سابقة قضائية في الحكم بدون دليل

اجتهاد عن الحكم بدون دليل

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

استقر الفقة و القضاء على ان العطف الجرمي لا يمكن ولا يجوز ولا يكفي للادانة.
اذا كان وزن الادلة و تقديرها مسالة واقع يستقل به قاضي الموضوع فانه في ذلك الفرض توجد ادلة و عمل قاضي الموضوع يقتصر على الترجيح وفق قناعته اما اذا لم يكن هنالك من دليل واحد فما هو مطرح الترجيح.

وقائع الدعوى
——————————————————————————–
النظر في الطعن:
تتحصل وقائع هذه القضية في انه بيوم 11/10/1997 ورد اتصال هاتفي الى رجال الامن الجنائي في حماه يفيد وجود حشيش مخدر في السيارة اللبنانية رقم /1201063/ التي تقف في الحي السكني بضاحية ابي الفداء بحماه و قد سارع رجال الامن الى هناك و تمكنوا من معرفة حائز السيارة و هو محمود الذي ترافق معهم و فتح السيارة و بعد التفتيش عثروا على قطعتي حشيش احداهما تحت المقعد الاول و الثاني في الخلف و بالوزن تبين انهما تزنان غراما و بتحليلهما تبين انهما من مادة الحشيش المخدر و سئل حائز السيارة عن الامر فانكر علمه بهذه المادة و لا علاقته بها و ساله رجال الامن عما اذا كان يشتبه باحد فقال انه لا يدري و لكن توجد خلافات بينه و بين المدعو محمود لاسباب مالية عندما كان في السعودية.

اتجه رجال الامن الى حيث يوجد محمود و احضروه للتحقيق معه فاعترف لهم انه هو الذي وضع مادة الحشيش المخدر و زعم ان الذي طلب منه ذلك هو المدعي بالمخاصمة محمد و من ان المذكور اعطاه مائة الف ليرة سورية كي يشتري مادة الحشيش و يدسها في سيارة المدعي و انه ذهب بسيارته اللبنانية الى طرابلس و اشترى الحشيش من شخص باثني عشر الف ليرة سورية و حضر الى سورية و وضع المادة في سيارة المدعي بعد ان اخذ رقمها و اتصل بالامن الجنائي على انه فاعل خير.
و من حيث انه استنادا لذلك جرت التحقيقات الاولية و التي بنتيجتها قرر قاضي الاحالة تصديق قرار قاضي التحقيق في حماه و الذي تضمن اتهام المدعى عليهما محمد و مهند بجرم تهريب الحشيش المخدر الى مهند و جرم اختلاق ادلة مادية لايقاع الغير بالنسبة الى محمد و محاكمتهما من اجل ذلك امام محكمة الجنايات و قد طعن كل من المتهمين بهذا القرار الا ان خطا وقع من ديوان الاحالة بان ارسل طعن مهند مع الاضبارة فاصدرت الهيئة المخاصمة قرارها المؤرخ 7/5/2000 برفض الطعن موضوعا و عندما عادت الاضبارة الى حماه و تنبه الديوان الى عدم ارسال الطعن الثاني تم ذلك فاصدرت الهيئة المشكو منها قرارها الثاني المؤرخ 22/10/2000 برفض طعن محمد موضوعا ايضا.

و من حيث انه بتدقيق كل التحقيقات الجارية من اولها الى اخر ورقة لم يعثر فيها على ما يشير لارتكاب مدعي المخاصمة ما نسب اليه سوى اقوال المدعى عليه مهند المجردة و التي لا تعدو ان تخرج باية حال عن دائرة العطف الجرمي و هذا العطف لا يمكن ولا يجوز و لا يكفي للادانة على ما استقرت عليه احكام الفقه و القضاء.
ذلك انه ثابت على ان الواقعة حصلت بتاريخ 11/10/1997 و المدعى عليه محمد لم يكن داخل القطر في ذلك الوقت فالثابت بالوثائق المبرزة انه دخل القطر بتاريخ 2/6/1997 و غادره بتاريخ 9/6/1997 هذه ناحية و الثانية ان مهند اقر بانه ذهب الى لبنان و اشترى المخدر من طرابلس و عاد الى سورية و وضع المادة خلسة في سيارة محمود و من ثم اخبر رجال الامن بوجود المخدر في السيارة ثم اعترف انه يكره محمود و بينهما خلافات مادية عندما كانا في السعودية.
و من حيث ان ما زعمه المذكور من ان مدعي المخاصمة سلمه المال ليشتري المخدر و يضعه بسيارة محمود كي يسعى بعد ذلك الى تطليق زوجة الاخير منه و من ثم تزويجها برجل سعودي انما بقي قولا مرسلا اقتصر عليه.

و طالما انه لا دليل على مدعي المخاصمة الذي اثار كل هذه النواحي في لائحة طعنه الا ان الهيئة المشكو منها اما انها لم تطلع على هذا الطعن و انما قرات طعن المدعى عليه الاخر او انها لم تلتفت الى هذا الطعن من اساسه و اصدرت قرارها الثاني موضوع المخاصمة بدون ادنى دليل.
و من حيث انه اذا كان وزن الادلة و تقديرها مسالة واقع يستقل به قاضي الاصل و هو قاضي الموضوع فانه في ذلك الفرض توجد ادلة و عمل قاضي الموضوع يقتصر على الترجيح وفق قناعته اما اذا لم يكن هنالك من دليل واحد فما هو مطرح الترجيح.
و بما ان القرار الذي التفت عن كل هذه النواحي انما يكون قد انحدر الى درك الخطا الجسيم و صار حريا بالابطال.

لذلك تقرر:
1- قبول الدعوى شكلا و وقف تنفيذ الحكم المشكو منه.
2- ابطال القرار رقم (1497/1647) تاريخ 23/10/2000 الصادر عن غرفة الاحالة بمحكمة النقض و اعتبار هذا الابطال بمثابة التعويض.
3- حفظ الملف.
قرار 207 / 2003 – أساس 188 – الهيئة العامة لمحكمة النقض – سورية
قاعدة 15 – اجتهادات الهيئة العامة لمحكمة النقض 2001 – 2004 – الألوسي – رقم مرجعية حمورابي: 56492
(( إن الاثبات الجزائي وإن كان يقوم على مبدأ إطلاق الأدلة وحرية القاضي في أمر تقديرها والاستدلال منها واعتماد الدليل الذي يركن اليه في تكوين قناعته الوجدانية وإن قرار الإتهام يكفي فيه ترجيح الأدلة إلا أن هذا مرهون بوجوب بيان الدليل الذي تم ترجيحه عما سواه من الأدلة المساقة في الدعوى وأن يكون هذا الترجيح مستنداً إلى منطق سليم في التقدير والاستدلال فإن كان القرار القضائي قد بني على خلاف ما جاءت عليه أدلة الدعوى أو أن القاضي الذي أصدره كان بعيداً عن المنطق السليم في التقدير والاستدلال فإنه يكون قد ارتكب خطأ مهنياً جسيماً في عمله القضائي ))
القاعدة /17/ من مجموعة القواعد القانونية التي أقرتها الهيئة العامة لمحكمة النقض
الجزء الرابع – إعداد المحامي عبد القادر جار الله الآلوسي

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.