تعيين القيم في القانون – حسب القالنون الأردني .
دعوى تعيين القيم في ضوء قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني .
الحقوق محفوظة – قانوني الأردن
اعداد:
عمر القضاه و عيسى العماوي
-في ضوء قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني-
قدمت هذه الورقة البحثية لغايات التقييم البحثي والأكاديمي لدى موقع شبكة قانوني الأردن.
اعداد:
عمر القضاه و عيسى العماوي
المقدمة:
نظم المشرع الأردني في قانون أصول المحاكمات المدنية وفي قانونه المدني حالة الحراسة القضائية او تعيين القيم وهي الحالة التي تعطي للمحكمة صلاحية تدخلها في ادارة اموال الغير عبر احد الممثلين الذي يسمى تاليا بالقييم او الحارس القضائي وذلك في احوال محددة هي مدار بحث هذه الورقة.
وبالنظر الى النصوص القانونية المختلفة التي نظمت ما يعرف بدعوى تعيين القيم نجد ان المشرع في قانون اصول المحاكمات المدنية لم يتطرق الى اسهاب او تحليل لمعطيات هذه الدعوى مما يثير اشكالية عملية وواقعية في تحديد اركان هذه الدعوى واقامة بنيانها وفهم كوينها، وعليه فسنحاول في سياق هذه الورقة البحثية الخوض في مفهوم هذه الدعوى، مقتصرين في دراستنا المبسطة هذه على قانون اصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24 لسنة 1988 وتعديلاته، ونشير في هذا الصدد الى الشح الكبير جدا في المراجع التي ناقشت هذا الشأن، هذا مع الإشارة ايضا الى انعدام اي مراجع متخصصة في موضوع هذه الورقة –بحسب علمنا واطلاعنا- وهو الأمر الذي نبرر لأنفسنا من خلاله اللجوء الى الخبرة العملية والى التحليل والاستنتاج للنصوص القانونية ذات العلاقة.
وفي اطار تمحيص ما سبق ومحاولة الوصول الى فهم قانوني سليم يحدد الاطر العريض لمفهوم هذه الدعوى (تعيين القيم) من الناحية الاجرائية وفق قانون اصول المحاكمات المدنية سنقسم هذه الورقة البحثية الى مبحثين؛ بحيث يتطرق المبحث الأول الى ماهية دعوى تعيين القيم، فيما يناقش المبحث الثاني الاجراءات المتعبة لتعيين القيم وفق قانون اصول المحاكمات المدنية الأردني.
المبحث الأول: ماهية دعوى تعين القيم
سكت المشرع الأردني عن تعريف دعوى تعيين القيّم – وحسنا فعل – حيث أن التعريف من مهمة القضاء والفقه وليس التشريع، وستتناول الدراسة ماهية دعوى تعيين القيم من خلال مطلبين، تعرّف دعوى تعيين القيم وتبين الغرض منها واتفاقها واختلافها مع الحراسة القضائية في مطلب أول، وتتناول الاختصاص في دعوى تعيين القيم في مطلبٍ ثانٍ.
المطلب الأول: تعريف دعوى تعيين القيم والغرض منها ومقرنتها بالحراسة القضائية
الفرع الأول: تعريف دعوى تعيين القيم
سكت المشرّع الأردني عن تعريف دعوى تعيين القيم كما أسلفنا، حيث عالج المشرع أحكام دعوى تعيين القيّم من حيث الاختصاص دون أن يعرّف ماهيتها بأحكام، فنص في المادة (32) من قانون أصول المحاكمات المدنية ([1]) على: “يحكم قاضي الأمور المستعجلة بصفة مؤقتة مع عدم المساس بالحق بالامور التالية، على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضا بهذه المسائل اذا رفعت لها بطريق التبعية:
- 1- المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت.
- 2- النظر في طلبات تعيين وكيل أو قيم على مال أو الحجز التحفظي أو الحراسة أو منع السفر.
- 3- الكشف المستعجل لاثبات الحالة.
- 4- دعوى سماع الشاهد الذي يخشى فوات فرصة الإستشهاد به على موضوع لم يعرض بعد على القضاء ويحتمل عرضه عليه. وتكون مصروفاته كلها على من طلبه”
كما نصت المادة (896) من القانون المدني الأردني([2]) على أنه : “يجوز لاحد المتنازعين على مال عند عدم الاتفاق ان يطلب من القضاء دفعا لخطر عاجل او استنادا لسبب عادل تعيين حارس يقوم باستلام هذا المال لحفظه وادارته او تخويله ممارسة اي حق يرى فيه القضاء مصلحة للطرفين.”
وعرفها المستشار محمد عبد اللطيف([3]) بـأنها: “إجراء تحفظي مؤقت يأمر به القاضي بناء على طلب صاحب المصلحة بوضع عقار أو منقول او مجموع من المال يقوم في شأنه نزاع، أو يكون الحق فيه غير ثابت تحت يد أمين يتولى حفظه وإدارته ليرده مع غلته المقبوضة إلى من يتبت له الحق فيه”.
وعليه يمكن أن تعرّف دعوى تعيين القيم على أنها: إجراء تحفظي مؤقت يتم بناء على طلب واحد أو اكثر من الأشخاص الذين تنازعوا على مال، يطلب فيه تعيين قيّم ( حارس ) يقوم باستلام المال المتنازع عليه وإدارته وأي حق آخر يفوضه إياه قاضي الأمور المستعجلة لحفظ مصلحة أطراف النزاع.
ويتبين مما ذكر سابقا، أن لدعوى تعيين القيم شروطا استقر اجتهاد محكمة التمييز الموقرة([4]) عليها و هي:
- أن يكون هناك نزاع على مال بين الطرفين المتنازعين وعدم الاتفاق بينهما على وضعه بيد شخص.
- أن يكون هناك خطر على المال وله صفة الاستعجال.
- أن يكون المال موضوع الطلب قابلاً لأن يعهد بحراسته إلى قيم.
كما يجب أن يتوفر شرط الاستعجال المنصوص عليه بالمادة (32) من قانون أصول المحاكمات المدنية دون المساس بأصل الحق المدعى به.
كما استقر اجتهاد محكمة التمييز الأردنية على ان صفة الإستعجال هي الخطر الحقيقي المحدق الذي يتعلق بالحق المطلوب حمايته وذلك من أجل عدم زوال الحقيقة والمحافظة عليها.
ويشار في هذا الصدد الى ان طلب تعيين القيم وفق ما هو مبين اعلاه لا يشترط به ان يقدم لدى محاكم الدرجة الأولى؛ حيث يمكن تقديمه والدفع به لأول مره امام محكمة الاستئناف ايضا([5]).
الفرع الثاني: الغرض من دعوى تعيين القيّم
تقوم دعوى تعيين القيّم على نزع حيازة وإدارة مال من يد حائزه أو القائم على إدارته إذا ما أقام من له الحق في مواجهة ذلك الحائز أو المدير للمال دعوى لتعيين قيم يتولى إدارة هذا المال وحفظه إذا ما توافر خطر داهم وتحققت صفة الاستعجال في هذا الخطر([6]).
وتأتي دعوى تعيين القيم، كحل تشريعي في حالة توافر الخطر والاستعجال لمشكلة بطء وتعقيد الإجراءات القضائية في الدعاوى الموضوعية من حيث المدة التي تستغرقها الدعوى لحين الحكم البات فيها، فأعطى المشرع الحق لكل متنازع مع شريك في مال يهدده خطر مستعجل -كأن يقوم حائزه بالتصرف فيه أو إهلاكه أو غيرها- أعطاه الحق في طلب لتعيين قيّم يتولى إدارة هذا المال وحفظه لحين البت في الدعوى الموضوعية التي سيقيمها أو أقامها طالب تعيين القيّم في مواجهة حائز المال المتنازع عليه أو مديره، خشية ضياع حق الأول نتيجة تعرض المال المتنازع عليه لخطر ما وذلك بسبب تعقيد الإجراءات القضائية وطول مدة التقاضي في الدعاوى الموضوعية ([7]). والغالب في التطبيق العملي لهذه الدعوى انها تذهب اتجاه الشركات وتحديدا شركات الاشخاص (التضامن والتوصية البسيطة) ([8]) اضافة الى الشركة ذات المسؤولية المحدودة وذلك حينما يتنازع الشركاء امورهم داخل هذه الشركة، ولا فرق في ذلك بين الشركة الفعلية او المسجلة فعلا ([9])، وفي ذلك فاننا نشير الى ان تعيين القيم او الحارس القضائي على الشركة لا يعني زوال هذه الشركة او فقدها لصفتها القانونية ([10]).
والحارس او القيم في هذه الصورة يتخذ صفة المسؤولية التي يقررها له القانون او القاضي حين انتفاء النص وإلا فان مسؤوليته في هذا الشأن وفق الاستقرار القضائي ([11]) انما تطبق عليها احكام الوديعة والوكالة بالقدر الذي لا يتعارض مع احكام الحراسة.
الفرع الثالث: مقارنة دعوى تعيين القيّم بالحراسة القضائية
سبق وأن أشرنا إلى أن دعوى تعيين القيّم تستند في أساسها إلى المادة 896 من القانون المدني الأردني والتي تقضي بأنه: “يجوز لاحد المتنازعين على مال عند عدم الاتفاق ان يطلب من القضاء دفعا لخطر عاجل او استنادا لسبب عادل تعيين حارس يقوم باستلام هذا المال لحفظه وادارته او تخويله ممارسة اي حق يرى فيه القضاء مصلحة للطرفين”، وعليه يتضح بأن القيّم ما هو إلا حارس قضائي عينته المحكمة المختصة لإدارة مال متنازع عليه لحفظه وإدارته، وأن القانون الأردني يطلق لفظ الحارس على القيّم في القانون المدني، ويطلق لفظ القيّم عليه في قانون أصول المحاكمات المدنية.
المطلب الثاني: الاختصاص في دعوى تعيين القيّم
الفرع الأول: الاختصاص القيمي في نظر دعوى تعيين القيّم
سبق وأن أشارت الدراسة إلى أن دعوى تعيين القيّم ( المستعجلة ) نظمتها المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية حيث جعلت الاختصاص بنظرها لقاضي الأمور المستعجلة([12])، وعليه فقد حصر المشرع الأردني الاختصاص بنظر هذا النوع من الدعاوى بقاضي الأمور المستعجلة، وهو اختصاص نوعي، بغض النظر عن قيمة الأموال التي يُطلب تعيين قيم عليها وفقا لمنطوق المادة 32 سالفة الذكر من قانون أصول المحاكمات المدنية، كما أعطى المشرع الحق للمحكمة التي تنظر موضوع الدعوى المتعلقة بالتنازع على مال بغض النظر عن قيمتها، الحق في تعيين القيّم وفقا لأحكام المادة 144 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تنص على: “يجوز للمحكمة أو قاضي الأمور المستعجلة أن تضع الأشياء والأموال المنقولة المحجوزة تحت يد شخص أمين للمحافظة عليها أو ادارتها حتى نتيجة المحاكمة”.
الفرع الثاني: الاختصاص المكاني في نظر دعوى تعيين القيّم
لم يحدد المشرّع قواعد خاصة لاختصاص المحاكم مكانيا في نظر طلبات تعيين القيّم، حيث نظم الاختصاص النوعي كما سلف بيانه ن وترك الأمر بالنسبة للاختصاص المكاني للقواعد العامة للطلبات والإجراءات المستعجلة بشكل عام، فنصت المادة 45 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أنه: “في الدعاوى المتضمنة طلب اتخاذ إجراء مؤقت أو مستعجل يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحكمة المطلوب حصول الاجراء في دائرتها. وفي المنازعات المستعجلة المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات يكون الاختصاص للمحكمة التي يجري في دائرتها التنفيذ.”
وعليه، يتبين أن الاختصاص المكاني في دعوى تعيين القيّم يكون للمحكمة التي يقع ضمن دائرتها موطن المدعى عليه وهذا ترسيخ لمبدأ (الدين مطلوب وليس محمول)، أو المحكمة المطلوب إجراء تعيين القيّم في دائرتها، وهذا يتعلق بتعيين القيم على العقارات أو الشركات أو الأموال الموجودة في مكان واحد مثلا، وإذا تعددت أماكن وجود الأموال فيجوز إقامة الدعوى لدى المحكمة التي يقع موطن المدعى عليه ضمن اختصاصها، أو في المحكمة التي يقع موطن واحد أو أكثر من الأموال ضمن اختصاصها.
المبحث الثاني: الإجراءات المتّبعة لتعيين القيّم
وستتناول الدراسة الإجراءات المتبعة لتعيين القيم من خلال مطلبين، تحدد موقع دعوى تعيين القيم من الإجراءات في مطلب أول، وتبين طرق الطعن في الأحكام الصادرة في دعاوى تعيين القيّم في مطلب ثان ٍ.
المطلب الأول: موقع تعيين القيّم من الإجراءات
الفرع الأول: طلب مستقل عارض داخل الدعوى
وفيه يتقدّم المدعي إذا لم تتوافر صفة الاستعجال بطلب لتعيين قيّم على أموال المدعى عليه في دعوى متعلقة بتنازع على مال للمحكمة التي تنظر موضوع النزاع وفقا لأحكام المادة 144 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وإذا رأت المحكمة – بعد تقديم لائحة الطلب وإبداء الجواب عليها وتقديم بينات كل من المستدعي والمستدعى ضده فيها ووزن البينة – أن الطلب جدّي وأن الحالة تستدعي تعيين قيّم على المال تصدر القرار بتعيين القيّم على المال موضوع الدعوى، وإلا فتحكم برد الطلب.
الفرع الثاني: طلب مستقل أصلي
وفيه يتقدّم المستدعي ( المدعي ) لقاضي الأمور المستعجلة المختص بطلب مستعجل لتعيين قيم على أموال المستدعى ضده ( المدعى عليه ) وفقا لأحكام المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية، وقد استقر الاجتهاد القضائي على أن الدعوى المستعجلة لتعين القيم تتطلب ان يؤيد المدعي دعواه ببينات تؤكد ضرورة هذه الدعوى ([13])، ومن ذلك يقر القضاء بمجموعة شروط يجب توافرها مجتمعة ([14])، وهي:
- أن يكون هناك نزاع ([15]) على مال بين الطرفين المتنازعين وعدم الاتفاق بينهما على وضعه بيد شخص([16]) :حيث يجب على المحكمة أن تتحقق من جدية النزاع بين الأطراف وقوة موقف كل منهم بحيث تتوصل المحكمة إلى قناعة بأن الخلاف الفعلي قائم حول المال ([17]). ويتمثل تحقق المحكمة في جدية النزاع أن تعيين القيم في الغالب يقوم على طلب من قبل شخص يدعي صفته ومصلحته في طلب تعيين القيم. فتقوم المحكمة بالتحقيق الأولي فيما يدعيه دون أن تقرن قرارها بتعيين القيم كإجراء تحفظي وقتي بأحقية المدعي فيما ادعاه من عدمه ذلك أن من خصائص الحراسة القضائية عدم المساس بأصل الموضوع محل النزاع إلا بقدر ما تتوصل من خلاله المحكمة إلى التحقق من جدية النزاع ([18])؛ ذلك أن دعوى تعيين القيم إجراء قضائي ذو خطر وشأن غايته صيانة المال ومصلحة من تعلق له به حق قد يلجأ إليه من لا حق له سعيا للتنكيل بالآخرين([19]).
- أن يكون هناك خطر على المال وله صفة الاستعجال ([20]):
وحقيقة الخطر الداعي لتدخل القضاء والحكم بتعيين القيم هو الخشية من ضياع المال ([21]) أو تبديده أو الانتقاص من قيمته إذا بقي على حاله دون فرض الرقابة القضائية عليه، والخوف على مصلحة مدعي الحق إذا لم يتدخل القضاء ويبسط الرقابة القضائية، ولاعتبار هذا الخطر لا بد من توافر الأمرين التاليين (الخطر والاستعجال) مجتمعين([22]) :
الأول: أن يكون الخطر خطرا حقيقا متوقعا غير متوهم، فلا يكفي توهم الخطر لتمام هذا الشرط ([23]). ومعنى كونه حقيقيا أي أنه على فرض ترك الأمر على حاله سيؤول إلى الضرر فعلا بالمال وبأصحاب المصالح المتعلقة به، ولا سبيل لإدراك حقيقة الخطر إلا بالتحقيق الأولي مع طالب تعيين القيم إن وجد، ووفقا لواقع الحال، ويترك أمر تقديره للقاضي المختص.
الثاني: أن يكون الخطر عاجلا. والخطر العاجل هو ذلك الخطر المحدق بالمال والمصالح المتعلقة به والذي يجب درؤه فورا باتخاذ إجراءات مناسبة، أسرعها وأولاها تعيين القيم على المال([24]).
- أن يكون المال قابلاً لأن يعهد به إلى قيم([25]):حيث أن تعيين القيم إجراء قضائي متعلق بالأموال وهذا الإجراء يؤمر به رعاية لمصلحة لا تتحقق إلا إذا كان المال موضوع طلب تعيين القيم مالا يمكن حفظة وادارته. على ان لا يفهم من ذلك ان المطلوب وفق هذا الشرط ان يكون المال محدد القيمة مسبقا ([26])، انما يكتفى بان يكون المال قابلا للتسليم والادارة من قبل القيم المطلوب تعيينه.
توافر صفة الاستعجال:
كما يجب أن يتوفر شرط الاستعجال المنصوص عليه بالمادة (32) من قانون أصول المحاكمات المدنية دون المساس بأصل الحق المدعى به.
المطلب الثاني: الطعن في قرار تعيين القيم
الفرع الأول: الطعن في قرار تعيين القيم بالاستئناف
حينما تحكم المحكمة بتعيين القيم، فان هذا القيم يباشر صلاحياته التي قضت بها المحكمة ويكون حينها ممثلا قانونيا للمال الذي يحرسه، ويبقى قرار تعيينه ذاك ساريا نافذا حتى تنتهي المهمة المعين لها القيم او يتم الغاؤه من قبل نفس المحكمة او من محكمة اعلى منها ([27]) وهو الأمر الذي يقضي بامكانية الطعن بقرار المحكمة، فكيف يكون ذلك؟
نظمت المادة (176) من قانون أصول المحاكمات المدنية طريقة الطعن بالاستئناف حيث نصت على أنه:
1- تستأنف الأحكام الصادرة من المحاكم البدائية ومحاكم الصلح الى محكمة ا لاستئناف على أن تراعى في ذلك أحكام أي قانون أخر.
2- يجوز استئناف القرارات الصادرة في الامور المستعجلة ايا كانت المحكمة التي اصدرتها وتفصل محكمة الاستئناف المختصة في الطعن المقدم اليها بقرار لا يقبل الطعن بطريق التمييز الا باذن من رئيس محكمة التمييز او من يفوضه بذلك”.
وعليه، تختص محكمة الاستئناف بالنظر في الطعون المقدمة في الأحكام المتعلقة بتعيين القيّم سواء أكان الحكم تم في الطلب المستقل المقدم ضمن دعوى أصلية أم في الحكم الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة في الطلب المستعجل المستقل المقدم له وفقا لأحكام المادة 32 من قانون أصول المحاكمات المدنية، حيث تصدر محكمة الاستئناف قرارها إما بفسخ الحكم أو رد الاستئناف شكلا أو موضوعا، لتعود محكمة الدرجة الأولى بنظر دعوى تعيين القيّم من جديد بعد ذلك.
ونشير في هذا الصدد الى انه وان كان طلب تعيين القيم قابلا للاستئناف وفق القواعد العامة المشار اليها سالفا، فان هذا الطلب ايضا يوصف بانه من الطلبات التي تحكم بها المحكمة بما لها من سلطة ولائية وهو الأمر الذي يعني ان البت بطلب تعيين القيم لا يمنع من تقديم طلب جديد بنفس الموضوع ولا يمنع المحكمة من النظر به حتى ولو لم يخرج عن نطاق الطلب الاول ([28]).
الفرع الثاني: الطعن في قرار تعيين القيّم بالتمييز
إن تعيين القيم كما أسلفنا هو من الأمور المستعجلة، وعليه فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 176 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أنه: ” يجوز استئناف القرارات الصادرة في الامور المستعجلة أيا كانت المحكمة التي اصدرتها وتفصل محكمة الاستئناف المختصة في الطعن المقدم إليها بقرار لا يقبل الطعن بطريق التمييز إلا بإذن من رئيس محكمة التمييز او من يفوضه بذلك”.
وعليه، فإن قرار محكمة الاستئناف في الطعن المقدم لها في قرار المحكمة في الطلب المستعجل لتعيين القيم هو قرار لا يقبل التمييز من حيث الأصل، إلا أنه وفي حالة وجود نقطة قانون أو حالة قانونية تستدعي نظر محكمة التمييز للأمر فإنه يجوز الطعن بحكم محكمة الاستئناف بعد الحصول على إذن تمييز من رئيس محكمة التمييز بخصوص الموضوع ([29]).
وفي ذلك ذهب اجتهاد وحيد لمحكمة التمييز ([30]) مذهبا متشددا حينما قضى بعدم امكانية تمييز قرار محكمة الاستئناف القاضي بتعيين قيم، حيث قضت المحكمة بما يلي: “ان القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بتعيين قيم غير قابل للتمييز لان هذا القرار يعتبر من الاجراءات التحفظية الذي ليس من شانه ان يرفع يد المحكمة عن القضية وهو بمثابة قرار بالقاء الحجز على المال موضوع النزاع وحيث ان قرارات وضع الحجز ليست من القرارات القابلة للطعن فقد كان قرار محكمة الاستئناف بفسخ قرار محكمة البداية برفض طلب القيم واصدار قرار بتعيينه غير قابل للتمييز”.
الخاتمة:
ناقشنا في اطار هذه الورقة البحثية مفهوم تعيين القيم والدعوى الخاصة به، وأشرنا في هذا الصدد الى أن المشرع والقضاء الاردني لم يتطرقا الى أي تعريفٍ خاص بها، ذلك على الرغم من ايراد القضاء لبعض الحالات التي ساعدت في التوصل الى مفهوم ضمني يرمي اليه المشرع.
وفيما تلا ذلك نقلنا الحديث نحو الغاية التي وجدت من اجلها هذه الدعوى بوصفها ملبية لضرورة ملحة بحفظ المال المتنازع عليه وادارته.
ومن ثم انتقلنا لنبين الاجراءات العملية المتبعة لاقامة دعوى تعيين القيم من حيث الاختصاص المكاني والقيمي بالنسبة لها وطرق اقامتها سواء تمثلت بطلب مستقل ام بطلب عارض داخل دعوى معينة وبينا لاحقا الشروط الخاصة باقامة مثل هذه الدعوى فيما انتهينا اخيرا لبيان طرق الطعن التي من الممكن اثارتها حول قرار القاضي فيما يخص هذه الدعوى.
قائمة المراجع والمصادر:
المراجع والمؤلفات الفقهية:
الدناصوري، عز الدين، القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ في ضوء الفقه والقضاء، ج 2، الطبعة الثامنة، القاهرة، 2006.
هرجة، مصطفى مجدي، أحكام وآراء في القضاء المستعجل والتنفيذ الوقتي، دار الثقافة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، القاهرة، 1986.
طوالبة، منصور، الحراسة القضائية، المؤتمر القضائي الشرعي الأول، بدون سنة نشر.
القوانيين:
القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976، المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم 2645، بتاريخ 1-8-1976.
قانون أصول المحكمات المدنية الأردني رقم 24 لسنة 1988، المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم 3545، بتاريخ 2-4-1988.
_________________________________________________
[1] قانون أصول المحكمات المدنية الأردني رقم 24 لسنة 1988، المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم 3545، بتاريخ 2-4-1988.
[2] القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976، المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم 2645، بتاريخ 1-8-1976.
[3] الدناصوري، عز الدين، القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ في ضوء الفقه والقضاء، ج 2، الطبعة الثامنة، القاهرة، 2006، ص 730.
[4] قرار محكمة تمييز حقوق رقم 977/2007، تاريخ 30/4/2007، منشورات قسطاس.
[5] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 1976/55 (هيئة خماسية) تاريخ 1976/3/10 المنشور على الصفحة 1610 من عدد مجلة نقابة المحامين بتاريخ 1976/1/1 والتي قضت بما يلي: “تعد محكمة الاستئناف محكمة موضوع فاذا طلب اثناء النظر في الدعوى تعيين قيم على مال محل نزاع فيها ذلك اذا رات الطلب عادلا، ولا ينحصر ذلك في محكمة اول درجة. وتقدير ما اذا كان طلب تعيين القيم عادلا ام لا يعود تقديره لمحكمة الموضوع”.
[6] هرجة، مصطفى مجدي، أحكام وآراء في القضاء المستعجل والتنفيذ الوقتي، دار الثقافة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، القاهرة، 1986، ص 247.
[7] الدناصوري، مرجع سابق، ص 745.
[8] قرار محكمة الاستئناف رقم 2001/239 (هيئة ثلاثية) تاريخ 2001/11/8 – منشورات شبكة قانوني الاردن.
[9] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 2000/1714 (هيئة خماسية) تاريخ 2001/2/8 المنشور على الصفحة 209 من عدد المجلة القضائية رقم 2 بتاريخ 2001/1/1.
[10] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 2005/1530 (هيئة خماسية) تاريخ 2005/9/7 – منشورات شبكة قانوني الاردن.
[11] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 282/1988 (هيئة خماسية) تاريخ 10/9/1989 – LawJO.
[12] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 1646/2005 (هيئة خماسية) تاريخ 8/11/2006 – LawJO.
[13] قرار محكمة الاستئناف رقم 1995/921 (هيئة خماسية) تاريخ 1995/5/23: “يجب ان يدل ظاهر البينات المقدمة من المستانف على ما يبرر تعيين قيم والا كان طلب تعيين قيم حرياً بالرد”.
[14] قرار محكمة الاستئناف رقم 2001/194 (هيئة خماسية) تاريخ 2001/9/9 – منشورات شبكة قانوني الأردن، حيث حكمت المحكمة بما يلي: “لا يوجد مسوغ لطلب تعيين قيم اذا انتفت العناصر التي اتت على ذكرها المادة 896 من القانون المدني ، من حيث وجود خطر عاجل يتعين دفعه ، واستنادا لسبب عادل بتعيين حارس يقوم باستلام الشركة لحفظها وادارتها … اخذين بعين الاعتبار الصلاحية التقديرية للقضاء المستعجل”.
[15] الدناصوري، مرجع سابق، ص 722. انظر ايضا: قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 3133/2001 (هيئة خماسية) تاريخ 28/2/2002.
[16] يذهب الاستقرار القضائي الاردني الى ان مجرد وجود دعوى عادية كدعوى المحاسبة بين الشركاء لا يكفي لطلب تعيين القيم، انظر في ذلك قرار محكمة الاستئناف رقم 1995/920 (هيئة خماسية) تاريخ 1995/5/24. كما قضت ذات المحكمة بان مجرد وجود دعوى لاخراج شريك من الشركة لا يعتبر سببا لطلب تعيين القيم، انظر في ذلك: قرار محكمة الاستئناف رقم 253/1995 (هيئة خماسية) تاريخ 9/2/1995 – LawJO.
[17] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 2001/3133 (هيئة خماسية) تاريخ 2002/2/28.
[18] وفي ذلك قضت محكمة التمييز الأردنية بعدم وجود جدية في النزاع موجبة لقبول تعيين القيم لمجرد اساءه مدير الشركة القيام بواجباته، انظر قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 2002/177 (هيئة خماسية) تاريخ 2002/2/18.
[19] طوالبة، منصور، الحراسة القضائية، المؤتمر القضائي الشرعي الأول.
[20] الدناصوري، مرجع سابق، ص 745، انظر ايضا قرار محكمة محكمة الاستئناف رقم 1990/1317 (هيئة خماسية) تاريخ 1995/8/8 – منشوات شبكة قانوني الاردن والذي ينص: “اذا لم يكن هناك مال متنازع عليه ولم يوجد خطر عاجل ولم تتوافر شروط تعيين قيم التي حددتها المادة 896 من القانون المدني فان طلب تعيين قيم يكون في غير محله وحرياً بالرد”.
[21] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 1646/2005 (هيئة خماسية) تاريخ 8/11/2006 – LawJO.
[22] قرار محكمة الاستئناف رقم 2000/2421 (هيئة خماسية) تاريخ 2000/8/20.
[23] قرار محكمة الاستئناف رقم 2000/2559 (هيئة خماسية) تاريخ 2000/9/13 – LawJO.
[24] قرار محكمة تمييز حقوق رقم 977/2007، تاريخ 30/4/2007، منشورات قسطاس. ايضا قرار محكمة الاستئناف رقم 1995/1310 (هيئة خماسية) تاريخ 1995/7/27 – منشورات شبكة قانوني الاردن.
[25] الدناصوري، مرجع سابق، ص 775.
[26] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 1976/55 (هيئة خماسية) تاريخ 1976/3/10 المنشور على الصفحة 1610 من عدد مجلة نقابة المحامين بتاريخ 1976/1/1.
[27] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 1998/1393 (هيئة خماسية) تاريخ 1998/10/10 المنشور على الصفحة 406 من عدد المجلة القضائية رقم 10 بتاريخ 1998/1/1.
[28] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 1968/332 (هيئة خماسية) تاريخ 1969/11/20 المنشور على الصفحة 912 من عدد مجلة نقابة المحامين بتاريخ 1969/1/1.
[29] انظر قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 1999/3164 (هيئة خماسية) تاريخ 2000/4/27 المنشور على الصفحة 2257 من عدد مجلة نقابة المحامين بتاريخ 2002/1/1: تنص المادة (176/ 2) من قانون اصول المحاكمات المدنية بانه يجوز استئناف الاحكام الصادرة في المواد المستعجلة ايا كانت المحكمة التي اصدرتها وتبت المحكمة المختصة بهذا الاستئناف بقرار لا يقبل أي طريق من طرق الطعن وعليه وبما ان موضوع الدعوى يتعلق بتعيين قيم على مال فهو بذلك يدخل ضمن الامور == ==المستعجلة بحكم القانون وبما ان القرار المميز غير قابل للتمييز لكون القرارات التي تصدر عن محكمة الاستئناف في الامور المستعجلة لا تقبل التمييز فبالتالي يكون هذا التمييز واردا على حكم غير قابل له ويستحق الرد شكلا ولو صدر اذن بالتمييز على سبيل الخطا لان الحكم البات القطعي لا يقبل الطعن بالتمييز لا باذن ولا بدون اذن . وكذلك: قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 2004/2827 (هيئة خماسية) تاريخ 2004/9/6 : اذا كان موضوع الطعن هو لتعيين قيم على الشركة وهو غير مقدر القيمة فإن الطعن فيه تمييزاً يحتاج لمنحه إذن بتمييزه من رئيس محكمة التمييز أو من يفوضه
[30] قرار محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية رقم 1961/42 (هيئة خماسية)المنشور على الصفحة 530 من عدد مجلة نقابة المحامين بتاريخ 1961/1/1.
اترك تعليقاً