دستورية قانون الانتخاب لمجلس النواب وإمكانية الطعن فيه

دراسة في دستورية قانون الانتخاب لمجلس النواب و إمكانية الطعن فيه

مؤيد أحمد المجالي

دراسة في دستورية قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 25 لسنة 2012 وإمكانية الطعن فيه لدى المحكمة الدستورية

يعتبر قانون الانتخاب لمجلس النواب من أهم قوانين المملكة الاردنية الهاشمية، إن لم يكن أهمها بعد الدستور، وتأتي هذه الأهمية كون هذا القانون متعلق مباشرة بنظام الحكم؛ فالمادة لأولى من الدستور تنص صراحة على أن نظام الحكم في المملكة الاردنية الهاشمية “نيابي ملكي وراثي”، أي أن الحكم في الأردن يرتكز دستوريا على المجلس النيابي والملك سواء بسواء.

وتقضي المادة (67) من الدستور أن تجري الانتخابات النيابية وفقاً لقانون الانتخاب، ومن الواجب وطبقا للمبادئ والقواعد القانونية والقضائية والفقهية أن يكون هذا القانون متفقاً وخاضعاً للدستور نصاً وروحاً وغير مخالف له، وهذا ما تقضي به المبادئ والقواعد القانونية العامة في دولة القانون؛ إذ السيادة للقانون وفق مبدأ المشروعية الذي يقضي بأن لا يخالف التشريعُ الأدنى التشريعَ الأعلى شكلاً و/أو موضوعا، وإلا كان جزاء التشريع الأدنى المخالِف، كان جزاؤه البطلان المطلق الذي لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبدأ المشروعية.

( بطلان قانون الانتخاب لمجلس النواب [ القانون رقم 25 لسنة 2012 وتعديلاته] بسبب مخالفته للدستور الأردني).

أولاً مخالفة القانون لمبدأ المساواة بين الأردنيين وعدم التمييز بينهم الذي أقرّه ويصونه الدستور

النص المخالَف في الدستور
تنص المادة(6/أ) من الدستور على ما يلي:

“الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”.

الأردني هو من يحمـل الجنسيـة الأردنيــة وفق أحكام قانون الجنسيـة؛ أي أن عـلاقـة المواطـن بالدولـة هـي علاقـةٌ قانـونيـة، تـُنشـئ لـه مركـزاً قـانـونيـاً، يكــون لـه حقــوقٌ علــى الدولة، وعليه واجبات لها، وكفل الدستور بمقتضى المادة (6/أ) لهذه المراكز القانونية المساواة أمـام القـانـون وأوجب عـدم التمييز بينها على أساس العرق أو اللغة أو الدين، بصراحة النص، أو على أي أساسٍ آخر غير مشروع يمس مبدأ المساواة ضمناً.

وإذ يقضي الدستور في المادة(67) أن يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب (الأردنيين) وفقاً لقانون الانتخاب، فهل الأردنيون أمام القانون سواء ولا تمييـز بينـهم في حقهم في الانتخاب؟؟

النصوص المخالِفة للدستور في القانون رقم 25 لسنة 2012

أ- النص المخالِف: جدول تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد فيه والملحق بالقانون والذي يعد جزءا لا يتجزأ منه.

إن الناظر إلى جدول تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد فيه والملحق بالقانون والذي يعد جزءا لا يتجزأ منه، والذي يعد أساس قانون الانتخاب، يجد أن هناك تمييزاً بين الأردنيين على أساس العرق أو الدين، وهو تمييـزٌ غير مشروعٍ بصراحـة نـص المــادة (6/أ) من الدستور. والبيان على النحو الآتي:

1- لقد ميّز الجدول بين الأردنيين على أسـاس الديـن؛ فالاردنيون المسلمـون حدد لهـم الجدول (95) مقعــداً في مجلــس النواب، بينما الاردنيون المسيحيـون حدد لهـم (9) مقاعد، رغم أن أتباع كلتا الديانتين أردنيون، وكفل الدستور لهم المسـاواة أمـام القانـون في توفير الفرصة لهم ليكونوا أعضاء في مجلس النواب دون أن يميز بينهم تمييزا على أساس الدين وهو تمييز غير مشروع بصراحة المادة (6/أ)؛ فالقانون ضمن لفئات طائفية معينة العضوية في مجلس النواب وحدد لهم دوائر محددة وحدد عدد المقاعد في في المجلس، فالمسيـحي مثلا، لا يجوز له أن يكـون نائبـاً عن الدائرة الأولى في محافظة العاصمة، لأن الجدول حدد مقاعد هذه الدائرة الخمسة للمسلمين فقط، فحرم الأردني المسيحي المقيم في الدائرة الأولى من فرصته في أن يكون نائباً عن هـذه الدائرة، رغـم أنـه أردنـي وكفـل الدستـور لـه المســاواة مـع مواطنـه المسلم، وإن كان مقيماً بهذه الدائرة، فالتمييز بين الاردنيين على أساس الدين غير مشروع بصراحة نص المادة (6/أ) من الدستور.

2- لقد ميّز الجدول بين الأردنيين على أساس العـرق؛ فالأردنـي كونـه شركسـياً أو شيشـانياً حدد لـه الجدول أن يكون نائباً عن ثلاث دوائر فقط، وبالمقابل حرمـه من فرصتـه في أن يكـون نائبـاً عـن بقيـة الـدوائـر، رغـم أنـه أردني، وكفل الدستور له المساواة مع مواطنه العربي وغير العربي، فالتمييز بين الاردنيين على أساس العرق غير مشروع بصراحة نص المادة (6/أ) من الدستور.

3- وكذلك في دوائر البادية المغلقة، نجد أن الجدول ميّز بين الاردنيين على أساس العرق وهو تمييز غير مشروع بصراحة نص المادة (6/أ) من الدستور، فحرم عشائر معينة في الجدول من حقهم في أن يكونوا نواباً عن غير هـذه الدوائر، وحرم الأردنيين من غير هذه العشائر أن يكونوا نواباً عن دوائر البادية، رغـم أنـهم جميعـاً أردنيـون، وكفـل الدستـور لهم المساواة أمام القانون وعدم التمييز بينهم على أساس العرق.

ويجدر بنا أن نسأل في هذا المقام. لماذا هذه الفئات الدينية أو العرقية أو الطائفية يخصص لها الجدول مقاعد في مجلس النواب دون فئات أخرى من مثل الفئات العرقية: (الكردية أو التركمانية أو البخارية أو … إلخ)، أو الفئات الطائفية : الدرزية أو العائلة التي ينتمي إليها مقدم هذا الطعن؟؟

أليس في هذا الوضع الذي يقيمه الجدول تمييزاً بين المواطنين الأردنيين على أسس غير مشروعة ومخالفة لأحكام الدستور مخالفة صريحة، في حين ساوى الدستور بين الأردنيين ومنع التمييز بينهم على أساس أعراقهم ولغاتهم ودياناتهم بنص صريح؟؟

إن وظيفة القانون أن يكافئ فرص الأردنيين في أن يكون نواباً في مجلس النواب، لا أن يضمن لهم التمثيل على أسس واعتبارات غير مشروعةٍ مخالفةٍ لأحكام الدستور، أي على أساس العرق أو اللغة أو الدين،، ويكون تكافؤ الفرص بأن يحدد القانون لكل دائرةٍ عدداً من النواب دون تخصيص على أساس العرق أو اللغة أو الدين. كأن يذكر “الدائرة س لها عـدد من النـواب” فبـذلك يساوي بين الأردنيـين على اختـلاف أصـولهم ومـنابتهم ودياناتهم في الفرصة في أن يكونوا نواباً عن هذه الدائرة أو الدوائر.

وذلك خلافاً للوضع الكائن في ظل دستور (1947) والقانون الأساسي لشرق الأردن (1928) اللذين كانا يراعيان وضعاً استثنائيا يستوجب رعاية الأقليات العرقية أو الطائفية، فقـد كـان دستـور (1947) يقضـي في المـادة (33)، وكان القانـون الأسـاسـي (1928) يقضي أيضاً في المادة (25/أ) بوجوب رعاية التمثيل العادل للأقليات، فهذا استثناء على القاعـدة العـامـة الدستـورية في المساواة قد جاء بنص دستوري. أما دستورنا الحالي (1952) فقد ألغى هذا النص، الأمر الذي يُوجب أن نلتزم ونخضع للقاعـدة العامـة في المساواة وعدم التمييز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات على أساس العرق أو اللغة أو الدين، فالاستثناء لا يكـون مشـروعاً إلا إذا كان بنصٍ من مستوى النص الذي يحكم القاعدة العامة، وغير مشروعٍ إذا كان بمقتضى تشريعٍ من مستوى أدنى، إلتزاماً بمبدأ التدرج القانوني .

ب- إن ما تضمنه القانون في المادة (3/جـ) من نص:

” يوقف استعمال حق الانتخاب لمنتسبي القوات المسلحة والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني أثناء وجودهم في الخدمة الفعلية “.

لقد ميّز القانون بين الأردنيين في حقهم في الانتخاب تمييزا غير مشروع على أساس العمل؛ فمن يعمل في القوات المسلحة والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني طيلة وجودهم في الخدمة الفعلية، يُوقف استعمال حقهم في الانتخاب، أي أن وقف هذا الحق جاء بسبب عمله في هذه الإدارات، وهذا سبب غير مشروع للتمييز بين الأردنيين، ويعدم المساواة بينهم أمام حق الانتخاب، بمفهوم المادة (6/أ) من الدستور، خصوصاً أن وقف حق الانتخاب هو حرمان فعلي من هذا الحق.

إن عدد العسكريين الاردنيين يقارب الثلثمائة ألف مواطن، ولقد أدى العسكريون كامل واجباتهم تجاه الوطن، ولهم في خدمتهم المشرفة الفضل، فلماذا ينتقص هذا القانون حقهم في الانتخاب خلافا للدستور الذي يقر ويضمن لهم هذا الحق ولا يمنعهم من ممارسته ولا يمنعهم من استعماله؟؟
وعليه فإن حق العسكريين في الانتخاب هو حقٌ مشروعٌ أقرّه ويصونه الدستور بنصٍ صريحٍ وواضحٍ أبلج، والنص الذي يُوقف استعمال هذا الحق في القانون، ما هو إلا نصٌ يخالف الدستور مخالفةً واضحةً تستوجب بطلان هذا النص بطلاناً مطلقاً، وعدم إجازته إذا ما أردنا أن نكون في دولة القانون وملتزمين بمبدأ المشروعية.

جـ- خالف القانون مبدأ المساواة الذي أقره الدستور، بتخصيص مقاعد للنساء.

لقد أمعن القانون رقم (25) لسنة 2012، في التمييز بين الأردنيين، وقد جاء التمييز هذه المرة على أساس الجنس، وهو تمييز غير مشروع بمقتضى المادة (6/أ) من الدستور؛ فتخصيص خمسة عشر مقاعداً للنساء في مجلس النواب بنص المادة (8/ب) من القانون مخالف لمبدأ المساواة بين الاردنيين وعدم التمييز بينهم على أسس غير مشروعة رجالا ونساء الذي أقره الدستور.

ويجدربنا التساؤل في هذا المقام، وعلى فرض مشروعية تخصيص هذه المقاعد للنساء -وهو غير مشروع- لماذا تم تخصيص خمسة عشر مقاعداً فقط؟؟ في الوقت الذي تمثل نسبة الإناث في المملكة ما يقارب (50%) من مجموع المواطنين، أي لماذا لا يخصص لهن نصف المقاعد في مجلس النواب.

ثانياً مخالفة القانون لمبدأ العمومية الذي أقرّه ويصونه الدستور

النص المخالَف
تنص المادة (67) من الدستور على ما يلي:

” يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخابا عاماً سرياً ومباشراً ووفقاً لقانون الانتخاب ..الخ”.

يتبين لنا من هذا النص ان الانتخاب يجب أن يكون عاماً وهو حق يمارسه ويستعمله جميع الاردنيين البالغين سن الرشد السياسي وليس خاصاً بفئة أو فئات دون أخرى، ولا يستثنى من هذا الحق أحد أو فئة، سوى الذين ليس لهم أهليةٌ لممارسة الحقوق السياسية وفق القواعد والمبادئ القانونية العامة، من مثل من لم يبلغوا سن الرشـد السيــاسي، أو المحجور عليهم لذاتهم أو لأي سببٍ آخر، أو المفلس قانونياً ولم يستعد اعتباره، أو المحكوم عليه بجرمٍ متعلقٍ بالشرف والأمانة أو بجناية ولم يستعد اعتباره. فهذه الفئات من المواطنين ليست أهلاً لممارسة واستعمال الحقوق السياسية ومنها حق الانتخاب بسبب نقص الإدراك لاختيار الأفضل أو لعيب لحق بعقولهم أو لعيب لحق بذمتهم جعل منهم مواطنين غير ثقات لاختيار نواب الأمة. فهذه العلل التي من أجلها مُنعوا أو حُرموا من ممارسة واستعمال حقهم في الانتخاب.

النص المخالِف
أما ما تضمنه القانون في المادة (3/جـ) من نص:
” يوقف استعمال حق الانتخاب لمنتسبي القوات المسلحة والمخابرات العامة والأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني أثناء وجودهم في الخدمة الفعلية “.

فما هو إلا قيدٌ غير مشروعٍ على مبدأ العمومية الذي أقرّه ويصونه الدستور.

فالعسكريون هم إحدى فئات المواطنين الذين تتوافر فيهم الثقة والشرف وحسن الاختيار ويتمتعون بالأهلية لممارسة حقوقهم السياسية ومنها حق الانتخاب لمجلس النواب، ولا يجوز أن يكون وجودهم في الخدمة العسكرية المشرّفة سبباً لنقص أهليتهم السياسية، فيوقف حقهم في الانتخاب، وما وقف استعمال الحق إلا حرمان من استعمال حق الانتخاب، كما أن هذه الفئة تتأثر بالقرارات التي يتخذها مجلس النواب كغيرهم من المواطنين، ودستورياً ومنطقيا لهم الحق الكامل في أن يشاركوا في اختيار ممثلي المواطنين والشعب (النواب) وممارسة واستعمال حق إنتخاب أعضاء مجلس النواب، وذلك أسوةٌ بفئات المواطنين الأخرى المتمتعة بهذا الحق، وهذا الحق يمارسه ويستعمله العسكريين في الدول الديمقراطية.

إن فئة العسكريين هي فئة على قدر عالٍ من المعرفة والوعي والإدراك وحسن التقدير و الاختيار، كيف لا وهم من حملة الشهادات العلمية في الطب والهندسة والحقوق والادارة وغيرها من التخصصات. لهذا من غير المبرر ولا المستساغ أن يهمل حقهم في إبداء رأيهم في اختيار ممثلي المواطنين والشعب وهم جزء من هذا الشعب وفئة من المواطنين، يتأثرون كغيرهم بقرارات هـذا المجـلس ضمن اختصاصاته؛ فمثلاً: قانون الخدمة العسكرية للضباط والأفراد، وهو قانونٌ يُقرّه مجلس النواب، هذا القانون يتـأثر به العسكريون بشكلٍ مباشر. أليس من حق العسكريين أن يختاروا نواباً عنهم ليعبروا عن رأيهم في هذا القانون وما يحويه من أحكام مهمة من مثل الأحكام الخاصة بانتهاء وإنهاء الخدمة العسكرية لتحديد ضوابط محددةٍ لها؟؟؟

إن عدد العسكريين الاردنيين يقارب الثلثمائة ألف مواطن، ولقد أدى العسكريون كامل واجباتهم تجاه الوطن، ولهم في خدمتهم المشرفة الفضل، فلماذا ينتقص هذا القانون حقهم في الانتخاب خلافا للدستور الذي يقر ويضمن لهم هذا الحق ولا يمنعهم من ممارسته ولا يمنعهم من استعماله؟؟
وعليه فإن حق العسكريين في الانتخاب هو حقٌ مشروعٌ أقرّه ويصونه الدستور بنصٍ صريحٍ وواضحٍ أبلج، والنص الذي يُوقف استعمال هذا الحق في القانون، ما هو إلا نصٌ يخالف الدستور مخالفةً واضحةً تستوجب بطلان هذا النص بطلاناً مطلقاً، وعدم إجازته إذا ما أردنا أن نكون في دولة القانون وملتزمين بمبدأ المشروعية.

ثالثاً خالف قانون الانتخاب رقم 25 لسنة 2012 أحكام الدستور بعدم تضمين القانون دوائر انتخابية لتمثيل جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية

النص المخالَف
تنص المادة (1) من الدستور:

” المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه …..الخ “

المخالِف لأحكام الدستور
لم يتضمن جدول تقسيم الدوائر الانتخابية في قانون الانتخاب رقم 25 لسنة 2012 دوائر انتخابية لكل من محافظة القدس ومحافظة نابلس ومحافظة الخليل والمقاعد المخصصة لكل منها، والتي قد تضمنها قانون الانتخاب لمجلس النواب قانون رقـم 22 لسنـة 1986 المنشـور في الجريـدة الرسميـــة عـدد (3398) الصادر بتاريخ 17/5/1986، حيث تعتبر هذه المحافظات دستوريا وقانونيا جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية ولا يجوز أن ينزل عنها بمقتضى المادة (1) من الدستور، الذي لا يجيز التنازل عن أي جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، ويقع باطـــــلاً – بطلاناً مطلقاً لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبدأ المشروعية – أي عمل أو أي إجراء من شأنه التنازل عن أي جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية.

وأما التحجج بقرار فك الارتباط، فما هو إلا محض كلام لا أساس له من الصحة و المشروعية، فلا وجود لما يسمى (قرار فك الارتباط)، ولا مشروعية له إن وجد، وإلا فأين هو هذا القرار المزعوم؟؟ ومن أصدره؟؟ وما نصه؟؟ ومتى صدر؟؟ وما سنده؟؟ وما مدى مشروعيته إن كان قد صدر؟؟ إن وجود القرار المزعوم مرتبط وجوداً وعدماً بالإجابة على هذه الأسئلة، وإلا فإنه غير موجود أصلاً.

لما تقدم كله يتبين لنا بجلاء أن قانون الانتخاب رقم 25 لسنة 2012 وخصوصا هذه المواد المشار إليها آنفا مخالفة للدسـتور (القانون الأعلى)، وهذه المخالفة تبطله وتبطلها بطلاناً مطلقاً،، بطلاناً لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبدأ المشروعية، وعليه يكون الانتخاب الذي جرى بموجب هذا القانون باطلاً، ونتائجه باطلة، فما يبنى على الباطل فهو باطل وفق المبادئ والقواعد القانونية والقضائية والفقية.

وعن إمكانية الطعن في دستورية هذا القانون، فقد أجاز الدستور لثلاث جهات حصراً حق الطعن أصالة في دستورية القوانين والانظمة لدى المحكمة الدستورية، وهي مجلس الوزراء ومجلس الاعيان ومجلس النواب، ولما كان مجلس النواب منحلاً في هذا الوقت ومجلس الاعيان موقفة جلساته لحل مجلس النواب، فإن الجهة الوحيدة القادرة حالياً على الطعن بهذا لدى المحكمة الدستورية هي مجلس الوزراء، وقد تم مخاطبته رسمياً وأصوليا للقيام بهذا العمل، ولكن يبدو أنه غير مهتم للأسف بسلامة القانون دستوريا.

لقد أجاز الدستور وقانون المحكمة الدستورية إثارة الدفع بعدم الدستورية لدى محكمة الموضوع، وعليه أتوقع أن تقدم طعون عديدة لدى محكمة الاستئناف المختصة بنظر الطعون الانتخابية للطعن في صحة نيابة النواب الجدد في المجلس القادم دفعاً بعدم دستورية قانون الانتخاب ونصوص أساسية وجوهرية فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *