الإجازات الخاصة ورخص التغيب – مدونة الشغل
أ. الإجازات الخاصة ببعض المناسبات
قد خولت مدونة الشغل للأجير عدة إجازات خاصة، لا تستند إلى اعتبارات صحية كما هو الشأن بالنسبة للراحة الأسبوعية والعطلة السنوية المؤدى عنها، وإنما إلى أحداث عائلية أو مهنية وهي إجازات مؤدى عنها، أو على جزء منها في بعض الأحيان، وغير مؤدى عنها تارة أخرى.
1. الإجازة بمناسبة الولادة:
استنادا إلى مقتضيات المادة 269 من مدونة الشغل فانه من حق كل أجير أن يستفيد من إجازة مدتها ثلاثة أيام، بمناسبة كل ولادة. ويسري هذا الحكم على الأجير الذي استلحق طفلا بنسبه.
مع الإشارة إلى أنه يمكن أن تكون الأيام الثلاثة متصلة أو غير متصلة، باتفاق بين المشغل والأجير، على أن تقضى وجوبا في مدة شهر من تاريخ الولادة.
وإذا صادف وقوع الولادة، الفترة التي يكون فيها الأجير في عطلة سنوية مؤدى عنها، أو في إجازة بسبب مرض، أو حادثة أيا كان نوعها، أضيفت إلى العطلة السنوية أو إجازة المرض أو الحادثة إجازة الثلاثة الأيام
وقد منح المشرع تعويضا للأجراء عن الإجازة بمناسبة الولادة يساوي الأجر الذي كانوا سيتقاضوه لو بقوا في شغلهم، يؤدى لهم من طرف المشغل، عند حلول موعد أداء الأجر الذي يلي مباشرة قيام الأجير بالإدلاء بوثيقة الولادة المسلمة من طرف ضابط الحالة المدنية[1].
2. إجازة المرض:
إن الأجير كغيره من الناس قد يتعرض للإصابة بمرض، أو حادثة ما، مما يستوجب منحه مدة للراحة حتى يسترجع عافيته، وتعد مدة الراحة الأخيرة حقا طبيعيا للأجير المريض، أو المصاب بحادثة[2]، وقد نص المشرع المغربي في هذا الصدد على حق الأجير في إجازة مرضية إلا أنه يلزمه في حالة إذا ما تعذر عليه الالتحاق بشغله بسبب مرض أو حادثة، أن يبرر ذلك، ويشعر مشغله خلال الثماني والأربعين ساعة الموالية لذلك إلا إذا حالت القوة القاهرة دون ذلك.
وإذا استمر غياب لأجير أكثر من أربعة أيام، فانه يجب عليه إخبار مشغله بالمدة المحتملة لغيابه، والإدلاء له بشهادة طبية تبرر غيابه، إلا إذا تعذر عليه ذلك، ويبقى من حق المشغل أن يعهد على نفقته، إلى طبيب يختاره بنفسه، بأن يجري على الأجير فحصا طبيا مضادا، داخل مدة التغيب المحددة في الشهادة الطبية المدلى بها من قبل الأجير[3].
وإذا كان عقد الأجير الذي تعذر عليه الالتحاق بعمله، بسبب مرض أو حادثة، غير المرض المهني أو حادثة شغل، يعد عقدا موقوفا، إذا برر الأجير غيابه عن الشغل بمقتضى شهادة طبية مع إشعار مشغله، فانه يمكن لهذا الأخير أن يعتبر الأجير في حكم المستقيل، إذا زاد غيابه لمرض غير المرض المهني، أو لحادثة غير حادثة الشغل، على مائة وثمانين يوما متوالية خلال فترة ثلاثة مائة وخمسة وستين يوما، أو إذا فقد الأجير قدرته على الاستمرار في مزاولة شغله بسبب المرض أو الحادثة[4].
وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أنه لا يؤدى الأجر عن الغياب بسبب مرض غير المرض المهني، أو حادثة غير حادثة الشغل، أيا كانت دورية أداء الأجر، ما لم ينص عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي على خلاف ذلك[5].
أ. رخص التغيب
تقتضي الحياة الاجتماعية أن يضطر الإنسان بين فترة لأخرى التغيب عن العمل لأسباب خاصة وشخصية وهو ما دفع المشرع إلى منح الأجراء رخص للتغيب أما لأسباب عائلية أو لأسباب غير عائلية.
1. التغيب لأسباب عائلية
تتجلى الأسباب العائلية التي يستحق فيها الأجير رخصا للتغيب في الآتي:
– الزواج:
– زواج الأجير: أربعة أيام؛
– زواج أحد أبناء الأجير، أو أحد ربائبه: يومان؛
– الوفاة:
– وفاة زوج الأجير، أو أحد أبنائه، أو أحفاده، أو أصوله، أو أبناء زوجه من زواج سابق : ثلاثة أيام؛
– وفاة أحد إخوة، أو إحدى أخوات الأجير، أو أحد إخوة أو إحدى أخوات زوجه، أو أحد أصول زوجه : يومان.
– تغيبات أخرى :
– الختان: يومان؛
– عملية جراحية تجرى للزوج، أو لأحد مكفوليه من الأبناء : يومان[6].
وهذه التغيبات لا تمنح الحق في الأجر إلا لفئات الأجراء الذين يتقاضون أجورهم شهريا، ما لم ينص على خلاف ذلك عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي، ولا يؤدى للذين لا يتقاضون أجورهم شهريا إلا في حدود يومين عن زواج الأجير ويوم واحد في حالة وفاة زوج الأجير، أو أبيه، أو أمه، أو أحد أبنائه[7].
2. – التغيب لأسباب غير عائلية:
لا يقتصر رخص التغيب على الأسباب المرتبطة بأحداث عائلية، وإنما تنص المقتضيات القانونية على حق الأجراء في الاستفادة منها، إما لاجتياز امتحان أو لقضاء تدريب رياضي وطني، أو للمشاركة في مباراة رسمية دولية، أو وطنية[8]، لكن دون أن يؤدى الأجر عنها، كما ألزم المشرع المشغلين منح أجراءهم، الذين هم أعضاء في المجالس الجماعية، رخصا للتغيب من أجل المشاركة في الجلسات العامة لهذه المجالس، واللجان التابعة لها والذين هم أعضاء فيها، دون أن يؤدى لهم الأجر عن هذه التغيبات، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك[9].
ويمكن الإشارة في الأخير أن كل مشغل خالف أحكام الإجازات الخاصة بالمناسبات السابقة الذكر، أو خالف الأحكام الخاصة برخص التغيب الممنوحة لأسباب شخصية،فانه يعاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم مع تكرار عقوبات الغرامة، بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم تطبيق أحكام المواد السابقة الذكر، على ألا يتجاوز مجموع الغرامات 20.000 درهم[10].
خاتمــة
انطلاقا مما سبق يتبين لنا أن المشرع المغربي في مدونة الشغل عمل جاهذا على تكريس الحماية القانونية للأجراء بتوفير شروط وظروف شغل صحية ملائمة لحفظهم في صحتهم وضمان سلامتهم، كما عمل على تحديد مدة الشغل، إلا أن المهم ليس فقط وضع مقتضيات قانونية حمائية للأجراء ذات طابع تقدمي وإنما الأهم هو الحرص على تطبيقها في أرض الواقع داخل أماكن الشغل.
وعليه نخلص إلى المقترحات التالية:
1-تفعيل المقتضيات المتعلقة بظروف الشغل داخل المقاولات
2-يجب تخفيض ساعات العمل من 44 إلى 40، حتى يتناسب مع التوصية الدولية رقم 116، سنة 1962.
3-حفاظا على الطابع الحمائي لقانون الشغل يجب على المشرع أن يستثني النساء والمعاقين من تمديد مدة الشغل العادية.
4-الرفع من الجزاءات الجنائية المقررة لمخالفة النصوص المنظمة لمدة الشغل واستثناءاته، و لجبر المشغل على احترامها.
5-يجب على المشرع أن يلزم مفتش الشغل بمراقبة ما إذا كانت هناك مبررات حقيقية للشغل الإضافي وذلك للاعتبارات التالية.
– حيث أن المشغل يلجأ إلى الساعات الإضافية ولو لم تقتضيها مصلحة وطنية ولا زيادة استثنائية في حجم الشغل وذلك لتفادي الزيادة في عدد الأجراء وما يترتب عليها من نفقات من حيث اقتطاعات الضمان الاجتماعي.
– كما أن المشغل يستغل الثقافة القانونية المحددة للأجراء، فلا يحترم الزيادة القانونية عن الساعات الإضافية، حيث يدفع لهم نفس ثمن الساعات العادية
– كما أن هذا الإجراء لا يسمح بإنعاش الشغل عن طريق تشغيل أجراء جدد.
– يجب وضع ضوابط معينة لعبارتين اللازمة الاقتصادية والظروف الطارئة” الخارجة عن إرادة المشغل الواردة في المادة 185 لتفادي استغلالها من قبل أرباب العمل كمنقذ للتخلص من العمال الغير المرغوب غير مرغوب فيهم داخل المؤسسة.
المراجع المعتمدة
• مدونة الشغل
• محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية، الجزء الثالث، طبعة يناير2009
• موسى عبود، دروس في القانون الاجتماعي، الطبعة الثالثة ، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،2004
• مصطفى حتيتي: القانون الاجتماعي، علاقات الشغل الفردية، الطبعة الأولى 2004-2005
• الحاج كوري: مدونة الشغل الجديدة، مطبعة الأمينة ـالرباط، 2004،
• عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية، الطبعة الأولى 2004.
• عبد الكريم غالي، القانون الاجتماعي المغربي، منشورات دار العلم الرباط 2001
• عبد الكريم غالي: : مواضيع في القانون الاجتماعي، منشورات مكتبة الشباب، الرباط 1998
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً