دراسة وبحث قانوني مفصل عن القانون الجنائي الجزائري
مقدمة :
إن الجرائم التي تقع ضد الأشخاص التي تمس بالأفراد، أي أن الاعتداء فيها يصيب بصفة مباشرة حق لأحد الناس، و لقد تطرق المشرع الجزائري إلى هذه الجرائم في مواد عديدة، من المادة 254 إلى 439 من قانون العقوبات الجزائري.
و هذه الجرائم صنفت على حسب درجة خطورتها لتسديد العقوبة المناسبة على مرتكبيها، فمنها ما تمس بالحياة كجرائم القتل، و منها ما تمس بالآداب و الأخلاق، و منهما تمس بالشرف و العرض و كذلك ضد الروابط العائلية للآسرة كجرائم الزنا و الإجهاض و جرائم ضد الإملاك التي تعبر عنها بجرائم الأصول.
و هناك أيضا الجرائم التي تمس بسلامة الجسم كالضرب و الجرح، الذي هو مساس أو اعتداء على جسم الإنسان كالخدش، الكلمات، الضرب بالعصا أو الجرح بالسكين …الخ و هذا ما ستتطرق إليه في هذه المذكرة.
حيث تعتبر جريمة الضرب و الجرح العمدي من بين الجرائم الأكثر انتشارا العموم من بين الجرائم الأخرى، بحيث تأخذ جزءا هاما من اهتمام القضاء الجزائري، لأن ذلك يرجع إلى انفعال الأفراد في بلادنا و طبيعتهم و شروعهم في ارتكاب هذا الفعل دون تفكير، الذي يحدث إخلالا بالنظام العام و الأمن العام و كذا سلامة الأشخاص.
و رغم أن المشرع الجزائري حد من هذه الأفعال بتسليط العقوبة على ارتكاب هذا النوع من الاعتداء، إلاّ انه يتسامح في أحكام في اغلب الحيان، مما يجعل الأمر و كأنه هين لا قيمة له، و اصبح الناس يتعودون عليها و يتعاملون معها بشكل واقعي.
و من الملاحظ أن جريمة الضرب و الجرح العمدي تكثر في المجتمعات ذات النسبة السكانية العالية، التي يسكنها متوسطا التعليم و اصداب الحرف الذي يكون همهم الوحيد هو النزاع من اجل الحصول على الرزق و ظروف المعيشة الحسنة، الشيء الذي يجعلها متصلة بظروف البيئة على الرزق و ظروف المعيشة الحسنةـ الشيء الذي يجعلها متصلة بظروف البيئة و على انها جرائم طبيعية، و لكن في كل حال من الأصول هي قابلة للتهريب، أنها في المجتمعات المتطورة أقل حدة و انتشارا، لمر الذي يفرض مواجهتها في المجتمعات الأخرى.
المبحث الأول :
الركن الشرعي :
اقتبس قانون العقوبات الجزائري الأحكام المتعلقة بأعمال العنف العمدية كباقي أحكام القانون، من قانون العقوبات الفرنسي.
و ظل التشريع الفرنسي صدور قانون 20/05/1863 بجرم و يعاقب الضرب و الجرح فحسب و اضاف اليهما، لإثر صدور القانون المذكور، أعمال العنف Violence و التعدي Voies de fait ثم جاء قانون 02/02/1981ليحذف عبارة الجرح لكونها تقتضي إما الضرب و فما أعمال العنف.
و إثر صدور قانون العقوبات الجديد لسنة 1992 تخلي المشرع الفرنسي عن كل هذه المصطلحات و استبدلها بمصطلح واحد و هو ” أعمال العنف Violences” في حين مازال القانون الجزائري يعتمد التقسيم الرباعي لجرائم العنف العمدية، إذ نص عليها في المواد ” 264، 265، 266، 267 ” من قانون العقوبات الجزائري.
حيث اعتبر المشرع الجزائري ” أن اعمال العنف العمدية هي كل من احداث عمدا جروحا للغير او ضربة او ارتكب إي عمل آخر من أعمال العنف أو الاعتداء….” و ذلك في المادة 264 من قانون العقوبات الجزائري.
و بما أن المشرع الجزائري عرف أعمال العنف ، فإنه عرف ما قد تؤدي بسلامة الجسم كفقد أو بثر أحد الأعضاء أو الحرمان من استعماله او فقد البصر أو فقد أبصار إحدى العينين او أية عامة مستديمة، و عرف على حدّ سواء ما يفضي إليه الضرب و الجرح كالوفاة بقصد أو غير قصد، كما وضح في المادة 265 منه الظروف التي توافق الجريمة كسبق الاصرار و الترصد مع الحالات التي تعرضنا إليها سابقا. و قد يؤدي اليه الضرب و الجرح من مرض او عجز كلي عن العمل و حدد المدة التي قد تتجاوز 15 يوما مع سبق الاصرار و الترصد او مع حمل أسلحة.
كما أوضح في المادة 267 من نفس القانون الضب و الجرح الذي يكون بين الأصول بالوالدين الشرعيين أو غيرهما من الأصول الشرعيين و قسمها إلى حالات :
1- الضرب أو الجرح الذي يؤدي إلى مرض أو عجز عن العمل من النوع الوارد في المادة 264 .
2- الضرب أو الجرح الذي يؤدي على عجز كلي عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما.
3- الضرب أو الجرح الذي يؤدي إلى فقد أو بتراحد الأعضاء أو الحرمان من استعماله أو فقد البصر لإحدى العينيين أو أية عاهة مستديمة أخرى.
4- الضرب أو الجرح المرتكب عمدا المفضي إلى الوفاة دون قصد أحداثها و ما إذا وافقت الجريمة سبق الإصرار و الترصد مع الحالات المذكورة سابقا.
و سوف نتناول فيما يأتي تفصيلا عن كل هذه الحالات المتعلقة بالضرب و الجرح.
المبحث الثاني :
I-2. الركن المادي :
يتكون الركن المادي في جريمة الضرب العمدي من ثلاثة عناصر :
– مجموعة الأفعال المادية التي تقع من الجاني و تشكل اعتداء على سلامة جسم الضحية و هي الجرح و الغرب.
– النتيجة التي تحدثها تلك الأفعال و هو الضرر الذي يلحق الجسم من تعطيل لوظائف الطبيعة و الآلام الذي يلازمه من جراء حدوثها.
– العلاقة السببية التي ترتبط الفعل بالنتيجة.
المطلب الأول :
أ- الفعل : يقتضي المر هنا دلالة الأفعال المادية التي يتكون منها الفعل الركن المادي و هي الجرح و الغرب .
تعريف الجرح : هو كل مساس بجسم المجني عليه من شأنه أن يؤدي إلى تغيرات ملموسة في لنسجته و تنقسم الجروح بحسب الآلات التي تحدثها إلى :
– جروح رضية.
– الجروح الناتجة من السلاح الأبيض.
– الجروح النارية.
الجروح الرضية : و تحدث هذه الجروح تفريق الاتصال بين كل من الجلد و الأنسجة أو الأحشاء العضلات و العظام نتيجة لاستعمال آلات رضية خشنة السطح كالعصا و تشمل أنواعا من الإصابات :
سحجات أو تسلخات : و هي أقل أنواع الجروح و تحدث نتيجة احتكاك جسم صلب راض خشن بالأدمة البشرية من الجلد و قد تحدث من الوقوع أو الاحتكاك من الأرض الخشنة أو الأسوار. كما قد تحدث الوقوع الاحتكاك بأجسام مرنة و أيضا نتيجة الضغط بالأظافر أو الألياف الخشنة كالحبال.
فالسجحات التي تنتج من الاحتكاك بالأرض تبدو على هيئة تجلط بالأدمة البشرية في مساحات محددة شبه مستديرة أما التي تتعرض إلى احتكاك عند الوقوع فتكون على مستوى الجبهة و في الأنف، في الذقن، الوجبات في حالة ما إذا سقط الشخص على مقدمة الجسم، أو على مستوى راحة اليدين و كذلك الساعد و الركبتين و الساقين، و قد تكون على شكل جلط جلدي كبير و تكون مساحتها كبيرة على مستوى الوجه (كبيرة).
مثل الإصدار بآلات صلبة ثقيلة متحرك.
– هناك أيضا سجحات تحدث اثر احتكاك مكرر بجسم مرن مثل : الحك الجلدي بالقماش خشن، سجحات تشكل احمرار في الجسم.
– هناك أيضا سجحات الأظافر التي تحدث عادة في جرائم الضرب و جرائم الاغتصاب و جرائم القتل العمدي مثال خنق المجني عليه و تبدو على شكل : هلالي، مستطيلة، تسلذات مثلثة (أظافر مدببة).
– في حالات الضرب، فتتوزع السجحات بشكل محدد.
– في جرائم الاغتصاب تنتج السجحات نتيجة التمسك و الكدمات في النف و الفم (منع المجني عليه من الصياح، تهديد بالخنق للاستسلام، تثبيت يدي المجني عليه، محاولة التخلص من الجاني و ذلك بالضغط على الفخذ ).
– و عموما فإن السجحات تكون ذات لون احمر مصحوب بالدم في اغلب الأحيان و بعد أيام فوقها قشرة.
– الكدمات : و هي تفريق للنسيج الخلوي تحت الجلد دون تأثير الجلد، الناتج عن الصدمة بجسم صلب، مثل العصا، صدمات الآلات المتحركة، أو الضغط على الجسم بهذه الآلات أو سقوطها عليه مما يحدث تمزق الأوعية الدموية الشعرية في مكان الكدمة و بالتالي تورم المنطقة و في بعض الحالات يحدث ” تجمع دموي” الناتج عن التزيف.
– و الكدمة تأخذ تشكل الآلة التي أحدثتها، و من هذا نستطيع تحديد نوع الآلة التي استعملت في الغرب، فضربات العصا مستطيلة و منه نستطيع تحديد العرض و الطول.
– الكدمة المستديرة تشير إلى إن الضربة كانت بطرف العصا.
– الكدمة الرفيعة المقوسة تشير إلى أن الضربة كانت بالركل.
– كدمتين متوازيتين تدل على أن الضربة كانت بالخيزران و كذلك الضرب بالكرياج (crafache) اضافة إلى التفافه حول الجسم أو الساق .
– و تظهر الكدمة مباشرة بعد الاصابة في الجسد، أما في العضلات فإنه لا تظهر بشكل واضح أثرها ألاّ يعد أيام، و نفس الشيء بالنسبة للالين.
– في غالب الأحيان تظهر الكدمة عن المكان المصدوم، و هي غير محدودة باتصالات في الأنسجة إذا كان هناك نزيف تكدمي فيظهر بعد يومين أو اكثر عند اصطدام الرأس في مقدمته على شكل نزيف.
و هناك أيضا نوع مشترك بين الكدمات و التسجحات ما تسمى و الكدمات المتسجحة، حيث لها مظهر خاص، مثل عضة الأسنان و انغراسها تشكل خدشة تسجحية منتظمة في صفين مقوسين متقابلين يحد أن منطقة مزرقة تكدمية.
و لعل من أهم ما يجب معرفته هو التمييز بين عضة الانسان و عضة الحيوان من النحية الطبية الشرعية، و حتى تميز الشخص صاحب العضة، فعضاب البشر تقع على مستوى علوي بالجسم : أما عضة الحيوان (الكلب) تكون في سمانة الساق أو منطقة الكعب أو الرسغ، و تكون عضة إنسان عندما لا يستطيع عض غريمة، في الأخير تقول أن عضة الإنسان أثرها اكبر من أثر عضة الحيوان، و جروح أنياب الحيوان تكون عميقة و مستديرة و قد ينزع الجلد في بعض المرات.
الجروح :
الجروح الرضية : تشبه إلى حد بعيدا إصابة الكدمة، ألا أن هناك صغير، ألا و هو جرح فيه تشقق ينتج عن الكدمة بسبب الضغط على البشرة و النسيج الخلوي تحتها و بين القوة الضاربة من الآلات الصلبة الرياضة الساقطة، و القوة المضادة التي تكون كرد فعل من الجسم إلى خارجه، بحيث ينعصر الجلد و النسيج تحته في ما بين القوتين المضاتين إلى أقصى درجة التي لا يمكن بعدها بقوة تمدد الجلد أن تحتمل الضغط، مما ينتج تشقق الجرح في المكان الموجه إليه الصدمة و ينتج عن ذلك الجرح الرضى العادي أين تظهر آثار عديدة، و منها الحواف التي تبدو غير منتظمة، محيط بها السجحات، و تكون غير حادة (بالنسبة للزوايا)، كما يحيط دائما تورم دموي.
الجروح التهتكية : هو في حقيقة المر جرح رضي، و لكن يدرجه اكثر و أشد، ذلك يحدث نتيجة الإصدار بشيء ثقيل من العصا، مثل رأس الفأس أو قطع الحديد، أو مصادمات السيارات و القطارات، أو من إصابات الآلات المتحركة في المصانع، أو حادثة من حوادث المنزل .
و خواصه هي من خواص الجرح الرضى، و لكنه معرض يصفه كبيرة للتلوث بالميكروبات و خاصة إذا كان في الأطراف.
أما التزييف الناتج عنه (الجروح التهتكية) أشد من نزيف الجرح الرضى العادي و ذلك لاحتمال تمزق اكثر من وعاد واحد دموي.
و من أنواعه ” الجرح الهريسي”، الذي ينتج عن مرور أجسام متحركة على جزء من الجسم، و يكون طوله و عرضه أكبر، و تكون مظاهره حول الحواف أشد و اكثر اتساعا، ينتج بتقنت العظام المهروسة تحته. بل يؤدي إلى وجود جروح أخرى صغيرة نتيجة بروز العظام المتفتنة من الداخل إلى الخارج.
ما يسمى بـ ” الشرائح”، نتيجة تقطع جزء كبير من الجلد و الأنسجة العضلية عن بقية الجزء المصاب، فتظهر و كأنها مدلاة، ما يسمى بالجرح الهرسي أو المزعى أو التشريحي، أين يحدث بطريقة عارضة، و لو أنه يمكن حدوثه نتيجة انتحار، إما حدوثه بطريقة جنائية، نمو أمر بعيد الاحتمال .
جروح السلاح الأبيض : التي تفوق أنسجة الجسم بالجلد و ما تحته نتيجة استعمال أسلحة لها حد ماض أو ؟؟ الطرف و هي تشمل :
الجروح القطعية و الوخزية و الطعنية : هذا النوع من الجروح يكون فيه تقطيع الوصال و جعل انفصال بالجلد و النسيج الخلوي و ما يتلوه من النوع العميق نتيجة الجر على البشر بالسكين أو المطواة. و طوله يزيد كثيرا على عرضه و عمقه، و يبدأ إما بهيئة متدرجة على شكل خدوش سطحية متقطعة او مرة واحدة بعمق يسير إلى نهاية الجرح، بما يسمى بذيل الجرح، و هو عادة امتداد الجرح القطعي بهيئة سطحية.
و الجرح القطعي زواياه حادة في الجانبين، سواء كانت الآلة المستعملة ذات حد واحد أو ذات حدين، و يكون حرافة حادة منتظمة، خالية من أي معالم رضية أو تسجحية، و تتميز المنطقة المحيطة به بخلوها من معالم عن طريق الإصابة العرضية.
الجروح الطعنية : تحدث هذه الجروح من استعمال أسلحة ذات فصل ماض، بدفعها إلى داخل جسد المعداب و يختلف شكل الجرح منها تبعا لسلاح، فإذا كان حد واحد فتكون إحدى زوايا الجرح حادة و الأخرى مستديرة. و إذا كان ذا حدين فإن شكله يبدو كالبيضة، محددا من الجانبين، و تبدو حوافه منتظمة حادة خالية من المعالم الرضية أو التسجح، إلا إذا اندفع السلاح على الداخل حتى مقبضه، و عندئذ يحدث أثر الرضى أو التسجح حول الجرح.
و الجرح الطعني عمقه اكثر من طوله و عرضه. و هو ينتهي ؟؟ و ينفذ إلى الداخل سواء إلى العضل أ إلى العضارين و لعظام، أو يتعدى حده حسب طول تصل الآلة، فينفذ إلى التجاويف الصدرية أو البطنية مصبا أحشاء مهمة كالقلب أو الرئة أو بعض الشرايين الرئيسية أو الطحال أو الكلية و ما هو جدير بالبيان إن اتجاه الجروح الطعنية و المركزها بالجسم يعطي فكرة عن موقف الضارب من المصاب : فغالبا ما تكون الإصابات الطعنية القاتلة من أيدي معتدين آخذة اتجاها من أعلى اليسار إلى أسفل اليمين، و متركزة غالبا في الجانب الأيسر من العنق و الصدر و البطن و تمكن في الجروح الطعنية المتعددة استخلاص وجود أكثر من فاعل لها ، إذ تبين أن الآلة التي أحدثتها ليست من نوع واحد.
الجروع الوقرية تحدث هذه الجروح من استعمال آلات ؟؟؟ الطرف من أشكال عديدة. و يتميز شكل الجرح تبعا للآلة احداثته : ففي حالة المسلة يبدو و الجرح الوقري ثقبا صغير مستديرا. ذا حراف منقلية إلى الداخل، دون فقد النسيج، وغائر القاع أو يداخله جزء مكسور من المسلة المستعملة في إحداثه و في حالة المسمار يتوقف شكل الجرح على ما إذا كان المسامر مستديرا أو مريعا مضلعا فإذا كان المسمار مستديرا يكون الجرح ستديرا أيضا و لكنه أكبر حجما من الجرح الوخوي بالمسلة و اعمق. و إذا كان المسمار مربعا فإن الجرح يأخذ شكل مظروف الخطاب، و إذا كان مثلثا فإن الجرح يكون مثلث الشكل، و يظهر به تلاقي شرائح مثلثه في نقطة بالوسط مع عدم فقد نسيج، إما إذا استعمل المقص بأحد ضلعيه فإن الجرح الناتج عته كالجرح الطعني الناتج عن سلاح ذي حافة واحدة.
أما الجروح الرضية القطعية فهي تلك التي يحدث من اصال آلات صيلية راضية لها حافة شبه حادة، كأسلحة الفؤوس و البلط و السيوف الثقيلة و الشاطور. و تتميز هذه الجروح بأن طولها كبير، و خاصة في ضربات نصل الفأس، فقد يصل طولها في هذه الحالات إلى خمسة عشر 15 ديسمبر.
الجروح المنتعلة أو المصطنعة : هي التي يحدثها غيره فيه باتفاقهما معا. و هي شائعة بين بعض الناس، و قد تحدث لسبب من جملة أسباب:
– إما لاتهام عدو ما.
– أو رغبة في المبالغة
– أو عندما عندما يقترب المصاب جريمة قتل للمتظاهر بان القتل وقع دفاعا عن النفس، أو في جريمة مترفة حصلت بتواطؤ الحراس مع اللصوص للادعاء بأنهم دافعوا و أن اللصوص قد أليوهم، أو بغية إنكار اعتراف صدر أمام الشرطة لبعث الظن لدى القضاة بأن الاعتراف قد انتزع قسرا بعد عنف و تعذيب و الجروح المفتعلة على هذا النحو الرضية فإن افتعاله نادر وقوعه.
إذا ثار شك صول إصابة ما على أنها مفتعلة، فإن يمكن ترجيح افتعالها بالنظر إلى عديد من الأمور المتعلقة بالجرح و بحالة المصاب :
– فالجروح القطيعة المفتعلة عادة ما تجري بأمواس حلق اللحية او يقطع من الارجاج و يتخير مفتعل الجرح مواضع تصل إليها يده، فتجدها في الجبهة و في صدار البطن و في الحالتين ترى جروح قطعية سطحية تشمل الدمة النسيج الجلدي فقط، فتكون بهيئة متوازية متقطعة و تافهة و لا خطورة منها على حياة المصاب.
و عند إجرائها على أجزاء من الجسد تسترها ملابس: فإن الملابس فوقها تكون سليمة غير ممزقة، لأن المفتعل يعرف موضع الإصابة ثم يحدثها و يفتعل قطعا في ملابسة لا يطابق إصابته من حيث الاتجاه و الموضع. و تكون الآثار الدموية بالملابس مسحات خفيفة قد تنفع من الداخل إلى الخارج، و يعرف النفع من وجود الآثار التجلطية بداخل الملابس.
و الجروح الوخزية المفتعلة تقع أيضا في متناول اليد، ل تكون غائرة و لا تصيب عضوا حيويا.
و الجروح الطعنية المفتعلة بالبطن و الصدر لا تكون نافدة للتجويف الصدري و تكون الملابس غالبا خالية من القطع، و أن وجد بها قطع فإنه لا يقابل موضع الجرح و لا يتفق معها في اتجاهها و شكلها.
الضرب :
و هو اصطلاح عام يشمل كل مساس بالجسم سواء تم الاعتداء بطريق الضغط أو الدفع و سواء نتج عن هذا الاعتداء مجرد المساس بأنسجة الجسم و أحداث تمزق أو كسور في الأعضاء الداخلية للجسم و هو أشمل من الجرح لأنه قد يحدث من جراء الضرب جروحا.
و يذهب البعض إلى تفريق القرب بأنه كل مساس بأنسجة الجسم عن طريق الضغط عليها مساسا لا يؤدي إلى تمزيقها و يرى أن المساس و أنسجة الجسم في صورة الضرب يعني الإخلال بحالة الهدوء و الاسترخاء الطبيعة التي توجد فيها أنسجة الجسم حينما تتحرر من ضغط الجسام الخارجية.
و يعد من الصرب اللكم و الصنع باليد و الضغط على الرقية أو على الذراع و الضرب بالرأس و الركن بالقدم أو الركبة و الدفع بالمجني عليه اتجاه الأرض أو الحائط أو تحريك الأجسام أو الأدوات تجاه جسم المجني عليه، و لا عبرة لما إذا كان الضرب قد وقع من الفاعل مباشرة على جسم المجني عليه أو تم بشكل غير مباشر لحفر حفرة في طريق المجني عليه أثناء وقوفه على استقالة مما يتسبب في سقوطه منها و إصابته.
و يستوي أحداث الضرب بطريق مباشر أو غير مباشر كما يستوي حدوثه باليد أو باستعمال أنه كما يسري حدوثه بأية كيفية كانت.
و نشير هنا على أن المشرع الجزائري يعاقب على كل فعل يمثل اعتداء على سلامة الجسم، و سواء كان قد ترك أثر بالجسم أم لم يتخلف عنه أية آثار، كما لا يعد الألم عنصرا من عناصر الضرب، فقد يقع فعل الاعتداء على جسم مخدر أو على شخص يغيب عنه الوعي، كما انه ليس شرط أن يقع الاعتداء على الجسم ذاته فيترك أو لا يترك أثرا، و إنما قد يقع الاعتداء في صورة قص اجزاء من شعر المجني عليه أو شاريه أو تمزيق ملابسه إذا مسك الجاني بملابسه في محاولة للاعتداء عليه دون آن يتمكن من إصابته، فقد ظل الجاني في حالة من حالات الجذب و الدفع في محاولة النيل من المجني عليه متسببا بثيابه إلى تمزقت عنوة، فقد توافر في فعله صورة من صور الاعتداء على المجني عليه أو لم يتخلف عنه آثار في الجسم.
و إن كان يغلب في الواقع أن يترك الاعتداء الحادث على هذا النحو هناك آثار تقع نتيجة الشد و الجدب لالتصاق الملابس و الجسد و حدوث آثار من جراء فعل الاعتداء، سواء عن طريق جذب الملابس و احتكاكها بالجسم أو عن طريق أفعال اللكم أو الدفع بقبضة اليد و غيرها.
ملخص في القانون الجنائي الجزائري
المبحث الثالث : الركن المعني في جرائم الضرب و الجرح
ينبغي أن يتوفر في جريمة الضرب و الجرح القصد الجنائي حتى يمكن وصفها بصفة العمد و تمييزها عن الجرائم التي لا يتوفر فيها القصد الجنائي، و التي تقع نتيجة الإهمال و ما ذلك من الأسباب التي يعتمد بها المشرع لإدخال هذه الجرائم تحت جرائم الخطأ.
عناصر الركن المعنوي (القصد الجبائي) :
يتكون من عنصرين أثناء هما العلم و الإدارة :
و فيما يتعلق بجرائم الضرب و الجرح المعني فإن القصد يكون متوافر متى ارتكب الجاني فعل الضرب أو الجرح عن إرادة و علم بأن هنا الفعل يترتب عنه مساس بسلامة الجسم الشخص المصاب أو صحته.
و من هنا فإنه ينبغي أن يتوافر لهذه الجرائم حتى يمكن القول بتوافر القصد الجنائي فيها و توصف بعد ذلك بالعمدية، ركني العلم الذي يجب أن يحيط بأركان الجريمة، و الإرادة التي يتعين أن تتجه إلى إحداث الفعل و النتيجة معا.
أولا : العلم بالجريمة : يكون علم الجاني و بأركانها على ثلاثة عناصر يجب أن يكون الجاني عالما علما يقينا و هي :
– اتجاه الفعل إلى ؟؟؟.
– خطورة فعله على سلامة هذا الجسم.
– توقع النتيجة الإجرامية التي تمثل في الأدى الذي يصيب هنا الجسم.
باتجاه الفعل إلى جسم حي :
و هذا الشرط ؟؟ و يعد شرطا لازما للعلم بالجريمة الموتكبة بحيث يجب أن يكون الفاعل عالما بأنه فعلا إلى إنسان على قيد الحياة أو على جسم حي بمعنى آخر و لعل اقرب الأمثلة أن يقوم شخص بقطع اصبع سيدة لسرقة خاتمها معتقدا أنها قد فارقت الحياة فإذا بها حية تصرح من الألم فيعاقبه على جريمة السرقة أو بأي حال من الأحوال، و لكن لا يتوافرها القد الجنائي في قطع اصبع السيدة أو أحداث العاهة لمستليمة لاعتقاده بأنها جثة و ليست جما حيا.
2- خطورة فعل الجاني على سلامة الجسم الحي : يجب ثانيا أن يكون الجاني مدركا أن فعله يترتب عليه ضرر بالمعني عليه و يشكل خطورة ما على سلامة جسده إذ يعتبر توقع الضرر أو النتيجة الناجمة عن الفعل هو جوهر القصد الجنائي عليه، فإن القصد الجنائي ينتقي أيضا نتيجة لانتقاء هذا التوقيع، و لا يكفي أن يكون الجاني في استطاعته توقع النتيجة الضارة الفعلية إذ أن هذه الاستطاعة لا يقوم بها سوى الخطأ.
ثانيا : إرادة الفعل و النتيجة : يجب لتوافر القصد الجنائي لدى الفاعل أن يكون قد أراد و تعمد الفعل الضار، و أن يكون قد أراد من وراء ارتكابه وقوع أدى بالمجنب عليه و توقع حدوثه من جراء سلوكه الغير مشروع.
1. إرادة الفعل : للفعل صورتان فهو إما في صورة العمد و غما في صورة الخطأ، فإن أراده فاعله و تتعمده و كان فعلا مقصودا لذاته توافر به قصد الجاني إذا كان فعل غير مشروع، و إن لم يرده و لم يتعمد ارتكابه و إنما حدث رغما عنه، انتقى عنه القصد و توافر به الخطأ، لأنه فعل ضار و لا شأن له بالقصد إذا توافر أو انتفى و السلوك الضار فلا يغير من معنى الضرر فيه أو درجة توافر و إنما يغير القصد من وصف الفعل الضار فيتصف الفعي بالعمدية أو بالحظ نتيجة توافر هذا القصد أن انتقاؤه.
كما نتقي عن الفعل العمد إذا اكره على اتياته أركان صادرا ؟؟؟ الشعور أو الإدراك لجنون أو لسكر غير اختياري مما ينتفي معه القصد.
2. إرادة النتيجة الضارة : يتطلب الجنائي اتجاه إرادة الجاني إلى إحداث البدني لجسم المجني عليه. فلا يكفي علمه بخطورة فعله أملا ألا يحدث ذلك الاحتمال الذي توقعه فلا يصدق عليه تعمد أحداث الأذى البدني.
و لا يشترط في النتيجة التي تحدث من جراء إرادة الفعل الضارة أو الايداء البدني على إطلاق لأنه يسأل عن النتائج الجسيمة عن النتائج الجسيمة إذا ترتبت على فعله الضار و التي لم يكن ليتوقعها.
II- الظروف المشددة :
المبحث الأول :
1- الظروف المشدة المتعلقة بالخبر الحاصل :
المطلب الأول :
أ- حدوث عاهة مستديمة:
لم يعرفها القانون و إنما ذكر بعض صورها و هذه الصور لم ترد على سبيل الحصر بدليل قوله في المادة 264 الفقرة الثالثة أو أية عاهة مستديمة أخرى. ويقصد بالعاهة المستديمة فقد منفعة عضوض أعضاء الجسم فقدا كليا أو جزئيا، سواء بفعل العضو أو بتعطيل وظيفته أو مقاومته، على أن يكون ذلك بصفة مستديمة أي لا يرجى شفاء منه.
4- و تقدير هذا متروك لقاضي الموضوع يبت فيه بناء على حالة المصاب و ما يستخلصه من تقرير الطبيب.
5- لم يحدد القانون نسبة مئوية معينة للنقص الواجب توفره لتكون العاهة المستديمة ، فيكفي لسلامة الحكم أن يثبت أن منفعة أحد الأعضاء أو وظيفته قد فقدت ولو فقدان جزئيا بصفة مستديمة.
6- و نص المادة 264 في فقرتها الثالثة على أمثلة لما يعتبر عاهة مستديمة وهي : بتر أحد الأعضاء ، الحرمان من استعمال احد الأعضاء، فقد البصر، فقد ابصار إحدى العينين.
و في القضاء المصري أمثلة للعاهة المستديمة، نذكر منها: ضعف بصر إحدى العينين، و فصل الذراع، و فقد جزء من فائدة الذراع بصفة دائمة، و خلع التف و تخلف عسر مستديم في حركته، و فقد سلامية من أحد أصابع اليد، و عدم إمكان ثني إصبع اليد، و تقصير الفخذ، و عدم إمكان انطباق الفك العلوي على الفك السفلي تماما بسبب إصابة الفك السلفي بكسر التحم التحاما معيبا، و العسر في الحركات العنق من رفع أو خفض أو التفات يمين أو شمالا، و اختلال علاقة مركز الكلام بالذاكرة بسبب إصابة في الرأس، إذ يجعل المصاب أقل مقاوة للغصابات الخارجية و التغيرات الجوية و يعرضه لإصابات المخ كالصرع و الجنون و خراجان المخ و يقلل من كفاءته للعمل .
كما حكم بأن فصل صوان الأذن بأكمله يعد عاهة مستديمة بصرف النظر عما يلتحق حاسة السمع من ضعف، و حكم بأن استئصال طحال المجني كلية بعد ت؟؟؟؟ من ضربة أحدثها المتهم بعد عاهة مستديمة و كذلك الإعاقة في حركة ثني الإصبع الوسطى للكف الأيسر ؟؟ يقلل من كفاءة المصاب على العمل بحوالي 33%
و قضي بالمقابل بأنه لا يعد عاهة مستديمة فقد جزء من صوان الآذن كزوال الثلث العلوي أو فقد حلمة الآذن مع جزء صغير من الحافة الخلفية للصوان لأن العضو باق و يؤدي وظيفته.
و حكم بأن كسر الأسنان أو فقدها لا يعد عاهة مستديمة ، لأن الأسنان ليست من أعضاء الجسم فقدها لا يقلل من منفعة الفم بطريقة دائمة لغم كان أن يستبدل بها أسنان صناعية تؤدي وظيفتها .
و يشترط لقيام الجريمة وجود علاقة سببية بين الضرب والعاهة، و لكن لا يشترك القانون لأن يكون الجاني قد نوى إحداثها، و إنما يشترط فقد ان يكون قد تعمد الضرب الذي نشأت عنه عاهة فيحاسب عليها على أساس أنها من النتائج المحتملة لفعل الضرب الذي تعمده.
العقوبة :
-1المبدأ : جناية (المادة 264/3ق.ع.ح): و عقوبتها السجب من 5 إلى 10 سنوات.
2- دجناية مشددة: إذا كانت:
– مع سبق الاصرار و الترصد (المادة 265): و عقوبتها من 10 إلى 20 سنة سجنا .
– – الضحية من الأصول مع توافر سبق الإصرار أو الترصد (المادة 267 الفقرة الأخير): و عقوبتها السجن المؤبد.
– الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة( المادة 271/1) : و عقوبتها من 10 إلى 20 سنة سجنا.
– – الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة و الجاني من الأصول أو ممن لهم سلطة على الضحية أو يتولى رعايتها (المادة 272/3): و عقوبتها السجن المؤبد .
ملاحظة :
بالنسبة للخصاء (castration) هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه في المادة 274 ف.ع، و يقصد به استئصال أو قطع أو بتر عضو ضروري للفعل الجنسي (النسل)، أي كان ذلك العضو .
لا يميز القانون بين المرأة و الرجل، غير أنه من الصعب تحقيق استئصال المبيض لأنه يستوجب إجراء عملية داخلية.
و من ناحية أخرى، تتطلب هذه الجريمة توافر فيه حرمان المجني عليه من إمكانية الإنجاب.
تعاقب المادة 274 على ارتكاب الخصاء بالسجن المؤيد، و ترفع هذه العقوبات إلى الإعدام إذا أدى الفعل إلى الوفاة.
المطلب الثاني :
ب- مرض أو عجز عن العمل لمدة تقل عن 15 يوم :
1- المبدأ : مخالفة (المادة 442-1) و عقوبتها : الحبس من 10 أيام إلى شهرين و غرامة من 100 إلى 1000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين .
2- الاستثناء : تكون جنحة إذا كانت :
مع سبق الإصرار أو الترصد أو حمل سلاح (أو استعمال السلاح) (المادة 266 قانون العقوبات)، و عقوبتها الحبس من شهرين إلى 5 سنوات و الغرامة من 500 إلى 10.000 دج.
و لا يقتصر مفهوم السلاح على السلاح بطبيعته مثل السلاح النازي أو السلاح الأبيض بل يشمل أيضا السلاح بالاستعمال مثل العصا و السكين و الحجر و لا يشترط استعمال السلاح بل يكفي حمله.
الصحية أحد الوالدين أو من الأصول الشرعيين (المادة 267-1) :
و عقوبتها الحبس من 5 إلى 10 سنوات.
الضحية و قاصر لا يتجاوز 16 سنة (المادة 269 قانون عقوبات) : و عقوبتها الحبس من سنة إلى 5 سنوات و الغرامة من 500 إلى 5.000 دج.
و تشدد العقوبات إذا كان الجاني من الأصول أو ممن لهم سلطة عليه أو يتولون رعايته (المادة 272 ق.ع) لتصبح الحبس من 3 إلى 10 سنوات و الغرامة من 500 إلى 6000 دج.
المطلب الثالث :
حرض أو عجز عن العمل لمدة تفوق 15 يوم :
1- المبدأ : جنحة ( المادة 264/1 ق ع) : و عقوبتها الحبس من شهرين إلى خمس سنوات و غرامة من 500 إلى 10.000 دج.
2- جنحة مشددة : إذا كانت
الضحية من الأصول الشرعين (المادة 267/1) : و عقوبتها : الحبس من 3 إلى 10 سنوات و غرامة من 500 إلى 500 إلى 6000 دج .
3- الاستثناء جنائية : إذا كانت :
– مع سبق الاصرار و الترصد (المادة 265) : و عقوبتها السجن من 5 إلى 10 سنوات.
– الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة و الجاني أحد الأصول أو ممن لهم سلطة عليها أو يتولون رعايتها (المادة 272/2 ق.ع) و عقوبتها السجن من 5 إلى 10 سنوات.
– الضحية من الأصول مع توافر سبق الإصرار أو الترصد (المادة 267 الفقر قبل الأخيرة)، و عقوبتها السجن منه 10 إلى 20 سنة .
المبحث الثاني : الظروف المشددة المتعلقة بظروف التي وافقت الجريمة
المطلب الأول : سبق الإصرار و الترصد
1-سبق الإصرار :
تعريفه : يعتبر يبق الإصرار من الظروف المشددة في كافة جرائم الاعتداء العمدي التي تقع على سلامة لجسم بوجه عام، إن الإصرار هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معيّن وجده أو صادفه، سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو موقوفا على شرط.
عناصره : يقوم سق الإصرار على عنصرين اثنين لا غير له أحدهما، و هما طبق للسائد في الفقه و المستقر من أحكام القضاء.
1- العنصر الزمني .
2- العنصر النفسي .
و يعني الزمني أن يكون التفكير في ارتكاب الجريمة سابقا الإقدام عليها، إذ يجب أن يمر على التصميم على ارتكاب الفعل فترة من الزمن طالت أم قصرت قبل الإقدام عليه.
أما العنصر النفسي فينبغي أن يكون الجاني قد أقدم على تنفيذ جريمة بعد أعمال الفكر الهادئ و التروي قبل التنفيذ بحيث يتاح له أن يقلب الأمر على وجوهه المختلفة.
أما إذا أقدم الجاني على تنفيذ الجريمة متجها إليه مباشرة دون أن يكون هناك ثمة فاصل زمني بين اعتزامه ارتكاب الجريمة و قيامه باقترافها بالفعل فإن ذلك يدل على عدم أعمال الذكر كلية فضلا عن انتقاء الرواية و تقليب الأمر اللذان يسبقان التصميم لسابق على التنفيذ مما ينفي قيام سبق الإصرار عليها.
علة تشديد العقاب : جعلت التشريعات المختلفة من طرف سبق الإصرار ظرف مشدد للعقدية و ذلك لما لهذا الظرف من أهمية بالغة في الكشف عن شخصية الجاني الذي يقدم على ارتكاب الجريمة بعج أعمال الفكر الهادئ فيها حيث تباح له أثناء ذلك العالم بمخاطرها و مدى ما تسفر عنه من عواقب فيقوم على الرغم من ذلك بالأقدام عليها و هو بهذه الكيفية يعد اكثر خطرا ممن صمم على جريمة و تفذها تحت تأثير انفعالات قوية حرمته هذا التقدير فلم يدرك ما تنطوي عليه الجريمة من أضرار و مخاطر.
إذ يعد سبق الاصرار وصف للقصد يستمد عناصره من عناصر القصد و مكوناته كما تقوم في جوهرها بما يقوم به القصد و ينتفي بما ينتفي به و هو بهذا المعني لا ينتقي بالغلط في شخصية المجني عليه.
أو الخطأ توجيه الفعل إليه و لا ينتقي كذلك سبق الاصرار إذا كان قصد الجاني غير محدد، فمن يصمم قتل أي شخص تسوقه الظروف أمامه و ذلك اخلالا بحالة المن أو بغرض بث الرعب أو للإعلان عن منظمة إرهابية أو منيقوم باختطاف طائرة و يقوم بقتل أحد المحتجزين لاثبات جدية التهديد و لارغام السلطات على الادعان لمطالبة يتوافر به سبق الاصرار على ارتكاب الجريمة.
سبق الاصرار و تعدد الجناة :
سبق الاصرار الشخصية التي إذا قامت بأحد الجناة فليس يلازم ان تتعداه بقية الساهمين في الجريمة من لا يتوافر لديهم هذا الظرف، إلا أنه إذا توافر الاتفاق بين المساهمين على ارتكاب الجريمة كان ذلك دليلا على توافر سبق الاصرار لديهم جميعا لأن الاتفاق ينتقي تغلب الأمر و مناقشة و الخروج إلى حيز تنفيذه مما يعني التصميم عليه.
إثبات سبق الإصرار :
يتضح سبق الإصرار لذات القواعد التي يخضع لها الجاني من حيث الإثبات فهو يعد تبعا لذلك من المسائل الموضوعية التي يرجع تقديرها إلى قاضي الموضوع.
2-الترصد :
تعريفه :
و يعني الترصد قيام الجاني بالترصد للمجني عليه في مكان أو عدة أماكن غيرها و إعتقد بتناسبها لتنفيذ الجريمة في غفلة من المجني عليه، و الترصد علاوة على كونه ظرف مشدد في جرائد القتل و جرائم الاعتداء على سلامة الجسم يعد ظرف متعلقا بماديات الجريمة فهو ظرف عيني يتعلق، كيفية تنفيذ الجريمة و بالمكان الذي تمت فيه التنفيذ و مباغتته من حيث لا يتوقع.
عنصر الترصد :
و يتكون الترصد من عنصرين الأول زمني و يعني مرور مدة من الزمن بين حدوث الترصد و بين ارتكاب الجريمة و ذلك حتى يمكن القول بتحقق الترصد، إما العنصر الثاني فهو عنصر مكاني أو مادي يتعلق بمكان ارتكاب الجريمة و ذلك حتى القول بتحقق الترصد، إما العنصر الثاني فهو عنصر مكاني أو مادي يتعلق بمكان ارتكاب الجريمة و طريقة ارتكابها و لا أهمية لما إذا كان الجاني قد اختبأ في هذا المكان أم ظهر سافرا فيه.
علة تشديد العقاب عليه :
يرجع السبب في تشديد العقاب عند توافر عناصر الترصد على أن قيام الجاني بالنتج يحقق له اختيار أفضل السبل التنفيذ الجريمة كما ينتج له فرصة الفتك بصحية دون أن يترك لهذه الضحية فرصة لمواجهة و الدفاع عن نفسه كما انه يدل على نفس آثمة قامت بالتخطيط و التدبير و اختارت زمان الجريمة و مكانها و الوسيلة المناسبة لتنفيذها مما يدل على مدى الخطورة التي يتسم بها الجاني هذا فضلا عن مفاجأته الاعتداء من حيث لا ينتظر،و يعتبر أن يكون مستعددا لعلاقاته.
العلاقة بين سبق الإصرار و الترصد :
يختلف ظرف الترصد عن سبق الاصرار اختلافا يتعلق كل منها إذ يعد الترصد ظرفا عينيا يتعلق بمكان ارتكاب الجريمة و كيفية تنفيذها و هذا بهذا المعني إذا توافر في الجريمة طبق على جميع المساهمين فيها و توافر في حقهم جميعا. أما ظرف سبق الاصرار فهو ظرف شخصي يتعلق بقصد الجاني و هو بهذا المعني لا ينطبق إلا على من توافر لديه هذا القصد من المساهمين في الجريمة.
الأثر القانوني للترصد :
الترصد ظرف عيني يلحق أثره إذا توافر في الجريمة بكل ساهم في الجريمة لا فرق بين فاعل و شريك فيها و سواء علم به أم لم يعلم كأن يتواعد الجناة في مكان و زمان معين على تنفيذ الجريمة دون أن يعلم أحدهم أو بعضهم انه مكان و زمان علاقات المجني عليه حيث اعتاد المرور و يقدمون بتقيد الجريمة.
كما أن الترصد لا علاقة له بالارصاف التي تعرض للقصد الجنائي لأنه ظرف مستقل.
نطاق التسديد في حالة اقتران فعل الاعتداء بسبق الإصرار أو الترصد :
إذا قترن الفعل بالتعدي على سلامة الجسم بأي من ظرفي سبق الإصرار أو الترصد فإنه يشدد من قدر العقوبة المحددة له و ذلك على النحو التالي :
يكون التشديد في حالة الضرب و الجرح إذا ترتب عنه مرض أو عجز عن الأشعال الشخصية مدة تزيد على (25) يوما فغن التسديد يكون برفع نطاق العقوبة.
كما يكون التسديد في حالة الضرب ؟؟ إلى عاهة مستديمة فيكون برفع العقوبة.
(سبق الإصرار و الترصد ظرف مشدد، يزيد من شدة العقوبة في الحالات البسيطة).
المطلب الثاني :
استعمال املحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى :
يعد استعمال الأسلحة أو العصى أو آلات و الأدوات الأخرى من الظروف المشددة العامة في جرائم الضرب و الجرح البسيط و كذلك في جرائم الضرب الذي يترتب عليه عجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على 15 يوما.
حيث تشدد العقوبة المقررة لكل جريمة إذا اقتربت باستعمال الأسلحة أو العصى أو لآلات و الأدوات الأخرى إلى الحبس في حده العام و هو ثلاث سنوات و ذلك لما يشكله استعمال هذه الأسلحة من خطورة في أفعال الجرح و الضرب و يزيد من قدر جسامتها فضلا عما تكشف عنه من خطورة شخص مرتكبها.
مدلول استعمال الأسلحة أو العصي أو الآلات و الأدوات الأخرى :
عدد الشرع الأدوات السابقة المثال لا الحصر لأن المعني في ذلك ليس السلاح بذات و إنما مدى ما يحدثه الاستعانة من خطورة إذا ما استعمل في الاعتداء فأي آلة سواء كانت معدة من حيث الأصل لإهمال الاعتداء أو لم تكن معدة لذلك و إنما تم الاستعانة بها في هذه الأعمال تصلح أن تكون أداة طبقا المعني للقانون الذي يكفي لأن يتحقق به قصد المشرع و يزيد من قدر العقوبة المقدرة للجريمة.
و العبرة في هذا المجال أن تكون الجاني قد استقان بأداة في فعل الاعتداء أيا كانت هذه الأداة حيث يعد هذا الشرط متوافر و لو استعمل الجاني في الحجارة في قذف المجني عليه، و إن يكون من شأن هذه الأداة زيادة مقدرة الجاني على الاعتداء فإذا لم يكن للأداة هذا الأثر انتقى قيام شرط التسديد و هو الخطورة التي يبعثها استعمال الأسلحة أو العصى أو الآلات لدى استخدامها في أفعال الاعتداء كأن يقوم شخص بالاعتداء و على آخر مستعملا أجزاء من الورق المقوي أو قاذفا إياه ببعض ثمار الفاكهة فلا يحدث منها إصابته بإصابات جسيمة.
المبحث الثالث : الظروف المتعلقة بصفة المجني عليه (الضحية) و الظروف المتعلقة بصفة الجاني .
I- الظروف المتعلقة بصفة المجني عليه :
المطلب الأول :
1. موظف أثناء تأدية مهامه (المادة 148 من قانون العقوبات الجزائري) :
لقد اعتبر المشرع الجزائري ظرفا مشددا إذا تعلق الأمر بالضرب أو الجرح و كل أعمال العنف أو القوة التي تقع على القضاة أو أحد الموظفين أو القواد أو رجال القوة العمومية أو الضباط العموميين في مباشرة أعمال وظائفهم أو المناسبة مبتشرتها، وحدد نوع العقوبة المسلطة على المعتدي و هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات.
لقد شدد العقوبات عليه أكثر إذا نتج عن هذا التعدي إسالة دماء أو جرح أو مرض، أو وقع عن سبق إصرار أو ترصد سواء ضد أحد القضاة او الأعضاء المحلفين في جلسة محكمة أو مجلس قضائي و العقوبة هي السجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات.
و إذا كان العنف قد أدى إلى تشويه أو بتر أحد الأعضاء أو عجز عن استعماله أو فقد النظر أو فقد اصار إحدى العينين أو أية عاهة مستديمة فستكون العقوبة أشد من المذكورتين آنفا و هي السجن المؤقت من عشر سنوات على عشرين سنة.
التعدي على أحد الأصول : كما بين المشرع الجزائري جريمة الضرب و الجرح التي تقع على أحد الأصول كالأب أو الأم مثلا و شدد العقوبة بالنسبة لكل الحالات المذكورة في المادة 267 من قانون العقوبات الجزائري و ذلك في كل الفقرات الأربع.
* إذا نتج عن الضرب أو الجرح مرض أو عجز كلي عن العمل يفوق 15 يوما.
* إذ تعتبر جمحة من حيث المبدأ (المادة 264/1) و عقوبتها الحبس من شهرين إلى خمس سنوات و غرامة من 500 على 10.000 دج .
و تكون جنحة مشددة إذا كانت الضحية (المجني عليه) من الأصول الشرعيين (المادة 267 الفقرة قبل الأخيرة) و عقوبتها السجن من 10 إلى 20 سنة .
* إذا نتج عن الضرب أو الجرح عاهة مستديمة :
إذا كان الضحية من الأصول (المادة 267/3) تشدد العقوبة من 10 سنوات إلى 20 سنة سجنا.
إذا كان الضحية من الأصول مع توافر سبق الإصرار أو الترصد (المادة 267 الفقرة الأخيرة ) و عقوبتها السجن المؤبد.
* إذا نتج عن الضرب أو الجرح وفاة دون قصد أحداثها :
من حيث المبدأ هي جناية (المادة 264/4) و عقوبتها السجن من 10 إلى 20 سنة و تكون جناية مشددة إذا كان الضحية من الأصول (المادة 267/4) و عقوبتها السجن المؤبد .
المطلب الثالث :
3- القصر الأقل من 16 سنة (المادة 269 من قانون العقوبات الجزائري) :
لقد اعتبر المشرع الجزائري كذلك ظرفا مشددا لجريمة الضرب و الجرح إذا تعلق المر بصفة المجني عليه كونه أقل من 16 سنة و ذلك في المادة 269 من قانون العقوبات الجزائري بالنسبة لكل الحالات المذكورة و من ذلك نتوج مرض أو عدم القدرة على الحركة أو عجز كلي عن العمل لاكثر من 15 يوما، أو وجد سبق الإصرار، او ترصد، فقد أوبتر أحد الأعضاء أو الحرمان من استعماله أو فقد البصر أو فقد أبصار إحدى العينين أو أية عاهة مستديمة أخرى، نتوج عن ذلك وفاة بدون قصد احاثها أو بالقصد، أو تكون من قبل أحد الأصوليين الشرعيين أو أي شخص آخر سلطة على الطفل أو يتولى رعايته مع كل الحالات المذكورة سابقا.
• إذا لم ينتج عن الضرب و الجرح او عجز كلي لمدة تفوق 15 يوم.
إذ تعتبر مخالفة من حيث المبدأ (المادة 442/1) و عقوبتها الحبس من 10 أيام إلى شهرين و غرامة من 100 على 1000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين.
إما إذا تعلق المر بقاصر لا يتجاوز 16 سنة (المادة 269) فتشدد العقوبة من سنة إلى 5 سنوات و الغرامة من 500 إلى 5000 دج.
• إذا نتج عن الضرب و الجرح مرض أو عجز كلي لمدة تفوق 15 يوما فهي جنحة من حيث المبدأ (المبدا 264/1) و عقوبتها الحبس من شهرين إلى خمس سنوات و غرامة من 500 إلى 10000 دج.
• إذا نتج عن الضرب و الجرح مرض أو عجز كلي لمدة تفوق 15 يوما.
فهي جنحة من حيث المبدأ (المادة 264/1) و عقوبتها الحبس من شهرين على خمس سنوات و غرامة من 500 على 10000 دج.
و تكون جنحة مشددة إذا تعلق المر بقاصر (الضحية) لم يتجاوز 16 سنة (المادة 270/1) و عقوبتها الحبس من 3 إلى 10 سنوات و غرامة من 500 إلى 6000 دج .
و تكون جناية إذا كان الضحية قاصر أقل من 16 سنة و الجاني احد الأصول أو ممن له سلطة عليها أو يتولون رعايتها ( المادة 272/2) و عقوبتها السجن من 05 إلى 10 سنوات .
• إذا نتج عن الضرب و جرح عاهة مستديمة :
من حيث المبدأ هي جناية (المادة 264/3) و عقوبتها السجن من 5 إلى 10 سنوات و هي جناية مشددة إلى تعلق الأمر بقاصر لم يتجاوز 16 سنة ( المادة 271/1) (الضحية) و عقوبتها السجن من 10 إلى 20 سن
اترك تعليقاً