دعوى التعويض عن التعذيب بالسجون في ضوء أحكام القانون والقضاء المصري
الطعن 87 لسنة 59 ق جلسة 12 / 5 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 201 ص 386
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نائبي رئيس المحكمة، عبد الحميد الحلفاوي وعلي جمجوم.
————
– 1 اختصاص ” الاختصاص المتعلق بالولاية . طلب التعويض عن القرار الإداري”. تعويض ” دعوى التعويض عن تعذيب وقع بالسجون”. قرار ادارى ” اختصاص القضاء الإداري بالطعن في القرار الإداري وبإلغائه وبالتعويض عنه”. مسئولية ” دعاوى المسئولية المدنية. الاختصاص بنظرها”.
اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات الإدارية المعيبة. المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية التي تأتيها جهة الإدارة . اختصاص القضاء العادي بها . طلب التعويض عن تعذيب وقع بالسجون تختص به المحاكم العادية .
المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن قانون مجلس الدولة رقم47لسنة1972لم ينزع من ولاية المحاكم بالنسبة لدعوى المسئولية المرفوعة على الحكومة التي كانت تختص بنظرها سوى ما كان من هذه الدعاوى متعلقا بطلب التعويض عن القرارات الإدارية المعيبة اما ما عدا ذلك من دعاوى التعويض عن أعمال الإدارة المادية للمحاكم اختصاصها المطلق به، فإذا كانت الدعوى مرفوعة بطلب تعويض عن ضرر بسبب خطأ مدعى وقوعه من جانب وزير الداخلية يتمثل في تعذيب مورث المطعون ضدها اثناء تواجده بالسجون مما الحق بها ضرر فإن دعوى المسئولية تقوم في هذه الحالة على العمل المادي ومن ثم تختص المحاكم بنظرها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
– 2 استئناف ” اثار الاستئناف: الاثر الناقل للاستئناف . عدم جواز تسوئ مركز المستأنف”. حكم “الطعن في الحكم . أثر الطعن”.
قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه . مؤداها . ألا يكون من شأن رفع الطعن تسوئ مركز الطاعن أو إثقال أعبائه .( مثال في استئناف ) .
لئن كانت قاعدة الا يضار الطاعن بطعنه قاعدة أصلية من قواعد التقاضي، تستهدف ألا يكون من شأن رفع الطعن تسوئ مركز الطاعن أو إثقال العباء عليه، وكان البين من الحكم المطعون فيه ان المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها قد أقامت الدعوى ضد الطاعن بصفته ابتغاء الحكم بإلزامه بأداء المبلغ المطالب به كتعويض عن الأضرار المادية التأديبية التي أصابتهم بسبب اعتقال وتعذيب مورثهم وإيداعه السجون في المدة من أول يناير 1959 حتى أفرج عنه في مارس 1964 وقضى الحكم الابتدائي بإلزامه بالمبلغ المحكوم به، وإذ استأنفه الطاعن وحده دون المطعون ضدها ناعيا عليه هذا القضاء، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون تعديل فإنه لا يكون قد أساء إليه باستئنافه أو تعرض للقرار الإداري بالتأويل.
– 3 تعويض . نقض ” اسباب الطعن. الاسباب الجديدة”.
دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إبدائه لأول مرة أمام محكمة النقض. (مثال في تعويض).
خلو الأوراق مما يفيد تمسك الطاعن بصفته بهذا الدفاع “قضاء الحكم المطعون فيه للمطعون ضدها بتعويض عن الضرر الأدبي الذى أصاب مورثها رغم أنه لم يطالب به قبل وفاته “أمام محكمة الموضوع مما يعد سببا جديدا لا يجوز.
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها أقامت الدعوى رقم 1879 لسنة 1986 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن بصفته للحكم بإلزامه بأن يدفع لها خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها بسبب اعتقال وتعذيب مورثها وإيداعه السجون في المدة من أول يناير سنة 1959 حتى مارس سنة 1964 – أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضدها قضت بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها مبلغ عشرة آلاف جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5796 لسنة 105ق وبتاريخ 9/11/1988 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأبدت النيابة الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من أربعة وجوه، يقول في بيان الثاني منها أنه دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا استنادا إلى أن أمر الاعتقال المطالب بالتعويض عنه صدر بناء على قرار إداري يختص بنظره محاكم مجلس الدولة دون غيرها إلا أن الحكم قضى برفض هذا الدفع وفي بيان أولها يقول إن الحكم قضى بتأييد الحكم الابتدائي في الاستئناف المرفوع منه مع استبعاده لأحقية المطعون ضدها في التعويض عن الضرر الأدبي ومن ثم يكون قد أضر به. وفي بيان ثالثها يقول إن الحكم وقد انتهى في قضائه إلى أن موضوع دعوى المطعون ضدها ليس منشأه القرار الإداري بالاعتقال إنما هو تعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالمورث من جراء تعذيبه ورغم ذلك قضى بالتعويض عن الحرمان من الرزق كأثر لقرار اعتقاله ويقول في بيان رابعها إن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدها بتعويض عن الضرر الأدبي الذي أصاب مورثها رغم أنه لم يطالب به قبل وفاته وبالمخالفة لنص الفقرة الأولى من المادة 222 من القانون المدني وهو ما يعيبه – لتلك الأوجه – بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني غير سديد. ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لم ينزع من ولاية المحاكم بالنسبة لدعاوى المسئولية المرفوعة على الحكومة التي كانت تختص بنظرها سوى ما كان من هذه الدعاوى متعلقا بطلب التعويض عن القرارات الإدارية المعيبة أما ما عدا ذلك من دعاوى التعويض عن أعمال الإدارة المادية فما زال للمحاكم اختصاصها المطلق به، فإذا كانت الدعوى مرفوعة بطلب تعويض عن ضرر بسبب خطأ مدعي وقوعه من جانب وزير الداخلية يتمثل في تعذيب مورث المطعون ضدها أثناء تواجده بالسجون مما ألحق بها ضرر فإن دعوى المسئولية تقوم في هذه الحالة على العمل المادي ومن ثم تختص المحاكم بنظرها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، وغير صحيح في وجهيه الأول والثالث ذلك أنه ولئن كانت قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه قاعدة أصلية من قواعد التقاضي، تستهدف ألا يكون من شأن رفع الطعن تسوئ مركز الطاعن وإثقال الأعباء عليه، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها قد أقامت الدعوى ضد الطاعن بصفته ابتغاء الحكم بإلزامه بأداء المبلغ المطالب به كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتهم بسبب اعتقال وتعذيب مورثهم وإيداعه السجون في المدة من أول يناير سنة 1959 حتى أفرج عنه في مارس سنة 1964 وقضى الحكم الابتدائي بإلزامه بالمبلغ المحكوم به، وإذ استأنفه الطاعن وحده دون المطعون ضدها ناعيا عليه هذا القضاء وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون تعديل فإنه لا يكون قد أساء إليه باستئنافه أو تعرض للقرار الإداري بالتأويل وغير مقبول في وجهه الرابع لخلو الأوراق مما يفيد تمسك الطاعن بصفته بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع مما يعد معه سببا جديدا لا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً