دستورية المادة (217) من القانون رقم 17 لسنة 1983
المحكمة الدستورية العليا المصرية
قضية رقم 279 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا “دستورية”
مبادئ الحكم: أعمال قضائية – عناصرها – حكم – دعوى دستورية – حجية – مصلحة مناطها – عمل قضائي – قرار – عاملون – نقابة المحامين – تظلم
نص الحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 نوفمبر سنة 2004 م، الموافق 24 رمضان سنة 1425 هـ
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي
رئيس المحكمة
والسادة المستشارين/ إلهام نجيب نوار ومحمد عبدالعزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه وسعيد مرعى عمرو
أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 279 لسنة 24 قضائية “دستورية”، المحالة من محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدائرة 9 عمال – بحكمها الصادر بجلسة 30/4/2003 في القضية رقم 1798 لسنة 2000 عمال كلي.
المقامة من
الأستاذ/ …
ضد
السيد المستشار الممثل القانوني لنقابة المحامين ورئيس اللجنة المؤقتة لنقابة المحامين
الإجراءات
بتاريخ 5 من أكتوبر سنة 2002، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف القضية رقم 1798 لسنة 2000 عمال كلى، بعد أن قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية “الدائرة 9 عمال” بوقفها وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادتين 187، 217 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 1798 لسنة 2000 عمال كلي أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، (الدائرة 9 عمال) طالبا الحكم أصليا: بأحقيته لمعاش كامل عن مدة قيده بنقابة المحامين في المدة من 23/2/1974 حتى 27/2/1999 وما يترتب على ذلك من آثار. واحتياطيا إلزام النقابة برد جميع الاشتراكات، المسددة لها طوال مدة اشتراكه فيها، قولا بأنه كان يعمل محاميا بالهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، وأن نقابة المحامين قد امتنعت بعد إحالته إلى المعاش عن صرف معاش كامل له طبقا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/12/1999 في القضية رقم 99 لسنة 20 قضائية “دستورية” القاضي بعدم دستورية عجز الفقرة الأولى من المادة (197) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فيما نصت عليه من “ويخفض المعاش إلى النصف بالنسبة للمحامين المعاملين بأحكام قانون التأمين الاجتماعي، وذلك عن كل سنة من سنوات التامين الاجتماعي” كما أسقطت النقابة مدة عمله بالخارج في الفترة من 1/5/1983 حتى 7/9/1998 عند حساب مدة قيده بها، رغم سداده الاشتراكات المستحقة عنها، مما حدا به إلى إقامة دعواه المشار إليها توصلا للقضاء له بطلباته المتقدمة،
وأثناء نظر الدعوى دفع الممثل القانوني لنقابة المحامين بعدم اختصاص محكمة الموضوع ولائيا بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص بذلك لمجلس النقابة العامة وفقا لنص المادة (217) من قانون المحاماة، وبجلسة 30/4/2002 قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادتين 187، 217 من القانون رقم 17 لسنة 1983 المشار إليه، لما تراءى لها من مخالفة نص المادة (187) من هذا القانون لنص المادتين 8، 40 من الدستور، ومخالفة نص المادة (217) منه لنص المادة (68) من الدستور.
وحيث إنه بالنسبة للطعن على نص المادة (187) من القانون رقم 17 لسنة 1983، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة الدستورية فيها بحكمها الصادر بجلسة 12/1/2003 في القضية رقم 124 لسنة 22 قضائية “دستورية” القاضي برفض الدعوى بالنسبة للطعن على هذا النص، وقد نشر ذلك الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم (4) مكرر(أ) بتاريخ 29/1/2003، وكان مقتضى نص المادتين 48، 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولا فصلا في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على النص المشار إليه.
وحيث إن المادة (217) من القانون رقم 17 لسنة 1983 تنص على أن “يختص مجلس النقابة وحده بالفصل في تظلمات ذوي الشأن من قرارات لجنة الصندوق، كما تختص مجالس النقابات الفرعية في الفصل في تظلمات ذوي الشأن من قرارات لجانه الفرعية.”.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكانت محكمة شمال القاهرة الابتدائية “الدائرة 9 عمال” قد أحالت إلى المحكمة الدستورية العليا نص المادة (217) من قانون المحاماة، بعد أن قدرت لزوم الفصل في المسألة المتعلقة بدستوريته، للبت في اختصاصها بنظر النزاع الموضوعي، والذى يدور حول أحقية المدعي في معاش كامل عن مدة اشتراكه في النقابة، أو رد الاشتراكات المسددة منه للنقابة – والذى ضمنه المدعي صحيفة دعواه الموضوعية كطلب احتياطي – إذ كان ذلك، وكانت المادتان 176، 207 من قانون المحاماة قد قصرت الاختصاص بترتيب المعاشات لمستحقيها على لجنة صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية، المشكلة طبقا لنص المادة (177) من هذا القانون،
وعلى ذلك فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة بالنسبة للطعن على صدر المادة (217) المشار إليها القاضي باختصاص مجلس النقابة وحده بالفصل في تظلمات ذوي الشأن من قرارات لجنة الصندوق، دون عجزها المقرر لاختصاص مجالس النقابات الفرعية بالفصل في تظلمات ذوي الشأن من قرارات لجانه الفرعية، لتغدو الدعوى بالنسبة للنص الأخير غير مقبولة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص الطعين إخلاله بحق التقاضي المقرر بنص المادة (68) من الدستور، قولا بأن هذا النص يمنع المدعي من اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، ويعقد الاختصاص بنظر النزاع إلى جهة غير قضائية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التمييز بين الأعمال القضائية وبين غيرها من الأعمال التي تلتبس بها، إنما يقوم على مجموعة من العناصر لا تتحدد بها ضوابط التمييز على وجه قطعي، ولكنها تعين على إبراز الخصائص الرئيسية للعمل القضائي، ومن بينها أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محددا بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي الذى يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، بما يؤكد غيريتها في مواجهة أطراف النزاع، وأن يثير النزاع المطروح عليها ادعاء قانونيا يبلور الحق في الدعوى كرابطة قانونية تنعقد الخصومة القضائية من خلالها، بوصفها الوسيلة التي عينها المشرع لاقتضاء الحقوق المدعى بها،
وبمراعاة أن يكون إطار الفصل فيها محددا، بما لا يخل بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها، وتمحيص ادعاءاتهم، على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفا، محددا في ضوئها حقوق كل من المتنازعين في تجرد كامل، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكدا للحقيقة القانونية مبلورا لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
وحيث إن البين من قانون المحاماة أن مجلس النقابة الذى عهد إليه النص الطعين وحده الاختصاص بالفصل في تظلمات ذوى الشأن من قرارات لجنة صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية، يخلو تشكيله من العنصر القضائي، إذ يتألف هذا المجلس – طبقا لنص المادة (131) من قانون المحاماة – من النقيب وأربعة وعشرين عضوا، يتم اختيارهم بطريق الانتخاب طبقا لنص المادة (132) وما بعدها من هذا القانون، والذين ينظرون – بحكم موقعهم على قمة التنظيم النقابي – في التظلمات من قرارات لجنة الصندوق، والتي لم يكفل المشرع لطرحها عليهم الضمانات الجوهرية للتقاضي، وعلى ذلك فإن فصل هذا المجلس في تلك التظلمات لا يعد فصلا في خصومة قضائية، ولا يعتبر المجلس حال ممارسته لهذا الاختصاص هيئة ذات اختصاص قضائي، كما أن القرار الصادر منه في هذا الشأن لا يصدق عليه وصف القرار القضائي.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عدم جواز الطعن في قرار أو عمل معين لا يكون إلا بنص صريح يقرر هذه الحصانة ويفرضها متوخيا عرقلة حق الفرد في النفاذ إلى القضاء للحصول على الترضية القضائية التي يطلبها لرد العدوان على الحقوق التي يدعيها، وكان النص المطعون فيه يتناول بالتنظيم طريقا للتظلم من قرارات لجنة الصندوق، عهد به إلى مجلس النقابة تمكينا له – بحكم صدارته للتنظيم النقابي – من فحص تظلمات ذوي الشأن والسعي لفض النزاع في كنف النقابة، بما قد يغني عن الخصومة القضائية، وإن كان لا يحول دونها، إذ لم ينطو هذا النص على تحصين لقرارات المجلس الصادرة في هذا الخصوص من الطعن عليها أمام القضاء، أو يتضمن انتقاصا أو مصادرة لحق صاحب الشأن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، بما ينفي عن النص الطعين قالة مخالفته نص المادة (68) من الدستور.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض مع أحكام الدستور من أوجه أخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى
اترك تعليقاً