الطعنان 635 ، 640 لسنة 54 ق جلسة 27 / 12 / 1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 431 ص 2281
برياسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد كمال سالم، نائب رئيس المحكمة، محمد رأفت خفاجي، محمد فؤاد شرباش، ودكتور محمد فتحي نجيب.
————-
– 1 إيجار “الأرض الفضاء”. عقد “تفسير العقد”. قانون.
دعوى الإخلاء المستندة إلى عقد إيجار أرض فضاء . خضوعها للقواعد العامة في القانون المدني . لا يغير من ذلك وجود مبان وقت إبرام العقد أو سابقة عليه لم تكن محل اعتبار عند التعاقد أو عند تقدير الأجرة . العبرة في نوع العين هو بما تضمنه العقد.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ورود عقد الإيجار على أرض فضاء يجعل دعوى الإخلاء خاضعة للقواعد العامة في القانون المدني ، بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك الأرض مبان وقت إبرام العقد أو سابقة عليه ، طالما أن المباني لم تكن محل اعتبار عند التعاقد أو عند تقدير الأجرة ، ومن المقرر أيضاً أن العبرة في تعرف نوع العين المؤجرة هي بما تضمنه عقد الإيجار من بيان لها ، طالما جاء مطابقاً لحقيقة الواقع ، لما كان ذلك ، وكان الثابت من تقرير الخبير المقدم لمحكمة الدرجة الأولى ، أن العين المؤجرة عليها منشآت عبارة عن محطة بنزين وجراج للسيارات أقامها المستأجر الأول لعين النزاع .. من ماله الخاص ، ولما انتهت مدة عقده ، باع تلك المباني للمستأجرة التي خلفته .. بموجب عقد البيع المؤرخ 1966/7/27 ، وأن الطاعنة أقامت محطة لتشحيم السيارات من مالها الخاص …. وكان الثابت من عقد الإيجار من الباطن المؤرخ 1962/3/1 الصادر من الطاعنة لشركة مصر للبترول المطعون ضدها الرابعة والمقدم من الأخيرة لخبير الدعوى ، وجاء به أنها – أي الطاعنة – تملك المباني والمنشآت المقامة على أرض النزاع ، ومؤدى ما جاء بتقرير الخبير أن تلك المنشآت غير مملوكة للمؤجرين ، فإذا ما انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى أن العين المؤجرة أرض فضاءه ونسب ذلك إلى ما جاء بتقرير الخبير ، فإنه لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق – ويكون ما ثبت بعقد الإيجار محل الدعوى يتفق وحقيقة الواقع ، وإذ رتب الحكم على تلك النتيجة أن المباني ، وهي غير مملوكة للمؤجرين – لم تكن محل اعتبار – عند التعاقد ، فانه يكون قد استدل على ما ذهب إليه بأسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق ، ويكون النعي عليه بالفساد في الاستدلال على غير أساس ، وإذ انتهى الحكم إلى إنهاء عقد الإيجار سالف الذكر لانتهاء مدته تطبيقاً للأحكام العامة في القانون المدني ، فإنه يكون قد أعمل صحيح حكم القانون ، إذ أن قوانين إيجار الأماكن لا تسرى على الأراضي الفضاء .
– 2 ملكية “التصاق”.
ملكية صاحب الأرض لما عليها وما تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى . م 921 مدنى قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس . عدم جواز التحدي بقواعد الالتصاق عند وجود اتفاق يخالفها .
النص في الفقرة الأولى من المادة 922 من القانون المدني على أن ” كل ما على الأراضي وتحتها من بناء أو أغراض أو منشآت أخرى ، يعتبر من عمل صاحب الأرض إقامة على نفقته ويكون مملوكاً له ” ، يدل على أن المشرع قد وضع قرينة قانونية تقضى بأن مالك الأرض بحسب الأصل يعتبر مالكاً لما فوقها وما تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى ، فلا يطالب مالك الأرض بإقامة الدليل على ملكيته للمنشآت ، وتستند هذه القرينة القانونية إلى مبدأ عام تقرره المادة 2/803 من القانون المدني ، فإن ملكية الأرض تشمل ما فوقها و ما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علواً أو عمقاً ، إلا أن تلك القرينة القانونية تقبل إثبات العكس ، إذ نصت الفقرة الثانية من المادة 922 سالفة الذكر على أنه ” ويجوز مع ذلك أن يقام الدليل على أن أجنبياً أقام هذه المنشآت على نفقته ، كما يجوز أن يقام الدليل على أن مالك الأرض قد خول أجنبياً ملكية منشآت كانت قائمة من قبل أو خوله الحق في إقامة هذه المنشآت و تملكها ، كأن يكون هناك اتفاق بين صاحب الأرض و الغير يجيز للأخير تملك المنشآت التي يقيمها على الأرض ، وفي هذه الحالة لا يكون هناك مجال لأعمال حكم الالتصاق كسبب لكسب الملكية ، و تبقى ملكية الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها من منشآت ، وهو ما أجازته المادة 3/803 من القانون المدني . لما كان ذلك ، وكان الثابت من عقود الإيجار الصادرة من المطعون ضدهم الثلاثة الأول للطاعنة و المستأجرين السابقين لها أنهم قد صرحوا لهؤلاء المستأجرين بإقامة مباني عليها تكون مملوكة لهم ، ولهم حق إزالتها والاستيلاء عليها ، كما ثبت من عقود الإيجار من الباطن الصادرة من الطاعنة لشركة مصر للبترول أنها تملك تلك المنشآت ، فإنه لا محل للتحدي بأحكام الالتصاق ، ولا يعيب الحكم إغفاله تطبيقها .
– 3 إيجار “إيجار الأماكن”. إثبات “البينة”. نظام عام.
عدم جواز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة شرطه ألا يكون القصد من الكتابة التحايل على أحكام متعلقة بالنظام العام حق من وجه الاحتيال ضد مصلحته في إثباته بكافة طرق الإثبات
لئن كان الأصل – و على ما جرى به نص المادة 1/61 من قانون الإثبات أنه لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي ، إلا أن ذلك مشروط ألا يكون القصد من الكتابة التحايل على أحكام القانون المتعلقة بالنظام العام ، إذ يجوز لمن كان الاحتيال موجهاً ضد مصلحته – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يثبت التحايل بكافة طرق الإثبات القانونية ، و لو خالف بذلك الثابت بالكتابة .
– 4 إيجار “إيجار الأماكن”. إثبات “البينة”. نظام عام.
تمسك الطاعنة بصورية وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار بأنها ارض فضاء بقصد التحايل على أحكام الامتداد القانوني . أثره . جواز إثبات التحايل . بكافة طرق الإثبات
لئن تمسكت الطاعنة بصورية وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار بأنها أرض فضاء ، و أن المؤجرين قصدوا التحايل على أحكام قوانين إيجار الأماكن التي تقرر الامتداد القانوني لعقود الإيجار و لو انتهت مدتها الاتفاقية ، مما يجيز لها إثبات هذا التحايل بكافة طرق الإثبات القانونية استثناء من نص المادة 1/61 من الإثبات ، إلا أن الثابت من مذكرات دفاع الطاعنة أمام محكمتي الموضوع أنها تبقى من هذا الدفاع إثبات أن العين المؤجرة عليها منشآت مبنية ، و قد رأت محكمة الدرجة الأولى التحقق من وصف العين المؤجرة الوارد في عقد الإيجار ، فحكمت بندب خبير في الدعوى لمعاينة أرض النزاع ، وبيان ما بها من منشآت و تاريخ إقامتها ، و من أقامها ، و الغرض منها ، و تاريخ استغلالها ، وبيان المستغل لها و سنده في ذلك ، و بيان مساحة كل منشأة على حده ، و صرحت له بسماع أقوال الخصوم و شهودهم و من يرى لزوماً لسماعه ، والاطلاع على المستندات لدى أي جهة ، وبعد أن قدم الخبير تقريره انتهى الحكم صحيحاً إلى أن الوصف الوارد بعقد الإيجار للعين المؤجرة مطابق لحقيقة الواقع ، إذ ثبت له من هذا التقرير أن المنشآت مملوكة للمستأجرين و منهم الطاعنة ، و أقاموها من مالهم الخاص ، و خلص سائغاً إلى أن المنشآت لم تكن محل اعتبار عن التعاقد ، ومن ثم فإن محكمة الموضوع تكون قد أتاحت للطاعنة إثبات دفاعها بكافة طرق الإثبات القانونية و قد سأل الخبير في محضر أعماله القائم على إدارة الجراج التابع لها ، واطلع على المستندات المقدمة منها ، ومن باقي الخصوم وقد أثبتت الطاعنة أن العين المؤجرة كانت عليها منشآت سابقة على التعاقد ، إلا أن الخبير أثبت أن تلك المنشآت غير مملوكة للمؤجرين ، ومن ثم تكون الطاعنة قد أخفقت في إثبات التحايل على القانون …. ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون غير منتج.
– 5 حكم “تسبيب الحكم”. نقض “سلطة محكمة النقض”.
انتهاء الحكم في قضائه إلى النتيجة الصحيحة. لا يبطله اشتماله على تقرير قانوني خاطئ. لمحكمة النقض تصحيح ذلك دون أن تنقضه.
لم يكن التقرير القانوني الخاطئ الذى ورد بالحكم رداً على الدفع بالصورية أى تأثير في قضائه ، و لهذه المحكمة – و على ما جرى عليه قضاؤها – أن تصحح ما يرد بأسباب الحكم المطعون فيه من تقريرات قانونية خاطئة لم تؤثر في قضائه دون أن تنقضه .
– 6 حكم “تسبيب الحكم” “تناقض”. إيجار “إيجار الأماكن”.
إيراد الحكم ما جاء بتقرير الخبير من أن أرض النزاع عليها منشآت سابقة علي التأجير وانتهائه إلى أن عقد الإيجار قد ورد علي أرض فضاء . لا عيب ولا تناقض . علة ذلك .
لا يعيب الحكم إيراده ما جاء بتقرير الخبير من أن أرض النزاع عليها منشآت سابقة على التأجير ، ثم انتهائه إلى أن عقد الإيجار قد ورد على أرض فضاء أي تناقض ، فقد ثبت من تقرير الخبير أن تلك المنشآت غير مملوكة للمؤجرين – للمطعون ضدهم – و من ثم فإنها لم تكن محل اعتبار عند تعاقدهم مع الطاعنة على تأجير هذه الأرض .
– 7 حكم “تسبيب الحكم” “تناقض”. إيجار “إيجار الأماكن”.
نص المادة 51 من القانون 49 لسنة 1977 . سريانه على المباني المؤجرة لغير أغراض السكن . عدم انطباقه على الأراضي الفضاء المؤجرة . علة ذلك .
المادة 51 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بصريح نصها لا تسرى إلا على المباني المؤجرة لغير أغراض السكن ، يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 49 من نفس القانون الواردة في نفس الفصل منه أنه ” يجوز لمالك المبنى المؤجرة كل وحداته كغير أغراض السكن أن ينبه على المستأجرين بإعلان على يد محضر بإخلاء المبنى بقصد إعادة بنائه و زيادة مسطحاته وعدد وحداته وذلك وفقاً للشروط والأوضاع الآتية …. ” ويترتب على ذلك أن نص المادة 51 سالف الذكر لا ينطبق على الأراضي الفضاء المؤجرة .
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 11763 سنة 1980 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعنة – في الطعن رقم 635 سنة 54ق – للحكم بإخلاء الأرض الفضاء المبينة بالصحيفة مع تسليمها إليهم خالية، وقالوا في شرح دعواهم أنهم أجروا لها أرض النزاع بموجب عقد مؤرخ 1/12/1971 لمدة أربع سنوات، وتجدد لمدة أخرى تنتهي في 30/11/1979. وقد انذروها بالإخلاء في 1/7/1979 لعدم رغبتهم في تجديد العقد، ولما لم تستجب لطلبهم، أقاموا الدعوى أجابت الطاعنة بأن العين المؤجرة عليها مباني ومنشآت ثابت قبل التأجير، ويسري على عقد إيجارها قانون إيجار الأماكن، الذي يقرر الامتداد القانوني لعقود الإيجار ولو انتهت مدتها الاتفاقية، وأدخلت الشركة المطعون ضدها الرابعة خصما في الدعوى لتقدم ما تحت يدها من مستندات مؤيدة لدفاعها. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، لمعاينة أرض النزاع، وبيان ما بها من منشآت، وتاريخ إقامتها ومن الذي أقامها، والغرض منها وتاريخ استغلالها، وبيان المستغل لها وسنده في ذلك، وبيان مساحة كل منشأة على حدة وقدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن أرض النزاع مساحتها 1042.90 متراً، عليها مباني ومنشآت محطتي بنزين وتشحيم للسيارات على مساحة 370 متراً، تشغل محطة التشحيم منها مساحة 93 متراً، وباقي المساحة وقدرها 670 متراً أقيم عليها “جراج” للسيارات، وهذه المنشآت – عدا محطة التشحيم، أقامها …… المستأجر الأول لأرض النزاع في سنة 1953 من ماله الخاص، وقام بتأجيرها من الباطن للشركة المطعون ضدها الرابعة، وأن الطاعنة هي التي أقامت محطة التشحيم من مالها الخاص، وقامت بدورها بتأجير محطتي البنزين والتشحيم للشركة المطعون ضدها الرابعة، وبتاريخ 23/2/1983 حكمت المحكمة بإخلاء أرض النزاع، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2952 سنة 100ق القاهرة، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها الرابعة بالاستئناف رقم 2907 سنة 100ق القاهرة، وبعد ضم الاستئنافين قضت المحكمة بتاريخ 5/1/1983 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 635 سنة 54ق، كما طعنت فيه أيضاً الشركة المطعون ضدها الرابعة وقيد طعنها برقم 640 سنة 54ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين، أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها.
———–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولا: بالنسبة للطعن رقم 635 سنة 54ق:-
حيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، تنعي الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، والفساد في الاستنتاج، ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الخبير أثبت في تقريره وجود مباني محطة بنزين، وجراج للسيارات سابقتين على التأجير الحاصل في سنة 1971، وأن تلك المنشآت أقيمت على العين المؤجرة بقصد الانتفاع بها في الغرض الذي أجرت من أجله، ومؤدى ذلك أن هذه المنشآت تكون محل اعتبار عند التعاقد، وتعتبر العين المؤجرة مكانا يسري عليه قانون إيجار الأماكن، فيمتد عقد إيجارها بقوة القانون ولو انتهت مدته الاتفاقية. وإذ أقام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضاءه على أن عقد الإيجار أنصب على أرض فضاء، وأن المباني المقامة عليها ليست محل اعتبار في العقد ناسبا ذلك إلى تقرير الخبير، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وعابه الفساد في الاستنتاج، وقد أدى به هذا الخطأ إلى تطبيقه أحكام القانون المدني، فقضى بإخلاء العين المؤجرة لانتهاء مدة العقد الاتفاقية، فيكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ورود عقد الإيجار على أرض فضاء يجعل دعوى الإخلاء خاضعة للقواعد العامة في القانون المدني، بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك الأرض مبان وقت إبرام العقد أو سابقة عليه، طالما أن المباني لم تكن محل اعتبار عند التعاقد، أو عند تقدير الأجرة، ومن المقرر أيضا أن العبرة في تعرف نوع العين المؤجرة هي بما تضمنه عقد الإيجار من بيان لها، طالما جاء مطابقا لحقيقة الواقع. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير المقدم لمحكمة الدرجة الأولى، أن العين المؤجرة عليها منشآت عبارة عن محطة بنزين، وجراج للسيارات، أقامها المستأجر الأول لعين النزاع …….. في سنة 1953 من ماله الخاص، ولما انتهت مدة عقده، باع تلك المباني للمستأجر التي خلفته السيدة/ ……… بموجب عقد البيع المؤرخ 27/ 7/ 1966، وأن الطاعنة أقامت محطة لتشحيم السيارات من مالها الخاص، وقد ثبت بالكشف الرسمي المستخرج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية أن المباني الأولى مكلفة باسم مالكها……. من واقع دفاتر الجرد من سنة 1960 حتى سنة 1976 ومقيدة تحت رقم 271، وكان الثابت من عقد الإيجار من الباطن المؤرخ 1/ 3/ 1962 الصادر من الطاعنة لشركة مصر للبترول المطعون ضدها الرابعة والمقدم من الأخيرة لخبير الدعوى، وجاء به أنها – أي الطاعنة – تملك المباني والمنشآت المقامة على أرض النزاع، ومؤدى ما جاء بتقرير الخبير أن تلك المنشآت غير مملوكة للمؤجرين، فإذا ما انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى أن العين المؤجرة أرض فضاء، ونسب ذلك إلى ما جاء بتقرير الخبير، فإنه لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق، ويكون ما ثبت بعقد الإيجار محل الدعوى يتفق وحقيقة الواقع وإذ رتب الحكم تلك النتيجة أن المباني – وهي غير مملوكة للمؤجرين – لم تكن محل اعتبار عند التعاقد، فإنه يكون قد استدل على ما ذهب إليه بأسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق ويكون النعي عليه بالفساد في الاستدلال على غير أساس وإذ انتهى الحكم إلى إنهاء عقد الإيجار سالف الذكر لانتهاء مدته تطبيقا للأحكام العامة في القانون المدني، فإنه يكون قد أعمل صحيح حكم القانون إذ أن قوانين إيجار الأماكن لا تسري على الأراضي الفضاء (المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947، والمادة الأولى من القانون رقم 52 لسنة 1969 والمادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977)، ومن ثم يكون النعي على الحكم مخالفته للقانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن المنشآت المقامة على العين المؤجرة سابقة على التعاقد، وتعتبر مملوكة للمؤجرين – المطعون ضدهم الثلاثة الأول – عملا بأحكام الالتصاق، تطبيقا لنص المادة 922 من القانون المدني حتى ولو ثبت أنها مملوكة للغير، وإذ أغفل الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إعمال هذا النص القانوني، وما يترتب على ذلك من اعتبار عين النزاع من الأماكن المؤجرة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 922 من القانون المدني على أن “كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى، يعتبر من عمل صاحب الأرض إقامة على نفقته ويكون مملوكا له”، يدل على أن المشرع قد وضع قرينة قانونية تقضي بأن مالك الأرض بحسب الأصل يعتبر مالكا لما فوقها وما تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى، فلا يطالب مالك الأرض بإقامة الدليل على ملكيته للمنشآت وتستند هذه القرينة القانونية إلى مبدأ عام تقرره المادة 803/ 2 من القانون المدني، بأن ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علوا أو عمقا، إلا أن تلك القرينة القانونية تقبل إثبات العكس، إذ نصت الفقرة الثانية من المادة 922 سالفة الذكر على “ويجوز مع ذلك أن يقام الدليل على أن أجنبيا أقام هذه المنشآت على نفقته”، كما يجوز أن يقام الدليل على أن مالك الأرض قد خول أجنبيا ملكية منشآت كانت قائمة من قبل أو خوله الحق في إقامة هذه المنشآت وتملكها”، كأن يكون هناك اتفاق بين صاحب الأرض والغير يجيز للأخير تملك المنشآت التي يقيمها على الأرض، وفي هذه الحالة لا يكون هناك مجال لإعمال حكم الالتصاق كسبب لكسب الملكية، وتبقى ملكية الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها من منشآت، وهو ما أجازته المادة 803/ 3 من القانون المدني. لما كان ذلك، وكان الثابت من عقود الإيجار الصادرة من المطعون ضدهم الثلاثة الأول للطاعنة والمستأجرين السابقين لها أنهم قد صرحوا لهؤلاء المستأجرين بإقامة مباني عليها تكون مملوكة لهم، ولهم حق إزالتها والاستيلاء عليها كما ثبت من عقد الإيجار من الباطن الصادر من الطاعنة لشركة مصر للبترول أنها تملك تلك المنشآت، فإنه لا محل للتحدي بأحكام الالتصاق، ولا يعيب الحكم إغفاله تطبيقها، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمتي الموضوع بصورية وصف العين المؤجرة بأنها أرض فضاء، وأن المؤجرين – المطعون ضدهم الثلاثة الأول – قصدوا التحايل على أحكام قانون إيجار الأماكن الخاصة بالامتداد القانوني لعقود الإيجار، وهي أحكام متعلقة بالنظام العام، مما يعطيها الحق في إثبات دفاعها بكافة طرق الإثبات القانونية، في حين أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ذهب إلى أنه إزاء تمسك المؤجرين بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة، فلا يجوز لها إثبات دفاعها، إلا بدليل كتابي وهو ما لم تقدمه، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث دفاعها وهو جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه أيضا بالإخلال بحق الدفاع، والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه ولئن كان الأصل – وعلى ما جرى به نص المادة 61/ 1 من قانون الإثبات أنه لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، إلا أن ذلك مشروط ألا يكون القصد من الكتابة التحايل على أحكام القانون المتعلقة بالنظام العام، إذ يجوز لمن كان الاحتيال موجها ضد مصلحته – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يثبت التحايل بكافة طرق الإثبات القانونية، ولو خالف بذلك الثابت بالكتابة، وأنه ولئن تمسكت الطاعنة بصورية وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار بأنها أرض فضاء، وأن المؤجرين قصدوا التحايل على أحكام قوانين إيجار الأماكن التي تقرر الامتداد القانوني لعقود الإيجار ولو انتهت مدتها الاتفاقية، مما يجيز لها إثبات هذا التحايل بكافة طرق الإثبات القانونية استثناء من نص المادة 61/ 1 من قانون الإثبات، إلا أن الثابت من مذكرات دفاع الطاعنة أمام محكمتي الموضوع أنها تبغي من هذا الدفاع إثبات أن العين المؤجرة عليها منشآت مبنية، وقد رأت محكمة الدرجة الأولى التحقق من وصف العين المؤجرة الوارد في عقد الإيجار فحكمت بندب خبير في الدعوى لمعاينة أرض النزاع، وبيان ما بها من منشآت وتاريخ إقامتها، ومن أقامها، والغرض منها، وتاريخ استغلالها، وبيان المستغل لها وسنده في ذلك، وبيان مساحة كل منشأة على حدة، صرحت له بسماع أقوال الخصوم وشهودهم ومن يرى لزوما لسماعه، والاطلاع على المستندات لدى أي جهة، وبعد أن قدم الخبير تقريره انتهى الحكم صحيحا إلى أن الوصف الوارد بعقد الإيجار للعين المؤجرة مطابق لحقيقة الواقع، إذ ثبت له من هذا التقرير أن المنشآت مملوكة للمستأجرين ومنهم الطاعنة، وأقاموها من مالهم الخاص، وخلص سائغا إلى أن المنشآت لم تكن محل اعتبار عند التعاقد، ومن ثم فإن محكمة الموضوع تكون قد أتاحت للطاعنة إثبات دفاعها بكافة طرق الإثبات القانونية وقد سأل الخبير في محضر أعماله القائم على إدارة الجراج التابع لها، واطلع على المستندات المقدمة منها، ومن باقي الخصوم، وقد أثبتت الطاعنة أن العين المؤجرة كانت عليها منشآت سابقة على التعاقد، إلا أن الخبير أثبت أن تلك المنشآت غير مملوكة للمؤجرين، ومن ثم تكون الطاعنة قد أخفقت في إثبات التحايل على القانون، ولم يكن التقرير القانوني الخاطئ الذي ورد بالحكم ردا على الدفع بالصورية أي تأثير في قضائه، ولهذه المحكمة – وعلى ما جرى عليه قضاءها – أن تصحح ما يرد بأسباب الحكم المطعون فيه من تقريرات قانونية خاطئة لم تؤثر في قضائه دون أن تنقصه، ومن ثم فإن النعي بهذين السببين يكون غير منتج، وبالتالي غير مقبول، ولما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.
ثانيا: بالنسبة للطعن رقم 640 سنة 54ق:
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعي بها الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والتناقض والخطأ في فهم الواقع وتحصيله، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه تجاهل تماما المباني المقامة على العين المؤجرة، واعتبرها ثانوية، وإنها لم تكن محل اعتبار عند التعاقد، ونسب ذلك إلى تقرير الخبير على خلاف الثابت به، وبالكشف الرسمي والترخيص المؤرخ 23/ 5/ 1957، فيكون قد أخطأ في فهم الواقع وعابه التناقض، وخالف الثابت بالأوراق، كما أن الحكم رفض إثبات الدفع بصورية وصف العين المؤجرة بغير دليل كتابي، في حين أن التحايل على القانون يجوز إثباته بكافة الطرق القانونية، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون. هذا إلى أن المؤجرين – المطعون ضدهم – يقصدون التوصل إلى هدم مباني محطة خدمة السيارات وتموينها لبيع الأرض خالية، وهو ما يتعارض مع حكم المادة 51 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي يحظر إخلاء محطات خدمة وتموين السيارات، نظرا لما تؤديه من خدمات عامة للجمهور، مما يعيب الحكم أيضا بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بما أوردته المحكمة في ردها على أسباب الطعن السابق، ولا يعيب الحكم إيراده ما جاء بتقرير الخبير من أن أرض النزاع عليها منشآت سابقة على التأجير، ثم انتهائه إلى أن عقد الإيجار قد ورد على أرض فضاء أي تناقض، فقد ثبت من تقرير الخبير أن تلك المنشآت غير مملوكة للمؤجرين – المطعون ضدهم – ومن ثم فإنها لم تكن محل اعتبار عند تعاقدهم مع الطاعنة على تأجير هذه الأرض، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 51 من القانون رقم 49 لسنة 1977 – الواردة في الفصل الأول من الباب الثاني في شأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع. من أنه “لا تسري أحكام هذا الفصل على المباني المؤجرة لاستعمالها دورا للتعليم.. ومحطات تموين وخدمة السيارات.. وغيرها من المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور”. ذلك أن هذه المادة بصريح نصها لا تسري إلا على المباني المؤجرة لغير أغراض السكن، يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 49 من نفس القانون الواردة في نفس الفصل من أنه “يجوز لمالك المباني المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكن أن ينبه على المستأجرين بإعلان على يد محضر بإخلاء المبنى بقصد إعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وذلك وفقا للشروط والأوضاع الآتية…” ويترتب على ذلك أن نص المادة 51 سالف الذكر لا ينطبق على الأراضي الفضاء المؤجرة، ومن ثم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً