بحث قانوني كبير عن الحبــس المؤقت في ظل التعـديل الأخيـرلقانون الإجراءات الجزائية
– قانون رقم 01 / 08 المؤرخ في 26 يونيو 2001
المعدل لقانون الإجراءات الجزائية الجزائري
خطــــــــــة البحـــــــــــــث :
* مقــــدمــــــــــــــة
– مبحث الأول : ماهية الحبس المؤقت
المطلـب الأول : تعريف الحبس المؤقت
المطلـب الثاني : التمييز بين الحبس المؤقت والإجراءات المشابهة له
الفرع الأول : تمييزه عن الوقف للنظر
الفرع الثاني :تمييزه عن الأمر بالإحضار والقبض
المطلـب الثالث : الجهة الآمرة به
الفرع الأول : جهة التحقيق
الفرع الثاني: جهة الحكم
الفرع الثالث:جهة النيابة
– المبحـث الثاني: شروط الحبس المؤقت والرقابة على شرعيته
المطلـب الأول : شروط الحبس المؤقت
الفرع الأول : الشروط الشكلية
الفرع الثاني : الشروط الموضوعية
المطلـب الثاني : الرقابة على شرعية الحبس المؤقت
الفرع الأول : الرقابة الإدارية
فرع الثاني : الرقابة القضائية
– المبحـث الثالث: حقوق وواجبات المحبوس مؤقتا داخل المؤسسة العقابية
المطلـب الأول : حقوق المتهم المحبوس مؤقتا
المطلـب الثاني : واجبات المتهم المحبوس مؤقتا
– المبحـث الرابع : التعويض عن الحبس المؤقت غير المبرر
المطلـب الأول : شروط الحصول على التعويض
المطلـب الثاني : كيفية الحصول على التعويض
*خــــــاتمــــــــــة
مقـــــدمـــــة :
يجري في كل بلد من بلدان العالم اعتقال الأشخاص وحبسهم بشبهة أنهم ارتكبوا جريمة، وغالبا ما يحبس هؤلاء الأشخاص لمدة أسابيع بل أشهر ،وحتى سنوات قبل أن تصدر محكمة من المحاكم حكما بشأنهم، فوضعهم القانوني يكون غير محدد، هم متهمون ولكن لم تثبت إدانتهم بعد، وهم يعانون من ضغوطات شخصية هائلة أيضا مثل الخسارة الاقتصادية ،التي تلحق بهم و انفصالهم عن أسرهم وانفصال ما يربطهم بمجتمعهم المحلي من روابط .
وسلامة الفرد، وعدم تقيده من الحقوق ،والضمانات التي أقرتها وأكدتها كافة المواثيق والمعاهدات الدولية وأيدتها اغلب الدساتير الوطنية، فقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بما يؤكد هذه الحقوق فنصت المادة 03 على أن( لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصية ) كما نصت المادة 09 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الفقرة 01 على انه ( لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية ولا يجوز القبض على أحد أو إيقافه بشكل تعسفي كما لا يجوز حرمان أحد من حريته على أساس من القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه )
أما في دساتير العالم وخاصة الدستور الجزائري لسنة 1996 قد نص في الفصل الرابع بعنوان الحقوق والحريات في المادة 32 على أنه ( الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن مضمونة )، ونصت المادة 45 ( كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته مع كل الضمانات التي يتطلبها القانون ) ونصت كذلك المادة 47 على انه ( لا يتابع أحد ولا يوقف أو يحتجز إلا في الحالات المحددة بالقانون وطبقا الأشكال التي نص عليها ) .
وفي ضوء هذه الضمانات وهذه الحقوق تأتي حساسية وأهمية دراسة الحبس المؤقت في ظل التعديلات التي أدخلت في مادته منذ صدوره بموجب الأمر 66 / 155 المؤرخ في 08 / 06 / 1966 والذي تضمن في مادته 123 على إجراء الحبس المؤقت، والذي شهد عدة تعديلات كان آخرها بموجب القانون رقم 01 / 08 المؤرخ في يونيو 2001 والذي تضمن و لأول مرة تعديلات جوهرية مست نظامه القانوني بداية من شروطه إلى تقرير ضمانات أخرى للمتهم محل هذا الإجراء .
ولكن السؤال المطروح في هذا البحث هو ما مدى توفيق المشرع في حماية حقوق المتهم الخاضع لهذا الإجراء وحمايته من الخطأ والتجاوزات في ظل هذا التعديل ؟
وعليه فإن دراسة موضوع هذا البحث ستكون دراسة تحليلية للنصوص المنظمة للحبس المؤقت ،وفقا للخطة التي نقسمها على شكل مباحث . فنخصص المبحث الأول لماهية الحبس المؤقت وتمييزه عن بعض الإجراءات المشابهة له ثم نتعرض لجهة المصدر لهذا الامر، ونركز في المبحث الثاني على الشروط الشكلية والموضوعية للأمر بالوضع في الحبس المؤقت، وكيفية الرقابة عليه في ظل التعديل الأخير وفي المبحث الثالث نتطرق لحقوق وواجبات المحبوس مؤقتا داخل المؤسسة العقابية ،وفي الأخير نخصص مبحث رابع لدراسة تعويض المحبوس مؤقتا لحبسه الغير مبرر والذي استحدثه المشرع الجزائري موسعا بذلك مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي إلى الحبس المؤقت غير المبرر الذي يعتبر أول تشريع عربي يقر بهذا المبدأ وفي الأخير تكون خاتمة عبارة عن حوصلة لهذا البحث .
– 1 –
المبحـــــث الأول
مــاهيــة الحــبس المــؤقت
إن تحديد ماهية الحبس المؤقت، يقتضي تعريفه في الفقه والتشريع من جهة ،وتمييزه عن بعض الإجراءات المشابهة له وفي أخير نتعرض لجهة المصدرة لهذا الامر.
وعليه نقسم هذا المبحث إلى ثلاث ،مطالب الأول يخصص للتعريف له والثاني يخصص للتميز بينه وبين الإجراءات المشابهة له والثالث يخصص لجهة المصدرة لهذا الامر .
* المطلـب الأول : تعــريف الحبـس المــؤقت
يختلف الفقه الجنائي في تعريف الحبس المؤقت خاصة من حيث مداه ونطاقه ،وذلك انطلاقا من السلطة التي يخولها القانون للقاضي المحقق في الأمر به ،من حيث المدة التي يستغرقها أثناء التحقيق بعضه أو كله لحين صدور حكم نهائي في موضوع الدعوى العمومية .
فيعرفه الدكتور أحمد فتحي سرور، بأنه إيداع المتهم السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى أن تنتهي محاكمته (1 ) .
وعرفه الأستاذ عبد العزيز سعد بأنه إجراء استثنائي يسمح لقضاة النيابة والتحقيق والحكم كل فيما يخصه بان يودع السجن لمدة محدودة كل متهم بجناية أو جنحة من جنح القانون العام ولم يقدم ضمانات كافية لمثوله من جديد أمام القضاء ( 2 ) .
ويعرفه الدكتور أحسن بوسقيعة، بأنه سلب حرية المتهم بإيداعه في الحبس خلال مرحلة التحقيق التحضيري وهو بذلك أخطر إجراء من الإجراءات المقيدة الحرية قبل المحاكمة ( 3 ) .
ويعرفه البعض أخر بأنه سلب حرية المتهم لمدة محددة قانونا ،بعد فتح التحقيق معه وإيداعه في المؤسسة العقابية القريبة من دائرة المحكمة التابع لها قاضي التحقيق بموجب مذكرة إيداع .
إن هذه التعريفات تتفق جميعا مع الفكرة الأساسية التي يقوم عليها الحبس المؤقت ،هو إيداع المتهم في الحبس لمدة محددة قانونا ( 4 ) .
غير أن المشرع الجزائري قد وصف الحبس المؤقت في المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية بأنه إجراء إستثنائي إلا أنه لم يضع تعريفا له كما فعل القانون السويسري الذي عرفه بأنه ( يعد حبسا إحتياطيا كل حبس يؤمر به خلال الدعوى الجنائية بسبب احتياجات التحقيق أو دواعي الأمن ) ( 5 )
واكتفى المشرع الجزائري في تعديله الأخير، باستبدال مصطلح الحبس الاحتياطي بمصطلح الحبس المؤقت وهذا دلالة على ربط ذلك الحبس بفترة معينة دون غيرها ،وهي مرحلة إجراءات التحقيق دون إعطائه تعريفا قانونيا له ومسايرا بذلك نظيره المشرع الفرنسي في التسمية فقط .
———————————-
( 1 ) د / أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون إجراءات الجنائية – طبعة 1985 . ص 623
( 2 ) عبد العزيز سعد – إجراءات الحبس الاحتياطي والإفراج المؤقت – المؤسسة الوطنية للكتاب 1985 . ص 13
( 3 ) د / أحسن بوسقيعة – التحقيق القضائي – طبعة الثانية – الديوان الوطني للأشغال التربوية – 2002 . ص 135
( 4 ) لأنه لا يجوز الأمر بحبس المؤقت لمدة غير معلومة وغير محددة سلفا بالقانون
( 5 ) د / الأخضر بوكحيل – الحبس الاحتياطي والرقابة القضائية في التشريع الجزائري والمقارن طبعة 1992 . ص 7
– 2 –
* المطلب الثاني : التميز بين الحبس المؤقت والإجراءات المشابهة له
إلى جانب الحبس المؤقت الذي كما سبق تعريفه هناك إجراءات مشابهة له مثل التوقيف للنظر الذي يقوم به رجال الضبطية القضائية و أوامر أخرى تتشابه مع الأمر بالوضع في الحبس المؤقت مثل أمر بالإحضار والقبض الذي يصدر من جهة التحقيق .
فما هو إذن التوقيف للنظر ومن مصدره وما هو الأمر بالإحضار والقبض ؟ هذا ما سوف نتطرق إليه في الفروع التالية :
– فـرع الأول / الوقف للنظر
يختلف الحبس المؤقت عن الوقف للنظر، من حيث أن هذا الأخير يتمثل في ذلك الإجراء الذي يتخذه ضابط الشرطة القضائية، والمتمثل في حجز المشتبه فيه لمدة لا تتجاوز 48 سا تجدد طبقا لنص المادة 51 من ق. إ . ج .
ويعتبر التوقيف للنظر أخطر إجراء، لأنه يقيد حرية الشخص فلا يجوز اتخاذه إلا عند قيام قرائن قوية ،وأدلة تثبت اشتباه الشخص بارتكابه الجريمة
وهذا الأخير يمكن اتخاذه في الظروف العادية، كما يمكن اتخاذه في حالة التلبس، ومبرراته تتمثل في التالي :
– منع المشتبه فيه من إتلاف أدلة الإثبات أو محاولة خلق أدلة مظللة للتحقيق
– المنع من التأثير على الشهود
– حماية المشتبه فيه من محاولة الانتقام من طرف أهل المجني عليه
بالنسبة لمدة التوقيف للنظر فنظرا لخطورة هذا الإجراء، فان المدة القانونية المحددة هي 48 ساعة وإذا كنا بصدد جرائم تمس بأمن الدولة والجرائم الموصوفة بأنها أفعال إرهابية وتخريبية تضاعف المدة فتصل إلى 12 يوما طبقا للمادة 51 فقرة 05
بالنسبة لمدة 48 ساعة يجوز تمديدها مرة واحدة فقط ،بعد حصول ضابط الشرطة القضائية على ترخيص كتابي من وكيل الجمهورية وهذا في الحالات العادية .
أما في حالة التلبس فلا يجوز تمديد هذه المدة
وقد أعطى المشرع الجزائري للمشتبه فيه الموقوف تحت النظر ،حماية وضمانات تناولتها المادة 51 مكرر من القانون الإجراءات الجزائية وهي :
1 / يجب على ضابط الشرطة القضائية أن يضع تحت تصرف الموقوف للنظر كل وسيلة تمكنه من الاتصال بعائلته
2 / حق الموقوف للنظر في الزيارة
3 / عند انتهاء مدة التوقيف للنظر يجب إجراء فحص طبي للتأكد ما إذا كان هذا الأخير قد تعرض إلى أساليب الإكراه والتعذيب أم لا بحيث تضم الشهادة الطبية إلى الملف الإجراءات وهذه الشهادة بعدما كانت جوازية قبل التعديل أصبحت ملزمة في التعديل الأخير لنص هذه المادة
– 3 –
الفرع الثالث / الأمر بالإحضار والأمر بالقبض :
يختلف الحبس المؤقت عن الأمر بالإحضار والأمر بالقبض من حيث، أن هذين الأمرين لا يعتبران قرارات قضائية ومن ثم لا يجوز الطعن فيهما كما في الأمر بالحبس المؤقت ،الذي له ضمانات لا تتوفر في هذين الأمرين فما هو إذن الأمر بالإحضار والأمر بالقبض ؟
1 / الأمر بالإحضار : قد عرفته المادة 110 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها ( الأمر بالإحضار هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم ومثوله أمامه على الفور ) ( 01 )
ويصدر قاضي التحقيق مذكرة الإحضار هذه ضد كل شخص يخاف من مقاومته ،أو فراره كما يصدر ضد الشهود الذين يمتنعون عن الحضور المادة 97 فقرة 02 ق. إ . ج
ويتم تنفيذ هذا الأمر في الحالات العادية، عن طريق أحد ضباط الشرطة القضائية أو أحد أعوان الضبط القضائي ويقوم المكلف بالتنفيذ بعرض الأمر على المتهم، ويمكنه من نسخة منه طبقا للمادة 110 من ق . إ . ج
أما إذا كان المتهم محبوسا لسبب آخر فيبلغ الأمر بمعرفة المشرف رئيس المؤسسة الذي يسلمه نسخة منه طبقا للمادة 111 من ق . إ . ج .
والهدف من هذا الأمر هو استجواب المتهم من طرف قاضي التحقيق، وإذا تعذر استجوابه في الحال بسبب غياب قاضي التحقيق يودع المتهم في إحدى المؤسسات العقابية، بحيث لا يجوز حجزه لمدة تزيد على 48 ساعة وبعد انقضاء هذه المدة، يقوم مدير المؤسسة العقابية بتسليم المتهم إلى وكيل الجمهورية ،الذي يطلب من قاضي التحقيق أو أي قاضي من قضاة المحكمة لإجراء الاستجواب وإلا أخلي سبيل المتهم وإذا استمر الحجز لأكثر من 48 ساعة دون استجواب المتهم أصبح حجزا تعسفيا ويترتب عنه كل أنواع المسؤولية الجنائية لكل من أمر به أو تسامح فيه عن علم طبقا للمادة 113 من ق . إ . ج
وإذا ضبط المتهم خارج دائرة المحكمة التي يعمل بها قاضي التحقيق مصدر الأمر ،فيجب مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في المادة 114 من ق . إ . ج وهي :
01 / يساق المتهم إلى وكيل الجمهورية المكان الذي وقع فيه القبض
02/ يقوم وكيل الجمهورية باستجوابه عن هويته ويتلقى أقواله وينبهه إلى حريته في عدم الإدلاء بأي شيء
03 / بعد انتهاء من الاستجواب يحيل المتهم إلى قاضي التحقيق صاحب الأمر بالإحضار
04 / إذا رفض المتهم إحالته إلى قاضي التحقيق مصدر الأمر أو المذكرة وأبدى حججا قوية تدحض التهمة يساق إلى مؤسسة إعادة التربية ويخطر في الحال بذلك قاضي التحقيق المختص
وفي الأخير فانه إذا لم يعثر على المتهم يتم تحرير محضر بذلك من طرف المكلف بالإحضار ويبعث به إلى قاضي التحقيق تطبيقا لنص المادة 115 من ق . إ . ج وفي هذه الحالة يصدر قاضي التحقيق أمر بالقبض على المتهم فما هو هذا الأمر وكيف يتم ؟
—————-
( 01 ) يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بإحضار المتهم في حالة جناية المتلبس بها طبق لنص المادة 58 من ق . إ . ج
– 4 –
2 / الأمر بالقبض : عرفته المادة 119 من ق . إ . ج بأنه ( ذلك الأمر الذي يصدر إلى القوة العمومية بالبحث عن المتهم وسوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجري تسليمه وحبسه ) والغرض منه وضع المتهم تحت تصرف المحقق مدة لا تزيد عن 48 ساعة لاستجوابه واتخاذ ما يراه بشأنه كالأمر بحبسه مؤقتا أو وضعه تحت المراقبة القضائية أو إخلاء سبيله
أما شروطه فهناك شروط موضوعية ،والتي تتمثل في أن يشترط أن يكون المتهم هاربا أو مقيما خارج إقليم الجمهورية ،وان يكون الفعل الإجرامي المتهم بارتكابه معاقبا عليه بعقوبة جنحة بالحبس أو بعقوبة أشد جسامة
أما الشرط الشكلي الوحيد هو استطلاع رأي وكيل الجمهورية لهذا الأمر
ويساق المتهم إلى المؤسسة إعادة التربية المبينة في الأمر القبض ويجب على قاضي التحقيق استجوابه خلال 48 ساعة من القبض عليه فإذا مضت هذه المهلة دون استجوابه تطبق أحكام المادتين 112 . 113 من ق . إ . ج حيث يقوم المشرف على المؤسسة بعد انتهاء مدة 48 ساعة على اعتقال المتهم دون استجوابه من تلقاء نفسه بتقديمه إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب من القاضي المكلف بالتحقيق أو قاضي أخر في حالة غيابه استجواب المتهم وإلا يخلي سبيله وإذا لم يخلى سبيله خلال 48 ساعة من اعتقاله دون استجوابه يعتبر حبسه تعسفيا يتعرض مرتكبه إلى الأحكام الجزائية الخاصة بالحبس التعسفي .
وفي حالة عدم العثور على المتهم، يبلغ أمر القبض بتعليقه في أخر مكان يسكنه المتهم ويحرر المكلف بالتحريات محضر بتفتيشه بحضور اثنين من اقرب جيران المتهم، وبعدها يرفع أمر القبض والمحضر من رئيس مصالح الأمن إلى قاضي الآمر بالقبض تطبيقا لنص المادة 122 .فقرة 3 . 4 من ق . إ . ج
ملاحظة / إذا سبق لقاضي التحقيق وان اصدر أمر بالقبض على المتهم ،فان هذا الأمر يظل محتفظا بقوته التنفيذية لحين صدور قرار من غرفة الاتهام في، حالة إرسال الملف إلى النائب العام بواسطة وكيل الجمهورية بعد اقتناعه بأن الوقائع تشكل جناية المادة 166 من ق . إ . ج
المطلب الثالث : الجهــة الآمـــرة بالحبــس المــؤقت
يعهد بالحبس المؤقت لجهات مختصة محددة بالقانون، لما لهذا الإجراء من خطورة على تقييد حرية الأفراد والمس بشرفهم ومصالحهم، وتتمثل في جهة التحقيق وجهة الحكم وجهة النيابة وسنتناول هذه الجهات بالتفصيل في الفروع التالية :
الفرع الأول : جهــة التحقيــــق :
وتتمثل في قاضي التحقيق وغرفة الاتهام
1 / قاضي التحقيق : هو المخول أساسا سلطة التحقيق الابتدائي والقائم على جميع إجراءاته متى طلبت النيابة منه ذلك أو المدعى المدني وحتى انتهاء منه بأي وجه من الوجوه حيث نص القانون في المادة 109 ق .إ. ج على أنه ( يجوز لقاضي التحقيق حسبما تقتضي به الحالة أن يصدر أمر بإحضار المتهم أو إيداعه السجن أو إلقاء القبض عليه )
كما نصت المادة 123 فقرة 2 من ق . إ .ج ( لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت و أن يبقي عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية ) فقاضي التحقيق بهذين النصين وغيرهما من قانون الإجراءات الجزائية قد
– 5 –
خولته سلطة إصدار الأمر بحبس المتهم مؤقتا متى توافرت شروطه وأسبابه ومبرراته ( 1 )
ويجوز أيضا لقاضي التحقيق إصدار أمر الوضع في الحبس المؤقت في حالة التي يستدعى فيها المتهم للحضور بعد الإفراج عنه ولم يمتثل أو إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري حبسه وهذا طبقا للمادة 131 فقرة 2 من ق . إ ج
وبالنسبة للقاضي الإحداث، فله أن يأمر بإيداع المتهم الحدث في الحبس المؤقت مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية البالغة لأمر الوضع في الحبس المؤقت في خصوص قضايا الإحداث مثلا عدم جواز وضع الحدث الذي يبلغ من العمر 13 سنة كاملة في مؤسسة عقابية ولو بصفة مؤقتة طبقا لنص المادة 456 الفقرة 2 من ق.إ.ج
2/ غرفة الاتهام : إن مهمة غرفة الاتهام في الواقع والقانون، مهمة تنحصر أساسا في أنها جهة قضائية مكلفة بمراقبة أعمال قاضي التحقيق، إلى جانب مراقبة الحبس المؤقت طبقا للمادة 204 من ق . إ.ج ،وبهذه الصفة فقد منحها القانون سلطة الأمر بالحبس المؤقت في حالات معينة تنحصر فيما يلي :
1- حالة ظهور أدلة جديدة المشار إليها بالمادة 181 من ق . إ . ج بحيث يجوز لرئيس غرفة الاتهام إيداع المتهم الحبس المؤقت في حالة إعادة فتح تحقيق قضائي ،بعد ظهور أدلة جديدة بالمعنى الموضح في المادة 175 من ق . إ ج وهذا بعدما سبق لغرفة الاتهام أن أصدرت أمر بالا وجه المتابعة ،وهذا بطلب نائب العام من رئيس غرفة الاتهام أن بصدر أمر بالقبض على المتهم أو الأمر بإيداعه السجن ويشترط لإصدار رئيس غرفة الاتهام أمر الإيداع في الحبس المؤقت الشروط التالية :
– صدور قرار نهائي بانتفاء وجه الدعوى
– أن تظهر أدلة جديدة لم يسبق عرضها على قاضي التحقيق قبل انتهاء مدة التقادم
– أن يكون من شأن هذه الأدلة تعزيز الاتهام
– أن يطلب النائب العام ذلك من رئيس غرفة الاتهام
– أن يكون هذا الأمر قبل انعقاد غرفة الاتهام
2 / حالة الحكم بعدم الاختصاص بعد الإفراج المؤقت فتختص غرفة الاتهام بإصدار أمر الإيداع في الحبس المؤقت في الحالات التي تقضي فيها جهات الحكم بعدم الاختصاص طبقا للمادة 131 فقرة 3 من ق . إ .ج
3 / حالة إجراء تحقيق تكميلي : بناء على نص المادة 190 من ق. إ. ج فانه يجوز للغرفة الاتهام إجراء تحقيقات تكميلية سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النائب العام أو بناء على طلب الخصوم طبقا للمادة 186 . 187 من ق. إ. ج ويعهد التحقيق إما إلى أحد أعضائها أو القاضي التحقيق الذي ينتدب لهذا الغرض ولكن السؤال المطروح هل يملك القاضي المفوض صلاحية إصدار أمر بالوضع في الحبس المؤقت ؟
لقد أجابت على هذا الإشكال نص المادة 09 من قانون رقم 01 / 08 المؤرخ في يونيو 2001 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية قد أضافت المادة 125 – 01 في فقرتها العاشرة على أنه ( إذا قررت غرفة الاتهام مواصلة التحقيق القضائي وعينت قاضي التحقيق لهذا الغرض يصبح هذا الأخير مختصا بتجديد الحبس المؤقت ضمن الحدود القصوى المبينة في هذه المادة وفي المادة 125 مكرر أدناه ) إذ هذه المادة تنص على اختصاص القاضي
———————-
1 / الأستاذ على بولحية بن بوخميس – بدائل الحبس المؤقت – ص 12
– 6 –
المفوض بتجديد الحبس المؤقت فلا يوجد مانع من اختصاص بإصدار أمر الوضع في الحبس المؤقت ما دامت
المادة 117 لم تحدد صفة القاضي الأمر بالوضع
وتجدر الإشارة إلى اختصاص غرفة الاتهام بإصدار أمر بالقبض الجسدي طبق للمادة 198 من ق. إ.ج بعد التصريح باتهام المتهم وإحالته أمام محكمة الجنايات
وتختص كذلك بإبطال أوامر قاضي التحقيق، سواء برفض حبس المتهم مؤقتا أو تأييد أمر الوضع المتهم في الحبس المؤقت طبق للمادة 192 – 02 من ق.إ.ج التي تنص ( إذا كانت غرفة الاتهام قد فصلت في استئناف مرفوع عن أمر صادر من قاضي التحقيق في موضوع حبس المتهم مؤقتا فسواء أيدت القرار أم ألغته وأمرت بالإفراج عن المتهم أو باستمرار حبسه أو أصدرت أمر بإيداعه السجن أو بالقبض عليه )
يبدو أن هناك تعارض نظريا بين نص هذه المادة والمواد 109 . 123 من ق. إ .ج، ذلك أن قاضي التحقيق قد يرى عدم جدوى حبس المتهم مؤقتا في حين ترى غرفة الاتهام غير ذلك أو العكس ولا يتضمن أحكام قانون الإجراءات الجزائية حلا لهذه المسألة ، كما أن التطبيقات القضائية لم تعطي الحل لهذه المعضلة وأن الاستئناف المرفوع ضد أمر رفض الإفراج عن المتهم ووجود أمر بتمديد الحبس غير مستأنف ولاحق عن الأمر الأول لا يمنع من نظر غرفة الاتهام الاستئناف المرفوع إليها ويصبح أمر التمديد باطلا إذا قضت بالإفراج ( 1 )
الفـرع الثاني / جهـــة الحكـــــم
المقصود بجهة الحكم هما درجتي التقاضي الابتدائية والاستئنافية ومحكمة الجنايات ولقد خول المشرع الجزائري سلطة إصدار الأمر بالحبس المؤقت إلى هذه الجهات في إطار تطبيق القانون وتتمثل في :
01 ) – جهة قضاء الدرجة الأولى ( قسم الجنح ) : أعطى المشرع الجزائري سلطة إصدار أمر الإيداع إلى قاضي الموضوع، وذلك في حالات معينة نص عليها القانون وهي :
1 /-حالة عدم حضور المتهم بعد الإفراج عليه دون عذر أو مبرر قانوني استناد إلى نص المادة 131 ق.إ.ج(2)
2/- حالة الإخلال بالنظام في الجلسة نص المادة 295 من ق. إ .ج في حالة وجود شغب أثناء المحاكمة يجوز إصدار أمر بالحبس مؤقتا
3 /- حالة الحكم بعام حبس نافذا في مواد الجنح استناد إلى نص المادة 358 من ق.إ.ج والتي ورد فيها جملة ما ورد أنه يجوز للمحكمة في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 357 إذا كان الأمر متعلقا بجنحة من جنح القانون العام وكانت العقوبة المقضي بها لا تقل عن الحبس سنة أن تأمر بقرار خاص مسبب بإيداع المتهم في السجن أو القبض عليه …..الخ
—————————-
( 01 ) د / الأخضر بوكحيل – مرجع السابق – صفحة 197
( 02 )تمثل في أن يكون محبوسا مؤقتا من قبل – أن يستدعي رسميا – إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تستدعى حبسه مؤقتا
– 7 –
في هذه الحالة خول المشرع للمحكمة سلطة إصدار أمر الإيداع في حالة الحكم الحضوري أو إصدار أمر بالقبض في حالة الحكم الغيابي، إذا كان الأمر متعلق بجنحة من جنح القانون العام ويجب أن تتوافر شرطان أساسيان للقيام المحكمة بالإيداع الحبس المؤقت وهما :
– أن تكون الجريمة المتابع من أجلها المتهم والمطروحة أمام المحكمة للفصل فيها ذات وصف جنحي ومن جنح القانون العام
– أن تكون الجريمة موضوع المتابعة قد قدمت إلى المحكمة وأنها قد قضت أو فصلت فيها بما لا يقل عن مدة عام حبسا نافذا ضد المتهم
وإذا تحقق وجود هذين الشرطين معا فإن بإمكان المحكمة عندئذ أن تصدر أمر بالقبض أو الإيداع ضده أثناء الجلسة المخصصة لمحاكمة وبعد النطق بالحكم مباشرة
4 /- حالة الحكم بعدم الاختصاص استنادا للمادتين 362 . 437 من ق. إ. ج حيث تبقى جهة الحكم صلاحية إصدار الأمر حتى ولو تغير تكيف الجنحة إلى جناية وذلك خوف من هروب المتهم واستكمالا للتحقيق، وتحكم بعدم الاختصاص لكون الجريمة تشكل جناية، و تنص المادة 362 ق. إ. ج على أنه ( إذا كانت الواقعة المطروحة على المحكمة تحت وصف جنحة من طبيعة تستهل توقيع عقوبة جنائية قضت المحكمة بعدم اختصاصها وإحالتها للنيابة العامة للتصرف فيها حسبما تراه ويجوز لها بعد سماع أقوال النيابة العامة أن تصدر في القرار نفسه أمر بإيداع المتهم بمؤسسة إعادة التربية أو القبض عليه ).
02 ) جهة قضاء الدرجة الثانية ( الغرفة الجزائية ) :
جهة قضاء الدرجة الثانية هي الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي والتي هي الجهة القضائية المكلفة بالفصل في الطعون ضد الأحكام الابتدائية الصادرة عن الأقسام الجزائية بالمحاكم ،ولقد أعطى المشرع الجزائري سلطة إصدار أمر الإيداع في حالات معينة تضمنتها المادة 430 من ق. إ. ج وتتبع نفس الأحكام الواردة في المادة 358 ق. إ. ج وهذه الحالات هي :
1 ) حالة الحكم بعدم الاختصاص : إذا رأت الغرفة الجزائية أن الوقائع تشكل وصف الجناية فإنها لها أن تقضي بإلغاء الحكم وعدم اختصاصها بعد سماع أقوال النيابة أن تصدر أمر بإيداع المتهم الحبس المؤقت أو بالقبض عليه طبق للمادة 437 الفقرة الثانية من ق. إ. ج
2 ) حالة عدم حضور المتهم بعد الإفراج عنه : يجوز للغرفة الجزائية أن تصدر أمر بالوضع في الحبس المؤقت في الحالة التي يكون فيها المتهم قد وقع الإفراج عنه مؤقتا من قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام أو المحكمة بعد حبسه مؤقتا ،ثم عند استدعائه للحضور أمام الغرفة الجزائية أمتنع عن الحضور طوعا دون أي عذر شرعي مقبول رغم تبليغه صحيحا، فإنه يجوز للغرفة الجزائية أن تصدر أمر بالإيداع المتهم أو القبض عليه
3 ) حالة الحكم بأكثر من عام حبسا : يجوز للغرفة الجزائية إصدار أمر الإيداع أو القبض ضد المتهم في حالة الإدانة على المتهم بعام حبسا أو أكثر تطبيقا للمادة 430 من ق. إ. ج والتي أحالتها ضمنيا إلى نص المادة 358 من ق. إ. ج لذلك إذا اتهم شخص بارتكاب جنحة من جنح القانون العام وقدم إلى المحكمة عن طريق الاستدعاء المباشر وهو حر طليق، وقضت ببراءة أو الإدانة عليه بأقل من عام حبسا أو بالحبس مع وقف التنفيذ وطعن ممثل
– 8 –
النيابة في الحكم بالاستئناف أمام غرفة الجزائية فيحق لها طبق لمادتين 430 . 358 من ق. إ. ج أن تصدر أمر بإيداع المتهم وحبسه وإما بالقبض عليه .
وتجدر الإشارة أن هناك مادتين تخول الغرفة الجزائية بإصدار أمر بالقبض على المتهم ،وهي المادة 568 . 571 من ق .إ. ج .
وفي الأخير نشير إلى مسألة تشكيل الغرفة الجزائية التي يمكن أن تضم قضاة سبق وأن نظروا في القضية بصفتهم أعضاء في غرفة الاتهام فهذا يعد خرقا لمبدأ الفصل بين وظيفتي التحقيق والحكم، وخرقا لمبدأ حياد القاضي مع سكوت المشرع في هذه المسألة .
03 ) – اختصاص محكمة الجنايات بإصدار أمر الوضع في الحبس المؤقت
تختص محكمة الجنايات في حالة الإخلال بنظام الجلسة أن تصدر أمر بإيداع المتهم الحبس المؤقت، استنادا إلى المادتين 295 . 296 من ق. إ. ج ،وكما تطبق أحكام المادة 568 من ق.إ.ج إذا ما ارتكبت جنحة أو مخالفة في محكمة الجنايات فإذا كانت العقوبة المنصوص عليها في القانون تزيد على ستة أشهر جاز لرئيس محكمة الجنايات أن يصدر أمر بالقبض على المتهم
أما إذا ارتكبت فيها جناية في محكمة الجنايات فإنه يتبع في هذا الشأن ما وردا في المادة 571 من ق. إ. ج .
الفـرع الثالـث / جهــة النيابـة العامــة
لقد أعطى المشرع الجزائري سلطة إصدار الأمر بالحبس المؤقت للنيابة العامة ويتجلى ذلك نص المادة 59 من ق. إ. ج ( إذا لم يقدم مرتكب الجنحة المتلبس بها ضمانات كافية للحضور وكان الفعل معاقبا عليه بعقوبة الحبس ولم يكن قاضي التحقيق قد أخطر بالحادث، يصدر وكيل الجمهورية أمر بحبس المتهم، بعد استجوابه عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه .
ويحيل وكيل الجمهورية المتهم فورا على المحكمة طبقا لإجراءات الجنح المتلبس بها، وتحديد جلسة للنظر في القضية في ميعاد أقصاه ثمانية أيام ابتداء من يوم صدور أمر الحبس ،ولا تطبق أحكام هذه المادة بشأن جنح الصحافة أو جنح ذات الصبغة السياسية أو جرائم التي تخضع المتابعة فيها لإجراءات تحقيق خاص أو إذا كان الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجنحة قاصرين لم يكملوا الثامنة عشرة سنة أو بشأن أشخاص معرضين لحكم بعقوبة الاعتقال )، وكذلك المادة 117 / 03 التي تنص ( ويجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر إيداع المتهم بمؤسسة إعادة التربية ضمن شروط المنصوص عليها في المادة 59 إذا ما رأى أن مرتكب الجنحة لم يقدم ضمانات كافية بحضوره مرة أخرى ) .
لقد أثارت هذين المادتين إشكالية إصدار أمر بالوضع في الحبس المؤقت ،لان القاعدة العامة في إصداره تعود إلى جهة التحقيق وجهة الحكم، كما يرى الأستاذ عبد الله أوهايبية في أن سلطة إصدار الحبس المؤقت، تعود إلى جهة التحقيق فلا يمكن أن نطلق عليه مصطلح الحبس المؤقت لان هناك فرق جوهريا بينهما ،أي بين الأمر الذي يصدره وكيل الجمهورية والأمر بالوضع في الحبس المؤقت الذي تصدره جهة التحقيق .
– 9 –
فهذا الأخير أحاطه القانون بمجموعة من الضمانات القانونية قررت للمتهم ،في حين أن الحبس المخول لوكيل الجمهورية يخلو عن أي ضمانات، كانت لان المأمور بحبسه يعتبر مشتبها فيه فقط .
غير أن الاستثناء على الأصل القاعدة فإن المشرع الجزائري خول إصدار الأمر بالإيداع إلى وكيل الجمهورية مقيدا بنص المادة 59 من ق. إ. ج بشروط وهي :
1 – أن تكون الجنحة المرتكبة متلبسا بها
2 – عدم تقديم مرتكب الجنحة المتلبس بها الضمانات الكافية للحضور ولم يحدد المشرع ما هي هذه الضمانات وتركها مفتوحة لسلطة وكيل الجمهورية
3 – أن يكون الفعل معاقب عليه بعقوبة الحبس ولكن لم يحدد المشرع المدة الدنيا لعقوبة الحبس عكس ما نص عليه في المادة 124 من ق . إ . ج وتركها لسلطة تقدير وكيل الجمهورية
4 – عدم إخطار قاضي التحقيق أي لم يتخذ وكيل الجمهورية طلب افتتاح تحقيق قضائي لأنه اختياري في الجنح طبق للمادة 66 من ق . إ . ج بل فضل إحالة المتهم على محكمة الجنح بموجب إجراءات التلبس
5 – استجواب المتهم عن هويته والأفعال المنسوبة إليه
6 – إمكانية استعانة ( الشخص المشتبه فيه ) بمحام عند مثوله أمام وكيل الجمهورية وينوه عن ذلك في محضر الاستجواب وذلك استناد إلى التعديل الأخير الذي طرأ على نص المادة 59 بموجب قانون 04 / 14
7 – إحالة المتهم فورا أمام محكمة الجنح في ميعاد ثمانية أيام من صدور أمر الإيداع
وتطبيقا لنص المادة 59 من ق.إ.ج فإنها استثنت مجموعة من الجنح بحيث لا يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بالإيداع وهي جنح الصحافة وجنح ذات الصبغة السياسية والجرائم التي تخضع لإجراءات خاصة كالقضاة وأعضاء الحكومة وبعض الموظفين طبق للمادة 573 من ق. إ. ج والجنح التي ترتكب من طرف القصر الذين لم يكتملو السن الثامنة عشر سنة
غير أن ما تجدر به الإشارة بأن التطبيقات العملية في تقديم المتهم أمام وكيل الجمهورية في حالة التلبس، يؤدي بصورة آلية إلى إصدار مذكرة الإيداع، وهذا ما يفهم إلى تطبيق السيئ لمفهوم نص المادة 59 من ق . إ ج لذلك وجب على المشرع إيضاح الغموض حول الضمانات المخولة للمتهم أمام وكيل الجمهورية ومراقبة هذا الأمر الخطير على حرية الإنسان .
– 10 –
المبـحـــث الثانـــي
شـروط الحبـس المـؤقت والـرقابـة علـى شـرعيته
إن الحبس المؤقت كإجراء استثنائي يجب إحاطته بضمانات فعالة لحماية الحرية الشخصية، وعليه فقد اقترن بطريقة مباشرة في عدة قوانين بشروط يجب أن تتوافر فيه باعتباره وسيلة قانونية لضمان سلامة التحقيق والمتهم والضحية ووصولا بطريقة قانونية بحتة لكشف الحقيقة .
ولكن هذه الشروط تغدو دون فائدة إذا لم تقرر رقابة على احترامها ،والتقيد بها من طرف السلطة التي خولها القانون اتخاذ هذا الإجراء، ( 1 ) وبالتالي فإن تقرير الرقابة على شرعية الحبس المؤقت، تعد بدورها ضمانة أخرى قررها المشرع لصالح المتهم المحبوس مؤقتا .
وعليه نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، الأول نخصصه لدراسة شروط الحبس المؤقت، والثاني نخصصه للرقابة على شرعية هذا الامر
المطـلب الأول : شـروط الحبـس المـؤقت
إن الشروط التي نص عليها القانون تتمثل في الشروط الشكلية ،التي تأتي لتعزيز الضمانات الموضوعية لحماية حق المتهم في حريته والدفاع عن نفسه، وتتمثل في توجيه التهمة للمتهم واستجوابه وتسبيب أمر الإيداع والبيانات اللازمة فيه ثم مدة الحبس المؤقت، كما حددها القانون وهذا ما سوف نتطرق إليه في الفرع الأول .
أما الشروط الموضوعية فتتعلق بتحديد الجرائم التي يجوز فيها الحبس المؤقت، طبقا لما جاء في المادة 124 من ق . إ . ج إلى جانب الشروط التي حددتها المادة 123 من نفس القانون، والذي سوف نتطرق إليها في الفرع الثاني
الفرع الأول : الشـروط الشكليـة للحبـس المـؤقت
تتعدد هذه الشروط الشكلية والتي يمكن ردها إلى ثلاثة شروط وهي :
1 ) توجيه التهمة والاستجواب : إن أول الشروط الشكلية لهذا الأمر هو توجيه التهمة واستجواب المتهم ولقد نصت على ذلك المادة 100 من نفس القانون على أنه ( يتحقق قاضي التحقيق حين مثول المتهم لديه لأول مرة من هويته ويحيطه علما صراحة بكل واقعة من الوقائع المنسوبة إليه وينبهه بأنه حر في عدم الإدلاء بأي إقرار وينوه على ذلك التنبيه في المحضر ) حيث تنص هذه المادة على استجواب المتهم عند الحضور الأول الذي يعد من طبيعة خاصة تميزه عن سائر إجراءات التحقيق فلا يعد فقط إجراء بحث عن أدلة الاتهام من المتهم نفسه من خلال إدلائه التلقائي بأقواله بل يعد قبل ذلك وسيلة دفاع له إذ أنه بعد التأكد من هويته المتهم وإحاطته علما بالوقائع المنسوبة إليه وبكل ما يوجد ضده من دلائل وأن يتلى عليه النصوص القانونية التي تعاقب عليها كل ذلك يتيح الفرصة أمامه لكي يدلي بالإيضاحات التي تساعد على الكشف عن الحقيقة وتمكنه من تحضير دفاعه الذي يضمنه القانون
ولما كان الحبس المؤقت إجراء خطير لا يمكن إصدار أمر الإيداع إلا بعد استجواب المتهم حسب ما تقتضيه نص المادة 118 . 59 من ق . إ . ج فإذا أصدر قاضي التحقيق أمر الإيداع قبل استجواب المتهم يرتب على هذا الإجراء البطلان طبق للمادة 157 من ق. إ. ج لكونه إجراء جوهريا متصل بحقوق الدفاع
———————————–
( 1 ) د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – صفحة 111 – 11 –
2 ) تسبيب الأمر بالحبس المؤقت : طبقا للتعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية أصبح من القيود الواردة على سلطة قاضي التحقيق، أن يكون الأمر بالحبس المؤقت مسببا فتنص المادة 123 مكرر المضافة بالتعديل السابق ( يجب أن يؤسس أمر الوضع في الحبس المؤقت على الأسباب المنصوص عليها في المادة 123 من هذا القانون )
والتسبيب في الحقيقة هو الأساس الذي يقوم عليه كل عمل قضائي لمنع كل تعسف أو تجاوز في استعمال السلطة وحتى لا يكون الأمر بهذا الإجراء يخضع فحسب للتقرير الشخصي للقاضي، مما يضمن المساواة بين المتهمين وقد حددت المادة 123 من . ق. إ. ج الأسباب التي يبنى عليه الأمر بإيداع في الحبس المؤقت فتنص في فقرتها الثانية ( لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقي عليه إلا إذ كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية
1 – إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة 2- عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة .
3 – عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد للجريمة أو الوقاية من حدوثها من جديد
4 – عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها . )
بالإضافة إلى ضمانات أتى بها المشرع في التعديل الأخير في مادة الحبس المؤقت، هو حق المتهم في استئناف الأمر بالوضع في الحبس المؤقت أمام غرفة الاتهام، حسب ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 123 مكرر التي تنص (يبلغ قاضي التحقيق الأمر المذكور شفاهة إلى المتهم وينبهه بأن له ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ لاستئنافه)
غير أن السؤال الذي يتبادر في الذهن بشأن التسبيب، هو كيف يكون هذا التسبيب؟ ذلك أن المادة 123 من ق. إ .ج نصت على حالات عامة فقط، فهل يعني التسبيب الأمر بالوضع في الحبس المؤقت على ذكر هذه الحالات العامة أم يقتضي الأمر إلى تسبيب مقنعا ،ومنذ تعديل المشرع لقانون الإجراءات الجزائية لم نجد تطبيقات قضائية في تحديد كيفيات هذا التسبيب وشروطه كيفياته .
03 ) مدة الحبس المؤقت : يتحكم في مدة الحبس المؤقت طبيعة الجريمة جناية أو جنحة والعقوبة المقررة لها وعملا بحكم المادتين 124 . 125 -1 – من ق. إ. ج فإن حبس المتهم مؤقتا على ذمة التحقيق يجب أن يكون لفترة محددة سلفا وهي 20 يوما و أربعة أشهر بحسب الأحوال وتكون على الوجه التالية قابلة للتجديد
3.1) مدة الحبس المؤقت في مادة الجنح :
– إذا كانت العقوبة المقررة قانونا كحد أقصى سنتين على الأقل فمدة الحبس المؤقت هي 20 يوما طبقا للمادة 124 من ق . إ . ج وبشروط وهي أن لا يكون قد حكم عليه سابق بجناية أو عقوبة الحبس مدة أكثر من ثلاثة أشهر بغير إيقاف التنفيذ لارتكابه جنحة من جنح القانون العام وأن يكون مستوطنا بالجزائر
– إذا كانت الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا تتجاوز السنتين ولكن لا تزيد على ثلاث سنوات حبسا فمدة الحبس المؤقت هي أربعة أشهر ولا يجوز تمديدها طبق للمادة 125 / فقرة 01
– إذا كانت الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا تزيد عن ثلاث سنوات حبسا فمدة الحبس المؤقت هي أربعة أشهر
-12-
قابلة للتجديد مرة واحدة من طرف قاضي التحقيق بعد استطلاع رأى وكيل الجمهورية ويكون أمر التجديد مسببا
وعليه تكون مدة الحبس المؤقت في الجنح كحد أقصى هي ثمانية أشهر غير قابلة للتجديد
وبعد انتهاء مدة الحبس المؤقت المقررة قانونا يصدر قاضي التحقيق أمر الإحالة على محكمة الجنح ويبقى المتهم محبوسا في هذه الفترة إلى يوم المحاكمة فهل يعتبر حبسه جديدا أم ماذا نسميه ؟ يبق السؤال مطروح
3.2 ) مدة الحبس المؤقت في الجنايات :
إذا كانت الجريمة من جرائم القانون العام فإن الأصل فيها الحبس المؤقت أربعة أشهر قابلة للتجديد مرتين من طرف قاضي التحقيق وهذا في حالة الضرورة وبعد استطلاع وكيل الجمهورية ويكون أمر مسببا بتمديد الحبس المؤقت ليصل إلى 12 شهرا طبق لنص المادة 125 فقرة 01 من ق. إ . ج
ويجوز لقاضي التحقيق أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت، لمدة أربعة أشهر غير قابلة للتجديد،لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجنايات القانون العام، المعاقب عليها بالحبس المؤقت دون العشرين سنة ،هي 16 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام ،فإنها تصدر قرار في الموضوع في مدة أقصاها شهرين ،وإلا أفرج عن المتهم بقوة القانون طبقا لنص المادة 197 مكرر من ق. إ. ج .
– إذا كانت الجريمة معاقب عليها بالسجن المؤقت لمدة 20 سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام، فإن تمديد الحبس المؤقت أمام قاضي التحقيق هي ثلاث مرات أي 04 أشهر الأصل + 12 أشهر تمديد من طرف القاضي التحقيق لتصبح مدة الحبس المؤقت 16 شهر، ويجوز لقاضي التحقيق قبل أجل شهر من انقضاء هذه المدة ،أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت لمرة واحدة غير قابلة للتجديد، لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجنايات المعاقب
عليها بالسجن المؤقت لمدة 20 سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام هي 20 شهرا،طبق للمادة 125 / 01 فقرة الثانية
وبعد إرسال الملف القضية إلى غرفة الاتهام، فإن عليها أن تصدر قرار في الموضوع الدعوى في أجل أربعة أشهر وإلا أفرج عن المتهم تلقائيا طبق للمادة 197 مكرر فقرة الثانية .
– إذا كانت الجريمة جناية موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية فإن تمديد الحبس المؤقت التي بيد قاضي التحقيق هي 05 مرات أي 04 أشهر الأصل + 20 شهرا تمديد من طرف قاضي التحقيق = 24 شهرا
ويجوز للقاضي التحقيق قبل انقضاء شهر من مدة الحبس المؤقت ،أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت لثلاث مرات طبق للمادة 125 مكرر فقرة 05، لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية إلى 36 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام، فإن عليها أن تصدر قرار في موضوع الدعوى في أجل 08 أشهر و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا .
-إذا كانت الجريمة عابرة للحدود الوطنية فإن تمديد الحبس المؤقت التي يجوز لقاضي التحقيق الأمر بها هي 11 مرة تكون تمديد بـ أربعة أشهر أي 04 أشهر + 44 شهرا = 48 شهرا طبقا للمادة 125 مكرر فقرة الثانية
ويجوز للقاضي التحقيق قبل انقضاء شهر من مدة الحبس المؤقت التي أمر بها أن يطلب من غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت مرتين طبقا للمادة 125 مكرر فقرة الرابعة لتصبح مدة الحبس المؤقت في الجرائم العابرة للحدود
– 13 –
الوطنية بـ 60 شهرا، أي 04 أشهر الأصل + 44 شهرا لقاضي التحقيق + 12 أشهر من غرفة الاتهام = 60 شهرا
وبعد إرسال ملف القضية إلى غرفة الاتهام فإن عليها أن تصدر قرار في موضوع الدعوى في اجل 08 أشهر و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا طبق للمادة 197 مكرر
الفــرع الثانـي : الشـروط المـوضوعية للحبـس المـؤقت
تتمثل الشروط الموضوعية للحبس المؤقت في الجرائم التي يجوز الحبس المؤقت فيها وكذا الشروط اللازمة توافرها للأمر بالوضع في الحبس المؤقت
1 ) الجرائم التي يجوز فيها الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
نظر لخطورة الحبس المؤقت على الحقوق والحريات ينص قانون الإجراءات الجزائية على وجوب أن تكون الجريمة على درجة معينة من الخطورة ،وبالتالي تتوقف سلطة قاضي التحقيق في الأمر بالحبس المؤقت على نوع الجريمة وجسامتها وبما يقرره القانون لها من عقوبة، فلا يجوز الحبس أصلا إلا في الجنايات عموما والجنح المعاقب عليها بالحبس أكثر من شهرين ( 01 )، فتنص المادة 118 من ق. إ . ج ( لا يجوز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة إيداع بمؤسسة إعادة التربية إلا بعد استجواب المتهم و إذا كانت الجريمة معاقبا عليها بعقوبة جنحة بالحبس أو بأية عقوبة أخرى أشد جسامة ) .
وعليه تستبعد الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط والمخالفات عموما، فلا يجوز فيها الحبس المؤقت ومثال على ذلك
الجنحة المنصوص عليها بالمادة 118 من قانون العقوبات التي تعاقب على تجاوز رجال الإدارة للوظائف القضائية
حيث تعاقب عليها بالغرامة التي لا تقل عن 500 دج و لا تتجاوز 3000 دج وجنحة الإخلال بالنظم المتعلقة بالمنتجات المعدة للتصدير المنصوص عليها بالمادة 170 من قانون العقوبات والتي تعاقب بالغرامة من 500 دج إلى 20000دج وبمصادرة البضائع .
وكذلك لا يجوز حبس القاصر الذي لم يبلغ السن 13 سنة كاملة حبسا مؤقتا وفق للمادة 456 من ق . إ . ج
2 ) الشروط الواردة بالمادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية
تنص المادة 123 من ق . إ . ج المعدلة بالقانون رقم 01 / 08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 على أن ( الحبس المؤقت إجراء استثنائي لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقى عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية :
– إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة
– عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة
– عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية المتهم أو وضع حد الجريمة أو الوقاية من حدوثها من جديد
– عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراء الرقابة القضائية المحددة لها )
——————————————
01 تقسيم الجرائم من جنح جنايات مخالفات فتقسيم الجنح من شهرين إلى خمسة سنوات
– 14 –
ويبدو أن المشرع الجزائري قد حصر شروط الأمر بالوضع في الحبس المؤقت، في الشروط أو الحالات التي
عددتها المادة 123 من ق. إ. ج ويضيف الفقه شرطا جوهريا وهو وجود دلائل كافية على الاتهام، ما دام المشرع الجزائري قد سكت عن هذا الشرط فهو سكوت ظاهري ،فالمادة 89 الفقرة الثانية من ق. إ .ج تنص على أن ( لا يجوز لقاضي التحقيق المناط به إجراء تحقيق ما ولا لرجال القضاء وضباط الشرط القضائية المعهود إليهم القيام
بإجراء بمقتضى إنابة قضائية بغية إحباط حقوق الدفاع الاستماع إلى شهادة أشخاص، تقوم ضدهم دلائل قوية ومتوافقة على قيام اتهام في حقهم ) فقد علقت هذه المادة على توافر دلائل قوية ومتوافقة، وبالتالي فإن ضرورة توافر دلائل كافية على الاتهام أمر لابد منه لجواز الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
وتعرف الدلائل القوية والمتوافقة ،بأنها الشبهات التي تستند إلى ظروف الواقعة ،والتي تؤدي لاعتقاد بنسبة الجريمة المتهم اعتقادا لا يرقي إليه شك ( 1) .
ومن خلال هذه الشروط التي نص عليها المشرع في المادة 123 من ق. إ. ج نرى وأنها ذات معايير مرنة يصعب مراقبتها لأنها تخضع في مجملها للسلطة التقديرية للقاضي، وهي مسألة يختلف فيها الأشخاص من هذا إلى ذلك
أما المشرع الفرنسي فقد نص في المادة 137 من ق. إ. ج الفرنسي على أنه يوضع الشخص المتابع على سبيل الاستثناء رهن الحبس المؤقت، كما نص على شروط الحبس المؤقت في الفقرة الثالثة من المادة 137 السالفة الذكر والتي تجعل قاضي الحريات والحبس يفصل بموجب أمر مسبب عندما يأمر أو يمدد الحبس المؤقت أو يرفض طلب الإفراج، يستوجب ذكر الأسباب القانونية أو العلمية بعدم كفاية إجراءات الرقابة القضائية ،وكذا سبب الحبس عملا بأحكام المادتين 143 مكرر 1 . 144 من ق. إ. ج الفرنسي اللتان نصت على الشروط التي يجوز فيها لقاضي
التحقيق أو قاضي الحريات والحبس أن يلجأ إلى الحبس المتهم مؤقتا وهي :
– في حالة خضوع الشخص لعقوبة جنائية
– في حالة خضوع الشخص لجنحة معاقب عليها لمدة تساوي أو تزيد عن ثلاثة سنوات حبسا
يمكن الأمر كذلك بالحبس المؤقت ضمن الشروط المحددة بالمادة 141 الفقرة الثانية في حالة ما إذا عمد الشخص المتابع إلى الإخلال بالتزامات الرقابة القضائية كما أضافت المادة 144 من نفس القانون أنه لا يؤمر بالحبس المؤقت أو تمديده إلا عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على القرائن أو الأدلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا وإما لتفادي تواطؤ المتهمين والشركاء
المطلب الثاني : الـرقابـة علـى شـرعيـة الأمـر بالوضـع فـي الحبس المؤقت
تتمثل رقابة الشرعية على الامر بالوضع في الحبس المؤقت في رقابة الإدارية التي هي من اختصاص رئيس غرفة الاتهام و الرقابة القضائية التي هي من اختصاص غرفة الاتهام التي تعد مصفاة الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق .
وعليه فإننا نقسم هذا المطلب إلى فرعين، الأول نخصصه للرقابة الإدارية على شرعية الامر بالوضع في الحبس المؤقت، والفرع الثاني نخصصه للرقابة القضائية والمتمثلة في غرفة الاتهام .
—————————
د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – صفحة 11 – 15 –
الفرع الأول : الرقابة الإدارية على شرعية الحبس المؤقت
لقد أعطى المشرع الجزائري لرئيس غرفة الاتهام صلاحية مراقبة قضاة التحقيق، من خلال المراقبة الإدارية فتنص المادة 203 من ق. إ. ج ( يراقب رئيس غرفة الاتهام ويشرف على مجرى إجراءات التحقيق المتبعة في جميع مكاتب التحقيق بدائرة المجلس )
وتشمل رقابة رئيس غرفة الاتهام ،بالإضافة إلى سلطة الإشراف على سير التحقيق سلطة مراقبة الحبس المؤقت
طبق للمادة 204 من ق. إ. ج من خلال تلقيه كل ثلاثة أشهر قائمة تحتوى على جميع القضايا المتداولة وقائمة
خاصة تتضمن أسماء المتهمين المحبوسين مؤقتا كما له أن يزور كل مؤسسة عقابية في دائرة المجلس القضائي لكي يتحقق من حالة المحبوسين مؤقتا ،وإذا ما بدا له أن الحبس المؤقت غير قانوني وجه إلى قاضي التحقيق الملاحظات الشفوية ،ويستطيع أن يقدم طلب إلى غرفة الاتهام لكي تنعقد بطلب منه كي تفصل في مسألة الحبس المؤقت للمتهم طبق للمادتين 178 . 205 من القانون الإجراءات الجزائية
الفـرع الثانـي : الرقابة القضائية على شرعية الأمر بالوضع في الحبس المؤقت
تتمثل الرقابة القضائية في غرفة الاتهام الذي أعطها المشرع الجزائري صلاحية مراقبة شرعية الأوامر الصادرة عن الحبس المؤقت،وذلك على اعتبار أنها جهة التحقيق الدرجة الثانية وهذا في حد ذاته ضمانة للمتهم في احترام حقوقه التي كفلها له القانون وضمان حماية الحق العام في سير إجراءات التحقيق على الوجه الذي رسمه المشرع من جهة أخرى
وتختص غرفة الاتهام على مراقبة شرعية الامر بالوضع في الحبس المؤقت ،من خلال نظرها في استئنافات المرفوعة إليها من طرف المتهم أو النيابة العامة سواء من وكيل الجمهورية أو النائب العام لدى المجلس القضائي أو من خلال طلب المرفوع إليها من طرف المتهم تظلما من تقاعس قاضي التحقيق عن الفصل في طلب الإفراج بعد انقضاء أجل 8 أيام من تاريخ تقديم الطلب طبق لما تقتضيه المادتين 126 / 1 . 126 / 2 من ق. إ. ج.
و حق المتهم في استئناف أمر بالوضع في الحبس المؤقت، هو حق مستحدث بموجب التعديل الجديد لقانون الإجراءات الجزائية، ويكون ذلك في أجل ثلاثة أيام من تاريخ تبليغ الأمر بالوضع في الحبس المؤقت شفاهة وبالكيفية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 123 مكرر من ق . إ . ج، والتي نصت على انه ( يبلغ قاضي التحقيق الأمر المذكور شفاهة إلى المتهم وينبهه بأن له ثلاثة أيام من تاريخ هذا التبليغ لاستئنافه )
وبهذه الضمانة التي منحت للمتهم في استئناف الأمر بالوضع في الحبس المؤقت، يكون المشرع الجزائري قد أضفى الطبيعة القضائية على هذا الأمر، بعدما كان مجر أمر ولائي مجرد من أية رقابة قضائية ( 1 )
وتتمثل هذه الرقابة في كفاية الأسباب التي بني عليها أمر الوضع في الحبس المؤقت ،بالنظر في الشروط القانونية وسلامة الإجراءات كذلك
وتتسع صلاحية غرفة الاتهام في مراقبة الحبس المؤقت، من خلال نظرها في بطلان إجراء من إجراءات التحقيق وبالتحديد فإنها حين تقرر بطلان الاستجواب الأولى فإنها تقرر بصفة تبعية بطلان الحبس المؤقت ،وهذا بموجب المادة 157 من ق. إ. ج التي نصت على أنه تراعي الإحكام المقررة في المادة 100 المتعلقة باستجواب المتهمين
——————————————-
1 / الأوامر الولائية التي تصدر عن القضاة لحسن سير العدالة دون أن تكون قابلة لرقابة القضائية كأمر الإحضار وأمر القبض
– 16 –
والمادة 105 المتعلقة بسماع المدعى المدني وإلا تترتب على مخالفتها بطلان الإجراء نفسه وما يتلوه من إجراءات
وتصدر غرفة الاتهام قراراتها سواء بإلغاء أمر الوضع في الحبس المؤقت ،أو إلغاء أمر تمديده والأمر من جديد بالإفراج عن المتهم ،وقد تأمر بتأييد أمر قاضي التحقيق بالوضع في الحبس المؤقت أو تمديده .
غير أنه تجدر الإشارة بأن قرارات غرفة الاتهام في مادة الحبس المؤقت ،غير قابلة للطعن بالنقض طبق للمادة 495 من ق . إ . ج .
المبحـث الثالــــــث
حقوق وواجبات المتهم المحبوس مؤقتا داخل المؤسسة العقابية
إن حقوق وواجبات المتهمين المحبوسين مؤقتا وما يترتب عن الإخلال بهذه الواجبات من جزاءات وعقوبات قد تضمنتها قواعد أساسية احتوتها وشملها القانون رقم 05 / 04 المؤرخ في 06 فبراير 2005 المتضمن تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
وعليه فإننا سنتناول هذا المبحث في مطلبين ، نخصص الأول للحديث عن حقوق المتهم المحبوس مؤقتا، ونخصص المطلب الثاني لواجباته داخل المؤسسة إعادة التربية وذلك وفقا للقانون الجديد رقم 05 / 04 المشار إليه أعلاه
المطلـب الأول : حقــوق المتهـم المحبـوس مـؤقتا داخل المؤسسة العقابية
إن الحقوق التي منحها القانون رقم 05 / 04 للمحبوس مؤقتا كثيرة ومتنوعة وهي حقوق لا تختلف عن حقوق المحبوسين بأحكام نهائية وتتمثل هذه الحقوق في الأتي :
1 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في رعاية صحية : لقد نصت المادة 57 من قانون 05 / 04 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في القسم الثاني الفرع الأول، في حق المحبوسين في الرعاية الصحية مضمونة لجميع فئات المحبوسين. وتنص المادة 58 من نفس القانون على أنه ( يتم فحص المحبوسين وجوبا من طرف الطبيب و الأخصائي النفساني عند دخوله إلى المؤسسة العقابية وعند الإفراج عنه وكلما دعت الضرورة لذلك )
ومعنى ذلك أن المحبوس سواء كان حبسه حبسا مؤقتا ،أو تنفيذا لحكم نهائي، فإن له الحق في الرعاية الصحية في المؤسسة الوقائية أو إعادة التربية أو في المؤسسة استشفائية إذا دعت الضرورة لنقله للعلاج
2 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في زيارة الأقارب والأصهار وغيرهم : لقد أشارت نص المادة 66 من قانون 05 / 04 على هذا الحق حيث نصت على أنه ( للمحبوس الحق في أن يتلقى زيارة أصوله وفروعه إلى غاية الدرجة الرابعة وزوجته ومكفوله وأقاربه بالمصاهرة إلى غاية الدرجة الثالثة ) 1
فتسلم رخصة زيارة للأقارب من طرف قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية إذا أمر بإيداعه طبق للمادة لمادة 68 فقرة 03 من قانون 05 / 04
3 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في الاتصال بمحاميه : لقد نص القانون 05 / 04 على زيارة محامي المتهم سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المحبوس مؤقتا أو أحد أقارب المتهم بشرط أن يكون موكلا في القضية
——————————————-
1 – أصوله : ابوه . جده .أب جده . وأمه وأم أمه – وفروعه : إبنه . وإبن إبنه وبنته وبنت بنته وإبن بنته وبنت إبنه أصهار : والدة زوجته وأخوت وأخوات الزوجةوزوجنه
-17 –
حيث تنص المادة 67 من نفس القانون على أنه ( للمحبوس الحق في أن يتلقي زيارة الوصي عليه والمتصرف في أمواله ومحاميه أو أي موظف أو ضابط عمومي متى كانت أسباب الزيارة مشروعة ) وتنص المادة 70 منه على
أن ( للمحامي عند تقديمه رخصة الزيارة المسلمة له من السلطة القضائية المختصة الحق في الاتصال بالمتهم بكل حرية من دون حضور عون الحراسة في غرفة المحادثة المعدة خصيصا لذلك ) كما أشارة الفقرة الثانية على أنه
( لا يقيد أو يبطل المنع من الاتصال ولا التدابير التأديبية مهما تكن طبيعتها حق المحبوس في الاتصال الحر بمحاميه )
4 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في المراسلة : لقد جاء في المادتين 73 . 74 من القانون 05 / 04 أنه يحق للمحبوس تحت رقابة مدير المؤسسة العقابية مراسلة أقاربه أو أي شخص آخر شريطة ألا يكون ذلك سببا في الإخلال بالأمن وحفظ النظام داخل المؤسسة العقابية أو بإعادة تربية المحبوس وإدماجه في المجتمع
وعليه فإن المتهم المحبوس مؤقتا، يمكنه بسهولة أن يكتب الرسائل إلى أفراد عائلته و إلى كل شخص يرغب في مراسلته والكتابة إليه، بشرط أن لا تتضمن رسائله هذه والرسائل الواردة إليه ما يضر بنظام إعادة تربية ،وتخضع هذه الرسائل إلى رقابة مدير المؤسسة باستثناء رسائل الموجه إلى المحامي من طرف المحبوس مؤقتا ،حيث نصت المادة 74 على انه ( لا تخضع لرقابة مدير المؤسسة العقابية المراسلات الموجهة من المحبوس إلى محاميه أو التي يوجهها هذا الأخير إليه ولا يتم فتحها لأي عذر كان إلا إذا لم يظهر على الظرف ما يبين بأنها مرسلة إلى المحامي أو صادرة منه )
5 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في القيام بالواجبات الدينية : إن دخول أي شخص إلى السجن بتهمة معينة سواء أثناء التحقيق أو يصدر حكم نهائي عليه، لا يعني أنه فقد أخلاقه و مرؤته أو انحرف عن واجباته الدينية بل له الحق في ممارسة شعائره الدينية بكل حرية داخل المؤسسة العقابية ،وهذا ما وفره القانون رقم 05 / 04 المتعلق بتنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في مادته 66 فقرة 03 حيث نصت على انه ( للمحبوس الحق في ممارسة واجباته الدينية وفي أن يتلقى زيارة رجل دين من ديانته )
6 ) – حق المتهم المحبوس مؤقتا في التظلم والشكوى : لقد جاء في المادة 79 من القانون 05 / 04 على أنه
( يجوز للمحبوس عند المساس بأي حق من حقوقه أن يقدم شكوى إلى مدير المؤسسة العقابية الذي يتعين عليه قيدها في سجل خاص والنظر فيها و التأكيد من صحة ما وردا بها واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة في شأنها ) ،ويتعين بعد ذلك على المدير أن ينظر في هذه الشكوى، وأن يحقق في الوقائع التي تضمنتها ويوليها ما تستحق من عناية و اهتمام، وإذا رأى مدير المؤسسة أن الوقائع تكتسي طابع جزائي أو من شأنها الإخلال بالنظام داخل المؤسسة العقابية أو تهديد أمنها، فإنه يجب عليه أن يراجع حينا وكيل الجمهورية لدى المحكمة التي توجد المؤسسة بدائرة اختصاصها ويجب أن يبلغ قاضي تطبيق على الفور ( 1 ) .
وإذا تقاعس مدير المؤسسة العقابية ولم يتلقى المحبوس ردا على شكواه بعد مرور 10 أيام من تاريخ تقديمه للشكوى جاز له إخطار قاضي تطبيق العقوبات مباشرة، ويحق له كذلك أن يرفع شكواه إلى كل من الموظفين المؤهلين والقضاة المكلفين بالتفتيش الدوري للمؤسسة العقابية وله حق في مقابلتهم دون حضور موظفي المؤسسة العقابية .
—————————
الأستاذ / عبد العزيز سعد – إجراءات الحبس الاحتياطي والإفراج المؤقت –المؤسسة الوطنية للكتاب –ص 108 ص 18
هذا وهناك حقوق أخرى متنوعة لا يسع المجال الحديث عنها، وهي تتراوح ما بين حق المحبوس مؤقتا في تلقي حاجياته الشخصية ….. الخ
المطلـب الثانـــي : واجبـات المتهـم المحبـوس مــؤقتا داخل المؤسسة العقابية
لقد تضمن قانون 05 / 04 المتعلق بتنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين مجموعة من القواعد التنظيمية اللازمة للمحافظة على الأمن والصحة وعلى النظام والطاعة داخل المؤسسة العقابية
كما تضمن قواعد أساسية أخرى تشمل على الجزاءات أو العقوبات التي يمكن تسليطها على المحبوسين الذين يتعمدون مخالفة هذه القواعد التنظيمية و يخلون بواجبات الطاعة
أما النصوص القانونية التي احتوت هذه القواعد، فهي نصوص المواد من 80 إلى 87 من قانون تنظيم السجون
و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين حيث تنص المادة 80 منه على انه ( يجب على المحبوس أن يحترم قواعد الانضباط وأن يحافظ على النظام والأمن والصحة والنظافة داخل المؤسسة العقابية )
ومجمل هذه المواد تتعرض إلى واجبات المحبوسين وإلزامهم باحترام كل القواعد والأنظمة الداخلية للسجون التي تتعلق بالأمن والنظام والصحة وبالطاعة اللازمة للحراس والمراقبين أثناء قيامهم بمهام وظيفتهم وأن مخالفة أي محبوس مؤقتا أو محكوم عليه لأنظمة السجون والقواعد اللازمة للحفاظ على الأمن والنظام فيها تعرض المخالف إلى إجراءات وعقوبات تأديبية ما بين الإنذار والتوبيخ من الدرجة الأولى حسب ما جاء في نص المادة 83 من قانون المشار إليه أعلاه وبين وقف حق المراسلة لمدة لا تتجاوز شهرين على الأكثر ومنع من الزيارة مؤقتا لمدة لا تتجاوز شهرا ما عدا زيارة المحامي ومنع من التصرف في الأموال للأغراض الشخصية لمدة لا تتجاوز شهرين والوضع في عزلة لمدة 30 يوما
أما إذا كانت الإعمال المخلة بالنظام أو الأمن تكون إعتداء على الأموال العامة التابعة للمؤسسة كالإتلاف والتخريب العمدي والضرب والجرح والقتل فإنها تصبح جريمة من الجرائم التي يطبق عليها قانون العقوبات
وتجدر الملاحظة أن حقوق وواجبات المتهم الأجنبي المحبوس مؤقتا ( 1 ) لا تختلف في مجملها عن واجبات المتهم الوطني بصفة عامة غير أنه إذا تعلق الأمر بزيارة أحد ممثلي قنصلية بلاده فإنها تخضع هذه الزيارة إلى مبدأ المعاملة بالمثل حسب ما ورد في المادة 71 من قانون 05 / 04 حيث تنص على أنه ( المحبوس الأجنبي الحق في أن يتلقى زيارة الممثل القنصلي لبلده وذلك مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل وفي حدود النظام الداخلي للمؤسسة العقابية
وتسلم رخصة زيارة المحبوس الأجنبي المحكوم عليه للممثل القنصلي لبلده من المصالح المختصة بوزارة العدل وتسلم له طبق لأحكام المادة 68 فقرة 03 أعلاه إذا كان محبوسا مؤقتا )
——————————-
1 / الأستاذ عبد العزيز سعد – مرجع سابق – ص 112
– 19 –
المبحث الـرابع
التعويـض عن الحبس المؤقت غير المبرر
مما شك فيه أن عدم إلزام قضاة التحقيق بإصدار أمر مسبب بالوضع في الحبس المؤقت في مواد الجنح والجنايات وكذلك السهولة التي كانت تحاط بتقرير الحبس المؤقت وبساطة هذا الإجراء الخطير في بعض التشريعات، من الأسباب التي شجعت اللجوء إليه مما أدي بالمشرع الجزائري إلى إقرار مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية ،وذلك من خلال المادة 49 من القانون الدستور والذي كرسه فيما بعد القانون رقم 01 / 08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية في القسم السابع مكرر تحت عنوان في تعويض عن الحبس المؤقت بالمواد 137 مكرر إلى 137 مكرر 14
وعليه سوف نتعرض لدراسة هذا المبحث من خلال مطلبين، نخصص المطلب الأول لشروط الحصول على التعويض والمطلب الثاني نخصصه في كيفية الحصول على هذا التعويض
المطلب الأول : شـــروط الحصــول علـى التعـويــض
إن التعويض عن الحبس المؤقت غير المبرر ليس تلقائيا ولا أكيدا في كل الحالات، بل قيده المشرع الجزائري بشروط منصوص عليها بالمادة 137 مكرر من ق. إ. ج ،ويجب على طالب التعويض استفاءها وذلك إذا كان محل حبس مؤقت غير مبرر انتهى بقرار نهائي قضى بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وألحق به ضررا ثابتا ومتميزا
( 1 ) وهذه الشروط تتمثل في التالي :
01 ) أن يكون طالب التعويض محل حبس مؤقت غير مبرر انتهى في حقه بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة
ويقصد به ما عبرت عنه المادة 137 مكرر بأنه كل حبس أمر به خلال متابعة جزائية وانتهت في حقه بصدور قرار نهائي قضى بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة
والقرار النهائي هو عدم قابليته لأي طريق من طرق الطعن ( 2) أي حائز لقوة الشيء المقضي فيه
02 ) أن يكون الحبس المؤقت قد ألحق بالشخص ضررا ثابتا ومتميزا والمقصود بهذا الشرط هو تقييد نطاق التعويض من خلال اشتراط المشرع أن يكون الضرر ثابتا ومتميزا
وما يزيد من صعوبة تطبيق هذا الشرط أن المشرع الجزائري لم يحدد مفهوما لهذا الضرر الثابت والمتميز وعليه وجب الرجوع إلى تطبيقات للجنة التعويض الفرنسية وكيف عبرت عن أوصاف هذا الضرر ( 3) فالضرر غير العادي هو ذلك الضرر الذي توجب قواعد العدالة التعويض عنه أما الضرر المتميز ذي الخطورة الخاصة فيقصد به أن تقييم الضرر يكون حسب كل حالة بالنسبة لنتائج الحبس المؤقت غير المبرر سواء منها المادية أو المعنوية التي تلحق بالشخص
وبتوافر هذين الشرطين فإنه يحق للمضرور من حبسه أن يقدم طلب إلى الجهة المختصة بالتعويض في أجل ستة
( 06 ) أشهر من صيرورة القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو البراءة نهائيا
————————-
1 / مجلة المحاماة – منظمة الجزائر ناحية الجزائر – العدد 1 – ص 16
( 2) د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – ص 350
( 3 ) ) د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – ص 352 وما بعدها
-20 –
المطلب الثاني : كـيفيــة الحصـول علـى التعـويـض
أن تحديد الحصول على التعويض يتم عن طريق جهة مختصة تسمى لجنة التعويضات المنشأة ،على مستوى المحكمة العليا حسب ما نصت عليه المادة 137 مكرر 1 وهي جهة قضائية ذات طابع مدني وتشكل من
– الرئيس الأول للمحكمة العليا رئيسا
– قاضين حكم لدى نفس المحكمة أعضاء يتم تعينهما سنويا من طرف مكتب المحكمة العليا الذي يعين كذلك الأعضاء الاحتياطيين
– النائب العام لدى المحكمة العليا
– أمين ضبط اللجنة يعين من طرف الرئيس الأول للمحكمة العليا
ويتم تقديم طلب التعويض من طرف طالبه أو محاميه بموجب عريضة موقعة في اجل لا يتعدى ستة أشهر من صيرورة القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو البراءة نهائيا
ويجب أن تتضمن العريضة وقائع القضية وبعض البيانات المحددة بالمادة 137 مكرر 4 بصفة إلزامية وهي :
1- تاريخ وطبيعة القرار الذي أمر بالحبس وكذا المؤسسة العقابية التي نفذ فيها
2 – الجهة القضائية التي أصدرت قرار بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وتاريخ القرار
3 – طبيعة الإضرار وقيمة التعويض المطالب به
4 – عنوان المدعى الذي يتلقى فيه التبليغات
وتودع العريضة مقابل إيصال لدى أمين اللجنة الذي يتولى إرسال نسخة منها إلى العون القضائي للخزينة باعتباره مدعى عليه في هذه الدعوى في أجل 20 يوما من تاريخ استلام العريضة ويطلب أمين اللجنة الملف الجزائي من أمانة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت قرار بألا وجه للمتابعة أو البراءة
ويتم إخطار الإطراف بالمذكرات التي يودعونها حسب ما نصت عليه المادة 137 مكرر 6 ليتمكن المدعى من الرد على مذكرة العون القضائي للخزينة في أجل أقصاه 30 يوما من تاريخ تبليغه بهذه المذكرة وبانقضاء الأجل يحول الملف إلى النائب العام لإيداع مذكراته في شهر الموالي ويعين مقرر من بين الأعضاء اللجنة من طرف رئيس اللجنة والذي يحدد تاريخ الجلسة بعد استشارة النائب العام يتم تبليغ هذا التاريخ من طرف أمين اللجنة برسالة موصى عليها مع إشعار بالاستلام إلى المدعى والعون القضائي للخزينة في أجل شهرين قبل تاريخ الجلسة طبق للمادة 137 مكرر 10
وبعد تلاوة التقرير من المستشار المقرر يمكن الاستماع إلى المدعى والعون القضائي للخزينة ويقدم التائب العام بتقديم ملاحظاته
-21 –
وتصدر الغرفة المشورة قرارها في جلسة علنية وتكون هذه القرارات باتة لا تقبل أي طريق من طرق الطعن ولها القوة التنفيذية
وإذا قررت اللجنة منح التعويض فإنها لها مطلق الحرية في تقدير التعويض ويتم دفع مبلغ التعويض وفق التشريع المعمول به من طرف أمين خزينة ولاية الجزائر وبعد استعراضنا لأهم الإجراءات في طلب التعويض عن الحبس
المؤقت غير المبرر فإنه تجدر بنا الإشارة إلى أنه هناك ملفات كثير جدا على مستوى المحكمة العليا لم يتم الفصل فيهم إلى حد الساعة ولم نرى أي تطبيقات عن ذلك ويبقى السؤال مطروح هل هذه المواد عن الحبس المؤقت غير المبرر هي مواد مطبقة في الواقع أم هي حبر على ورق فقط ؟
-22 –
* خــــــاتمــــــة :
نخلص في ختام دراستنا للحبس المؤقت، إلى انه أخطر إجراء يمس بحرية وكرامة الإنسان ، إذ به تسلب حرية المتهم خلال مرحلة التحقيق، فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن تسرف هيئة التحقيق في هذا الاستثناء الذي يمس مبدأ قرينة البراءة
ولذالك فإن المشرع الجزائري في تعديله الأخير لهذا الامر، بالقانون 01 / 08 قد تدارك النقص الذي كان موجود في القانون القديم لهذه المادة ،وأضفى ضمانات للمتهم في هذا التعديل من خلال التسبيب هذا الامر تسبيب يستند إلى وقائع الدعوى وإخضاعه إلى الاستئناف من طرف المتهم أمام غرفة الاتهام، ليكون المشرع قد أضفي الطبيعة القضائية لهذا الامر بالاظافة إلى تقريره حق التعويض عن الحبس غير المبرر الذي تتحمله الخزينة الدولة عن الخطأ القضائي
وبهذا يمكن القول بأن المشرع قد أقر نظاما قانونيا للحبس المؤقت، فيه ضمانات أكثر لحقوق المتهم مطابقته بالقانون القديم الذي وسع لقاضي التحقيق في الامر بالحبس المؤقت
ومهما يكن فإن الضمانات التي قررها المشرع في التعديل الأخير لصالح المتهم، سوف لن تكون فعالة إذا أهمل قاضي التحقيق، روح النصوص التي تنصب في نقطة واحدة ،وهي أن إجراء الحبس المؤقت هو إجراء استثنائي، لا يلجأ إليه إلا إذا لم يكن التزامات الرقابة القضائية غير متوفرة ،وتقييده بالنص المادة 123 مكرر واستعماله بدائل أخري لحد من الامر به
– 23 –
قـــــــائمة المــــــراجـــــــــــع :
أ ) – المــــؤلفات :
1 – الدكتور الأخضر بوكحيل : الحبس الاحتياطي والرقابة القضائية في التشريع الجزائري والمقارن – ديوان المطبوعات الجامعية – الطبعة 1992
2 – عبد العزيز سعد – إجراءات الحبس الاحتياطي والإفراج المؤقت – المؤسسة الوطنية للكتاب – الطبعة 1985
3 – الدكتور أحسن بوسقيعة : التحقيق القضائي – الديوان الوطني للأشغال التربوية – الطبعة الثانية 2002
4 – الدكتور جيلاني بغدادي : التحقيق – دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية – الديوان الوطني للأشغال التربوية الطبعة الأولى 1999
5 – الدكتور مولاي ملياني بغدادي : الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري – المؤسسة الوطنية للكتاب الطبعة الأولى 1992
6 – الأستاذ : على بولحية بن بوخميس: بدائل الحبس المؤقت – الرقابة القضائية والكفالة – دار الهدى الطبعة 2004
7 – الدكتور سليمان بارش : شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري – دار الشهاب – الطبعة1986
8 – الاستاذ عبدلله أوهايبية – محاضرات في قانون الاجراءات الجزائري –ديوان مطبوعات الجامعية – طبعة 2002
ب ) المجـــــــلات :
مجلة المحاماة – منظمة المحامين لناحية الجزائر – العدد 1 – الطبعة شهر أكتوبر 2003
ج ) القــــوانيـــــن :
1 – قانون الإجراءات الجزائية الجزائري
2 – قانون رقم 05 / 04 المؤرخ في 06 فبراير 2005 المتضمن تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
3 – قانون العقوبات الجزائري
اترك تعليقاً