بحث و دراسة مقارنة حول جريمة الرشوة في القانون المصري
جريمة الرشوة
(دراسة مقارنة)
مقدمة لسيادتكم:
نهى سيد عويس
وكيلة النيابة الإدارية
خطة البحث
o مقدمة
o فصل تمهيدي : جريمة الرشوة في الشرعية الاسلامية
o فصل الاول : جريمة الرشوة في القانون المصري
o مبحث الاول : خطة المشرع المصري في تجريم الرشوة
o مبحث الثاني : الجرائم المحلقة بالرشوة وسبل مكافحة جريمة الرشوة
o الفصل الثاني : جريمة الرشوة اتفاقية الدولية للامم المتحدة لمكافحة الفساد
o المبحث الاول : رشوة الموظفين العموميين الوطنيين والعموميين الجانب
o المبحث الثاني : الرشوة في القطاع الخاص
o الخاتمه
o المراجع
مقدمة :
صارالفساد الاداري وباء ينتشر بصورة سريعة ويتخلل الانشطة العامة والخاصة والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية لمعظم بلدان العالم بمختلف نظامها وميوله الفكرية المذهبية.
و ظاهرة الفساد الاداري ليست وليدة اليوم وليست مرتبطة بزمان او مكان معينين فالفساد لغة تشير الى التلف وخروج الشى عن الاعتدال ونقضيه الصلاح، ولهذا نجد ان الفساد الاداري قد بات المرض الذي تعاني منه اجهزة الدولة الادارية للدول التى تنهج المذهب الاشتراكي الى حد بعيد ، وبدلا من ان تعود على الدولة والصالح العام بالنفع والرخاء والنمو والازدهار في كافة المجالات تعود بالنتائج العكسية على الدول والشعوب ولا ادل على ذلك بانهيار الاتحاد السوفيتي القطب الاخر من قطبي الكتلة الارمنية.
والفساد الاداري له صور متعددة لا يمكن حصرها او صنعها جمعها في اطار مقنن على نمط تعيين الجرائم وعقوباتها في قانون العقوبات حيث منه ما يصل من الجسامة الى الحد الذي يعد من الجرائم المنصوص عليها في القوانين العقابية كالرشوة و اختلاس المال العام و الإضرار به والتربح من الوظيفة العامة وبالتالي يقع مرتكب هذا النوع من الفساد ومنهم الكثير تحت طائلة القوانين العقابية من حيث العقاب المقرر لتلك الأفعال، بالاضافة إلى الجزاءات التاديبية و التي يكون للقاضي مطلق الحرية في توقيعها اذا ما ثبت الاثم الجنائي بحكم بات.
ومن الاسباب الواقعية لانتشار الفساد الاداري انه ليس مقصورا على مصر ولكنة موجود في كل بلدان العالم من اليابان إلى الولايات المتحدة الامريكية والفرق بين بلد واخر انما يكمن في امرين اولهما مدى الفساد وهل طال او وصل إلى الطبقات الحاكمة أم لا.
وبما أن المظاهر القانونية للفساد تقع تحته مجموعة من الجرائم منها جريمة الرشوة فسوف نتطرق لها بالتفيصل في التشريع الوطني ولا نستطيع ان نغفل دور الشريعة الاسلامية في معالجة هذه الصورة من صور الفساد الاداري حيث وضعت من المبادىء والاسس والقواعد التى اتجهت جميعها إلى تحريم كافة طرق الحصول على المال بشكل غير مشروع او بدون حق وسواء كان المال عاما او خاصا وجعلت ذلك من قبيل اكل اموال الناس بالباطل الذي نهت عنه الشريعة الغراء وأيضا نصت علي جريمة الرشوة اتفاقية الامم المتحدة .
و من ثم فسوف نبحث في السطور القليلة القادمة تنظيم المشرع المصري لتجريم الرشوة و صورها و كذا في الاتفاقية الدولية ، بعدما نستعرض سريعا حكمها و عقوبتها في الشريعة الأسلامية.
الفصل تمهيدي : جريمة الرشوة في الشرعية الاسلامية
تعد الرشوة من ابشع صور الفساد شيوعا لما تتضمنه من معاني اللامبالاة وعدم الاكتراث من قبل الموظف العام بالوظيفة العامة لدرجة انه يتاجر فيها ويبيعها بابخس ثمن، و من هنا فقد حرمت الشريعة الاسلامية الرشوة واعتبرتها من قبيل اكل اموال الناس بالباطل ، و في ذلك قال الله تعالى ( ولا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتاكلوا فريقا من اموال الناس بالأثم و أنتم تعلمون) ، وذهب فقهاء الشرعية الاسلامية إلى اعتبارها من قبيل جرائم الفساد و التي يطلق لولي الامر العنان في وضع العقاب المناسب لها وفقا لتقديرات المكان والزمان ومدي انتشارها او قلتها ولا شك أن الوقت الحاضر يحتاج لعقوبات مشددة تحد من هذه الظاهرة التى باتت تاكل في الجهاز الاداري للدولة اكل النار للحطب.
هذا و قد أجمع الفقهاء على حرمة الهدايا التى تعطى للعاملين والموظفين ومافي حكمهم بصفتهم الوظيفية لانها من قبيل الرشوة المحرمة ونوع من انواع خيانة الامانة ولقد ندد القران بها حيث يقول الله عز وجل ( ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) ، ويقصد بالغلول في هذه الآيه الخيانة في توزيع الغنائم او الاستئثار بالمال العام لشخص دون الآخرين كما يحدث احيانا في توزيع المكافات و الحوافز .
وقد ذكر ابن عابدين رحمة الله في حاشيتة ” ان الرشوة هي ما يعطيه الشخص لحاكم او غيره ليحكم لها ويحمله على ما يريد ” ، و واضح من هذا التعريف أن الرشوة أعم من ان تكون مالا او منفعة يمكنه منها او يقضيها له ، والمراد بالحاكم القاضي وغيره وكل من يجد عنده قضاء مصلحة الراشي سواء كان من ولاة الدولة وموظفيها او القائمين خاصة كوكلاء التجار والشركات واصحاب العقارات ونحوهم والمراد بالحكم للراشى وحمل المرتشي على مايريده الراشي : تحقيق رغبة الراشي ومقصده سواء كان ذلك حقا او باطلا.
و قد لعن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من فعلها لأنها من كبائر الذنوب فالواجب اجتنابها والحذر منها وتحذير الناس من تعاطيها لما فيها من الفساد العظيم والاثم الكبير والعواقب الوخيمة وهي من الاثم والعدوان اللذان نهى الله عز وجل عنها و شبهها باكل اموال الناس بالباطل فقال سبحانه و تعالي ( يا أيها الذين امنوا لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم ).
والرشوة من أشد انواع اكل الاموال بالباطل لانها دفع المال الى الغير لقصد احالته عن الحق وقد شمل التحريم في الرشوة اركانها الثلاثة الراشي والمرتشي والرائش ( و هو الوسيط بينهما)، فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ” لعن الله الراشي والمرتشى والرائش ” رواة احمد والطبراني .
وقد وردت احاديث كثيرة في التحذير من هذا المحرم وبيان مرتكبيه منها ما روه ابن جرير عن ابن عمر رضى الله عنهما وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل لحم انبته السحت فالنار اولى به قيل وما السحت ؟ قال الرشوة في الحكم) ، و روى الامام احمد عن عمرو ابن العاص رضي الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ما من قول يظهر فيهم الربا الا اخذو بالسنة وما من قول يظهر فيهم الرشا الا اخذو برعب ) و روى الطوراني عن ابن مسعود رضا الله عنه قال ( السحت الرشوة فى الدين) و روى مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما امر به المراسلين فقال تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) حديث ابي هريرة عن مسلم ، ولما روه الطبرانى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال تليت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيه (يا أيها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا) ” البقرة 168 ” فقام سعد بن ابي وقاص و قال يا رسول الله ادع الله ان يجعلني مستجاب الدعوة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( يا سعد اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف القمة الحرام في جوفه ما يقبل الله تعالى منه عملا اربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من السحت فالنار أولى به) ، و دل ذلك على ان عدم اطابة المطعم مانع من استجابة الدعاء و حاجب عن رفعه إلى الله تعالى وكفى بذلك وبالا وخسرانا على صاحبه ونعوذ بالله تعالى من ذلك وقد دعانا الله إلي وقاية انفسنا و أهلينا من النار، و النجاة بها من عذاب الله و إليم عقابه، حيث قال سبحانة و تعالي ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يأمرون” ( التحريم الآية 6)، و قال تعالي ” و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة و اعلموا ان الله شديد العقاب” ( الأنفال الآية 25).
و سئل رسول الله صلي الله عليه و سلم عن آثار الرشوة علي المسلم في الشريعة الإسلامية فأجاب بإن الرشوة تضعف الإيمان و تغضب الرب عز و جل و تسبب تسليط الشيطان علي العبد في إيقاعه في معاص أخري , فالواجب علي كل مسلم الحذر من الرشوة.
o تجريم الرشوة في الشريعة الأسلامية:
يقسم علماء الفقه في الشريعة الأسلامية الجرائم إلي ثلاثة أقسام:
1- جرائم الحدود: و تعريفها بأنها الجرائم التي لها حد مقدر في كتاب الله أو في سنة رسوله و التي تعد اعتداء علي حق من حقوق الله ، و لهذا فقد قرر لها المشرع الأسلامي أشد و أقصي عقاب علي اقترافها ، و منها جرائم شرب الخمر و الزنا و قصف المحصنات و السرقة.
2- جرائم القصاص و الدية: هي جرائم الأعتداء علي الأشخاص متخذة صورتي القتل العمد و القتل الخطأو الجروح العمدية، و هي التي يجب فيها القصاص النفس بالنفس و العين بالعين و السن بالسن و الأنف بالأنف و الأذن بالإذن و الجروح قصاص.
3- جرائم التعازير: و هي جرائم لاحصر لها في الشريعة و لا حد مقرر لها ، حيث يترك لولي الأمر الحرية في تحديدها و تفنينها، و تقنين العقاب الذي يراه مناسبا لها وفقا للتغيرات الزمنية و اختلاف المكان من حيث العادات و التقاليد و الأعراف التي اعتاد عليها الناس ، و الجرائم التي تعتبر من قبيل الجرائم التعزيرية هي جريمة التزوير في المحررات الرسمية و جريمة شهادة الزور و جريمة النصب و خيانة الامانة و جريمة الرشوة و اختلاس المال العام و الإضرار به و اهداره.
و لذلك فإن جريمة الرشوة تعد من الجرائم التعزيرية في الإسلام و التي اتفق العلماء بالإجماع علي تحريمها تحريما قطعيا.
و بالمقارنة في الوقت الحاضر عن عهد الرسول صلي الله علية و سلم نلاحظ أن جريمة الرشوة انتشرت و كثرت و اصبحت من ابشع صور الفساد الاداري التي يقابلها المجتمع المصري و التي تصيب جهازنا الإداري في القيم و المباديء و المثل , الامر الذي لابد من مواجهته لاقتلاع هذه الظاهرة من جذورها الممتدة في ضلوع الجهاز الإداري لفترة تقترب من قرنين من الزمان و التي صارت إلي الأسوأ في الوقت الحاضر، حتي أن البعض أصبح ينظر إلي الرشوة علي أنها أمر عادي و حق مكتسب للموظف العام أو عضو الإدارة الذي أصبح يتدني إلي الهاوية في بؤرة الإجرام و الفساد و إلي عالم الرذيلة و الانحطاط ، و لما لا و قد صار يأكل اموال الناس بالباطل الذي نهي المولًي عزو جل عنه بقوله تعالي ” و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل و تدلوا إلي الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون”.
لذلك فالشريعة الأسلامية حرمتها سواء كانت في صورة مال او هدية ظاهرة أو مقنعة ، و بصفة عامة في كافة حالاتها و صورها.
الفصل الاول : جرائم الرشوة القانون المصري
تعتبر الرشوة من مظاهر الفساد في المجتمع وقد جرمها المشرع المصري في المواد من 103-111 من القانون العقوبات، وبالقاء نظرة تاريخية على جريمة الرشوة نجد ان المشرع قد جرمها في قانون العقوبات الاهلي 1883 وتطلب ان يكون المرتشي موظفا عامة ولكنه خرج عن هذا الاصل في عام 1904 واعتبر الخبير المحكم وكل مكلف بخدمة عامة في حكم الموظف العام ، كما اضافت المادة 189 التى اعتبرت كل من الطبيب والجراح ولو لم يكن موظفا عاما يقوم بإداء شهادة مزورة فيما يتعلق بمرض او عاهه يستوجب الاعفاء من خدمة عموميه مرتشيا اذا ما كانت هذه الشهاده المزورة مرتبطة بموعدة بشى و عاقبه بعقوبة الرشوة حفاظا على المصلحة العامة.
وتنطوي هذه الجريمة على اتجار الموظف العام لوظيفته واستغلالها لفائدته الخاصة وقد انعكست حقيقة جريمة الرشوة في القانون رقم 69 لسنة 1953 الذي توسع في تجريم الرشوه وغلظ العقوبة المقررة لها.
و فيما يلي سوف ندرس جريمة الرشوة في مبحثين متتاليين على النحو التالي
المبحث الاول : خطة المشرع المصري في تجريم الرشوة
المبحث الثاني : الجرائم الملحقة بالرشوة و سبل مكافحة جريمة الرشوة.
المبحث الأول: خطة المشرع المصري في تجريم الرشوة:
نص قانون العقوبات المصري الصادر سنة 1937، في الباب الثالث من الكتاب الثاني على جريمة الرشوة. وقد جاء في القانون رقم 69 لسنة 1953 فألغى نصوص المواد من 103-111 سالف الذكر. وقد استعاض عنها بنصوص آخرى جديدة ، و جاء القانون رقم 120 لسنة 1961 بتعديلات عامة في مواد الرشوة لتلافي بعض عيوبها ومجابهة ما يقتضيه تطور النظام الاجتماعي في بعض الأحوال، سواء بالتجريم أو بتشديد العقوبة.
أولا: تعريف جريمة الرشوة:
إتجار بأعمال الوظيفة تقتضي وجود شخصين موظف أو مستخدم يطلب أو يقبل عملا أو وعدا به مقابل قيامه بعمل أو امتناعه عن عمل من أعمال وظيفته، ويسمى مرتشيا وصاحب المصلحة يسمى راشيا إذا قبل أداء ما يطلبه الموظف أو تقدم بالعطاء فقبله الموظف. وعلى ذلك تكون العبرة في جريمة الرشوة بسلوك الموظف لا بسلوك الطرف الآخر. فتقع الرشوة من قبل الموظف إذا ما عرض عليه قبولا صحيحا منتويا العبث بأعمال وظيفته ولو كان الطرف الآخر غير جاد في عرضه. ولا تقع الرشوة إذا لم يكن الموظف جادا في قبوله؛ كما لو تظاهر بالقبول ليسهل القبض على من يحاول إرشاءه متلبسا بجريمة عرض الرشوة .
وعلى ذلك فالرشوة فعل يرتكبه موظف عام أو شخص ذو صفة عامة عندما يتجر بوظيفته، أو بالأحرى يستغل السلطات المخولة له بمقتضى هذه الوظيفة، وذلك حين يطلب لنفسه أو لغيره أو يقبل أو يأخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يمتنع عن ذلك العمل أو للإخلال بواجبات الوظيفة. والرشوة قد يقترفها المستخدمون أيضا في المشروعات الخاصة حينما يقبلون لأنفسهم أو لغيرهم أو يقبلون أن يأخذوا وعودا أو عطايا بدون علم مخدوميهم ورضائهم؛ و ذلك لأداء أعمال قد كلفوا بأدائها أو بالامتناع عن القيام بهذه الأعمال1.
وقد يتوافر في الرشوة ما يسمى بالمستفيد وهو شخص يعينه المرتشي أو يوافق على تعيينه للحصول على الفائدة أو العطية موضوع الرشوة. وقد يساهم هذا المستفيد في جريمة الرشوة، بفعل من أفعال الاشتراك فيعتبر شريكا فيها، وإلا فإنه يتعين مساءلته عن جريمة خاصة نصت عليها المادة 18 مكرر عقوبات. وتستلزم جريمة الرشوة لقيامها توافر شرط مفترض يمثل الصفة الواجب توافرها في الجاني، وركنين هما ركن مادي وهو النشاط الإجرامي الذي يتحقق به في نظر القانون معنى الإتجار بالوظيفة واستغلالها، وركن معنوي، وهو القصد الجنائي2.
هذا و قد درج الفقاء الفرنسيون على البحث في الرشوة الإيجابية والرشوة السلبية، كل على حدة، وفقا للخطة التي اتبعها المشرع عندهم.
ثانيا: أركان جريمة الرشوة:
تقوم جريمة الرشوة على ثلاثة أركان: الأول يتعلق بالصفة الخاصة للمرتشي إذ يتعين أن يكون موظفا عاما أو ممن يعدون في حكمه.
والركن المادي: وهو الطلب أو القبول أو الأخذ.
والركن المعنوي أو القصد الجنائي.
الركن الأول: صفة الجاني:
افترض المشرع المصري لوقوع جريمة الرشوة أن يكون المرتشي موظفا عاما أو يدخل في طائفة معينة اعتبرها في حكم الموظفين العموميين.
وقد عرفت المحكمة الإدارية العليا الموظف العام: بأنه الشخص الذي يعين بصفة مستقرة غير عارضة للمساهمة في عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الحكومة المركزية أو السلطات الإدارية المركزية بالطريق المباشر. ويقصد بالسلطات الإدارية المركزية في هذه الصدد: الأشخاص العامة الإقليمية والهيئات ومؤسسات.
ويمكن أن نستخلص ثلاثة شروط لاعتبار الشخص موظفا عاما.
الشرط الأول: أن يساهم الشخص في العمل بمرفق عام.
الشرط الثاني: أن يكون الموظف قائما بعمل دائم.
الشرط الثالث: أن يجري تعيينه بأداة قانونية ومن سلطة تملك ذلك.
لما كان القانون قد جعل مناط الشرط المفترض في صفة الجاني، لا في ممارسة أعمال وظيفته، فإنه لا يحول دون توافر هذا الشرط أن يكون الموظف في إجازة، أو موقوفا عن العمل؛ طالما أن صفته العمومية لا زالت قائمة. على أنه لا تقع الجريمة إذا زالت عنه هذه الصفة وقت ارتكابها إلا إذا مارس أعمال وظيفته على النحو الذي يجعله موظفا فعليا، طبقا لفقه القانون الإداري.
-يلزم أن تتوافر صفة الوظيفة العامة وقت ارتكاب الرشوة. فالجريمة لا تقوم إذا لم يكن الفاعل وقت إتيانه الفعل المادي فيها موظفا عاما أو من يعتبرون في حكمه وفقا للمادة 111 عقوبات. وإذا ما توافرت الصفة وقت ارتكاب الجريمة فليس بشرط أن تستمر إلى وقت اكتشافها أو رفع الدعوى عنها1.
وعلى ذلك فإن انتهاء الخدمة العامة أو الوظيفة العامة بالعزل أو الاستقالة لا يحول دون الاعتداد بالصفة مادامت الجريمة قد وقعت وقت التمتع بها ولا تنقطع صفة الوظيفة العامة بقيام الموظف بإجازته أو بوقفه عن العمل طالما أن الصفة لم تزل عنه.
يوجد استثناء على صفة الموظف العام وهي تطبيق أحكام الرشوة على غير الموظف العام أو من في حكمه.
المشرع ألحق بالموظف العام فئات معينة، ولم يقف عند هذا الحد بل إنه طبق أحكام الرشوة على أفراد لا يعتبرون موظفين عموميين ولا الفئات التي تعد في حكم الموظفين العموميين. ومنه ما نص عليه القانون في المادة 222 في رشوة الأطباء، والمادة 298 بشأن رشوة الشهود. على أنه ما إذا قبل من شهد زورا في دعوى جنائية أو مدنية عطية أو وعدا بشيء ما يحكم عليه هو والمعطي أو من وعجد بالعقوبات المقررة للرشوة.
لكن يشترط لتطبيق هاتين المادتين أن تكون شهادة زور بسبب الرشوة.
الركن الثاني: المادي:
يتحقق ركن المادي بارتكاب نشاط إجرامي معين (الطلب أو القبول أو الأخذ) من أجل تحقيق غرض معين، يتضح فيه معنى الإتجار بالوظيفة أو استغلالها (أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباتها أو أداء عمل يزعم الموظف أنه من أعغمال الوظيفة أوز الامتناع عنه).
والركن المادي يتضمن عناصر وصورا متعددة لها:
(1) الطلب والأخذ والقبول.
تقع هذه الجريمة من الموظف العام المرتشي، وفيها يقوم الجاني بأداء عمل أو الامتناع عن عمل، أو الإخلال بواجبات الوظيفة، وعلى ذلك يتكون الركن المادي لهذه الجريمة من العناصر الآتية:
سلوك من الموظف العام، ويتمثل في شكل طلب أو أخذ أو قبول.
أن يكون موضوع السلوك منصبا على هدية أو عطية أو وعد.
أن تكون العطية أو الوعد بها مقابلا للعمل الوظيفي الذي يقوم به الموظف العام، أو يمتنع عن القيام به، أو قام به فعلا بالمطابقة أو المخالصة لواجبات الوظيفة1.
وعنصر الطلب يكون مجرد طلب شخصي فائدة معينة للإتجار بالوظيفة أو العمل جريمة تامة فيكون هو البادئ بعرض خدمة معينة لقاء مقابل يحصل عليه ولا يشترط أن يلقى الطلب قبولا من جانب صاحب المصلحة. ولما كانت جريمة الرشوة تقتضي في طبيعتها وجود طرفين، الراشي والمرتشي، وقيام إيجاب وقبول، والتقائهما حتى تصبح تعتبر الجريمة قد تمت، فإنه يترتب على هذا أن مجرد الطلب من جانب المرتشي، أو العرض من جانب الراشي يعتبر شروعا في رشوة، إن لم يلقى أيهما قبولا على أن المشرع رأى في تصرف المرتشي ما يمثل خطورة بذاته فجعله جريمة مستقلة، لأنه كشف عن مدى عبثه بمهام وظيفته واتخاذها موضوعا للاتجار، مما قد يترتب عليه إفقاد ثقة الناس في رعاية مصالحهم بوجه حق1.
(2) طلب الوعد أو العطية:
إن خطورة الجريمة تكمن في كل ما يدل على أن الموظف قد باع ذمته فعلا وعبث بواجبات وظيفته عبثا لا نزاع فيه، فتزعزعت به الثقة وهي تمثل مقابلا للعمل الوظيفي الذي يقوم به الموظف، أو يمتنع عن القيام به فعلا.
ونصت المادة 107 على أنه يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك، أو علم ووافق عليه أيا كان اسمها، وسواء كانت فائدة مادية، أو غير مادية2.
وواقعة أخذ العطية في هذه الحالة من حالات الرشوة لا تثير صعوبة تذكر في مجال الإثبات، حيث لا تعدو أن تكون عبارة عن وقائع مادية من قبل الراشي والمرتشي للموظف العام، وبالتالي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات التي يترك للقاضي الجنائي أمر تقديرها.
(3) المكافأة اللاحقة:
نصت المادة 105 من قانون العقوبات على أن كل موظف عمومي قبل من شخص أدى له عملا من أعمال الوظيفة، أو أخل بواجباتها هدية أو عطية بعد تمام العمل أو الامتناع عنه، والإخلال بوظيفته، بقصد المكافأة على ذلك، وبغير اتفاق مسبق- يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه، ولا تزيد عن خمسمائة جنيه. وسبب تخفيف العقوبة في جريمة المكافأة اللاحقة أنها لا تتضمن اتفاق سابق بين الموظف وطالب الخدمة, ولذلك يلزم لتوافر الجريمة أن ينصب القبول على هدية أو عطية وليس على مجرد الوعد بها، وذلك لأن الوعد بعمله على عمل غير مشروع تم دون اتفاق سابق تنتفي بالنسبة له صفة المقابل1.
الأخذ هو التنأول المعجل الفوري للعطية أو الفائدة، إذ العادة أن المرتشي يقتضي ثمن اتجاره بوظيفته عطية حاضرة هذا ما يعنيه المشرع بقوله أخذ، أي أنه تعبير عن الدفع المعجل. وهذه هي الصورة الغالبة في أفعال الإرشاء، ولا عبرة بنوع العطية، ولا الهيئة التي قدمت بها.
ويطلق اسم الرشوة المعجلة على صورة الرشوة التي يكون فيها الموظف قد قبض فعلا ثمن إتجاره بوظيفته واستغلالها.
ويطلق اسم الرشوة المؤجلة على صورة الرشوة إذا تسلم الموظف العطية. فلا عبرة بنوع التسليم، فيستوي أن يكون حقيقيا أو رمزيا ويعتبر أخذ العطية انتفاع الجاني بالعائدة موضوع الرشوة.
(4) الاستجابة لرجاء أو توصية أو وساطة:
تقع الجريمة هذه من كل موظف عمومي قام بعمل من أعمال وظيفته، أو امنتع عن عمل من أعمال وظيفته أو أخل بواجباتها، نتيجة الرجاء أو توصية أو وساطة.
من النادر أن يقوم موظف بعمل من أعمال وظيفته أو يخل بواجباتها إلا بعد رجاء من طالب الخدمة، أو توصية أو وساطة من المعارف والأصدقاء، أو لطالب الخدمة، ويطلق عليه الفساد الإداري بالمحسوبية.
حكمة التجريم:
لا شك أن المصلحة التي أراد المشرع حمايتها في هذه الحالة حسن سير العمل والأداء للوظيفة العامة، بحيث يكون الباعث على الأداء هو الصالح العام، وليست البواعث الفردية المتأتية من الغير والتي تدل عل ىفساد الموظف وعدم قيامه بواجباته إلا بناءا على رجاء أو توصية أو وساطة، مع ما في ذل كمن إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين في الاستفادة من الخدمات العامة، حيث يحصل على الخدمة فقط من قدم الرجاء أو التوصية أو الوساطة للموظف، ويحرم منها من لا يستطيع تقديم ذلك1.
الركن الثالث: القصد الجنائي:
ويقصد به قصد المرتشي والراشي، وإثبات القصد؛ وبما أن جريمة الرشوة جريمة عمدية يتعين أن يتوافر فيها القصد الجنائي. فهل يكتفى بالقصد العام أم بالقصد الخاص؟ ويعرف القصد العام بأنه هو توجيه إرادة الجاني نحو ارتكاب فعل أو الامتناع عن فعل يعلم أن القانون يقرر من أجله العقاب. والقصد الخاص يعرف ويشترط، فضلا عن توافر القصد العام، توفر ثبوت النية نحو تحقيق هدف معين يحدده القانون.
وذهب رأي أنه يجب أن يتوافر لدى المرتشي نية إجرامية خاصة، ولكن الرأي الغالب في الفقه هو أنه يكفي في جريمة المرتشي توافر بالقصد الجنائي العام.
وعلى ذلك قضت محكمة النقض أنه المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة يفعله ذلك لقاء القيام بعمل أو الامنتاع عن عمل من أعمال الوظيفة أو بالإخلال بواجباته، وأنه ثمن لإتجاره بوظيفته أو استغلالها. ويستنتج من هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجباته الوظيفية2.
قصد الراشي يجب أن يكون عارض في رشوة أو شارعا في رشي إلا إذا قصد من عرضه حمل الموظف على أداء عمل من أعمال وظيفته أو امتناع عنه. وبناءا لا يتوفر القصد في حقه إذا كان يجهل أن الموظف المختص1.
إثبات القصد: يثبت بكافة طرق الإثبات، فليس من الضروري أن يفصح عنه المرتشي أو شريكه بقول أو بكتابة، لأنه قد يستنتج القصد من ظروف العطاء وملابساته. وقد حكم على متهم بالإدانة لارتكابه شروعا في الرشوة، وذلك بأن قدم خطابا إلى مدير القلم لإيرادات بلدية الإسكندرية يرجوه فيه أن يقبل منه مبلغ مائة جنيه مصري، وبذيل الخطاب بيان بالشهادات المدرسية التي حصل عليها الطالب. فاعتبرت المحكمة ذلك من أنه لا يدع مجالا للشك في العمل المطلوب أداؤه في مقابل الرشوة المقدمة2.
ثالثا: عقوبة الرشوة:
أولا: عقوبة الراشي:
اقتصر المشرع في المادة 107 مكرر على بيان عقابة الراشي دون التعريف بجريمته. وهو موقف يوضح اتجاه القانون إلى اعتباره شركا في جريمة الرشوة. إلا أن القانون قد عاقب الراشي باعتباره فاعلا أصليا في جريمة مستقلة، هي جريمة عرض الرشوة دون قبولها. وهي جريمة متميزة عن جريمة الرشوة بمعناها الدقيق. لأن الموظف لا يساهم فيها بأي قسط، بل إنه يتعين عدم قبول الرشوة حتى تقع هذه الجريمة1.
واعتبار عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة جريمة خاصة لا يعني أن القانون وضع لها أحكاما خاصة، فهي لا تختلف عن الجريمة التامة إلا في عدم بلوغ الفاعل قصده. فالفاعل يجب أن يتقدم بالعرض، وأن ينصرف قصده إلى حمل هذا الشخص على أداء عمل من أعمال وظيفته، ولو كان العمل حقا أو الامتناع عن عمل من الأعمال المذكورة ولو ظهر أنه غير حق. أو الإخلال بواجبات وظيفته. ويجب أن تكون الرشوة قد أوقفت لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه، وهذا ما يعنيه الشارع بقوله ولو لم تقبل منه، وهي عبارة زائدة لأنها مستفادة من الأحكام العامة للشروع، بل إنها تقتصر عن إحاطة بكل الأسباب التي تحول دون بلوغ الفاعل مقصده، ومنها القبض على الراشي أثناء عرض الرشوة2.
ولا يتحقق الإرشاء إلا باتفاق الراشي مع الموظف المرتشي على تقديم الرشوة غلى هذا الأخير مقابل أداء عمل أو امتناع عن أعمال وظيفته، أو يزعم أنه كذلك، أو الإخلال بواجبات وظيفته. ولا أهمية لكون الراشي هو الذي بادر بعرض الرشوة أن يكون الموظف هو الذي بادره بالطلب. فمتى تم الاتفاق بين الاثنين تعين مساءلة الراشي جنائيا بوصفه شريكا، ولو لم يكن بعد قد قام بتنفيذ ما وعد به، وذلك باعتبار أن مجرد قبول الموظف المرتشي للوعد أو العطية-ولو لم يكن قد أخذ الرشوة بعد- يعتبر وحده كافيا لوقوع الجريمة قانونا. ويستوي أن ينعقد الاتفاق المذكور بين الراشي نفسه والموظف، أو بواسطة من يمثلهما، أي الوسيط.
ويجب أن يحيط الراشي علما بصفة المرتشي، أو أن الرشوة التي عرضها أو قدمها إليه مقابل إتجار هذا الأخير بوظيفته أو استغلاله إياه ولا يقصد من ورائها شراء ذمة الموظف فإن جريمته لا تقع لو قبلها الموظف قاصدا الإتجار بوظيفته أو استغلالها ثمنا لذلك. هذا دون إخلال بمساءلة الموظف عن قصده الجنائي1.
ثانيا: عقوبة الوسيط INTERMEDIARE :
اقتصر قانون العقوبات في المادة 107 مكرر على بيان عقوبة الوسيط دون تعريفه كما فعل بالنسبة للراشي. والوسيط هو كل شخص يتدخل بين الراشي والمرتشي، ممثلا أحدهما لدى الآخر في القيام بدوره لإتمام جريمة الرشوة. ولا شك أن مهمة الوسيط تقتضي منه أن يكون على اتفاق مع من يمثله راشيا أو مرتشيا، أو مع الاثنين معا. ومن ثم فهو لا يعدو أن يكون شريكا في جريمة الرشوة إذا ما تمت بناءا على هذا الاشتراك.
ويجب علينا عدم الخلط بين الوسيط عن المرتشي والمرتشي ذاته، الذي يطلب الرشوة لغيره. الوسيط لا يعدو أن يكون مجرد وسيلة تنقل رغة المرتشي دن حاجة إلى أن يكون مختصا أو زاعما للاختصاص بالعمل المراد أدواؤه مقابل الرشوة. هذا بخلاف المرتشي الذي يطلب الرشوة لغيره مقابل عمل يدخل في اختصاصه الحقيقي أو المزعوم. بحيث أن الوسيط لا يشترط فيه أن يكون موظفا عاما بخلاف المرتشي الذي يجب توافر صفة فيه.
ويتعين لمساءلة الوسيط عن الرشوة التي ساهم فيها أن يعلم بأركان الجريمة التي يريد المساهمة فيها، فيجب أن يحيط علما بصفة الموظف، وأن الذي سيتقاضاه هذا الأخير إنما هو مقابل عمل من أعمال وظيفته. فمثلا إذا اعتقد الوسيط أن العطية التي أخذها نيابة عن موكله هي هدية أو دين فإن مسئوليته عن الاشتراك في الجريمة لا تتحقق قانونا، ولا يشترط أن تتجه نية الوسيط إلى تقديم العطية للمرتشي، بمعنى أنه إذا تدخل بالوساطة قاصدا الاستيلاء لنفسه على الرشوة، لم يحل ذلك د=ون مساءلته جنائيا باعتباره شريكا في الرشوة، وذلك باعتبار أن الرشوة قد تمت بمجرد قبول الرشوة أو أخذها نيابة عن المرتشي. على أن الوضع يبدو مختلفا فيما لو زعم الجاني أنه وسيط للمرتشي وحصل على الرشوة بنية الاحتفاظ بها لنفسه، فهنا لا يخضع الوسيط لأحكام الرشوة لعدم وقوعها قانونا، بل يخضع لحكم جريمة نصب.
والعقوبة الأصلية هي الأشغال المؤبدة، وهي عقوبة صارمة تتعفق مع سياسة القانون رقم 69 لسنة 1953 في محاربة الرشوة وغني عن البيان أن للقاضي أن يخفض العقوبة إلى الحد المسموح به طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات، إذا اقترنت الجريمة بأحد الظروف المخففة التي يرى معها القاضي تخفيف العقاب1.
وتوجد عقوبة تكميلية فرض القانون عقوبتين، هما الغرامة النسبية والمصادرة. وبالنسبة إلى الغرامة النسبية، فقد نصت المادة 103 على أن يعاقب المرتشي بغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به، وطبقا للمادة 44 عقوبات يلزم الجناة إذا تعددوا بهذه الغرامة متضامنين على أنه إذا تعدد المرتشون واختلف نصيب كل منهم في الرشوة، فإن الغرامة الواجب الحكم بها في هذه الحالة تحدد حسب مقدار ما استولى عليه كل من المرتشين، أو ماكان موضوعا لطلبهم أو قبول الرشوة. وإذا دعت رأفة القضاء إلى تخفيف العقوبة الأصلية وفقا للمادة 17، فلا يجوز أن يمتد ذلك إلى الغرامة النسبية وذلك باعتبار أن المادة لا تشتمل غير العقوبات المقيدة للحرية. هذا إلى أن رد مبلغ الرشوة إلى الراشي لا يعفي المرتشي من هذه الغرامة. ذلك باعتبار أنها عقوبة وأن خالطها عنصر التعويض-وليست تعويضا بحتا. والحد الادنى لهذه الغرامة هو الف جنيه حتى ولو كانت قيمة الرشوة أقل أو تعذر تحديدها. والعقوبة التكميلية الثانية هي المصادرة التي تشمل مصادرة النقود أو غيرها من القيم التي كانت موضوعا لجريمة الرشوة. ويتعين لذلك القضاء بالمصادرة عندما يكون لها محل.
وأن المادة 108 عاقبت المستفيد لم تفرق بين رشوة الموظفين العموميين والرشوة في نطاق الاعمال الخاصة، بل وردت عبارة عامة تسري على نوعي الرشوة دون تمييز. حيث تنص المادة سالفة الذكر على أن: “كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشي أو أخذ أو قبل من ذل كمع علمه بسببه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، أو بغرامة مسأوية لقيمة ما أعطي أو وعد به. وذلك إذا لم يكن قد توسط في الرشوة. ويفترض لتطبيق هذا النص ألا يكون وسيطا في الرشوة وإلا اعتبر شريكا فيها وعقب بعقوبتها فيلزم الفعل المادي الواقع منه على أخذ أو قبول شيء مع علمه بأنه عطية أو فائدة ملحوظ في منحها له أن تكون مقابلا لرشوة يرتكبها موظف أو مستخدم يمت إليه بصلة.
يتحقق القصد الجنائي للمستفيد باتجاه إرادته من الرشوة مع علمه بأن سبب الوعد أو العطية هو إتجار الموظف أو استغلاله لوظيفته فإذا جهل المستفيد هذا السبب فلا جريمة في الأمر. ويعاقب الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة مسأوية لقيمة ما أعطي أو وعد به، فضلا عن عقوبة المصادرة طبقا للمادة 110 عقوبات.
رابعا: الحالات التي شدد فيها المشرع العقوبة
وقد شدد المشرع العقوبة في حالتين:
1. إذا كان الغرض من الرشوة الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها. تضاعف الغرامة المقررة لجريمة الرشوة، فيصبح حدها الأدنى ألفي جنيها، وحدها الاقصى ضعف العطية والوعد. ولا أثر لهذا التشديد على العقوبات الأخرى.
2. إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة، أي الإعدام فإنه يجب توقيع هذه العقوبة. ويلاحظ أن القانون لم يعلق تشديد العقاب في هذه الحالة على ارتكاب الجريمة الأشد بالفعل، وإنما يكفي مجرد ارتكاب الرشوة من أجل هذه الجريمة، ومثالها جرائم الاعتداء على أمن الدولة من جهة الخارج المعاقب عليها بالإعدام.
وقد جاء مشروع قانون العقوبات الجديد بسياسة مختلفة في العقاب على الرشوة، إذ خفف العقوبة المقررة لهذه الجريمة، وذلك لعلاج تفشي الرشوة لم تنجح في وقف تيارها بسبب أعمال الجانب الاقتصادي، مما يشكل ضغطا يقتضي الاعتدال في العقوبة.
-عقوبة الراشي والوسيط وبما أنهما ليسا إلا شريكين في جريمة الرشوة ومن ثم يتعين توقيع العقوبة المقررة لجريمة الرشوة وفقا للمادة 41 عقوبات التي نصتل على أن كل من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها. والعقوبة التي نصت على أن كل من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها. والعقوبة المقررة لهم في صورتها البسيطة أو مقترنة بإحدى الطرفين المشددين1.
خامسا: حالات الإعفاء من العقاب في جريمة الرشوة.
نصت المادة 107 مكرر على حالتين يمتنع فيهما العقاب على جريمة الرشوة نظرا لما يؤديه الجاني من خدمة تساعد على كشف هذه الجريمة الخطيرة، والتعريف بفاعلها أو إثباتها ضده. ويقتصر نطاق الأشخاص الذين يتمتعون بالإعفاء من العقاب الراشي والوسيط دون غيرهما من أطراف الجريمة. كما تقول المادة 107 مكرر يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفى الراشي والوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها ويكون الإعفاء من العقاب مسألة موضوعية لا قانونية.
أن العذر المعفي من العقوبة المقررة للرشوة بالمادة 107 مكرر من قانون العقوبات مقصور على حالة وقوع جريمة المرتشي بقبوله الرشوة المعروضة عليه دون حالة امتناع الموظف عن قبول الرشوة . ذلك أن الراشي أو الوسيط يؤدي في الحالة الأولى خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها، والتعريف عن الموظف الذي ارتكبها وتسهيل ارتكاب الجريمة عليه. وهذه العلة التي أدت إلى الإعفاء من عقاب الراشي أو الوسيط منتفية في حالة عدم قبول الموظف الرشوة1.
أن المشرع قد منح الإعفاء الوارد بها للراشي باعتباره طرفا في الجريمة ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط فيها- سواء كان يعمل من جانب الراشي وهو الطالب، أو يعمل من جانب المرتشي، وهو من يتصور وقوعه أحيانا دون أن يمتد الإعفاء للمرتشي. وإذا كان الحكم دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن يوفر في حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشيا وليس وسيطا، فإن ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم لعدم إعفائه من العقاب.
وتوجد حالتان يعفى من العقاب الوسيط أو الراشي وهما على التوالي:
الحالة الأولى: إخبار السلطات بالجريمة
يتمتع الراشي أو الوسيط بالإعفاء من العقوبة إذا أبلغ السلطات بالجريمة. والفرض في هذه الحالة أن الجريمة قد وقعت، إلا أنها لا زالت في طي الكتمان، فيكون لهذا التبليغ فضل تمكين السلطات من كشف الجريمة. أما إذا كانت الجريمة قد وصلت إلى علم السلطات ، فإن مجرد التبليغ في هذه الحالة لا ينتج أثره المطلوب، وهو الإعفاء من العقاب، ويتعين أن تكون السلطة التي تلقت التبليغ بالجريمة المختصة بذلك.
ويمكن إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من الرشوة أي الإعدام فيجوز إعفاء الراشي أو الوسيط من العقاب متى توافرت إحدى حالتي الإعفاء في جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من عقوبات الإخبار بوجود الاتفاق بما اشتركوا فيه قبل وقوع الجريمة المتفق عليها. والإخبار بعد البحث والتحقيق إذا أدى فعلا إلى ضبط الجناة.
الحالة الثانية : الاعتراف بالجريمة :
و الغرض في هذه الحالة أن السلطات قد علمت بالجريمة ، و يجب على المعترف ان يكون صادقا و كاملا يعطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط دون نقص أو تحريف . و إذا اثبت أن الراشي أو الوسيط اغفل في اعترافه بعض وقائع الرشوة بسبب جهله بها فانه لا يمكن اهدار حجة الاعتراف .
و القانون لم يحدد جهة معينة يتعين الاعتراف أمامها المعترف.
و ذهبت محكمة النقض الى انه كان الاعتراف لا تتحقق فائدته الا إذا كان حاصلا لدى جهة الحكم ، فانه إذا حصل لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الاعطاء و نحن نؤيد هذا القضاء.
و يمكن ان نقول ان انكار الراشي أو الوسيط في التحقيقات الأولية لا يسلبه فرصة التمتع بالاعفاء من العقاب و له ان يعترف بذلك الى ما قبل انتهاء المحاكمة امام قضاء الموضوع و لايجوز التمسك باعتراف بعد قفل باب المرافعة الا إذا رات المحكمة فتح باب المرافعة للاستماع اليه.
عدم جواز تعويض الراشي :
أوجب القانون مصادرة العطية المقدمة من الراشي الى المرتشي من ثم فلا يجوز بداهة ان يطلب استراداها
و قد رفضت محكمة النقض من جواز الراشي ان يدعو مدينا قبل المرتشي بتعويض عن الضرر الذي اصابه بسبب ارتكاب جريمة الرشوة .
و ذلك لانه لا يحق للراشي المطالبة بتعويض عن جريمة ساهم هو في ارتكابها و ذلك لان خطا الراشي وحده هو الذي ادى الى ما لحقه من ضرر.
المبحث الثاني: الجرائم الملحقة بالرشوة و سبل مكافحة جريمة الرشوة :
ألحق قانون العقوبات بجريمة الرشوة لفيفا من الجرائم المشابهة لها و التي تشترك معها في وحدة الهدف ، و هو محاربة الفساد و توفير النزاهة الكاملة في أداء الوظيفة العامة و الخاصة .
و تنص على ذلك المادة 109 مكرر مع عدم الاخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون العقوبات أو اي قانون اخر يعاقب بالحبس و بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ، أو باحدى هاتين العقوبتين كل من عرض أو قبل وساطة في رشوة و لم يتعد عمله العرض أو القبول . فإذا وقع ذلك من موظف عمومي فيعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 و إذا كان ذلك بقصد الوساطة لدى موظف عمومي يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 105 مكرر .
و الجرائم المتعلقة بالرشوة هي:
1. الاستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة
2. رشوة المستخدمين في محيط الأعمال الخاصة
3. استغلال النفوذ
4. عرض الرشوة دون قبولها
5. عرض الوساطة أو قبولها
6. الاستفادة من الرشوة
و سوف نتطرق فيما يلي لكل حالة على حدة:
أولا : الاستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة :
تشتبه هذه الجريمة مع جريمة الرشوة في طبيعة النشاط الذي اريد من الموظف اداءه مقابل الرشوة ، وهو اداء عمل من اعمال الوظيفة أو الامتناع عنه أو الاخلال بواجبات الوظيفة ، و تتم هذه الجريمة إذا نفذ الموظف فعلا العمل أو امتنع أو اخل بواجبات الوظيفة
اركان هذه الجريمة تتوافر في ثلاثة اركان و هم :
الشرط المفترض المتعلق بصفة الجاني، و يكون موظف عام أو من في حكمه .
• الركن المادي والركن المعنوي:
و الركن المادي يتوافر بعنصرين :
أولهما : الرجاء أو الوساطة أو التوصية :
والرجاء يتحقق بواسطة صاحب المصلحة مباشرة أو دعوته في تزلف الى قضاء الحاجه.
الوساطة تتحقق في صورة رجاء أو طلب أوامر يؤديه الغير الى صاحب المصلحة .
الأمر أو الطلب تتحقق في حالة اخلال الموظف بواجباته استجابة لأمر أو طلب صادر ممن يملك سلطة عليه
التوصية:
فلا تعدوان تكون احدى صور الوساطة التي تصدر من شخص ذي نفوذ أو حيثية على الموظف فيتدخل عنده طالبا قضاء حاجه معينة و غالبا ماتكون في صورة مكتوبة .
ثانيهما : الاستجابة للرجاء أو الوساطة أو التوصية :
بما ان المصلحة العامة تقضي على الموظف بان يؤجي اعمال وظيفته فإذا قصر في ذلك و رجاه صاحب الشأن أو جاءه بوساطة أو توصية من اجل ان يؤدي واجبه، فاستدجاب الموظف لذلك و ادى العمل المطلوب لم يكن من المستساغ المعاقبة على الموظف.
و يجب ان نميز بين نوعين من الاستجابة تتعلق بعمل يدخل في حدود السلطة التقديرية للوظيفة .
و استجابة تتعلق بعمل يدخل في حدود السلطة المقيدة للوظيفة .
و بالنسبة لاستجابة تتعلق بعمل يدخل في حدود السلطة التقديرية ، فقد يمنح القانون الموظف سلطة معينة تخول مباشرة حل معين من عدة حلول معينة يستطيع القيام باحداهما كيفما شاء في حدود المصلحة العامة.
اما في حالة السلطة المقيدة يلزم القانون الموظف مباشرة عمل معين أو الامتناع عن مباشرته أو يلزمه عند مباشرة العمل بمراعاة طريقة معينة أو وقت معين فانه يتعين على الموظف ان يباشر حلا واحدا معينا دون غيره من الحلول والا اعتبر مخالفا للقانون و في هذه الحالة لا اهمية لاثر الرجاء أو الوساطة أو التوصية، مادام ان العمل الذي اداه استجابة لذلك هو عمل مفروض قانونا على الموظف.
وموظف الذي يخل بواجبات وظيفته استجابة للرجاء أو الوساطة أو التوصية هو فاعل اصلي في الجريمة المنصوص عليها في المادة 105 مكررا .
و الراجي أو الوسيط أو الموصي فهم شركاء في جريمة بطريقة التحريض بالاتفاق متى استجاب الموظف الى رجاءه أو توصيته .
الركن المعنوي : بما ان هذه الجريمة عمدية يتعين توافر القصد العام فلا يتوافر القصد إذا اخل الموظف بواجبات وظيفته غير عالم بما يبذله صاحب الشان من رجاء أو وساطة أو توصية.
القانون لا يعاقب على هذه الجريمة بطريق الخطأ غير عمدي ، و العقوبة المقررة هي عقوبة تكميلية وجوبية و لا يوجد استفادة بالاعفاء من العقاب المنصوص في الماده 107 مكررا .
ثانيا: الرشوة في محيط القطاع الخاص كما تنص عليها المادة 106 عقوبات :
يجب ان يكون الجاني موظفا في مشروع خاص أو لدى احد الافراد ايا كانت صفته في العمل الذي يؤديه طالما ارتبط بعلاقة تبعية مع المشروع الخاص .
ولا يشترط ان يكون تبعية دائمة بل يمكن ان تكفي تبعية مؤقتة و لو كانت لبضع ساعات و منهم الخدم و غيرهم من توابع الأفراد .
الركن المادي في هذه الجريمة يتوافر بثلاثة عناصر هم :
1. الطلب أو القبول أو الاخذ (للوعد أو العطية)
2. سبب الرشوة وهو اداء العمل أو الامتناع عنه .
3. ان يتم ذلك بغير علم و رضاء صاحب العمل .
و يمكن لنا ان نذكر مثالا على هذه الجريمة و هو اداء عمل مدير الفندق الذي يقبل مبلغ من النقود لتمكين احد الزبائن من الاقامة بالفندق.
الركن المعنوي: جريمة عمدية يتطلب القانون توافر القصد الجنائي العام و لا توجد جريمة إذا قبل الرشوة معتقدا ان صاحب المحل قد سمح له بها .
و هذه الجريمة تهدد المصلحة العامة ذاتها لانها تقتضي على حماية سمعة الوظيفة العامة و الحرص على هيبتها .
أو يجب أن نتطرق إلى الرشوة في محيط الشركات المساهمة و ما إليها ، و يجب أيضا أن يتوافر ثلاثة أركان و هم :
الشرط المفترض ، و أن يكون الجاني عضوا بمجلس الادارة أو مديرا أو مستخدما في إحدى هذه الهيئات أو الشركات المساهمة أو الجمعيات التعأونية المتميزة قانونا ذات نفع عام .
و الركن المادي فيها ينطبق عليها أحكام الرشوة في نطاق الوظائف العامة على هذه الجريمة فتقع الجريمة بمجرد الطلب أو القبول أو الأخذ ويستوي أن يكون الموظف مختصا أو زاعما بالاختصاص أو معتقدا اخطأ به .
الركن المعنوي ، و يكتفي توافر القصد العام و بما عنت به المادة 106 مكرر (أ) و يعاقب الراشي و الوسيط باعقوبة المقررة للجريمة و فقا لقواعد الاشتراك كما يتمتعان بحالتي الاعفاء من العقاب عند توافرهما .
ثالثا : استغلال النفوذ :
لا يشترط القانون صفة معينة في الجاني ، فيجوز أن يرتكب استغلال النفوذ أي فرد من آحآد الناس . و جعل المشرع صفة الموظف العام أو من في حكمها ظرفا مشددا للعقاب.
و لتطبيق هذه الجريمة أن يطلب الفاعل لنفسه أو لغيره أو يأخذ وعدا أو عطية تذرعا بنفوذه الحقيقي أو المزعوم بغرض الحصول على مزية للغير من أي سلطة عامة.و يجب على الجاني أن يتذرع بنفوذ معين يستطيع بمقتضاه الحصول أو المحأولة و الحصول على ميزة من سلطة عامة . و يكون الغرض من التذرع بالنفوذ بغرض الحصول على أو محأولة الحصول من أي سلطة عامة على شيء
و لا تقع جريمة استغلال النفوذ إذا كان السعي لدى جهة خاصة و أيضا يجب توافر القصد العام لأنها جريمة عمدية و أن تتجه نية الجاني إلى استعمال النفوذ الذي تذرع به .
رابعا : عرض الرشوة دون قبولها:
و تتحقق هذه الجريمة بتوافر عنصرين ، أولهما عرض الرشوة و ثانيهما عدم قبولها .
و يشترط في هذه الجريمة أن يكون مقابل سبب معين و هو أداء العمل أو الامتناع عنه ، أو الاخلال بالواجبات الوظيفية ، وهو ما يتطلبه القانون لوقوع جريمة الرشوة .
عنصر عدم قبول الرشوة يمثل جوهر هذه الجريمة الذي يميزها عن فعل الارتشاء و يتحقق برفض الموظف قبول الرشوة أو أخذها أو بالقبول الظاهري فير الجدي للرشوة تمهيدا لتمكين السلطات من ضبطه متلبسا.
وينطبق على هذه الجريمة مثل كافة الجرائم من توافر القصد العام ، أي أن تتجه نية الجاني إلى عرض الرشوة لحمله على قبول الرشوة من أجل تحقيق أحد الأغراض التي نص عليها القانون في مواد الرشوة مع علمه بذلك و لا يكفي بالباعث مشروعا أو غير مشروع .
و مشرع قدر عقوبة مخففة في حالة عرض الرشوة على موظف عام أو من في حكمه ، حيث أن هذه العقوبة تقل كثيرا عن المقررة للارشاد .
أما في حالة عرض الرشوة على موظف عام أو من في حكمه و جاء بعقوبة المقررة لجريمة رشوة المستخدمين في نطاق الأعمال الخاصة عدا الغرامة التي خفضت حدها الأقصى فجعلها مائتين بدلا من خمسمائة .
خامسا : عرض الوساطة أو قبولها :
و تتمثل هذه الجريمة في عنصرين يجيب توافرهما :
1. عرض الوساطة
2. قبول الوساطة
و يتحقق بتقدم الجاني إلى صاحب الحاجة أو إلى الموظف العام أو إلى المستخدم في المشروع الخاص عارضا عليه التوسط لمصلحته لدى الغير ، و تقع هذه الجريمة بمجرد قبول الوسيط حتى ولو لم يتبعه الوسيط بنشاط اجامي آخر .
ويجب توافر القصد العام لكي تتم هذه الجريمة في صورتها الكاملة ، و قد شدد المشرع عقوبة الجاني إذا كان موظفا عاما أو أن يكون المراد التوسط لديه الموظف العام.
سادسا : الاستفادة من الرشوة :
كما نصت المادة 108 مكرراً عقوبات على هذه الجريمة .
و المستفيد من الرشوة هو الذي عينه المرتشي للحصول على الرشوة أو وافق المرتشي على تعينه . و إذا علم الموظف بتقاضي المستفيد للرشوة فلم يضر الراشي على ذلك فلا تقع أي من جريمتي الرشوة أو الاستفادة .
و يجب لتجريم الاستفادة من الرشوة أن تكون جريمة الرشوة قد وقعت قانونا .
وأن المادة 108 مكرر لم تخرق في عقوبة الستفيد بين رشوة الموظفين العموميين و الرشوة في نطاق الأعمال الخاصة بل أوردت عبارة عامة تسري على نوعي الرشوة دون تمييز .
ويجب على المستفيد أن يكون قد أخذ الفائدة أو العطية أو قبلها ، و إذا قام الوسيط بالتوسط في الرشوة تعين مساءلته باعتباره وسيطا فضلا عن اعتباره مستفيدا .
و يجب توافر القصد الجنائي لدى المستفيد و يكون بإتجاه ارادته من الرشوة مع علمه بأن سبب الوعد من أو العطية هو انجاز الموظف أو استغلاله لوظيفته .
و المشرع رأى تخفيف العقوبة على المستفيد و تجنيبه الغرامة التي تتصف بها عقوبة الرشوة
سبل مكافحة جريمة الرشوة :
السبل الكفيلة أو للتخفيف من هذه الظاهرة المرضية ، و ذلك من خلال :
1. يجب أن تتوافر رقابة فعالة على الموظفين ، و ذلك من خلال اسناد مناصب الادارة و القيادة إلى اشخاص يتمتعون بحس عال من المسؤلية ، حتى يكونوا قدوة حسنة لمن هم أدنى منهم درجة ، و تكون الرقابة من خلال جهاز للرقابة و التفتيش يعمل بشكل مستقل لمراقبة تصرفات الموظفين بشكل دائم .
2. يجب أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، و ذلك لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص و المسأواة أمام جميع المواطنين و تكون عملية الاختيار والتعيين في الوظيفة على أساس الكفاءة و المقدرة و ليست على أساس الوساطة و المحسوبية و الرشأوى .
3. تطبيق مبدأ الثواب و العقاب : أي أن تتم محاسبة كافة المرتشين و الفاسدين و صرفهم من الخدمة ، أما من ثبتت نزاهته يتم مكافأته و ترقيته .
4. تحسين الوضع الاقتصادي للموظفين ، لأن أهم سبب في انتشار هذه الجريمة هو المرتبات المتدنية التي لا تتناسب مع متطلبات المعيشة و الغلاء في الأسعار .
5. التوزيع العادل للدخل القومي والثروات : و ذلك من خلال سياسة ضريبية عادلة و تطوير الأنظمة و القوانين الاقتصادية .
6. يجب تربية أفراد المجتمع تربية أخلاقية و دينية
7. تحسين مستوى الوعي العام
8. التشديد في عقوبة الرشوة ، و يجب التشديد في شقها الاجتماعي والقانوني.
التعليق على جريمة الرشوة في القانون المصري .
بعد استعراض تنظيم المشرع المصري لأحكام الرشوة و العقوبات المقررة لها يتبين لنا أن المشرع المصري قد أنتجه منهج شاملا في تحريم كافة صور و أفعال الرشوة بغيه حماية الصالح العام و منع أي اتجار بالوظيفة العامة من اجل كفالة نظام كفالة نظام إداري يقوم على العدالة و المسأواة و منع الفساد اللا انتا لنا بعض التحفظات على التنظيم التشريعي على أحكام الرشوة في القانون المصري و هي .
أولا : نص المشرع المصري على أعضاء الراشي و الوسيط طبقا لنص المادة 107 مكرر و بما ان قدتم شرح هذه المادة فنخيل إليها منعا للتكرار .
إلا أن أعضاء الراشي و الوسيط من جريمة الرشوة سوف يساعد على تكرار الجريمة و توسعتها و ذلك لأن كل جريمة يقوم فيها الراشي و الوسيط بحالات أعضاء فإنها تكون مجازفة كبيرة لتكرار العملية . و يجب أن يوجد تدابير ملزمة لعدم رجوع الراشي و الوسيط لتكرار هذه الجريمة .
المادة 108 مكرر عاقبت المستفيد لم رشوة الموظفين لعموميين و الرشوة في نطاق أعمال الخاصة بل إنها أوردت عبارة عامة تسري على نوعي الرشوة بدون تمييز إلا أن هذا النص جاء معيبا إذا جعل عقوبة المستفيد من الرشوة في نطاق أعمال الخاصة اشد من المرتشي و هو ما يجب تداركه بالتعديل التشريعي .
و حيث أن المادة 108 مكرر تقتصر على الموظفين العموميين وحدهم .
الفصل الثاني
جريمة الرشوة في اتفاقية الدولية لمكافحة الفساد
اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد تعلقها خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وامنها، ويقلقها سائر اشكال الجريمة وخصوصا الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية ويقلقها ايضا حالات الفساد.
وتوجد اتفاقية البلدان الامريكية لمكافحة الفساد التى اعتمدتها منظمة الدول الامريكية في 29/3/1996 وتوجد اتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الاوروبية او موظفي الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي التى اعتمدها مجلس الاتحاد الاوروربي في 26/5/1997 واتفاقية رشو الموظفين العموميين الاجانب في المعاملات التجارية الدولية والتى اعتمدتها المنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في 21/11/1997 وتوجد اتفاقية القانون الجنائي بشان الفساد التى اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس اوروبا في 27/1/1999، وتوجد اتفاقية الاتحاد الافريقي لمنع الفساد ومحاربته التى اعتمدها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في 12/6/2003 ودولة الولايات المتحدة تقول ان محاربة الرشوة لها تاثيرا ايجابيا وبما ان خمسة وثلاثين الدولة الموقعة على اتفاقية امم المتحدة قد وقعت المحاربة الرشوة.
وقد قالت وزارة التجارة الامريكية في تقرير رفعته الى الكونغرس حول تطبيق اتفاقية منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي لمكافحة الرشوة الموظفين الحكوميين الاجانب في الصفقات التجارية الدولية اصبحت سارية هذه الاتفاقية في شهر فبراير 1999 وتضم 30 دولة وبالاضافة الى دول غير اعضاء فيها وهم الارجنتين والبرازيل وبلغاريا وتشيلي وسلوفينا.
وقامت كل من دولتين كوريا الجنوبية والسويد باصدار احكام بالذنب وفقا لقوانينهما الخاصة بتطبيق قوانين الرشوة موظف حكومي اجنبي .
وبما ان الفساد يلتهم ثروات الشعوب ويعيق الاستثمار وبخفض من نوعية الخدمات الاساسية التي يتلقاها المواطن كالصحة والتعليم وفي ظل نمو التوافق الدولي على ضرورة التكاتف من اجل مواجهة هذه الظاهرة العبارة للحدود بدات الدول العالم، الفقيرة منها والغنية بالعمل الجاد من اجل تعزيز قدراتها لمكافحة الفساد من خلال اصلاح التشريعات والتنظيمات وبناء المؤسسات وتدريب الكوادر البشرية وتعزيز التعاون الدولي لذلك جاءت الاتفاقية والتى تتبعها الجمعية العامة في 31/10/2003 ودخلت حيز النفاذ في 14/12/2005 وتم تصديق على هذه الاتفاقية 103 دولة من بينهم 11 دولة عربية وهم الاردن والامارات العربية المتحدة والجزائر وجيبوتي وقطر والكويت وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن.
وبما أن موضوعنا هو الرشوة في الاتفاقية امم المتحدة لمكافحة الفساد فتندرج تحت الفصل الثالث من الاتفاقية والخاص بالتجريم واتقان القانون وهما المادتان 15 و 16 الخاصه بالرشوة الموظف العام ورشوة الموظف الأجنبي كما تنص المادة 21 من الإتفاقية الرشوة في القطاع الخاص فسوف نوالى دراسه ثلاثه مواد المتعلقة بجريمة الرشوة ومناقشتهم وهى على التوالي.
المبحث الأول: التعليق على المادة 15 و 16 من الاتفاقية.
المبحث الثاني: التعليق على المادة 21 من الاتفاقية.
المبحث الأول: رشوة الموظفين العموميين الوطنيين طبقاً للإتفاقية:
تضمن الفصل الثالث من الاتفاقيه الامم المتحدة لمكافحة الفساد في المادة 15 تحت عنوان التجريم واتخاذ القانون لجريمة الرشوة في القطاع العام و تعتبر المادة 15 هى صورة تقليدية للرشوة أنها تقع من موظف عام وطنى حيث تنص المادة 15 على:
رشوة الموظفين العموميين الوطنيين تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال التالية عندما ترتكب عمداً.
( أ ) وعد موظف عمومي بجزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما عليه من أداء واجباته الرسمية.
(ب) التماس موظف عمومي أو قبوله بشكل مباشر أو غير مباشر، مزيه غير مستحقه سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان أخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واحياته الرسميه.
وبما أن الاتفاقيه قد عرفت الموظف العام ضمن نصوص موادها فتعرفه طبقاً للمادة (2) بانه يقصد بتعبير الموظف العام أي شخص يشغل منصباً تشريعاً أو تنفيذياً أو إدارياً أو قضائياً لدى دولة طرف سواء اكان معيناً أو منتخباً دائماً أو مؤقتاً مدفع الاجر أم غير مدفوع الأجر بصرف النظر عن أقدميه ذلك الشخص.
أي شخص أخر يؤدي وظيفه عموميه بما في ذلك الصالح العام أو منشأة عموميه أو يقوك خدمه عموميه حسب التعريف الوارد في القانون الداخلي للدولة الطرف حسب ما هو مطبق في المجال القانوني ذي الصله لدى تلك الدولى الطرف.
أي شخص أخر معرف بأنه موظف عام في القانون الداخلي للدولة الطرف بيد أنه لأغراض بعض التدابير المعينه الوارده في الفصل الثاني من هذه الاتفاقيه يجوز أن يقصد بتعبير موظف عام أي شخص يؤدي وظيفه عموميه أو يقدم خدمه عموميه حسب التعريف الوارد في القانون الداخلي للطرف وحسب ما هو مطبق في المجال المعنى من قانون تلك الدولة الطرف.
وحيث أن المادة 15 تجرم فيها فعل كل من وعد موظف عمومي بمزيه غير مستحقه أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان أخر لكي يقوم الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدي أداء واجباته الرسمية والرشوة التى يجرم فيها سلوك الموظف وهو التماس موظف عمومي أو قبوله بشكل مباشر أو غير مباشر مزيه غير مستحقه سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان أخر لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية.
والاتفاقيه حاولت قدر الإمكان من التوسع في مفهوم الموظف العام وذلك لمكافحه الفساد وهو الأمر نفسه الذي حرص عليه بخدمه عامة في الفقرة (2) المادة (19) من قانون العقوبات فجاء بتعريض واسع ليشمل جميع ما جاءت به الاتفاقيه من فقرات وحسنا فعل المشرع بشأن ذلك.
وجريمه الرشوة هى مثل كل الجرائم الفسام الأخرى المشمولة بالاتفاقيه هى جريمه عمديه ويعني ذلك أن لابد لقيامها قانوناً توافر عناصر العمد وهى عناصر القصد الجرمي والذي يتمثل بالعلم والإرادة.
وكما عرفت الاتفاقيه أمم المتحدة لمكافحة الفساد كما تنص الفقرة (ب) من المادة 2 يقصد بتعبير موظف عمومي أجنبي أي شخص يشغل منصباً تشريعاً أو تنفيذياً أو إدارياً أو قضايا لدى أجنبي سواء أكان معيناً أم منتخباً وأي شخص يمارس وظيفه عموميه لصالح بلد أجنبي بما في ذلك لصالح جهاز عمومي أو منشأة عموميه.
والفقرة (ج) تنص من نفس المادة يقصد بتعبير موظف مؤسسه دولية عموميه مستخدم مدني دولي او أي شخص تأذن له مؤسسه من هذا القبيل بأن يتصرف نيابه عنها.
كما تنص المادة 16 رشو الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية.
على تعتمد كل دولة ظرف ما قد يلزم من تدابير تشريعيه وتدابير أخرى لتجريم القيام عمدا، بوعد موظف عمومي أجبني أو موظفي مؤسسه دوليه عموميه بمزيه غير مستحقه أو عرضها عليه أو منحه إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان أخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى آداء واجباته الرسميه من أجل الحصول على منفعه تجاريه أو أي مزيه غير مستحقه أخرى او الاحتفاظ أو الاحتفاظ بها فيها يتعلق بتصريف الاعمال التجاريه الدولية.
2- تنظر كل دولة طرف في إعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعيه وتدابير أخرى لتحريم قيام موظفي عمومي أجنبي أو موظفي في مؤسسة دوليه عموميه عمداً، بشكل مباشر أو غير مباشر بالتماس أو قبول مزيه غير مستحقه سواء لصالح الموظفي نفسه أو لصالح شخص أو كيان أخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسميه.
وبما لا تختلف النموذج القانوني لهذه الجريمه عن رشوة الموظف العام الوطني، المنصوص عليها في المادة (15) الا فيما يتعلق بعنصرين ما صفه الفاعل في الجريمه ومقابل الرشوة. وفيماً يتعلق بصفه الفاعل في الجريمه فالمرتشي هو كل من تتوافر فيه صفه الموظف العام الاجنبي أو الموظف الدولي.
ولاشك أن إضافه الموظفين العمومييم الاجانب والدوليين في إمكانية مساءلتهم كما يرتكبونه من جرائم الرشوة وذلك استجابه لما هو حاصل في الوقت الحاضر من تشابك وتداخل العلاقات والأنشطة بين المؤسسات الدولية والدول من ناحيه وبين الكيانات الاقتصادية الدولية وغيرها من الكيانات الأخرى والمجتمعات والذي يميز الرشوة الموظفي العام الأجنبي أو الدولي فيتمثل في مقابل الاتجار بالعمل الوظيفي واستغلاله وهو الحصول على منفعه تجاريه أو الاحتفاظ بها.
وبما أن الاتفاقيه لأمم المتحدة لمكافحة الفساد تتضمن بنوداً واسعه النطاق فإنها تركز على التصدي الفساد في القطاع العام.
وقد نصت اتفاقيه منظمه التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي عام 1997 بشأن مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في المعاملات التجاريه الدولية وهى أن تنفذ الأطراف تدابير السياسات الراميه الى منع الرشوة للموظفين العموميين الأجانب والتحقيق فيها وملاحظه مرتكبيها وفرض جزاءات عليه ويتعين كلما أمكن أن يتم بموجب النظام القانوني المحلي للطرف المعنى اخضاع الرشاوي وعائداتها للضبط والمصادرة كما تحدد الاتفاقيه آليه من مرحلتين لأنداد وهى مرحله الأولي: استعراض وتقييم تنفيذ الاتفاقيه في القوانين واللوائح المحليه للأطراف بغيه تحديد ما اذا كانت الأطراف تفي بمعاييرها الدنيا والمرحلة الثانيه يتم إنشاء فريق كامل لتقدير مدى تطبيق أطراف قوانينها من أجل مكافحة الرشوة وان هذه اتفاقيه من أكثر الصكوك الدولية لمكافحة الفساد تأثيراً.(1)
بما أن الرشوة تتولد وذلك بسبب الأفراد والشركات أوالمؤسسات التى تكون على استعداد للدفع مقابل الحصول على المنافع وتجنب التكاليف وحيث أن الفساد الواسع الانتشار عرض لمرض وليس المرض ذاته وبالتالي فإن مكافحة الفساد ليست هدفاً في حد ذاته فحسب وإنما بإثاره التشويهيه على التنمية والمجتمع وبما أن الفساد الواسع انتشار فإنه يدل على حدوث خطأ ما في العلاقه بين الدولة والمجتمع.
وحيث أن الرشوة الموظفين المؤسسات الدولية العموميه تتعلق بالمعاملات التجاريه الدولية.
ولا أن اتفاقيه أمم المتحدة لمكافحة الفساد لم تترك الأمر عند هذا الحد بخصوص جريمه الرشوة طبقاً لنص المادة 7 بخصوص القطاع العام والموظفيين العموميين بحيث تنص:- على كل دولة طرف في اتفاقيه ووفقاً للمبادئ أساسية لنظامها القانوني الى اعتماد وترسيخ وتدعيم نظم لتوظيفي المستخدمين المدنين وغيرهم من الموظفين العموميين غير منتخبين عند الاقتضاء واستخدامهم واستبقائهم وترقيتهم واحالتهم على التقاعد وتتسم بأنها.
تقوم على مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعي مثل الجدارة والانصاف والأهليه.
تشتمل على إجراءات مناسبه لإختيار وتدريب أفراد لتولي مناصب العموميه التى تعتبر عرضه للفساد بصفه خاصه وضمان تناوبهم على المناصب عند الاقتضاء.
وتشجع على تقديم أجور كافيه ووضع جداول أجور منصفه مع مراعاه مستوى النمو الاقتصادي للدولة الطرف المعينه.
تشجيع على وضع برامج تعليميه وتدريبه لتمكيم اولئك الموظفين من الوفاء بمتطلبات الاداء الصحيح والمشرف والسليم للوظائف العموميه، وتوفير لهم التدريب المتخصص والمناسب من أجل اذكاء وعيهم بمخاطر الفساد الملازمة لأداء وظائفهم ويجوز أن تشير هذه البرامج الى مدونات أو معايير سلوكيه في المجالات التى تنطبق عليها.
2- تنظر كل دولة طرف أيضاً في اعتماد تدابير تشريعيه وإداريه مناسبه بما يتوافق مع اهداف هذه الاتفاقيه ووفقاً للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي لوضع معايير تتعلق بالتشريح للمناصب العموميه وانتخاب شاغليها.
3- تنظر كل دولة طرف أيضاً في اتخاذ التدابير التشريعيه والإدارية لمناسبة بما يتسق مع اهداف هذه الاتفاقيه ووفقاً للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، لتعزيز الشفافية في تمويل الترشيحات لإنتخاب شاغلي المناصب العموميه وفي تمويل الأحزاب السياسيه حيثما انبطق الحال.
4- تسعى كل دولة طرف، وفقاً للمبادىء الأساسية لقانونها الداخلى إلى إعتماد وترسيخ وتدعيم نظم تعزيز الشفافية وتمنع تضارب المصالح.
وقد ذكرت وزارة التجارة فى تقريرها أن مستوى تطبيق اتفاقية مكافحة الرشوة غير متماثل بل يتباين فى الأماكن المختلفة.
وقد تناول التقرير السنوى السادس والنهائى وفقاً لقانون مكافحة الرشوة الدولية والمنافسة النزيهة لعام 1998 مدى التقدم الذى أحرزته الأطراف فى تطبيق وفرض اتفاقسة منظمة التنمية والتعاون الإقتصادى لمكافحة رشوة الموظفين الحكوميين الأجانب فى الصفقات التجارية.
وتواصل الولايات المتحدة على حث أطراف على معالجة الادعاءات المعقولة برشوة موظفين حكوميين أجانب وعندما يتم تلقى معلومات تتعلق بكمليات الرشوة قد تقع ضمن السلطة القضائية لطرف من أطراف الإتفاقية فإنه سيتم تقديم معلومات يالشكل الملائم إلى السلطات القومية المعينة لإتخاذ إجراءات بشأنها(1)
وقد أكدت كل من الدول 35 الموقعين على إتفاقية مكافحة الرشوة ان الرشاوى المقدمة لموظفين حكوميين أجانب ليست نعفاه من الضريبة ورغم الخطوات الإيجابية المهمة التى إتخذتها أطراف فى الإتفاقية لرفض أعضاء المبالغ المدفوعة كرشاوى من الضريبة، فإنه قد يقلقنا من أن مزاولة اقتطاع الرشاوى من المبالغ الخاضعة للضرائب مازالت قائمة ويحتاج الأمر إلى مراقبة دقيقة لضمان كونه يتم بالفعل تطبيق القوانين، وستواصل الولايات المتحدة لعب دور نشط فى هذا الجهد وتواصل تأييد استراتيجية توسعة حذره وتدرجيه.
وأيضاً ستواصل الولايات المتحدة تشجيع الحكومات الآخرى على زيادة الوعى الجمهوري ضمن نطاق دولها وستحث الحكومات الأخرى على زيادة الوعى بالاتفاقية وبالقوانين القومية فى أوساطها التجارية. وتطبيق برامج إذعان خاصة بالشركات لتعزيز التقييد بالقوانين الموضوعية ضد رشوة الأجانب.
المبحث الثانى: الرشوة فى القطاع الخاص.
قد نصت الإتفاقية الدولية لمكافحة الفساد أن ااخذ كل دولة طرف وفقاً لمبادئها أساسية تدابير لمنع ضلوع القطاع الخاص فى الفساد وتفرض عقوبات متناسبة وفعالة ورادعه على عدم امتثال لهذه التدابير .
وقد نصت المادة 12 من اتفاقية على:
1- تتخذ كل دولة طرف وفقاً للمبادىء الأساسية لقانونها الداخلى، تدابير لمنع ضلوع القطاع الخاص فى الفساد ولتعزيز معايير المحاسبة ومراجعة الحسابات فى القطاع الخاص وتفرض عند الأقتضاء عقوبات مدنية أو إدارية أو جنائية تكون فعالة ومتناسبة ورادعه على عدم الأمتثال لهذه التدابير.
2- يجوز أن تتضمن التدابير الرامية إلى تحقيق هذه الغايات مايلى:
أ- تعزيز التعاون بين أجهزة انفاذ القانون وكيانات القطاع الخاص ذات الصلة.
ب- العمل على وضع معايير وإجراءات تستهدف صون نزاهة كيانات القطاع الخاص ذات الصلة، بما فى ذلك ومنع وضع مدونات قواعد سلوك من أجل قيام المنشآت التجارية وجميع المهن ذات الصلة بممارسة انشطتها على وجه صحيح ومشرف وسليم ومنع تضارب المصالح ومن أجل ترويج استخدام الممارسات التجارية الحسنة بين المنشآت التجارية وفى العلاقات التعاقدية بين تلك المنشآت والدولة.
جـ- تعزيز الشفافية بين كيانات القطاع الخاص، بما فى ذلك إتخاذ تدابير عند الاقتضاء بشأن هوية الشخصيات الاعتبارية والطبيعية الضالعة فى إنشاء وإدارة الشركات.
د- منع إساءة استخدام الإجراءات التى تنظم نشاط كيانات القطاع الخاص بما فى ذلك الإجراءات المتعلقة بالاعانات والرخص التى تمنحها السلطات العمومية للأنشطة التجارية.
هـ- منع تضارب المصالح بفرض قيود، حسب الاقتضاء ولفترة زمنية معقولة على ممارسة الموظفين العموميين السابقين انشطة مهنية او على عمل الموظفين العموميين في القطاع الخاص بعد استقالتهم او تقاعدهم ، عندما تكون لتلك الانشطة او ذلك العمل صلة مباشرة بالوظائف التى تولاها اولئك الموظفون العموميين او اشرفوا عليها اثناء مدة خدمتهم.
و- ضمان ان تكون لدى منشات القطاع الخاص، مع اخذ بنيتها وحجمها بعين الاعتبار، ضوابط كافية لمراجعة الحسابات داخليا تساعد على منع افعال الفساد وكشقها وضمان ان تكون حسابات منشات القطاع الخاص هذه وبياناتها المالية اللازمة خاضعة لاجراءات مراجعة حسابات وتصديق ملائمة.
3- بغية منع الفساد تتخذ كل دولة طرف ماقد يلزم من تدابير وفقا لقوانينها الداخلية ولوائحها المتعلقة بمسك الدفاتر والسجلات، والكشف عن البيانات المالية، ومعايير المحاسبة ومراجعة الحسابات، لمنع القيام بالافعال التالية بغرض ارتكاب اى من الافعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية.
أ- انشاء حسابات خارج الدفاتر.
ب- اجراء معاملات دون تدوينها في الدفاتر او دون تبينها بصورة وافية
ج- تسجيل نفقات وهمية.
د- قيد التزامات مالية دون تبين غرضها على الوجه الصحيح.
ه- استخدام مستندات زائغة.
و- الاتلاف المتعمد لمستندات المحاسبة قبل الموعد الذي يفرضه القانون.
4- على كل دولة الا تسمح باقتطاع نفقات التى تمثل الرشاوي من الوعاء الضريبي لان الرشاوي هي من اركان افعال المجرمة وفقا للمادة 15 و16 من هذه الاتفاقية وكذلك عند الاقتضاء سائر النفقات المتكبدة في تعزيز السلوك الفساد.
وقد ناقشت المادة 12 التدابير الوقائية لقطاع الخاص سواء من العقوبة ومن ارتكاب الجرائم.
وايضا ذكرت الاتفاقية من المادة 12 فقرة 4 على دول الا تسمح باقتطاع الرشاوي من الوعاء الضريبي وذلك لان جريمة الرشوة هي من جرائم الاكثر فساد في اي مجتمع وهي من الجرائم المجرمة في الاتفاقية ايضا.
وقد تضمن الفصل الثالث التجريم واتقان القانون من المادة 15 الى المادة 42.
اما بخصوص الرشوة في القطاع الخاص فالاتفاقية قد جرمته وتضمنته ضمن بنودها المذكورة.
حيث ان المادة 21 من الاتفاقية تنص
تنظر كل دولة طرف في اعتمادها ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير اخرى لتجريم الافعال التالية ، وعندما تركتب عمدا اثناء مزاولة انشطة اقتصادية او مالية او تجارية.
أ- وعد أي شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص، او يعمل لديه بأي صفة بمزية غير مستحقة او عرضها عليه او منحه اياها، بشكل مباشر او غير مباشر، سواء لصالح الشخص نفسه او لصالح شخص آخر، لكي يقوم ذلك الشخص بفعل ما او يمتنع عن القيام بفعل ما مما يشكل اخلالا بواجباته.
ب- التماس اى شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص، او يعمل لديه بأي صفة او قبوله بشكل مباشر او غير مباشر، مزية غير مستحقة، سواء لصالح الشخص نفسه او لصالح شخص اخر، لكي يقوم ذلك الشخص بفعل ما مما يشكل اخلالا بواجباته.
وبما ان القانون المصري قد عرف في جريمة الرشوة في نطاق الاعمال الخاصة مادة 106 مكرر بأن المستخدم الخاص ان يكون هناك علاقة تبعية بين المستخدم وبين صاحب المشروع الخاص سواء اكان فردا او مجموعة افراد.
وتستوي ان تقع الجريمة من المستخدم الخاص سواء كان من صغار المستخدمين او من كبارهم.
وتتوافر الجريمة في قانون العقوبات المصري بتوافر الركنين المادي والمعنوي ويجب في الركن المادي توافر عناصر الاتية وهي:
1- فعل مادى يتحصل في طلب او اخذ او قبول عطية او وعدا بها.
2- مقابل الفائدة الذي يتحصل في اداء عمل مكلف به او الامتناع عنه.
3- انتفاء رضا المخدوم.
ويتوافر الركن المعنوي بتوافر القصد الجنائي اى ان تتجه نية المستخدم الخاص وقت الاتفاق الى تنفيذ العمل او الامتناع يستوي بعد ذلك ان يتم التنفيذ او لا يتم.
كما ان قرار الجمعية العامة الامم المتحدة عام 1975 اول قرار عالمي يدين الفساد وكان مبادرة الرئيس جمي كارتر 1977 باصدار قانون يعاقب بموجبه اى فرد او شركة امريكية تقوم برشوة مسئول.
وتنطبق الاتفاقية على منع الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه ويجب على الدول الموقعة على الاتفاقية ان يتعاونوا فيما بينهم ومع المنظمات الدولية والاقليمية ذات الصلة حسب اقتضاء وذلك لتعزيز وتطوير التدابير ويجوز أن يشاركوا في البرامج والمشاريع الدولية الرامية الى منع الفساد.
واستقلال القضاء له اهمية كبيرة في مكافحة الفساد عاماً وجريمة الرشوة خاصةً.
ويجب على القطاع الخاص ان يضع اجراءات تستهدف صون تراهنه كيانات القطاع الخاص. ويجب تعزيز الشفافية ويجب منع تضارب المصالح بغرض قيود.
وقد نصت اتفاقية في المادة 20 ان كل دولة تنظر رهنا بدستورها والمباديء الاساسية لنظامها القانوني في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية.
وتدابير اخرى لتجريم تعمد موظفي عمومي اثراء غير مشروع، اى زيادة موجوداته زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياساً الى دخله المشروع.
وقد نصت المادة 30 من الاتفاقية امم المتحدة لمكافحة الفساد والخاصة بملاحقة والمقاضاة والجزاءات
1- ان تجعل كل دولة طرف ارتكاب فعل مجرم وفقا لهذه الاتفاقية خاضعة لعقوبات تراعي فيها جسامة ذلك الجرم.
2- وتتخذ كل دولة طرف وفقا لنظامها القانوني ومبادئها الدستورية ماقد يلزم من تدابير لارساء او ابقاء توازن مناسب بين اى حصانات او امتيازات قضائية ممنوحة لموظفيها العموميين من اجل اداء وظائفهم وامكانية القيام عند الضرورة بعمليات تحقيق وملاحقة ومقاضاة فعالة في الافعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية.
3- تسعى كل دولة طرف الى ضمان ممارسة اى صلاحيات قانونية تقديرية يتيحها قانونها الداخلي فيما يتعلق بملاحقة الاشخاص لارتكابهم افعالاً مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية من اجل تحقيق الفعالية القصوى لتدابير اتقان القانون التى تتخذ بشأن تلك الجرائم ومع ايلاء الاعتبار الواجب لضرورة الردع عن ارتكابها.
4- في حالة الافعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفقا لقانونها الداخلي ومع ايلاء اعتبار الواجب لحقوق الدفاع لضمان ان تراعى الشروط المفروضة بخصوص قرارات الافراج الى حين المحاكمة او الاستئناف ضرورة حضور المدعى عليه في الاجراءات الجنائية اللاحقة.
5- تأخذ كل دولة طرف بعين الاعتبار جسامة الجرائم المعينة لدى النظم في امكانية الافراج المبكر او المشروط عن الاشخاص المدانين بارتكاب تلك الجرائم .
6- تنظر كل دورة طرف بما يتوافق مع المباديء اساسية لنظامها القانوني في ارساء اجراءات تجيز للسلطة المختصة عند الاقتضاء تنحيه الموظف العمومي المتهم بارتكاب فعل مجرم وفقا لهذه الاتفاقية او وقفه عن العمل او نقله مع مراعاة مبدا افتراض البراءة
7- تنظم كل دولة طرف حينما تسوغ جسامة الجرم ذلك وبما يتوافق مع المباديء الاساسية نظامها القانوني في اتخاذ اجراءات لاسقاط الاهلية بأمر قضائي او بأي وسيلة مناسبة اخرى ولفترة زمنية يحددها قانونها الداخلي عن اشخاص المدانين بارتكاب افعال مجرمة كما يلي:
أ- تولى منصب عمومي.
ب- تولى منصب في منشأة مملوكة كلياً او جزئياً للدولة.
8- لا تمس الفقرة أ من هذه المادة بممارسات السلطات المختصة صلاحياتها التأديبية تجاه المستخدمين المدينين.
9- ليس في هذه الاتفاقية ما يمس بالمبدأ القاضي بأن يكون توصيف الافعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية وتوصيف الدفوع القانونية المنطبقة او المباديء القانونية الاخرى التى تحكم مشروعية السلوك محفوظاً حصراً للقانون الداخلي للدولة الطرف وبوجوب ملاحقة والمعاقبة على تلك الجرائم وفقا لذلك القانون
10- تسعى الدول الاطراف الى تشجيع اعادة ادماج اشخاص المدانين بارتكاب افعال مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية في مجتمعاتهم وبما أن مصر من الدول الموقعة والمصدقة على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد انتشار الفساد بصورة كبيرة وبما فيها موضوعنا عن الرشوة حيث ان هذه الجريمة انتشرت بصورة ملفتة للنظر . وقد وطنت نفسها على عدم التقيد بالالتزامات الناشئة عن انضمامها لهذه الاتفاقية بدءاً من انتظار قرابة العامين حتى تقوم بنشر قرار البرلمان بالتصديق عليهاوهو نشر في الجريدة الرسمية المصرية.
وموقف مصر من منهج مراجعة الاتفاقية يرتكز على ضرورة تقديم المساعدة الفنية للدول الأعضاء لتمكينهم من التطبيق الشامل لبنود الاتفاقية وعدم إخلال بعناصرها وبالتالى الارتقاء باليات محاربة الفساد وأن مصر ومجموعة لـ77 تؤكدان على ضرورة مبدأ السيادة دول الأعضاء على الاتفاقية بحيث لايقع منهج المراجعة تحت سيطرة آليات تقع خارج نطاق سيادة الدول الأعضاء وبالتالى بتم توجيه الاتفاقية وفقاً لأغراض أخرى غير ذات صلة بأهداف الاتفاقية مع أهمية التعاون الدولى في مكافحة الجرائم التى تتم عبر الحدود .
وقد حصلت مصر ممثلة فى وزارة الدولة للتنمية الادارية على عضوية مراقب بلجنة الإدارة العامة الرشيدة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD وذلك بإجماع مجلس المنظمة على انضمام مصر كمراقب اللجنة الادارة العامة الرشيدة.
وقد ورد فى تقرير الشفافية العالمى لعام 2008 حول اترتيب مصر على قائمة الفساد جدير بأن يثير الاهتمام وذلك لأن مصر جاءت هذا العام فى المرتبة 107 بعد أن كانت تحتل المرتبة 77 فى العام الذي سبق.
– قيام منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD بتبنى اتفاقية مكافحة الرشوة المسئولين الأجانب فى معاملات الاعمال الدولية.
– وحيث أن الشوة فى القطاع الخاص فى اتفاقية أمم المتحدة من ناحية نصوص العقابية فقد جعلت هذه جريمة اختيارية منغجراءات لتجريم أفعال التى تشكل جرائم الفساد.
– وقد تضمنت منظمة الشفافية مؤشر دافعى الرشاوى BPI Bribe payers index ويقيس الفساد من جهة الشركات الصناعيىة ومتعددة الجنسية التى تدفع الرشاوى للمسؤلين الحكوميين فى الدول الأخرى لتسهيل أعمالها ولتصدير منتجاتها لتلك الدول وقد صدر التقرير عدد 3 تقارير فى 1999و 2002و 2006، ويقيم هذا المؤشر ميول شركات اكبر 30 دولة مصدرة بالعالم لدفع الرشاوى خارج بلادها وحصرت الشركات من مجموعة دول التصدير الجديدة وهى الهند والصين والروسيا على مرتبة من أسوأ مراتب المؤشر كما جاء فى تقرير 2006 وتقود الشركات الدافعة لرشاوى الجهود المبذولة من حكومات الدول النامية لتحسين الحكم والادارة وبذلك تقود هذه الشركات الحلقة المفرغة للفقر.
ويوجد فساد صغير وفساد كبير حيث ان الفساد الصغير يكون على خسارة المال العام بالألوف من خلال استغلال الجانى لوظيفته ووسيلة الفساد الصغير المباشرة هي الرشوة والاختلاس.
أما الفساد الكبير يدور حول خسارة المال العام باملايين وسيلته تتسم بأنها قضايا مركبة حيث تتعدد أفعالها غير المشروعة قانوناً وتقوم على عقد الصفقات غير المشروعة استيراد السلع وعملات وسمسرة ومضاربة إلى جانب قضايا البنوك وأخذ القروض بلا ضمانات.
وبما أن الفساد من أخطر الظواهر والمشكلات تعانى منها دول العالم بدون استثناء ولايمكن لأية دولة أن تدعى عدم وجود فساد والذي يعتبر سبباً رئيسياً لانتشار مشكلات أخرى سياسية واجتماعية والسياسية والثقافية واقتصادية واخلاقية للشعوب، مما يتطلب جهوداً دولية لمكافحته.
الخاتمة
وبعد أن استعرضنا لجريمة الرشوة سواء فى الشريعة الإسلامية أم فى القانون المصري أم فى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.
وان قانون العقوبات المصري الصادر عام 1937 يكرم غالبية اشكال الفساد مضيفا ان مصر تبنت موجزا عددا من التشريعات واجراءات التى تستهدف مواجهة جميع اشكال جرائم الفساد وخاصة المرتبطة بالتطور التكنولوجي لثورة المعلومات وبما ان التشريع المصري تناول بالتجريم العديد من التصرفات والافعال التى اعتبرتها كذلك اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد مؤثمة وجريمة الرشوة التى تقع من موظف عام او مستخدم الرئيس او عضو مجلس ادارة احدى الشركات او الجمعيات او النقابات او المؤسسات او الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام كذلك كل مدير او مستخدم في احداها المواد من 103 حتى 111 الكتاب الثاني من قانون العقوبات وقد مد المشرع تجريم الى كل من عرض او قبل الوساطة في الرشوة.
وقد وضع المشرع المصري وضع اطار قانوني للعاملين متضمن طرف شغل الوظائف والعلاقة مع رب العمل وتاديب العاملين وذلك لضمان حسن سير العمل ومكافحة الانحراف الذي قد يرتكبه العامل ويقود الى اعاقة التنمية ومن تلك القوانين نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 وقانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وقانون الوظائف القيادية رقم 5 لسنة 1991 الى جانب لوائح العاملين بالشركات.
والمشرع المصري افرد الجهات ومؤسسات ومحاربة الفساد في القطاعين الحكومي والخاص ومنها الجهاز المركزي للمحاسبات والنيابة الادارية والرقابة الادارية والنيابة العامة والقضاء.
اذن لدى مصر اطار مؤسسي شبة متكامل لمحاربة الفساد كذلك ترسانة تشريعية متطورة من حيث تجريم والعقاب بما يحتاج فقط لمزيد من التعاون والتكامل والعمل المشترك بما يحقق الإرادة السياسية المنعقدة لمحاصرة الفساد الإداري والالتزام بأحكام الاتفاقية الدلوية لمكافحة الفساد.
ويجب على الحكومة الدول محاصرة الرشوة وعلماً لأن مكافحة هذه الأمة ليست من مسئولية الحكومة فقط ولكن يجب أن تكون هناك تعبئة وطنيه لكل الفاعلين اقتصاديين والسياسين والنقابين والمجتمع المدنى من أجل محاربه آفه الرشوة.
وحيث أن تشريع المصري يخلو بصفه عامة بنص على فئة الموظفين العموميين الأجانب والموظفين الدوليين.
فإن تشريع المصري يفتقد الى نوع من التشريعات الذكيه التى يمكن أن تحتصر ظاهرة الفساد.
قائمة المراجع
1- د/ بلال أمين زين الدين ظاهر الفساد الإداري في الدول العربية وتشريع المقارن
2- حسين المحمدي بوادي الفساد الإدارى لغة المصالح.
3- د/ أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون العقوبات القسم الخاص
4- مستشار/ مصطفى هرجه التعليق على قانون العقوبات في ضوء الفقه والقضاء
5- د/ عبد العظيم مرسي وزير جرائم المصلحة العامة
6- د/ محمود مصطفى قانون العقوبات القسم الخاص
7- مستشار/ محمد أحمد حسن قانون العقوبات في ضوء أحكام
مستشار/ محمد رفيق بسطويسي محكمة النقض
الاتفاقية
– لجنة الشفافية والنزاهه التقرير الثاني لعام 2008
– الاتفاقيه أمم المتحدة لمكافحة الفساد.
المواقع
– موقع www.america.gov
اترك تعليقاً