دراسة وبحث ممتاز عن تنظيم وسير الأمانة العامة للحكومة
مـقـدمـــة
الأمانة العامة للحكومة، جهاز دائم في رئاسة الجمهورية يكلّف أساسا بتنسيق النشاط القانوني الحكومي.
وهي تشكل قاعدة تنظيم النشاط القانوني للدولة. وانطلاقا من هذا المفهوم، وبحكم القوام المعتبر الذي خوّلته الدولة دائما للأمانة العامة للحكومة، فإنها شهدت منذ إنشائها غداة استقلال البلاد، نشاطا مكثفا.
وبالفعل يعود إليها الفضل في كونها وضعت بواسطة المناشير والتعليمات، تحت ختم رئاسة المجلس إجراءات وكيفيات إعداد النصوص التّشريعية والتنظيمية من حيث تقنيات الصياغة القانونية والمصطلحات، واحترام معايير وإجراءات التشاور الوزاري المشترك، وسهرت على احترام هذه الإجراءات باستمرار.
وعلى صعيد الوضع القانوني، فإن الأمانة العامة للحكومة تطوّرت على ضوء مختلف عمليات التهيئة التي أدخلت على أجهزة الإدارة المركزية وهياكلها في رئاسة الجمهورية.
وعرف الوضع القانوني للأمانة العامة للحكومة، بصفة عامة، مرحلتين متميزتين.
استغرقت المرحلة الأولى خمس عشرة (15) سنة، منذ نوفمبر سنة 1962، تاريخ تنصيب أول نواة للأمانة العامة للحكومة، إلى غاية أبريل سنة 1977 وهو تاريخ إحداثها النهائي. وخلال هذه الفترة تعاقب على الأمانة العامة للحكومة أمينان عامان ومدير عام للتشريع. وبعد اختيار أول لنموذج الكتابة العامة للحكومة، تطور هذا الهيكل بين نوفمبر سنة 1962 وديسمبر سنة 1964 لكي تنحصر في مجرد مديرية عامة للتشريع تعمل بعدد محدود من الموظفين وتلحق بالكتابة العامة للرئاسة، الكتابة العامة للمجلس.
وتم اعتماد هذا البعد رسميا من خلال إسناد المهام والأعباء التي كان يمارسها الكاتب العام للحكومة إلى الكاتب العام لرئاسة الجمهورية بموجب المرسوم رقم 64-349 المؤرخ في 5 ديسمبر سنة 1964.
وأعيدت وظيفة الكاتب العام للحكومة، التي ألغيت صراحة بموجب نص إحداث الكتابة العامة لرئاسة الجمهورية، بعد سنة واحدة، وذلك في فبراير سنة 1966 .
واستمر هذا الوضع القانوني للأمانة العامة للحكومة ضمن الهيكل التنظيمي لرئاسة الجمهورية إلى غاية أبريل سنة 1977.
ويسجل هذا التاريخ انطلاق تصور جديد للأمانة العامة للحكومة التي أصبحت هيكلا مستقلا ملحقا بالسلطة المباشرة لرئيس الجمهورية، تتمتع بإدارة خاصة بها.
ولم يتغير هذا الوضع القانوني إلى يومنا هذا مع الإشارة إلى أنه خلال الفترة الممتدة من سبتمبر سنة 1989 إلى يوليو سنة 2001، شهدت هياكل رئاسة الجمهورية العديد من التّعديلات التي كرست إلحاق الأمانة العامة للحكومة برئاسة الجمهورية و كذا الصلاحيات المسندة إلى مسؤولها الأول.
وتم تفصيل هذه الصلاحيات بدقة بموجب مرسوم رئاسي صدر سنة 1990 كما تم تقنينها بالمرسوم الرئاسي رقم 94-132 المؤرخ في 29 مايو 1994 .
لقد رسخ المرسوم الرئاسي رقم 01-197 المؤرخ في 22 يوليو سنة 2001 الذي يحدد صلاحيات مصالح رئاسة الجمهورية وتنظيمها ، الأمانة العامة للحكومة كجهاز من أجهزة رئاسة الجمهورية، وأحال تحديد صلاحياتها وتنظيمها وعملها إلى نصوص خاصة.
يضطلع الأمين العام للحكومة بما يأتي:
• يتولّى مـراقـبـة مـدى مطـابـقة مشـاريع القـوانـين والتـنـظـيمـات، والتـّنـسـيق القانوني للنشاط الحكومي ،
• يحضّر مشاريع النصوص التي تقدّم لتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ويتولّى نشرها في الجريدة الرسمية،
• يحضّر بالتعاون مع السلطات المعنية جدول أعمال مجلسي الوزراء والحكومة،
• يشارك في اجتماعات مجلسي الوزراء والحكومة،
• يعدّ خلاصة نقاشات مجلس الوزراء والنتائج التي تسفر عنها ويتولّى المحافظة عليها وتوزيع القرارات المتخذة على أعضاء الحكومة،
• يتابع كل مراحل الإجراء التشريعي، ولا سيما فيما يخص:
o إرسال مشاريع قوانين الحكومة إلى البرلمان،
o استلام اقتراحات القوانين من أعضاء البرلمان ومعالجتها،
o تنفيذ الإجراءات المرتبطة بسلطة رئيس الجمهورية الدستورية في مجال إخطار المجلس الدستوري.
ويساعد الأمين العام للحكومة في ممارسة مهامه:
• مكلفون بمهمة،
• مديرو دراسات،
• مديرون،
• مكلفون بالدراسات والتلخيص،
• نواب مديرين،
وللأمين العام للحكومة ميزانية خاصة هو الآمر بصرفها وله الوسائل البشرية والمادية التي يسيّرها مباشرة.
وله أيضا تفويض من رئيس الجمهورية بالإمضاء على جميع الوثائق أو المقررات أو القرارات التي تدخل في مجال اختصاصاته.
أولا ـ الدور القانوني للأمانة العامة للحكومة
إن مشاركة الأمانة العامة للحكومة في تنظيم العمل الحكومي يُستكمل طبعا بالدور الأساسي الذي تقوم به ضمن الإجراءات التي تضبط تحضير النصوص القانونية باختلاف طبيعتها وإعدادها وإصدارها وعرضها على السلطات المؤهلة لتوقيعها وكذا نشرها في الجريدة الرسمية.
وتتجلّى مكانتها المتميزة أيضا ضمن جهاز الدولة في الدور الذي تقوم به كهيئة استشارة في المجال القانوني وذلك عندما يطلب منها في أغلب الأحيان الفصل في الأشكال القانونية لنشاطات الوزراء أو إبداء رأيها المعلّل في كل مسألة قانونية قد يطرحها عليها رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو الوزراء أو المؤسسات الأخرى للجمهورية.
تنظيم العمل الحكومي:
من ضمن القرارات المتزايدة التي يتعين على السلطة التنفيذية أن تتخذها، توجد قرارات من اختصاص السلطة الشخصية للوزراء الذين يمارسونها في إطار صلاحياتهم، وتوجد قرارات أخرى جماعية إمّا لكونها تتطلب، تقنيا، اختصاص أكثر من وزير وإمّا لكونها تلزم بحكم أهميتها سياسة الحكومة بأكملها.
وتتدخّل الأمانة العامة للحكومة كفاعل رئيسي في كلّ مرحلة من المسار الذي يفضي إلى تنظيم العمل الحكومي.
إنها هي التي تضطلع بمهمة تحضير مجلس الوزراء ومجلس الحكومة اللذين تتولى أمانتهما.
تحضير اجتماعات مجلسي الوزراء والحكومة:
نظرا إلى أن مداولات مجلسي الوزراء والحكومة تضبط بموجب جدول أعمال، فإن الأمين العام للحكومة هو من يتولّى مهمة تحضيره بالاتصال مع رئيس الحكومة وديوان رئيس الجمهورية، قبل تبليغ أعضاء الحكومة بذلك.
بعد أن يتأكد الأمين العام للحكومة من إتمام جميع المشاورات الضرورية بين الدوائر الوزارية، وهو الشرط الأول للعمل المنسق، يقوم بتبليغ المشروع، حسب الحالة، إمّا إلى ديوان رئيس الجمهورية، وإمّا إلى ديوان رئيس الحكومة، لتلقّي الموافقة المبدئية.
كما يتولّى الأمين العام للحكومة مهمة موافاة أعضاء الحكومة بالاستدعاءات إلى اجتماعات هذين المجلسين وبالوثائق المرفقة، ومشاريع القوانين، ومشاريع المراسيم والعروض التي ينبغي أن تكون موضوع توزيع مسبق يبين احتمال إدراجها ضمن جدول الأعمال.
وفيما يخص النصوص، مشاريع القوانين أو المراسيم، فإن الأمانة العامة للحكومة تتدخل في مرحلة سابقة حسب الشروط المبينة أدناه. وعندما تُطرح مسألة إدراجها ضمن جدول الأعمال فإنه يكون قد تم إخطارها بهذه النصوص وتكون قادرة على أن تبين النصوص التي استكملت دراستها ويمكن أن تدرس في المجلس.
وفيما يخص العروض، فإن لكل وزير يهمه الأمر أن يطلب في الوقت المناسب، إمّا مباشرة من الأمانة العامة للحكومة، وإمّا من ديوان رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، إدراجه ضمن جدول الأعمال، مع إرسال الوثائق اللازمة بالعدد الكافي كي يتم توزيعها.
وتقوم الأمانة العامة للحكومة بدور تحضير ملفات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التي تشتمل خصوصا على جدول الأعمال والوثائق المرفقة، وعند الاقتضاء، المذكرات المتضمنة الملاحظات المستخلصة من الدراسات.
وفي هذا الصدد، يجدر التوضيح بأن المسائل المعروضة في مجلسي الوزراء أو الحكومة تتمثل، من حيث الشكل، في ثلاثة أنواع:
• نصوص ذات طابع قانوني، ويتعلق الأمر، من جهة، بمشاريع القوانين التي تجب المداولة بشأنها في مجلسي الحكومة ثم الوزراء قبل إيداعها لدى المجلس الشعبي الوطني، ويتعلق الأمر من جهة أخرى، بعدد معين من المراسيم التي يجب اتخاذها بمقتضى الأحكام المعمول بها “بعد الاستماع إلى مجلس الوزراء” أو نصوص أخرى خارج كلّ إلزام قانوني قد يرى رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة ملاءمة في عرضها على تقدير الحكومة.
• عروض، أي مسائل، تهمّ السياسة العامة للحكومة يقدمها وزراء معنيون، وذلك في الغالب، قصد استصدار قرار، وأحيانا، يكون ذلك فقط على سبيل الإعلام لأجل استقاء ملاحظات محتملة من المجلس.
• تعيينات تتجسد في مراسيم تدعى قرارات فردية.
يشارك الأمين العام للحكومة في جلسات كلا المجلسين، ويقوم بما يأتي:
• يقدم عند افتتاح الجلسة قراءة تذكّر بالقرارات والتدابير المتخذة في الجلسة السابقة،
• يقوم بتلخيص آراء الوزراء في مشاريع النصوص وكذا في نقاط الاختلاف التي تتطلب التحكيم، ويشارك في النقاش،
• يعرض على المجلس، للمصادقة، مشاريع النّصوص التي تم استكمال عملية إعدادها، وكذا القرارات الفردية التي ينبغي أن تكون محلّ موافقة من المجلس،
• يجمع طلبات تقديم العروض التي يتقدم بها أعضاء الحكومة قصد برمجتها.
وعلى العموم، يكلّف الأمين العام للحكومة بالسّهر على متابعة تنفيذ القرارات المتخذة في مجلسي الوزراء والحكومة. وإذا كان نص ما مصادق عليه مبدئيا في حاجة إلى ضبط، وإذا كان يتطلب قرار ما بعض الاستشارات أو بعض الدراسات قبل أن يأخذ شكله النهائي، فإن الأمانة العامة للحكومة هي التي تتولى اتخاذ التدابير اللازمة من أجل القيام بالإجراءات إلى نهايتها.
وفي هذا الإطار يتعين على الدوائر الوزارية أن ترسل إلى الأمانة العامة للحكومة نسخة أصلية من جميع القرارات التنظيمية ذات الطابع العام المتخذة لتطبيق قرارات الحكومة.
المجالس الأخرى:
زيادة على مجلسي الوزراء والحكومة، فإن الأمانة العامة للحكومة مدعوة للمشاركة بشكل نشط في التشكيلات الوزارية المصغرة والمتمثلة في المجلس الوزاري المشترك، إمّا من خلال مسؤولها الأول شخصيا وإما بواسطة مساعديه.
وظيفة تحضير النصوص القانونية وإعدادها وإصدارها
تحضير مشاريع القوانين ومشاريع الأوامر:
إن المبادرة في مجال اقتراح النصوص من اختصاص أعضاء الحكومة. ويبقى من المعلوم أن لرئيس الجمهورية ولرئيس الحكومة صلاحيات اقتراح أي نص قانوني يريانه مفيدا في تحقيق أهداف الدولة والحكومة.
وتخضع النصوص التي يبادر بها أعضاء الحكومة إلى التشاور قبل المصادقة عليها، ويتم تحضير هذه النصوص طبقا للدستور في إطار تشاوري وتطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية وبرنامج عمل الحكومة.
ومن الناحية الحكومية، فلقد خوّل الدستور لرئيس الحكومة حق المبادرة فيما يخص المجال التشريعي، وبطبيعة الحال، فإن تحضير مشاريع القوانين يتم في دائرته.
ومن المعلوم أنه يمكن كل وزير، ضمن الحكومة، القيام بتحضير مشاريع النصوص التشريعية في إطار صلاحياته ويقوم الوزير بتوجيه مشروعه إلى الأمانة العامة للحكومة التي تتولى مهمة تحضير النص إلى غاية نهايته.
ويوزع المشروع على أعضاء الحكومة والهيئات الاستشارية المؤهلة لإبداء آرائها وملاحظاتها.
ويهدف التشاور إلى تدعيم التنسيق ما بين الوزارات وإلى إضفاء الانسجام في التراتيب التشريعية والتنظيمية. كما يمثل فرصة للأخذ بتوجيهات رئيس الجمهورية وتعليماته.
يمثل إرسال النص إلى الأمانة العامة للحكومة بداية المرحلة الرسمية لعملية دراسة النص والمصادقة عليه.
ويتم إعداد المشروع تحت إشراف الأمانة العامة للحكومة بالتنسيق مع الوزارة صاحبة المبادرة. و للأمين العام للحكومة بعدئذ أن يقترح تسجيل المشروع في جدول أعمال مجلس الحكومة.
وبعدما يتأكد الأمين العام للحكومة من القيام بجميع الاستشارات اللازمة مع القطاعات الوزارية وبعد الحصول على مصادقة مجلس الحكومة يرسل مشروع النص إلى مجلس الدولة، الذي يخطر إجباريا بجميع مشاريع القوانين وبعد الأخذ بعناصر هذا الرأي يعرض مشروع هذا النص على مجلس الوزراء للمصادقة عليه.
وأثناء عرض الوزير المبادر مشروع النص في المجلس، يقدم الأمين العام للحكومة، عند الاقتضاء، العناصر المعروضة على التحكيم.
ويقوم الأمين العام للحكومة بإيداع المشروع باسم الحكومة على مكتب المجلس الشعبي الوطني بمجرد المصادقة عليه من طرف مجلس الوزراء، كما يقوم بإعلام أعضاء الحكومة بهذا الإيداع.
و يمكن الحكومة، قبل المصادقة على النص المعروض أن تقرر إستكمال الدراسات أو إجراء مشاورات قصد إثراء النص المقترح.
ويقوم الأمين العام للحكومة، في هذه الحالة، بالاتصال مع الدوائر الوزارية المعنية، بالإجراء الرامي إلى تجسيد قرار المجلس.
إن الإجراءات التي تم عرضها أعلاه والتي تخضع لها القوانين العادية تنطبق كذلك على القوانين العضوية مع بعض الخصوصيات فيما يتعلق بكيفيات المصادقة عليها ومراقبتها.
ولقد حدد الدستور، بالفعل، في المادة 123 منه المواضيع المخصصة للقوانين العضوية وذلك بعرضها على الأغلبية المطلقة للنواب وأغلبية ثلاثة أرباع (4/3) أعضاء مجلس الأمة وذلك إلى رقابة المجلس الدستوري لمدى مطابقتها قبل إصدارها.
أما بالنسبة لمشاريع الأوامر التي تشكل النصوص التشريعية، فإنها تختلف قواعد إعدادها والمصادقة عليها عن القواعد المعمول بها دستوريا فيما يخص مشاريع القوانين كما سبق التذكير بذلك أعلاه.
وبالفعل، يمكن رئيس الجمهورية طبقا لأحكام الدستور أن يشرّع بأوامر في الحالات الآتية:
• شغور المجلس الشعبي الوطني،
• بين دورتي البرلمان،
• الحالة الاستثنائية،
• عدم مصادقة البرلمان على قانون المالية في الآجال المحددة.
وبهذه الصفة، يتولى الأمين العام للحكومة، بعد إخطاره بمشروع أمر، تحضير هذا الأمر في إطار الإجراءات المعمول بها في العمل الحكومي الذي تم التطرق إليه أعلاه، واستكماله ونشره في الجريدة الرسمية بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه وتوقيعه من طرف رئيس الجمهورية.
يودع الأمين العام للحكومة بعدئذ الأوامر لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني للموافقة عليها من طرف البرلمان بغرفتيه طبقا للأحكام الدستورية.
اقتراحات القوانين:
عندما يتم إخطار الحكومة باقتراح قانون من المجلس الشعبي الوطني، تقوم الأمانة العامة للحكومة بتوزيعه، وتجمع آراء وملاحظات أعضاء الحكومة.
يبلّغ موقف الحكومة المتخذ في مجلس الوزراء إلى المجلس الشعبي الوطني في أجل لا يتعدى شـــهرين (2) طبقا لأحكام المادة 25 (الفقرة 2) من القانون العضوي رقم 99-02 المؤرخ في 8 مارس سنة 1999 الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
إصدار النصوص التشريعية:
يعرض النص، بعد المصادقة عليه من طرف البرلمان، على توقيع رئيس الجمهورية. ويجب أن يتم هذا الإصدار مبدئيا في أجل ثلاثين (30) يوما ابتداء من تاريخ تسليم النص إلى الأمانة العامة للحكومة . وتكلّل عملية إعداد النصوص التشريعية بالنشر في الجريدة الرسمية.
غير أنه يمكن رئيس الجمهورية أن يطلب إجـراء مداولة ثانية للنص المعروض للإصـدار خـلال الثلاثــين (30) يوما التي تلي المصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني.
ويمكن أن يكون طلب المراجعة هذا، لاسيما عندما يختلف النص الذي صادق عليه المجلس بصفة جوهرية في بعض أحكامه عن مشروع الحكومة، ويعيد النظر في مضمونه العام.
تكون المبادرة غالبا للحكومة في هذا الميدان، غير أن ممارسة هذه الصلاحية تعد من المجال الخاص برئيس الجمهورية.
تحضير المراسيم:
يحضر أعضاء الحكومة المراسيم في حدود صلاحياتهم الخاصة وفي إطار برنامج عمل الحكومة.
ويراقب الأمين العام للحكومة مدى مطابقتها ويشرف على أشغال الإعداد بالاشتراك مع الوزير صاحب المبادرة.
وتوجد في هذا المجال بعض آليات المصادقة المستعملة فيما يخص النصوص التشريعية تحت إشراف الأمانة العامة للحكومة: التوزيع، وجمع الآراء والملاحظات، واجتماعات التنسيق قصد الوصول إلى التحرير النهائي.
ترسل الصياغة النهائية المعدة على هذا النحو إلى الأمانة العامة للحكومة لدراستها دراسة أخيرة مع مجموع عناصر الملف مرفقة بمذكرة تقديم للسلطة المؤهلة للتوقيع والمتمثلة، حسب الحالة، إما في رئيس الجمهورية وإمّا في رئيس الحكومة.
وفي جميع الحالات، ينبغي أن تحمل النصوص وجوبا توقيع السلطات المؤهلة لتوقيعها قبل نشرها في الجريدة الرسمية، سواء تعلّق الأمر بقوانين أو أوامر أو تنظيمات.
نشر النصوص في الجريدة الرسمية:
إن تطبيق نص ما مرهون بنشره الذي يهدف إلى إعلام الجمهور به وإعطائه الصبغة الإلزامية.
وتمثل الجريدة الرسمية نقطة نهاية العملية والتعبير عن المعطيات القانونية للجمهورية ولذلك، فإن الأمانة العامة للحكومة تُولي النشر عناية خاصة.
إن مركزة النصوص على مستوى الأمانة العامة للحكومة لنشرها في الجريدة الرسمية تتعدى هذا المجال، إذ هي تمتد إلى نصوص ووثائق مختلفة ، سواء كانت تندرج ضمن اختصاص الوزراء أو سلطات أخرى (المجلس الدستوري، المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، بنك الجزائر، أو مجلس المحاسبة إلخ…)
وزيادة على ذلك، فإن طبع الجريدة الرسمية باللغة الوطنية وترجمتها بالفرنسية يستلزم جهدا إضافيا يتطلب من الأمانة العامة للحكومة وقتا أطول للترجمة، والتصحيح، سواء اللساني أوالقانوني وتوحيد المصطلحات القانونية.
ويتم النشر في الجريدة الرسمية بمعدل عددين كل أسبوع.
وعمليا، فإن طبع الجريدة الرسمية وتوزيعها تقوم به المطبعة الرسمية التي تعد مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، خاضعة لوصاية الأمانة العامة للحكومة، وتكلف من ضمن ماتتكفل به، بما يأتي:
• طبع الجريدة الرسمية وتوزيعها،
• طبع الوثائق الرسمية لمؤسسات الدولة ولاسيما منها الوثائق المتعلقة بالانتخابات، والحالة المدنية، والجباية، إلخ…
كما تنجز في إطار مهمتها التجارية طبع كل الوثائق لحساب الغير.
دور الاستشارة القانونية:
إن الأمانة العامة للحكومة مدعوة أحيانا إلى الفصل أو إبداء رأيها المعلّل في كل مسألة قانونية تعيق تجسيد عمل ما، أو قد يطرحها عليها رئيس الدولة أورئيس الحكومة، وذلك زيادة على وظائفها في مجال دراسة النصوص القانونية للدولة ومراقبة مدى مطابقتها أو قانونيتها، سواء من حيث المضمون أو من حيث الشكل.
ويمكن أن يخصّ رأيها المطلوب إمّا تحكيما قانونيا وهي الصيغة المثلى لتنفيذ قانون أومرسوم أو قرار، وإمّا ردّا على تفاسير متباينة للنصوص.
ثانيا: تقييم نشاطات الأمانة العامة للحكومة وآفاقها
إن محاولة الإلمام بعمل الأمانة العامة للحكومة أو محاولة تحديد آفاق تطوره عملية صعبة طالما أن حصيلتها وآفاقها هي نفس حصيلة الدولة الجزائرية وإدارتها وآفاقها.
غير أن بعض الجوانب يمكن أن تسمح بتمييز وتقدير إسهامها ووجهة تطورها.
على الصعيد المؤسساتي:
تتولى الأمانة العامة للحكومة على الصعيد المؤسساتي، مهام مختلفة ولكن متكاملة مع ذلك.
فهي قبل كل شيء أمانة عامة للحكومة، وتضطلع بهذه الصفة بكل مهام التشاور والعلاقات الحكومية (الوزارية المشتركة أو مع البرلمان) والتلخيص والتنسيق.
إن التوزيع الدستوري للصلاحيات (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان) لا يمكن إلا أن يعزز إلحاق الأمانة العامة للحكومة برئاسة الجمهورية والإبقاء على دورها الذي تقوم به.
ثم إنها بمثابة مكتب دراسات، إذ أنّ العديد من الأعمال يتطلب تحليلها وتقييمها بل حتى اقتراحاتها في بعض الأحيان. إن تخصص قطاعات الدراسة غالبا ما يساعد على مثل هذه القدرة على الدارسة حسب الحاجات. غير أن هذه الإمكانية تبقى ظرفية إلى حدّ ما، بحيث أنها لا تعني إلاّ عناصر لا تندرج ضمن الصلاحيات الوزارية.
وزيادة على ذلك، ينبغي تثمين البعد الأساسي لمهمّة الأمانة العامة للحكومة المساهم في تعزيز دولة القانون. ويتعلق الأمر بالمطبوعات وتوزيع التشريع والتنظيم، والوثائق الرسمية بصفة عامة.
وينبغي أن يشكل تعميم الثقافة القانونية في المستقبل أولوية من أولويات الأمانة العامة للحكومة عن طريق إمكانية إنشاء مركز وطني للوثائق والإعلام القانوني تحت وصاية الأمين العام للحكومة.
إنّ إنشاء هيكل متخصّص في هذا الميدان من شأنه أن يقوم بالفعل بتثمين واستغلال رصيد النصوص والوثائق القانونية التي تتطلب أهميتها وحجمها تنظيما وتسييرا وعملية حفظ في الأرشيف حسب المقاييس القانونية.
ومن جهة أخرى، فإن معالجة كل التشريع بواسطة الإعلام الآلي في شكل بنك للمعطيات سوف تسهل عملية البحث والاستغلال الأمثل للوثائق القانونية. وسيساهم هذا المركز من خلال فتحه على الجمهور العريض في تقريب الدولة من المواطن عن طريق وضع القوانين والتنظيمات، التي يفترض مبدئيا ألاّ يجهلها أحد، تحت تصرف مرتفقي الإدارة.
و تقوم الأمانة العامة للحكومة بدور مستشار قانوني حقيقي للحكومة، إذ أن نشاطها في مجال الرقابة يؤدي بها إلى إبداء رأي يترتب عليه رفض قواعد قانونية أو آليات قانونية أو اعتمادها. واعتبارا إلى أنها تمارس هذه الصلاحيات لحساب رئيس الدولة أو رئيس الحكومة، فإن هذه المهمة ستشكل بفعل آثارها القانونية أحد محاور التطور المؤسساتي للأمانة العامة للحكومة.
على صعيد اعداد النصوص:
تسهر الأمانة العامة للحكومة في إطار التنسيق القانوني لنشاطات الحكومة على ضبط الصياغة النهائية للنصوص التشريعية والتنظيمية المقترحة من الدوائر الوزارية قبل عرضها على السلطات المؤهلة، أوإرسالها حسب الحالة، إلى المؤسسات الدستورية للمصادقة أوالمراقبة (مجلس الحكومة – مجلس الوزراء – مجلس الدولة – البرلمان – المجلس الدستوري).
تجري عملية التشاور والتنسيق في النشاط القانوني للحكومة على عدة مراحل تساهم في غايتها إلى ضمان مشاركة واسعة لأعضاء الحكومة في إعداد النصوص وإضفاء الانسجام والتنسيق في التراتيب القانونية المقرر وضعها وفي هذا الإطار تتلقى الأمانة العامة للحكومة مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المقترحة من طرف أعضاء الحكومة، حيث تتولى قطاعاتها المتخصصة الدراسة الأولية والتأكد على الصعيد القانوني من مطابقتها وانسجامها مع الإطار القانوني المعمول به ومع الأهداف المقرر تحقيقها.
ويتم إعلام السلطة صاحبة المبادرة، عند الاقتضاء، بالملاحظات للأخذ بها عند اللزوم.
ويوزع المشروع المعروض في صيغته الأصلية أوالمصححة، على ضوء الملاحظات التمهيدية التي أبدتها مصالح الأمانة العامة للحكومة، على مختلف الدوائر الوزارية لإبداء آرائها وملاحظاتها من حيث الشكل والمضمون على حد سواء.
كما ترسل هذه المشاريع تلقائيا، وفيما يخص مجموع التراتيب المقترحة، إلى مصالح رئاسة الجمهورية ومصالح رئيس الحكومة.
وتكون توجيهات وتقديرات الملاءمة التي تبديها هذه السلطات العليا حاسمة فيما يخص القرارات التي تتخذ بشأن مشاريع هذه النصوص.
وعلى ضوء التوجيهات المستقاة والآراء والملاحظات المبداة تنظم مصالح الأمانة العامة للحكومة اجتماعات عمل تضم ممثلي السلطات التي بادرت بالنصوص وممثلي القطاعات المعنية أوالمهتمة مباشرة بالترتيب المعني.
ويجدر التذكير أن ممثلي وزارة المالية وممثلي السلطة المكلفة بالإصلاح الإداري والوظيفة العمومية يشاركون وجوبا في هذه الاجتماعات نظرا إلى الآثار المترتبة في المجال المالي أوالتخصيصات من الوسائل البشرية التي تقتضيها في الغالب التراتيب المعروضة.
وعلى إثر الاجتماعات التنسيقية، وعند التوصل إلى اتفاق، يعرض النص على إجراءات المصادقة أوالتوقيع من قبل الهيئات أوالسلطات المؤهلة. وفي حالة استمرار الخلاف، يعرض الأمين العام للحكومة النص على إجراءات التحكيم.
ويرسل الأمين العام للحكومة مشاريع القوانين المصادق عليها في مجلس الحكومة إلى مجلس الدولة لإبداء الرأي بشأنها. وبعد إبداء هذا الرأي، يقوم الأمين العام للحكومة بإرساله إلى الوزير صاحب المبادرة للأخذ بعناصر هذا الرأي وإعداد الصياغة النهائية لمشروع القانون الذي يعرض على مجلس الوزراء .
ويتعين على الأمين العام للحكومة أيضا إعداد الرأي القانوني المسبق الذي تطلبه المؤسسات المالية الدولية للسماح بتنفيذ اتفاقات القرض، كما يكلّف بموافاة وزير الشؤون الخارجية بأدوات التصديق على الاتفاقات والاتفاقيات الدولية.
وأخيرا، فإن الأمين العام للحكومة يتدخل ضمن علاقات الحكومة بالبرلمان عن طريق:
• إيداع المشاريع المصادق عليها في مجلس الوزراء، على مكتب المجلس الشعبي الوطني.
• متابعة دراسة النص في غرفتي البرلمان (فحص التقارير الأولية وتعديلات النواب).
• تقديم النصوص التشريعية المصادق عليها من طرف البرلمان الى موافقة رئيس الجمهورية بعد رأي المجلس الدستوري عند الاقتضاء.
وتعود مهمة نشر النصوص المصادق عليها والموقعة قانونا، في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إلى الأمين العام للحكومة.
وزيادة على المهام التقليدية، تقوم مصالح الأمانة العامة للحكومة بإعداد الدراسات والمساهمة في دراسة الملفات ذات الطابع الوطني أوالقطاعي المسجلة في إطار برنامج الحكومة.
فيما يخص نشاطات الأمانة العامة للحكومة، تجدر الإشارة إلى أن مجموع الإصلاحات التي تندرج ضمن إطار تنفيذ برنامج الحكومة المصادق عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني، وكذا البرامج القطاعية المعدة لتطبيقه، تتجسد في تدابير ذات طابع مؤسساتي وتنظيمي وتقني تستلزم إعداد نصوص تشريعية وتنظيمية تتغير طبيعتها ومستواها ومضمونها وشكلها بحسب القطاعات والنشاطات المقررة.
وعلى الصعيد القانوني، فإن الإصلاحات تتمثل في تسهيل العمل القانوني للحكومة وفي تكييف التراتيب التشريعية والتنظيمية مع الظرف السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجديد للبلاد.
وترمي التراتيب القانونية المترتبة على تطبيق قرارات مجلس الوزراء والحكومة، والمجالس الوزارية المشتركة، خصوصا، إلى ضمان مواصلة الإصلاحات في مختلف الميادين، منها:
• توطيد علاقات التعاون الدولي في مختلف القطاعات،
• تيسير الإصلاح في بعض القطاعات الحساسة مثل التربية والعدالة والإدارة والبريد والمواصلات السلكية واللاّسلكية،
• مواصلة الجهود الموجهة إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي خصوصا في ميادين المواصلات السلكية واللاسلكية والمناجم،
• تعزيز النشاط الاجتماعي للدولة لصالح مختلف فئات المجتمع عن طريق اقتراح إصلاحات جديدة تخص الأطفال المتمدرسين والسكن الاجتماعي.
• إدخال إصلاحات فيما يخص منح المساكن بواسطة البيع بالإيجار،
• إعادة تنظيم الدوائر الوزارية من أجل التكفل الأمثل بمهمة الخدمة العمومية ورفع التحديات التي تواجه البلاد في مختلف الميادين.
غير أنّ النشاط القانوني المكثف للأمانة العامة للحكومة تعترضه بعض النقائص تكون داخلية أحيانا ولكن في أغلب الأحيان تكون خارجية مردها أساسا إلى نقص، أوبالأحرى انعدام التشاور وإلى نقص التأهيل وإلى عدم كفاية التأطير والتكفل بالنشاطات القانونية في الوزارات.
فعلى سبيل المثال، فإن وجهة النظر المعبّر عنها بواسطة الصيغة المبسطة مثل “إن دراسة النص لا تستدعي لدينا أية ملاحظة” والمتكررة غالبا في مراسلات الوزارات لا تتماشى دوما مع المواقف التي يعبّر عنها ممثلو هذه الوزارات أثناء انعقاد اجتماعات التنسيق التي تنظّم من أجل استكمال صياغة النص من طرف مصالح الأمانة العامة للحكومة.
ومن جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى مايأتي:
• الأسباب المقدمة والمتمثلة في شرح التراتيب الجديدة بدافع ملاءمة الترتيب السابق مع المعطيات الجديدة للاقتصاد الوطني، تبقى غامضة وغير كافية. إن هذا الطرح الذي يجسّد عدم إنضاج مشاريع النصوص يفضي في الغالب إلى عدم استقرار المعايير القانونية.
• عدم وجود آليات تقييم مدى فعالية وملاءمة النصوص المتخذة لا يسمح بتحديد الصعوبات المعترضة أثناء تنفيذها تحديدا ميدانيا.
• بالرغم من طبيعة النصوص المقترحة وأهمية الميادين التي تحكمها، فإن مشاريع التعديل تكون في الغالب نتاج جهد قطاعي، ويكون بالضرورة جهدا متحيزا وغير كاف.
• البطء في تنفيذ النصوص، حيث تخضع مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية عموما، أثناء إعدادها، إلى إجراء استعجالي يجد تفسيره في ضغوط داخلية أوخارجية، ولكن بمجرّد المصادقة عليها، ينتفي الطابع الاستعجالي كما لو أن صدور النصّ يمثل غاية في ذاتها.
وفي هذا الإطار، تذكر الأمانة العامة للحكومة تلقائيا القطاعات المعنية بوجوب المبادرة بالنصوص التطبيقية المرتبطة بذلك.
• النقص في العناية بتنفيذ النص يؤدي إلى تعديل النص الأصلي أحيانا حتى قبل تجسيد التدابير التي يسنّها بفعل أسباب تكمن في أن الترتيب المعتمد يكون إما قد تجاوزه الزمن، وإما اتّضح بأن تطبيقه صعب بسبب بعض المقاييس المتصلة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي التي لم تؤخذ في الحسبان أثناء تصور المعيار القانوني.
• تمثيل الوزارات في اجتماعات التنسيق التي تعقد في الأمانة العامة للحكومة غالبا مايكون بمستوى غير كاف مما لايسمح بالتعبير الواضح والمأذون من الوزارة عن مدى ملاءمة النصوص محل الدراسة أو عن محتواها.
• المشاكل المعترضة أثناء تصور النصوص وإعدادها ناجمة عن غياب تحليل مبدئي أودراسة للقانون المقارن ذي صلة بالتشريع والتنظيم المقرّرين.
ومن أجل تحسين النوعية القانونية للنصوص وتسهيل عملية فهمها من طرف الإدارات، فإنه بدا من الضروري التذكير، عن طريق وثيقة موحّدة وُزعت على جميع أعضاء الحكومة، بالقواعد الرئيسية التي ينبغي أن تحكم إعدادها وتحريرها ومراقبتها.
وكان ذلك هو موضوع المنشور رقم 077/أع ح/د/2000 الصادر عن الأمين العام للحكومة بتاريخ 2 فبراير سنة 2000 والمتعلق بإجراءات إعداد النصوص والمصادقة عليها.
على الصعيد البشري:
تمكنت الأمانة العامة للحكومة من تحقيق قدرة معتبرة في مجال الدراسة رغم وجود نوع من عدم الاستقرار. لذا فإن مهمتها الخاصة بالرقابة القانونية والتنظيمية في حاجة إلى تدعيم ضمن بعدها في مجال الاستقرار والتخصص قصد التمكن من تحكم أكبر في مجال القانون الذي هو في تطور دائم ويرمي إلى تنظيم وضعيات تتعقد أكثر فأكثر.
غير أنه يجب أن ترافق تخصص القطاعات هذا آليات وإجراءات “خاصة” تسمح بانسجام عام للتشريع والتنظيم، مع الحرص على تفادي فقدان التنسيق بين القطاعات على الصعيد الداخلي.
وعلى الصعيد البشري، ينبغي تعزيز الأمانة العامة للحكومة، في مجال التسيير بالكفاءات المشهود لها بالجدارة.
على الصعيد المادي:
زيادة على الأداء العادي لمهام الأمانة العامة للحكومة، يشكل استخدام الإعلام الآلي في مجال الإدارة، الحصيلة الأهمّ ومحور التطور الأكثر تأكيدا.
وبالفعل، فإن الأمانة العامة للحكومة تتوفر لديها قاعدة المعطيات القانونية الأكمل والأنجع. غير أن استعمال هذا الرصيد وتثمينه يتطلب المزيد من التحسين.
إن البطاقية التي أحدثت تهدف إلى فهرسة كل النصوص المنشورة في الجريدة الرسمية وتسجيلها واستغلالها، وتسمح هذه البطاقية حينئذ بالوصول بسرعة إلى مراجع النصوص وتاريخ صدورها والاطلاع على جميع التعديلات التي أدخلت عليها.
وتستعمل هذه البطاقية للحاجات الخاصة للأمانة العامة للحكومة، كما تم وضعها في متناول كل مستخدم لشبكة الإنترنات.
إن إقامة “نظام-الخبرة” (إجراء عملية صورية لتحديد آثار التعديلات القانونية والتنظيمية) وإقامة شبكة داخلية وإنشاء مزود للاستشارة الخارجية تمثل كلها المحاور الرئيسية لتطور البعد المعلوماتي للأمانة العامة للحكومة.
كما يجدر التذكير بالتوثيق القانوني الذي يشكل شرط النوعية لمساهمة الأمانة العامة للحكومة. وفي هذا الصدد، فإن الرصيد الوثائقي الذي تتوفر عليه المكتبة المركزية للأمانة العامة للحكومة الكائنة بقصر الحكومة، ومصلحة الوثائق، يعتبر قديما نوعا ما وتجاوزته الأحداث، ولذا فإن صيغا جديدة ترمي إلى جمع المعلومات القانونية بالأمانة العامة للحكومة وتوزيعها الداخلي من شأنه أن يساهم في رفع نوعية التحاليل وملاءمتها.
إن تثمين النشاط القانوني للدولة أكد ضرورة التقنين كأداة وإطار مفضل لتجميع النصوص القانونية وتحيينها.
ويُفرض هذا التقنين من جهة أخرى، على الدولة كعملية لتبسيط الاطلاع على النصوص قصد جعلها أكثر قابلية للاستيعاب عن طريق ترتيبها وتحيينها أوإعادة صياغتها.
وهكذا قامت الأمانة العامة للحكومة، بدافع حرصها على تحيين التشريع الوطني، بتطبيق سياسة براغماتية في التقنين.
وفي هذا الإطار، تم إنشاء بنك للمعطيات القانونية يسمح بالبحث عن مجموع النصوص منذ الاستقلال واستغلالها.
وبفضل هذه الأداة، تمكنت الأمانة العامة للحكومة من تقنين عدة نصوص أساسية، منها: القانون المدني، قانون العقوبات والنصوص التشريعية الملحقة، وقانون الجماعات المحلية (الولاية والبلدية)، أما القانون التجاري فهو في مرحلة الضبط القانوني، بيد أن قانون الإجراءات المدنية وقانون الإجراءات الجزائية بعد التعديلات فهما في تعداد مشروع الضبط القانوني.
وينبغي التوضيح أن هذا العمل لا يشكل في الحقيقة إلاّ مجرد “تقنين – تجميع/تدعيم” للحاجات الداخلية للأمانة العامة للحكومة.
إن الهدف الوطني الذي ينبغي بلوغه في هذا الميدان يتمثل في إجراء تقنين “قـانوني دائـم” يتطلب مشاركة الحكومة كلها والوزراء، كل وزير على حدى، إذ أن هذه العملية تتطلب وضع تنظيم وإجراءات ووسائل مالية ومادية ملائمة، وكذا أدوات قانونية غير متوفرة في الوقت الحاضر، حيث أن التقنين “القانوني الدائم” يتطلب فيما يخص الناحية التشريعية التصديق عليه برلمانيا ويتطلب من الناحية التنظيمية إجراءات خاصة لتنفيذه.
ثالثا : تنظيم الأمانة العامة للحكومة
على غرار بلدان أخرى اعتمدت نفس التنظيم في مجالس تنسيق النشاط الحكومي، وباستثناء هياكل الدعم التي يمكن أن تسير حسب الأشكال التقليدية، فإن المهام المسندة إلى الأمانة العامة للحكومة يتم التكفل بها بواسطة ترتيب تنظيمي مرن يسمح لها بالتكيف باستمرار مع متطلبات العمل الحكومي وضغوطه.
الأمين العام للحكومة
يساعد السيد الأمين العام للحكومة في ممارسة صلاحياته كما سبق بيان ذلك أعلاه:
• مكلفون بمهمة،
• مديرو دراسات،
• مديرون،
• مكلفون بالدراسات والتلخيص،
• نواب مديرين،
ويتوزع هؤلاء المساعدون على الهياكل الآتية:
الديوان
اترك تعليقاً