوري ـ مرجع سابق ص369.
3- تجب الإشارة إلى ان اقتراح الرغبة في إصدار قرار من المجلس بها. والرغبة ليست كما يظن البعض كالسؤال بل تختلف عنه اختلافاً جذرياً لان السؤال لا يربط غير صاحبه ويمكن ان يرد على أي موضوع مهما كان. اما الرغبة فانها تربط المجلس كله لا مقدمها وحده ولهذا يجب ان يكون موضوعها من المسائل العامة دون المسائل المحلية الخاصة. د. حسن الحسن ـ مرجع سابق ـ ص243ـ244.وكذلك د. مصطفى أبو زيد فهمي ـ النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية المتحدة ـ الإسكندرية ـ 1966 ـ ص562.
اقتراح رئيس الدولة في دستور المملكة الأردنية الهاشمية لعام1952 :
منح الدستور الأردني لعام 1952 حق اقتراح القوانين سواء العادية أو المالية إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية فقط(1). وما يهمنا في هذا الخصوص هو سلطة الملك في اقتراح القوانين والتي لم ينص عليها الدستور(2).على الرغم من انه جعل الملك شريك للبرلمان في السلطة التشريعية(3). حيث منح الدستور المذكور اقتراح القوانين إلى مجلس الوزراء فنصت المادة 91 منه ((يعرض رئيس الوزراء مشروع كل قانون على مجلس النواب)) مع ان النص ذكر رئيس الوزراء لا مجلس الوزراء فان مشروعات القوانين تدخل في اختصاص هذا المجلس طبقاً للمادة 45 من الدستور التي جعلت مجلس الوزراء هو الهيئة التي تتولى شؤون الدولة ، ولا جدال في ان مشروعات القوانين هي من أهم شؤون الدولة(4). والحقيقة ان الدستور الأردني يتماشى مع المفاهيم البرلمانية لان الصلاحية الأساسية لاقتراح مشروعات القوانين تعود في الأنظمة البرلمانية إلى الوزارة ويرجع السبب إلى ان الوزارة مسؤولة في ظل هذا النظام عن السياسة الداخلية والخارجية وعن تنفيذ البرامج وهي لن تتمكن من القيام بذلك الا عن طريق القوانين وبالتالي لابد ان تمنح حق اقتراح القوانين لانها من أدرى الجهات التي تعلم عن احتياجات الشعب الحقيقية وعليه فانها تشترك مع البرلمان في حق اقتراح القوانين ـ وان كانت أغلب الدساتير تسند هذا الحق لرئيس الدولة على ان تستخدمه الوزارة باسمه لا باسمها طبقاً لقواعد النظام النيابي(5). وهكذا يتبين لنا هامشية دور رئيس الدولة في المملكة الأردنية في مسألة اقتراح القوانين مع فاعلية دور الوزارة فيه علاوة على هذا فان الظاهر بان الدستور الأردني لم يتطلب موافقة الملك على مشروع القانون قبل عرضه على مجلس النواب بل تكفي موافقة مجلس الوزراء. وعلى العموم فان الدستور الأردني أطلق تسمية اقتراح بقانون على الاقتراح الصادر من أعضاء مجلس الأمة. كما انه لا يوجد تمييز بين كلا النوعين من المقترحات سواء المقدمة من الحكومة أو من أعضاء مجلس الأمة من حيث إجراءات العرض إذ تحال المقترحات الحكومية والبرلمانية إلى اللجنة المختصة والتي يتعلق موضوع المقترح بها دون لزوم عرض المقترح البرلماني من عرضه على لجنة الفحص قبل تقديمه إلى اللجنة المختصة وأعضاء المقترح الحكومي من ذلك فالمادة 14 من النظام الداخلي لمجلس الأعيان نصت على ان يحيل رئيس المجلس مشاريع القوانين التي ترد من مجلس النواب إلى إحدى اللجنتين القانونية أو المالية بحسب مواضيعها كما يحيل إلى لجنة الشؤون الخارجية كل ماله صلة بالشؤون الخارجية وإلى اللجنة الإدارية ماهو مختص بالإدارة العامة من استدعاءات وشكليات بحسب اختصاصها. اما النظام الداخلي لمجلس النواب فقد جاء فيه ان وظيفة اللجنة القانونية تدقيق مشاريع القوانين التي تعرض على المجلس والنظر في الاقتراحات القانونية المقدمة من أعضاء المجلس ((م/26/2)). وجعلت المادة 40 منه للرئيس ان يحيل مشروعات القوانين إلى اللجنة المختصة(6). وفضلاً عن هذا فان المشرع الدستوري الأردني ساوى بين الاقتراح الحكومي والاقتراح الذي يتقدم به أعضاء مجلس الأمه في حالة رفضه إذ لا يجوز تقديمه في دورة الانعقاد ذاتها ، فالمادة 92 من الدستور الأردني لعام 1952 نصت على أنه ((إذا رفض أحد المجلسين مشروع قانون مرتين وقبله المجلس الآخر معدلاً أو غير معدل يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة 000 وعندما يرفض المشروع بالصورة المبينة آنفاً لا يقدم مرة ثانية إلى المجلس في الدورة نفسها)) كذلك نصت المادة 95 الفقرة ((2)) على ان ((كل اقتراح بقانون تقدم به أعضاء أي من مجلسي الأعيان والنواب ورفضه المجلس لا يجوز تقديمه في الدورة نفسها 000)).
__________________________
1-على الرغم من المادة 17 من الدستور الأردني الصادر عام 1952 نصت على انه : ((للأردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صله بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي يعينها القانون)) الا ان حق المخاطبة هذا ليس باقتراح شعبي فالدستور الأردني لم ينص على هذا الحق .
2- ذهب الدكتور عادل الحياري إلى القول بان عدم النص على حق الاقتراح في الدستور الأردني بالنسبة للملك لا يعني انه ليست لديه صلاحية اقتراح القوانين بل له ان يقوم بذلك بوصفه رئيساً للسلطة التنفيذية ، يراجع عادل الحياري ـ مصدر سابق ـ ص772.
3- نصت المادة 25 من الدستور الأردني الصادر عام 1952 ((تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك)).
4- ينظر المادة (45) من دستور المملكة الأردنية الهاشمية الصادر عام 1952.
5- ينظر د. السيد صبري ـ النظم الدستورية في البلاد العربية ص280 ، وينظر كذلك د. عادل الحياري ـ القانون الدستوري والنظام الدستوري الأردني ـ عمان ـ 1972 ، ص772.
6- د. محمد سليم غزوي ـ مصدر سابق ـ ص133.
اقتراح رئيس الدولة في الدستور اليمني لعام 1990 المعدل عام 1994 :
من المعلوم ان العملية التشريعية تمر بمراحل متعددة أولها مرحلة الاقتراح، وحق اقتراح القوانين هو حق مقرر لأعضاء المجالس التشريعية وللحكومة بمقتضى النصوص الدستورية اليمنية السابقة على قيام الجمهورية اليمنية(1). وهو ما أخذ به بمقتضى دستور الجمهورية اليمنية لعام 1990 إذ نصت المادة 67 منه على انه ((لعضو مجلس النواب وللحكومة وللنقابات وللمؤسسات الجماهيرية عبر ممثليها في مجلس النواب حق اقتراح مشاريع القوانين واقتراح تعديلها)) وهذا ما ظل سارياً بمقتضى التعديلات الدستورية لعام 1994 حيث نصت المادة 84 على ان ((لعضو مجلس النواب وللحكومة حق اقتراح القوانين واقتراح تعديلها)) وهذا فيما يتعلق باقتراح القوانين العادية وبذلك يكون الدستور اليمني قد أخذ بنظام الاقتراح المشترك بين كل من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية(2). ومن الملاحظ ان الدستور اليمني لم ينص صراحة على إعطاء رئيس الدولة حق الاقتراح بل أناط ذلك بالحكومة والحكومة هي مجلس الوزراء وأكد الدستور على ان يتولى مجلس الوزراء تنفيذ السياسة العامة للدولة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدفاعية وفقاً للقوانين والقرارات كما يمارس بوجه خاص الاختصاصات الآتية:- إعداد مشاريع القوانين والقرارات وتقديمها إلى مجلس النواب أو مجلس الرئاسة ـ رئيس الجمهورية بمقتضى التعديل ـ وفق اختصاص كل منهما(3). وهنا يمكن القول ان المشرع الدستوري اليمني قدر في مسألة منح الحكومة حق اقتراح القوانين حقيقة الارتباط بين رسم السياسة العامة للدولة ومسألة إعداد مشاريع القوانين فالحكومة وهي تقوم برسم السياسة العامة للدولة تكون أدرى من غيرها في وضع تلك السياسة من خلال تنفيذ القوانين. اما فيما يتعلق باقتراح القوانين المالية فقد ميز الدستور اليمني في المادة (84) بين اقتراح القوانين المالية والاقتراح في القوانين العادية فقرر ان اقتراح مشاريع القوانين المالية التي تهدف إلى زيادة أو إلغاء ضريبة قائمة أو تخفيضها أو الإعفاء من بعضها أو التي ترمي إلى تخصيص جزء من أموال الدولة إلى مشروع ما فلا يجوز اقتراحها الا من قبل الحكومة أو عشرين في المائة من النواب على الأقل وبذلك يكون الدستور اليمني قد قضي بان اقتراح القوانين المالية حقاً لكلا السلطتين ولكنه قيد حق السلطة التشريعية بضرورة توافر الحد الأدنى وهي نسبة 20% من عدد أعضاء مجلس النواب على الأقل بحيث إذا لم يتوافر للاقتراح المقدم من المجلس تلك النسبة المطلوبة فيكون الاقتراح في حكم الملغي وعمل الدستور على إطلاق هذا الحق للسلطة التنفيذية مؤكداً انه لا يجوز اقتراح القوانين المالية الا من الحكومة وذلك بحكم ارتباطها اليومي بالواقع المعاشي للمواطنين من خلال تنفيذ القوانين مما جعل لها القدرة على اكتشاف مكامن القصور في القانون بما تمتلكه من الفنيين الأكفاء لديها(4). وبذلك يكون الدستور اليمني قد منح حق اقتراح القانونية المالية والعادية للحكومة ومجلس النواب وظهر دور الحكومة في اقتراح القوانين المالية لانه اختصاص حكومي بطبيعته اما بالنسبة لرئيس الدولة فدستورياً لا يجوز له ان يقترح مشروعات القوانين الا ان للرئيس دور فعال في نطاق الاقتراح الحكومي ويظهر دوره جلياً عند رفع مشروع القانون إليه لغرض التوقيع وهنا يترك القرار الأول والأخير له. وعلى العموم فان منح الحكومة حق اقتراح القوانين يعد التدخل في العملية التشريعية لمجلس النواب. وأياً كانت درجة تأثير الحكومة على المجلس النواب في مسألة اقتراح القوانين فان درجة هذا التأثير تنهي بمجرد تقديم ذلك الاقتراح بصورة مشروع قانون إلى المجلس إذ يخضع ذلك المشروع للدراسة والفحص والمناقشة من قبل مجلس النواب فيحال إلى اللجان المختصة في المجلس وذلك حسب موضوع مشروع القانون المقترح تمهيداً لطرح المشروع على أعضاء المجلس لمناقشته وإقراره بصورة قانون صادر من مجلس النواب(5). اما عن مقترحات القوانين المقدمة من عضو أو أكثر من أعضاء مجلس النواب فلا تحال إلى إحدى لجان المجلس الا بعد فحصها أمام لجنة خاصة لإبداء الرأي في جواز نظر المجلس فيها فإذا قرر المجلس نظر أي منها يحال إلى اللجنة المختصة لفحصه وتقديم تقرير عنه(6). كما ان مشروع القانون المقدم من جانب الحكومة إذا ما رفضه المجلس فان الحكومة تستطيع عرض المشروع ذاته بعد تعديله على المجلس مرة ثانية في دور الانعقاد نفسه ، اما بالنسبة لمشروع القانون المقدم من جانب أعضاء المجلس فانه لا يجوز تقديمه ثانية في نفس دور الانعقاد ، إذا ما رفضه المجلس ذلك حتى تسنح الفرصة لأعضاء المجلس من إعادة درسه(7).
_________________________
1-أنظر المادة 9 من الميثاق الوطني المقدس لعام 1948 والمادة (49 فقرة ب) من دستور 13 أبريل / نيسان 1963 والمادة (15 ، 33) من الدستور المؤقت لعام 1964 والمواد (61 ، 106 ، 123) من الدستور الدائم لعام 1964 ، والمواد (8 ، 18 ، 19 فقرة (12)) من الدستور المؤقت الثاني لعام 1965 والمواد (6 ، 16 فقرة (3) ، 17 فقرة (2)) من الدستور الموقت لعام 1967. ينظر عبد الحق محمد عبده المغربي ـ العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في اليمن الجمهوري رسالة دكتوراه ـ غير منشورة مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد 1997 ، ص186.
2- الا ان الفارق بين النصين هو ان التعديلات الدستورية استبعدت حق الاقتراح المقرر للنقابات والمؤسسات الجماهيرية عبر ممثليها في مجلس النواب لان هذه المنظمات كانت لها تمثيل قبل انتخاب المجلس النيابي الموحد عام 1993 وكانت دساتيرها تتوسع في أعضاء الاقتراح لمشاريع القوانين بحيث يمرس هذا الحق الهيئات الآتية :
1- هيئة رئاسة مجلس الشعب.
2- مجلس الوزراء .
3- اللجان الدائمة لمجلس الشعب الأعلى.
4- المحكمة العليا.
5- المدعي العام للجمهورية.
6- ثلث أعضاء مجلس الشعب الأعلى والمنظمات الجماهيرية ، م/74 و 76 من دستوري عام 1970، 1978 لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقاً) أنظر ياسين الخرساني ـ مرجع سابق ـ ص148.
3- ينظر المادة (109) من دستور 1990 والمادة (135) من التعديلات الدستورية لعام 1994.
4- ياسين الخرساني ـ مصدر سابق ـ 149.
5- المادة (92) من قانون مجلس النواب رقم (5) لسنة 1990 وكذلك عبد الحق محمد عبده المغربي مصدر سابق ، ص187 ، 188.
6- المادة (67) من دستور الجمهورية اليمنية الصادر عام 1990 والمادة (84) من التعديلات الدستورية لعام 1994.
7- المواد ذاتها.
اقتراح رئيس الدولة في الدستور اللبناني الصادر عام 1926م والمعدل عام 947م :
الدستور اللبناني النافذ والصادر عام 1926 والمعدل عام 1947م جعل اقتراح القوانين حقاً مشتركاً لكل من رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس النواب بموجب المادة 18 من الدستور المذكور فقد نصت على ان ((لرئيس الجمهورية ومجلس النواب حق اقتراح القوانين)(1). ولما كان رئيس الدولة في لبنان يتولى سلطته كاصل عام بواسطة وزرائه فان الوزارة هي التي تقوم باقتراح القانون وتقدمه إلى مجلس النواب وهذا ما أوضحته المادة 41 من النظام الداخلي لمجلس النواب حيث نصت بان ((للحكومة ولكل من النواب حق اقتراح القوانين..))(2). فالاقتراح الحكومي يقدم على شكل مشروع قانون يصدر عن رئيس الدولة بموجب مرسوم موقع منه ومن الوزير أو الوزراء المختصين وتوقيع الرئيس ضروري لان حق الاقتراح مستمد منه ، ومشروع القانون لا يؤثر فيه موت أو استقالة الوزير الموقع عليه مع الرئيس الدولة بل يبقى المشروع قائماً حتى يقره المجلس أو يرفضه أو تسترده الحكومة(3). ولقد جرت العادة في لبنان على إطلاق اصطلاح (مشروع قانون) على الاقتراح المقدم من الحكومة و (اقتراح قانون) على الاقتراح المقدم من جانب أعضاء المجلس والملاحظ ان المشرع الدستوري اللبناني قد جعل اقتراح القوانين حقاً مشتركاً ـ كما سبق وأشرنا ـ للحكومة ولأعضاء مجلس النواب سواء في المسائل العادية أو المالية دون قيد أو شرط ، الأمر الآخر انه لا توجد تفرقه بين الاقتراحات التي تقدم من الحكومة والاقتراحات التي تقدم من الأعضاء من حيث إجراءات عرض هذه الأخيرة على لجنة الفحص وهكذا فان الاقتراح مشروعات القوانين سواء قدمت من رئيس الدولة أو من أعضاء مجلس النواب تكون له طبيعة واحدة إذ به تبدأ العملية التشريعية ، وليس هناك من فارق بين كلا النوعين من الاقتراحات من الناحية الإجرائية أي من ناحية درسها ومناقشتها وإقرارها من مجلس النواب(4). فضلاً عن هذا فقد ساوى المشرع الدستوري اللبناني بين الاقتراح المقدم من رئيس الدولة والاقتراح المقدم من أعضاء مجلس النواب في حالة رفض المقترح من قبل المجلس إذ لا يجوز ان يطرح ثانية للبحث في العقد نفسه(5). يشير الفقه اللبناني إلى قلة اقتراحات القوانين المقدمة من النواب حتى ان أغلب القوانين التي تصدر عن مجلس النواب تكاد تكون جميعها من اقتراح الحكومة وسبب ذلك ان الحكومة وهي تقوم بتنفيذ القوانين تكون أدرى بما فيها من عيوب ونواقص واقدر على معرفة ما يجب عرضه من المشاريع على مجلس النواب ، وكل ما يسهو عن بال الحكومة أو تقصد عدم عرضه يمكن لأعضاء المجلس عرضه بأنفسهم.
________________________________
1-ان عبارة المادة 18 من الدستور غير دقيقة إذ هي تعطي لمجلس النواب حق الاقتراح والحقيقة ان هذا الحق لا يعطى ((للمجلس ككل)) وإنما للنواب فرادى ولذلك جاء نص المادة 41 من النظام الداخلي لمجلس النواب لعام 1953 على ان ((للحكومة ولكل من النواب حق اقتراح القوانين000)) وبهذا يكون لكل نائب حق الاقتراح بمعنى ان الاقتراح يمكن ان يقدم باسم نائب واحد شريطة ان لا يوقع على الاقتراح أكثر من ستة أعضاء طبقاً للمادة 41 من النظام الداخلي كما سبق وذكرنا وذلك خلافاً للقواعد المألوفة في كثير من الدول التي تقضي بوجوب تقديم الاقتراح من عدد معين من الأعضاء كحد أدنى ، د. مصطفى أبو زيد ـ النظام البرلماني في لبنان ـ مصدر سابق ـ ص451.
2-ان الدستور اللبناني قد قرر النظام البرلماني حيث نصت المادة 54 منه على ان ((مقررات رئيس الجمهورية يجب ان يشترك معه في التوقيع عليها الوزير أو الوزراء المختصون ماخلا توليه الوزراء وإقالتهم قانوناً)) وذلك باعتبار ان رئيس الجمهورية لا ينفرد وحده بأي اختصاص في شؤون الحكم إذ يتعين إذا باشر أي أمر في أمور الحكم ان يشترك معه الوزراء المختصون فإذا كان الدستور اللبناني قد اعتنق النظام البرلماني الذي يقضي بان الوزارة هي المحور الرئيسي في ميدان السلطة التنفيذية فان الواقع العملي أثبت خلاف ذلك فرئيس الجمهورية في لبنان هو صاحب السلطة التنفيذية الحقيقية يمارسها ويباشرها على نحو فعلي حتى أصبح لرئيس الجمهورية من الناحية الواقعية الدور الرئيسي في ميدان السلطة التنفيذية وبالتالي قلب ميزان ثنائية الجهاز التنفيذي لصالح رئيس الجمهورية غير المسؤول بل الوزارة المسؤولة ، د. محسن خليل ـ النظم السياسية والدستور اللبناني ـ مصدر سابق ص649.
3- د. حسن الحسن ـ مصدر سابق ـ 241.
4- د. إبراهيم عبدالعزيز شيحا ـ القانون الدستوري ـ تحليل النظام الدستوري اللبناني في ضوء المبادئ الدستورية العامة ـ الدار الجامعية للطباعة والنشر ـ بيروت ـ 1983 ، ص575.
5- نصت المادة 38 من الدستور اللبناني ((كل اقتراح قانون لم ينل موافقة المجلس لا يمكن ان يطرح ثانية للبحث في العقد نفسه)).
اقتراح رئيس الدولة في الدستور الجزائري الصادر عام 1996م :
نصت المادة 119 من الدستور الجزائري النافذ والصادر عام 1996م على انه ((لكل من رئيس الحكومة والنواب حق المبادرة بالقوانين)) ويتبين من هذا النص بان المشرع الدستوري الجزائري أعتبر ان ما يقدم من كلتا السلطتين التشريعية والتنفيذية هو عبارة عن مبادرة وحق دستوري مشترك لهما(1). وفرق بين ما يقدم من السلطتين باعتبار ان ما تقدمه السلطة التنفيذية يسمى مشروع قانون وان ما تقدمه السلطة التشريعية يسمى اقتراح قانون أي ان ما يقدم من الحكومة والبرلمان يبقى مجرد مشروع اقتراح لا غير(2). بيد ان اقتراحات القوانين المقدمة من طرف النواب نجدها مقيدة بقيود كثيرة بينما لا تكاد تذكر بالنسبة لمشاريع القوانين وتتمثل في :
1- لا نقبل اقتراحات القوانين الا إذا كانت معللة وموقع عليها من قبل 20 نائباً.
2- يجب ان يحرر نصها في شكل مواد مرفقة بعرض للأسباب.
3- يجب الا يكون محتوى اقتراح القانون يماثل محتوى قانون رفضه المجلس منذ سنة في الأقل(3).
اما بالنسبة لمشروعات القوانين المقدمة من طرف رئيس الحكومة فانها تخضع في إيداعها لشرط ان تكون غير مماثلة لمشروع أو اقتراح قانون قيد الدراسة في البرلمان أو كان قد سحب أو رفض منذ أقل من أثني عشر شهراً(4). وبالمقارنة بين عدد الاقتراحات المقدمة من طرف النواب ومشاريع القوانين المقدمة من طرف رئيس الحكومة يلاحظ ان أغلبية القوانين الصادر من طرف البرلمان تكون من وبناء على مشاريع القوانين المقدمة من رئيس الحكومة(5). اما فيما يتعلق بدور رئيس الدولة في الجزائر بخصوص اقتراح القوانين ، فكما رأينا بان الدستور منح حق الاقتراح بصريح المادة 119 منه إلى رئيس الحكومة والبرلمان ، وبالتالي نتساءل هل استبعد رئيس الدولة من هذه العملية التشريعية ؟! والإجابة ستكون في الفقرة الثانية بنفس المادة حيث نصت على انه ((تعرض مشاريع القوانين على مجلس الوزراء ، بعد أخذ رأي مجلس الدولة يودعها رئيس الحكومة مكتب المجلس الشعبي الوطني)). وما دام بصريح المادة 77 الفقرة (4) ((ان رئيس الجمهورية يترأس مجلس الوزراء)) وهنا يمكن القول ان لرئيس الدولة دور فعال في اقتراح القوانين من خلال ترأسه لمجلس الوزراء . فرئيس الحكومة هو الذي يعد مشاريع القوانين نظراً لكونه المكلف بتنفيذ البرنامج الموافق عليه من قبل البرلمان الا ان تلك المشاريع يبقى مصيرها مرتبط بضرورة عرضها على مجلس الوزراء مما يفسح المجال لظهور الدور الذي يلعبه الرئيس للموافقة أو رفض المشروع المقترح فالقرار الأول والأخير لرئيس الدولة جملة وتفصيلاً(6). وفيما يتعلق باقتراح القوانين المالية فالدستور الجزائري سكت ولم يبين لمن يكون هذا الحق وبذلك يكون قد عد ان المبادرة في القوانين المالية شأنها شأن القوانين العادية فالمبادرة فيها حق لكل من رئيس الحكومة والنواب ، ولكن الذي أوضحه الدستور في المجال المالي هو انه في المادة 120 منه أوجب ان ((يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوماً (75) من تاريخ إيداعه ، .. وفي حالة عدم المصادقة عليه في الأجل المحدد سابقاً يصدر رئيس الجمهورية مشروع الحكومة بأمر))(7). ولأهمية القوانين المالية وخطورتها فقد نصت المادة 121 من الدستور بأنه ((لا يقبل اقتراح أي قانون مضمونه أو نتيجته تخفيض الموارد العمومية ، أو زيادة النفقات العمومية ، الا إذا كان مرفوقاً بتدابير تستهدف الزيادة في إيراداته ، أو توفير مبالغ مالية في فصل آخر من النفقات العمومية تساوي في الأقل المبالغ المقترح أنفاقها)).
_______________________________
1-ان الدساتير الجزائرية السابقة على دستور 1996 الجزائري جعلت حق الاقتراح مشتركاً بين السلطتين التشريعية التنفيذي فدستور 1963 جعل الاقتراح مشتركاً بين رئيس الجمهورية والبرلمان ذلك بصريح المادة 36 منه كما نهج المشرع الدستوري الجزائري في دستور سنة 1976 نفس الأسلوب فنص في المادة 148 منه ((ان المبادرة بالقوانين حق لرئيس الجمهورية، كما انه حق لأعضاء المجلس الوطني)) اما دستور سنة 1989 فقد جعل اقتراح القوانين بصريح المادة 113/1 ((لكل من رئيس الحكومة وأعضاء المجلس الشعبي الوطني)) وعليه فانه لا يجوز لغير هذه الهيئات اقتراح القوانين ومع ذلك فدستور 1976 افرد حكم في المادة 150 الذي نص ((انه يجوز للمجالس الشعبية الولائية ، ان ترفع التماساً إلى الحكومة التي يعود إليها النص لصياغته في مشروع قانون)) الأستاذ أو صديق فوزي ـ مصدر سابق ـ ص127.
2- ينظر د. سعيد بو الشعير ـ النظام السياسي الجزائري ـ دار الهدى للطباعة ، الجزائر ـ 1993 ، ص386.
3- ينظر المادة (70) من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني الصادر في 11/8/1997.
4- المادة (66) من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني المؤرخ 11/8/1997.
5- الأستاذ ـ العيفا أو يحيى ـ النظام الدستوري الجزائري ـ ط1 ـ الجزائر ـ 2002 م ، ص301.
6- بالرغم من ان رئيس الدولة في الجزائر لا يمتلك دستورياً ان يقترح الا ان الدستور مكنه في المادة 128 منه ان يوجه خطاباً إلى البرلمان.
7- جاء القانون العضوي رقم 99ـ2 المؤرخ في 8/3/1999 يوضح أكثر من طريقة للمصادقة على قانون المالية ولاسيما في المادة 44 منه حيث تؤكد على ان البرلمان يصادق على قانون المالية في مدة أقصاها 75 يوماً من تاريخ إيداعه طبقاً لاحكام المادة 120 من الدستور ، وتواصل المادة قائلة ان المجلس الشعبي الوطني يصوت على مشروع قانون المالية في أجل أقصاه 47 يوماً ابتداء من تاريخ إيداعه ، بينما يصادق مجلس الأمة على النص المصوت عليه خلال أجل أقصاه 20 يوماً وفي حالة الخلاف بين الغرفتين يتاح للجنة المتساوية الأعضاء أجل 8 أيام للبت في شأنه. وفي حالة عدم المصادقة عليه لاي سبب كان خلال الأجل المحدد يصدر رئيس الجمهورية مشروع قانون المالية الذي قدمته الحكومة بأمر له قوة قانون المالية.
الأستاذ العيفا أو يحيى ـ مصدر سابق ـ ص304.
اعتراض رئيس الدولة في الدستور الجزائري الصادر عام 1996 :
قضى المشرع الدستوري الجزائري لرئيس الدولة حق طلب إجراء مداولة ثانية في نص تشريعي تم التصويت عليه من قبل المجلس الشعبي الوطني وبذلك صار الاعتراض حقاً معقود للرئيس فقط أي دون غيره من أعضاء الحكومة وبالتالي يباشر رئيس الدولة هذا الاختصاص بمفرده فله السلطة المطلقة من حيث تقييم عمل النواب. فعندما يرسل النص التشريعي الموافق عليه من قبل المجلس الشعبي الوطني إلى رئيس الجمهورية قصد إصداره ، ومن ثم تحسب مدة الثلاثين يوماً ابتداء من يوم تسليم النص إلى رئاسة الجمهورية(1). وبذلك لا يخرج الأمر عن أحد الاحتمالات الثلاثة :
أ-ان يوقع رئيس الجمهورية على النص التشريعي في الآجال المحددة.
ب- ان يصمت رئيس الجمهورية حتى انقضاء المدة المقررة.
ج- ان يطلب الرئيس إجراء مداولة ثانية.
أ- الموافقة على القانون :
نرى أن المشرع الدستوري الجزائري كان موفقاً في منح رئيس الدولة ثلاثين يوماً لابداء رأيه في النص التشريعي المرفوع إليه(2). فهذه المدة كافية ليقوم الرئيس بدراسة النص دراسة كافية ووافيه وتحسب هذه المدة من تاريخ تسليمه إياه. فإذا وافق رئيس الدولة على النص التشريعي فيتم ذلك بوضع الرئيس توقيعه على النص ، أي وفقاً للنموذج الذي اعتادا قبل ان ينتهي اليوم الأخير من الأجل المقرر . أي من اليوم الذي وضع فيه النص التشريعي تحت تصرف رئاسة الجمهورية وقد جرت العادة على ان يقوم الرئيس بتوقيع النص بعيداً عن كل المراسيم والشكليات(3).
ب – الاعتراض الضمني :
لم يبين الدستور جزائري الصادر عام 1996 حالة صمت رئيس الدولة ، وانقضاء الفترة الزمنية المحددة للإصدار بيد انه في تقديرنا اعتراضاً ضمنياً حيث لا يوجد في نصوص الدستور المذكور ما يناهض تقديرنا ويلجأ الرئيس إلى هذا النوع من الاعتراض لكي يظهر من خلاله بطريقة غير مباشرة عدم رضائه على ((النص التشريعي)) الذي وافق عليه النواب. ونرى انه كان الأجدر بالمشرع الدستوري الجزائري تلافي هذا النقص والذي كان قد تداركه في أول دستور للجزائر عام 1963 حيث أوضح في المادة51(4). منه بان كل نص تشريعي لا يقوم رئيس الجمهورية بإصداره أو رده للمجلس الوطني خلال عشرة ايام من تاريخ إيداعه لدى رئاسة الجمهورية ، يتولى رئيس المجلس الوطني ، إصداره ونشره في الجريدة الرسمية ، وبذلك يعتبر قانوناً كما لو كان رئيس الجمهورية نفسه ، هو الذي أصدره ونشره. والحقيقة ان إصدار القوانين ونشرها دون مساهمة من رئيس الدولة لا يمكن اكمال هذا الحكم الا في الحالة التي يخول فيها المشرع الدستوري طرفاً آخراً وغالباً ما يكون رئيس البرلمان ومن ثم يتولى إصدار القانون ونشره.
ج- الاعتراض الصريح :
ويفهم من خلال نص المادة 127 حيث جاء فيها (يمكن لرئيس الجمهورية ان يطلب إجراء مداولة ثانية في قانون تم التصويت عليه في غضون الثلاثين (30) يوماً الموالية لتاريخ اقراره. وفي هذه الحالة لا يتم اقرار القانون الا بأغلبية ثلثي (2/3) أعضاء المجلس الشعبي الوطني).فاعتراض الرئيس يتجلى في شكل طلب إجراء مداولة ثانية وبالتالي فهو اعتراض صريح ينصب على النص التشريعي ، ويكون ذلك قبل انقضاء مدة الثلاثين يوماً الموالية لتاريخ إقراره. والمداولة الثانية هي اعتراض بسيط توقيفي مؤقت ، طلب ((مداولة ثانية)) لا ينال من اختصاص المجلس ، بيد انه يعد وسيلة في يد رئيس الدولة يلجأ إليها من اجل التأثير المباشر على النواب ، أي لفت نظرهم إلى تقييم تصرفهم ، ومن جهة أخرى ، يمكن للنواب التغلب على اعتراض الرئيس ، وذلك في حالة اقرار النص التشريعي ثانية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني ، وإذا حصل ذلك صدر القانون رغم اعتراض الرئيس عليه كما وافق عليه البرلمان المرة الأولى. ويلاحظ ان الرئيس بإمكانه ان يشير إلى عدم رضاه على النص التشريعي كلياً أو جزئياً ، أي باستطاعته رفض بعض مراده وبالتالي الرئيس لا يعيد طرح ((النص التشريعي)) برمته من جديد على المناقشة ، بل انه يرجع النص للنظر في البنود التي عليها اعتراض. فضلاً عن هذا فان المشرع الدستوري لم يلزم الرئيس بذكر أسباب بعينها ومن ثم ، يمكن للرئيس الاعتراض على أي نص تشريعي ، حسب تقديره الشخصي ، سواء تعلق الاعتراض بالمضمون أو بالشكل . بيد ان الدستور مكن رئيس الدولة من اللجوء إلى المجلس الدستوري للنظر في عدم دستورية القوانين التي يمتنع عن إصدارها. فهو وسيلة من وسائل المراقبة الدستورية فبعد ان يخطر الرئيس المجلس الدستوري يتداول الأخير في جلسة مغلقة ويعطي رأيه في دستورية القوانين قبل ان تصبح واجبة التنفيذ أو يصدر قراره في الحالة العكسية وذلك في ظرف العشرين يوماً التالية لتاريخ الإخطار(5). هنا قد يثور التساؤل عن القوة النافذة لرأي المجلس الدستوري بعدم دستورية نص تشريعي تم التصويت عليه دون صدوره؟ في الحقيقة ان الدستور لم يحدد صراحة الأحكام الختامية للآراء ولكنه من ناحية أخرى حدد القوة النافذة للقرار في المادة 169 منه حيث جاء فيها ((إذا ارتأى المجلس الدستوري ان نصاً تشريعياً أو تنظيمياً غير دستوري ، يفقد هذا النص أثره ابتداء من يوم قرار المجلس)). وعليه فان رئيس الدولة يستطيع ان يطلب إجراء مداولة ثانية ، هي إجراء غير ملزم إذ يمكن للمجلس الشعبي الوطني ان يتجاوزها بانتخاب ثلثي أعضائه بحيث ينبغي إصدار القانون رغم رأي المجلس الدستوري بعدم الدستورية. وقد تتمثل الحالة الثانية الممكنة في إصدار القانون ، ثم إخطار المجلس الدستوري ثانية لكي يحول رأيه إلى قرار . فإذا سمح هذان الإجراءان ، بطرق غير مباشرة ، بتحويل رأي المجلس الدستوري إلى رأي نافذ ، فقد يزيد ذلك في الوقت نفسه من تعقيد المراقبة الدستورية ، إذ يقتضي المنطق انه لابد ان يكون لرأي المجلس الدستوري القوة النافذه نفسها للقرار. وسواء تعلق الأمر بالرأي أو بالقرار فان الحجة تكمن في منهجية المعالجة ونوعية أشغال المجلس وكذلك إجراءات المداولة فلماذا إذاً هذا الاختلاف في الحكم على محتوى واحد ونوعية واحدة للأداء(6). وقي تقديرنا فانه على الرغم من ان الدستور لم يحدد صراحة الأحكام الختامية للاداء بصورة عامة. فليس هناك ما يمنع ان نضفي عليها قيمة القرار النافذ نفسه والا قد يصل بنا الأمر إلى حد تشبيه المجلس بوجهين لعملة واحدة ومن ثم النيل فيما بعد من اعتباره ومن سلطته ومصيره.
_______________________________
1- المواد 126 و 127 من الدستور الجزائري الصادر عام 1996.
2- ان مدة الإصدار في دستور الجزائري الصادر عام 1963 محددة بعشرة أيام فقط وهي مدة قصيرة لا تتيح للرئيس الفرصة الكاملة لدراسة النص المعروض عليه دراسة كافية حيث لديه أعمال أخرى . وعليه يتولى دراسة النص التشريعي اختصاصيون ومن ثم يقوم الأمين العام لرئاسة الجمهورية باخطار الرئيس ويشير عليه بما يراه قبل انتهاء المدة المقررة بثلاثة أيام في الأقل ، ويمكن للرئيس في هذه الحالة ان يرفض مشورة الأمين العام ، لان مرجع الأمر في النهاية متروك لتقدير الرئيس دون سواه . ولقد رفع المشرع الدستوري هذه المدة إلى ثلاثين يوماً في الدساتير اللاحقة (دستور 1976 ودستور 1989 ودستور 1996).
د. عبدالله بوقفه ـ مصدر سابق ـ 104.
3- المصدر ذاته.
4- قضت المادة 51 من دستور الجزائري الصادر عام 1963 ((في حالة عدم إصدار القوانين من طرف رئيس الجمهورية خلال الآجال المحددة يتولى إصدارها رئيس المجلس الوطني)).
5- أنظر المواد 165 و 166 و 167 من الدستور الجزائري الصادر عام 1996.
6- د. محفوظ لعشب ـ التجربة الدستورية في الجزائر ـ المطبعة الحديثة للفنون المطبعية الجزائر ـ 2000 ـ ص148ـ149.
اقتراح رئيس الدولة في الدستور الإنجليزي :
يتمتع الملك(1). في إنجلترا بحق اقتراح مشروعات القوانين الا ان هذا الحق قد استقر بيد الحكومة بفعل مبادئ النظام البرلماني حيث يقوم النظام السياسي في إنجلترا على النظام البرلماني التقليدي حتى اعتبرت إنجلترا المثل التقليدي الحي لهذا النظام فقد تحددت خصائصه ووضحت مميزاته فهناك عنصر ثنائية الجهاز التنفيذي حيث توجد الملكيه ذات الدور الادبي والتي تعتبر الطرف الأول والوزارة ذات الدور الفعلي والتي تعتبر الطرف الثاني(2). ويجمع الفقه فيما يتعلق بسلطات الملك انه يجب التمييز بين النظرية الدستورية والواقع العملي فمن الناحية الدستورية يحتفظ التاج بكل سلطاته التقليدية أو كما يطلق عليها هناك Preiog aLives وهي سلطات كبيرة بما في ذلك حقه في اقتراح القوانين إذ لا يوجد أي نص يجرده من امتيازاته أو حقوقه ، فالحكومة لا تباشر الا السلطات التي يسمح بها التاج(3). اما من الناحية العملية فأن الحكومة بمقتضى قواعد النظام البرلماني تمارس كل السلطات بما في ذلك اختصاصات التاج فهي همزة الوصل بينه وبين البرلمان(4). وتسأل أمامه سياسياً وفيما يتعلق بحق اقتراح القوانين فيلتزم الوزير الأول بطلب رأي التاج في مشروعات القوانين والمسائل الإدارية الهامة قبل القيام بها. على ان ذلك لا يعني عرض تفاصيل هذه المسائل . وانما فقط إطلاعه على الاتجاه العام للنشاط الحكومي ، وللملك مطلق الحرية في نقد إدارة أي مصلحة على ان دور الملك يقف عند هذا الحد فهو دور سلبي ، اما القرار النهائي والإيجابي فرئيس الوزراء(5). ويستلزم الحصول على توقيع الملك بالنسبة لمشروعات القوانين التي يستخدم فيها حق التاج في الاقتراح ويتم ذلك في حالتين :
الحالة الأولى : المشروعات التي تتضمنها خطبة العرش ، والتي تلقيها الملكة بشخصها أمام مجلس اللوردات ، وخطاب العرش وان كان من أهم أعمال رئيس الوزراء الذي يعده بمعاونة وزرائه ويقره مجلس الوزراء. الا انه يعرض على التاج للحصول على موافقته وله في هذه الحالة إبداء ما يشاء من الملاحظات ولذا يتعين على رئيس الوزراء الحصول على توقيع الملك بالنسبة لمشروعات القوانين التي تضمنها خطاب العرش.
اما الحالة الثاني : فهي مشروعات القوانين التي تتعلق بامتيازات التاج ويطلب عرضها برسالة أثناء دور الانعقاد. ويتبع هذا التقليد أساساً عند مناقشة القوانين المتعلقة بحقوق التاج(6). والعملية التشريعية تبدأ عادة من قبل الوزارة باقتراح مشروعات القوانين اللازمة(7). ، ومع هذا فانه لا مانع يمنع ان يبدأ الاقتراح بمشروع القانون من قبل أحد أعضاء البرلمان ، لان اقتراح القوانين في إنجلترا هو حق يشترك فيه كل من الحكومة والبرلمان إذ من الثابت ان هناك مقترحات حكومية وأخرى برلمانية الا ان مشروعات القوانين التي تقدمها الحكومة تمثل الجانب الأهم الذي يجد فرصة التحول إلى قوانين ، فالقوانين الصادرة من البرلمان الإنجليزي تكاد تكون جميعها اليوم من عمل الحكومة. إذ ان نسبة القوانين المشرعة من أصل حكومي تبلغ 90% من مجموع القوانين المشرعة اما نسبة القوانين المشرعة من أصل برلماني فلا تتجاوز 10% وليس ذلك لان الإجراءات أسهل بالنسبة إلى مشاريع الحكومة. بل لانه إذا انبثق المشروع عن الأكثرية ، فمن الطبيعي ان تقديمه سيكون عن طريق الحكومة التي هي محرك هذه الأكثرية ، وإذا كان مصدر المشروع من الاقلية فان الأكثرية لن تتقبله الا بصعوبة وهكذا فيما تلعب الحكومة الدور الأساسي في اقتراح القوانين وإعدادها وصياغتها يقتصر دور البرلمان على التصديق على هذه المقترحات وان القول بان اقتراح القوانين حق يشترك فيه كل من الحكومة والبرلمان أداء نظري لا يستند إلى أساس من الواقع(8).
نخلص من ذلك إلى ان النظام البرلماني في إنجلترا قد جعل من الوزارة وريثة لحقوق التاج وامتيازاته ، وحول الملك إلى مجرد رمز فقد قوته السياسة ، فهو ليس القوة المحركة للنظام ، وانما الرمز الخارجي لوحدة المملكة المتحدة ، وقد ترتب ذلك ان انتقل حق الاقتراح إلى الحكومة تمارسه باسم التاج أو باسم الوزراء باعتبارهم نواباً في البرلمان(9). اما عن حق الملك في اقتراح القوانين ذات المسائل المالية فانه يتمتع بسلطات واسعة تؤدي من الناحية العملية إلى قصر هذا الحق عليه ، ففيما يتعلق بالموارد العامة فالقاعدة ان البرلمان لا يوافق على قبول الاقتراح بخلق ضرائب جديدة أو زيادة الضرائب القائمة مالم يكن ضروري للمرافق العامة ووفقاً لما يراه التاج ووزرائه وكذلك بالنسبة للنفقات العامة. والملاحظ ان الوزراء في مجال الاقتراح المالي ليس لهم الحق في تقديم مقترحات تحمل اسمهم الشخصي وبوصفهم نواباً في البرلمان لان الاقتراح المالي هو أحد حقوق التاج الذي تستخدمه الحكومة باسمه ولهذا يشترط الحصول على توقيعه هذا من ناحية(10). ومن ناحية أخرى فعلى الرغم من عدم وجود أية قاعدة عرفيه أو مكتوبة تحرم النواب من حق الاقتراح في هذا المجال ، الا ان حقهم قد انحصر في مجرد لفت نظر التاج إلى اصلاح يراد تحقيقه ، والحقيقة ان اقتراح القوانين في المسائل المالية كما هي في المسائل التشريعية فالنظام الإنجليزي يقترب أكثر فأكثر إلى حالة تستحدث فيه الوزارة كل شيء أو تؤطر سياسته الخاصة(11). فهي القائمة على السلطة التنفيذية هي المهيمنة على سياسة الدولة وطبقاً لذلك لا يستطيع الملك ان يتحكم بالسياسة العامة للدولة ولا يمكن ان يقدم مشروعات قوانين البرلمان أو ان تجبي الأموال أو ان ينفقها من دون قانون ، غير انه يتمكن من توجيه بعض الملاحظات إلى وزرائه بشأن موضوع معين كما حدث سنة 1912 عندما حاول الملك جورج الخامس ان يكون عاملاً ملطفاً عند خلاف الاحزاب حول مشروع قانون الحكم الداخلي ، ولكن يلاحظ ان ذلك القانون لم يتأثر بآراء الملك واتجاهاته(12).
_____________________
1- يتولى رئيس الدولة في إنجلترا السلطة عن طريق الوراثة طبقاً لقانون توارث العرش إذ ان العرش ينتقل بحسب القانون العام الأرثي ضمن عائلة هانوفر (أتخذت خلال الحرب العالمية الأولى ، اسم وندسور ثم في سنة 1959 اسم وندسور مونتباين) دونما استثناء للنساء مع تقديم الذكور ، وعلى أساس العمر ، ثم للنساء ، بل ان أطول فترة حكم فيها ملك في إنجلترا هي الفترة التي تولت الملكة فيكتوريا الحكم حيث انها أمتدت أكثر من ستين عاماً (1837ـ1901) وهناك الآن الملكة اليزابيث الثانية وهي سابع ملكة لبريطانيا ، وتحمل اللقب التالي : ((اليزابيث الثانية بفضل الله ، ملكة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى ولايرلندا الشمالية ولغيرها من الممالك والأراضي وزعيمة الكومنولث وحارسة الايمان)).والصعود إلى العرش لا يمكن ان يكون لشخص من الديانة الكاثوليكية ، والملك والملكة يجب ان يكونا عضويين من أعضاء كنيسة إنكلترا.د. اندريه هوريو ـ مصدر سابق ـ ص368ـ369.
2- د. محسن خليل ـ القانون الدستوري والنظم السياسية ـ مصدر سابق ـ ص850.
3- حق الاقتراح بالمعنى الدقيق لم يبدأ في الظهور في إنجلترا الا عندما استكمل البرلمان هيمنته على إجراءات سن القوانين ، وقد تم ذلك في عهد هنري السادس (1422ـ1471) عندما أصبح للبرلمان حق صياغة مقترحاته في شكل مشروع قانون يعرض على الملك للموافقة أو الرفض فإذا وافق تحول إلى قانون مكتمل . وقبل هذه المرحلة لا يمكن الحديث عن أية صورة من صور اقتراح القوانين لان سلطة التشريع كانت في يد التاج وحده ، اما البرلمان فلم يكن يملك سوى حق تقديم العرائض إلى التاج. د. السيد صبري ـ حكومة الوزارة ـ مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ـ القاهرة ـ 1944 ـ 1945 ص98.
4- ان العلاقة بين الملكية في إنجلترا والوزارة لم تحددها النصوص الدستورية بل حددها العرف الدستوري فالملكية قد قيدت سلطتها المطلقة في ميدان شؤون الحكم حتى انتقلت السلطة الفعلية في نهاية الأمر إلى الوزارة التي أصبحت المحور الرئيس الفعال ويرجح جانب من الفقه إلى ان ابتعاد الملكية في إنجلترا من ممارسة شؤون الحكم يرجع إلى أسباب تاريخية واقعية حتى استقر ذلك الأمر واصبح بمثابة العرف بالنسبة للملكية الإنجليزية وتتلخص أهم الأسباب من الناحية الواقعية حيث شهدت إنجلترا سلسلة من الملوك تعاقبوا على عرشها أهملوا شؤون الحكم تماماً معتمدين في ذلك على الوزارة التي تمكنت من ممارسة السلطة على نحو واقعي. فلقد أهمل الملك جورج الأول الذي تولى العرش عام 1714 شؤون الحكم وذلك لجهله الإنجليزية تماماً وترك أمر ذلك إلى الوزارة مكتفياً بما كان يقدم إليه مذكرات باللغة اللاتينية في هذا الخصوص. أما خلفه جورج الثاني الذي تولى العرش عام 1727 فلقد أصابته نوبات من الجنون عملت على أبعاده عن شؤون الحكم ثم أزداد هذا الأمر بعد فقد بصره. ثم عاش جورج الرابع الذي تولى العرش عام 1820 حياة بذخ وكسل ابعدته عن ممارسة شؤون الحكم حتى قيل انه كان يلازم فراشه حتى الساعة السادسة بعد ظهر كل يوم.وفي عام 1837 تولت الملكة فكتوريا العرش وكانت لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها فابتعدت هي الأخرى عن ممارسة شؤون الحكم خاصة بعد وفاة زوجها ، وهكذا املي الواقع على إنجلترا بعض الملوك الذين ابتعدوا عن ممارسة الحكم تاركين أمر ذلك إلى الوزارة حتى أصبحت هذه الأخيرة هي المحور الرئيس في ميدان السلطة التنفيذية بحكم الظروف والواقع . هذا مع ملاحظة انه إذا كانت إنجلترا قد منيت بملك يجهل لغتها وبأخر أصابته نوبات من الجنون وفقدان البصر وثالث عاش حياة البذخ والكسل ثم بملكه شابه تشبثت بحياتها العائلية فان عظمة بريطانيا قد ارتفعت ذروتها في عهد هؤلاء الملوك مما يدل على ان الفضل انما يعود للشعب الإنجليزي وبرلمانه وحكومته وليس ملوكه. ينظر د. محسن خليل ـ القانون الدستوري والنظم السياسية ـ مرجع سابق 1987 ، ص585 وما بعدها.
5- عمر حلمي ـ مرجع سابق ،عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص41.
6- عمر حلمي مرجع سابق 42 ، وكذلك د. محمد فتح الله الخطيب ـ دراسات في الحكومات المقارنة ـ دار النهضة العربية ـ القاهرة ـ 1966 ، ص35.
7-د. يحيى الجمل ـ الأنظمة السياسية المعاصرة ـ مصدر سابق.
8- يفهم من ذلك ان الوزارة ليست وحدها التي تقود العملية التشريعية اذ ان التنظيم الحزبي يؤدي في الواقع إلى ان مشروعات القوانين ذات الأهمية تبحث في لجان حزب الأغلبية الذي من الوزارة وبعد ذلك تعد الوزارة المشروع وتتقدم به إلى المجلس. د. اندريه هوريو ـ مصدر سابق ـ ص346 و ص362. ود. يحيى الجمل ـ الأنظمة السياسية المعاصرة ـ مصدر سابق ـ ص213.
9- عمر حلمي ـ مصدر سابق ـ ص29.
10-عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص50 و 51.
11- د. ايدوريا Dr،A،APP ADORAI المدخل إلى العلوم السياسية ـ ترجمة نوري محمد حسين ـ الطبعة الأولى ـ بغداد 1988 ، ص131 ، وكذلك عمر حلمي ـ مرجع سابق ، ص50 .
12- محمد فتح الله الخطيب ـ مرجع سابق ـ ص36 ، وكذلك وايت إبراهيم ووحيد رأفت ـ القانون الدستوري ـ المطبعة العصرية ـ 1937 ، ص470.
اقتراح رئيس الدولة في الدستور الفرنسي الصادر عام 1958م :
لم يمنح الدستور الفرنسي النافذ حالياً والصادر عام 1958 رئيس الدولة في فرنسا حق اقتراح القوانين سواء في المسائل العادية أو المالية فقد حصر حق اقتراح القوانين بالوزير الأول(1). وأعضاء البرلمان ، غير انه للرئيس في ظل هذا الدستور دوراً فعلاً في نطاق اقتراح القوانين ذلك ان الدستور قد منح الرئيس سلطات واسعة بالمقارنة مع الدور التقليدي لرئيس الدولة في النظام البرلماني وبدور رئيس الجمهورية في الجمهورية الفرنسية الثالثة 1875 والرابعة 1946 والتطور الجديد بهذا الخصوص ويتمثل في تقوية دور رئيس الجمهورية إلى حد أصبح يتمتع فيه بالدور الرئيسي الفعال في النظام السياسي الفرنسي(2). ومع ذلك فهو ليس رئيس للحكومة ولا يتولى السلطة التنفيذية هو كفيلاً مضافاً garant يكفل السير الأفضل للسلطات العامة بحكم اعتباره على قمة النظام البرلماني. ولذلك فقد نص الدستور على جعل أخطر السلطات الحكومية من اختصاص الرئيس وحده يباشرها دون تدخل الوزير المختص ، وهو ما جعل من مركز الرئاسة المفتاح الحقيقي للنظام(3). فضلاً عن هذا فقد أصبح رئيس الدولة في فرنسا هو رجل الشعب المختار بعد التعديل الدستوري لعام 1962 لكيفية انتخاب رئيس الجمهورية إذا أصبح الانتخاب يكون عن طريق الاقتراع المباشر بدلاً من الأسلوب الذي كان سائداً من قبل وهو الانتخاب عن طريق المجالس النيابية مما يجعل الرئيس تابعاً لها وكان الغرض من التعديل على هذا النحو هو تقوية مركز الرئيس ذلك انه يصعب بعد انتخاب الشعب له مباشرة ان يقتصر دوره على مجرد دور أدبي كما كان الحال بالنسبة لرؤساء الجمهورية الثالثة والرابعة مادام انه يمثل إرادة الأمة فالانتخاب الشعبي يعطي رئيس الدولة قوة زائدة تجعله يتفوق على باقي مؤسسات وسلطات الدولة(4). وفيما يخص دور رئيس الدولة في فرنسا باقتراح القوانين فانه يجب ان نفرق بين سلطات الرئيس الدستورية وبين نفوذه الشخصي فدستورياً لا يملك الرئيس ان يقترح ابتداءً لورود حق الاقتراح باسم الوزير الأول في الدستور الا ان الرئيس يمارس ضغطاً أدبياً وقانونياً فيما يتعلق باقتراح القوانين(5). ذلك ان المادة (9) من هذا الدستور تنيط برئيس الدولة رئاسة مجلس الوزراء ، والمادة (13) تستلزم توقيع رئيس الدولة على الأوامر والمراسيم التي يجري تداولها في مجلس الوزراء واقتراح القوانين من الأمور التي يتداولها في المجلس وتستلزم في الأخير توقيع رئيس الدولة ، أي يستلزم الحصول على موافقته وموافقته هنا ليست شكله فالمادة (10) من الدستور لم تحدد لرئيس الدولة فترة محددة يوقع فيها القرارات الحكومية كما هو الحال عند إصدار القانون ، وهو ما يعني ان الدستور يترك له حرية واسعة في القرار أو الرفض ، فالرئيس يملك سلطة حقيقية تمكنه من شل النشاط الحكومي، فرئيس الدولة يملك سلطة قوية قد تؤدي إلى تعديل في مضمون القرار المقترح لمشروع القانون الا ان الواقع يندر وجود تدخل للرئيس يعمل على تغيير مضمون الاقتراح(6). اما عن اقتراح مشروعات القوانين ذات المسائل المالية(7). فقد قررت المادة (40) من الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 : ((لا تقبل المقترحات أو التعديلات التي يقدمها النواب إذا أدت إلى إنقاص الموارد العامة أو خلق إنفاق جديد أو الزيادة في إنفاق قائم)) (8). ولم يكتف الدستور بتقييد حق البرلمان في اقتراح القوانين المالية بل عمل على تقيده بمدة زمنية معينة يتم خلالها التصويت على الميزانية إذا كان البرلمان منعقداً في دورته. فلقد قررت الفقرة الثالثة من المادة (47) أنه : ((إذا لم يتخذ البرلمان قراراً بمشروع الميزانية في مدى سبعين يوماً من تاريخ إحالة المشروع على البرلمان ، يحق للحكومة ان تنشر هذا المشروع برمته بواسطة أمر يوضع موضع تنفيذ ويهمل بالتالي اختصاص البرلمان في هذا الخصوص))(9). وهكذا فسلطة رئيس الدولة في فرنسا في اقتراح القوانين في المسائل المالية لا تختلف عن سلطته في اقتراح القوانين ذات المسائل التشريعية الاعتيادية حيث لا يجوز له دستورياً ان يتقدم بمشروع قانون إلى البرلمان فورود الاقتراح باسم الوزير الأول يعني في تقديرنا ان الاقتراح دستورياً يجب ان يصدر من الحكومة لا من رئيس الدولة. وعلى العموم فانه بالرغم من ان المادة (39) منحت حق الاقتراح للوزير الأول وأعضاء البرلمان الا ان الحكومة كانت وراء العديد من القوانين التي تم التصديق عليها وهذا ما فسح المجال لتعبير غير مقبول حيث بدأت شلالات مشاريع القوانين المقدمة من جانب الحومة إلى جانب وجود صنبورة مياه من مقترحات الأعضاء فهناك على سبيل المثال مقترح واحد من البرلمان يقابله 40 مشروع قانون من الحكومة(10). فاصبح بذلك البرلمان متفرج أو في شبه عطله أو عبارة عن هيئة مراجعة للقوانين التي تقوم بمناقشتها والتصويت عليها(11).
______________________
1- نصت المادة (39) من دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة والصادر عام 1958 على ان ((للوزير الأول وأعضاء البرلمان حق اقتراح القوانين)) ففي الحالة الأولى (مقترح الوزير الأول) يسمى المقترح مشروع قانون يصادق عليه في مجلس الوزراء بعد رأي مجلس الدولة ، ويطرح أمام مكتب إحدى الهيئتين المشكلتين للبرلمان ومن ثم فان إجراء دراستها يمكن ان يكون من قبل مجلس الشيوخ أولاً أو الجمعية الوطنية غير ان للحكومة حق سحبه قبل الموافقة النهائية عليه في مجمله. اما الحالة الثانية (مقترح أعضاء البرلمان) فيسمى اقتراح بقانون إذا قدم من نواب أحد المجلسين دون تحديد للعدد على ان يخضع لدراسة مكتب المجلس حول ما إذا كان الاقتراح يدخل أو يخرج من نطاق المادة (40) من الدستور وإذا تبدى للمكتب مخالفة الاقتراح للمادة (40) فانه برفضه ومن ثم لا يحق تقديم الاقتراح نفسه الا بعد مرور سنة. ويحق للنائب مثل الحكومة سحب اقتراحه قبل الموافقة عليه في القراءة الأولى والبعض يعبر عن ذلك بالتلاوة الأولى). أنظر د. سعيد بوالشعير ـ القانون الدستوري ـ مرجع سابق ـ ص280.
2- د. محسن خليل ـ القانون الدستوري والنظم السياسية ـ مصدر سابق ـ ص260.
3- عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص30.
4- د. محسن خليل ـ مصدر سابق ـ ص619 ود. محمد فتح الله الخطيب ـ مصدر سابق ـ ص206.
5- عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص32.
6- يندر تدخل رئيس الدولة في تغيير مضمون الاقتراح مالم تكن له فكرة محددة يريد ترجمتها إلى عمل تشريعي وهذا استثناء قلما يرد لان اقتراح القوانين ليس مجرد خيال أو فكرة مثالية ، وانما هو تخطيط وإعداد ودراسة ولذا فالأمر يهم الوزراء المختصين في المجال الأول فكل وزير أدرى بشؤون وزارته ومدى حاجة الدولة إلى القوانين التي تنظم الانتفاع بخدمات الوزارة. عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص31 و 32.
7- ان الدساتير الفرنسية ابتداء من سنة 1875 وان لم تميز بين الاقتراح التشريعي والاقتراح المالي حيث جعلت كليهما من اختصاص البرلمان بالاشتراك مع رئيس الجمهورية (دستور سنة 1875) أو رئيس الوزراء (دستور 1946 ودستور 1958) الا ان العمل في دساتير 1875 ، 1946 قد جرى على تقييد حق النواب في اقتراح القوانين التي تؤدي إلى المساس بمبدأ توازن الميزانية وقد تبنى دستور سنة 1958 هذه المبادئ في المادة (40) منه. عمر حلمي ـ ص36.
8- ARTICLE 40 Les Propositions et amendements Formaleَs par Les ،membres du parlement ne sont pas recovables Lorsque leur adoption aurait pour consequence sait une diminution des ressources publiques، soit La creation ou La ggravation d’une charge publique.
Lu CHAIRE ، Gerard CoNAC : op . cit.،P.121
9- د. محسن خليل ، مرجع سابق ـ 393. ود. محمد فتح الله الخطيب ـ مرجع سابق ـ ص201.
0[1]- ان أساس القوانين في فرنسا في ظل دستور سنة 1958 مصدرها الحكومة وليس البرلمان فمن بين 463 قانون مشرع بين سنة 1962ـ1967 كان هنالك فقط 53 قانون من أصل برلماني أي نسبة 1/8 من القوانين هي من أصل برلماني ، وفي عام 1969 نلاحظ تقريباً نفس النسبه من القوانين المشرعة من أصل برلماني ، وفي عام 1970 شهد زيادة نسبه القوانين المشرعة من أصل حكومي فمن بين 97 قانوناً كان هناك فقط من أصل برلماني والبقية من أصل حكومي. د. حسان العاني ـ الأنظمة السياسية المقارنة ـ مصدر سابق ص184.
1[1]- د. حسان العاني ـ النظام شبه الرئاسي (التجربة الدستورية الفرنسية) ـ محاضرات غير منشورة القيت على طلبة الماجستير كلية القانون ـ جامعة بغداد ـ 2000ـ2001 ص25.
اقتراح رئيس الدولة في دستور الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عام 1787 :
جاء الدستور الأمريكي لعام 1787 خالياً من أي نص دستوري يخول رئيس الدولة حق اقتراح القوانين . إذ خلت المادة الثانية التي تتكلم عن الرئيس واختصاصاته من الإشارة لهذا الحق. كما تستبعد اللوائح الداخلية لمجلسي الكونجرس حق الرئيس في الاقتراح فتستلزم لائحة مجلس النواب إيداع مشروعات القوانين في صندوق يسمى (The happer) كما تشترط اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ ان يعلن طالب الاقتراح رغبته شفاهه وهو ما يستلزم ان يكون المقترح أحد أعضاء مجلس الشيوخ وربما كان السبب اقوى الذي يؤيد حرمان السلطة التنفيذية من حق الاقتراح ، هو ان الدستور منع أعضاء السلطة التنفيذية من الدخول إلى قاعة الكونجرس وحضور جلسائه والمشاركة في مناقشاته ، وحيث الأمر بهذا الشكل فأنه يستحيل عملياً ممارسة حق الاقتراح من قبل الحكومة ذلك ان إيداع الاقتراح يقصر من الناحية العملية على أعضاء المجلسين(1). وإذا كان الدستور الأمريكي لم يقرر لرئيس الدولة حق اقتراح مشروعات القوانين الا ان هناك ثغرات قد يستطيع الرئيس من خلالها التدخل باقتراح مشروعات القوانين عن طريق أعضاء الكونجرس باسمهم الخاص واستعمالاً منهم لحقهم المقرر في ذلك(2). فالرئيس قد يجد من أعضاء الكونجرس ممن يؤيدون مشروعاته علاوة على ان الرئيس هو زعيم لأحد الحزبين الكبيرين وكان حزبه عادة هو صاحب الأغلبية البرلمانية فانه يستطيع عن طريق التنظيم الحزبي ان يقترح مشروعات القوانين التي تمت صياغتها ووضعت موادها بمكتب الرئيس وتحت رعايته وان يضمن في الغالب صدورها من الكونجرس وأصبح الرئيس صاحب القسط الأكبر في تقديم الاقتراحات بواسطة نواب حزبه(3). كما يمارس رئيس الدولة اقتراح القوانين بصورة مباشرة طبقاً للمادة الثانية الفقرة الثالثة من الدستور حيث نصت على (تخويل الرئيس الحق في ان يخطر الكونجرس من وقت لآخر بأحوال الاتحاد وان يرفع توصياته بشأن ما يراه ضرورياً ولازماً من إجراءات). واصطلح هذا الحق بحق الرسالة (Droit de Message) أو حق التوصية التشريعية (Recommend Legislative)(4). على ان الدستور لم يبين بعض التفاصيل فيما يخص الرسالة سواء من حيث وقت تقديمها أو شكلها أو عدد الرسائل التي يحق لرئيس الدولة تقديمها إلى البرلمان. فوقت تقديم الرسالة بالرغم من ان الدستور لم يبينه الا انه العرف جرى على تقديمها عند افتتاح دور انعقاد الكونجرس العادي من كل سنة حيث يتقدم الرئيس برسالة يضمنها أحوال الاتحاد والتشريعات التي يرى ضرورة سنها(5). اما عن عدد الرسائل التي يستطيع الرئيس ان يرسلها إلى البرلمان فان الدستور لم يحدد عددها غير ان الرئيس ملزم بحد أدنى من الرسائل وهي الرسائل الثلاث التي تجد اصلها في النصوص الدستورية والتشريعية فالرسالة الأولى وهي رسالة الاتحاد والتي تجد أساسها في الفقرة الثالثة من المادة الثانية من الدستور. أما الرسالة الثانية فنجد أصلها في قانون الميزانية والمحاسبة (Bunded and accounting act) الصادر سنة 1921 حيث يقوم الرئيس بعد أيام قليلة من رسالة الاتحاد بعرض مشروع الميزانية على الكونجرس متضمناً تفاصيل البرنامج المالي للحكومة. وتتضمن الرسالة الثالثة التقرير الاقتصادي الذي تعده لجنة المستشارين الاقتصاديين(6). وهو دراسة عميقة للتطورات الاقتصادية في مجال العمل والاستثمار واستعراض للخطط اللازمة لإنماء الاقتصاد القومي وتأمينه واستغلال الطاقات والموارد وتستمد هذه الرسالة طابعها الإلزامي من قانون التشغيل الصادر سنة 1946 ، وعلاوة على ذلك يقوم معاونو الرئيس بإعداد عدد لا حصر له من التوصيات التشريعية لتكون محل نظر الكونجرس(7). أما بالنسبة لشكل الرسالة فان الرئيس يستطيع ان يوجه الرسائل بشكل مكتوب أو شفوي للبرلمان إذ الدستور ـ لم يحدد شكل معنى الرسالة فمن الرؤساء من كان يلقيها بنفسه في البرلمان كواشنطن وويلسون ومنهم من كان يرسلها كتابه كجفرسون ومنهم من كان يذيعها على البرلمان والشعب كالرئيس كوليدج ومنهم من أخذ بهذا الأسلوب تارة وبذلك تارة أخرى كالرئيس فرانكلين روزفلت وترومان(8). وما يجدر توضيحه ان الرسالة قد تتضمن مسائل لا علاقة لها بالتشريع لكن لها علاقة بشؤون الاتحاد الأخرى ذلك إذا عرفنا بان الرسالة هي مصدر العلم الأساسي الذي يستمد منها البرلمان معلوماته عن مجريات الأمور في الدولة فمن الرسائل ما يتضمن تصريحات خطيرة حول سياسة أمريكا الخارجية ففي سنة 1823 أعلن الرئيس مونرو في رسالة للبرلمان ان القارة الأمريكية لا تقبل ان تكون مجالاً الاستعمار الاوربي وفي سنة 1918 أعلن الرئيس ولسون في رسالة البرلمان مبادئه الأربعة عشر التي رأى ان يقوم على أساسها الصلح بين دول الحلفاء وألمانيا(9). والدستور الأمريكي لا يجيز للرئيس سوى توصية البرلمان بما يلزم سنه من تشريعات فمنح الرئيس هذه التوصية لايعد عملاً تشريعياً ولا تدخل في شؤون السلطة التشريعية حتى ان البعض كان يعتقد انها عديمة الجدوى وانه لا أثر ولا تأثير لها في شؤون التشريع(10). فنظرياً ليس للرئيس حق الاقتراح ذلك لأن حق توجيه الرسالة يختلف عن حق تقديم اقتراح مشروع قانون في ان الأول ينطوي على مجرد الإشارة إلى الفكرة أو الموضوع الذي يريد الرئيس ان يعني البرلمان بأمره لكن دون ان يكون ملزماً بتحضير مشروع قانون به وبحثه مشروع قانون والنظر فيه وذلك بخلاف حق الثاني ولو كان الدستور قرر للرئيس هذا الحق اقتراح مشروع قانون مدون بمواد متسلسلة لكان لزاماً على البرلمان النظر فيه(11). غير ان رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية ابتداء من أول رئيس أمريكي وهو جورج واشنطن وحتى الآن استخدموا نص المادة الثانية الفقرة الثالثة بوصفه حق اقتراح بمعنى الكلمة يجيز لهم عرض مشروعات قانونية متكاملة من ذلك ما أعلنه الرئيس واشنطن في أول خطاب سياسي له أمام الكونجرس سنة 1789 : ((أنني سوف أعمل بكل جهدي على احترام مبدأ الفصل بين السلطات أما فيما يتعلق بحق اقتراح القوانين فأرجو من السادة أعضاء الكونجرس الا يدفعوني إلى استخدامه خاصة وأنني لا اعتبره مجرد حق للرئيس ، وانما واجب عليه)) (12).ولذلك فقد ضمنت رسالة الرئيس واشنطن إلى الكونجرس مقترحات قانونية متكاملة خاصة فيما يتعلق بمجال إبرام القروض الوطنية فقد صيغت مشروعاته في صورة مواد قانونية مرقمة حدد فيها المبادئ العامة للمشروع وشكل القرض ، وكذلك في سنة 1862 أرفق لنكولن برسالته للكونجرس مشروع قانون خاص بتعويض الولايات التي تلغي الرق وختمها بقوله ((والح في التوصية بان يتم التصويت على هذا المشروع بصيغته التي هو عليها)) وهكذا فالرئيس كان يشارك في العملية التشريعية عن طريق اقتراح مشروعات قوانين معدة إعداداً كاملاً يرسلها إلى الكونجرس ثم تطور الأمر إلى ان أصبح المشروع عبارة عن مذكرة تتضمن موضوع التشريع دون نصوصه ، ويبدو ان العمل في السنين الأخيرة يعود إلى ما كان موجود في الحياة السياسية من جواز اقتراح الرئيس لمشروعات قوانين مصاغه صياغة تشريعية(13). ونخلص من هذا إلى ان رئيس الجمهورية الأمريكية يباشر بنص المادة الثانية الفقرة الثالثة حق اقتراح حقيقي يستند في ذلك إلى نصوص الدستور ذاته فالتفسير الضيق لنص المادة الأولى من الدستور في ضوء مبدأ الفصل بين السلطات لا يؤدي إلى قصر هذا الحق على الكونجرس دون الرئيس فالمادة الأولى من الدستور والتي تنص على ان ((كل السلطات المنصوص عليها في هذا الدستور يختص بها كونجرس الولايات المتحدة)). وهي لا تعني سوى انفراد الكونجرس بتنظيم المسائل الواردة في الفقرة الثانية من المادة نفسها وحق الاقتراح في المسائل التشريعية لم يكن ضمن التعداد الوارد في هذه الفقرة(14). وبالنتيجة فالدستور الأمريكي لا يحتوي على ما يعارض الرئيس وممارسة حق الاقتراح في المسائل التشريعية(15). فضلاً عن الاتجاه السائد في الأنظمة الغربية وهو في وحدة القيادة والتوجيه المجسد في شخصية القائد الأعلى في النظام وفي الولايات المتحدة الأمريكية فرئيس الدولة هو القائد الأعلى حيث يعتبر الرجل الأول في الدولة المختار من قبل الشعب. فالمادة الثانية التي تتكلم عن الرئيس واختصاصاته تعتبر اليوم غامضة وقاصرة بعض الشيء ولذلك فان العرف والعمل وكثيراً من التشريعات قد ساهمت جميعاً في الزيادة المضطردة لسلطة الرئيس باقتراح مشروعات القوانين والتي لم تتضمنه المادة المذكورة(16).كما ان الدور القيادي لرئيس الجمهورية الأمريكية وما يحتم عليه من إيجاد الحلول السريعة في ظهور الأزمات الداخلية والخارجية أدى إلى زيادة الاختصاص التشريعي للرئيس ويوشك الإجماع ان ينعقد بين الباحثين في النظام الأمريكي وعلى رأسهم الكتاب الأمريكيون أنفسهم إذا كانت السيطرة للكونجرس في بعض فترات القرن التاسع عشر فانه منذ بداية القرن العشرين فان سيطرة الرئيس على الحياة السياسية الأمريكية أوضح من غيرها بكثير وانه يجمع في قبضته السلطة التنفيذية والمسؤولية الأساسية عن التشريع وانه أعلى السلطات في الدولة ولديه من الاختصاصات ما يمكنه من السيطرة على سائر أجهزة الحكم الأخرى وبالتالي فانهم يتحتم عليه قيادة البرلمان وتوجيهه أيضاً على ان تكون القيادة في حدود الدستور وابتغاء المصلحة العامة وانتهاج السياسة الملائمة التشريعية. فدور الرئيس في مجال التشريع لا يقل عن دوره في مجال التنفيذ ويمكن القول بان الجزء الأكبر من تشريعات الكونجرس من اقتراح رئيس الجمهورية الأمريكية(17). وعلى كل حال فالكونجرس له الحرية الكاملة فيما يعرضه الرئيس من مقترحات فان شاء ان يأخذ بها أو ان يهملها الا ان الرئيس يملك من وسائل الترغيب والتهديد ما تمكنه من التأثير على الكونجرس وتحمله على تنفيذ الاقتراحات التي يشير إليها في رسائله أو تدفعه على الموافقة على مشروعات القوانين يوعز بها إلى بعض أنصاره بتقديمها ومن هذه الوسائل :
ـ شخصية الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية : فرئاسة الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية منصب خطير يقع على عاتق شاغله مسؤوليات كثيرة وخطيرة يجب ان تقابلها سلطة قوية يتمتع بها الرئيس حتى يستطيع الوفاء بواجباته ومواجهة مسؤولياته الكبرى حيال الشعب فالرئيس تتركز في شخصه اماني جماهير الشعب كما تتمثل فيه كرامة الشعب واحترامه ولهذا السبب فان شخصية الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية غير عادية لمهابتها واحترامها وتقديرها لانها شخصية الرجل الذي يمثل أمة بأسرها ويتكفل بإدارة شؤونها والعمل على نهوضها ورقيها وهكذا فان الرئيس غالباً ما يتمتع بتقدير واحترام كبير لدى الشعب الأمريكي(18).
ـ مبلغ ما يحظى به الرئيس من نفوذ لدى الرأي العام : فما من رئيس الا ويحرص على ان يعزز مركزه في نظر الشعب وان يستديم الرأي العام وكلما ارتفعت مكانة الرئيس الشعبية كلما ضمن انقياد الكونجرس له وزادت قدرته على تحقيق ما ينشد من برامج وأهداف(19).
ـ مركز الرئيس الحزبي : فهو رئيس الحزب الذي تكون له عادة أغلبية في الكونجرس تمكنه من الحصول على تأييد في كل ما يوصي به من تشريعات ، فإذا ماشق أعضاء الكونجرس من انصار حزبه عصا الطاعة عليه فانه يتمكن ان يعيدهــم إلى مناصرته إذا ما هددهم بتخلي الحزب عن ترشيحهم مرة أخرى(20).
ـ تشكيل اللجان : فالرؤساء يعمدون أحياناً إلى تشكيل لجان لبحث بعض الموضوعات وتقديم تقارير عنها سعياً وراء تهيئة الجو لسن تشريع معين بشأنها ومثل هذه التقارير تكون فيما تتناوله من مسائل وتبرر للرأي العام ما بها من نواحي النقص فلا يجد الكونجرس بداً من سن التشريع المطلوب(21).
ـ الاتصالات الودية : وهي الوسيلة الشائعة في الولايات المتحدة حيث يدعو الرئيس أعضاء البرلمان إلى اجتماعات دوريه لتبادل وجهات النظر في مختلف الشؤون والعمل على إيجاد الحلول المناسبة للمسائل المعلقة بين الرئيس والكونجرس(22).
وقد لا تكفي هذه الاتصالات الوديه فيلجأ الرئيس إلى أسلوب ” العصا الغليضه ” فان تهديد الرئيس باستخدام :
ـ حق الاعتراض : وهو من الأساليب المعروفة في السياسة الأمريكية فقد أوضح ذلك الرئيس هابيز في خطاب له ان هناك عوامل متعددة تدفع الكونجرس إلى تبني وجهة نظر الرئيس في مجال اقتراح القوانين من ذلك علم الكونجرس ، بصفة غير رسمية بنية الرئيس في الاعتراض على رفض مقترحاته أو تعديلها ، وعليه فان اعتراض الرئيس هو وسيلة فعاله يجبر بها الكونجرس على ما جاء في رسالته.
ـ دعوة الرئيس الكونجرس إلى أدوار الانعقاد الاستثنائية : لاجبار الكونجرس على الموافقة على مشروعاته وقد لجأ الرئيس كليفلاند إلى هذا الأسلوب بل ذكر صراحة انه ((إذا لم يوافق الكونجرس على مقترحاته في دور الانعقاد العادي فسوف أدعوه إلى انعقاد طارئ)) (23).
ـ سلطة الرئيس في تعيين الموظفين : إذ كثيراً ما يلجأ أعضاء الكونجرس إلى الرئيس للتوسط من اجل تعيين بعض الناخبين في مناصب الدولة وهذه الطريقة يطلق عليها هناك Patronage فيضمن بما يمتلك من سلطة التعيين ان يخضع أعضاء الكونجرس لمحض إرادته، وان ينال تأييدهم لقاء قبوله لوساطتهم وتعد سلطة الرئيس في التعيين من أقوى ما يملكه من وسائل وخصوصاً في الفترة الأولى لتنصيبه عندما تكون أكثر الوظائف خالية لذلك يجتهد الرؤساء عادة في إبقاء هذه الوسيلة منتجة لأطول مدة ممكنة حتى يتم لهم خلال ذلك تنفيذ برامجهم التشريعية. فقد علق الرئيس روزفلت التعيين في بعض الوظائف الهامة على موافقة الكونجرس على مقترحاته كما فعل ذلك الرئيس كنيدي جونسون خاصة في الوظائف القضائية. ويروى عن الرئيس ماك كينلي انه أعلن صراحة : ((انه لن يحدث أي تعيينات جديدة ولفترة طويلة ما لم يوافق الكونجرس على قوانين الضرائب)) (24). اما بالنسبة لحق الرئيس في اقتراح القوانين ذات المسائل المالية فلقد مر بتطورات عديدة ابتداءً من سنة 1789 عندما صدر قانون 2 سبتمر سنة 1789 والذي بموجبه أنشأت وزارة المالية حتى صدور قانون الميزانية والمحاسبة الذي بموجبه منح الرئيس حقاً تشريعياً في اقتراح القوانين المالية وإعداد الميزانية وعرضها كما منحه القانون حق انشأ مكتب للميزانية Bureau of The budget (25). لمعاونته في هذا الصدد فضلاً عن ما يقدمه الرئيس من تقرير اقتصادي بعد إلقاء رسالته في بداية افتتاح دورة الانعقاد أي ان الرئيس هو صاحب الاقتراح المالي وبذلك يكون للكونجرس سلطة تعديل مقترحات الرئيس فقط. لذلك يجمع الفقه على ان رئيس الجمهورية الأمريكية يلعب الدور الأساسي في اقتراح القوانين المالية ابتداءً من قانون سنة 1921(27). ومن العوامل التي دفعت باتجاه ممارسة رئيس الدولة في أمريكا لهذه التأثيرات على الكونجرس في اقتراح القوانين هو الرغبة في ابراز الدور القيادي للرئيس أمام الشعب في الحملات الانتخابية فهو مطالب بان يقود الكونجرس ويوجهه وعليه ان يستخدم كل الإمكانيات الرسمية وغير الرسمية كي يدفع الكونجرس إلى الموافقة على مطاليبه التشريعية والمالية.
___________________________
1-علي يوسف عبد النبي ـ رئيس الدولة في الاتحاد الفدرالي (دراسة مقارنه) رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون ـ جامعة بغداد ـ غير منشورة ـ 1998 ، ص118.
2- لأي من المجلسين في الكونجرس ان يكون هو البادئ باقتراح ومناقشة تشريع معين عدا التشريعات الضرائبة التي ينص الدستور على ضرورة البدء بها في مجلس النواب وعندما ينتهي أي من المجلسين في نظر تشريع معين يحال إلى المجلس الأخر لنظره فإذا أقره المجلسان أحيل التشريع إلى الرئيس اما إذا أختلف المجلسان فان لجنة تكون من عدد متساو من كل من المجلسين وتكون مهمة هذه اللجنة هي التوفيق بين وجهات النظر المتعارضة وبعد عملية التوفيق هذه يحال التشريع المنظور إلى كل من المجلسين لاقراره وبعد ذلك يحال إلى الرئيس. وإذا وافق الرئيس ووقع عليه يستكمل التشريع صفته ويصبح قانوناً نافذاً.د. يحيى الجمل ـ الأنظمة السياسية المعاصرة ـ مرجع سابق ص178.
3- اندريه هوريو ـ مصدر سابق ـ ص221 وكذلك د. حسين عثمان محمد ـ مرجع سابق ، ص234.
4- كان واضعوا الدستور يدركون ان السلطة التنفيذية بحكم تنفيذها للقوانين واتصالها عن كثب بالأحوال الاجتماعية ـ اقدر من أعضاء الكونجرس على تبني الحاجات التشريعية ، ولكنهم خشوا في الوقت نفسه ان هم أعطوا الرئيس حق اقتراح القوانين ان يسيطر على وقت الكونجرس ويتحكم بمشروعاته ولا يدع لأعضائه مجالا لمباشرة وظيفتهم التشريعية ووصلوا بعد تقليب الرأي إلى ان خير وسيلة لتحقيق الفائدة المرجوة وفي الوقت نفسه تحول دون الخطر المتوقع هي ان يكلفوا الرئيس بإحاطة الكونجرس بأحوال الاتحاد من وقت لآخر وتنبيهه إلى ما يحتاجه المجتمع من تشريعات ، د. سعد عصفور ـ رئيس الجمهورية الأمريكية ـ مجلة الحقوق ـ تصدرها كلية القانون ـ جامعة الإسكندرية العدوان الثالث والرابع ـ 1950 ص282.
5- د. سعد عصفور ـ المصدر ذاته ـ ص283.
6- أنشئت هذه اللجنة بمقتضى قانون التشغيل لعام 1946 ، ومن خلالها يقوم ثلاثة من الاقتصاديين الذين يعينهم الرئيس (ويمكن عزلهم من مناصبهم في أي وقت) بتحليل الاقتصاد وتقديم ما يتوصلون إليه من نتائج إلى البيت الأبيض ، وتأتي نصيحة لجنة المستشارين الاقتصاديين عادة ضمن تقرير سنوي وتوصي كثيراً بسياسات وضعت خصيصاً بهدف خفض معدلات التضخم والبطالة.
الأستاذ لاري الويتز ـ نظام الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية ـ ترجمة جابر سعيد عوض ـ الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية ـ القاهرة ـ 1996 ، ص189.
7- المصدر ذاته ـ ص180.
8- د. سعد عصفور ـ المبادئ الأساسية في القانون الدستوري والنظم السياسية ـ الإسكندرية ـ منشأة المعارف بدون سنة طبع ـ ص238.
9- د. محمد فتح الله الخطيب ـ مرجع سابق ـ ص125.
10- كان الأستاذ بارتلمي (في كتابه القانون الدستوري طبعه 1932 ص152) يعتقد ان رسالة الرئيس بمثابة عصا يضرب بها صفحة الماء أو مسدس يطلق في أجواء الفضاء ، وكان يريد ان يقول انها لا أثر لها وانها هباء في هباء والمراد بذلك ضالة الآثار التي يمكن ان تترتب على استخدام هذا الحق.
أنظر د. محمد كامل ليله ـ النظم السياسية ـ مرجع سابق ـ ص822 ود. عبد الحميد متولي ـ القانون الدستوري والأنظمة السياسية ـ مرجع سابق ـ ص291.
11- عبد الحميد متولي ـ القانون الدستوري والأنظمة السياسية ـ مرجع سابق ـ ص291.
12- عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص64.
13- د. سعد عصفور ـ المبادئ الأساسية في القانون الدستوري ـ مرجع سابق ـ ص236. وكذلك د. يحيى الجمل الأنظمة السياسية المعاصرة ـ مرجع سابق ـ ص191.
14- ينظر الفقرة الثانية من المادة الأولى من دستور الولايات المتحدة الأمريكية لعام 1787.
15- عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص70 و 74.
16- د. حسان العاني ـ الأنظمة السياسية المقارنة ـ مرجع سابق ـ ص170 ومحمد كامل ليله ـ النظم السياسية ـ مرجع سابق، ص814 ود. يحيى الجمل ـ الأنظمة السياسية ـ مرجع سابق ـ ص184ـ185.
17- د. محمد كامل ليله ـ النظم السياسية ـ مصدر سابق ـ ص815.
18- المصدر ذاته ـ ص810 واندريه هوريو ـ مصدر سابق ـ ص421.
19- د. محمد فتح الله الخطيب ـ مصدر سابق ـ ص128.
20- لم تكن الأحزاب معروفة حين أنشئت الولايات المتحدة حين وضع دستور لها عام 1787 فلقد كان المعروف عن مؤسسي هذه الجمهورية وواضعي الدستور انهم لم يكونوا يرغبون في قيام الأحزاب ولا يأملون خيراً منها. ولكن لم يمض وقت طويل حتى ظهرت الأحزاب في الحياة السياسية الأمريكية فالمعروف ان انتخاب ثالث رئيس لجمهورية الولايات المتحدة 1800 هو جفرسون إنما كان كفاحاً بين الأحزاب السياسية ولقد كان ظهور الأحزاب وما ابدته من نشاط لاسيما في معركة الانتخابات إلى ان يكون الرئيس غالباً من أحد زعماء الحزب الذي حصل على الأغلبية البرلمانية وقد يرشح الحزب أحياناً لانتخابات الرياسة أحد الشخصيات البارزة من غير أعضاء الحزب ولكنه بعد نجاحه في انتخابات الرياسة يصبح زعيماً لذلك الحزب مثل الرئيس ايزنهاور ويجدر بنا التذكير بان أول صورة عرفتها الحزبية في أمريكا بدت في حزبين كبيرين (الحزب الديمقراطي) وهو يقوم على أساس الدفاع عن حقوق الولايات المتحدة وحماية استقلالها الداخلي والعمل على ازدياده (الحزب الجمهوري) الذي يقوم على أساس فكرة العمل على ازدياد سلطات الحكومة المركزية والتضييق من نطاق استقلال الولايات ولكن ذلك لم يعد موجوداً. أي انه لم يعد ثمة خلاف بين الحزبين بهذا الصدد بل ان من المعروف الآن انه لا توجد مبادئ معينة تفرق بين الحزبين . أنظر د. عبد الحميد متولي ـ مرجع سابق ـ ص290.
21- في عام 1934 أمر الرئيس روزفلت بتشكيل لجنة لبحث موضوع التأمين الاقتصادي وبعد انتهاء اللجنة من عملها أصبح تقريرها في متناول الشعب وأدى هذا التقرير بالكونجرس إلى سن قانون التأمين الاجتماعي عام 1935. أنظر سعد عصفور ـ المبادئ الأساسية في القانون الدستوري مرجع سابق ـ ص240.
22- د. محمد فتح الله الخطيب ـ مرجع سابق ـ ص129.
23- عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص73.
24- د. عبد الحميد متولي ـ مرجع سابق ـ ص292 وكذلك عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص74. د. سعد عصفور ـ مبادئ القانون الدستوري ـ مرجع سابق ص240.
25- عمر حلمي ـ مرجع سابق ـ ص740.
26- منال الآلوسي ـ المؤسسة التشريعية في العراق في ظل دستوري 1925ـ1970 دراسة مقارنة رسالة دكتوراه غير منشورة ـ مقدمة إلى كلية القانون ـ جامعة بغداد 1997 ص289.
المؤلف : تغريد عبد القادر المنقحة
الكتاب أو المصدر : مبدا الفصل بين السلطات
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً