دعوى المسئولية
تخضع دعوى المسئولية للأحكام العامة في شأن سائر الدعاوي إلا أنها تثير في خصوصيات هذا البحث مسائل معينة تستدعي اهتماما خاصا, وهذه المسائل هي طرفا الدعوى وسبب الدوى وتقادمها والإثبات وحجية الشيء المقضي ورقابة محكمة التمييز فيما يتعلق بأركان المسئولية وطبيعة الحكم الصادر في دعوى المسئولية.
طرفا دعوى المسؤولية
في البداية نود أن نوضح ان كلمة الدعوى مشتقة من الدعاء وهو الطلب . وفي الشرع: قول يطلب به الإنسان إثبات حق على الغير لنفيه، والبينة من البيان، وهو الكشف والإظهار، والبينة في الشرع تظهر صدق المدعي وتكشف الحق. والأصل في الباب قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : ‘ لو ترك الناس ودعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ، لكن البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه ‘ وفي رواية ‘ واليمين على من أنكر ‘ ويروى أن حضرميا وكنديا اختصما بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في شيء ، فقال للمدعي : ‘ ألك بينة ‘ ؟ قال : لا ، فقال : ‘ لك يمينه ليس لك غير ذلك ‘ فنبدأ بمعرفة المدعي والمدعى عليه، إذ هو الأصل في البحث ونبني عليه عامة مسائله.
ممن ترفع دعوى المسئولية:-
فالأصل أن ترفع دعوى المسئولية من المضرور( المدعي ) إلا إذا لم تكن له أهلية التقاضي فترفع من نائبه كالولي أو الوصي أو القيم. وإذا كان المضرور مدينا فلدائنه طلب التعويض باسمه عن طريق الدعوى غير المباشرة بشرط أن يكون الضرر الذي أصاب المدين ماديا فإذا كان الضرر الذي أصابه معنويا امتنع على الدائن استعمال الدعوى غير المباشرة, إلا إذا كان هذا الضرر جسمانيا وترتب عليه عجز المدين كليا أو جزئيا عن العمل. وإذا توفى المضرور وكان الضرر الذي أصابه ماديا انتقل الحق في التعويض عنه إلى الورثة كل بقدر نصيبه من الميراث. أما إذا كان الضرر الذي أصابه معنويا فلا ينتقل إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق بين المضرور والمسئول, أو طالب به المضرور أمام القضاء حيث نصت المادة 222 من القانون المدني المصري على ” يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضا ، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق ، أو طالب الدائن به أمام القضاء. ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب.”كما ينتقل الحق في التعويض بالوفاة, كذلك قد ينتقل حال الحياة بالاتفاق بين المضرور والمحال له ولكن إذا كان الضرر الذي أصاب المضرور معنويا فيتعين لجواز انتقاله بالحوالة أن يكون المضرور قد طالب به أمام القضاء, أو اتفق في شأنه مع المسئول. وقد يكون المضرور جماعة وهنا يجب التفرقة بين ماذا كان لهذه الجماعة شخصية معنوية أم لا. فإذا كان لها شخصية معنوية كان لها رفع دعوى التعويض عن الضرر الذي أصابها. أما الضرر الذي يصيب فردا من أفرادها فيكون طلب التعويض عنه من شأن هذا الفرد وحده, غير أنه فيما يتعلق بالنقابات استقر الفقه على أن لها أن ترجع بالتعويض على أي شخص اعتدى على المصلحة العامة للمهنة التي تمثلها, ولو لم يكن لها في ذلك مصلحة شخصية, فعدم مراعاة صاحب عمل لقوانين العمل بالنسبة إلى العمال الذين يستخدمهم يخول نقابة العمال الحق في الرجوع عليه بالتعويض. أما إذا لم يكن للجماعة شخصية, فلا يجوز لها بوصفها جماعة الرجوع على المسئول بالتعويض. ولكن لأي فرد ينتمي لهذه الجماعة الرجوع بدعوى المسئولية, إذا ثبت أنه قد لحق ضرر شخصي من الاعتداء على مصلحة الجماعة.
وجدير بالذكر أن غير المضرور ليس له الحق في التعويض:-
فبديهياً أن غير المضرور لا يستطيع أن يطالب بتعويض عن ضرر لم يصبه, ولكن يقع كثيرا وبخاصة في الأضرار الأدبية أن يعلن المضرور عن رغبته في النزول عما يحكم له به من تعويض لجهة خيرية أو لمؤسسة تعمل للمصلح العامة. والمحظور أن يطلب المضرور من المحكمة القضاء مباشرة بالتعويض لهذه الجهة. ولا تستطيع المحكمة في هذه الحالة أن تجيبه إلى هذا الطلب, لأن الجهة الخيرية التي عينها المضرور لم يصبها أي ضرر فلا يجوز الحكم لها مباشرة بتعويض. أما إذا طلب المضرور الحكم بالتعويض نفسه, وأعلن في الوقت ذاته عن رغبته في النزول عن هذا التعويض لجهة خيرية فلا شيء يمنع من ذلك. ويجوز أن يشير الحكم إلى هذا الأمر, ولا يكون في هذه الإشارة مخالفة للقانون تستوجب نقض الحكم.
على من ترفع دعوى المسئولية:
ترفع الدعوى على المسئول, سواء كان مسئولا عن فعله الشخصي أم عن فعل الغير, وإذا توفى المسئول رفعت الدعوى على ورثته. غير أنه لما كانت القاعدة في الشريعة الإسلامية ألا تركة إلا بعد سداد الديون, فالتركة تكون هنا المسئولة بعد وفاة المسئول, ويمثلها أي وارث في دعوى المسئولية, هذا بالنسبة إلى الخلف العام للمسئول, أما بالنسبة إلى الخلف الخاص فالأصل أنه لا يجوز الرجوع عليه بالتعويض بسبب خطأ السلف, إلا إذا تجمعت من جانبه مكن جديد أركان المسئولية بسبب المال الذي تلقاه من السلف. وإذا تعدد المسئولون عن الضرر الواحد كانوا جميعا مسئولين على وجه التضامن بتعويض المضرور, ونصت على ذلك المادة 169 من القانون المدني المصري علي أنه: “إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر ، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي ، إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض.”
بمعنى أن لذلك المضرور الرجوع على أيهم شاء بتعويض كل الضرر الذي لحقه, وعلى من دفع كامل التعويض الرجوع على الباقين كل بقدر نصيبه, سواء قسم القاضي التعويض بينهم بالتساوي أم بحسب جسامة خطأ كل منهم. وكما قد يكون المدعي في دعوى المسئولية شخصا معنويا كذلك قد يكون المدعي عليه في هذه الدعوى شخصا اعتباريا, ولا يعترض على ذلك بأن الخطأ وهو أساس المسئولية المدنية لا يتصور وقوعه من الشخص المعنوي, لأن هذا الخطأ قد يقع من أحد أعضاء الشخص المعنوي أثناء مباشرته عمله فتتحقق بذلك مسئولية الشخص المعنوي.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً