التزوير الجنائي و استعمال المزور..في القانون السوري

الكاتب:

حول هذا الموضوع تحدث المحامي زهيرحمدان بالأتي:

التزوير في مدلوله العام يعني تغيير الحقيقة أيا كانت وسيلته بالقول أم بالكتابة فهو في جوهره كذب وفي مرماه إزهاق لعقيدة الغير واذا كان صحيحا أن قواعد الاخلاق تتخذ من الكذب موقفا صارما فتعتبره عملا غير أخلاقيا اذا سبب للغير ضررا ولو قليلا فان هذه القواعد ذاتها تتجاوز عن الكذب الأبيض الذي يستهدف منه صاحبه دفع الضرر عن الغير لا تسبيبه رغم أنه هو الأخير تغيير للحقيقة أما قواعد القانون الجزائي فانها لا تتخذ من الكذب هذا الموقف الصارم لأن بوسع الناس بالحيطة والحذر والتمحيص أن يتبينوه لا سيما وأنه كتعبير عن الحقيقة تعبير ملفق من السهل كشفه .إذن فقواعد القانون الجزائي لا تنشط إلا اذا كان الكذب جسيما ويكون كذلك إذا كان يضر بمصلحة مادية او أدبية يحميها القانون .‏

وقد عرف المشرع التزوير في نص المادة 443 من قانون العقوبات بقوله التزوير هو تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع أو البيانات التي يراد إثباتها بصك أو مخطوط يحتج بها قد ينجم عنها ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي وللتزوير في المحررات والصكوك ركنان : ركن مادي هو تغيير الحقيقة في هذه الصكوك بوسيلة مما نص عليه القانون وأن يكون من شأن هذا التغيير أصول لضرر او احتماله وركن معنوي وهو القصد الجنائي ويقسم هذا إلى خمسة عناصر وهي المحرر باعتباره محل جريمة التزوير ثم تغيير الحقيقة باعتباره النشاط الإجرامي ثم طرق التزوير وأخيرا ركن الضرر وللتزوير المادي طرق ثلاثة جاءت عليها احكام المادة 445 من قانون العقوبات وهي :‏

1- إساءة استعمال إمضاء أو خاتم أو بصمة أصبع .‏

2- كل حذف او إضافة أو تغيير في مضمون المحرر‏

3- اصطناع محرر .‏

ويتحقق التزوير بطريقة وضع امضاءات او اختام مزورة فاذا وضع إمضاء أو توقيعا ليس له في المحرر يستوي أن يكون هذا التوقيع لشخص موجود او لشخص وهمي أما التزوير المعنوي فله خمس طرق وهي .‏

1- إساءة إستعمال امضاء على بياض اؤتمن عليه‏

2-تدوين مقاولات أو أقوال غير التي صدرت من المتعاقدين أو التي أملوها‏

3- جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة .‏

4- جعل واقعة معترف بها في صورة واقعة غير معترف بها .‏

5- تحريف اي واقعة اخرى باغفاله أمر أو ايرادها هذا الأمر على وجه غير صحيح‏

هذا ماتضمنته المادة 446 من قانون العقوبات ولجريمة التزوير قصد عام وقصد خاص فالقصد العام يعني ارداة النشاط مع العلم بعناصر الركن المادي للجريمة كافة أي توفر إرادة الجاني في تغيير الحقيقة مع علمه بأن هذا التغيير يتم في محرر ومن شأنه ان يرتب ضررا للغير أما القصد الخاص لدى الجاني فيكون باتجاه ارادته إلى تحقيق غاية معينة من ارتكاب الجرم إن التزوير من الأمور العلمية الدقيقة التي تحتاج إلى خبرة واسعة ودراية تامة ولايمكن للقاضي أن يقدر وجوده من نفسه بل لا بد من الاعتماد بذلك على أهل القدرة والمعرفة .‏

جرم التزوير واستعمال المزور ليسا من الجرائم المستمرة لان الجريمة فيها تتم من تاريخ التزوير وتاريخ الاستعمال وهما التاريخان اللذان يبدأ منهما بالتقادم وإن الحكم بأن السند المستعمل هو مزور ولا يتيسر إلا بعد ثبوت التزوير لأنه بانتفاء التزوير ينتفي جرم الإستعمال وحصول الضرر أو احتمال حصوله شرط في كل نوع من أنواع التزوير فإذا انتفى هذا العنصر فلا وجود للجريمة ولا عقاب للفاعل والضرر على أنواع فالمادي مايصيب الانسان في ماله والمعنوي ما يمسه في كرامته وشرفه .‏

أما الضرر الاجتماعي فهو الذي يضر الهيئة الاجتماعية كتزوير شهادة مدرسية أو تقرير طبي لاستعماله في دخول وظيفة عامة ولا يشترط في جرائم التزوير وجود ادعاء شخصي إن التزوير واستعمال المزور جرمان يختلفان عن بعضهما اختلافا بينا وعلى المحكمة أن تحدد لكل من التزوير واستعمال المزور عقوبة مستقلة وقد عاقبت المادة 445 من قانون العقوبات بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات على الأقل الموظف الذي يرتكب جرم التزوير في أثناء قيامه بالوظيفة ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات اذا كان السند مزور من السندات التي يعمل بها إلى أن يدعى بتزويرها .‏

كما تضمنت المادة 444 من قانون العقوبات عقوبة من يستعمل المزور ونصت على أنه يعاقب بعقوبة مرتكب التزوير نفسها الوارد ذكرها في المادة 445 كل من استعمل المزور وهو عالم بامره .‏