_ الأصل أن قواعد القانون الجنائي الموضوعية والاجرائية سواء ، تنطبق على سائر الوقائع التي تقع بعد نفاذها دون أن يكون لها سلطان على الوقائع التي تمت قبل دخولها مرحلة النفاذ . والمبدأ هو دخول القاعدة القانونية مرحلة النفاذ في اليوم التالي لتاريخ نشرها في الجريدة الرسمية الا اذا حدد القانون نفسه لحظة نفاذ القاعدة التي يلزم دائماً أن تكون اما معاصرة لتاريخ نشرها واما لاحقة على هذا التاريخ . ويظل للقواعد الجنائية سلطانها على كافة الوقائع التي تقع منذ نفاذها الى لحظة انقضائها بالالغاء . وهذا معناه أن القاعدة الجنائية تسري بأثر فوري مباشر لكنها لا تسري بأثر رجعي ، صحيح أن المشرع الجنائي أجاز -استثناء – سريان القواعد الموضوعية للقانون الجنائي ” قانون العقوبات ” بأثر رجعي على الوقائع التي وقعت قبل نفاذه اذا كان ذلك أصلح للمتهم ، لكن هذه الاجازة مقصورة على قواعد قانون العقوبات دون القواعد الاجرائية . ” مادة 5 عقوبات ” .
_ وهذا معناه أن القواعد الاجرائية من جهة لا تسري بأثر رجعي ، فلا يكون لها سلطان على الاجراءات التي تمت في ظل قانون قديم ، فالاجراء محكوم دوماً بالقانون النافذ وقت مباشرته ، فاذا تم الاجراء صحيحاً وفقاً للقانون الذي تم في ظله يظل الاجراء كذلك ولو تغيرت القوانين من بعد على نحو جعلت منه اجراءً باطلاً ، وهو ما تعلنه محكمة النقض المصرية في قولها ” الأصل أن كل اجراء تم صحيحاً في ظل قانون يظل صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون ” . كما أن القواعد الاجرائية من جهة آخرى تسري بأثر فوري مباشر من لحظة نفاذها على الاجراءات التي تقع بعد هذا التاريخ ولو كانت متعلقة بدعاوى تم تحريكها قبل صدور قانون جديد . بشرط عدم المساس بما يكون قد اكتسب من حقوق . فالعبرة هى بوقت مباشرة الاجراء وليس بوقت وقوع الجريمة التي يتخذ الاجراء بمناسبتها أو كما تقول محكمة النقض أن القواعد الاجرائية تسري من يوم نفاذها بأثر فوري على القضايا التي لم يكن قد تم الفصل فيها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .
_ مفاد ما تقدم أن المشرع قد التزم بالنسبة للقواعد الاجرائية بمبدأ السريان الفوري المباشر بينما أجاز بالنسبة للقواعد الموضوعية سريانها بأثر رجعي اذا كان ذلك في صالح المتهم . من هنا تظهر أهمية التفرقة بين القواعد الموضوعية التي يجوز أن يكون لها أثر رجعي و القواعد الاجرائية التي لا يجيز فيها القانون ذلك الأثر في أي حال ، ويكاد الفقه في مصر أن يتفق على أن ” مضمون القاعدة ” أو موضوعها هو الفيصل في بيان طبيعتها القانونية . فتكون القاعدة موضوعية اذا كان مضمونها أو موضوعها يتعلق ” بحق الدولة في العقاب ” سواء من حيث نشأته أو تعديله أو انقضائه . بينما تكون القاعدة اجرائية اذا كان موضوعها أو مضمونها يتعلق بالأشكال والأساليب والكيفيات التي ينبغي اتباعها في سبيل اقتضاء هذا الحق أمام السلطة القضائية . بصرف النظر عن ” موقع القاعدة ” أي عن ورودها في قانون العقوبات أم الاجراءات الجنائية . وبصرف النظر عن ” الغاية ” التي تستهدفها أي سواء كانت في مصلحة الفرد أم في مصلحة الجماعة .
_ وبرغم ما يبدو على تلك القاعدة من سمات الوضوح ، الا أن هناك بعض القواعد التي أثارت في التطبيق العملي بعض الصعوبات في تحديد طبيعتها القانونية ومن ثم القاعدة التي تسري عليها في حالة تنازع القوانين في الزمان .
اترك تعليقاً