القرار عدد 3717
الصادر بغرفتين بتاريخ 21 أكتوبر 2009
في الملف المدني عدد 1755/1/4/2007
استحقاق عقار- إثبات – دعوى الاستحقاق – عدم الاعتداد بالحيازة.
اعتماد المدعي لإثبات دعوى الاستحقاق على محضر المعاينة والاستجواب ورسم الإحصاء لتأكيد حيازته للعقار واستمرارها المدة القانونية لا يعد حجة معتمدة لإثبات التملك مع وجود رسم للملكية مستجمع لكافة عناصر الملك.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك
حيث يستفاد من مستندات الملف، ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالجديدة بتاريخ 17/11/2006 تحت عدد 157 في الملف عدد 03/52/2006 أن المدعي المطلوب في النقض امحمد (ط) تقدم أمام المحكمة الابتدائية بنفس المدينة بمقال يعرض فيه،
أن مورثته الزاهية (ط) توفيت عنه حسب الثابت من الإراثة المضمنة بعدد 57 وتاريـخ 22/4/2002 وخلفت ما يورث عنها شرعا البقعة المسماة “المحيرشة” مساحتها 5 خداديم تقريبا، حدودها مذكورة بالمقال، وأنها هي الكائنة بمزارع دوار الحشالفة حسب الثابت من رسم إحصاء تركة مضمن بعدد 323 وتاريخ 20/5/2002 ومن ملكية مورثة العارض حسب الثابت من رسم الملكية المضمنة بعدد 376 وتاريخ 23/4/2004. وأن المدعى عليه طالب النقض أصبح ينازعه في ملكية العقار المذكور ووضع يده عليه، دون وجه حق،
ملتمسا الحكم باستحقاقه له وبإفراغ المدعى عليه منه هو ومن يقوم مقامه من جميع شواغله معززا مقاله بصور مطابقة للأصل من الحجج المذكورة وبصورة من محضر معاينة واستجواب وأجاب المدعى عليه بأن البقعة التي ينازع فيها المدعي تسمى في الحقيقة أرض غظيفة مساحتها 9 خداديم كانت بيد والده واستمر حوزه لها إلى أن توفي وتركها بيد ابنه.
وأن ما جاء في الملكية عدد 376 من أن موروثة المدعي كانت تحوز وتتصرف في المدعى فيه إلى أن توفيت وتركته له يتصرف إلى الآن، يتناقض مع ما جاء في محضر المعاينة والاستجواب المدلى به من طرفه من أن المتصرف في المدعى فيه هو العارض الذي أكد ذلك وصرح بأن الأرض لوالده الذي توفي ولم يقم بقسمتها مع شريكته على الشياع المسماة الزاهية، وأن إحصاء المتروك عدد 323 شهد فيه أقارب المدعي المصطفى الطائع الذي هو ابن أخيه ومحمد الطائع الذي هو ابنه، وهو غير جائز، وأنه جاء في الملكية عدد 376 أن أصل ملكية الزاهية هو الإرث من والديها.
وبما أن العارض هو ابن أخيها الشقيق، فإن أخاها يرث معها حسب قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين، وأنه يتعين لذلك الإدلاء بإراثتها لتحديد ذوي الحقوق لكي يتسلم كل وارث نصيبه في متروك مورثه.
وبعد انتهاء الإجراءات في القضية، أصدرت المحكمة حكما قضت فيه باستحقاق المدعي للمدعى فيه وبإفراغ المدعى عليه منه، فاستأنفه المدعى عليه، وأصدرت محكمة الاستئناف قرارا قضت فيه بتأييد الحكم المستأنف، وهذا هو القرار المطعون فيه بالنقض بأربع وسائل .
في شأن الوسيلة الأولى: حيث يعيب الطاعن القرار المذكور بانعدام الأساس وانعدام التعليل بعدم الجواب عن الدفوع الجوهرية المؤثرة في قضاء المحكمة، ذلك أنها اكتفت في تعليلها للحكم الابتدائي بالقول بأن ملكية الهالكة ثابتة بمقتضى رسم الملكية والإحصاء المدلى به، وأن تمسك المدعى عليه بالحيازة لا يفيده.
وأن محكمة الاستئناف وصفت حيازته بالغصب دون موجب أو دليل ولم تجب عن الدفوع الأساسية للعارض، والرد بهذه الصورة تحوير لما تمسك به العارض ولردوده المفصلة أعلاه.
وأنه لئن كانت المحكمة غير ملزمة بتتبع الأطراف في جميع مناحي دفاعهم، فإنها بالمقابل يجب أن تجيب عن أوجه الدفاع الأساسية التي من شأنها أن تؤثر في قضائها.
وأن المنازعة في رسم الملكية والإحصاء وبيان عيوبهما وتناقضهما يعد من الأسباب الجوهرية التي يتعين الرد عليها، خاصة أن المحكمة بنت حيثيات الحكم على نفس الحجج المطعون فيها.
وأن تمسك العارض بكون ما تضمنته الحجة من كون أصل الملك هو الإرث، وأنه بهذه الصفة يكون والده وارثا مع الهالكة باعتبارها أخته، يعد دفعا يقتضي الجواب عليه.
وتمسك العارض أمام محكمة الاستئناف بكون عدم الجواب عن دفوعه الأساسية يعتبر خرقا لحقوق الدفاع الأساسية. وأن محكمة الاستئناف بدورها لم تجب عن تلك الدفوع مما يجعل القرار غير معلل ومنعدم الأساس ومعرضا للنقض.
لكن، حيث إن المحكمة عللت قرارها عن صواب بأن محضر المعاينة إنما أدلى به المدعي لإثبات الاستحقاق بعد استيلاء المدعى عليه الطاعن على المدعى فيه وبعد ثبوت حيازة شقيقته له واستمرارها المدة المطلوبة بملكية لم يعارضها الطاعن بأي حجة، وبذلك أجابت المحكمة عما أثاره الطاعن ويبقى ما ورد بالوسيلة غير مؤسس.
في شأن الوسيلة الثانية: حيث يعيب الطاعن القرار المطعون فيه في هذه الوسيلة بانعدام الأساس القانوني وانعدام التعليل، وذلك بعدم تطبيق قاعدة أن من تناقضت حجته سقطت دعواه، ذلك أنه بالرجوع إلى رسم الملكية عدد 376 المدلى به من طرف المطلوب، يلاحظ أنه تضمن الإشهاد بأن البقعة للمسماة الزاهية (ط) تملكتها بالإرث من والديها وهي في حوزها وتصرفها مدة تزيد عن 10 سنوات سالفة عن تاريخ إنجاز الرسم وهو 24/3/2004 وأنها استمرت تتصرف فيها إلى الآن،
ثم جاء في الرسم أن الزاهية توفيت هذه مدة من نحو سنتين وثلاثة أشهر عن وارثها شقيقها امحمد (ط) وبقي يتصرف في ذلك مثل تصرف مورثته المذكورة إلى الآن إلى آخر ما جاء في الشهادة، ومعنى ذلك أن الحيازة كانت بيد الهالكة ومن بعدها وارثها المطلوب امحمد (ط) على أقل تقدير من مارس 1994 إلى 24 مارس 2004.
في حين أن المدعي نفسه أدلى بمحضر معاينة واستجواب منجز بتاريخ 9/7/2002 بناء على أمر رئاسي جاء فيه أن مأمور الإجراء وقف على البقعة بطلب من المدعي المطلوب من أجل معرفة المتصرف في البقعة، فثبت له أن المتصرف هو المدعى عليه العارض، وعن سؤال أثبت جوابه بأن الأرض لوالده الذي توفي وأنه لم يقم بقسمتها مع شريكته على الشياع الزاهية (أي الهالكة).
وأنه من أدلى بحجة فهو قائل بها، وإذا كانت الملكية تستمد قوتها من استمرار الحيازة واتصالها، فإن ما أدلى به المطلوب يفند ذلك تفنيدا كاملا، وأن تمسكه بالملكية هو تمسك بالحيازة المكسبة، فكيف يستقيم ذلك وهو يستعمل حجتين متناقضتين، واحدة تقول أنه وموروثته تحوزا من 1994 إلى 2004، وحجة تقول أنه سنة 2002 لم يكن حائزا لا هو ولا موروثته.
وأن المحكمة لم تأمر ببحث للفصل في الإشكال، وعللت قرارها بنفس الرسم المطعون فيه، وأن التناقض مبطل للحجة ومفسد للدعوى، خاصة إذا تعلق بمسألة أساسية وهي الحيازة، مما يتعين معه لذلك نقض القرار المطعون فيه.
لكن، فضلا عن أن المحكمة غير ملزمة بالأمر بإجراء بحث متى تبين لها وجه الحكم بناء على ما توفر لها من عناصر الملف التي تعتمد عليها في تبرير قضائها كما في النازلة، فإن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه أجابت عما أثاره الطالب في الوسيلة بما يلي: ” إن ما عابه المستأنف من تناقض بين ما ورد برسم الملكية عدد 376 صحيفة 346 وما ورد بمحضر المعاينة والاستجواب المؤرخ في 9/7/2002 بخصوص الحيازة غير مفيد في الدعوى،
ذلك أن حيازة المستأنف عليه حسب ما هو ثابت بمحضر المعاينة أنها هي حيازة عرضية لا تنفعه ولو طال أمدها ما دام وجه مدخله غير معلوم بدليل تصريحه أن الأرض موضوع النزاع كانت مشاعة ولم تقسم بين والده وشقيقته الزاهية والذي ظل عاريا من كل إثبات.
وأن غاية المدعي (المستأنف عليه) من الإدلاء بمحضر المعاينة والاستجواب إنما كان لإثبات دعوى الاستحقاق بعد استيلاء المدعى عليه المستأنف على القطعة موضوع النزاع وبعد ثبوت حيازتها واستمرارها المدة المطلوبة شرعا لمورثته الزاهية (ط) استنادا إلى رسم الملكية عدد 376 ص 346″.
وهي علل غير منتقدة بمقبول من طرف الطالب بالشكل الذي ورد به في الوسيلة، وكافية في الجواب عما أثاره فيها، الأمر الذي تكون معه الوسيلة غير جديرة بالاعتبار.
في شأن الوسيلة الثالثة: حيث يعيب الطاعن القرار المذكور في هذه الوسيلة بانعدام الأساس القانوني في إعمال الإحصاء رغم عدم جواز شهادة الأقارب في الرسوم، ذلك أن المحكمة قالت بأن ملكية الهالكة ثابتة بمقتضى رسم الملكية والإحصاء، في حين أنه بالرجوع إلى إحصاء تركة عدد 323 يتضح أن شهوده: المصطفى (ط) ابن أخ المدعي، ومحمد (ط) هو ابنه من صلبه.
وأنه لا يمكن أن يشهد الابن لوالده أو ابن الأخ للعم في حجة الملك. وأن المحكمة رغم ذلك اعتمدت الإحصاء وعللت به قضاءها، مما يكون معه قرارها معرضا للنقض.
لكن، حيث إن الثابت من القرار المطعون فيه، أن المحكمة مصدرته أجابت عما أثاره الطالب في هذه الوسيلة بما يلي: ” إن رسم الإحصاء عدد 323 صحيفة 395 إنما أدلى به لتعزيز ما ورد برسم الملكية أعلاه، وما دام ليس هو الحجة الوحيدة والأساسية المعتمدة لإثبات التملك، فإن الدفع بقرابة بعض شهوده للمشهود له حتى وإن ثبت، لا تأثير له في نسبة الملك للمستأنف عليه استنادا إلى رسم الملكية”.
وهي علل غير منتقدة كذلك بمقبول من طرف الطالب بالشكل الذي ورد في الوسيلة، وكافية أيضا في الجواب عما أثاره فيها. الأمر الذي تكون معه الوسيلة كسابقتها غير جديرة بالاعتبار.
في شأن الوسيلة الرابعة: حيث يعيب الطاعن القرار المذكور في هذه الوسيلة بانعدام الأساس لأن إعمال رسم الملكية يؤول إلى توريث المدعى عليه بقوة الأشياء، ذلك أنه جاء في الملكية عدد 376 أن أصل ملكية الزاهية هو الإرث من والديها، وأن المدعي الطالب هو ابن أخيها الشقيق، وأنه إذا كان الملك قد انحدر من والديها، فإن أخاها يرث معها حسب قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين، وأن إقراره بأن الملك لوالديها، يتعين معه الإدلاء بإراثتها لتحديد ذوي الحقوق ولكي يتسلم كل واحد من الورثة نصيبه في متروك مورثه.
وأن المدعي لم ينكر أن المدعى عليه ابن أخ الهالكة الشقيق، وأنه تمسك بالحجة القائلة بأن أصل ملك الزاهية هو الإرث من والديها.وأن ذلك يؤكد ما صرح به المدعى عليه للعون القضائي الذي عاين حيازته وسأله لمن البقعة، فقال لأبيه، أضاف أن والده المذكور لم يجر أي قسمة مع أخته الشقيقة.
وأن المحكمة استخلصت من الحجة عكس ما ينبغي استخلاصه منها. وأنه جاء في القرار أن المدعى عليه لم يثبت الإرث، إلا أن المحكمة لم تنذره بالإدلاء بشيء ولم تجر أي بحث أو أي إجراء للتحقيق في الدعوى تحريا لعدم ضياع الحقوق، مما يكون معه لذلك قرارها المطعون فيه معرضا للنقض.
لكن، فضلا عن أن المحكمة غير ملزمة، لا بإنذار الأطراف بالإدلاء بما يثبت ادعاءهم ولا بالأمر تمهيديا بإجراء من إجراءات التحقيق لتمكينهم من إثبات ادعائهم، لأنهم مدعوون تلقائيا للإدلاء بما يثبت ذلك، فإن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه أجابت عما أثاره الطالب في هذه الوسيلة بما يلي: ” بقي ادعاء المستأنف لإرث في المدعى فيه مجردا من كل إثبات. وأدلى المستأنف عليه تدعيما لدعواه برسم ملكية مضمن تحت عدد 376 صحيفة 346 مستجمعة لكافة عناصر الملك،
كما أدلى بإراثة مضمنة تحت عدد 57 صحيفة 65 شهد شهودها بأن الزاهية (ط) توفيت وتركت وارثا وحيدا هو شقيقها امحمد (ط)، والقاعدة أن من مات على حق فلورثته”. وهي علل كافية والحالة هذه، في الجواب عما أثاره الطالب في الوسيلة التي تكون لذلك كسابقتيها غير جديرة بالاعتبار.
لـهـذه الأسـبـاب
قضى المجلس الأعلى بغرفتين برفض الطلب.
الرئيس: السيد ابراهيم بحماني رئيس غرفة الأحوال الشخصية والميراث والسيد محمد الخيامي رئيس الغرفة المدنية القسم الرابع– المقرر: السيد عبد السلام البركي – المحامي العام: السيد الحسن البوعزاوي.
اترك تعليقاً