دراسة و بحث حول قانون الأحوال الشخصية للأسرة
أ* أحمد أبو زنط
دراسة حول قانون الأحوال الشخصية للأسرة / البحرين
نظرا لالتصاق عمل الجمعيات النسائية بالمجتمع، ولكون احوال الاسرة هى محور نشاطها فانه من خلال دراسة احوال الاسر في المدن والقرى البحرينية لوحظ ان هناك حالات فيما يتعلق بأحكام المحاكم في مسائل الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ونفقة وحضانة وغير ذلك تستحق الالتفات والدراسة اذ انه يترتب على تكرار حدوثها فساد في العلاقات الاسرية ووقوع ظلم على بعض افراد المجتمع وهو ما يغاير الاتجاه الاسلامى في تكوين مجتمع قائم على دعائم قوية ثابتة.
لذلك تم اعداد دراسة حول بعض مسائل الاحوال الشخصية وفقا لما يجرى عليه العمل في البحرين مع دراسة فقهية وقانونية مستمدة من أراء فقهاء الشريعة الاسلامية وقوانين الاحوال الشخصية في البلاد الإسلامية، ووضع اقتراحات بشأنها وذلك الى حين صدور قانون للأحوال الشخصية الذى اصبح وجوده ضرورة ملحة وذلك كضمانه من ضمانات العدالة للأفراد في المجتمع، كما تضمنت الدراسة ما يجرى عليه العمل حاليا في المحاكم الشرعية في ظل عدم وجود قانون للاجراءات وما يترتب عليه من اضرار بالنسبة للمتقاضين و!ضع الاقتراحات بشأنها.
** اقسام الدراسة:
بعض مسائل الاحوال الشخصية وما جرى عليه العمل بشأنها في البحرين في ظل عدم وجود قانون للاحوال الشخصية.
نظام التقاضي امام محاكم الشرع في ظل عدم وجود قانون للاجراءات.
أولا: بعض مسائل الاحوال الشخصيه وما جرى عليه العمل بشأنها في البحرين في ظل عدم وجود قانون للاحوال الشخصية واقتراحاتنا حولها:
سنتناول في هذا المجال المسائل التالية على التوالي:
الولاية في عقد الزواج.
* الزواج :
أ- تعدد الزوجات
ب-نفقة الزوجة
ج-الطاعة
د- سن الزواج
* الطلاق:
أ- طلاق المكره والهازل والسكران
ب- الطلاق الثلاثي بلفظ واحد
ج- الطلاق بحكم القاضي
د- متعة الزوجة المطلقة
هـ- الخلع
حضانة الاولاد.
نفقة الاولاد.
1- الولاية في عقد الزواج:
الولاية في عقد الزواج هي القدرة على انشاء عقد الزواج نافذا، وقد اتفق الفقهاء على ثبوت الولاية للرجل البالغ العاقل، غير انهم اختلفوا بالنسبة لثبوتها للمرأة، وفى محاكم البحرين بالنسبة للمحاكم الجعفرية فان القضاء يأخذ بموجب ما ذهب اليه الاغلبية من الفقهاء من ان للمرأة الحق فى تزويج نفسها. اما بالنسبة لمحاكم الشرع السنى فان المراة البالغة العاقل الرشيدة لا يمكن ان تزوج نفسها وانما الذى يزوجها وليها وجرى العمل على ابطال عقد الزواج اذا تولته المرأة بنفسها دون التحقق من كفاءة الزوج طبقا لرأى الامام مالك المأخوذ به، ذلك ان المالكية استندوا فى عدم ثبوت الولاية للمرأة الى الحديث الذى رواه الخمسة الا النسائي، عن عائشة رضى الله عنها عن النبى عليه الصلاة والسلام قال: “ايما امراة نكحت بغير اذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فان دخل بها فلها المهر بما اشتمل من فرجها فان اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولى له يكف الظالم عن ظلمه ويرد الحق الى نصابه “.
لقد انتهى الحديث بعبارة ” وان اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولى له، وقد فسر الفقهاء هذه العبارة بأنه اذا كان الاب عاضلا اى امتنع عن تزويج ابنته وكان الزوج كفوءاً والمهر مهر المثل تثبت الولاية للقاضي الذى عليه ان يكف الظالم عن ظلمه ويرد الحق الى نصابه وان الكفاءة فى رأى الامام مالك هى الكفاءة فى الدين.
بناء عليه فان ما جرى عليه العمل فى المحاكم الشرعية السنية فى البحرين من ابطال عقد الزواج اذا تولته المرأة دون اعمال القاضي لسلطته بالتحقق فيما اذا كان الزوج كفوءاً المهر مهر المثل يعد خروجا عما اتى به الاسلام بتكريمه للمراة كما انه لا يتلاءم مع عصرنا الحالي الذى نعيش فيه ولا يتفق مع العقل والمنطق فالمرأة وقد اصبحت شريكة للرجل فى العمل والمسؤوليات لا يمكن بأى حال من الاحوال التسليم بحرمانها من حق التصرف والاختيار للطريق الذى تراه مناسبا لحياتها لمجرد كونها امرأة فالانوثة لم تكن قط مانعة مباشرة من مباشرة العقود بل ان الشريعة الاسلامية جعلت المرأة مثل الرجل فى التصرفات المالية.
لذلك نرى أنه وتحقيقا للعدالة وانصافا للمرأة انه اذا تقدمت المرأة العاقل البالغ الرشيدة الى القاضي بطلب الزواج ان يتم تزويجها واعتبارها وليه على نفسها فى الزواج وهو ما ذهب اليه الامام ابو حنيفة وما تأخذ به قوانين الاحوال الشخصية بمصر، اليمن الجنوبي، الصومال، وذلك تمشيا مع وضع المرأة فى مجتمعنا الحالى وما يترتب على عدم الاعتداد برأى المرأة فى تزويجها لنفسها من امتهان وانتقاص من حقها في العيش كفرد يساهم فى تطوير وانماء المجتمع.
يراجع فى مسألة الولاية القضايا التالية: 160/78 541/81 660/81 2
– ا لزواج:
نتناول في هذا المجال بعض المسائل المتعلقة بالزواج وما ينشأ عنها من مشاكل، كل ذلك نستمده من واقع الحالات التى تمت دراستها وما نراه بشأنها وفقا لما يتفق مع الدين الحنيف وصلاح المجتمع.
أولا: تعدد الزوجات
ثانيا: نفقة الزوجة
ثالثا: الطاعة
** أولا: تعدد الزوجات:
قال تعالى في سورة النساء:” فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة، اوما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا..”
ثم قال: ” ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة”.
اباحت الآيات السابقة التعدد ولكنها قيدت الاباحة بالعدل بين الزوجات بأن يسوى بينهن في الانفاق والمبيت وحسمن المعاشرة والقيام بحقوق الزوجية كما اشترطت الأمن من الظلم ومن هنا يظهر لنا بوضوح ان دائرة اباحة التعدد قد ضيقها النص القرآني تضييقا شديدا لانه جعل مجرد الخوف من الظلم موجبا للاكتفاء بزوجة واحدة، ان الزواج الذى يحث عليه الاسلام ويجعله فرضا على المسلم اذا توافرت الشروط هو زواجه من واحدة وليس الحث على التعدد لان التعدد انما جاء كبيان للحد الاقصى المباح وليس حثا للمكلف عليه كما ان حكمة الزواج لا يمكن ان تتحقق مع تعدد الزوجات من حيث ان تربية الاجيال لابد ان تتم في بيوت لا يوجد فيها شقاق بين الزوجين وان يحترم كلا الزوجين الآخر ويوفيه حقوقه ومن ثم ينشأ الجيل الجديد متمسكا بالمبادىء والقدرة على استيفاء حقوقه والقيام بواجباته وهذا يكون من الصعوبة بمكان في حالة تعدد الزوجات مع عدم العدل والمساواة في تربية الاولاد اذ أن هذا يؤدى الى تفكك الاسرة وضياع الاولاد.
ان القاعدة في الاسلام هى الزوجة الواحدة اما الاستثناء فهو التعدد والدليل على ذلك ان الزواج بالواحدة يعتبر فرضا على المكلف القادر اما التعدد فلا يلزم به ولا يكون فرضا ولا واجبا ولا حتى مندوبا بل انه في اقل الدرجات وهي الإباحة أى جعله غير حرام اذا فعله المكلف، ان الآية التى تفيد التعدد لم تجعل التعدد كما قلنا اصلا بل استثناء وكذلك قيدت التعدد بقيود شديدة وتركت التطبيق للنفوس القوية المؤمنة.
لكل ما سبق.، وحيث ان الواقع العملي يثبت اساءة كثير من الرجال لاستعمال حقهم في التعدد والزواج بأكثر من واحدة دون اى اعتبار لما يطلبه الشرع من عدالة وانفاق وحسن تربية الاولاد ودون اى مراعاة للزوجة التى يتزوج زوجها بأخرى او اى اعتبار لمشاعرها ولحقها فى الاعتراض على ذلك، وحيث ان حق الرجل مطلق في الزواج بأكثر من واحدة دون اى رقابة من المحاكم فاننا نرى وضع بعض القيود وفقا لما ذهبت اليه بعض التشريعات العربية المعاصرة كالقانون العراقي مادة 3، القانون الجزائرى مادة 4، اليمني الجنوبي مادة 11، القانون المصرى مادة 6 مكرر وهى كالتالي:
اولا: ان يكون الزواج من ثانية امام القاضي الذى يجب ان يتحقق من حالة من يرغب في الزواج من ثانية ويبدأ اولا ببحث حالته المالية ثم بعد نلك يبحث الدوافع على التعدد وما اذا كانت الظروف اجبارية ام مجرد نزوات وان يمتنع عن عقد الزواج اذا لم يجد مبررا لذلك.
ثانيا: وضع نظام يلزم الزوج باخطار زوجته ار زوجاته اللاتي على ذمته بالزواج من اخرى رسميا قبل ان يعقب على زوجة اخرى واعتبار الزواج بأخرى قرينة على الضرر للزوجة يجيز لها طلب الطلاق للضرر.
يراجع في ذلك القضايا179 / 78 **
ثانيا: النفقة:
اتفق الفقهاء على وجوب النفقة على الزوج للزوجة وان تقديرها يكون بحسب يسار الزوج وان ما جرى عليه العمل في محاكم البحرين الشرعية السنية والجعفرية ان النفقة تقدر جزافا دون النظر لحالة الزوج المالية. ولا يتضح من محاضر الدعاوى ما يفيد الاستفسار عن حالة الزوج المادية وامكانياته قبل الحكم بالنفقة.
لذلك نقترح ما يأتى بشأن النفقة:
الزام المحاكم بدراسة اوضاع الزوج المادية قبل الحكم بالنفقة للزوجة او للاولاد وذلك حتى يمكن درء ما يقع من ظلم على الزوجة عند تقرير النفقة.
فى دعاوى النفقة تحديد نفقة عاجلة للزوجة كاجراء وقتي دون انتظار سماع الدعوى او حضور الطرف الآخر وذلك لمعالجة الوضع القائم حاليا لان النفقة سد رمق.
يراجع في ذلك الاحكام الصادرة في الدعاوى: 96/78 17/78 496/79 24/82 شرع جعفرى **
ثالثا: الطاعة:
ان طاعة الزوجة لزوجها هي من اهم الواجبات المفروضة على الزوجة بموجب عقد الزواج ويعتبر الاسلام طاعة الزوجة لزوجها جهادا فى سبيل الله على ان الطاعة التى تطلب من الزوجة ليست طاعة عمياء ولا مضيعة لشخصيتها اومنقصة من كرامتها كما ان الزوجة لا يجب عليها ان تطيع زوجها فيما لا يرضي الله فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، ومن المقرر شرعا أنه اذا خرجت الزوجة عن طاعة الزوج وتركت له بيت الزوجية من غير مبرر شرعي كان للزوج ان يطلب الى القاضي ان يحكم له بالطاعة متى ثبت انها خرجت بغير حق فاذا استجابت لحكم القاضي وذهبت الى بيت الزوجية فالامر واضح واذا امتنعت عن الذهاب الى بيت الزوجية فانها تكون ناشزا وتسقط عنها النفقة وهذا هو ما ذهبت اليه قوانين الاحوال الشخصية في البلاد العربية ولاشك انه يوائم ما جاء به الاسلام من تكريم لشخص مسلم سواء رجل او امرأة. (مادة 6 مكرر ثانيا مصرى، مادة 74 و 75 سورى، 133 مغربي، 79 اردنى) أما ما جرى عليه العمل بدولة البحرين فان الزوج اذا حصل على حكم الطاعة فان هذا الامر ينفذ بواسطة الشرطة والادهى من ذلك ان الزوجة اذا رفعت دعوى طلب طلاق او نفقة ينصح الزوج من قبل المحكمة برفع دعوى طاعة وضمها الى دعوى الزوجة (دعوى رقم 48/ ش س/ 83) وذلك امعانا في اذلال الزوجة ولاشك ان استعمال القوة الجبرية عن طريق الشرطة في اعادة الزوجة الى بيت زوجها من اشد النظم مخالفة للدين الاسلامي ولا يتفق مع الانسانية ولا تستقيم بعده امور الزوجية ولا يحقق الاهداف التى توخاها الاسلام فيما يتعلق بتنظيم الاسرة ومراكز الافراد فيها، وليس له سند من كتاب الله اوسنة رسوله ويعد سيفا مسلطا على رقاب الزوجات وعاملا قويا فى هدم بناء كيان الاصة ويلجأ بعض الازواج الى ذلك بقصد اذلال الزوجة وتعذيبها بشتى أصناف التعذيب وهو يتعارض مع الآية الكريمة ” فامساك بمعروف او تسريح باحسان”.
لذلك نرى ضرورة التدخل من المسؤولين ومنع التنفيذ الجبرى بواسطة الشرطة عند امتناع الزوجة عن طاعة زوجها، واعتبارها ناشزا وتسقط عنها النفقة ومنع المحاكم من توجيه النصح للزوج برفع دعوى الطاعة على زوجته عند رفع دعوى من قبل الزوجة ضد الزوج بطلب نفقة او طلاق او اى حق من حقوقها الشرعية.
يراجع في تلك الدعاوى رقم81/78 177/78 158/82 **
رابعا: سن الزواج:
في المجتمع الواعي الذى يقدر القيم الاخلاقية والمعاني الاجتماعية النبيلة يترك التشريع لابنائه تقدير الظروف والمناسبات التى يباح فيها الشىء او يمنع مما يختلف باختلاف الدواعي والاسباب ومن ذلك ان الشريعة الاسلامية اكتفت ببيان الحكمة من الزواج وبيان غاياته الاجتماعية النبيلة من كونه سببا لسكن النفس واطمئنانها، وقيامها بواجباتها وبناء خلية اجتماعية صالحة تمد المجتمع بنسل قوي صالح عامل.
ولم تضع حدا لسن الزواج او لفارق السن بين الزوجين مما تنتبه له العقول السليمة والارادة الحكيمة الا ان بعض الناس قد تعميهم المصلحة العاجلة عن الضرر الآجل فيقدمون على تزويج بناتهم وهن صغيرات او تزويجهن من شيوخ يعجزون عن القيام بواجباتهم الزوجية فمثل هؤلاء الاولياء يسيئون الى بناتهم بالغ الاساءة وان الشريعة الاسلامية وان لم تنص صراحة على منعهم من هذا العمل الا ان روحها وأهدافها التى اعلنتها من شرع الزواج تمنعهم عنه.
وفي البحرين نجد ان ظاهرة تزويج الاولياء لبناتهم وهن في سن دون البلوغ ظاهرة منتشرة جدا في القرى حيث تكون ارادة البنت منعدمة واذا كبرت لا يكون لها الخيار ابدا فى التملل من مثل هذا الزواج غير المتكافىء ولاشك ان ذلك يشكل خطرا على المجتمع ويساهم في زيادة التخلف لما فيه من حرمان البنت لحقها في التعليم والقاء مسؤولية الاولاد وتربيتهم على ام غالبا ما تكون جاهلة بسبب حرمانها من التعليم الذى ترتب علي تزويجها صغيرة.
كما تنتشر ظاهرة تزويج الاولياء لبناتهم لازواج يكبرونهن سنا ويكون فارق السن بينهم كبيرا مما يشكل زيجات غير متكافئة منذ البداية.
وفي هذا المجال نتعرض لثلاث نقاط نعالجها في ضوء الفقه والقانون وعلى هدى ذلك نبين اقتراحاتنا في هذا الشأن:
-زواج البنات لون سن البلوغ.
-تحديد سن الزواج.
-الفرق في السن بين الزوجين.
1- زواج البنات دون سن البلوغ:
ذهبت الآراء الاجتهادية في المذاهب الخمسة الى صحة زواج الصغار ممن هم دون سن البلوغ، واستندوا في ذلك الى اجتهادات من نصوص القرآن الكريم والى وقائع حدثت في عهدي النبي عليه الصلاة والسلام والتابعين، وخالفهم في ذلك عدد من الفقهاء منهم ابن شرمه والليثي فذهبوا الى عدم صحة زواج الصغار مطلقا وان العقد الذى يعقده اولياؤهم نيابة عنهم يعتبر باطلا لا يترتب عليه اثرما ولا شك ان كلمة التشريع من الزواج تؤيد هذا الراى، وانه ليس للصغار مصلحة في هذا العقد بل قد يكون فيه محض الضرر لهم، اذ يجد كل من الفتاة والفتى نفسه بعد البلوغ مجبرا على الزواج بشخص لم يؤخذ رأيه في اختياره واذا كانت المذاهب الاربعة السنية تتيح لهما بعد البلوغ حق الخيار وذلك بالابقاء على الزواج او فسخه، الا ان المذهب الجعفرى لا يتيح مثل ذلك الخيار.
ولذلك فان قوانين الاحوال الشخصية في البلاد الاسلامية قد حددت سن الزواج لما بعد سن البلوغ كما منعت بعض تلك القوانين زواج الصغار وجاء قانون الاحوال الشخصية السورى بمبدأ عدم صحة زواج الصغار وان احدا لا يملك تزويجهم وليا كان ام وصيا وان وقع ذلك كان لغوا لا اثر له، كما منع القانون المصرى سماع دعوى الزوجية في مثل هذه الحالة.
لذلك نرى بالنسبة للوضع القائم في البحرين من شيوع تزويج الصغار وبالاخص البنات وهن دون السن القانونية، ضرورة وضع نص تشريعي يمنع زواج من هم دون سن البلوغ ويضع عقوبة على الاولياء الذين يقومون بتزويج ابنائهم وهم دون السن القانونية للحد من انتشار تلك الظاهرة، ومن الآثار السيئة لذلك نجد ان هناك حالات كثيرة فقدت فيها الزوجة الصغيرة عقلها او اصابها انهيار عصبي نتيجة لزواجها ودون وعى منها للمسؤوليات الزوجية.
2- تحديد سن الزواج بالنسبة للزوجين:
لا يعرف الفقه الاسلامي تحديدا بسن الزواج، الا انه بالنسبة لقوانين الاحوال الشخصية في البلاد العربية والاسلامية فقد حددت سن الزواج وذلك لتلافي حالات الزواج المبكر والتى يقرم بها الاولياء وبعض تلك القوانين حددها بسن السابعة عشرة وبعضها بسن الثامنة عشرة للفتى والسادسة عشرة او السابعة عشرة للفتاة.
ففي القانون العراقي حددها بسن 18 بالنسبة للفتى والفتاة والقانون السورى حددها بسن 18 للفتى و 17 للفتاة والاردني 16 للفتى و15 للفتاة والمغربي 18 للفتى و15 للفتاة وقانون اليمن الجنوبي 18 للفتى و 16 للفتاة والقانون التونس 20 للفتى 17 للفتاة والقانون الصومالي 18 للفتى و 16 للفتاة والقانون الجزائرى 18 للرجل و 16 للمرأة.
على ضوء ذلك نرى ضرورة تدخل المشرع وتحديد سن الزواج بالنسبة للفتى والفتاة ووضع نص يعاقب اولياء الامور الذين يقومون بابرام عقود زواج ابنائهم دون السن القانونية التى نرى ان تكون 16 للبنت و 18 للولد.
3- الفرق الكبير فى السن بين الزوجين:
لم يعرف الفقه الاسلامي منع الولي عن تزويج ابنائه مع وجود فروق كبيرة في السن بين الزوج والزوجة غير ان هذا مفهوم من حكمة تشريع الزواج والمقاصد السامية التى تتلخص في بقاء النوع الانساني على الوجه الاكمل اذ ان في ذلك اساءة كبيرة للولد او البنت الذى يجد نفسه عندما يبلغ انه قد الزم بزوج لم يكن له رأى في اختياره.
وقد ذهبت بعض قوانين الاحوال الشخصية في البلاد العربية الى منع الزواج اذا كان هناك فرق كبير في السن بين الزوجين فنص القانون السورى المادة 19 ” اذا كان الخاطبان غير متناسبين سنا ولم يكن مصلحة في هذا الزواج فللقاضي ان لا يأذن به ” وينص القانون الاردني في المادة 7 ” يمنع اجراء العقد على امرأة لم تكمل ثماني عشرة سنة اذا كان خاطبها يكبرها بأكثر من عشرين عاما الا بعد ان يتحقق القاضي من رضاها واختيارها وان مصلحتها متوفرة في ذلك ” وينص قانون اليمن الجنوبي في المادة 9 ” لا يجوز اجراء عقد زواج فيه تفاوت في السن يتجاوز عشرين عاما الا اذا كانت المرأة قد بلغت من العمر خمسة وثلاثين عاما”.
ونقترح في هذا الخصوص وجوب وضع نص يحدد الحد الاقصى لفرق السن بين الزوجين ومنع الزيجات ذات الفارق الكبير فى السن حتى يكون فرق السن اعلى من هذا الحد. ووضع عقوبة على الاولياء الذين يزوجون ابناءهم او بناتهم عند تجاوز الحد الاقصى.
** الطلاق:
الطلاق هو رفع قيد النكاح اوبمعنى آخر انقطاع العلاقة الزوجية بين الزوجين وقد شرعه الاسلام ليستطيع كل من الزوجين التخلص من رابطة الزوجية اذا تحققا من ان المعاشرة بالمعروف والقيام بحقوق الزوجية اصبح غير ميسور. وسنتناول في هذا المجال بعض مسائل الطلاق وما جرى عليه العمل بشأنها في محاكم البحرين.
-طلاق المكره والهازل والسكران.
-الطلاق الثلاثي بلفظ واحد.
-الطلاق بحكم القاضي.
-متعة الزوجة المطلقة.
-الخلع.
** طلاق المكره والهازل والسكران:
طلاق المكره لا يقع بناء على مذهب المالكية والشافعية والشيعه الجعفرية وذهب الاحناف الى ان الطلاق لا يقع الا اذا كان الاكراه ملحا. اما اذا كان غير ملح فلا يقع الطلاق. لم تقع بأيدينا احكام بالنسبة لطلاق المكره ولكن الاتجاه العام بالنسبة لمحاكم الشرع السنى الاخذ بحديث ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق ومن المرجح ان المحاكم توقع طلاق المكره.
** طلاق الهازل:
بالنسبة لطلاق الهازل ذهب الائمة الاربعة الى ان طلاق الهازل يقع وذلك استنادا الى الحديث ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد.. ويرى الجعفرية ان طلاق الهازل غير واقع لان حديث ثلاثة جدهن جد لم يصح عندهم.
كذلك لم تقع بأيدينا احكام بالنسبة لطلاق الهازل ومن المرجع ايضا ان المحاكم الشرعية السنية تأخذ بحديث ثلاثة جدهن جد، لانها تعمل به بالنسبة لطلاق السكران.
** طلاق السكران:
طلاق السكران لا يقع بناء على قول راجح لاحمد بن حنبل وكذلك في المذاهب الثلاثة وراى كثير من الصحابة والتابعين ويرى الجعفرية عدم وقوع طلاق السكران ان جدية السكر لا يفرق بين السماء والارض بل كالنائم والمغمى عليه لم يصح طلاقه وان صيره نشطا طربا لم يضع اكثر عقله فهو محل خلاف عندهم والاصح جواز عقوده لتمييزه.
وبالنسبة للمحاكم السنية فان طلاق السكران يقع وتترتب عليه أثاره.
لاشك ان الاعتداد بطلاق المكره والهازل والسكران واعتباره طلاقا ضمنيا تترتب عليه أثاره فيه نظرة قاصرة وذلك لكون النظر فى العلاقة الزوجية من جهة الزوج وتهديد الحياة الزوجية بتلفظ الزوج بكلمة طلاق. لذلك نرى وضع نص يلزم المحاكم بعدم ايقاع طلاق المكره والسكران والهازل وبصورة عامة طلاق من لا تتجه ارادته الى الطلاق وانما كان التلفظ به ليس عن قصد.
2- الطلاق الثلاث بلفظ واحد: اختلف الفقهاء وقوع الطلاق الثلاثي بلفظ واحد في الائمة الاربعة بوقوعه ويرى الشيعه الامامية انه لا يقع وذهب بعض الفقهاء منهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الى ان الطلاق بلفظ واحد لا يقع وقد ذهبت تشريعات الاحوال الشخصية في البلاد العربية الى اعتبار ان الطلاق بلفظ ثلاثي لا يقع الا طلقة واحدة ومنها التشريع المصرى مادة 3 قانون رقم 25 لسنة 1929، مشروع قانون الاحوال الشخصية الكويتى مادة 76، القانون المغربي مادة 51، القانون الاردني والقانون السورى مادة 92 والقانون العراقي مادة 37.
اما ما جرى عليه العمل بمحاكم البحرين فان المحاكم الجعفرية تأخذ باعتبار الطلاق بلفظ متعدد طلقة واحدة. اما محاكم الشرع السنى فتأخذ باعتبار عدد الطلقات وتوقعها اذا كانت بمجلس واحد. ومن الناحية العملية فقد ادى اعتبار الطلاق بلفظ ثلاثي في مجلس واحد طلاقا بالثلاث الى اشكالات كبيرة وبالاخص عند رغبة الزوجين في العودة الى الحياة الزوجية بعد ان يوقع الزوج على زوجته ثلاث طلقات في مجلس واحد، وعمليا هناك حالات كثيرة يعود الزوج الى زوجته بعقد زواج لدى قاض اخر.
لذلك نرى وضع نص يقرر ان الطلاق بلفظ ثلاثي في مجلس واحد يعتبر طلقة واحدة رجعية كما هو الحال في قوانين الاحوال الشخصية في البلاد العربية الاخرى وذلك تفاديا لما يتسبب عن اعتباره طلاقا بالثلاث من مشاكل.
يراجع في ذلك الاحكام الصادرة في الدعوى 827/81 3
– الطلاق بحكم القاضي- التطبيق:
لقد جعل الشرع الطلاق بين الرجل او لمن يوكله وان المرأة لا تملك ايقاع الطلاق على نفسها الا بتفويض من زوجها اما الطلاق من القاضي فلا يحق له ان يوقعه على الزوجة الا اذا طلبت منه ذلك، وقد جرى العمل في تشريعات الاحوال الشخصية بناء على اراء الفقهاء الى تحديد الحالات التى يكون للزوجة ان تطلب فيها الطلاق على النحو التالى:
-طلب الطلاق للعيب.
-طلب الطلاق لعدم الانفاق.
-طلب الطلاق للغيبة.
-طلب ا!ق للضرر.
1- طلب الطلاق للعيب:
وقد جرى العمل على الأخذ به كسبب لطلب الطلاق من الزوجة أمام المحاكم في البحرين.
2- طلب الطلاق لعدم الانفاق:
نفقة الزوجة واجبة لها على زوجها شرعا وقد اختلف الفقهاء في منح الحق للزوجة في طلب الطلاق لعدم الانفاق وهم في ذلك فريقان فريق يعطيها الحق في طلب الطلاق وفريق لا يجيز لها طلب الطلاق لعدم الانفاق اما القوانين العربية فقد اخذت بطلب الزوجة الطلاق لعدم الانفاق.
مشروع القانون الكويتي مادة 108 القانون المصرى بموجب القانون رقم 25 لسنة 1820، القانون التونسي مادة 39، القانون المغربي، القانون الاردني مادة 127، القانون السورى المادة 110، القانون العراقي مادة 43- 7، القانون الجزائري مادة 45.
اما في البحرين فلا تأخذ المحاكم بعدم الانفاق كسبب من أسباب الطلاق من الزوجة وفي الحالات التى تلجاً فيها الزوجة للمحكمة لطلب الطلاق بسبب عدم الانفاق تقوم المحكمة بالمصالحة بينهما واذا لم يتم الصلح يتم التطليق خلعا بتنازل الزوجة عن حقوقها ودفعها مبالغ من المال. يراجع في ذلك الدعويان رقم 76/ ش/ 83 و77 / ش/ 81.
بناء عليه نرى ضرورة اعتبار عدم النفقة سببا من الاسباب التى يجوز للزوجة فيها طلب الطلاق وخصوصا اذا علمنا بان هناك حالات كثيرة يرفع فيها الازواج دعاوى ضد زوجاتهم بالزامهن بترك العمل، (تراجع دعوى رقم 335/ 78) فاذا كانت الزوجة لا تعمل وامتنع الزوج عن واجبه عليها بالنفقة فان ذلك يترتب عليه ظلم لها وعسف في حقها.
2- طلب الطلاق للغيبة:
اختلف الفقهاء في غيبة الزوج وهل تكون سببا لايقاع الطلاق القاضي اذا طلبت الزوجة ذلك، وذهب رأى منهم الى جوازه رأى آخر الى عدم جوازه وقد اخذت قوانين الاحوال الشخصية في البلاد العربية الى الأخذ بالغيبة كسبب من اسباب طلب الزوجة الطلاق واختلفت تلك التشريعات في تحديد المدة التى يغيب فيها الزوج والتى يكون للزوجة بعدها طلب الطلاق فأخذ مشروع قانون الاحوال الشخصية الكويتي مادة 106 بمدة سنة فأكثر بلا عذر مقبول وكذلك القانون المصرى رقم 25 لسنة 1929 بمدة سنة فأكثر بلا عذر مقبول واخذ القانون العراقي مادة 43 بمدة سنتين فاكثر بلا عذر مقبول والقانون السورى ثلاث بسنوات او اكثر مادة 109 والقانون المغربى سنة او اكثر مادة 57.
أما في البحرين فان المحاكم تتشدد في قبول دعوى الزوجة طلب الطلاق وبالنسبة للغيبة فان الدعاوى التى ترفع من الزوجة بطلب الطلاق بسبب غياب الزوج يتم تأجيلها وتتأخر على امل حضور الزوج ولذلك نرى ان نحذو حذو التشريعات الاسلامية الاخرى وتحدد مدة معينة (سنة مثلا) لغياب الزوج بدون عذر مقبول يكون للزوجة من بعدها طلب الطلاق وذلك درءاً للظلم الذى يقع على المرأة بسبب الزامها بأن تستمر زوجة لزوج لا تعلم عنه شيئا ولا ترغب في الاستمرار فى علاقتها الزوجية معه، وبالنسبة لمحاكم الشرع الجعفرى فانها لا تأخذ بالغيبة كسبب من أسباب طلب الزوجة الطلاق.
4- طلب الطلاق للضرر:
من الحقوق المشتركة بين الزوجين ان يحسن كل واحد منهما معاشرة الآخر ويحاول جهد طاقته ان يدفع الضرر عنه لتهنأ الحياة الزوجية بينهما، لقوله تعالى “ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف” لان قيام كل واحد منهما بحقوق الآخر قياما صحيحا يؤدى الى الدوام البناء وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في حجة الوداع: ” ان لكم من نسائكم حقا وان لنسائكم عليكم حقا “.
وقد يسىء الزوج استعمال حقه فى ذلك فيؤذى زوجته بالقول او بالفعل فيضربها ضربا غير لائق ويشتمها شتما مهينا، وقد ذهبت التشريعات في الدول العربية الى اعتبار الاضرار بالزوجة سببا من اسباب طلب الطلاق، من بينها مشروع قانون الاحوال الشخصية الكويتي مادة 111 القانون المصرى مادة 6 القانون اليمني حيث يمنع الطلاق من طرف واحد ولا يقع الا باذن من المحكمة المادة 29-1 القانون الاردني مادة 132 القانون السورى 112 القاكن المغربي المادة 56.
اما في البحرين فان حق المرأة في طلب الطلاق للضرر يكاد يكون حقا غير معروف فالمحاكم كما نكرنا سابقا تتشدد كثيرا في دعاوى طلب الطلاق التى ترفع من الزوجة واغلب الحالات التى ترفع فيها دعاوى طلب الطلاق تنتهي بالخلع وتنازل الزوجة عن كثير من حقوقها ودفعها مبالغ مالية للزوج.
لذلك نرى ضرورة وضع حلا لذلك بالزام المحاكم:
أولا: باتباع طرق التبليغ القانونية عند عدم حضور أحد الطرفين.
ثانيا. باتباع ما جاء به الشرع واعطاء المرأة الحق في طلب الطلاق ان وجد سبب من الاسباب آنفة الذكر انه لانفع في بناء حياة زوجية ما دام احد اطرافها سواء رجل او امرأة نافرا منها.
ثالثا: الامتناع عن توجيه الزوجة بدفع مال عند طلبها الطلاق وتطليقها خلعا اذا كانت قد رفعت دعوى بطلب الطلاق وكان هناك سبب للطلاق.
دعوى 76/82 ودعوى 48/83 شرع سني
** متعة الزوجة المطلقة:
ان الطلاق بغير سبب مشروع يدعو اليه يوجب على المطلق التعويض لزوجته لما لحقها بسبب الطلاق واساس التعويض من القرآن الكريم.
قوله تعالى “لاجناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين “.
وقوله تعالى ” يا أيها الذين امنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا “.
وقد اختلف الفقهاء في وجوب المتعة فمنهم من يرى وجوبها ومنهم من لا يرى ذلك فذهب الحنفية والحنابلة على القول المشهور الى ان المتعة المشار اليها في الآيات القرآنية على نوعين متعة يقضي بها ومتعة لا يقض! بها وانما يلزم المطلق فيما بيبه وبين الله ان يعطيها للمطلقة.
وتوجد عند الحنابلة رواية اخرى عن الامام احمد بن حنبل بوجوب المتعة لكل مطلقة وتوجد رواية كذلك عنه ان لكل مطلقة متعة الا التى لم يدخل بها وقد فرض لها نصف المهر. ويرى المالكية ان المتعة مندوب اليها ولا يجبر المطلق عليها وان المطلق امر بها تطييبا لنفس المرأة عما يرد عليها من الم الطلاق وتسلية لها على الفراق.
ويرى الشافعية ان المتعة واجبة لكل مطلقة الا التى طلقت قبل الدخول بها وقد سمي لها مهر فقالوا حسبها نصف المهر. ويرى الظاهرية ان المتعة واجبة على المطلق سواء اكان طلاقه قبل الدخول أم بعده وسواء كان قد فرض للمطلقة صداقا أم لم يفرض وذلك لعموم قوله تعالى ” وللمطلقات متاعا بالمعروف حقا على المتقين، فالمتعة فرض على كل مطلق.
وهذا الاختلاف المتقدم في وجوب المتعة وعدمه يرجح منه اقوال القائلين بوجوبها وذلك لعموم نصوص الآيات مع تقييد هذا الاطلاق بالحكمة التى من اجلها شرعت المتعة وهى جبر الضرر الذى يصيب المطلقة عند الطلاق.
هذا وقد قننت تشريعات الاحوال الشخصية ببعض الدول العربية احكام المتعة بينها اخذت احكام القضاء. ببعضها حيث لا يوجد نص بحق الزوجة في المتعة فمن التشريعات التى قننت احكام المتعة القانون السورى مادة 117، القانون المغربي مادة 60، القانون الاردني مادة 134، قانون اليمن الجنوبي.
وقد أخذت المحاكم في مصر بحق الزوجة المطلقة في المتعة حتى قبل أن ينص على ذلك في القانون، وذلك اذا اوقع الزوج الطلاق بغير سبب، كأن يكون قد اساء في استعمال حقه ويلزم بالتعويض.
اما في البحرين فهذا الحق يكاد يكون غير معروف لدى المحاكم حيث ان المعمول به ان الطلاق حق للزوج ولم يلزم زوج قط بالتعويض حتى ولو كان الطلاق بلا سبب ودون مراعاة لظروف الزوجة. لذلك نرى الزام المحاكم بالبحث في حالة الزوجة المادية عند الطلاق والحكم على الزوج بدفع متعه للزوجة او تعويض اذا كانت حالة الزوجة المادية تستدعي ذلك او اذا كان الزوج متعسفا في استعمال حقه في الطلاق وجدير بالتنويه ان هناك قوانين اجنبية كالقانون الانجليزي يعطي الزوجة الحق في الحصول على التعويض وهو راتب مدى الحياة او حتى الزواج مرة اخرى اذا أتضح ان فسخ العقد بسبب مرض لدى الزوج يمنعه من الاستمرار في الحياة الزوجية ولاشك انه اولى بنا ونحن في بلد اسلامي ان نضع تشريعات تكفل حماية المرأة المسلمة وتحد من اساءة الرجل في استعمال حقوقه المخولة له شرعا، والتى طالما تسببت في ظلم المرأة. ولا ينم على ذلك بحق الزوجة في النفقة اذ ان النفقة محدودة بعدة شهور وقد لا تكفي لسد حاجيات الزوجة بعد ترك الزوج لها.
** الخلع:
لما كانت الزوجة لا تملك الطلاق وقد تبغض زوجها وترغب في الخلاص ويرفض الزوج حرصا على ماله فقد فتح الشرع للمراة باب الافتداء لتذليل ما يترتب على الطلاق من عقبات مالية بتعويض الزوج عما انفق عليها من مال حيث قال تعالى: ” ولا يحل لكم ان تأخذوا مما اتيتموهن شيئا إلا ان يقيما حدود الله فان خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به”.
والوضع الفقهي للخلع انه عقد ينعقد بايجاب وقبول، ولكن الاعتبار فيه يختلف بالنسبة للرجل والمرأة فهو من جانب الرجل يعتبر تعليقا للطلاق على قبول المال ومن جانب المرأة يعتبر معاوضة، لها شبه بالتبرعات ولهذا الاعتبار المختلف اختلفت احكامه في الرجل عن المراة فيأخذ من الرجل احكام التعليق ومن المرأة احكام المعاوضة التى لها شبه بالتبرع.
وقد اخذت بأحكام الخلع تشريعات الاحوال الشخصية في البلاد العربية كالقانون العراقي مادة 46، القانون الاردني مادة 102 وما بعدها، القانون السورى المواد من 95 الى 103، القانون المغربي من 61 وحتى 65.
اما فى دولة البحرين فالمحاكم تأخذ بالخلع على نطاق واسع والملاحظ ان طلب الطلاق اذا كان من الزوجة حتى ولو كان بسبب كأن يكون الزوج يضرب زوجته اويؤذيها غالبا ما تطلق المحكمة خلعا فتتنازل الزوجة عن حقوقها في نفقتها ونفقة اولادها واحيانا المهر وتدفع مبالغ من النقود وهذا لا يجوز شرعا ومخالف لابسط قواعد الشرع. لذلك نرى الزام المحاكم بالامتناع عن توجيه الزوجة عندما تتقدم لطلب الطلاق الى الطلاق الخلعي لكي تتنازل للزوج عن حقوقها وننوه انه في عام 1982 كان المجموع الكلي للطلاق في المحاكم السنية 360 حالة طلاق كان منها 139 حالة طلاق خلع.
يراجع في ذلك الحكم الصادر في الدعويين رقم 195/82 ش ج، 76/ ش/ 82 .
** حضانة الاولاد:
الحضانة هى تربية الولد في سن معينة ورعاية شئونه ممن له حق الحضانة شرعا، واحق الناس بحضانة الصغير امه وقد ثبت ذلك بالسنة والاجماع والمعقول. وقد اختلف الفقهاء في هل ان الحضانة حق للام ام للطفل فذهب بعض الفقهاء الى انها حق للحاضنة وذهب أخرون الى انها حق للصغير وذهب فريق ثالث الى انها حق للحاضن وللمحضون وليست حقا خالصا لواحد منهما ورأوا ان حق المحضون اقوى وهذا رأى سليم فاذا اسقطت الحاضنة حقها بقى حق الصغير لحاجته الى العناية به وحفظه والقيام بشؤونه. لم يرد في القران او في السنة النبوية نص يحدد الوقت الذى تنتهي فيه الحضانة وقد اختلف الفقهاء فيه وذهب المالكية الى ان الحضانة بالنسبة للصبي حتى يبلغ وبالنسبة للبنت حتى تتزوج وهذا الرأى اخذ به مشروع قانون الاحوال الشخصية الكويتي في المادة 145 (تنتهي حضانة النساء بالنسبة للغلام بالبلوغ وبالنسبة للانثى بزواجها ودخول الزوج بها).
اما في البحرين فليس هناك رأى ثابت واحيانا يحكم بالحضانة للام واحيانا للاب وغالبا في حالات الخلع تجبر الوالدة على أن تتنازل عن حضانة اولادها وعن نفقتهم وكما عرفنا ان هذا لا يجوز لان حق الصغير في الحضانة اقوى من حق الام ولا يمكن ان تتنازل عن حق لا تملكه، كما انه في البحرين ليس هناك سن مستقر عليه للحضانة.
لذلك نرى الأخذ بما ذهب اليه مشروع الاحوال الشخصية الكويتي من اعتبار ان الحضانة للام وتنتهي بالبلوغ بالنسبة للولد وبالزواج والدخول بالنسبة للبنت لان الام اعطف الناس على صغيرها واكثرهم تحملا لمتاعب رعايته، كما نرى ضرورة منع تنازل الام عن حضانة الاولاد في حالات الخلع والتى سبق ان رأينا انها تشكل حوالي ثلث حالات الطلاق لان المحاكم لا توقع الطلاق بناء على طلب الزوجة ولو كان لعذر شرعي وانما اغلب قضايا الطلاق المرفوعة من الزوجة تنهيها المحاكم خلعا.
يراجع في ذلك الدعويان رقم 20/82 ش س و 172/78 ش س
** نفقة الاولاد:
نفقة الاولاد واجبة على الاب لقوله تعالى: ” وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف، ونفقة الاولاد هى كل ما يحتاجون اليه من طعام وكسوة وسكن واجرة رضاعة وحضانة ان كان الولد صغيرا واجرة خادم ان احتيج اليه ولا يجوز للاب ان يتحلل من ذلك الا اذا كان عاجزا عن الكسب اومصابا بمرض يمنعه عنه او به شلل او نحو ذلك فتسقط عنه النفقة ويصبح كالميت.
في البحرين هناك اصطلاح شائع يسمى التبرؤ حيث يقوم الاب بالتبرؤ من اولاده اى انه يسقط حقهم عليه في النفقة وقد سببت هذه الظاهرة مشاكل لكثير من الاسر في البحرين اذ تقع مسئولية تربية الاولاد بعد ذلك على الوالدة اذا كانت موجودة او يبقى الاولاد بدون عائل.
لذلك نرى ضرورة منع تنازل الاب عن النفقة او ما يسمى بالتبرؤ ووضع عقوبة رادعة على الآباء الذين يسقطون حق ابنائهم في النفقة.
ثانيا: لقد نظم المشرع البحريني قواعد الاجراءات في القضايا المدنية والتجارية وكذلك الجزائية فأصدر القوانين المنظمة لتلك الإجراءات بشكل محكم صيانة للحقوق وضمانا لسير العدالة ومسايرة للتطور الذى تشهده البلاد في مختلف الميادين ومع ذلك كله فان الجانب المهم والمتعلق بحياة الفرد في المجتمع البحريني لم يحظ بأى اهتمام ينكر وما زال متخلفا بالنسبة للجوانب المذكورة اعلاه فالمشرع البحريني لم يتدخل لتنظيم اجراءات التقاضي امام المحاكم الشرعية وما زالت الامور تسير بصورة عشوائية لا يحكمها اى تنظيم من حيث الحضور والغياب، تسبب الاحكام ومواعيد الطعن فيها طول الاجراءات توجيه الخصوم بصورة مباشرة او غير مباشرة.
لذلك فاننا نقترح اصدار قانون لتنظيم اجراءات التقاضي امام المحاكم الشرعية والى حين صدور مثل ذلك القانون لابد من الاسراع في تنظيم مسائل النفقة بتقرير نفقة عاجلة كاجراء مستعجل في الدعوى وتنظيم مواعيد الطعن والمراكز القانونية لاطراف الخصومة، ولتفادى صدور احكام دون التدقيق في الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للخصوم نقترح انشاء نظام الباحث الاجتماعي في محاكم الشرع لدراسة القضايا من الناحية الواقعية على يد متخصصين في علم الاجتماع وعلم النفس واعداد تقرير بذلك للقضاة الذين ينظرون الدعوى حتى يكون القاضي ملما بجميع النواحي قبل اصدار الاحكام. ووضع نصوص خاصة تلزم المحاكم باتباعها في حالة ايقاع الطلاق من الزوج فالمعمول به سابقا كان جواز ايقاع الطلاق في غيبة الزوجة اما حاليا فالمحاكم لا تثبت الطلاق الا بحضور الزوجة وبعلمها، ومسايرة للتطور والتزاما بمبادىء الشريعة ونصوص القرآن الكريم نقترح كما قلنا سابقا إلزام القاضي قبل ايقاع الطلاق الاصلاح بين ذوى الشأن اعمالا للآية القرآنية الكريمة ” فان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا “.
** الهوامش
1 _القضاء الجعفرى عبدالله نعمة ص 74.
2_ المراة بين الفقه والقانون- د. مصطفى السباعي ص 58.
*المصدر : المركز العربي للمصادر والمعلومات(امان)
اترك تعليقاً