الراتب العادل للموظف
نادرا ما صادفت موظفا يعتبر راتبه عادلا بالمقارنة مع مهماته الوظيفية أو مؤهلاته. في الغالب يرى الموظف أنه ليس مقدرا بما يكفي وخصوصا عندما يقارن وضعه برواتب اخرين سواء في نفس الشركة أو في شركة أخرى. وفي معظم الأحيان هو يرمي مسؤولية عدم تقديره ماديا على غيره مثل مديره أو شركته أو حتى الحظ. البعض لا يكتفي بذلك بل يصل الى مقارنة البدلات والمميزات في دول أخرى. أساس تلك المشكلة هي أن الموظف يقيم نفسه وبالتالي ما يعتقد أنه يستحقه بناء لاحتياجاته أو أمنياته. فمثلا لو أنه أراد شراء سيارة جديدة ولم يكن دخله يسمح له بذلك، سيلوم شركته لأنها لا تدفع له راتبا يعتبره عادلا، أو لو كان راتبه لا يكفيه ليصرف كما يشاء فسيرى المشكلة في مديره وليس في طريقة صرفه. كل ذلك في النهاية سيجلب له إحباطا مجانيا لأنه لا يقوم بأي شيء ليغير من وضعه.
سوق العمل، كما أي سوق، في النهاية يخضع لقانون العرض والطلب. مهما كانت هناك محاولات للتلاعب في العرض أو في الطلب فإن السوق مع الوقت سيعدل من مؤشراته وتقييماته. من جهة أخرى فإن كل الشركات هي شركات ربحية لا يمكن أن تدفع مصاريف ليست مضطرة لدفعها. أي شركة لن تدفع مالا لا تتوقع الحصول على خدمة مقابله. حتى الشركات التي تدفع معدلات أعلى من غيرها فهي تتوقع خدمات أكثر أو نوعية أفضل من موظفيها.
أما الشركات التي تعرض رواتبا أقل من معدلات السوق فهي بالتأكيد لا تبحث عن الأفضل أو لا يهمها التطور في الأداء والنمو. لذلك فإن الموظف عليه أن يجري التقييم كاملا وليس فقط من وجهة نظره الخاصة. هناك الكثير من الاحصاءات أو الاستطلاعات التي تقوم بها شركات التوظيف أو بيوت الخبرة بخصوص معدلات الرواتب في الوظائف المختلفة. هي تعطي فكرة عن معدلات الرواتب لكنها في رأيي لا يمكن تعميمها أو استخدامها من قبل أي شخص لتقييم راتبه وذلك بسبب اختلاف الأشخاص والمؤهلات والشركات مما يعني أن الأرقام المذكورة لا تزيد عن كونها معدلا عاما للفئة التي شملها البحث. التقييم الذي أتحدث عنه هنا هو ذلك الخاص بالمظف نفسه وليس من وجهة نظر الشركة.
الشركات تقوم بالتقييم بالطريقة التي تراها مناسبة وتتصرف بناء لذلك. كل موظف يعتقد أنه يستحق راتبا أعلى لا يحصل عليه في شركته عليه أن يثبت ذلك ويحصل على الراتب المنشود في أي مكان. اذا كان الراتب متوفرا في السوق وشركته لا تدفع له ما يعادله، فإنه يظلم نفسه في البقاء في الشركة ويقدم بعض خدماته مجانا. أما اذا كان الراتب الذي يريده غير موجود في السوق أو موجود لكنه لم يوفق في الحصول عليه، فالأفضل له أن يقتنع ولا يحبط نفسه بالمجان. البعض يقول أنه لا يحصل على المال الكافي ولكنه لا يريد تغيير وظيفته لأنه تعود على أجواء الشركة ويخاف من التغيير. في هذه الحالة، فليدفع ثمن خوفه. أما من ناحية الدخل وكفايته، فإن الاعتماد الكلي على الراتب لمن يريد تحسين مستوى معيشته أثبت عدم جدواه إلا ما ندر. حتى لو حصل الموظف على زيادات متواصلة في عمله فإنها ستبقى محدودة.
كل شخص عليه أن يقوم بتقييم وضعه المادي ويقارنه مع طموحاته المستقبلية. فعل سبيل المثال اذا كان راتب الشخص 10،000 وتوقع أن يحصل على زيادة سنوية 10% فإنه بعد 5 سنوات سيصل الى راتب حاولي 16،000 شهريا. يمكنه أن يحدد منذ الان أن يحدد اذا كان ذلك سيكفيه لتحقيق طموحاته في المستقبل. اذا كان لا يكفي فعليه أن يبحث عن من يدفع له أكثر اذا وجد. غير ذلك إما يغير طموحاته أو يبحث عن دخل إضافي عن طريق استثمار مدخراته أو العمل الإضافي أو ما شابه ذلك. موضوع عدالة الرواتب معضلة معني بها الموظفون أنفسهم وليس الشركات. الشركات تقدم الطلب في السوق بناء لتقييمها. الموظف عليه أن يدرس ما يريد عرضه في السوق ثم يأخذ قراره.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً