ذهب الفقهاء إلى أنه يجوز للمعتدة من طلاق أو فسخ أو وفاة الخروج والانتقال من مكان العدة إلى مكان آخر في حالة الضرورة، كما إذا خافت على نفسها أو مالها من هدم أو حريق أو غرق أو لصوص أو فسقة أو جار سوء، أو انتقل أهلها للسكنى في مكان آخر. وهذا كله يباح نتيجة لمضرورة الملجئة التي تهدد الضرورات الخمس الدين والنفس والعقل والعرض والمال ومرجعيا قول الله تعالى )لا يكلف الله نفسا الا وسعيا ( وقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم )لا ضرر ولا ضرار ( وتطبيقا للقاعدة الفقهية: الضرورات تبيح المحظورات ونورد اقوال الفقهاء في تفصيل الحالات التي تبيح الخروج من مسكن الزوجية وهي حالات واردة على سبيل الحصر لا المثال ، وبالتالي يكون للقاضي السلطة التقديرية في اضافة حالات جديدة وتقديرها فيما اذا كانت حالة ضرورة ام لا .
اولاً : الحنفية : وَأَمَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَة فَإِنْ اُضْطُرَّتْ إلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِها بِأَنْ خَافَتْ سُقُوطَ مَنْزِلِيَا، أَوْ خَافَتْ عَلى مَتَاعِها، أَوْ كَانَ الْمَنْزِلُ بِأُجْرَةٍ وَلَا تَجِدُ مَا تُؤَدّْيهِ فِي أُجْرَتِهِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَلَا بَأْسَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ تَنْتَقِلَ، واِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى الْأُجْرَة لَا تَنْتَقِلُ، واِنْ كَانَ الْمَنْزِلُ لِزَوْجِها، وَقَدْ مَاتَ عَنْها فَلَها أَنْ تَسْكُنَ فِي نَصِيبها إنْ كَانَ نَصِيبُها مِنْ ذَلِكَ مَا تَكْتَفِي بِهِ فِي السُّكْنَى وَتَسْتَتِرُ عَنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ مِمَّنْ لَيسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا، واِنْ كَانَ نَصِيبُها لَا يَكْفِيها أَوْ خَافَتْ عَلى مَتَاعِها مِنْهمْ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَنْتَقِلَ، واِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى وَجَبَتْ بِطَرِيقِ الْعِبَادَةِ حَقِّا لِلهِ تَعَالَى عَليها، والْعِبَادَاتُ تَسْقُطُ بِالْأَعْذَارِ، ، واِذَا انْتَقَمَتْ لِعُذْرٍيَكُونُ سُكْنَاها فِي الْبَيْتِ الَّذِي انْتَقَمَتْ إلَيهِ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِها فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي انْتَقَمَتْ مِنْه فِي حُرْمَةِ الْخُرُوجِ عَنْه؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ الْأَوَّلِ إلَيهِ كَانَ لِعُذْرٍ، فَصَارَ الْمَنْزِلُ الَّذِي انْتَقَلَتْ إلَيهِ كَأَنَّهُ مَنْزِلُها مِنْ الْأَصْلِ، فَلَزِمَها الْمُقَامُ فِيهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ[ (1)
ثانياً : المالكية : وقد صرح المالكية في كثير من كتب المذهب: بأنه يجوز انتقاليا من مكان العدة في حالة العذر، كبدوية معتدة ارتحل أهلها فلها الارتحال معهم حيث كان يتعذر لحوقها بهم بعد العدة، أو لعذر لا يمكن المقام معه بمسكنها كسقوطه أو خوف جار سوء أو لصوص إذا لم يوجد الحاكم الذي يزيل الضرر، فإذا وجد الحاكم الذي يزيل الضرر إذا رفع إليه فلا تنتقل، سواء أكانت حضرية أم بدوية، واذا انتقلت لزمت الثاني إلا لعذر(2).
ثالثاً: الشافعية : وصرح بأنها تعذر للخروج في مواضع هي: إذا خافت على نفسها أو مالها من هدم أو حريق أو غرق أو لصوص أو فسقة أو جار سوء، وتتحرى القرب من مسكن العدة، أو لو لزمها عدة وهي في دار الحرب فيلزمها أن تهاجر إلى دار الإسلام، قال المتولي: إلا أن تكون في موضع لا تخاف على نفسها ولا على دينها فلا تخرج حتى تعتد، أو إذا لزمها حق واحتيج إلى استيفائه ولم يمكن استيفاؤه في مسكنها كحد أو يمين في دعوى، فإن كانت برزة خرجت وحدت، أو حلفت ثم تعود إلى المسكن، وان كانت مخدرة بعث الحاكم إليها نائبا أو أحضرها بنفسه، أو إذا كان المسكن مستعارا أو مستأجرا فرجع المعير أو طلبه المالك أو مضت المدة؛ فلا بد من الخروج(3)
رابعاً : الحنابلة : ومذهب الحنابلة في الجملة لا يخرج عما سبق(4).
_____________
1- ينظر : علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ط 2 ،ج 3 ، دار الكتب العلمية بيروت لبنان ، 1896 م. ص 206
2- ينظر :محمد بن احمد بن عرفة الدسوقي ، حاشية الدسوقي عمى الشرح الكبير ، ج 2،دار احياء الكتب العربية ، د. ت ، ص 487 486 ، و ابي عبدالله محمد الخرشي شرح مختصر خميل ط 2 ، المطبعة الاميرية ، بولاق مصر 1317 ه ، ج 13 ، ص 357 356
3- ينظر : ابي زكريا يحيى بن شرف الدين النووي ، روضة الطالبين ، ج 6 دار الكتب العلمية بيروت لبنان ، دون سنة طبع ص 392 ، والخطيب مغني المحتاج ، مصدر سابق ، ج 3، ص 404 403
4- ينظر : عبدالله بن احمد ابن قدامة المقدسي ، المغني في فقو الامام احمد بن حنبل ، ط 1، دار الفكر بيروت ، 1405 ه ج 9 ، ص 177
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً