دلالة العربون وأثره في التعاقد – القانون البحريني
«العربون فى العقد» عادة ما تتسبب فى إحداث أزمة عند الإتفاق علي عقد بيع أو غيره، نتيجة قيام المتعاقد معه الرجوع فى البيع عقب تسلمه العربون لمصلحة ما، الأمر الذى يضطر المتعاقد للجوء إلى المحاكم أحياناَ.
وفى هذا الشأن، يقول رجب السيد قاسم، المستشار القانوني والمحكم الدولي، أن «العربون فى العقد» يعنى مبلغ من المال يدفع عند الإتفاق علي عقد بيع أو غيره علي أن يحسب فيما بعد من أصل الثمن عند إبرام العقد .
وأضاف «قاسم» أن محكمة النقض المصرية عرفت «العربون» بأنه :«ما يقدمه المتعاقدون إلى الآخر عند انشاء العقد وقد يريد المتعاقدان بالاتفاق عليه أن يجعلا عقدهما مبرما بينهما على وجه نهائي، وقد يريدان أن يجعلا لكل منهما الحق في إمضاء العقد أو نقضه، ونية المتعاقدين هي وحدها التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني».
وأشار المحكم الدولى، إلى أن «العربون» يختلف عن الشرط الجزائي، حيث أن «الشرط الجزائي» هو تعويض اتفق المتعاقدان على تقديره، أي أن الشرط الجزائي هو تعويض إتفاقي عن الضرر الذي ينشأ بسبب الإخلال بأي شرط من شروط التعاقد من جانب أحد طرفي العقد، ومن ثم يجوز للقاضي أن يخفض من مقدار التعويض الاتفاقي المنصوص عليه في الشرط الجزائي، إذا كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، بل يجوز للقاضي ألا يحكم بأي تعويض اتفاقي إذا لم يلحق الدائن أي ضرر.
وفند المحكم الدولى، مسألة «العربون فى العقد» فى 4 دول عربية كالتالى:
موقف المشرع المصري من البيع بالعربون
وفقا للمادة 103من القانون المدنى :
1-دفع العربون وقت ابرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الإتفاق بغير ذلك.
2-فاذا عدل من دفع العربون، فقده، وإذا عدل من قبضه، رد ضعفه، هذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر .
وقد انتهت محكمة النقص المصرية :
أن النص في المادة 103 من التقنين المدني علي أن – دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضي الاتفاق بغير ذلك – يدل علي قيام قرينة قانونية ـ قابلة لاثبات العكس ـ تقضي بأن الأصل في دفع العربون أن تكون له دلالة جواز العدول عن البيع، إلا إذا اتفق الطرفان صراحة أو ضمنا علي أن دفع، العربون معناه البت والتأكيد والبدء في تنفيذ العقد .
مادة 99 إثبات، مادة 103 مدنى – الطعن رقم 816 لسنة 46 ق جلسة 1980/12/2 ص1992
موقف المشرع البحريني
خصص المشرع البحريني لأحكام العربون ثلاث مواد في القانون المدني هي المواد 52، 53، 54 وهي كما يلي:
نصت المادة 52 على أنه «دفع العربون وقت ابرام العقد يفيد ان لكل من المتعاقدين خيار العدول عنه ما لم يظهر أنهما قصدا غير ذلك او كان العرف يقضي بخلاف».
وهنا فالمشرع البحريني قد أخذ بدلالة العدول بالنسبة للعربون حيث نصت هذه المادة على ما يلي:
«دفع العربون، وقت ابرام العقد، يفيد أن لكل من المتعاقدين خيار العدول عنه، ما لم يظهر أنهما قصدا غير ذلك أو كان العرف يقضي بخلافه».
وهنا فالمشرع البحريني يأخذ من حيث المبدأ بدلالة العدول التي تعني أن التعاقد بالعربون يتيح للمتعاقد خيار الرجوع عن العقد مقابل خسارته لقيمة العربون.
وورد في المادة 53 أن دلالة العربون يمكن أن تتغير إلى دلالة أخرى، وهي إعتبار العقد قد أصبح باتاً لا يجوز الرجوع فيه، وذلك في حالتين أوردتهما المادة 53 من القانون المدني البحريني وفق ما يلي :
1-إذا لم يحدد الاتفاق العرف ميعادا لمباشرة خيار العدول، بقي هذا الخيار الي الوقت الذي يصدر فيه من المتعاقد ما يدل علي رغبته في تأكيد قيام العقد .
2-على أنه إذا قعد احد المتعاقدين عن تنفيذ التزاماته في الأجل المحدد أو تراخي في ذلك مدة تتجاوز المألوف، جاز للمتعاقد الآخر أن يعتبر ذلك عدولا عن العقد .
وقد نصت المادة 54 مدني بحريني:
«إذا عدل من دفع العربون فقده وإذا عدل من قبضه التزام برده ودفع مثله، وذلك كله دون اعتبار لما يترتب على العدل من ضرر» .
ويعتبر في حكم العدول عن العقد استحالة التنفيذ بسبب يعزي الي المتعاقد، أما إذا كانت استحالة تنفيذ الإلتزامات الناشئة عن العقد راجعة إلي سبب أجنبي لا يد لأحد المتعاقدين فيه وجب رد العربون إلى من دفعه».
ومن هنا فالقانون البحريني قرر إذن وجود العربون في العقد يعني أن لكل من طرفي العقد الحق في عدم إتمام العقد ما لم ينص علي خلاف ذلك في العقد او ما لم يقضي العرف بغير ذلك.
ويترتب على ذلك أنه إذا عدل المتعاقد الذي دفع العربون عند العقد فقد العربون، أما إذا كان المتراجع عن العقد هو من قبض العربون فعليه أن يرده ومثله أي أن يرده مضاعفاً.
ويتحمل الطرف الذي يعدل عن العقد قيمة العربون حتى لو لم يلحق بالمتعاقد الآخر أي ضرر نتيجة هذا العدول
وجديرا بالذكر أن ميعاد مباشرة خيار العدول عن العقد يحدده الاتفاق أو العرف، ومع ذلك فإن امتناع أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزاماته الحالة لمدة تتجاوز ما هو مألوف يجيز للمتعاقد الآخر أن يعتبر هذا الامتناع عدولاً عن العقد وفق ما ورد بالمادة 53 من القانون المدني البحريني
موقف المشرع العماني من العربون
أورد المشرع العماني بقانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29) لسنة 2013م حكم العربون منه في المادة المادة (84) منه التي تنص علي :
«يعتبر دفع العربون دليلا على أن العقد أصبح باتا لا يجوز العدول عنه الا اذا قضى الاتفاق أو العرف بغير ذلك».
ودفع العربون وفق المادة السابقة ووفق ما انتهجة المشرع العماني يعد قرينه قانونية على أن العقد أصبح باتا فهو تأكيد على انعقاد العقد وليس وسيلة للعدول عنه ولكنها تظل دائما قرينة بسيطة تقبل اثبات عكسها
ومن فيجوز للخصم الذي يتمسك بهذه القرينة أن يثبت أن دفع العربون وقت ابرام العقد كان قد قصد منه مثلا حق أي من طرفي العقد في العدول عن اتمام العقد مقابل خسارة العربون اذا كان العادل هو الذي دفع العربون وكان مشتريا أو رد ضعف العربون اذا كان العادل هو من قبض العربون وكان بائعا .
ومما تجدر الاشارة اليه ان المشرع العماني يعطي الحرية للمتعاقدين فيجوز يجوز لهما أن يتفقا على ما يخالف حكم هذه المادة .
موقف المشرع الكويتي من العربون
كمعظم التشريعات العربية اعتبر المشرع الكويتي أن دفع العربون في العقد هو للرجوع وليس للاتمام .
تعرضت المادة 74 من القانون المدني الكويتي الصادر بالمرسوم رقم 67 لسنة 1980 للتعاقد بالعربون وفق ما يلي :
« دفع العربون وقت ابرام العقد يفيد لكل من طرفية خيار العدول عنه مالم يظهر انهما قصدا غير ذلك أو كان العرف يقضي بخلافه »
كما ورد بالمادة 75 من القانون المدني الكويتي «اذا عدل من دفع العربون فقده واذا عدل من قبضه التزم برده ودفع مثله وذلك كله دون اعتبتر لما يترتب علي العدول منت ضرر ».
وقد حددت المادة 76 من ذات القانون المدة التي يباشر خلالها خيار العدول عن العقد عندما يسمح بذلك لأي من المتعاقدين أو لكليهما.
وإذ حدد الاتفاق لذلك مدة أو جرى العرف بتحديدها، لم تكم ثمة صعوبة ووجب مباشرة رخصة العدول خلالها وإلا تأكد قيام العقد .فإن لم تحدد مدة لمباشرة خيار العدول عن العقد عرفاً أو اتفاقاً، بقى هذا الخيار قائماً للمتعاقد وحق له أن يعدل عن العقد.
أما في حالة استحالة تنفيذ الإلتزامات الناشئة عن العقد فقد وردت المادة 77 من القانون لتنص علي :
استحالة تنفيذ الالتزمالت الناشئة عن العقد بسبب يعزي للمتعاقد تعتبر في حكم مباشرته خيار العدول عن العقد وتحدد مسئوليته بقيمة العربون وفق ما تقضي به المادة 75 فان كانت استحالة تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد راجعة الي سبب اجنبي لا يد لاحد المتعاقدين فيه وجب رد العربون الي دافعه.
علاء رضوان
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً