السؤال
قام احد الاقارب بعمل حيازة على المشاع لجزء من ارضى فعملت محضر تزوير للجنة القروية حيث انهم ان هذة الارض غير محيزة من قبل بالرغم من انها فى حيازتى و صرفت مققرات الاسمدة حتى اليوم و عملت محضر حيازة و اثبت تحريات المباحث صحة شكوتى و طلبت النيابة شهود من جيران الارض و لكنه استطاع ترهيبهم لعدم الذهاب للنيابة فما موقفى فى القضيتن ( التزوير- دعوى الحيازة )
ولكم جزيل الشكر
الإجابة
هذا تفصيل بالحيازة والتزوير بما يساعدك .
منقول
دعــوى الحيــازة
مقدمة:
الحق سواء كان عينيا أو شخصيا ينشأ عن الواقعة القانونية التي تنقسم إلى وقائع طبيعية تقع بفعل الطبيعة ،و إذ لا دخل لإرادة الإنسان في إحداثها .
و لكنها ترتب آثارها في الروابط القانونية القائمة ،ووقائع اختيارية أو إرادية تشمل بدورها أعمالا مادية و أخرى قانونية ،فالأولى مثالها الحيازة موضوع بحثنا بينما الثانية فقد تكون صادرة من جانب واحد كالوصية، أو صادرة من جانبين كالعقد ،فكلها مصادر للحق رتب عليها المشرع آثارا قانونية جعلها أسبابا لكسب الملكية .
و إذن فالمدعي بالحق لا يطلب منه إثبات الحق ذاته ،إذ ذاك يظل فكرة مجردة ،و إنما الذي يطلب منه هو إثبات مصدر الحق الموضوعي و شروطه المتطلبة قانونا و ذلك حتى يكون محلا للحماية القانونية المقررة له ،و التي لا يمكن تجسيدها إلا من خلال استعمال حقه في الدعوى الذي يخول له بمجرد حصول الاعتداء على حقه الموضوعي أو مركزه القانوني .
و لعل أهم مصادر هذه الحقوق و التي نصت عليها مختلف التشريعات في تقنيناتها نجد الحيازة كواقعة مادية يتمتع فيها الحائز بمركز واقعي يحميه القانون لذاته، و يرتب عليها آثارا قانونية قد يصح أن نصفها بالخطيرة ،ذلك أن الحائز لا يستند فيها إلى أي حق ،و هو يجعلها جديرة بأن تكون محل اهتمامنا و موضوع بحثنا هذا، خاصة إذا علمنا أن دوافع حماية المشرع للحيازة إنما تنطلق من اعتبارات تتعلق بأمن المجتمع و استقراره، و ما يقتضيه الصالح العام من عدم الاعتداء على الأوضاع الواقعية القائمة حتى و لو كان المعتدي هو صاحب الحق إذ وجب عليه أن يسلك طريق القضاء للحصول على حقه ،و ذلك أيضا فيه تحقيق لمبدأ استقرار التعامل ،فالحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية قد تنطوي على مجافاة لحق المالك ،لكن هذا القول يتلاشى لأن الهدف من ذلك هو الحفاظ على مصلحة الاقتصاد الوطني بتشجيع الحائز على الاستغلال و الاستعمال وعقابا للمالك المهمل على إهماله.
فإذا كان موضوع الحيازة بهذه الأهمية فما هو تعريفها ؟
أمكن تعريف الحيازة بأنها وضع مادي ،فيه يسيطر الشخص سيطرة فعلية على حق من الحقوق سواء كان هذا الشخص هو صاحب الحق، أم لم يكن كذلك ،هذه السيطرة الفعلية تتأتى عن طريق قيام الشخص بأعمال مادية تتفق مع مضمون الحق الذي يسيطر عليه .
و إذن فالحيازة وضع فعلي أو واقعي قد يكون هذا الوضع متفقا مع الوضع القانوني ،بأن يكون الحائز للشيء مالكا له و قد تخالف هذا الوضع القانوني بألا يكون للحائز أي حق على الشيء محل الحيازة و مع ذلك فالحيازة و بصرف النظر عن مطابقتها للوضع القانوني ترتب آثارا قانونية (1) لها أهميتها .
غير أن الذي يهمنا بهذا الصدد ليس الأثر الموضوعي للحيازة باعتبارها سببا من أسباب الملكية إذ ذاك يخرج عن نطاق معالجتنا للموضوع المختار و إنما الذي يعنينا هو دعاوى الحيازة كأثر إجرائي يتمتع به الحائز الذي توافرت لديه شروط الحماية القانونية المقررة للحق الموضوعي .
و عند ذاك كان لزاما علينا للإلمام بموضوع كهذا أن نطرح سؤالين رئيسيين نرى أنهما بما يحتويانه من أسئلة فرعية تجد إجابات لها كما سنبينه لاحقا في طيات هذا البحث قد يلمان بالموضوع على الوجه الذي يجب أن يكون، و الذي نتمنى أن نكون قد وفقنا فيه و هما السؤالان التاليان :
*ما هي الأحكام أو القواعد العامة التي تحكم دعاوى الحيازة؟
* ما هي الأحكام الخاصة بكل دعوى من هذه الدعاوى ؟
و لعل أول ما يقف عليه قارئ هذين السؤالين ،هو كيف أننا أردنا أن ننطلق من العموم و تدريجيا لنصل إلى التفصيل بتناول قواعد كل دعوى على حدى لاختلاف كل واحدة عن الأخرى في نقاط سنراها لاحقا، و اتحاد جميعهم في أحكام مشتركة تجمع بينهم .
فقولنا الأحكام العامة لدعوى الحيازة إنما يعني فيما تشترك هذه الدعاوى ؟
و ذلك انطلاقا من طرحنا للتساؤلات التالية :
* ما هي شروط قبولها ؟
* ما مدى تعلق ذلك بشروط الحيازة و أركانها ؟
* فيما يتجلى نطاق أو مجال ممارسة هذه الدعاوى ؟
* ما هي النتيجة المتوخاة منها ؟
* ما القواعد التي تحكمها ؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة لا تكفي لوحدها كونها تعطينا الإطار العام الذي تبقى كوامنه خفية لا تنجلي إلا بالإجابة عن تساؤلات أخرى تتعلق بكل دعوى من هذه الدعاوى على حدى أشخاصا ،سببا ،و موضوعا و هو ما تناولناه في الفصل الثاني من هذا الموضوع .
و توضيح ذلك كله و بأكثر تفصيل تناوله وفقا للخطة الأتي بيانها فيما يلي:
(1) رمضان أبو السعود،الوسيط في الحقوق العينية الأصلية ،الجزء 1 ،الدار الجامعية،1986،ص
الفصل الأول :
الأحكام العامة لدعاوى الحيازة :
تتمتع الحيازة بين الأنظمة القانونية بمكانة بالغة الأهمية، ليس من الوجهة النظرية فحسب ،و إنما لما يترتب عليها من أثار خطيرة قد تضعها في مكان الصدارة بين أسباب الملكية، فالحيازة هي عنوان الملكية الظاهر، إذ غالبا ما يكون حائز الشيء هو مالكه، و على من يدعي خلاف ذلك إقامة الدليل العكسي على صحة ادعاءه , و إذن فالحيازة و باعتبارها حالة واقعية قد لا تستند إلى أي حق للحائز، و رغم ذلك فقد كفل لها المشرع الحماية القانونية اللازمة، هذه الحماية لا يمكن تجسيدها بواسطة الوسائل المقررة لها قانونا إلا إذا ألممنا بالقواعد أو الأحكام العامة التي تحكمها و تنظمها كمرحلة أولى لتناولها بأكثر توضيح و تفصيل في المرحلة الموالية، و هو ما سنتطرق إليه في الفصل الأول من موضوع بحثنا، و ذلك بداءة ببيان شروط قبول دعاوى الحيازة بصفة عامة، و مرورا بإبراز خصائصها و التي هي سمات تطبعها و تميزها عن غيرها من الدعاوى الأخرى، لنصل إلى تبيان القواعد التي تطبق على جميع هذه الدعاوى و التي اخترنا أن تكون حلقة العبور من العموم إلى التخصيص أين يغلب الطابع الإجرائي و التطبيقي بتفصيل كل دعوى على حدى ببيان أحكامها الخاصة، و على ذاك قسمنا الفصل الأول إلى ثلاث مباحث تناولناها كالأتي بيانه :
المبحث الأول :
شروط قبول دعاوى الحيازة :
الحيازة تحمي الأوضاع الظاهرة كونها قرينة على الملكية، و من ثم فإنها تهدف إلى حماية الحائز بصرف النظر عن المالك الحقيقي ،و بالنتيجة تحقيق حماية الأمن و النظام العامين ، لأنها تقوم على مبدأ أساسي و هو عدم جواز اقتضاء الشخص حقه بنفسه، فما على من يدعي خلاف الظاهر إلا اللجوء إلى القضاء ،و مما لاشك فيه أن دعاوى الحيازة و كغيرها من الدعاوى الأخرى تخضع في رفعها للشروط المنصوص عليها في المادة 459 من ق.ا.م ، غير أن هذه الشروط تعالج بما يتناسب أو يتوافق و طبيعة دعاوى الحيازة ، و هو ما يجعلنا نطرح جملة من الأسئلة بهذا الصدد كقولنا متى تكون المصلحة قانونية ؟ و كيف تكون حالة ؟ من تنصرف له صفة رفع دعاوى الحيازة ؟ هل يمكن ممارسة هذه الدعاوى في أي وقت من حصول الاعتداء أم أن ذلك يخضع لقيد زمني ؟
جميع هذه الأسئلة حاولنا الإجابة عليها من خلال المطلبين المواليين فخصصنا الأول لبيان ضرورة توافر أركان الحيازة و شروطها ، باعتبار أن هذا العنصر يترجم في مضمونه شرط المصلحة بوصفيها و يحوي في طياته بيان من له الصفة في رفعها و نظرا لأهميته و وزنه في الموضوع فقد تناولناه بإسهاب يخدم الغاية المرجوة للوقوف على أهداف المشرع من تقرير هكذا دعاوى، لاسيما عندما يتعلق الأمر بحماية الأمن و النظام العامين ، خاصة و أن شروط الحيازة و أركانها هي الأساس القاعدي لممارسة الدعاوى المقررة لحمايتها ، بينما تناولنا في المطلب الثاني شرط الميعاد كقيد زمني و ضعه المشرع حفاظا على استقرار الأوضاع و ثباتها ، و عقوبة للمتخاذل عن تهاونه في استعمال الحق المقرر له ، و بصدده عرجنا في حديثنا على الآراء المتباينة بشأن شهادة الحيازة ، انطلاقا من أن البعض يعتبرها قيدا على رفع دعاوى الحيازة ، و إليكم فيما يلي تفصيل ذلك .
المطلب الأول : توافر ركنا الحيازة و شروطها :
حتى تتمتع الحيازة بالحماية المقررة لها و من ثم ممارسة دعاوى الحيازة لابد من توافر ركناها و شروط صحتها . ففيما يتمثل ركناها ؟ و ما هي شروط صحتها ؟
أولا : أركان الحيازة :
حتى تكون الحيازة منتجة لأثارها القانونية لابد أن تتوافر على ركنيها و هما الركن المادي و المعنوي و اللذان سنتناولهما كالأتي :
1- الركن المادي :
الحيازة ما هي إلا حالة واقعية تتكون من سيطرة شخص على الشيء محل الحيازة ظاهرا عليه بمظهر المالك ، و يتحقق ذلك بأن يقوم الشخص بالأعمال المادية التي يباشرها عادة من كان مالكا للشيء ، فمباشرة هذه الأعمال المادية هي التي تكون الركن المادي في الحيازة (1) .
ولكي تتحقق الحيازة يجب أن يصبح الشيء محل الحيازة تحت سيطرة الحائز الفعلية بالاستحواذ الفعلي عليه ، و يقوم الحائز بنفسه بالسيطرة المادية على الشيء محل الحيازة أو بالوساطة أو بالاستخلاف و قد تكون السيطرة المادية على الشيوع أيضا ، و يستوي أن يكون الشيء محل الحيازة مملوكا للغير أو غير مملوك له (2) .
إن قولنا محل الحيازة قد يكون شيئا مملوكا للغير ، أو غير مملوك له يستدعي منا معالجة نطاق الحيازة أو مجالها، و ما نتفق حوله أن هذا الأمر ما كان ليطرح قبل سنة 1990 أي قبل صدور القانون رقم 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 ، المتضمن قانون الأملاك الوطنية إذ أنه لم يكن يتصور أن تنصب الحيازة على مال غير مملوك، لأن العقار الذي ليس له مالك
هو ملك الدولة ، لكن بصدور القانون سالف الذكر أصبحت الحيازة تنصب على الشيء سواء كان مملوكا للغير أو غير مملوك له ، انطلاقا من أن الأملاك الوطنية تم تقسيمها إلى أملاك وطنية عامة و أملاك وطنية خاصة ، هذه الأخيرة يجوز التمسك فيها بالتقادم المكسب عن طريق المطالبة القضائية ، في حين لا ينطبق ذلك على الأملاك الوطنية العامة وفقا لنص المادة 04 من القانون رقم 30/90 و التي تنص أن الأملاك الوطنية العامة غير قابلة للتصرف و لا للتقادم ولا للحجز (1)
و ما تجدر الإشارة إليه بهذا الصدد أن المشرع قد أدمج بنص المادة 13 من الأمر 95/26 المعدل و المتمم للقانون رقم 90/25 المتضمن التوجيه العقاري أراضي العرش ضمن أملاك الدولة الخاصة و بالتالي بإمكان الأشخاص الحائزين على الأراضي من نوع العروشية بعد إكمالهم للمدة المقررة للتقادم المكسب أن يرفعوا دعاوى أمام المحاكم للمطالبة بتمليكها لهم على أساس الحيازة (2) ،في حين هناك من يرى أنه لا جدوى من التفرقة بين أملاك الدولة سواء منها العامة أو الخاصة إذ كلتيهما لا تنطبق عليهما أحكام الحيازة (3) .
سبق القول أن الركن المادي يتحقق بالسيطرة الفعلية على الشيء محل الحيازة من خلال الأعمال المادية التي يباشرها الحائز، ففيما تتجلى هذه الأعمال؟و كيف تتم مباشرتها ؟
يقوم الحائز بمجموعة من الأعمال المادية التي يباشرها عادة صاحب الحق موضوع الحيازة ،و يتحقق ذلك من خلال الاستحواذ الفعلي و الإحراز المادي و الظهور بمظهر صاحب الحق، بحيث يجب أن تكون هذه الأعمال كافية لتحقيق هذا المظهر، فاذا كان الشيء دارا دخلها و استحوذ عليها و سكنها أو أسكن فيها غيره، و إذا كانت أرضا زراعية زرعها و بنى عليها و هكذا، بينما الأعمال القانونية كالبيع و التأجير، فلا تكفي بذاتها لتحقق الركن المادي في الحيازة ، و ذلك لأن مباشرة هذه الأعمال و التصرفات لا تدل بذاتها على السيطرة الفعلية لمن يقوم بها على الشيء ، كما يشترط في الأعمال المادية التي يأتيها الحائز أن تكون من الكثرة و الأهمية ،بحيث تكفي للقول بأن هذا الحائز يظهر بمظهر صاحب الحق (1)
أما عن كيفية مباشرة هذه الأعمال المادية فقد تكون ممارستها من الحائز بنفسه بغض النظر عن كونه مالكا أو غير مالك ، كما قد تكون بواسطة شخص آخر أي عن طريق غيره ، و هو ما يطلق عليه بالوساطة ، و التي تصح الحيازة بها متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز و كان متصلا به اتصالا يلزمه الائتمار بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة * مع ملاحظة أن هذا الحكم ينصرف فقط إلى العنصر المادي دون المعنوي .
و كمثال عن ذلك : السيطرة المادية التي يباشرها الحائز بواسطة خدمه، أو أتباعه، أو عماله أو مستخدميه، هؤلاء يحصلون على أشياء باسم مخدوميهم أو متبوعهم بسبب تأدية أعمال و وظائفهم، كذلك ما يباشره الوكيل من أعمال مادية لحساب الموكل فهو يعمل باسمه مؤتمرا بأوامره فيما يتعلق بحيازة الشيء لصالح الموكل طالما كان الوكيل يعمل في حدود الوكالة، و كذا الأمر بالنسبة لناقص الأهلية فانه يباشر أعمال السيطرة المادية عن طريق من ينوب عنه قانونا * ، اذ يباشرها باسمه الولي أو الوصي أو القيم ، فهؤلاء الأخيرين لهم ممارسة دعاوى الحيازة بالنيابة وفقا لما تنص عليه المادة 817 فق 02 من القانون المدني.
كما يمكن مباشرة الأعمال المادية عن طريق الاستخلاف ، و ذلك عندما تنتقل السيطرة المادية إلى الحائز من شخص آخر كانت له السيطرة الفعلية على الشيء من قبل ثم نقلها إليه ، و توضيحا لذلك نورد المثال الأتي : قيام شخص ببيع عقار في حيازته لشخص آخر، فيسلم المبيع للمشتري، فالسيطرة الفعلية كانت للبائع سواء كان مالكا أو غير مالك له ثم نقلها للمشتري، و في هده الصورة لا يشترط الاستحواذ الفعلي على الشيء بل يكفي مجرد التمكن من الاستحواذ فان كان المبيع عقارا مثلا فان السيطرة الفعلية تنتقل إلى المشتري بتسليمه المفاتيح و مستندات الملكية ووضعه تحت تصرفه بحيث يتمكن من تسلمه دون حاجة إلى أن يتسلمه بالفعل (1)
أما الصورة الأخيرة فتمكن في السيطرة المادية على الشيوع، إذ الحائز على الشيوع يكون لديه العنصران المعنوي و المادي في الحيازة فهو في العنصر المعنوي يكون مشتركا مع غيره لا خالصا لنفسه و في العنصر المادي يباشر السيطرة المادية بالاشتراك مع غيره لا خالصا لنفسه مثال ذلك أن يحوز شخصان عقارا ، فيسكنان العقار معا دون أن يستقل أحدهما بالقيام بأي عمل من هذه الأعمال. (1)
غير أنه و إن اختلفت صور مباشرة الأعمال المادية في الحيازة فان المتفق عليه هو وجوب توافرالصفة في رافع دعاوى الحيازة التي لا تقبل إلا من ذي صفة على ذي صفة ، فترفع من الحائز بنفسه أو بواسطة غيره على كل من يعتدي على الحيازة أو يحتمل أن يعتدي عليها (2) .
2 – الركن المعنوي :
لا تكفي أفعال السيطرة الفعلية على الشيء محل الحيازة لوحدها، بل لابد أ ن تتوافر لدى الحائز نية تملكه ، و الظهور بمظهر صاحب الحق و مالكه، و للوقوف على مفهوم الركن المعنوي للحيازة علينا التطرق إلى نظريتين في هذا الصدد ثم تحديد موقف المشرع الجزائري منهما :
أ – النظرية الشخصية *:
لا يكفي لقيام الحيازة القانونية توافر الركن المادي بل يجب أن يقترن بالركن المعنوي المتمثل في نية التملك باستعمال الشيء و استغلاله و التصرف فيه كما يفعل المالك الحقيقي للشيء، و عليه فان هذا العنصر لا يتوافر في حيازة المستأجر و المستعير و المودع عنده * و الموقوف عليه،إذ أنه و بالنسبة لهذا الأخير فحقه ينحصر في الانتفاع بالعين فقط *ذلك أن الأملاك الوقفية لا يمكن تملكها بالتقادم المكسب بسبب زوال حق الملكية سواء كان الوقف عاما أو خاصا، و من ثم تنعدم فيها نية التملك *.
ب – النظرية المادية * : تعترف بالحيازة حيثما وجد سلطان مادي لشخص على شيء معين ، بمباشرته أعمالا إرادية و قصدية عليه، فالإرادة هنا تندمج في السيطرة المادية و لا يمكن أن تنفصل عنها ، فهما عنصران متلازمان لا يكون أحدهما إلا بالآخر.
و بهذا الصدد كان التمييز بين الحيازة الحقيقية أو القانونية و بين تلك العرضية و حسب هذه النظرية فإن مرد التمييز ليس في اختلاف نية الحائز أو قصده بل أن أساس التفرقة هو سبب الحيازة نفسها و هو ما أطلقت عليه هذه النظرية بالعنصر العرضي في الحيازة ، فإذا كان سبب الحيازة هو وضع اليد على الشيء لحساب الغير ، فإن ذلك لا يؤدي إلى نفي الحيازة مطلقا ، بل تنتفي عنها صفة الحيازة الحقيقية لتصبح حيازة عرضية (1) .
و من باب المقارنة بين مختلف التشريعات و أعمالها لكلتا النظريتين فانه و على سبيل المثال أخد من المشرع الفرنسي و المصري و اللبناني بالنظرية الشخصية بينما أخذ كل من التشريع الألماني و السويسري بالنظرية المادية .
– فما هو موقف المشرع الجزائري من كلتيهما ؟
أخد المشرع الجزائري بالنظرية الشخصية في الركن المعنوي للحيازة كقاعدة عامة بينما أخد بالنظرية المادية كاستثناء ، و ذلك عندما حمى حيازة المستأجر ، و هي حيازة عرضية بجميع دعاوى الحيازة وفقا لما تنص عليه المادة 487 من القانون المدني فحيازة المستأجر لا تتوافر إلا على الركن المادي دون المعنوي (2) ، ففي هذه الحالة لا يكسب حق الملكية على العين المؤجرة بالتقادم مهما طالت مدة حيازته للعين ، و إنما يستطيع أن يتمسك باسم المؤجر بحيازته للعين المؤجرة ، كأن يكون المؤجر غير مالك للعين و يكون قد وضع يده عليها مدة اثنتي عشر سنة مثلا ، ثم أجرها و حازها المستأجر مدة ثلاث سنوات أخرى فيعتبر المؤجر قد حاز العين بواسطة المستأجر هذه المدة الأخيرة ، و بالتالي أكمل مدة التقادم لكسب ملكية العين ، و كذلك لا يستطيع المستأجر أن يحمي حيازته بحق ملكية العين المؤجرة بدعاوى الحيازة ، لأن هذه الحيازة حيازة مادية محضة و هي لحساب المؤجر ، فإذا لجأ مثلا إلى دعوى منع التعرض فيما يتعلق بالملكية لم يستطع اللجوء إليها إلا باسم المؤجر ، و هذا لا يمنع من أن يلجأ إلى جميع دعاوى الحيازة ، فيما يتعلق بحيازته لحقه الشخصي كمستأجر ، و يرفع هذه الدعوى أصالة عن نفسه لا باسم المؤجر (1) .
غير أن السؤال الذي يطرح بهذا الصدد هو هل أن الحيازة تظل محتفظة بصفتها التي قامت عليها مند بدايتها فإن قامت عرضية تبقى كذلك مهما طالت مدتها أو أنه يمكن للحيازة العرضية أن تتحول إلى حيازة صحيحة ؟
القاعدة العامة ووفقا لنص المادة 831 * فقرة 01 من القانون المدني فإن الحيازة تظل محتفظة بصفتها التي قامت عليها ، إذ أنه ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده على أنه لا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته و لا الأصل الذي تقوم عليه .
إلا أن هذه القاعدة العامة يرد عليها استثناء تضمنته الفقرة الثانية من المادة المذكورة آنفا ،إذ أنه يمكن أن تتحول الحيازة العرضية إلى حيازة صحيحة فيستطيع بذلك الحائز أن يكسب بالتقادم إذا تغيرت صفة حيازته بأحد الأمرين :
الأمر الأول : فعل يصدر من الغير * : و الذي عادة ما يكون تصرفا ناقلا للملكية يتلقاه الحائز العرضي من الغير فتتغير به صفة حيازته العرضية و تتحول إلى حيازة أصلية ،إذ أن الحائز يحوز العين من وقت هذا التصرف لحساب نفسه ، لا كحائز عرضي لحساب غيره ، و من ذلك الوقت يستطيع الحائز أن يحتمي كمالك بجميع دعاوى الحيازة ، و لا يشترط أن يكون الحائز العرضي وقت تلقيه التصرف الناقل للملكية حسن النية .
الأمر الثاني : فعل يصدر من الحائز العرضي يعارض به حق المالك، و لا يكفي في ذلك مجرد إنكار الحائز العرضي لحق المالك و إعلانه ذلك على ملأ من الناس ، بل لا يكفي تصرفه في العين تصرف الملاك فيهدمها متأو يقيم عليها بناءا أو يبيعها ، فهذا يعد تعسفا منه في استعمال حيازته العرضية ، و ليس من شأن هذا التعسف أن يغير صفة الحيازة ويحولها إلى حيازة صحيحة ، بل يجب أن يعارض الحائز العرضي حق المالك فيقوم بينهما مباشرة نزاع على ملكية العين يدعيها الحائز لنفسه و ينكر المالك عليه ذلك (3).
فإذا كانت الحيازة العرضية قد تتحول إلى حيازة صحيحة بأحد الأمرين سالفي الذكر فهل أن هذه الحيازة سواء كانت عرضية أو قانونية تنتقل محتفظة بصفتها تلك إلى كل من الخلف العام * و الخلف الخاص * أم أنها تتحول إلى خلافها ؟
إن حيازة السلف إذا كانت عرضية تنتقل إلى الخلف العام و تبقى كذلك ما لم تتغير بأحد الأمرين على النحو السابق بيانه ،أما إذا كانت حيازة حيازة السلف صحيحة انتقلت بصفتها هذه إلى الوارث الذي يستطيع أن يستمر في هذه الحيازة و أن يضم مدة حيازة سلفه إلى مدة حيازته على عكس الحائز عرضيا، فانه تحسب المدة اللازمة لإنتاج الحيازة أثرها من وقت تغيير الوارث صفة حيازته دون أن يكون له الحق في ضم مدة حيازة مورثه .
أما بالنسبة للخلف الخاص فإنه إذا نقل له الحائز العرضي ملكية العين فلا تكون حيازته عرضية بل تكون قانونية مستوفية لشروطها ، فتحمى بجميع دعاوى الحيازة كونه ابتدأ حيازة جديدة متوافر فيها عنصراها المادي و المعنوي ، و معنى ذلك أننا بصدد حيازتين و ليست حيازة واحدة ، و قد يختلفان في بعض الصفات ، كأن تكون حيازة السلف قانونية و حيازة الخلف عرضية .كأن يؤجر المالك عقاره لمستأجر و قد يحدث العكس بأن تكون حيازة السلف عرضية و حيازة الخلف قانونية و مثال ذلك أن يبيع المستأجر العين لآخر، و رغم استقلال حيازة الخلف عن حيازة السلف فإن المشرع مع ذلك أجاز للخلف إن شاء أن يضم مدة حيازة سلفه إن كانت له مصلحة في ذلك بنص المادة 814/02 من الق.م بأنه ” ……يجوز للخلف الخاص أن يضم إلى حيازته حيازة سلفه ليبلغ التقادم “.
و تجدر الإشارة أخيرا أنه كما تقوم الحيازة على توافر الركن المادي و المعنوي فإنها تزول بزوال أحدهما أو بزوالهما معا، على أن الحائز لا يفقد حيازته بسبب مانع مؤقت يعتبر قوة قاهرة كحدوث فيضان يغمر الأرض بالمياه (*)
ثانيا / شروط صحة الحيازة : الحيازة لا توجد إلا إذا توافر ركناها على النحو الذي سبق تبيانه فإذا توافر ركناها ووجدت فإنه يجب أيضا أن تكون خالية من العيوب حتى تنتج أثارها و على الأخص حتى تحضى بالحماية المقررة لها بموجب دعاوى الحيازة .
و قد نصت المادة 413 من ق .إ .م على شروط صحة الحيازة و التي يجب أن تكون هادئة ،علنية ، مستمرة ،لا يشوبها انقطاع و غير مؤقتة و غير خفية ، و استمرت لمدة سنة على الأقل .
كما نصت المادة 808 من القانون المدني في فقرتها الثانية (*) أنه( إذا اقترنت الحيازة بإكراه، أو حصلت خفية، أو كانت فيها التباس فلا يكون لها أثر تجاه من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب) .
و بناءا عليه سنتعرض إلى شروط صحة قيام الحيازة من خلال بيان العيوب التي تشوب صحتها كالآتي :
1- عدم استمرار الحيازة أو تقطعها : حتى تسلم الحيازة من هذا العيب لابد أن تتوالى أعمال السيطرة المادية على الشيء في فترات متقاربة ، منتظمة لمدة سنة كاملة ،فيستعمل الحائز الشيء من وقت إلى آخر كلما تقوم الحاجة إلى استعماله كما يستعمل المالك ملكه في العادة ، فإذا مضى بين العمل و الآخر فترة طويلة من الزمن لا يستعمل فيها الحائز الشيء و كانت هذه الفترة من الطول بحيث لا يدعها المالك الحريص على الانتفاع بملكه انتفاعا كاملا، فان الحيازة تكون في هذه الحالة غير مستمرة أو منقطعة ، فلا تصح أساسا لدعاوى الحيازة ،غير أن إنتظام الاستعمال يختلف باختلاف طبيعة الشيء، فمن يحوز حق السكن مثلا، حتى تكون حيازته مستمرة، يجب أن يسكن المنزل و ألا ينقطع عن سكناه إلا عند سفر أو غير ذلك ،و إن كانت أرضا زراعية وجب عليه أن يزرعها في المواسم الفلاحية ، و لا يعتبر الكف عن استعمال الشيء بسبب قوة قاهرة كحدوث فيضان يغمر الأرض انقطاعا يخل بالاستمرار في الحيازة (1) ، فحيازة العين يجب أن تستمر سنة كاملة ، إذ يكفي لإثبات استمرارها إثبات قيام الحيازة في وقت سابق معين، وإثباتها في الحال كي توجد قرينة على قيامها في المدة الممتدة بين الزمنين (2) ما لم يقم دليل على خلاف ذلك وفقا لما تنص عليه المادة 830 من القانون المدني .
و تجدر الإشارة إلى أن عيب عدم الاستمرار هو عيب مطلق ،إذ أنه يحق لكل ذي مصلحة أن يتمسك به ، لأن الحيازة في ذاتها تكون غير مستمرة بالنسبة إلى الناس كافة ، بخلاف العيوب الأخرى للحيازة فهي عيوب نسبية ، بمعنى أن الحيازة لا تكون لها أثر إلا بالنسبة لمن وجه إليه العيب وحده (1) ، و هو ما يستفاد من نص المادة 808 من الق.م
2- الخفاء أو عدم العلانية : فيباشرها الحائز على مشهد من الناس أو في القليل على مشهد من المالك أو صاحب الحق الذي يستعمله الحائز ، فإذا أخفاها الحائز عن المالك أو صاحب الحق ، بحيث لا يشعر هذا بأن حقه في حيازة غيره كانت الحيازة مشوبة بعيب الخفاء أو عدم العلانية ، و من ثم لا تكون صالحة لأن تحمى بدعاوى الحيازة (2) ، و هو ما يقضي به نص المادة 413 من ق.ا.م.
و عيب الخفاء يتصور وقوعه بالنسبة للمنقولات لسهولة إخفاءها أما العقارات فإنه لا يتصور إخفاء حيازتها إلا نادرا ،كالجار الذي يحوز شريطا صغيرا من أرض جاره ويدخله في حدود ملكية دون علم صاحبه ، ومهما يكن فالحيازة إذا كانت خفية فلا يؤثر فيها حسن أو سوء نية الحائز، و لكن ليس من الضروري لاعتبار الحيازة علنية أن يعلم بها المالك علم اليقين ، بل يكفي إمكانية و استطاعة العلم (3) .
و على خلاف عيب التقطع فإن عيب الخفاء هو عيب نسبي و ليس مطلقا وفقا لما تقضي به المادة 808 فق 02 من الق .م التي نصت على أن الحيازة إن حصلت خفية فلا يكون لها أثرا تجاه من أخفيت عنه إلا من الوقت الذي زال فيه هذا العيب ، و بالتالي فإن الحيازة قد تكون علنية بالنسبة للناس كافة ماعدا صاحب الحق فإنها خافية بالنسبة له ، ولذلك يكون له وحده أن يحتج بعيب الخفاء دون غيره ، و بالعكس لا يستطيع صاحب الحق أن يحتج بعيب الخفاء إذا كانت الحيازة علنية بالنسبة له و حده دون سائر الناس (1)
3- الإكراه أو عدم الهدوء : تكون الحيازة معيبة بهذا العيب إن حصل عليها صاحبها بالقوة أو بالتهديد، و بقي محتفظا بها دون أن تنقطع القوة أو التهديد الذي حصل عليها به ، و يستوي في ذلك أن تكون القوة أو التهديد قد أستعمل ضد المالك الحقيقي لانتزاع ملكه منه أو استعمل ضد حائز سابق غير مالك لانتزاع حيازته ، كما يستوي أن يكون من استعمل القوة أو التهديد هو الحائز نفسه أو أعوان له يعملون باسمه .
و عيب الإكراه هو عيب نسبي ، فإذا انتزع شخص من آخر حيازة عين بالإكراه كانت حيازة منتزع الحيازة مشوبة بعيب الإكراه بالنسبة إلى الشخص الآخر الذي انتزعت منه الحيازة وحده ، و بالنسبة إلى هذا الشخص الآخر وحده لا يستطيع منتزع الحيازة أن يلجأ إلى دعاوى الحيازة إلا إذا انقطع الإكراه ، فعيب الإكراه لا يحتج به إلا من وقع عليه الإكراه (2)
و بالرجوع إلى نص المادة 808 فقرة 02 من القانون المدني، فإن عيب الإكراه يزول بانقطاع الإكراه ، إذ جاء فيها أن الحيازة إذا اقترنت بإكراه، فلا يكون لها أثر تجاه من وقع عليه الإكراه، إلا من الوقت الذي يزول فيه هذا العيب .
غير أن السؤال الذي يجب طرحه هو هل الحيازة التي تبدأ هادئة ثم يضطر صاحبها لاستعمال القوة و التهديد للاحتفاظ بها تعد معيبة ؟ للإجابة عن هذا السؤال انقسمت الآراء إلى وجهتين :
أ / الرأي الأول : يرى القائلون به أنه لا يكفي أن ينقطع الإكراه الذي حصل به الحائز على الحيازة ابتداءا ، حتى تكون الحيازة خالية من عيب الإكراه بل يجب أن تستمر – فوق ذلك – هذه الحيازة الهادئة طوال المدة التي تبقى فيها ، فإذا كانت مهددة يعكر صفوها اضطرار صاحبها في أي وقت للدفاع عنها بالقوة ، فإنها تكون حيازة غير هادئة مشوبة بعيب الإكراه (1) .
إذ أن المقصود بالهدوء هو تمكن الحائز من استعمال الشيء و الانتفاع به دون اللجوء إلى العنف و القوة حتى لا تتحول إلى حيازة مغتصبة (*)
ب/ الرأي الثاني : يرى أصحابه أن الحيازة إذا بدأت هادئة ، فلا يعيبها بعد ذلك أن يضطر الحائز إلى استعمال القوة للاحتفاظ بحيازته ضد من يريد انتزاعها منه إذ أن هذا يكون من قبيل الدفاع الذي يثبت لكل شخص يتمتع بمركز واقعي .
و حسب رأينا فإننا نرجح الرأي الثاني،ذلك أن العبرة ببداية الحيازة و مدى اقترانها بالإكراه أو عدمه و هو ما يستفاد من نص المادة 808 فقرة 02 من الق.م التي تنص ( إذا اقترنت الحيازة بإكراه …….) و بالتالي فإن بدأت الحيازة هادئة ثم شابها عيب الإكراه و قام الحائز بدفعه مستبقيا سيطرته الفعلية على العيب محل الحيازة كانت حيازته صحيحة .
4/ عيب الغموض أو اللبـــس : يتعلق هذا العيب بالركن المعنوي في الحيازة إذ تكون الحيازة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس إذا اشتبه أمرها فيما يتعلق بالركن المعنوي، فيطرح التساؤول، هل أن الحائز يحوز لحساب نفسه أو أنه يحوز لحساب غيره؟أو لحساب نفسه وحساب غيره معا ؟.
و نضرب في هذا مثالا بحيازة أحد الشركاء في الشيوع ، الذي يتمسك بحيازة العين لنفسه خاصة ، فأعمال الحيازة المادية التي يقوم بها كشريك في الشيوع هي نفسها الأعمال التي يقوم بها في ملكية مفرزة ، و قد يأتيها بنية أنه يوجد غيره معه يشاركه في الملك ، فهنا يقوم اللبس في حيازة الشريك في الشيوع للعين الشائعة إذا تمسك بأنه يحوز العين لحسابه ، إذ هي تحتمل هذا المعنى كما تحتمل معنى أن الشريك يحوز لحساب نفسه ولحساب غيره من الشركاء ،فتكون الحيازة في هذه الحالة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس و من ثم لا تنتج أثارها (1)
و عيب الغموض أو اللبس هو عيب نسبي (*) فلا يكون له أثر إلا قبل من التبس عليه أمر الحيازة من حيث الركن المعنوي و هو ما تنص عليه المادة 808 فق 02 من الق.م التي جاء فيها أنه (إذا كان في الحيازة التباس فلا يكون لها اثر تجاه من التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي يزول فيه هذا العيب) .
و تأسيسا على ذلك فانه و بالنسبة للمثال السابق فإن الحيازة الغامضة عند الشريك على الشيوع لا يكون لها أثر إلا قبل الشركاء الآخرين في الشيوع ، إذ لا يحتج عليهم بهذه الحيازة الغامضة و لكن يحتج بها على غيرهم، و تظل هذه الحيازة غامضة إلى أن ينتفي اللبس فيها ، و الذي لا يكون إلا بالمعارضة الساطعة و المنكرة لحقوق الآخرين فإن لم ينكر ذلك تبقى على الشيوع (1) .
و عليه نصل إلى أن الحيازة إن استوفت أركانها و شروطها أصبحت محلا للحماية القانونية ، فتكون بذلك للحائز مصلحة قانونية حيث تحمى الحيازة لذاتها بصرف النظر عن ما إذا كان الحائز مالكا للعقار من عدمه . ومن ثم فان حصل اعتداء على المركز الواقعي أو احتمل الاعتداء عليه كانت المصلحة قائمة و حالة ، و عندها للحائز المطالبة بالحماية القضائية من خلال ممارسته لوسائل الحماية القانونية المقررة قانونا كما سيأتي بيانه بأكثر تفصيل في الفصل الثاني من هذا الموضوع .
(1) – رمضان أبو السعود، المرجع السابق ،ص523 .
(2) – عمر زودة محاضرات في الحيازة ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة 13 السنة الأكاديمية 2003/2004.
(1) في هذا الإطار صدر قرار للمحكمة العليا تحت رقم 95606 المؤرخ في 28/02/1993 مجلة قضائية 1994 ،عدد 1 ،ص201،و التي جاء فيها ( حيث أنه و لو أن المدعين يزعمون أنهم حازوا هذه القطعة منذ سنوات ،فإن ذلك لا يمنحهم الحق في تملكها لأن الأرض ملك عام ،و الأملاك العمومية لا تملك بالتقادم،و الحال أن المدعى عليهما أجابا أن الأرض محل الخصام كانت تحت تصرف البلدية من فبل ).
(2) حمدي باشا عمر محررات شهر الحيازة عقد الشهرة – شهادة الحيازة دار هومه 2001 ص 26
(3) فريدة محمدي ، الحيازة و التقادم المكسب، طبعة 01 ،الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 2000 ،ص 08 .
(1) رمضان أبو سعود المرجع السابق ص 530 -531 منه .
* و هو ما تنص عليه المادة 801 من القانون المدني ،و يقابلها نص المادة 951 من القانون المدني المصري .
* لما تنص عليه المادة 809 من القانون المدني .
(1) محمد المنجى ،الحيازة ،الطبعة الثالثة ،دار المكر العربي ،1993 ،ص 20- 21 منه .
(1) محمد المنجى ،المرجع السابق ،ص 25 منه .
(2) بوبشير محند أمقران ،قانون الإجراءات المدنية ،نظرية الدعوى ،نظرية الخصومة ،الإجراءات الاستثنائية ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية 1998 ،ص101 .
* كما يطبق عليها بالنظرية التقليدية من أشد أنصارها الفقي سافنيه ،الذي يرى أن الإرادة الشخصية للحائز تعد عنصرا أساسيا للحيازة الحقيقية .
* القرار رقم 40184 المؤرخ في 01/07/1987 ،مجلة قضائية 1990 ،العدد 04 ،ص 18 ‘( حيث أن الحائز العربي هو كل شخص انتقلت إليه من الحائز السيطرة المادية على الشيء يباشرها باسم الحائز و لحسابه ،و ذلك بموجب عقد كما هو الحال بالنسبة للمستأجر و المستعير و صاحب حق الانتفاع ،و الدائن المرتهن رهنا حيازيا ،و غيرهم ممن يرتبطون بعقد مع الحائز ،لذا فإن قضاة الموضوع طبقوا القانون تطبيقا سليما عندما رفضوا اعتماد الحيازة لأنها عرضية ) .
* و هو ما تنص عليه المادة 18 من القانون رقم 91 /10 المؤرخ في 27/04/1991 ،المتعلق بالأوقاف .
* القرار رقم 39360 ،المؤرخ في 13/01/1986 ،غير منشور ( حيث أنه لا يجوز التمسك بالتقادم المكسب في استغلال الأرض المحبسة لانعدام نية التملك) .
* صاحبها هو الفقيه الألماني إهرنج .
(1) رمضان أبو السعود ،المرجع السابق ،ص535 ،536 منه .
(2) زودة عمر ، المصدر السابق .
(1) عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء 9 ،أسباب كسب الملكية مع الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية ،المجلد 2
ط2 ،دار النهضة العربية ،1993 ،ص 1131 منه .
* يقابلها نص المادة 972 من التقنين المدني المصري ،و المادة 921 من القانون السوري ،و المادة 976 من القانون الليبي ،المادة 1160 من التقنين
العراقي ،المادة 261 من قانون الملكية العقارية اللبناني ،المادة 910 من التقنين الكويتي ،المادة 1185 من التشريع الأردني .
* الغير قد يكون الشخص الذي يحوز له الحائز العرضي العين باسمه ثم يشتري منه العين معتقدا أنه المالك الحقيقي .
* الخلف العام : الوارث ،الموصى له بجزء من التركة ،و قد نصت المادة 814 من القانون المدني على انتقال الحيازة من السلف إلى الخلف العام و سبب الانتقال هو واقعة مادية ( الوفاة ) .
* الخلف الخاص : من تلق عن غيره حقا معينا بالذات ، أو هو كل حائز قامت بينه و بين الحائز السابق علاقة قانونية بسبب تصرف قانوني أدى إلى انتقال الحيازة ،مثل علاقة المشتري بالبائع ،و قد نصت المادة 811 من القانون المدني على كيفية انتقال الحيازة إلى الخلف الخاص .
(*) و هو ما تنص عليه المادتان 815 و816 من القانون المدني .
(*) و يقابلها نص المادة 949 من القانون المدني المصري ،907 فقرة 2 من التقنين المدني السوري ،المادة 953 فقرة 2 من التقنين المدني الليبي،المادة 1146 و1145 فقرة 2 من التقنين المدني العراقي ،المادة 257 و258 فقرة 1 من قانون الملكية العقارية اللبناني ،المادة 911 من التقنين المدني الكويتي ،المادة 1172 من التقنين المدني الأردني .
(1) عبد الرزاق أحمد السنهوري ،المرجع السابق ،ص 1151 – 1153 منه .
(2) بوبشير محند أمقران ،المرجع السابق ،ص97 منه .
(1) محمد المنجى ،المرجع السابق،ص 55 منه .
(2) عبد الرزاق أحمد السنهوري ،المرجع السابق ،ص 1120 منه .
(3) رمضان أبو السعود ،المرجع السابق ،ص 561 منه .
(1) رمضان أبو السعود ،المرجع السابق،ص561 منه .
(2) عبد الرزاق أخمد السنهوري ،المرجع السابق ،ص1166 و1170 منه .
(1) رمضان أبو السعود،المرجع السابق ،ص 562 و 563 منه .
(*) و هو ما يقول به الأستاذ حمدي باشا عمر في مؤلفه محررات شهر الحيازة ص 33 مستشهدا في دلك بالقرار رقم 677/32 المؤرخ في 09/01/1985 المجلة القضائية لسنة 1989 عدد 04 ص 16 و الذي جاء فيه ( من المقرر قانونا أن التقادم المكسب هو مؤدي الحيازة الهادئة و المستمرة ، و لما كان ثابتا في قضية الحال أن قضاة الاستئناف أجابوا على الدفع بالحيازة و التقادم المكسب بأن الحيازة لم تكن هادئة و كانت دائما محل تعرض مما يجعلها غير متوفرة الشروط ، و لم يبينوا كيف كانت محل تعرض و من أين استنتجوا ذلك ، اإذ الثابت أن الطاعن حاز الجنان ( البستان ) محل النزاع منذ 1955 باعتراف المطعون ضدهم ، و منذ ذلك الوقت و هو حائز للعقار محل النزاع دون تقديمهم لما يثبت أنهم نازعوه في حيازته ، فان هؤلاء القضاة بقضائهم كما فعلوا لم يسببوا بقضاءهم بما فيه الكفاية.
(1) عبد الرزاق أحمد السنهوري ،المرجع السابق ،ص 1173 منه .
(*) هناك من يرى أن هذا العيب هو عيب مطلق على أساس أنه يهدم الركن المعنوي كلية ،و ليس مجرد عيب يشوبها.
(1) زودة عمر ،المصدر السابق .
دعوى الحيازة الجزء الثاني
المطلب الثاني / شـــرط المــيعاد :
طبقا لنص المادة 413 فقرة 02 من ق .ا.م فإنه لا تقبل دعاوى الحيازة، و من بينها دعوى استردادها إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض كما نصت المادة 817 فق 01 من القانون المدني أنه يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت انكشاف ذلك .
و بناءا عليه فانه يجب أن ترفع دعاوى الحيازة خلال مدة سنة من وقت الاعتداء على الحيازة أو بدء الأعمال التي تثير احتمال الاعتداء عليها (*) لأن التراخي في رفع هذه الدعوى طوال هذه المدة يفترض أن التعرض ليس خطيرا بحيث يخل بالأمن و السلام ، فضلا عن رضا الحائز بذلك الوضع ، و في حالة رفع هذه الدعوى بعد فوات ميعاد السنة يحكم بعدم قبولها (*) ، و لو لم تنشأ حيازة جديدة لمصلحة الغير ، و في حالة نشوء حيازة قانونية لهذا الأخير ، فإنه يتمتع بالحماية القانونية حتى في مواجهة الحائز السابق .
و يلاحظ أنه لا ارتباط بين هذا الشرط و شرط استمرار الحيازة لمدة سنة و الذي ينبغي توفره كي تصبح الحيازة قانونية ، و يؤدي تخلفه إلى رفض دعوى الحيازة من حيث الموضوع (1) .
غير أن السؤال الذي استوقفنا و نحن نتحدث عن شروط قبول دعاوى الحيازة وجعلنا نبحث عن إجابة له هو هل أن الحق في رفع دعاوى الحيازة هو حق مطلق متى توافرت الحيازة على شروطها و أركانها و استوفت وسيلة حمايتها شرط الميعاد ، أم أنه حق مقيد بوجود سند قانوني يبرر هذه الحيازة ؟
إن طرحنا هكذا سؤال إنما مرده الإشكالات و الاختلافات العملية و المثارة بشأن شهادة الحيازة و علاقتها بممارسة دعاوى الحيازة الثلاث ، و هو ما تم طرحه بحدة على صعيد التطبيقات القضائية ، و لعل سبب ذلك هو نص المادة 39 من القانون رقم 90/25 المتضمن ق.ت.ع التي جاء فيها ( يجب على كل حائز لملك عقاري أو شاغل إياه أن يكون لديه سند قانوني يبرر هذه الحيازة أو هذا الشغل ) بموجب هذه المادة أضاف المشرع شرطا جديدا لم يكن منصوصا عليه في القانون المدني .
و التساؤول المطروح بهذا الصدد هل يعتبر هذا الشرط قبليا يجب أن يتوفر في كل من يرفع دعوى حيازة طبقا لأحكام قانون الإجراءات المدنية ، و القانون المدني ؟
لقد انقسم الرأي بصدد هذه المسألة القانونية إلى اتجاهين (2) :
أ / الاتجاه الأول : لابد من أن يستظهر رافع دعوى الحيازة بشهادة الحيازة،و ذلك استنادا إلى نص المادة المذكورة سابقا ، و الذي ورد بصيغة الوجوب ، و من ثم فإن السند الحيازي يعتبر قيدا على رفع الدعوى إذ لا يمكن اللجوء إلى القضاء إلا باستيفائه (1) .
بينما هناك من يعتبرها تتعلق بشروط قبول الدعوى و تحديدا شرط الصفة (*) ،و لذلك فالبعض يرى أن ما جاء به ق.ت.ع بهذا الصدد هي أحكام كادت أن تؤدي إلى القضاء على أحكام الحيازة التقليدية (2) .
ب / الاتجاه الثاني : يرى القائلون به أنه لا حاجة لرافع دعاوى الحيازة لأن يثبت وضع اليد بشهادة الحيازة كونها مجرد وثيقة إدارية شرعت فقط من أجل تشجيع الاستثمار في الأراضي الفلاحية و تمتيع صاحبها ببعض الحقوق و الامتيازات التي لا تخول إلا للمالك ، زد على ذلك أن المشرع نفسه مازال يعترف بالحائز الظاهر الذي لا يملك شهادة الحيازة، و هو ما يتجلى من خلال نص المادة 51 من القانون رقم 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري التي نصت على الإجراءات التي تسلط على المستثمر الذي يثبت قانونا عدم استغلاله للأراضي الفلاحية و من ثم لا يمكن اعتبار شهادة الحيازة قيدا على رفع الدعوى التي تبقى خاضعة في رفعها لقانون الإجراءات المدنية (1) .
و بالتالي فشهادة الحيازة كوثيقة إدارية لم تفض على أحكام الحيازة التقليدية المنصوص عليها في كل من القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية كما حاول البعض الذهاب إليه و الذي اعتبرها قيدا على رفع دعاوى الحيازة بأنواعها الثلاث (2) .
و هو الرأي (*) الذي تبنته الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القرار رقم 914-181 المؤرخ في 28/10/1998 – غير منشور- و الذي جاء فيه ( حيث و من جهة أخرى فان قضاة الاستئناف و لتأسيس قرارهم استخلصوا من أفعال القضية و خاصة من شهادة الاستغلال الفلاحي …. و محضر سماع الشهود المؤرخ في 15/11/1994 بأن هذا الأخير يثبت بسند قانوني الحيازة طبقا للمادة 30 من القانون رقم 90/25 المؤرخ 18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري حيث و بالفصل هكذا فإن قضاة الاستئناف قد طبقوا القانون تطبيقا سليما .
أما عن رأينا فإننا نرجح الاتجاه الثاني، أي ما ذهبت إليه الغرفة العقارية،و تأسيسنا في ذلك هو الأتي بيانه :
1- إن الهدف المتوخى من دعاوى الحيازة هو حماية المركز الواقعي للحائز بغض النظر عن كونه مالكا أو غير مالك ، و عليه فان الشروط التي أضافها المرسوم التنفيذي رقم 91/254 بموجب نص المادة 02 منه، و التي فصلت تلك المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 90/25 تتنافى و الهدف المتوخى من الحماية القانونية المقررة للحيازة لا سيما ما يتعلق منها بالشروط الواجب توافرها في العقار المحوز ، و التي سنعالجها كالأتي :
الشرط الأول / أن تكون الأرض ملك خاص : إن هذا الشرط لا يستقيم و مجال الحيازة بمفهومها العام على النحو المشار إليه آنفا و الذي نتناوله بأكثر تفصيل في المبحث الثاني من هذا الفصل، إذ ينطوي على تضييق في مجالها و هو ما ينعكس على نطاق الحماية المقررة لها .
الشرط الثاني / أن يقع العقار في منطقة مسوحة: كون أن عملية المسح تؤدي إلى تشخيص الممتلكات العقارية، و من ثم فلا يتصور تسليم شهادة الحيازة بعد إتمام هذه العملية، بينما تظل الحيازة بمفهومها العام و بما كرس لها ما وسائل لحمايتها قائمة .
الشرط الثالث / أراضي لم تحرر عقود ملكيتها: فحتى و إن لم يتم المسح و كان للأرض عقد ، فلا تكون محلا لتسلم شهادة الحيازة ، بينما و على العكس من ذلك ،و بالنسبة لدعاوى الحيازة فإنه يتمسك بها حتى في مواجهة المالك نفسه ،لقيام ذلك على افتراض مفاده أن من يحوز الأرض هو مالكها،وأن الحيازة تنصب على العقار سواء كان مملوك للغير أو غير مملوك له .
و إذن فإن الشروط المضافة على النحو السابق بيانه تؤكد أن الهدف المتوخى من الحيازة بمفهوم قانون التوجيه العقاري رقم 90/25 و كذا المرسوم التنفيذي 91/254 غير ذلك المقصود من المفهوم العام للحيازة ، و هو ما يثبت أن شهادة الحيازة قررت لتشجيع الاستثمار ، و خدمة التنمية الاقتصادية و جعلها كضمانة قانونية للحائز.
2- شهادة الحيازة جاءت بموجب المادة 39 من القانون السالف ذكره من أجل معالجة مرحلة انتقالية ووضع راهن تبنى فيه المشرع نظام الشهر العيني بصورة متذبذبة خاصة و أن عمليات المسح لم تشمل سوى جزء يسير من الأراضي ، بينما تلك التي لم يتم مسحها فتحرر بشأنها شهادة الحيازة ، في انتظار تصفية الوضعية العقارية نهائيا ، وتكريس الحاصلين عليها كملاك بعد المسح ، و من ثم الحكم بموتها بانعدام الوضع المقررة من أجله ، فالمشرع بتبنيه نظام الشهر العيني وقع في تناقض مع أحكام القانون المدني و التي نقلت عن القانون المدني المصري الذي تبنى نظام الشهر الشخصي .
3- المادة 02 من المرسوم السابق الإشارة إليه اشترطت دوام الحيازة سنة كاملة للاستفادة من شهادة الحيازة ، و هي المدة نفسها المشترطة في استمرار الحيازة المحمية قانونا كمبدأ عام مع ورود استثناء عليه فيما يخص مدة الحيازة المحمية بدعوى الاسترداد،و هو ما يؤكد مرة أخرى اختلاف الهدف الذي قررت شهادة الحيازة من أجله عن ذلك المتوخى من الحيازة كمفهوم عام و الذي ينصب أساسا على حماية الأوضاع الظاهرة و الحفاظ على السكينة والأمن العامين.
(*) القرار رقم 57979 ،المؤرخ في 27/12/1989 ،مج قض 1993 ،عدد 3 ،ص27 و الذي جاء فيه ( من المقرر قانونا أنه لا تقبل دعوى الحيازة ودعوى استردادها إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض …فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون ) .
(*) القرار رقم 37900 ،المؤرخ في 17/12/1986 ،تطبيقات قضائية في المادة العقارية ،مديرية الشؤون المدنية ،1995 ص73 ،جاء فيه : أن دعوى الحيازة لم تجاوز الأجل القانوني المحدد رفعها ،و من ثم عدم قبول دعاوى الحيازة إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض .
(1) بوبشير محند أمقران ،المرجع السابق ،ص 101 منه .
(2) حمدي باشا عمر ،المرجع السابق ،ص167 و168 منه .
(1) محمد بن رقية ،شهادة الحيازة ،محاضرة ألقيت على قضاة التكوين المتخصص في القانون العقاري ،الدفعة الأولى ،السنة الأكاديمية 2000/2001 .
(*) الحكم الصادر عن محكمة قايس القسم العقاري مجلس قضاء خنشلة بتاريخ 21/02/2000 تحت رقم 94/99 جاء فيه : ( حيث أن المدعي لم يقدم ما يثبت حيازته للقطعة الفلاحية مما حصل معه عدم قيام صفة المدعي في النزاع، حيث أنه و طبقا لنص المادة 30 من الق رقم 90/25 فانه يجب على كل حائز لملك عقاري أو شاغل له أن يكون له سند قانوني يبرر هذه الحيازة أو هذا الشغل حيث أنه و الحالة هذه فان المدعي لا يحوز الصفة مما يتعين معه عدم قبول الدعوى شكلا عملا بأحكام المادة 459 من الق.ا.م) .
(2) عبد الرحمان ملزي الحيازة ، المصدر السابق .
(1) حمدي باشا ،عمر ،المرجع السابق ،ص167- 168 .
(2) حمدي باشا ،عمر،المنازعات العقارية ،الجزائر ،دار هومه ، 2002 ،ص 260 و261 منه .
(*) و هو الجاري به العمل على مستوى محكمة سعيدة القسم العقاري .
المبحث الثاني :
خصائص دعاوى الحيازة :
المطلب الأول : حماية الحيازة لذاتها :
لما كان وضع اليد هو سلطة فعلية لشخص على شيء من الأشياء المادية فهو المظهر المادي للملكية و لهذا كان وضع اليد شبيها في الظاهر بالملكية، بل كثيرا ما يختلط بها مع أن وضع اليد على العقار يختلف عن ملكيته من الوجهة القانونية إذ تعرف الحيازة بأنها وضع اليد على العقار و السيطرة عليه سيطرة فعلية و استقلاله و السيطرة المادية تكون بمباشرة أعمال مادية مما يقوم عادة بها المالك على النحو الذي تقتضيه طبيعة هذا الحق و تكسب الحيازة ملكية العقار أو الحق العيني عليه بمضي مدة معينة مقترنة بينية التملك فهي واقعة مادية تحدث آثار قانونية و تؤدي إلى اكتساب الحق .
أما الملكية فهي حق تخول للمالك أن يسيطر سيطرة قانونية على الشيء محل الحق فيستأثر به فيتمكن من التصرف فيه و استعماله و استغلاله و الملكية باعتبارها حق فهي لا تثبث إلا بناء على سبب من أسباب كسب الملكية التي حددها القانون كالعقد و الوصية و الميراث و الحيازة ..الخ .
و يحمي القانون الحيازة في ذاتها و لو كان الحائز غير مالك و ذلك لغايات معينة ،ووسيلة لحماية الحيازة هي الدعاوى التي ننظر فيها إن كان حائز مالكا للحق الذي يحوز أو لا يملكه فالحائز لأرض تحميه دعاوى الحيازة و لا يطلب منه في مباشرته لهذه الدعاوى إلا أن يثبت حيازته لأرض بالشروط الواجب توفرها في الحيازة ،فلا يطلب منه أن يثبت أنه مالك للأرض فالملكية تكون محل لدعوى الاستحقاق ،و من هنا يبرز الفرق بين الحيازة و الملكية من حيث وسيلة الحماية و من حيث الإثبات فإذا تم التعرض للحيازة فاللمعتدى عليه استعمال دعوى منع التعرض ،و إذا لم تتعرض حيازته لاعتداء أو التهديد و لكنها توشك أن تتعرض لذلك من جراء أعمال بدئ بها و لم تتم فإنه يستطيع رفع دعوى لوقف الأعمال الجديدة، و إذا انتزعت منه الحيازة عنوة أو خلسة فله أن يستردها بدعوى استرداد الحيازة بشرط أن يثبت حيازته للعقار بوسائل إثبات تمتاز باليسر على خلاف دعوى الملكية التي تمتز بإجراءات طويلة و معقدة و طرق إثبات تزيد كثيرا في الصعوبة و العسر على طرق إثبات الحيازة .
و نفس الشيء يقال في الحقوق الأخرى التي تكون محلا للحيازة، فدعاوى الحيازة تحمي حائز حق الانتفاع أو الإرفاق و الاستعمال .
و عليه فإن القانون يحمي الحائز ما دام أثبت وقت الاعتداء أن حيازته كانت حيازة مادية بمعنى أن يد الحائز كانت متصلة بالعقار و اتصالا فعليا حيث كان العقار تحت تصرفه المباشر و يجب أن يكون اتصال الحائز بالعقار قائما وقت وقوع الاعتداء (1) .
– و العلة في حماية الحيازة ترد إلى اعتباريين :
1/ حماية المصلحة الخاصة للحائز و التي تظهر في عنصريين :
أ- أن الحيازة قرينة على الحق :
نظرا لكون الحائز الغالب هو نفسه صاحب الحق، فإن الحائز لحق يقترض أنه صاحب لهذا الحق حتى يثبت العكس ، فقل أن يوجد مالك لا يحوز ملكه بنفسه أو بواسطة غيره إذ يفترض قانونا أن الحائز هو المالك فيحمي الملكية عن طريق الحيازة، و من ذلك كانت الحيازة قرينة على الملكية و لكنها قرينة قابلة لإثبات العكس (2) . فحماية الحيازة في ذاتها إنما هي حماية للملكية و لكنها حماية مؤقتة إلى أن يقوم الدليل على أن الحائز لا يملك المال الذي في حيازته .
ب – إن حيازة ممارسة فعلية للحق : إن الحيازة بمعنى السيطرة الفعلية على شيء هي وسيلة ممارسة صاحب الحق لسلطاته عليه، و حرمانه من الحيازة يعني حرمانه من مزايا حقه فحيازة المستأجر ضرورية لممارسة حقه في الانتفاع بها .
ج – الحيازة وسيلة اكتساب الحق : حتى في الحالات التي لا يستند فيها الحائز إلى الحق فإن الحاجة إلى الاستقرار أدت بالمشرع إلى جعل الحيازة متى استوفت شروطها معنية سببا لاكتساب الحق العيني على العقار .
2/ حماية المصلحة العامة :
تعتبر حماية الحيازة حماية للأمن و النظام العام في المجتمع فيعد اغتصاب الحقوق غير شرعي و لو تم ذلك من صاحبها ،لأن ذلك يعتبر من قبيل قضاء الإنسان لنفسه و الذي يترتب عنه الفوضى، و لذلك يتعين حماية حيازة الحائز ضد تعرض الغير حتى و لو كان هدا الأخير صاحب الحق، إذ لهذا الأخير اللجوء إلى القضاء لحماية حقه عن طريق دعوى الحق (3)
(1) محاضرات الأستاذ زودة عمر
(2) د. عبد الرزاق السنهوري ،نفس المرجع السابق ،ص 790 .
(3) قانون إ ح م بوشير محمد أمقران ديوان المطبوعات الجامعية ص 91،92
الجزء الثالث
المطلب الثاني : حماية العقار دون المنقول :
تنصب دعاوى الحيازة على حماية العقار دون المنقول ،إذ يمكن لحائز رفع دعاوى الحيازة كمنع التعرض و استرداد الحيازة و وقف الأعمال الجديدة ،إذا كان محلها عقار خلافا للمنقول الذي تحميه قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية و كذا في حيازة الثمار .
فالمنقول لا يحمى بدعاوى الحيازة ،و كذا المجموع من المال كالتركة فالحائز لمجموع من المال كالوارث إنما يحمي في حيازته لعقار معين من هذا المجموع و لا يحمي في حيازته لمجموع المال ذاته إذ المجموع من المال لا يقبل الحيازة (1) . و إلى جانب العقارات تحمي دعاوى الحيازة أيضا الحقوق العينية و على ذلك نتعرض لحيازة العقارات بأنواعها و لحيازة الحقوق على العقارات التي لا تجوز فيها الحيازة.
1 / الحيازة في العقارات :
بدأت الحيازة في القانون الروماني سيطرة فعلية يباشرها الحائز على شيء مادي على اعتبار أنه مالك لهذا الشيء، فيحرزه إحرازا ماديا و يباشر عليه سلطة المالك فكانت الحازة على ضد النحو استعمالا لحق الملكية على الشيء مادي ،و لما كان حق الملكية عند الرومان يختلط بالشيء المادي فقد كان الرومان يصورون الحيازة على أنها تقع على الشيء المادي ذاته يتصرف فيه الحائز تصرف المالك فيستعمله و يستغله و يتصرف فيه
و يستهلكه، فكانت الحيازة سلطة مادية محضة لا ننطبق إلا على الأشياء المادية.
و من ضمن هذه الأشياء و المحمية بدعاوى الحيازة العقارات على أن يكون هذا العقار معنيا بالذات .
و العقار هو كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف و كل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول. فكل مالا يدخل ضمن العقار بالمفهوم الوارد في 683 من القانون المدني فهو منقو و الغاية من ذلك أن المنقولات متعددة و لا يمكن حصرها لذا عرف العقار دون المنقول .
و تنقسم العقارات إلى نوعين العقارات بالطبيعة و العقارات بالتخصيص ،و تشمل العقارات بالطبيعة الأراضي بما فيها الزراعية و المعدة للزراعة الصحراوية و الجبلية المعدة للبناءو ما تحت الأرض كالآبار وما في باطنها كالمناجم و ما فوقها من أبنية و أشجار و نباتات ،أما العقارات بالتخصيص فهو في الأصل منقول وضعه وصفه صاحب العقار و خصصه لخدمة هذا العقار أما استغلاله يشرط أن يكون مالك العقار و المنقول شخص واحد و أن يرصد هذا المنقول لخدمة العقار و عندما يغير المنقول بطبيعته عقارا بالتخصيص فيأخذ حكم العقار على اقتراض أنه هو نفسه عقار و تسري عليه أحكام العقار ،بمجرد انتهاء التخصيص عود للعقار بالتخصيص صفته الأصلية كمنقول بطبيعته.
و في حالة وضع اليد على عقار من غير المالك باعتبار أنه المالك فيجوز لواضع اليد هذا أن يرصد منقولا يملكه على خدمة هذا العقار و يصبح المنقول عقارا بالتخصيص و لكن إذا يسترد المالك الحقيقي العقار فإنه يسترده وحده لمنقول الذي رصد (1) لخدمته و يأخذ صاحب المنقول منقوله (2) و عليه فإن حيازة الشيء تفترض حيازة توابعه مالم يثبت العكس .و من ثم فإن الحيازة المكسبة للملكية ترد على العقار بطبيعته و كذلك على العقار بالتخصيص بشرط أن تكون العقارات المراد إكتساب ملكيتها بالحيازة من العقارات التي تخضع للحيازة و أن تكون قابلة للتعامل فيها .
– الحيازة في الأملاك الوطنية :
لقد مرت الأملاك الوطنية في الجزائر بعدة مراحل بداية من المرحلة التي امتازت فيها الأملاك الوطنية بفكرة وحدة الأملاك العامة التي تبناها المشروع خلال الفترة الاشتراكية ثم جاء دستور 23 فبراير 1989 و كرس من جديد النظرية التقليدية المبنية على التفرقة بين الأملاك العمومية التي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة و الأملاك الخاصة التي تمتلكها الدولة و الجماعات المحلية لتحقيق أغراض امتلاكية بحثة ،و ذلك بموجب المادتين 17 و18 منه
و هي نفس هذا التوجيه صدر قانون التوجيه العقاري رقم 25190 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 و كرس ضده المبادئ في المواد 24،25،26 منه ثم صدر قانون الأملاك الوطنية 90/30 المؤرخ في 1/ديسمبر/1990 ليحدد الأملاك الوطنية و نظامها.
و لعل أكثر ما يهمنا في البحث هو مسألة مدى جواز ممارسة الحيازة في الأملاك الوطنية بصنفيها و ما هي أهم الأحكام و القرارات الصادرة في هذا الشأن بعد أن نتناول كل الأملاك الوطنية العمومية و الأملاك الوطنية الخاصة.
أ- حيازة الأملاك الوطنية العمومية :
هناك بعض العقارات ترد عليها الحيازة المكسبة للملكية، ذلك إن كانت خارجة عن دائرة التعامل و لا يمكن أن تكون بحكم طبيعتها أو بحكم تخصيصها محلا للتصرفات القانونية كالعقارات التي يشترك النوع الإنساني في الانتفاع بها انتفاعا مطلقا و يستحيل على أي فرد أن يختص بها بطبيعته.
و العقارات العامة هي عقارات الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة و المخصصة لمنفعة عامة، و لقد حرم القانون تملك العقارات العامة بوضع اليد حيث تنص المادة 689 قانون مدني :” لا يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها أو تملكها بالتقادم”
و في ها الإطار صدر القرار رقم73271 المؤرخ في 21/أكتوبر/1990 مجلة قضائية رقم 92 ص 24 جاء فيه 🙁 حيث أن الطاعنين يزعمون أنهم تحصلوا على القطع المتنازع فيها عن طريق الحيازة لأنهم يشغلون تلك الأراضي بصفة هادئة و مستمرة منذ أوائل 1960 .
حيث يتبين من القرير المعد من طرف مصالح أملاك الدولة أن أملاك الدولة غير قابلة للتصرف فيها أو الحجز عليها أو اكتسابها بالتقادم و بالتالي لا يمكن الحصول على ملكيتها من طرف الطاعنين عن طريق الحيازة كما تنص عليه المادة 827 من القانون المدني .
حيث أن الأمر يتعلق بشاغلين بصفة غير قانونية لأراضي مملوكة للدولة فيمكن للطاعنين الاستفادة من المرسوم 85-212 المؤرخ في 18 أوت 1985 كي يتحصلوا على تسوية وضعيتهم).
لكن هذا لا يمنع من أن الدولة و المجموعات المحلية تستطيع استعمال دعاوى الحيازة لحماية أملاك الدومين العام ،و عليه إذا كان العقار داخلا في الدومين العام فإنه لا يكون في الأصل قابلا للحيازة و كان ينعى أن لا يكون هناك مجال في شأنه لدعاوى الحيازة ،و لكن القضاء في فرنسا جرى على حماية الشخص العام في حيازته للعقار الداخل في الدومين العام ضد أعمال التعرض و الاغتصاب الصادر من الغير ،بل أنه يحمي كل من حصل من الأفراد على ترخيص قي الانتفاع بالعقار الداخل في الدومين العام في حيازته لهذا العقار بجميع دعاوى الحيازة ضد الغير فيما عدا الجهة الإدارية التي منحته الترخيص (1) .
و من ذلك ما نصت عليه المادة 171 من المرسوم 91 -454 بأنه يحق للمؤسسات العمومية المكلفة من طرف الدولة بتسير مرافق عامة أو أداء مهمة منفعة عمومية أن ترفع دعاوى الملكية و الحيازة لحماية الأملاك الوطنية العمومية التي تشغلها في حالة تعرضها لاعتداء من طرف الغير .
و في هذا الإطار جاء القرار رقم 181645 المؤرخ في 24/06/1998 بأنه:
” من المقرر قانونا أنه يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته بدأ سريان السنة من وقت انكشاف ذلك و لما تبين من قضية الحال أن الحيازة ثابتة منذ عهد الاستعمار و إن ما بين فوقها كان يرخصه من المصالح البلدية دون أية منازعة ك حيازتها و في استصلاحها و غرسها و لما قرر قضاة المجلس بأن الحيازة لا تجدر في الأملاك التابعة لدولة فإن هذا التأسيس خاطىء لأنه لا يوجد أي نص قانوني يتحدث على منع الحيازة في الأملاك العقارية التابعة للدولة التي تمنح للأشخاص بموجب شهادة إدارية من أجل استغلالها و الانتفاع بها مما يستوجب نقص القرار
المطعون فيه ” .
ب / حيازة الأملاك الوطنية الخاصة:
و هي العقارات المملوكة للدولة أو الأشخاص المعنوية الأخرى ملكية خاصة و لم تخص للمنفعة العامة و يكون التصرف فيها كتصرف ال أموالهم الخاصة و تمنع هذه العقارات بوجب عام لأحكام الملكية شأنها بذلك شأن العقارات المملوكة للأفراد تحق الدولة و العقارات الخاصة ضد حق ملكية مدنية محضة ،أسباب كسب ملكية العقار الخاص حددها المشروع في القانون
90/30 على سبل الحصر وصه التعاقد سواء طبق القانون المدني أو القانون الإداري من خلال ق ص ع عن طريق الأملاك الشاغرة و اكتشاف الكنوز و الهبات …الخ
و في هذا الاطار سوف تتعرض لبعض القرار رقم 271-73ل 21/10/90 م ق 92 ص 4 *
الأمثلة عن الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة من ذلك أراضي العرش و المستثمرات الفلاحية في إطار القانون 87/19 و القانون 83/18 المتعلق بالاستصلاح.
1/ حيازة أراضي العرش :
أراضي العرش هي تلك الأراضي التي منحت من قبل الدايات الأتراك للقبائل و العروش الذين كانوا موالين لهم على سبيل الانتفاع الجماعي أما عن كيفية الانتفاع فكان كل فرد من أفراد القبيلة له الحق في الاقتناء بالمساحة التي يستطيع استغلالها و خدمتها مع ظفر عملية الإيجار أو الأرض أو البيع أو القسمة و في حالة عدم استغلالها و شراها بورا يحق استرجاعها و إعادة منحها من قبل القبيلة إلى من يتعهد بخدمتها و استغلالها و هذا الاستغلال يعطي للمستغل حق رضي التجار و تملكها و لقد مرت هذه الأراضي بعدة تطورات عبر مراحل زمنية مختلفة إلى غاية الاستغلال تميزت فيها المرحلة الاستعمارية بإصدار عدة قوانين بقصد تمكين الحائزين لهذه الأراضي من تملكها بقصد تمكين المعمرين كما يعد شرائها في إطار سياسة الاستيطان الاستعمارية غير أن نقل ملكية هذه الأراضي لحائزها لم تتم (1) .
أما فترة الاستقلال فأهم ما ميزها هو صدور القانون رقم 90/25/ المؤرخ في 18/11/90 المتعلق بقانون التوجيه العقاري الذي صنف الملكية العقارية إلى أملاك وطنية و أملاك خاصة و أملاك وقفية و بموجب م /85 المعدلة بموجب الأمر 95/26 ل 25/09/1995 اعتبرت أراضي العرش ملك للدولة إذ نصت على أنه تبقى ملكا لدولة أراضي العرش و البلديات المدمجة ضمن الصندوق الوطني للثورة الزراعية بمقتضى الأمر رقم 71/73 ل 8/11/71 و ذلك وقفا للمادة 18 من القانون رقم 900-30 ل 1/12/90 و المتضمن قانون الأملاك الوطنية و في مجال حيازة هذا النوع من الأراضي ضد ما جاء في القرار رقم 196049 المؤرخ في 26/04/2000 الذي كرس الحيازة على أراضي العرش حيث جاء فيه : (حيث أن القضاة المجلس اعتبروا أن الأراضي المتنازع عليها أرض عرش من أملاك الدولة و بالتالي لا يمكن الإدعاء بحيازتها لكن حيث يتبين من عناصر الملف أن المدعية المستأنف عليها لم تتمسك بالحيازة اتجاه الدولة مالكة الأرض بل تمسكت لحيازتها اتجاه التغير الذي حسب مزاعمها تعرضوا لحماية حيازتها بدون وجه حق و حيث أن الدولة ليست طرفا في الدعوى الحالية و لا تنازع المدعية في حيازتها حيث كان على قضاة المجلس أن يطبقوا مقتضيات المادة 822 من القانون المدني و أن يفصلوا من الذي له الحيازة المادية أن من الذي له وثائق تثبت حيازته الحالية و المادية على الأراضي) و هذا عكس المادة 4 من القانون 90/30 المتضمن الأملاك الوطنية التي لم تقر الحماية التقليدية للأموال عدم القابلية للتصرف ،عدم الحجز ،عدم جواز التمسك بالتقادم إلا على الأملاك الوطنية العمومية .
و ما دام أن أراضي العرش تصنف ضمن خانة الأملاك الوطنية الخاصة فبنتيجة فهي لا تخضع لقواعد الحماية المذكورة و بالتالي يجوز التمسك بحيازتها حتى في مواجهة الدولة نفسها (1)
2/ الحيازة في المستثمرات الفلاحية :
و هذا النوع من المستثمرات تم إحداثه بموجب القانون 87/19 و هي في الأصل أملاك وطنية خاصة تم إحداثها بقصد استغلالها في إطار تكريس المحافظة على الأراضي المختصة في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية كالقمح و الشعير و غيره و يتم استغلالها بصورة جماعية كقاعدة عامة،على أنه يجوز أن يتم استغلالها بصفة فردية .
و المستثمرة الفلاحية هي إصلاح اقتصادي تعني وحدة ترابية مسيرة مستغلة طيلة السنة من طرف شخص أو عدة أشخاص، تنظم وسائل الإنتاج و ذلك لخدمة الإنتاج الفلاحي قانونا تكون ملكا للشخص الذي يستغلها أو للغير (2)
و يصبح للمستثمرة الفلاحية الجماعية وجود قانوني عند نشر العقد الإداري في سجل الحفظ العقاري، و يترتب على ذلك أن حق الانتفاع يكون ملك لأعضاء المستمرة في حين أن الملكية الرقبة تكون للدولة. و يمتاز حق الانتفاع هذا عن حق الانتفاع وقفا للقواعد العامة إذا يخول لأعضاء المستمرة اكتساب بعض الحقوق و ترتيب عليهم بعض الالتزامات المغايرة و التي تخرج عن القواعد العامة في المقررة في حق الانتفاع، إذ من شأنه أن يخول لهم حق انتفاع دائم ينتقل للورثة ضمن شروط معينة أقرها القانون 87/19 على خلاف حق الانتفاع العادي الذي ينتهي بوفاة المنتفع. كما يخول لأعضاء المستمرة ممارسة بعض الدعوي التي ترمي إلى حماية حيازتهم لحق الانتفاع الدائم و من ذلك ما جاء في القرار رقم 195.240 المؤرخ في 26/أفريل/2000 م ق 2000 عدد 01 ص 161 ( انه من كانت المستمرة الفلاحية تتمتع بالشخصية المعنوية كشركة مدنية طبقا للمادة 13 من القانون 87/19 فإنه يحق لها ممارسة الدعاوي الرامية إلى حماية حق الانتفاع الدائم على الأراضي التابعة ملكيتها للدولة و بالتالي فلا مانع من تمسك القاضي المدني باختصاصه في هذا المجال ) .
و عليه يتضح أن ملكية أعضاء المستمرة تقتصر على حق الانتفاع الدائم دون ملكية الأرض التي تبق ملك للدولة .
3- الحيازة في الأراضي المستصلحة :
يعد الاستصلاح سبب من الأسباب كسب الملكية العقارية في التشريع الجزائري، و قد جاء التنصيص عليه في المرسوم 83/18 المؤرخ في 13/أوت/1983 المتعلق بحيازة الملكية العقارية الفلاحية .
و يقصد بالاستصلاح بمفهوم القانون 83/18 كل عمل من شأنه جعل أراضي قابلة للفلاحة صالحة للاستغلال، و يمكن أن تنصب هذه الأعمال على أشغال تعبئة المياه و التهيئة و تنقية الأراضي و التجهيز و السقي و التخفيض و الغراسة و المحافظة على التربة قصد إخصابها
و زرعها .
و يتم الاستصلاح في الأراضي التابعة للدولة و الواقعة في المناطق الصحراوية أو المنطوية على مميزات مماثلة و كذا الأراضي الأخرى الغير مخصصة و الممكن استخدامها في الفلاحة بعد الاستصلاح مع استبعاد الأراضي التي أدمجت في صندوق الثورة الزراعية .
و يعد المستصلح حائزا للأرض محل الاستصلاح خلال 5 سنوات المتعلقة بتنفيذ برنامج الاستصلاح فإن تم تنفيذه يسقط الشرط الفاسخ و تنتقل ملكية الأرض للمستصلح على خلاف ما جاء في القرار رقم 228753 المؤرخ في 24/أفريل/2002 ( إن قانون 83/18 المؤرخ في 13/أوت/83 يؤدي إلى امتلاك الأراضي للمترشح لاستصلاحها و عليه فإنه قانون ناقل للملكية يشكل عائقا لدعاوى الحيازة و سند للملكية )
4- الحيازة في الأملاك الوقفية :
وقف العقار هو حبسه عن تمليكه لأحد من العباد و صرف منفعته في وجوه البر ،وكان الوقف قبل سنة 1984 خاضعا لأحكام الشريعة الإسلامية، أما بعد صدور قانون الأسرة في 1984 بموجب القانون 84/11 أصبح خاضعا لأحكام قانون الأسرة الذي نظم الوقف في الفصل الثالث من الكتاب الرابع الخاص بالتبرعات و قد خضع في تنظيمه إلى عدة مراسيم
و مناشير و قوانين من ذلك القانون رقم 91/10 المؤرخ في 27/04/1991 المتعلق بالأوقاف
و الذي عدل عدة مرات آخرها سنة 2002. و ينقسم الوقف إلى وقف عام و هو ما حبس على جهات خيرية من وقت إنشائه كوقف أرض لحساب مستشفى، و إلى وقف خاص و هو ما يحبسه الواقف على عقبه من الذكور و الإناث أو أشخاص معنيين ثم يؤول إلى الجهة التي يعينها الواقف بعد انقطاع الموقوف عليهم.
و في مجال حيازة الأملاك الوقفية صدر القرار رقم 99.360 المؤرخ في 13/01/1986 الذي جاء فيه: ” حيث أنه لا يجوز التمسك بالتقادم في استغلال الأرض المحبسة لانعدام نية التملك ”
و كنتيجة لما كل ما سبق بيانه فإنه تجدر الإشارة أن موضوع الحيازة في الأملاك الوطنية ما يزال محل خلان بين عدة فقهاء و على مستوى كل القوانين العربية فمنها من تجيز الحيازة و منها من تمنعها من ذلك الأستاذ السنهوري الذي يرى أنه لا يجوز ممارسة الحيازة في الأملاك الوطنية بنوعيها العامة و الخاصة و تشاطر في ذات الرأي الأستاذة فريدة زووي .
أما الأستاذ عمر زودة فيرى أنه لا يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية العمومية مستندا في ذلك إلى نص المادة 827 من القانون المدني،أما في الأملاك الوطنية الخاصة فإنه يفرق بين مرحلتين زمنيتين قبل سنة 1990 أي قبل صدور قانون الأملاك الوطنية فإنه لا يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة أما بعد 90 فإنه يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة و يذهب إلى أن بعد من ذلك إذ يجيز للحائر المطالبة لملكيتها بالتقادم إذ يعتبر أنه الأثر المنطقي و القانوني للحيازة في مواجهة الدولة على خلاف ما ذهبت إليه المحكمة العليا التي تجيز فقط ممارسة الحيازة أما اكتساب الملكية بالتقادم فلا تجيزه .
الحيازة في الحقوق :
سبق القول أن الحيازة في القانون الروماني كانت قاصرة على الأشياء المحسوسة من عقار و منقول، غير أن هذه الفكرة تطورت حيث أصبحت تشمل الحقوق، فأمكن تصور حيازة حق الارتفاق و حق الانتفاع وسميت هذه بشبيه الحيازة quassi passesion و ظلت هذه التفرقة قائمة في القانون الفرنسي القديم. أما القانون المدني الفرنسي الحالي فقد قضى على هذه التفرقة إذ نص عل أن الحيازة هي إحراز شيء أو استعمال حق .
و قبل الخوض في مدى ممارسة الحيازة على الحقوق نتعرض قبل كل شيء إلى تقسيمات الحقوق مع تعريفها حتى يتسنى بشكل دقيق تحديد الحقوق التي تحوز حيازتها من تلك التي لا تجوز فيها الحيازة، و لعل أبرز التقسيمات للحقوق نجد الحق العيني و الحق الشخصي .
فما المقصود بينهما ؟
يعرف الحق العيني على أنه سلطة شخص تنصب مباشرة على شيء مادي معين بحيث يستطيع صاحبه أن يباشره دون تدخل شخص آخر من ذلك حق الملكية ،و تنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية لحق الملكية و الذي بدوره تتفرع عنه حقوق آخرى مثل : حقوق الانتفاع و حقوق الارتفاق و حقوق الاستعمال أو السكن (1)
و إلى حقوق عينية تبعية و هذه الأخيرة لا توجد متسقلة بل تكون تابعة لحقوق شخصية (حقوق الدائنية ) و ذلك لضمان الوفاء بها فسميت الحقوق العينية التبعية بالتأمينات العينية
و من أمثلها الرهن الرسمي و حق الاختصاص و الرهن الحيازي و حقوق الامتياز .
أما الحق الشخصي فيمثل في رابطة قانونية بين شخصين بمقتضاها يقوم احدهما و هو المدين قبل الآخر و هو الدائن بأداء مالي معين أو بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل حيث يصبح للدائن الحق بمطالبة المدين بموضوع هذا الالتزام .و عليه يكون الحق الشخصي علاقة بين الأشخاص بينما الحق العيني هو علاقة بين الشيء و صاحبه .
فتقع الحيازة على الحق العيني و معنى ذلك أنها تقع على شيء مادي و أن الحائز يباشر سلطاته ماديا على الشيء المعين بالذات، لذلك لا يصح أن تقع الحيازة لا على المجموعات القانونية كالتركة و لا على مجموعة واقعية من المال كالمحل التجاري و إنما يصح أن تقع الحيازة على الشيء من هذه المجموعات واقع على إنفراد ،و الذي يباشر سلطاته على عين من أعيان التركة لا يمكنه ادعاء حيازة المجموعة الأعيان كما هو الحال بالنسبة للحائز على الشيوع، و ذلك لقيام الالتباس حول ما إذا كان الشريك في الشيوع يحوز لنفسه أو لحساب غيره مع الشركاء و على الشيوع. و الأصل أن يكون محل الحيازة حقا عينيا لأن هذا الحق هو الذي يخول لصاحبه سلطة مباشرة على الشيء فيمكن حيازته بممارسة الأعمال التي تخولها هذه السلطة على الشيء مباشر (2)
فالحقوق العينية وحدها يمكن أن تكون محلا للحيازة ، مما يستبعد الحقوق الشخصية و الحقوق المعنوية ،فلا تجوز حيازة هذه الأخيرة لأنها ترد على الشيء غير مادي كحق المؤلف في مؤلفاته العلمية و حق الفنان في مبتكراته الفنية و حق التاجر على الاسم التجاري .
كما لا تجوز حيازة الحقوق الشخصية كالديون فلا تخضع للحيازة و كذا بالنسبة للمستأجر فلا يعد حائزا حقيقيا و العقد المبرم ذاته ينفي عنه هذه الصفة إذن حائز عرضي و القانون عندما أباح للمستأجر رفع دعاوى الحيازة لم يكن يعني أن الحق الشخصي يخضع للحيازة الحقيقية إنما هي حماية مؤقتة لدفع الاعتداء بدليل أن الحائز العرضي لا يكسب الحق الشخصي بالتقادم و أنه لو قام نزاع بين الحائز العرضي و من يعمل الحائز لحسابه فحل النزاع يكون على أساس العقد المبرم بينهما و ليس على أساس دعوى الحيازة (1)
و هو ما أقره المشرع الجزائري في نص المادة 487 من القانون المدني عندما حمى حيازة المستأجر على الرغم من أنها حيازة عرضية مما يفهم أنه أخد بالنظرية الشخصية و خرج عن ذلك باستثناء و أخد بالنظرية المادية عندما نص على حماية حيازة المستأجر بجميع دعاوى الحيازة .
و ما يجدر الإشارة إليه أن بعض الفقهاء يرون أن الحيازة تشمل حتى الحقوق العينية التبعية التي تستلزم حيازة الدائن للشيء المحمل بالحق كالرهن الحيازي فإذا كان الشيء المرهون عقارا غير مملوك للراهن استطاع الدائن المرتهن أن يكسب حق الرهن عليه بالتقادم الطويل أو القصير (2) على خلاف الأمر في التشريع الجزائري أين يعتبر الدائن المرتهن رهن حيازي حائز عرضي و بالتالي لا تحمى حيازته بدعاوى الحيازة. و في هذا الإطار يعد صاحب حق الانتفاع و حق الاستعمال أو السكن حائزين عرضين كونهم يحوزون لحساب الغير إلا أن حيازتهم صحيحة للحق العيني أو الحق الشخصي الذي يحوزنه و يتوافر لديهم عنصري الحيازة المادية و المعنوية بالنسبة لهذا الحق بل أنهم حائزون أصليون له و لكنهم يعتبرون حائزون عرضيون لحق الملكية، فالمنتفع حائز عرضي كون أن سنده يستدعي الاعتراف بحقوق صاحب الرقبة، و عليه فإن المنتفع ليس حائزا عرضيا بالنسبة لحق الانتفاع نفسه كونه يمارس هذا الحق على أساس أنه سيد عليه مما يخول له تملكه بالتقادم (3)
و من الأمثلة على ذلك حق الانتفاع الدائم الممنوع في إطار القانون 87/19 المتعلق بكيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية إذ يعد أعضاء المستمرة ما يكن لحق انتفاع يخول لهم الاستغلال ،الإنتاج ،غير أنهم حائزون أصليون لحق الانتفاع مما يخول لهم رفع دعاوى الحيازة في حالة وقوع اعتداء من الغير فهم يحوزون لحساب الغير و هي الدولة مالكة الرقبة .
(1) د . عبد الرزاق السنهوري ،نفس المرجع السابق – ص 905 .
(1) د. عدلي أمير خالد ،تملك العقارات بوضع اليد ،دار الفكر العربي ص 157 .
(2) د. عبد الناصر توفيق العقار،إثبات الملكية بالحيلزة و الوساطة ،دار الفكر العربي ص 191 .
(1) د. عبد الرزاق السنهوري المرجع السابق ص 905 .
* الملكية النهائية و لم يصدر شيأ من قرار زمن الحاكم العام بالجزائر
(1) إن المعاملات التي تتم على هذه العقارات كانت تحت عنوان بيع واقف على شرط مع الإيجار و السبب في عدم إتمام إجراءات التمليك لأصحابها هو عدم استكمال إجراءات البحث و لمتسلم الإدارة الفرنسية لأصحابها سندات الملكية النهائية و لم يصدر بشأنها قرار الاعتماد من الحاكم العام بالجزائر .
اركان جريمة التزوير ونصوص الاشتراك والمساهمة
تنص المادة 215 من قانون العقوبات :
كل شخص أرتكب تزويرا في محررات أحد الناس بواسطة إحدي الطرق السابق بيانها أو استعمل ورقة مزورة وهو عالم بتزويرها يعاقب بالحبس مع الشغل .
وقد أستقر الفقه في شرح هذه المادة علي أنه قد يكون المحرر عرفيا ثم ينقلب كله رسميا ، بتداخل موظف عمومي فيه واتخاذ إجراء بصدده . وقد يكون عرفيا في جزء بينما الجزء الأخر رسميا مثل أرقام الرسوم المدرجه بهامش شمسية لعقد بيع مسجل ، فالمحرر عرفي لكن الجزء المتعلق بالرسوم المؤشر بها من الموظف العمومي يشكل محررا رسميا . ولكن قد يبدأ المحرر عرفيا ويظل عرفيا ، عندئذ يكون تزويره بأي من الطرق المادية والمعنوية أو إستعمالة جنحة معاقب عليها بالحبس مع الشغل .
ويقصد بمحررات أحد الناس كل محرر لا يعتبر ورقة رسمية ، أو لا يدخل تحت نطاق المادة 214 مكررا سالفة الذكر.
ماهية التزوير وأركانه
التزوير هو التغيير لحقيقة مستند وطرق التزوير هي :
1. وضع إمضاء مزور أو أختام مزورة 0
تتحقق هذه الطريقة كما وقع بالإمضاء شخص غير صاحبه وبدون علمه ولا يشترط أن يكون التقليد متقن 0
2. تغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات :
يعتبر تغييرا للمحرر أي عبث له اثر مادي يظهر علي المحرر بعد الانتهاء من تحريره فالعبث بتاريخ المحرر أو إضافة شرط إليه أو جمله أو تحشير كلمات أو الكتابة في الفراغ أو حذف بعض الكلمات فكل ذلك تزوير 0
ونكتفي بهذا القدر من طرق التزوير وهي التي تهمنا في هذه الواقعة
أركان جريمة التزوير
الركن المادي : يتمثل الركن المادي في نشاط إجرامي ينصب علي التقليد أو التزوير أو الاستعمال 0
ركن الضرر : يجب للعقاب علي التزوير توافر ركن الضرر سواء كان الضرر محققا أم احتماليا وسواء كان الضرر ماديا أو أدبيا والمقرر أن الضرر مفترض في المحررات الرسمية 0
مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدي الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متي كان من الممكن أن يترتب عليه الضشرر لأي شخص أخر ولو كان هذا الضرر محتملا ، وتقدير ذلك من إطلاقات محكمة الموضوع متي كان سائغا ، وهو ما لا يحتاج إلي تدليل خاص متي كانت مدونات الحكم تشهد علي توافره0
والإشتراك في التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الإستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم .
( نقض جلسة 27/5/1968 المكتب الفني السنة 19 رقم 123 ص 615 )
وحيث تنص المادة 49 إثبات :-
” يكون الادعاء بالتزوير في أية حالة تكون عليها الدعوى بتقرير في قلم الكتاب وتبين في هذا التقرير كل مواضع التزوير المدعي بها و إلا كان باطلا 0″
والادعاء بالتزوير هو مجموعة من الإجراءات التي ينص عليها القانون الإثبات لعدم صحة الأوراق 0
( نقض مدني جلسة 11/1/1987 الطعن رقم 15 لسنة 45ق )
سواء كانت الأوراق رسمية أو عرفية يكون التزوير فيها ماديا أو معنويا 0
والتزوير المعنوي لا يكون بأحداث تغيير مادي في كتابه الورقة ، ولكنه يقع من مرتكب التزوير الذي يحررها بتغيير الحقيقة الواجب إثباتها سواء ا كان في ذلك سيئ النية أم حسن النية ، كأن يذكر تاريخا غير صحيح للمحرر أو يثبت فيه علي خلاف الواقع أن أمر ما حدث دون حدوثه أو مخالفته للحقيقة أي جعل واقعة غير حقيقية في صورة واقعة حقيقية 0
والطعن بالتزوير هو الطريقة القانونية الوحيدة التي يحكم سلوكها لإثبات أية صورة من صور التزوير في الأوراق التي يتم الطعن عليها لوجود شبهة التزوير فيها سواء تزويرا ماديا أو تزويرا معنويا وسواء عن قصد أم عن حسن نية و لمحكمة الموضوع أن تفصل في ذلك مستندة إلي ما جاء بقانون الإثبات 0
ثانيا : الركن المعنوي
القصد الجنائي
يكتمل الركن المعنوي لهذه الجريمة في الصدد الجنائي الذي ينصب علي عنصري الإرادة والعمل فيجب أن تتجه إرادة الجاني الحرة المختارة إلى مباشرة السلوك الضار المتمثل في التزوير أو التقليد عن علم بما يأتيه , وأن تتجه إرادته إلى استعمال الشيء المزور أو المقلد فإذا كانت إرادة الجاني قد اتجهت فقط إلى مجرد التقليد أو التزوير في ذاته دون اتجاه النية إلى الاستعمال فلا يتوافر القصد الجنائي ولا يفيده بعد هذا اعتذاره بجهله بالقانون كذلك يفترض دائما علي المزور بأنه يرتكب التزوير في محرر سواء كان هو المحدث للتغيير بنفسه أو بواسطة غيره 0
وقد قضت محكمة النقض :
• القصد الجنائي في جريمة التزوير ينحصر مبدئيا في أمرين الأول علم الجاني بأنه يرتكب الجريمة بجميع أركانها التي تتكون منها أي إدراكه أنه يغير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا , أن من شأن هذا التغيير للحقيقة لو أن المحرر استعمل أن يترتب عليه ضرر مادي أو أدبي حال محتمل الوقوع يلحق بالأفراد أو الصالح العام والثاني اقتران هذا العلم بنية استعمال المحرر فيما زور من أجله 0
( نقض 26/6/1933 ربع قرن ج1 ص 343 بند 58 )
• شرط الإدانة في جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحرر المقول بتزويره وما انطوى عليه من بيانات وإلا كان باطلا 0
( الطعن رقم 4263 لسنة 47 ق جلسة 23/3/1988 )
• لا يشترط في التزوير المعاقب عليه أن يكون قد تم بطريقة خفية أو أن يستلزم كشفه دراية خاصة بل يستوي في توفر صفة الجريمة في التزوير أن يكون التزوير واضحا لا يستلزم جهدا في كشفه أو أنه متقن مادام تغيير الحقيقة في كلا الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الأفراد
( نقض جنائي 28/12/1964 س 15 ص 873 )
• أن البيان الخاص بتاريخ وفاة المورث في الإعلام الشرعي هو لا شك من البيانات الجوهرية التي لها علاقة وثيقة بأمر الوفاة والوراثة للتين أعد المحرر في الأصل لإثباتهما 0 ومن ثم فان تغيير الحقيقة فيه يعتبر تزويرا في محرر رسمي 0
( نقض جنائي 24/6/1958 س 9 ص 736 )
• أن القانون لا يشترط في تزوير الإمضاءات أن تكون عن طريق تقليد الإمضاءات الحقيقية فيكفي التوقيع باسم صاحب الإمضاء ولو كان رسمه مخالفا للإمضاء الحقيقي 0
( جلسة 3/5/1943 طعن 1058 سن 13 ق )
وقد قضت محكمة النقض :
• القصد الجنائي في جريمة التزوير ينحصر مبدئيا في أمرين الأول علم الجاني بأنه يرتكب الجريمة بجميع أركانها التي تتكون منها أي إدراكه أنه يغير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا , إن من شأن هذا التغيير للحقيقة لو أن المحرر استعمل أن يترتب عليه ضرر مادي أو أدبي حال محتمل الوقوع يلحق بالأفراد أو الصالح العام والثاني اقتران هذا العلم بنية استعمال المحرر فيما زور من أجله 0
( نقض 26/6/1933 ربع قرن ج1 ص 343 بند 58 )
• كون الطاعنة صاحبة مصلحة في التزوير لا يكفي وحده لثبوت اشتراكها في التزوير 0 حيث أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنة بتهمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي وفي استعماله مع العمل بتزويره استنادا الي أنها صاحبة المصلحة الأولي في تزوير التوقيع المنسوب الي المجني عليه دون أن يستظهر أركان جريمة الاشتراك في التزوير ويورد الدليل علي ان الطاعنة زورت هذا التوقيع بواسطة غيرها – ما دامت تنكر ارتكابها له وخلا تقرير المضاهاة من أنه محرر بخطها – كما لم يعن الحكم باستظهار علم الطاعنة بالتزوير لما كان ذلك وكان مجرد كون الطاعنة هي صاحبة المصلحة في التزوير لا يكفي في ثبوت اشتراكها فيه والعلم به فان الحكم يكون مشوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال 0
( الطعن رقم 1207 لسنة 51 ق جلسة 215/11/1981 )
• بيانات الحكم بالإدانة في جريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله 0مجرد تقديم الطاعنة الأوراق المزورة إلى مصلحة الجوازات عدم كفايته لثبوت اشتراكها في التزوير وعلمها به 0
( الطعن رقم 3021 لسنة 58 ق جلسة 3/10/1988 )
• لا تقوم جريمة استعمال الورقة المزورة إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت إليها ما دام لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل 0
( الطعن 1908 لسنة 52 ق جلسة 1/6/1982 )
• أن مجرد التمسك بالورقة المزورة لا يكفي في ثبوت علم الطاعن بالتزوير في جريمة استعمال المحرر المزور ما دام الحكم لم يقم الدليل علي أن الطاعن هو الذي قارف التزوير أو اشترك في ارتكابه 0
( الطعن رقم 776 لسنة 41 ق جلسة 8/11/1962 )
• القاعدة التي قررها القانون بشأن بيان الأوراق التي تقبل للمضاهاة هي قاعدة أساسية تجب مراعاتها في حالة إجراء التحقيق بمعرفة أهل الخبرة ولا يجوز التوسع فيها ولا القياس عليها ومن ثم فلا تقبل للمضاهاة غير الأوراق الرسمية أو العرفية المعترف بها أو تلك التي تم استكتابها أمام القاضي فلا يجوز المضاهاة علي ورقة عرفية ينكر الخصم صحتها 0
( نقض مدني 11/1/1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 العدد 1 )
• محكمة الموضوع غير ملزمة برأي الخبير الذي ندبته لإثبات حقيقة الحال في الورقة المدعي بتزويرها ولها أن تأخذ بتقرير خبير استشاري إذا اطمأنت اليه كما لها أن تبني قضائها علي نتيجة المضاهاة تقوم بإجرائها بنفسها لأنها هي الخبير الأعلى فيما يتعلق بوقائع الدعوى المطروحة 0
( نقض مدني 26/11/1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 العدد 2 )
لا يشترط في التزوير تقليد التوقيع بل يكفي كتابة الاسم :
لا يشترط في جريمة التزوير أن يتعمد المزور تقليد إمضاء المجني عليه بل يكفي لتوافر هذه الجريمة أن يضع المزور إسم المزور عليه المحرر ولو بطريقة عادية لا تق ليد فيها مادام قد قصد الإيهام بأن ذلك المحرر صادر من المجني عليه ، أن مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بوضع إمضاء مزور يكفي لتوافر جريمة التزوير متي كان من الممكن أن يترتب عليه ضرر للغير .
( نقض جلسة 20/2/1968 المكتب الفني السنة 189 رقم 47 ص 260 )
وباعمال ما تقدم علي الواقعة يتضح من مطالعة تقرير الطب الشرعي أن المتهم الأول والثاني بالاشتراك والمساهمة والتحريض من المتهم الثالث قاموا بمساعدة اخر مجهول في نقل التوقيع المظهر به أحد الشيكات المسلمة للمتهم الثالث ووضعها علي كمبيالة بقصد الاستيلاء علي مال المدعي بالحق المدني خلسة دون رضاه وعلمه الا أن خاب أثر الاستيلاء علي المال لسبب خراج عن أرادتهم وانهم استعملوا المحرر المزور بعلم ويقين بالتزوير لتنفيذ هذا الغرض
• وحيث تنص المادة 40 عقوبات علي :
يعد شريكا في الجريمة :
• أولا : كل من حرض علي ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع بناء علي هذا التحريض 0
• ثانيا : كل من اتفق مع غيره علي ارتكاب الجريمة فوقعت بناء علي هذا الاتفاق 0
• كما تنص المادة 41 عقوبات :
من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها إلا ما استثني قانونا بنص خاص
اترك تعليقاً