توضيحات قانونية حول زيادة عدد مقاعد مجلس النواب الأردني
د. ليث كمال نصراوين
إن من أهم الأحكام التي تضمنها قانون الانتخاب الأردني الجديد رقم (25) لسنة 2012 زيادة عدد مقاعد مجلس النواب الأردني من 120 إلى 150 مقعدا وذلك من خلال زيادة مقاعد الكوتا النسائية إلى 15 مقعدا، بالإضافة إلى مقاعد القائمة الوطنية بواقع 27 مقعدا. إن التوجه السائد حاليا في الدول الديمقراطية الغربية يقوم على تقليص عدد المقاعد في المجالس النيابية وذلك تمشيا مع الظروف الاقتصادية السائدة التي تتطلب ترشيد الإنفاق العام بدلا من زيادته على شكل مكافآت وعلاوات وبدلات لأعضاء مجلس النواب. فقد سبق لحكومة الائتلاف البريطانية الحالية بزعامة حزب المحافظين ورئيسه ديفيد كاميرون أن تقدمت بمشروع قانون إلى البرلمان البريطاني لتقليل عدد النواب في مجلس العموم بمقدار خمسين نائبا وهو الأمر الذي سيوفر على خزينة الدولة مبلغ 12 مليون جنيه استرليني سنويا.
أما وقد قرر قانون الانتخاب الجديد زيادة عدد أعضاء مجلس النواب فلا بد من لفت الأنظار إلى موضوع في غاية الأهمية وهو نسبة عدد أعضاء مجلس النواب إلى أعضاء مجلس الأعيان. فاستنادا للمادة (63) من الدستور الأردني يتألف مجلس الأعيان بمن فيه الرئيس من عدد لا يتجاوز نصف عدد مجلس النواب. إلا أنه في التطبيق العملي دائما ما تقوم السلطة التنفيذية بتشكيل مجلس أعيان أعضاؤه نصف عدد أعضاء مجلس النواب تماما. ففي ضوء قانون الانتخاب القديم لعام 2010 الذي جرت بموجبه انتخابات مجلس النواب السادس عشر، فقد كان عدد أعضاء مجلس النواب السابق 120 نائبا وتم تعيين نصفهم أعضاء في مجلس الأعيان بواقع 60 عينا.
إن المشكلة التي تثور في نسبة عدد أعضاء مجلس الأعيان إلى أعضاء مجلس النواب تظهر جليا أثناء الجلسات المشتركة لمجلسي النواب والأعيان وخصوصا تلك التي تتشكل بموجب المادة (92) من الدستور التي تنص على أنه إذا رفض أحد المجلسين مشروع أي قانون مرتين وقبله المجلس الآخر معدلا أو غير معدل يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة لبحث المواد المختلف فيها، ويشترط لقبول المشروع أن يصدر قرار المجلس المشترك بأكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين.
ففي أية جلسة مشتركة تعقد لمناقشة مشروع قانون تكون نسبة عدد أعضاء مجلس الأعيان لمجموع أعضاء الجلسة المشتركة هي الثلث، وهي نسبة مرتفعة نسبيا من شأنها أن ترجح كفة مجلس الأعيان المعين على مجلس النواب المنتخب عند التصويت على قرارات قبول مشروع القانون أو رفضه التي اشترط الدستور لصدورها أغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين في الجلسة المشتركة. هذا يعني أن مجلس الأعيان المعين يستطيع في معظم الحالات أن يعوق إصدار أي تشريع يقره مجلس النواب المنتخب لأن عدد الأعيان يعادل ثلث أعضاء المجلسين مجتمعين. فإذا ما أجمع الأعيان جميعهم على رفض مشروع قانون فإنه يسقط لتعذر تحقيق أغلبية الثلثين في الجلسة المشتركة، إلا إذا تحقق إجماع مجلس النواب على التصويت لصالح مشروع القانون وهو ما يكاد أن يكون من المتعذر تحقيقه في الواقع العملي.
إن الدستور الأردني لم يشترط حل مجلس الأعيان عند حل مجلس النواب أو بعد إجراء الانتخابات البرلمانية، بالتالي فإنه من غير الضروري دستوريا أن تتم إعادة تشكيل مجلس الأعيان بعد الانتخابات المقبلة، وهو ما يعني أن هناك زيادة ستطرأ على عدد أعضاء مجلس النواب، في حين سيبقى عدد أعضاء مجلس الأعيان 60 عضوا، وهو ما من شأنه أن يعالج الخلل في تركيبة كلا المجلسين من حيث العدد.
أما إذا ما تقررت إعادة تشكيل مجلس الأعيان بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن زيادة أعضاء مجلس النواب بموجب القانون الجديد يجب أن لا تقابله زيادة في عدد أعضاء مجلس الأعيان الحالي وذلك للتقليل من النسبة العالية لأعضاء مجلس الأعيان في الجلسة المشتركة للمجلسين. فالدستور الأردني لا يشترط أن يكون أعضاء مجلس الأعيان دائما نصف عدد أعضاء مجلس النواب وذلك بصريح المادة (63) من الدستور التي اعتبرت أن مجلس الأعيان يتألف من عدد لا يتجاوز نصف عدد أعضاء مجلس النواب.
اترك تعليقاً