مقال قانوني عن كرامة المحامين و شرف المهنة
بقلم المحامي مالك الصيد
الواقع العملي يجب أن لا ينسيها قضيتها الجوهرية ألا وهي الدفاع عن المهنة وسموها ونبلها وشرفها، وتحصينها ضد كل ما ينزع عنها التجرد والنزاهة والاستقامة والأمانة والكرامة والشرف المسلح بالعلم ومكارم الأخلاق . فالمحاماة رسالة نبيلة ذات أهداف سامية وليست عملا رتيبا مأجورا لأنها تأبى بطبيعتها الرتابة وتنبذ الافتقار للإبداع، وللمحامي أن يمارس مهمته تحت طائلة الكرامة والإيمان العميق بعلوها ونبلها وشرفها، لكن لا يعني ذلك عدم الاهتمام بالقضايا الموكولة ودراستها بطريقة مستوفية واقعا وقانونا وإلا كان هناك إخلال بالأمانة ومن ثمة يعد ذلك حنثا بيمين المهنة وإلقاء عرض الحائط بمبادئها السامية. فعلى قدر ما تتطلبه ممارسة المهنة من صناعة وتواضع، بقدر ما تتطلب أيضا شجاعة الرأي وإعماله في القضايا بعد الإلمام بها . فدور المحامي لا يقتصر على إسداء الخدمات القانونية والإحاطة بالمتقاضين بل هو فاعل في مجتمعه يسعى لرقيه وازدهاره فمن شيم المحامي النبل والكرامة والوقار والسمو والاحترام والجرأة والشجاعة ونصرة الحق والحرية والقضايا العادلة ضد الطغيان والاستبداد مع التأكيد على انه لا علاقة بين الاحترام والتزلف والاستجداء كما لا علاقة بين شجاعة الرأي والتهور والاستهتار. فالمحامي قد اختار مهنته لكن الأخلاق المهنية قدره فواجباته تجاه مهنته ومجتمعه تستوجب الاستقامة التامة. وتجدر الإشارة إلى أن أخلاقيات مهنة المحاماة تعد موروثا عالميا مشتركا بين أصحاب العباءة السوداء في جميع أصقاع العالم، وان كانت هذه القواعد والأعراف متطورة من بلد إلى آخر، وترسيخ هذه المبادئ يستوجب الاستنارة بما ورثناه من رواد مهنتنا في تونس مع التطلع في نفس الوقت إلى أخلاقيات المهنة في المجتمعات الأخرى بهدف إثراء أخلاقيات مهنتنا في تونس وتحصينها أكثر فأكثر من التجاوزات خدمة للأجيال القادمة.
ويستشف مما سبق تبيانه أن أخلاقيات المهنة وما تستوعبه من مبادئ أخلاقية ضرورة حتمية للمحامي أينما كان وكيفما كان وان اختلفت المعايير التي يعتمدها كل مجتمع في ضبط ماهية الأخلاق، غير أن الفضيلة والرفعة والنبل والاستقامة والأمانة والكرامة والشرف لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحمل أكثر من معنى أو تفسير وهي مبادئ على المحامي أن يتمسك بها إلى حد اعتبارها طقوسا وذلك مهما شهد مجتمعه من تطور ثقافي واجتماعي واقتصادي. فحقل المحاماة كالأدغال مترامي الأطراف ومتشابك العلاقات والحركة داخله تقتضي الحرص على أخلاقيات المهنة والحفاظ على التوازنات والعلاقات المتكافلة مع الفاعلين فيه، فإذا ما طفت بعض التناقضات أو الصراعات فمن الواجب تسويتها بما يضمن استمرار حقل المحاماة فاعلا ومنتجا ومساهما في ترسيخ العدل وتأبيد الطمأنينة والدفاع عن القضايا العادلة .
فالمحامي إذا ما أدى واجبه بأمانة وشرف في احترام للسلط العمومية ولهياكله وعميده مقتنعا بأنه يجب أن يكون محاميا في كل وقت أي داخل المهنة وفي حياته الخاصة فانه سيقلل من معاناته اليومية وسيحصل على الاحترام والهيبة لشخصه ولمهنته النبيلة بمعنى سيصون كرامته وسيحافظ على شرف مهنته. لكن بادئ ذي بدء حتى يتسنى الخوض في موضوع كرامة المحامي وشرف المهنة لا بد في مرحلة أولى من تعريف المحامي والمحاماة، وفي مرحلة ثانية تعريف مبدأي الكرامة والشرف، ولا يمكن في مرحلة ثالثة أن لا نقدم تعريفا للأخلاق في المحاماة. بمعنى آخر لا بد من تقديم تعريف دقيق للمحامي إذ لا يمكن فهم وتناول كرامة المحامي وشرف مهنة المحاماة دون ضبط تعريف واضح للمحامي. أولا : تعريف المحامي والمحاماة 1/ لغة : إن عبارة محامي مشتقة من فعل حمي والحمي هو من لا يحتمل الضيم فيهرع للذود عن الحق وللمشاركة في إقامة العدل ونصرة المظلوم والمستضعف. فالمحامي لغة هو من حمي حماية الشيء من الناس منعه عنهم ويقال كذلك حام محاماة وحماء عنه أي منع ودافع عنه ، والمحامي هو المدافع وتستعمل الصفة عادة لرجال الدولة العاملين في السفارة والنصح والإرشاد . 2/ قانونا : لقد عرف الفصل الأول من القانون المتعلق بضبط مهنة المحاماة المؤرخ في 15 مارس 1958 بأنه :« مساعد للقضاء يمثل الأشخاص والذوات المعنوية لدى مختلف المحاكم للدفاع عنهم وتأييدهم والإشارة عليهم » ، ثم عدل المشرع عن تعريفه ذاك في القانون المنظم للمهنة ساري المفعول حاليا فاقتصر على تعريف المحاماة في فصله الأول بأنها :« مهنة حرة ومستقلة وغايتها المساعدة على إقامة العدل » وذلك أسوة بجل التشريعات المقارنة، من ذلك القانون المنظم لمهنة المحاماة في جمهورية مصر العربية الذي اختزل تعريفه لمهنة المحاماة بأنها :« مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم ويمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون » . وأمام عدم توفر تعريف تشريعي دقيق للمحامي تولى الفقه تقديم عدة تعريفات له إذ يعرف “الفقيه احمد أبو الوفاء” المحامين بأنهم :« طائفة من رجال القانون غير الموظفين يقومون بمساعدة المتقاضين بإبداء النصح إليهم ومباشرة إجراءات الخصومة عنهم أمام المحاكم بطريقة الوكالة ». وعرف “الأستاذ احمد فتحي زغلول” المحاماة بأنها :« الجناح الثاني في تحقيق العدالة بعد القضاء وهي قديمة قدم الخصومة نفسها حيث يسعى الإنسان منذ تحضره إلى إيجاد وسيلة للحصول على الحق بدلا من اخذ ذلك بالعنف فالمحاماة بمعناها الواسع إذن هي وسيلة لمساعدة الخصوم وتقديم المشورة للخصم والدفاع عنهم لدى القضاء » .
ويعرف “الأستاذ الطاهر منتصر المحامي” بأنه :« مساعد للقضاء بحكم تكليفه من قبل حريفه الذي طلب منه عرض المسائل المتنازع عليها أمام المحكمة وتقديم الأدلة الكافية لإثباتها باذلا جهده في سبيل توضيح القضية للمحكمة ومساعدة القاضي في إيجاد الحل الصحيح للقضية » . كما عرفه “الأستاذ كمال حسن المقهور” بأنه :« ليس خصما في الدعاوى … ولكنه ناصح لموكله بالدرجة الأولى … مساعد للقاضي بدرجة أولى … منبه للحق حتى ينجلي … منشئ للدعوى، مبسط لها … هدفه الأصلي بسط الوقائع بعد لم شتاتها حتى يعمل القضاء عليها حكم القانون » . كما عرف “فولتير” المحاماة بأنها :« أسمى مهنة في الوجود »، إذ اعتبر أن هدف المحامي الأسمى من ممارسة مهنته يتمثل في نيل الشرف وخدمة العدالة وان المحامي لا يسعى لتحقيق ربح مادي وإنما يكفيه ما يناله من شرف وما يحققه من شهرة واحترام. وما يمكن أن نستشفه من مجمل هذه التعريفات هو عراقة مهنة المحاماة التي تعود نشأتها إلى الحضارات القديمة وأنها موغلة في القدم. 3/ لمحة تاريخية : ظهرت المحاماة في أول شكل لها عند استعانة الخصوم بأقاربهم أو بأصدقائهم للدفاع عنهم. فعمل المحاماة قديم جدا ظهر في الحضارات القديمة قبل أن تطلق تسمية المحاماة على هذا العمل لاحقا فقد تواجد في كافة الأمم المتحضرة رجال فصحاء بلغاء موهوبون وصادقون ذوي شرف كرامة الإنسان من كرامتهم يعتنقون مبدأ الحق والعدالة فيسدون لغيرهم النصيحة، ويذودون عن العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم بهدف استصدار أحكام لصالحهم.
أ/ الحضارة الفرعونية : في عهد “الرسول موسى عليه السلام” لم يكن هناك محامون حقيقيون ومع ذلك كانت هناك محاكم يدافع الناس عن مصالحهم أمامها أو يستعينون بمن شاءوا من أهلهم أو أصدقائهم للدفاع عنهم وقد يتعدد المدافعون. وقد كان قدماء المصريين يرفضون المرافعات الشفاهية اعتقادا منهم بان بلاغة الخطاب وسحر البيان يمكن أن يلقيا بظلهما على الحقيقة، وعندما ظهرت الكتابة قرر المصريون القدامى جعل المرافعات مكتوبة وذلك خشية أن يؤثر المدافع على هيئة المحكمة إذا كان جهوري الصوت أو بارعا في إتيان حركات جسدية قد تؤثر في المحكمة. وقد كان “فرعون” – باعتباره يجسد الإله عندهم – هو القاضي والمدير الأعلى لشؤون البلاد وكان المحامي يقوم بالدفاع عن موكله وإدارة أعماله في نفس الوقت وكانت توجد محكمة درجة أولى وأخرى عليا. كما كان بالمجتمع اليهودي رجال عقلاء شرفاء بمثابة المحامين الذين يتولون حسم النزاعات بين الناس مجانا لتعففهم من المادة وصونا لكرامتهم.
ب/ الحضارة البابلية : كان المحامي يعرف في الحضارة البابلية بالمدافع الشعبي وكان يتحدث للجمهور بالسليقة حيث لم تكن براعة الإقناع والخطابة عند المدافع الشعبي قد بلغت درجة الفن الخطابي لذلك سمي بهذا الاسم ولم يضف عليه المؤرخون صفة الخطيب البارع كما هو الشأن في الحضارة الكلدانية.
ج/ حضارة الهند القديمة : أما في الهند القديمة فقد كان قانون “مانو” هو المعمول به قبل القرن الحادي عشر مسيحي، ويقضي بأنه يجب متابعة مرتكب الجريمة كما يقتفي الصياد آثار دم طريدته التي أصابها وكان المحامي في حضارة الهند القديمة يرتدي رداء احمر اللون.
د/ حضارة الصين القديمة : أما في هذه الحضارة فلم يكن هناك محام بالمعنى المتعارف عليه، إنما كان دوره يقتصر على تقديم المشورة لأصحاب الشأن.
ه/ الحضارة الإغريقية : كان المحامي في أثينا يعرف بالخطيب دلالة على طلاقة لسانه وبلاغة خطابه. وقد اهتم مشرع اليونان الأكبر “صولون” بمهنة المحاماة الوثيقة الارتباط بالقضاء ومن ثمة بمصالح الناس فقال :« لا يمكن تصور قضاء دون مدافع، أو حكم دون دفاع »، وقد شرع عديد القوانين التي تسمو بكرامة المحامي وشرف المحاماة .
ولم يسمح بممارسة المحاماة إلا للأحرار فتم استثناء العبيد، العاقون لوالديهم، ذوي السمعة السيئة والنساء فقد عهد بمهنة الدفاع للرجل الحر صونا لكرامة المحامي وشرف المحاماة، حتى يتمكن المحامي من محاجة القاضي محاجة الند للند كي يتمكن من التمسك بحقوق موكله كاملة.
واعتبر “صولون” مقاعد المحامين مكانا مقدسا فكانت ترش بالماء المقدس قبل كل جلسة ولا يقتحم قدسية المكان إلا من هو طاهر ذو كرامة كي يدرك المحامي سمو كرامته والشرف العظيم لمهنته وجلال رسالته. ولم يقتصر دور المحامي عند اليونانيين على الدفاع عن حقوق المواطنين وشرفهم وحياتهم، بل ينص نظام الحكم عندهم على أن يعهد للمحامي بالدفاع عن مصالح الوطن كلما الم بالبلاد خطب ما مما يؤكد ما يتمتع به المحامي في هذه الحضارة من كرامة ولما لمهنة المحاماة من شرف . ومما يدل على حرص هذه الحضارة على صون كرامة المحامي أن المترافع كان يمنح ثلاثة ساعات من الوقت يتم حسابها بالساعة الترابية حتى يترافع عمن يدافع عنه، ويلتزم بالأخلاق الحميدة وآداب الحديث كما يجب أن لا يتملق للقاضي وان لا يتلفظ بالعبارات الجارحة أو السوقية وان ينسحب من قاعة الجلسة فور انتهاء مرافعته حتى لا يجمع حوله الناس صونا لشرف المحاماة، ويكون المحامي عرضة لغرامة مالية في صورة الإخلال بهذه الواجبات .
و/ الحضارة الرومانية : عندما تشعبت القوانين بروما وتطلبت حماية الحقوق الإلمام بها تقدم لحمل هذا العبء خطباء تخصصوا في أساليب الدفاع وحذقوا وسائله فأصبحت صناعة المحامي الجسر الذي يعبر عليه الطامح لبلوغ مراكز الحكم خدمة لروما أو لتحقيق أغراض شخصية، فبدا أباطرة روما ينظرون بعين الريبة إلى هذه الصناعة التي تضفي على أصحابها سمو الكرامة وعلو المكانة والجاه والمال، فالزموا المحامين بان يقنعوا بالتخصص في ممارسة المحاماة بالدفاع عن موكليهم فقط وعدم ممارسة السياسة. لكن ذلك لم يحط من سمو كرامة المحامي وعلو قدره ووجاهته إذ شرع قانون جديد يقصر وظائف حكام مقاطعات الإمبراطورية الرومانية على المحامين دون سواهم كما أباحت قوانين لاحقة لهذا القانون للقضاة أن يمارسوا المحاماة إذ أن الوقوف للمرافعة وممارسة المحاماة لا يقل شرفا عن الجلوس للفصل في القضايا، بل إن العديد من أباطرة روما لم يلقوا غضاضة في التقدم للمحاماة لتعلم أنظمتها والنهل من شرفها بمعرفة كيف يقع توزيع العدل بين الناس.
ومن اشهر المحامين آنذاك “كوينتوس المحامي” و “سيسرون المحامي” و “ترتوليانوس الإفريقي” المولود بقرطاج والذي ابتكر أسلوب مرافعة سهل المفهوم ثري التصوير مليء بالمغازي والأمثال السائرة وكان محاميا بارعا ويقال انه يجيد مهاجمة الخصم بأسلوب فني محكم وناجع خاصة إذا ما كان الخصم يتمثل في الإدارة الرومانية .
ز/ في فرنسا : كان “لويس التاسع” أول من شرع في تنظيم مهنة المحاماة بفرنسا فاعترف بطائفة من المحامين وسن للمهنة قواعد وأسس اتبعها المحامون بمحض إرادتهم كجدول المحامين الذي وقع ضبطه وأصبح يحين ويقدم للمحكمة العليا بداية كل سنة قضائية وكانت لجنة المحامين وحدها دون سواها المخولة بإضافة أسماء المحامين إلى الجدول أو محوها لان « المحامون سادة جدولهم ». غير أن “نابليون الأول” كان خصما لدودا للمحامين وللمحاماة في إطار مسايرته للثورة الفرنسية التي حلت طائفة المحامين، فعارض جميع المساعي لسن أي تشريع يعيد للمهنة وجودها وشرفها وللمحامين كرامتهم، وبعد أن أفل حكمه استردت المحامي حقوقه وكرامته واستعادت المحاماة هيبتها وشرفها .
ح/ المحاماة عند العرب : كانت المحاماة معروفة عند العرب قبل الإسلام، فكانوا يسمون المحامي “حجاجا” أو “حجيجا” أي قوي الحجة فإذا طرا نزاع بين رجلين جاز لأي منهما أن يوكل عنه حجاجا، وكانت صيغة الوكالة أن يخاطب الوكيل موكله قائلا :« وضعت لساني في فمك لتحج عني » . هذا إضافة إلى أن شعراء القبائل كانوا ألسنتها ومحاميها ، فالشعر كان نمطا من أنماط الخطابة التي يعتمدها الشعراء للدفاع عن قبائلهم . وقد عقد العرب في الجاهلية “حلف الفضول” الذي شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شاب، وهدفه رفض ضيم الظالم واسترداد الحق منه وإنصاف الضعيف من القوي والغريب عن القبيلة من القاطن ابن القبيلة، أما سبيل رد المظالم فكان إذا اعتدى عبد أو حر أو غريب أو قاطن بمكة هرعوا جميعا لأخذ حقه من أنفسهم ومن الغير.
ت/ المحاماة في الحضارة الإسلامية : تضمنت الشريعة الإسلامية بدقة متناهية أعمال الوكالة من حيث أركانها وشروطها وأصنافها وهل تنجز مجانا أم بمقابل إلى جانب اثر كل صنف منها على النتائج التي تفضي إليها أعمالها، وأبرزها الوكالة بالخصومة وهي نوع من أنواع الوكالة بشكل عام. وقد أجاز جمهور فقهاء الشريعة الإسلامية التوكيل بالخصومة لأنها من سنن المجتمع البشري ولحاجة الناس إليها ولان المرافعة أمام القضاء لا يستوي فيها جميع الأشخاص، فقد يكون بعضهم ابلغ من بعض واقدر على إظهار الحقيقة بالحجة والبرهان، فقد ورد بصحيح البخاري ما يلي : حدثنا يحيى التميمي اخبرنا معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع جلبة قرب باب حجرته فخرج إليهم فقال :« إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فاقضي له على نحو مما اسمع منه فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما اقطع له به قطعة من النار فليحملها أو يذرها » . كما منح رسول الله صلى الله عليه وسلم “الشاعر حسان بن ثابت” مهمة الدفاع بشعره عن الإسلام. ويروي لنا القرآن الكريم قصة سيدنا موسى عليه السلام الذي دعا الله أن يجلب أخاه هارون ليدافع عنه بقوة حججه وفصاحة لسانه في جناية القتل أمام “فرعون” ، مما يؤكد أن الإسلام قد عرف حق دفاع الشخص عن نفسه بواسطة غيره لإيفاء كل ذي حق حقه وبذلك فقد منح الإسلام المحامي والمحاماة شرف إظهار الحقيقة وأجرا عظيما بأخذ الحقوق لأصحابها.
ي/ المحاماة في تونس : ذهب احد المؤرخين لمهنة المحاماة بتونس إلى أن “الجنرال حسين” يعتبر أول محام تونسي بالمعنى الواسع للمحاماة، فيما يعد “احمد الغطاس” أول محام تونسي بالمعنى الضيق للمحاماة ، ولقد كانت للمحاماة والمحامين في تونس في طليعة المدافعين عن البلاد والعباد والهوية العربية الإسلامية ضد الاستعمار الفرنسي باعتبارهم جزء من النخبة المثقفة التي قادت سياسيا حركة التحرير ضد المستعمر، إلى جانب تشريفهم بالتمثل داخل المجلس التأسيسي الذي أعلن قيام الجمهورية ووضع أول دستور بعد الاستقلال، حيث ضم تسعة عشر محاميا من بينهم خمس عمداء سابقين، إلى جانب اضطلاع المحامين بمهام سامية بالدولة بعد الاستقلال .
ثانيا : تعريف مبدأي الكرامة والشرف
ﺃ/ مبدأ الكرامة : يمكن تعريف الكرامة لغة كالتالي : الكرام، بالضم، مثل الكريم فإذا أفرط في الكرم قلت كرام، بالتشديد، والتكريم والإكرام بمعنى، والاسم منه الكرامة؛ قال ابن بري : وقال المثلم : ومن لا يكرم نفسه لا يكرم (هذا الشطر لزهير من معلقته)؛ والكرامة : اسم يوضع للإكرام والمكرم الرجل الكريم على كل احد . والكرامة أو عزة النفس هي رصانة توحي بالوقار وتفرض الاحترام، ويقول الله تعالى عز وجل :« ولقد كرمنا بني آدم وفضلناه على كثر ممن خلقنا تفضيلا » ، ويشرح “الزمخشري” هذه الآية الكريمة كالتالي :« قيل في تكرمة بني آدم :كرمه الله بالعقل والنطق والتمييز والخط والصورة الحسنة والقامة المعتدلة وتدبير أمر المعاش والمعاد » ، فالله سبحانه وتعالى ميز الإنسان وزوده بكرامة لم تزود بها باقي المخلوقات وقد خص بالكرامة “بني آدم” جميعا فلم يخص بها المسلمين أو العرب فقط بل انعم بالكرامة والتكريم على البشر كافة أي الإنسان مهما كان دينه أو لغته أو جنسه أو عرقه أو لونه. والكرامة فضيلة ونعمة وحق لا يقبل التصرف، وتوجد ثلاثة تعريفات لمبدأ الكرامة :
* المقاربة الاجتماعية للثورة الفرنسية : تعتبر الكرامة ميزة مرتبطة بالإنسان ويمكن مقارنتها بالاحترام وبالحرية وبالمساواة، وهدفها حماية الإنسان بصفة عامة وهي النتيجة الحتمية للمساواة وانعدام التمييز والحرية، وتفرض الكرامة الإنسانية وجود نظام اجتماعي مؤسس على المساواة والحرية والإخاء والعدل والمسؤولية.
* المقاربة الكونية لحقوق الإنسان : الكرامة قيمة يحتج بها على الإنسان من قبل الغير، إنها من مكونات النظام العام وهي مصطلح تطور ليصبح مبدأ الغاية منه حماية “الإنسانية” داخل كل إنسان والتأكيد على أن الإنسان كقيمة لا يقدر بثمن وان لا إنسانية للإنسان دون كرامة، فالفرق بين الكرامة وانعدام الكرامة إنسانية الإنسان لا حيوانيته وبذلك فالكرامة هي كل ما لا يمكن للإنسان التخلي عنه وإلا فقد إنسانيته.
* المقاربة التقليدية : الكرامة ميزة مرتبطة ومتصلة بمهنة أو بسلك أو برتبة وظيفية أو بمهمة رسمية وتكون في هذه الحالات غايتها حماية الشخص حتى يتمكن من أداء مهامه وغالبا ما تسمى بالحصانة، وهذه المقاربة هي التي تهم موضوع هذه المحاضرة باعتبار تناولها لكرامة المحامي التي تعد مبدأ غير قابل للتصرف ، خاصة أن مبدأ الكرامة من المبادئ التي يستوعبها مبدأ الشرف الآتي تعريفه.
ب/ مبدأ الشرف : يمكن تعريف الشرف لغة كالتالي : الشرف : الحسب بالآباء، شرف يشرف شرفا وشرفة وشرافة، فهو شريف، والجمع أشراف. غيره : والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء. ويقال : رجل شريف ورجل ماجد له آباء متقدمون في الشرف. قال : والحسب والكرم يكونان وان لم يكن له آباء لهم شرف. والشرف مصدر الشريف من الناس. ويقال هو شرف قومه وكرمهم أي شريفهم وكريمهم، واستعمل “أبو اسحق” الشرف في القرآن فقال : اشرف آية في القرآن آية الكرسي. وقد شرفه وشرف عليه وشرفه : جعل له شرفا؛ وكل ما فضل على شيء، فقد شرف. وشارفه فشرفه يشرفه فاقه في الشرف؛ عن “ابن جني” . ومبدأ الشرف الذي ورد بالفصول الثالث والخامس والثاني والستون والرابع والستون من القانون المنظم لمهنة المحاماة يستوعب الكرامة والترفع والتعقل وغيرها من المبادئ الأصيلة التي من واجب المحامي أن يتحلى بها في حياته الخاصة وداخل مهنة المحاماة، فالمحامي يقسم عند أدائه اليمين المهنية على أن يؤدي مهامه بأمانة وشرف، ولطالما كان هذان المبدآن يعبران عن أسمى المعاني ففيهما الصدق والنزاهة وفيهما أيضا الشجاعة والشهامة . لذا فانه لا يمكن التطرق إلى موضوع “كرامة المحامي وشرف المهنة” دون تقديم تعريف للأخلاق في المحاماة.
ثالثا : الأخلاق في المحاماة
لئن لم يكرس القانون المنظم لمهنة المحاماة في تونس بصفة صريحة الواجبات الأخلاقية للمحامين إذ لم يخصها بأحد أبوابه وذلك عكس القوانين المنظمة لمهنة المحاماة في المدرسة الانجلو أمريكية إلا انه قد أدرج بصفة عامة المبادئ الأخلاقية كواجب على المحامي وذلك في الفصول الأول والثاني والثالث والخامس والسادس عشر والتاسع والعشرون والتاسع والثلاثون والثاني والستون والرابع والستون ومن ثمة فان المبادئ الأخلاقية تعد مصدرا مهما من بين المصادر التي اعتمد عليها المشرع التونسي في سنه للقانون الحالي المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، وقد تضمن هذا القانون تسعة مبادئ أخلاقية هي الآتي ذكرها :
- 1- الحرية.
- 2- الاستقلالية.
- 3- الأمانة.
- 4- الشرف.
- 5- سر المهنة.
- 6- الاستقامة.
- 7- الاعتدال.
- 8- اللياقة.
- 9- واجب الزمالة.
غير أن المشرع التونسي لم يقم بتعريفها أو تفسيرها إنما استخدمها ضمن فصول القانون المنظم للمهنة بصفة عرضية إلى جانب كونه لم يوضح ما إذا كان أوردها على وجه الحصر أم على سبيل الذكر ، لكن من المؤكد أن المبادئ الأخلاقية المذكورة التي كرسها القانون المنظم لمهنة المحاماة في تونس قد وردت على سبيل الذكر بصفة عامة مما يجعلها محملة ومستبطنة للعديد من المبادئ الأخلاقية الأخرى التي لا يمكن بأي حال من الأحوال التغافل عنها وعدم اعتمادها. فمبدأ واجب الزمالة أو روح الزمالة كما يصطلح على تسميته زملائنا بالمملكة المغربية والذي ورد بالفصل الثاني والستون من القانون المنظم للمهنة في تونس يستوعب احترام الزميلات والزملاء، تقدير وتبجيل شيوخ المهنة وإكرامهم، التأدب من حيث السلوك واللفظ بمحضرهم وعدم القدح فيهم وفي أعمالهم إن داخل المهنة أو خارجها. ومن ثمة فان الأخلاق تعد من المصادر الأساسية التي اعتمد عليها المشرع التونسي في سنه للقانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة .
وإذا كان المشرع التونسي لم يدرج بالقانون المنظم للمهنة كافة الأخلاق المهنية فان المشرع في الولايات المتحدة الأمريكية قد دون جميع تفاصيل السلوك الأخلاقي الواجب على المحامي التحلي بها وذلك نظرا للتباين في وتيرة تطور مجهودات تقنين أخلاقيات مهنة المحاماة من بلد إلى آخر، فوتيرة عملية تقنين أخلاق المهنة بالولايات المتحدة الأمريكية مثلا تعد أسرع منها في تونس لان الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على فقه قضاء المحاكم الفدرالية في كل ولاية ومن ثمة فهنالك تباين في الأعراف والقوانين مما جعل هيئة المحامين بالولايات المتحدة الأمريكية « American Bar Association » تقوم بسن قواعد أخلاقية موحدة لجميع المحامين الأمريكيين دون أن تكون ملزمة لهم، حيث تم اعتمادها في جل الولايات ما عدا ولايتي “كارولينا الشمالية” و”كاليفورنيا” اللتان فضلتا اعتماد قواعد أخلاقية خاصة بهياكلها المهنية والمحلية، لكن تجدر الإشارة إلى أن الولايات التي تعتمد هذه القواعد الأخلاقية تصبح ملزمة بها كليا كأي قانون فدرالي. فقد انطلقت هيئة المحامين بالولايات المتحدة الأمريكية في مشروع جمع وتقنين أعراف وأخلاق مهنة المحاماة بهذه الدولة الفدرالية منذ سنة 1908 فأصدرت ما يصطلح على تسميته اختصارا ب AB’A أي AB’As Canons of Ethics وقد تم صلب هذا المرجع تقنين جملة من القواعد الأخلاقية من أهمها صون شرف المهنة والحفاظ على هيبتها والحفاظ على السر المهني الخ. ثم أصدرت هيئة المحامين بالولايات المتحدة الأمريكية عديد النصوص التكميلية وأهمها :
– Arbitration and Mediation : Code of Ethics of ABA for Arbitration in Commercial Disputes and Standards of Conduct for Mediators.
– Professionalism in General : ABA. فكانت اللجنة المكلفة بتقنين أخلاق المهنة صلب هيئة المحامين بالولايات المتحدة الأمريكية تدعو كلما رأت لزوم تقنين أعراف أو قواعد أخلاقية جديدة المحاميات والمحامين إلى الاجتماع لإقرارها بالتصويت على هذه المبادئ الجديدة حتى تصير ملزمة لهم إن في حياتهم الخاصة أو داخل اطر المهنة. من ثمة نستشف أهمية موضوع “كرامة المحامي وشرف المهنة” من حيث كون الأخلاق تعد الدعامة الأساسية للمحامي ولمهنته، كما انه من دواعي اختياري لهذا الموضوع “كرامة المحامي وشرف المهنة” كمحاضرة لختم التمرين أن كلا من القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة في تونس والنظام الداخلي قد تضمنا بعض المبادئ والأعراف التي تقوم عليها أخلاقيات المهنة لكن على سبيل الذكر كما أن كليهما قد اغفلا العديد من هذه القواعد الأخلاقية، في حين قامت قوانين المهنة وأنظمتها الداخلية ببعض الدول على غرار الولايات المتحدة الأمريكية بتقنين أخلاقيات المهنة صلب قانون ضم أيضا جميع الأعراف التي تتعلق بمهنة المحاماة. ولئن كان المشرع التونسي محقا في عدم صياغة جميع القواعد الأخلاقية التي تتغير وتتجدد تبعا لتطور المجتمع اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا إلا انه أصبح من الضروري أمام ما يصيب المجتمع من رجات اجتماعية واقتصادية وسياسية أن يراجع المشرع هذا المنحى. ففي تقديري أصبح لا بد من تنقيح قانون المهنة بتوضيح المبادئ الأخلاقية التي وردت صلبه وإضافة المبادئ التي وقع إغفالها مع تخصيص باب يتناول القواعد الأخلاقية التي تستوعبها وتستبطنها تلك المبادئ الأخلاقية والتأكيد على قوتها الإلزامية من خلال النص على العقوبات التي تترتب عن الإخلال بها.
كما اعتقد انه لا بد أيضا أن تتحمل هياكل المهنة مسؤوليتها الأخلاقية في هذا المجال وخاصة مجلس الهيئة الوطنية للمحامين وذلك بان يأذن بإحداث لجنة استشارية تضم كفاءات من المحامين طبقا للنظام الداخلي تتولى بمساعدة المجلس العلمي وبعض أعضاء مجلس الهيئة وبعض العمداء السابقين وشيوخ المهنة ضبط جميع المبادئ والأعراف والقواعد المكونة لأخلاقيات المهنة في مشروع ل “ميثاق شرف المهنة” ومن ثمة عرضه على جلسة عامة خارقة للعادة يدعو إليها السيد العميد طبق القانون المنظم للمهنة لمناقشة هذا الميثاق والمصادقة عليه ديمقراطيا من قبل المحاميات والمحامين وذلك أسوة بعديد الدول العربية ومنها لبنان ، ولا أظن السيد العميد يخالفني الرأي وهو الذي اشرف على تنظيم الحلقات التكوينية في أخلاقيات المهنة لمدة ثلاث سنوات عندما كان رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بتونس، خاصة انه مع العدد المتزايد من الشباب الوافدين على المهنة الذين أصبحوا يمثلون ثلثي المرسمين بجدول المحامين والى جانب أن اغلبهم من الشباب وجل هؤلاء الشبان ولجوا المحاماة عبر شهادة المرحلة الثالثة وليس عن طريق دروس شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة فان البعض منهم لا يعرف شيئا عن هذه المهنة ولا عن قانونيها الأساسي والداخلي ولا عن تقاليدها التي تعتبر بمثابة القانون . إذن من هنا تكمن أهمية موضوع “كرامة المحامي وشرف المهنة” وتبرز مبررات اختياره، وبما أن هناك إجماع على تعدد المبادئ الأساسية والأعراف التي تتكون منها أخلاقيات المهنة، وعلى انه من ابرز هذه المبادئ مبدأي الكرامة والشرف نظرا للارتباط الوثيق لمبدأ الكرامة بالمحامي ولمبدأ الشرف بالمحاماة، وعلى أن هذين المبدأين كغيرهما من المبادئ الأساسية المكونة لأخلاقيات المهنة يستوعبان مبادئ أخرى، وعلى أن شرف المهنة يستوعب كرامة المحامي لكون المشرع التونسي استخدم عبارة الشرف لأنها تستوعب معاني الاستقلالية والحرية، إلى جانب القيم الإنسانية التقليدية السامية كالعلو والعزة والكرامة ، فقد أصبح حريا أن نتناول موضوع محاضرة ختم التمرين هذه “كرامة المحامي وشرف المهنة” من خلال محاولة الإجابة عن الإشكالية التالية : ماهي تجليات مبدأي الكرامة والشرف وسبل صونها كواجب وكحق بالنسبة للمحامي ولهياكل المهنة ؟ للإجابة عن هذه الإشكالية سنتناول موضوع “كرامة المحامي وشرف المهنة” من خلال التصميم التالي : المبحث الأول : الكرامة والشرف بالنسبة للمحامي المطلب الأول : في حياته الخاصة المطلب الثاني : داخل اطر المهنة المبحث الثاني : الكرامة والشرف بالنسبة لهياكل المهنة المطلب الأول : الرقابة والردع المطلب الثاني : الالتفاف حول الهياكل وتفعيل قراراتها وبرامجها خاتمة
المبحث الأول : الكرامة والشرف بالنسبة للمحامي
تعد كرامة المحامي وشرف المهنة من واجبات المحامي الأساسية التي لا محيد ولا تنازل عنها، كما أنها في ذات الوقت حقوق أساسية لا يمكن للمحامي أن يمارس رسالته النبيلة دونها فما من سبيل للمحاماة أن تكون جوانبها المتعددة متماسكة متراصة إذا ما وقع المساس بكرامة المحامي التي هي من شرف المهنة فكيف ذلك ؟
المطلب الأول : في حياته الخاصة
يتوجب على المحامي أن يصون كرامته التي هي من شرف المحاماة خارج اطر المهنة وذلك في حياته الخاصة، فقد أجمعت جميع التشريعات المقارنة المتعلقة بالمحاماة على وجوب تحلي المحامي بالأخلاق الحميدة والسلوك السوي والكرامة والشرف حتى في حياته الخاصة. وقد نص الفصل الرابع والستون من القانون المنظم لمهنة المحاماة في تونس على انه :« يؤاخذ تأديبيا المحامي الذي يخل بواجباته أو يرتكب ما ينال من شرف المهنة أو يحط منها بسبب سلوكه فيها أو سيرته خارجها » ، من ثمة فهذا الفصل يحذر المحامي من مغبة النيل من شرف المهنة أو الحط منها بسبب سيرته خارجها. فسلوك المحامي في حياته اليومية لا بد أن لا تلوثه الشبهات أو المآخذ فعلى كل محامية أو محام أن يكون بمثابة سفير للمهنة أينما كان وكيفما كان وان ينأى بنفسه عن كل ما يمكن أن يمس من كرامته وشرف مهنته.
لكن عبارة “سيرته خارجها” وردت عامة غير أن النظام الداخلي للهيئة الوطنية للمحامين كان واضحا لما الزم المحامي بالتحلي في حياته الخاصة بالسلوك القويم واجتناب كل عمل يمس بالشرف والكرامة وأخلاقيات المهنة . فالمؤكد انه على المحاميات والمحامين أن يجتنبوا كل تصرف من شانه أن يمس بكرامتهم وشرف مهنتهم فعليهم أن يتحلوا بالأخلاق الحميدة ولا يأتوا ما ينافيها فلا يتلفظوا بما يشين ولا يرتدوا لباسا غير محترم يهز من مكانتهم، فهندام المحامي لا بد أن يكون لائقا ومحترما فعلى المحامي حتى في حياته اليومية أن يرفل في ثياب جديرة بالاحترام تضيف رفعة إلى رفعة علمه وجلال قدره فهندام المحامي كالشكل في الدعوى، فإذا لم تكن مقبولة شكلا فان القاضي لا ينظر فيها من حيث الأصل، وليست لياقة الشكل صنو البذخ المظهري وإنما هي حرص على مقومات الاحترام ، فمن واجب المحامي أن يكون مظهره لائقا ومحترما وان يعتني بهندامه . فرسالة المحامي في حد ذاتها غير عادية تخضع لقانون الشرف ، فحتى يمارس المحامي مهنته بنبل لا بد أن يدرك بوضوح أن المحاماة رسالة في كل ما يقوم به وأنها شرف في كل ما يزاوله، ففي كل ما نقوم به من أعمال على اختلاف أنواعها يجب أن نكون متخلقين متمسكين بثوابت الشرف والأمانة التي أدينا قسمنا من اجلها .
فعلى المحامي أن يتوفر على أخلاق أسمى من أي مواطن وكرامة المحامي تفرض عليه احترام الغير مثلما تفرض عليه احترام نفسه حتى يفرض احترام الغير له، فلا يعقل قبول أن يسير المحامي ثملا يوم الأحد ثم يلج في اليوم الموالي المحكمة ويرتدي زي المهنة . فأخلاقيات المهنة لا بد من احترامها حتى في الحياة الخاصة للمحامي فقد اعتبرت هيئتي المحامين بفرنسا وببلجيكا أن المحامي الذي ارتكب حادث مرور وهو في حالة سكر قد اخل بواجباته المهنية وان ما أتاه خارج اطر المهنة قد مس بشرف المحاماة مما يقتضي إيقافه عن العمل .
أيضا لا يستساغ أن ينوب المحامي في قضية نفقة أمام المحكمة بينما في حياته الخاصة لا ينفق على زوجته وأبنائه . كما أن عدم سداد المحامي لديونه وفسح المجال أمام دائنيه لمقاضاته يمس كرامته وينال من شرف المهنة. وواجب صون المحامي لكرامته وشرف مهنته حتى خارج اطر المهنة ارث مشترك بين جميع المحامين في العالم فقد تم شطب احد المحامين من الجدول لأنه طالب بجواز سفر ليصطحب أرملة إلى الخارج مدعيا أنها زوجته . وتنتهك كرامة المحامي وشرف المهنة عندما يجتمع بعض المحامين في المقاهي أو غيرها من الأماكن لذم زملاءهم، سواء كانوا منتخبين على مستوى الهياكل المهنية أم لا. وكرامة المحامي وشرف المهنة تهتزان لما يرتكب المحامي حادث مرور ويلوذ بالفرار. إذن بصفة مجملة فان كرامة المحامي وشرف المهنة تشوبها الشوائب كلما خرق المحامي القانون أو أتى عملا منافيا للتقاليد والأعراف المهنية أو أقدم على أي قول أو تصرف أو عمل يتعارض مع الأخلاق الحميدة بصفة عامة ومع الكرامة الإنسانية والشرف بصفة خاصة إذ أن المحامي ممنوع من إتيان أي عمل يتنافى وكرامة المهنة ، وهذا ما ينطبق على المحامي أيضا داخل اطر المهنة.
المطلب الثاني : داخل اطر المهنة
يمارس المحامي رسالته النبيلة داخل المهنة في علاقة بأطراف متعددة ومتشابكة مما يفرض عليه صون كرامته وشرف مهنته في علاقة بهياكل المهنة وبزملائه وبحرفائه وبمساعديه وبالسلطة القضائية وبالإدارات والمؤسسات العامة والخاصة ومساعدي القضاء وبموظفي المحاكم وبالخصوم والشهود خاصة أن الشرف ليس مجرد صفة يتحلى بها المحامي إنما هو شرط قانوني من شروط المباشرة يجب أن يراعيه في سلوكه وعمله في مهنة المحاماة ويحاسب عليه كلما اخل به .
1/ في علاقة بهياكل المهنة : يجب على المحامي أن يساهم في مساعدة هياكل المهنة على صيانة حرمة الدفاع لما في ذلك من حفاظ على كرامة المحامي وشرف المهنة فمن واجب المحامي أن يتصدى لكل اعتداء على حرمة الدفاع ، وفي هذا الإطار يجب على المحامي إذا ما تعرض إلى عوائق أثناء أو بمناسبة مباشرته للمهنة أن يعلم بذلك فورا رئيس الفرع الجهوي للمحامين المختص . ويتوجب على المحامي أن لا يستجيب لقرارات الانتداب والتسخير والإعانة العدلية في حالة صدور قرار بعدم قبولها من قبل هياكل المهنة . ويلتزم المحامون بالالتفاف حول هياكلهم المنتخبة ودعمها واحترامها صونا لوحدة المحاماة التي في غيابها ينفرط عقدهم فتضيع كرامتهم ويدنس شرف مهنتهم . إن كرامة المحامي لا تتحقق إلا باحترامه لهياكل المهنة وعلى رأسها السيد العميد فالعمادة إلى جانب كونها مؤسسة قانونية فإنها أيضا رمز المهنة وشرفها، فلا كرامة للمحامي إذا ما وقع النيل من شرف المهنة. وتسهر هياكل المهنة على صيانة كرامة المحامي خلال أو بمناسبة أدائه لواجبه ، كما أن أعضاء هياكل المهنة ملزمون في صورة حصول إشكال أثناء قيام المحامي بواجبه المهني أن يتدخلوا على الفور بهدف ضمان احترام الدفاع صونا لكرامة المحامي وشرف المهنة وان يعلموا العميد ورئيس الفرع الجهوي المختص فورا ليتدخلا بدورهما حالا ، مع العلم أن المحامي الذي يتعرض لإشكال أو صعوبات بمناسبة أو خلال أداء مهامه المهنية أن يعلم في الإبان رئيس الفرع المختص ، وعلى العميد ورئيس الفرع أو من ينوبهما أن يحرصوا على رد الاعتبار للمحامي الذي مست كرامته خلال أو بمناسبة أدائه لواجبه .
2/ في علاقة بزملائه : يجب أن تسود الأخلاق الحميدة والتضامن والتكافل علاقة المحامي بزملائه ففي تونس – على عكس الدول التي اكتسحتها التجمعات المهنية والشركات العالمية للمحاماة حيث التعارف والتعامل الشخصي بين المحامين شبه غائب – تظل العلاقات الشخصية والاحتكاك بين المحامين سمة يومية. غير أن المشرع التونسي لم يحدد صلب القانون المنظم للمهنة بدقة الواجبات المحمولة على المحامي تجاه زملائه إذ نص فقط على أن هياكل المهنة تختص بمراقبة صيانة مراعاة واجبات الزمالة . والمحامون ملزمون بالتقيد عند مباشرتهم للمهنة بجملة من المبادئ من بينها مبدأ احترام واجبات الزمالة وواجب التضامن فيما بينهم .
ومن واجب المحامين أن يتقيدوا خلال الجلسات العامة أيا كان صنفها أو الغاية منها بقواعد الزمالة . كما انه إذا وقع إشكال خلال أداء المحامي لواجبه المهني فعلى أقدم المحامين المتواجدين أن يتدخل لفض المشكل في صورة عدم تواجد ممثل لهياكل المهنة . ولا يجوز أن يضمن المحامي المقالات التي ينشرها كل ما من شانه أن يحط من قيمة زملائه .
ويمكن للمحامي استعمال الانترنت ووضع موقع للواب على أن يكون الموقع محترما لعلاقات الزمالة . وعلى المحامين أن يحترموا بعضهم وان تسود الثقة فيما بينهم، واحترامهم لبعضهم يكون في تقاريرهم التي يحبرونها ومرافعاتهم وجميع أعمالهم داخل اطر المهنة وحتى خارجها وذلك بعدم تجريحهم أو التشهير بهم فالكرامة تمس وشرف المهنة يهدر لما يتهجم المحامي على شخص زميله أو يجرح زميله سواء خلال جلسات المحكمة أو بمناسبة تقديمه لاستشارة أو أثناء القيام بالإجراءات أو تقاريره أو مراسلاته . وعلى المحامي الذي رسخت قدمه بالمهنة أن يحيط المحامين الجدد بإرشادهم ونصحهم، بينما على الوافدين الجدد على المهنة أن يحترموا زملائهم الأقدم عهدا بالمهنة ، فالمحامي الذي تتوفر فيه الشروط القانونية أن يقبل الوافدين الجدد على المهنة كمتمرنين وان ينصحهم ويرشدهم فالمحامي يجب أن يفيد غيره بخبراته ونصائحه فكيفما درب المحامي زميله جديد العهد بالمهنة تكون محاماة الغد. والمحامي لما يقدم تقريرا للمحكمة ملزم بان يمد زميله بنسخة من تقريره وان لا تكون هذه النسخة مستنقصة من إحدى الحيثيات الهامة المؤثرة على سير النزاع، وإذا حضر بالنيابة عن زميل له فعليه نيابته على أكمل وجه كل ذلك صونا لمبدأ المواجهة وحقوق الدفاع التي هي من شرف المهنة ، فعليه أن يمثل زميله بالجلسة أحسن تمثيل إذا ما طلب منه ذلك وان يجتهد في ذلك وان يبذل جميع مجهوداته كي يبلغ صوت زميله للمحكمة في حق من ينوبه فالتخلف عن نيابة الزميل غير أخلاقي وفيه تنكر لواجب الزمالة مما يمس بكرامة الزميل وشرف المهنة .
ولا يحق للمحامي الاستناد إلى المراسلات المكتوبة والالكترونية والهاتفية المتبادلة بينه وزميله في دفاعه إلا بإذن خاص وصريح من زميله الصادرة عنه ويمنع عليه منعا باتا تسجيل المحادثات الهاتفية بينه وزميله في تقاريره أو مرافعاته ، وهو نفس ما اقره النظام الداخلي لهيئة المحامين بالرباط بمنعه إفشاء سرية المراسلات بين المحامي وزميله . والمحامي ملزم قبل أن يعلن نيابته في قضية سبق لزميله أن ناب فيها أن يشعره شخصيا بذلك، وفي حالة ما إذا تخلى زميله أو اعفي من نيابته في القضية فيتوجب على المحامي الذي خلفه أن يتأكد من الوفاء بأتعاب زميله المتخلي أو المعفى كلها وعند الاقتضاء أن يسعى في سبيل حصول زميله على أتعابه .
ويمنع على المحامي أن يستميل مساعدي زميله المباشرين لانتدابهم بل أكثر من ذلك هو مدعو إذا ما رغب في انتداب مساعد سابق لزميله أن يشعره بذلك سلفا صونا لكرامة زميله. وإذا ما رام المحامي أن ينوب ضد زميله أو أن يقدم شكاية أو دعوى أو أن يتخذ أي إجراء ضده أن يعلم رئيس الفرع الجهوي طبق القانون وان يشعر زميله بذلك وان يسعى إلى حل الإشكال وديا صونا لشرف المهنة . ويداس شرف المهنة عندما يستهزأ المحامي بشخص زميله أو يستغل زميله المساعد أو المتمرن بمكتبه أو بمكتب آخر في جلب الحرفاء أو الوساطة أو اقتسام الأتعاب معهم . وعلى المحامي المترشح لهياكل المهنة أن لا يمس بكرامة زملائه المترشحين لانتخابات الهياكل المهنية .
ويجدر بالمحامي أن يمتنع عن التشهير بزميله بمقال صحفي أو أن يرفع ضده شكاية كيدية يهدف من ورائها إلى الإساءة إليه ، وفي هذا السياق الزم المشرع السويسري المحامي بان يمتنع عن أي تهجم على شخص زميله خلال أداء واجباته . فالمحامي مدعو إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع زملائه فالانتماء لنفس المهنة وارتداء الزي ذاته ورفع لواء واحد يتمثل في إقامة العدل قواسم مشتركة تعد خير محفز للمحامين حتى ينبذوا خلافاتهم مهما تنافرت آرائهم ومشاربهم وتوجهاتهم السياسية صونا لكرامتهم وشرف مهنتهم.
3/ في علاقة بالحرفاء : نظم المشرع التونسي علاقة المحامي بحريفه بالقانون المنظم لمهنة المحاماة ، فكرامة المحامي تهان وشرف المهنة يدنس عندما يأتي المحامي أعمالا ترمي إلى استجلاب الحرفاء واستمالتهم ، أو أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت أداته فالمحامي ليس بضاعة تستهلك حتى يقوم بالإشهار لشخصه بأي وسيلة كانت فذلك يتنافى مع كرامته وشرف مهنته . فالمحامي الذي يفتش عن الحرفاء ويتسول ملفات القضايا إن مباشرة أو بواسطة السماسرة والوسطاء، لا يخدش كرامته فقط بل يطعن في الصميم استقلاليته ويفقد مصداقيته أمام الحرفاء وزملائه وكل من يتعامل معهم فتضحي سمعته في الحضيض، فإتيان المحامي هذا العمل غير الأخلاقي باستجلاب الحرفاء برهان قاطع على فشله في إثبات وجوده كمحام ناجح بين زملائه، ومن الأمثلة على الأساليب الرخيصة التي يقترفها البعض لاستجلاب الحرفاء التنقل إلى مقرات الشركات والمؤسسات العامة والخاصة أو مقابلة بعض الأشخاص من رجال الأعمال والتجار وغيرهم بالمطاعم والمقاهي والملاهي الليلية وغيرها من الفضاءات العامة بهدف عرض خدماتهم بمقابل بخس أو بمنحهم نسبة من الأتعاب يتفقون عليها معهم، ونفس الأمر ينطبق على علاقة هؤلاء ببعض رجال الأمن الفاسدين، أو أن يلجا بعض المحامين إلى توجيه مراسلات للشركات والمؤسسات العامة والخاصة يستجدونها فيها تمكينهم من ملفات قضايا كي ينوبوا فيها مما يؤدي إلى ضرب استقلالية المحامي ماديا ومعنويا .
كما يحجر على المحامي أن يستخدم الوسطاء ولو دون مقابل ا وان يوحي بأي نفوذ أو رابطة حقيقية كانت أم وهمية بأي جهة كانت بغرض استجلاب الحرفاء أو ربح الدعاوي، ويمنع على المحامي أن يقدم تسبقة مالية لحريف هالا ما تستوجبه الأعمال التحضيرية لضمان صحة إجراءات الدعوى .
لكن من حق المحامي أن يطالب حريفه بتسبقة غير مشطة إضافة إلى مصاريف الأعمال التحضيرية كما انه من حقه أن يطالب حريفه بأتعاب إضافية في حالة ما إذا تفرعت أعمال أخرى عن العمل المتفق عليه لم تكن معلومة زمن الاتفاق الأول ، غير أن كرامة المحامي ترذل الأمر الذي يدنس شرف المهنة عندما يطلب المحامي أتعابا مبالغا فيها، فهو ملزم بان يقوم بتقدير أتعابه باعتدال في منأى عن الشطط والإسفاف طبقا للاتفاق المنعقد بينه وحريفه ومعايير تقدير الأتعاب ومراعاة التحاجير المنصوص عليها بالقانون . لكن الحرص على عدم المغالاة في قيمة الأتعاب المطلوبة من الحريف لا يعني البتة أن تكون الأتعاب متدنية لان ذلك فيه مساس بكرامة المحامي وفي نفس الوقت فان القبول بأتعاب متدنية يعد من قبيل المنافسة غير المشروعة التي يؤاخذ عليها المحامي تأديبيا . كما أن المحامي يمس بشرف المهنة ويهين نفسه إذا ما تصرف في ودائع موكله لفائدة مصالحه الخاصة ، فعليه تسديد الأموال الراجعة لحرفائه خلال الآجال القانونية مقابل وصل كتابي .
وحتى لا يهتز وقار المحامي الذي يجب أن يتحلى به صونا لشرف المهنة وكي لا يتسبب في الانتقاص من احترام حريفه له مما يمس بكرامته فان على عاتقه أن يتخذ مكتبا لائقا لمزاولة المهنة ، وان لا يجمع بين سكناه ومكتبه المهني فيستقبل حريفه وهو بلباس النوم في منظر يشمئز منه ، وان لا يستقبل حريفه وهو تحت تأثير الكحول ، ويمكن أن يستقبل حريفه بمكتب زميله فهو مجبر على أن يقدم إرشاداته بمكتب محام. ويتعين على المحامي أن يحافظ على السر المهني لمنوبه ولو بعد انتهاء نيابته ويسري هذا الواجب على مساعديه ، فإفشاء السر المهني أو سرية التحقيق يعد مساسا من كرامة المحامي وشرف المهنة ، ويجب أن يكون مكتبه كفيلا بالحفاظ على السر المهني ، فالقسم الذي يؤديه المحامي فيه تعهد بحفظ السر المهني يسال عنه يوم الدين وقد اقره المشرع التونسي في الفصول الخامس والتاسع والعشرون والتاسع والثلاثون من القانون المنظم لمهنة المحاماة .
ويجب أن تسود علاقة المحامي بحريفه الصدق والثقة التامة ، فلئن كان الكذب محرما دينيا وغير مقبول حتى من عامة الناس، فانه مذموم أكثر عندما يصدر عن المحامي، فالكذب يحط من كرامته ومنزلته أمام حريفه وأمام زملائه وأمام القضاء ، فكتم الحقيقة على الحريف وعدم مده بكافة الإيضاحات المتعلقة بالدعوى أو مده بإرشادات خاطئة أو مكذوبة عن مال الدعوى يمثل إهدارا لمبادئ الكرامة والنبل والتعفف والصدق التي يستوعبها مبدأ شرف المهنة.
ويتعين على المحامي أن يمد منوبه بعدد القضية ومواعيد الجلسات وسيرها ومالها حتى وان خسر القضية فمده حريفه بمعلومات خاطئة أو مكذوبة يهز سمعته ويمس بكرامته وشرف مهنته، فالمحامي ملزم بان يصدق منوبه القول ويسدي له النصح . ويحبذ أن يطلع المحامي حريفه على أعماله الكتابية وان يمده بنسخ منها (عريضة الدعوى، مستندات طعن، تقرير مقدم للمحكمة، تقارير الخصم ومؤيداته، مطالب) والغاية من ذلك أن يكون منوبه على بينة من موقف دفاعه وما أنجزه من أعمال وحتى يبدي رأيه، وهذا العمل لا يعني أن المحامي ليس واثقا من كفاءته بل على عكس ذلك فان الحريف لما يطلع على أعمال محاميه يضحي على بينة من مدى اجتهاد محاميه ومآل دعواه الأمر الذي تنتفي بمقتضاه النزاعات التي يمكن أن تطرأ بين المحامي وحريفه وبذلك تبقى بينهما في كنف الاحترام المتبادل مما يحفظ كرامة المحامي ويصون شرف المهنة .
ويتعين على المحامي أن لا يستقبل خصم منوبه بمكتبه لان في ذلك شبهة تمس من صدقه ويمكن أن تزعزع ثقة حريف هبه مما يثير مشاكل المحامي في غنى عنها قد تتطور إلى ملاسنات ومشادات تهز من هيبة ووقار المحامي ومن ثمة تمس من كرامته وتلوث شرف مهنته، فحتى إن رام المحامي إجراء اتصالات تسوية مع خصم منوبه فعليه إبلاغ هذا الأخير وزميله الذي ينوب الخصم سلفا، كما لا يحق له عقد الصلح إلا اثر موافقة كتابية صريحة من منوبه . ويحجر على المحامي أن ينصح منوبه بما يخالف أخلاقيات المهنة لما في ذلك من مساس مباشر بشرف المحاماة أو أن يحرر عقدا منافيا للمبادئ الأخلاقية حتى لا تمس كرامته ولا يدنس شرف مهنته . ويعتبر من قبيل المس بكرامة المحامي وشرف المهنة أن يظل المحامي متشبثا بنيابته في الدعوى رغم عزله من قبل منوبه.
ومن غير المقبول أن يطلب المحامي من منوبه طلبات من قبيل الحصول على هدايا أو غيرها بمناسبة سفر أو غير ذلك لان هذا التصرف من شانه أن يجعل منوبه لا يتردد في التشهير به والحط بذلك من كرامته وشرف مهنته . ولقد كان المشرع صريحا بتحجيره نيابة محاميين يباشران بنفس المكتب أو شركة المحامين طرفين تتضارب مصالحهما وذلك حفاظا على مصالح المتقاضين وصونا لنزاهة المحامي التي في غيابها يفقد كرامته ويدنس شرف مهنته، وهو نفس ما ذهب إليه المشرع في الولايات المتحدة الأمريكية مع توسع هذا الأخير في دائرة ما يعتبره تضاربا في المصالح Conflict of interet نظرا لطبيعة الدعاوي بهذا البلد فالالتزام الأخلاقي للمحامي تجاه حريفه يفرض عليه أن لا ينوب طرفي النزاع في ذات الوقت أو أن يقدم مساعدة لخصم حريفه مهما كان نوعها. وبصفة عامة فانه يمنع على المحامي إتيان أي ممارسة في علاقة بحريفه تتنافى وكرامة المهنة واستقلالها .
4/ في علاقة بمساعديه : يتوجب على المحامي أن يختار كتبته من ذوي الكفاءة وغير المحكوم عليهم من اجل جرائم مخلة بالأمانة والشرف فمن واجبه أن يتثبت من سمعتهم قبل أن ينتدبهم ، وعليه أن يعلم رئيس الفرع الجهوي للمحامين المختص بذلك وان يودع بكتابة الفرع نسخة تامة من ملف كاتبه الذي يعتزم انتدابه ، فكاتب المحامي يشتغل تحت مسؤولية هذا الأخير ورقابته فالمحامي مسؤول عن الأخطاء التي يرتكبها كاتبه الذي هو بمثابة واجهة للمكتب فإذا كان كاتب المحامي يقترف أعمالا منافية للأخلاق أو مخلة بالشرف فان هذه الممارسات تنعكس مباشرة على سمعة المحامي وعلى سمعة مكتبه مما يجعله عرضة للتشهير والمساءلة فتنتهك كرامته ويداس شرف المهنة. فالكاتب خلال عمله بالمحاكم يحمل شارة بها معطياته الشخصية واسم ولقب المحامي الذي يشتغل لديه وعنوان مكتبه ، لذا فكل عمل مخل بالأخلاق يرتكبه كاتب المحامي يحسب على هذا الأخير فتهتز كرامته ويدنس شرف المحاماة جراء ذلك.
وحتى تكون مراقبة المحامي لكاتبه ناجعة صونا لكرامته وحفاظا على شرف المهنة يجب أن تكون العلاقة بينهما متينة يسودها الاحترام المتبادل، فعلى المحامي أن يمتنع عن إهدار كرامة كاتبه بان ينأى بنفسه عن احتقاره أو شتمه أو سبه فهذه التصرفات منافية لأخلاقيات المهنة وللقانون وفي اقترافها إهانة لكرامة المحامي ولكرامة كاتبه مما يجعل العلاقة بينهما متوترة فتفقد الثقة بينهما ويغيب الاحترام المتبادل وينعكس ذلك بالضرورة سلبيا على بقية مساعدي المحامي بالمكتب وعلى الحرفاء ومن ثمة على سير العمل بالمكتب وصورته وسمعة المحامي وكرامته. وحتى يصون المحامي كرامته وكرامة كاتبه فعليه أن يمنحه جميع حقوقه طبق القانون بان يمنحه أجرته الشهرية كاملة دون تأخير وان لا تكون الأجرة الشهرية لكاتب المحامي دون الأجر الأدنى المضمون، كما انه من واجب المحامي أن يقوم بالتصريح بأسماء جميع كتبته للجهات المختصة بتغطيتهم الاجتماعية وذلك بخلاص معاليم اشتراكاتهم بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن كل ثلاثية وذلك بانتظام ، هذا إلى جانب المحامي مدعو لمؤازرة كاتبه ماليا قدر المستطاع في المناسبات الاجتماعية كالزواج والأعياد الدينية أو عند نجاح أبنائهم في الدراسة أو في حالات الوفاة مما يزيد من اللحمة بين المحامي وكتبته ويجعلهم يتحفزون للعمل بجد وينمي لديهم الغيرة على مصلحة المحامي ومكتبه والحفاظ على سمعته بالمثابرة في العمل والامتناع عن أي عمل مخل بالأخلاق والشرف مما يصون كرامة المحامي وشرف المهنة ككل.
لكن تجدر الإشارة إلى انه يجب على المحامي أن لا يسمح لكاتبه بان يحبر عريضة الدعوى أو مستندات الاستئناف أو التعقيب أو الردود على هذه المستندات وغيرها أو التقارير المضافة للمحكمة لما في ذلك من مساس بنزاهته ومصداقيته أمام حرفائه وبين زملائه ولدى القضاء. كما أن المحامي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرضى بالنيابة في قضايا يستجلبها له كتبته أو أن يباشروا قضايا باسمه لما في ذلك من تلويث لسمعته مما ينتج عنه اهتزاز هيبته ووقاره الأمر الذي يستنقص من كرامته ويجعله في مواجهة إشكالات لا طائل منها.
5/ في علاقة بالقضاء : لئن اختلفت مهام المحامي عن مهام القاضي غير أن كليهما يسعيان لتحقيق العدالة لذا فانه لا يجب أن يشوب التنافس والتحدي والعداء علاقة المحامي بالقضاء فغايتهما واحدة ألا وهي تحقيق العدل وتأبيد الطمأنينة، فالمحامي عند أدائه اليمين لممارسة المهنة يحلف بان لا يتحدى الاحترام الواجب للمحاكم . ويتوجب على المحامي أن يحترم الهيئات القضائية بما يمليه واجب الاحترام المتبادل ويستحسن أن يقوم المحامي بزيارة مجاملة لرئيس المحكمة ورئيس الدائرة التي سيترافع أمامها لأول مرة .
فالمحامي ملزم في حياته المهنية باحترام القضاء واحترام القضاة كشركاء معه في إقامة العدل بين الناس . ويتعين على المحامي أن يلتزم بمواعيد الجلسات وان يتحاشى كل ما يمكن أن يعرقل السير الطبيعي لإجراءات التقاضي وفي مقابل ذلك يتوجب على القضاء أن يعقد جلساته أيضا في المواعيد المحددة لها وفي ظروف تتوفر فيها حقوق الدفاع صونا لكرامة المحامي وشرف المحاماة . وعلى المحامي أن يكون معتدلا في دفوعاته ومرافعاته ويمكن في التشريع المغربي أن يأمر القاضي بطرد الخصم أو وكيله أو أي شخص آخر من قاعة الجلسة في حالة حدوث اضطراب أو ضوضاء ، وفي حالة حدوث هذا الموقف لا شك أن كرامة المحامي قد أهدرت بل شرف المهنة ورسالة المحاماة قد مرغت بالأرض.
كما لا يجوز للمحامي أن يعتمد في تقاريره المضافة للمحاكم ومرافعاته أمامها على نصوص قانونية واجتهادات قضائية أو مراجع قانونية ناقصة أو غير صحيحة أو محررة بكيفية تتنافى والأمانة العلمية لان ذلك يمس بنزاهته ومصداقيته ومن ثمة يحط من كرامته ومن شرف المحاماة ورسالتها، فالمحامون مطالبون بالحرص على تأدية واجباتهم بما يليق برسالة المحاماة وكرامتها بمناسبة مباشرتهم لمهامهم أمام القضاء ، وفي هذا الصدد على المحامي لما يلتقي العميد في قاعة الجلسة بالمحكمة أن يتنازل له عن دوره تنفيذا لقاعدة “العميد يترافع متى شاء” ، لما للعميد من مشاغل كثيرة واحتراما له كرمز للمهنة فاحترامه وتبجيله يعد صونا لكرامة المحامين وشرف المهنة عامة.
والأمر سيان في الولايات المتحدة الأمريكية إذ يتوجب على المحامي احترام القضاء وعدم عصيانه واحترام الإجراءات المتبعة أمامه إلا إذا لم يكن هناك ما يجعل المحكمة تتمسك بإجراء ما ، فاحترام القضاء ليس خضوعا لأشخاص بعينهم أو خنوعا أمامهم بل هو التزام أخلاقي تجاه ما يرمزون له بالنسبة للمجتمع من قيم نبيلة وسامية كالعدالة والإنصاف والنظام. لكن ما سبق تبيانه والتأكيد عليه لا يفيد تخلي المحامي عن ممارسة رسالته باستقلال تجاه القضاء ماديا ومعنويا لان عدم استقلال المحامي تجاه القضاء يعد مساسا بكرامته وشرف رسالته، ومن المؤكد أن حرية المرافعة طبقا للاستعداد لها وتمكين المحامي من الاسترسال في مرافعته من ابرز سمات استقلال المحاماة عن القضاء .
ولا يمكن تناول كرامة المحامي وشرف المهنة دون التطرق إلى حصانة المحامي التي تهتز لما يقوم قاض ما بالتهجم عليه سواء بمناسبة جلسة مكتبية أو حكمية أو جلسة تحقيق أو غير ذلك فللمحامي كل الحق في أن يعامل من قبل القضاء وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب لمهنة المحاماة صونا لكرامة المحامي ولشرف المحاماة. فكرامة المحامي تنتهك عندما يقاطعه القاضي أثناء مرافعته إذ أن مقاطعة القاضي للمحامي وهو يرافع تعتبر من أبشع ما يمكن أن يجري للمحامي أثناء الجلسة، فهذا التصرف المشين ينمي الإحساس بالغبن وبالحقد والرغبة في الانتقام لدى المحامي من القاضي، فتنحط العلاقة بينهما من رسالتان توأمان تهدفان إلى غاية واحدة هي إقامة العدل إلى الذاتية والنرجسية والمشادات الكلامية والتلاسن لتتطور الأمور إلى استغلال النفوذ من قبل القاضي فينقلب قاضيا ومنتقما في الوقت ذاته.
فمقاطعة القاضي لمرافعة المحامي تقدم انطباعا سيئا عن العدالة، فالمواطن يخال انه لو أنصت القاضي للمحامي إلى نهاية مرافعته ولم يقاطعه فان الحكم سيكون لصالحه، فمقاطعة المحامي أثناء مرافعته تهضم حق الدفاع وتقلل من شان المحامي مما يهز كرامته فهذه المقاطعة التعسفية على لسان الدفاع ترهق المحامي وقد تجعله يمسك عن الكلام أو تتسبب في تلعثمه مما يجعل المحامي في شكل مهين ماس بالكرامة وبشرف المهنة ككل لأنها تعوق المحامي عن أداء رسالة المحاماة النبيلة المتمثلة في إقامة العدل، فهذه المقاطعة للمحامي أثناء مرافعته تتنافى ومهمة القاضي لأنه عندما ينطلق المحامي في مرافعته يجب على القاضي أن ينصت إليه وان لا يقاطعه. غير انه في مقابل ذلك يتوجب على المحامي أن يختصر في مرافعته بان يتفادى التكرار وان لا يتشنج وان يحترم المحكمة وهذا الاحترام متبادل بينه وبين القضاء ، ومن المحبذ أن يكون صوت المحامي وهو يترافع متوسطا فيستريح القضاة لمرافعته التي تحيد بهم عن التكرار والنمطية بتخليه عن الرتابة والمنطق المتحجر ليجنح نحو شيء من الخيال الواقعي الذي يجب أن يبقى منغرسا في تربة واقعية فيغرف مرافعاته من بحر وينحتها من صخر، فتنساب مرافعاته في جرأة شفوية منضبطة جدا لاستراتيجيات الحديث اللفظي مرصعة بنقط الالتماس وموشحة رغم صرامتها بلغة العاطفة التي تستدعي السامع نحو التعاطف .
ومن المظاهر السلبية التي تنم عن عدم احترام القضاء وعن استهتار بعض المحامين للأسف استعمالهم لهواتفهم الجوالة وهيئة المحكمة منتصبة وقد يؤدي ذلك إلى إبداء المحكمة ما يمس من كرامة المحامي ومن ثمة شرف المهنة أمام المتقاضين وعموم الناس الحاضرين. وعلى المحامي أن يرتدي زي المحاماة عند حضوره أمام المحكمة ، وبمناسبة قيامه بواجباته المهنية داخل المحاكم فلا يمكن أن يحضر المحامي أمام الهيئات القضائية أو التأديبية لهياكل المهنة أو أن يباشر إجراءات التقاضي غير مرتد لزي المحاماة ، أو أن يباشر واجباته المهنية التي تستوجب ارتداء زي المهنة بزي ممزق أو دون أزرار أو متسخ .
6/ في علاقة بالإدارات والمؤسسات العامة والخاصة ومساعدي القضاء : على المحامي أن يحرص في علاقته بالإدارات العمومية والمؤسسات بمختلف أنواعها وبمساعدي القضاء من عدول اشهاد وعدول تنفيذ وخبراء وغيرهم على أن يسود الاحترام المتبادل بينه وبينهم وان يتجنب أي ضغط أو إغراء مادي أو معنوي صونا لكرامته ، فمن واجب المحامي أن تكون علاقاته متسمة بالاحترام المتبادل مع جميع مساعدي القضاء ، وان يتصرف بصورة لائقة مع موظفي الإدارات العامة .
7/ في علاقة بموظفي المحاكم : يحتك المحامي بهذه الفئة من الموظفين بشكل يومي عندما يقوم بمهامه داخل المحاكم من إطلاع على الملفات وتصويرها أو استرشاد عن مآل القضايا أو استرجاع المؤيدات أو إضافة تقارير أو استخراج أحكام بمختلف أنواعها أو نشر للدعاوي أو إيداع شكايات واسترشاد عن مآلها أو الحصول على أذون على عرائض أو اكساء للتسعيرات بالصبغة التنفيذية أو استخراج شهادات نشر أو شهادات في نصوص أحكام وغير ذلك. لذا من المفروض أن يسود علاقات المحامي بهذه الطائفة من الموظفين الاحترام المتبادل ويستحسن أن يكون المحامي صبورا مع هذه الطائفة حتى لا يقع في التشنج وما قد ينتج عنه من مساس بكرامة المحامي، غير أن صبر المحامي على كتبة المحاكم لما يعانونه من ضغط نتيجة قلة العنصر البشري المؤهل ونظرا للاكتظاظ وتراكم الدعاوي وقلة التجهيزات لا يعني البتة أن يكون المحامي ضعيفا أو متخاذلا تجاه موظفي وأعوان المحكمة أو مضحيا بكرامته وشرف مهنته متخليا عن واجباته وأداء رسالته فاحترام المحامي لهذه الطائفة من الموظفين لا يكون بالقدر الذي ينقلب إلى إهدار لكرامته أو أن يتخلى عن حقه إن أساءوا إليه، كما أن المعاملة الحسنة لهم لا تعني أبدا أن يتهاون في حقوق منوبيه ومصالحهم .
8/ في علاقة بالخصوم والشهود : يتعين على المحامي أن لا يعرض كرامته لما يشوبها خلال تعامله مع خصوم منوبيه لذا فهو ملزم بان يعامل خصوم ومنازعي منوبه في إطار الاحترام المتبادل ، ومن حق المحامي أن يقابل شهود منوبيه لكن يمنع عليه أن يؤثر عليهم ليحملهم على تغيير شهاداتهم أو لدفعهم إلى كتم الحقيقة لما في هذه التصرفات اللااخلاقية والمخالفة للقانون من ضرب لشرف المهنة ورسالتها السامية في الصميم . وبصفة عامة فالمحامي يمارس مهمته داخل اطر المهنة في إطار سلوك مشرف يضمن كرامته .
المبحث الثاني : الكرامة والشرف بالنسبة لهياكل المهنة
إن مبدأي الكرامة والشرف وغيرها من المبادئ التي تقوم عليها أخلاقيات مهنة المحاماة ورسالتها السامية إذا لم تكن مقننة في نصوص قانونية لن يتسنى مراقبة منتهكيها ولا ردعهم عما اقترفوه في حق كرامة المحامي وشرف المهنة. ورغم أن الضمير يعتبر آلية رقابة داخلية وذاتية بالنسبة للمحامي غير انه ليس كافيا لصون كرامة المحامي وشرف المحاماة، لذا فقد ضمن المشرع لهياكل مهنة المحاماة الصلاحيات الكافية لمراقبة المخالفين بهدف إصلاحهم وردعهم إن اقتضى الأمر ذلك، وتمارس هياكل مهنة المحاماة من مجالس فروع جهوية ومجلس هيئة وطنية للمحامين نفوذا مطلقا على المحامين في حالة مخالفتهم للقانون المنظم للمهنة أو عند إخلالهم بالنظام الداخلي للهيئة الوطنية للمحامين بتونس أو الأعراف المهنية وذلك إما من خلال سلطتهم الرقابية أو بواسطة سلطة الردع فكيف ذلك ؟
المطلب الأول : الرقابة والردع
تختص هياكل المهنة بسلطة الرقابة على المحامين المرسمين بالجدول ولها دور حيوي في إعلاء المهنة وآدابها .
1/ سلطة الرقابة : إن سلطة الرقابة التي تختص بها الهياكل المهنية للمحاماة ممثلة في الهيئة الوطنية للمحامين تتمثل في ممارسة السلطة التأديبية والعفو صونا لأخلاقيات المهنة. وقد نحى المشرع في الولايات المتحدة الأمريكية نفس المنحى فخول كل American Bar Association على مستوى كل ولاية ول American State Association على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية اختصاص تأديب المحامين على ما يأتونه من أعمال تمس من كرامة المحامي وتخل بشرف المهنة.
والسلطة التأديبية التي تختص بها هياكل المهنة لا تطال فقط الأخطاء المهنية أو الصناعية التي يرتكبها المحامي عند مباشرته لمهامه إنما تطال إلى جانب ذلك جميع الاخلالات الأخلاقية التي قد يقترفها المحامي في حياته الخاصة أو داخل اطر المهنة مما ينال من كرامته ومن شرف المحاماة، فالمحامي الذي يخل بواجبه أو يأتي عملا أو ممارسة ما من شانها أن تنال من شرف المهنة أو أن تحط منها بسبب سلوكه داخل اطر المهنة أو بسبب سيرته خارجها في معاملاته اليومية أو في حياته الخاصة يكون عرضة للمؤاخذة التأديبية من قبل هياكل المهنة .
وتتولى هياكل المهنة كل منها في حدود اختصاصه القيام بمراقبة المحامين بهدف صيانة جميع المبادئ التي ترتكز عليها مهنة المحاماة وشرفها ومصلحتها . مع العلم انه قبل الترسيم فان مجلس الهيئة الوطنية للمحامين من خلال العضو المقرر المكلف بدراسة ملف المترشح لولوج المهنة يراقب ما إذا كان المترشح للمهنة خال من السوابق العدلية من اجل جريمة قصدية وانه لم يسبق تفليسه أو عزله لأسباب مخلة بالشرف ، لذا فان المترشح لولوج المهنة ملزم بان يتضمن ملفه تصريحا على الشرف معرف عليه بالإمضاء لدى البلدية بأنه لم يسبق عزله أو طرده من العمل لأسباب مخلة بالشرف ، فإذا ما كانت هذه الوثيقة ناقصة فان العضو المقرر يمارس رقابته فيشير إلى ذلك في تقريره المرفوع إلى مجلس الهيئة ويطلب عدم ترسيم المترشح بجدول المحامين لان ملفه غير مستوف لشروط الترسيم. وتمارس الهيئة الوطنية للمحامين رقابتها صونا لشرف المهنة في شخص الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين الذي يختص في صورة صدور حكم جزائي بات يقضي بثبوت إدانة محام من اجل جريمة مخلة بشرف مهنة المحاماة بإحالة ملف المحامي المعني بالأمر بصفة فورية على الفرع الجهوي للمحامين المختص كي يبت في إحالة المحامي المذكور على عدم المباشرة واتخاذ الإجراءات التأديبية إن اقتضى الأمر ذلك .
وتختص الهيئة الوطنية للمحامين بالنسبة للعفو وفي إطار ممارسة رقابتها على المحامين صونا لشرف المهنة بمراقبة تقديم المحامي الذي سبق محو اسمه من جدول المحامين الراغب في إعادة ترسيمه من عدم ذلك لما يفيد انه خلو من السوابق العدلية من اجل جريمة قصدية وانه لم يسبق تفليس هاو عزله لأسباب مخلة بالشرف .
وحتى يتشبع المحامي المتمرن بأخلاقيات المهنة فهو ملزم بحضور الندوات والدورات التكوينية التي تنظمها الهيئة الوطنية للمحامين في مناسبتين على الأقل سنويا وذلك حتى يحتك بزملائه الأقدم عهدا وبشيوخ المهنة فينهل منهم ما خبروه من أخلاقيات المهنة وأعرافها وهو في بداياته والتي لا يمكن الحديث في غيابها عن صون كرامة المحامي وشرف المهنة فهذه المناسبات فرصة فريدة للوافدين الجدد على المحاماة للتلاقي مع شيوخ المهنة ، فهذه المبادئ الأخلاقية المهنية تورث من جيل إلى جيل داخل الأسرة الموسعة للمحاماة حفاظا عليها من الزوال والنسيان، وتختص هياكل المهنة في سبيل صون شرف المهنة بالحفاظ على هذه المبادئ وتلقينها لكل جيل جديد من المحامين بمراقبة حضور المحامين المتمرنين لهذه الندوات والمناسبات التي تنظمها وإلا فما الغاية من تنظيمها إذا لم يستفد منها المحامي المتمرن أخلاقيا وصناعيا ؟ ومجلس الفرع الجهوي للمحامين المختص مكلف بإجراء الرقابة على المحامين وما إذا كانوا يصونون كرامتهم وشرف مهنتهم من خلال متابعة الشكايات ومراقبة المباشرة ومتابعة الإعانة العدلية والتساخير في كامل مراحلها ولا يمكن أن لا نشير هنا إلى ما اصب حياتيه بعض المحامين المتمرنين فيما يخص التساخير من ممارسات لا يمكن أن نكيفها إلا في خانة الاستجداء والتسول وما في ذلك من امتهان لكرامة المحامي وتدنيس لشرف مهنة المحاماة إذ لا يعقل أن يقوم المحامي برفع إصبعه في قاعة الجلسة للحصول على تسخير من رئيس الدائرة الجنائية أو أن يتصل بكتبة الدوائر الجنائية للحصول على تسخير أو أن يتسكع بأروقة المحكمة قرب مكاتب قضاة التحقيق وخاصة المختصين بالتحقيق مع القصر على أمل أن يطلب منه احد أعوان الأمن النيابة عن احد الموقوفين بتعلة عدم وجود محامين فيصبح حضور المحامي شكليا ويصير غير مستقل في أداء واجبه فيحضر التحقيق وكأنه جثة هامدة فيمرر قاضي التحقيق محضر الاستنطاق بالشكل الذي يناسبه في خرق سافر لحق الدفاع؛
فهذه الأمثلة التي سقتها أضحت للأسف من صلب واقعنا المعاش كمحامين بأروقة المحاكم وما يكتنفه من طعن في الصميم لشرف المهنة ورسالتها السامية وامتهان شنيع لكرامة المحامي. وتجدر الإشارة إلى انه في إطار السلطة الرقابية لهياكل المهنة فان المحامي ملزم باحترامها وبالإجابة بكل طواعية عن استيضاحاتها وعن الشكايات الواردة عليها في الآجال المضبوطة والتعاون معها في كل ما يخدم مصلحة المهنة ويصون شرفها .
ومن مشمولات هياكل المهنة مراقبة مواقع الواب التي ينشاها المحامون ومدى احترامها لأخلاقيات المهنة وشرفها فكل إخلال يؤدي إلى المساس بكرامة المحامي صاحب موقع الواب أو بكرامة زملائه وبشرف المحاماة يكون عرضة للمؤاخذة التأديبية . وتبعا لما سبق تبيانه فانه نظرا لتعدد الفصول سواء بالقانون المنظم للمهنة أو بنظامها الداخلي المتعلقة برقابة الهياكل المهنية على المحامين ومن خلال التمعن في مضمونها نستشف أن هياكل مهنة المحاماة بتونس تختص بسلطة رقابية واسعة على المحامين ليس فقط في مراقبة مدى احترامهم للأخلاق عموما ولأخلاقيات المهنة وأعرافها بصفة خاصة حفظا لكرامة المحامي وصونا لشرف المهنة وإنما تمتد هذه الرقابة لتشمل تكييف أفعال وممارسات المحامين. فالعبارات والمبادئ التي تضمنتها الفصول المذكورة وردت عامة مما يجعلها تحتمل عديد التأويلات ومن ثمة فانه بفتح باب التأويل على مصراعيه يصبح للهياكل المهنية سلطة تقديرية واسعة بالنسبة لتحديد ما إذا كان العمل أو الممارسة التي أتاها المحامي ماسة بالكرامة وبشرف المهنة أم لا.
واعتقد أن هذه السلطة التقديرية الواسعة التي تتمتع بها الهياكل المهنية في إطار ممارستها لرقابتها على المحامين صونا لكرامتهم ولشرف المحاماة كانت مقصودة من المشرع ومن واضعي النظام الداخلي للهيئة الوطنية للمحامين نظرا لكون الأخلاق بصفة عامة وأخلاقيات المهنة وما تتضمنه من مبادئ أبرزها الكرامة والشرف بصفة خاصة متجددة ودائمة التغير وكذلك لأنه من المستحيل ضبط الأفعال المنافية للأخلاق ضمن قائمة حصرية خاصة مع تطور المجتمع وتشعب الترسانة القانونية وتشابك العلاقات داخل اطر المهنة وخارجها أكثر فأكثر بصفة تكاد تكون يومية. وهذا ما نحته المدرسة الانجلو أمريكية بالولايات المتحدة الأمريكية حيث استعمل المشرع الأمريكي عبارات فضفاضة محذرا المحامين الأمريكيين في إطار السلطات الرقابية التي خولها للهياكل المهنية للمحاماة من تجنب أي مظهر من المظاهر المخلة بشرف المهنة ، بل أكثر من ذلك فالمشرع الأمريكي يحرض كل محام يحصل له علم بممارسة غير لائقة لمحام آخر تمس جوهريا من الشرف أو الأمانة أو اللياقة أن يقوم بإعلام هياكل المهنة المختصة بالرقابة على المحامين صونا لشرف المهنة، وهذا ما نفتقر إليه في تونس مما جعل بعض حديثي العهد بالمهنة لا يخجلون ولا يتورعون عن إتيان تصرفات مخلة بالكرامة والشرف أمام شيوخ المهنة في حين أن هؤلاء الأخيرين أضحوا لا حول لهم ولا قوة فيضطرون إلى تطبيق المثل الشعبي القائل :
« عين شافت وعين ما شافتش »؛ ومما يدل على أن الأمر أصبح لا يطاق تجرا احد المحامين حديثي العهد بالمهنة على اخذ الكلمة بجلسة عامة ليصرح بأنه يرى أن المحامي غير ملزم بان يؤدي زيارات مجاملة للعميد ولأعضاء مجلس الهيئة قبل ترسيمه بالجدول وانه لا فائدة ترجى حسب رأيه من إدراج فصل ينص على وجوبية هذه الزيارات بالنظام الداخلي للهيئة الوطنية للمحامين مما جعل احد العمداء السابقين وبعض شيوخ المهنة يردون عليه ويعبرون عن استغرابهم واستنكارهم لمثل هذه الأقوال المشينة نظرا لكون وجوبية هذه الزيارات نابع من مقررات الهيئة الوطنية للمحامين التي تكون إلى جانب القواعد القانونية التشريعية القواعد التنظيمية للمهنة ، وقد جدت هذه الحادثة في ظل غياب أي تدخل من هياكل المهنة الحاضرة بالمنصة والمشرفة على تلك الجلسة العامة لا لشيء إلا لان هذا المحامي حديث العهد بالمهنة محسوب على احد التيارات السياسية . وعموما فان النصوص القانونية قد خولت الهياكل المهنية للمحاماة سلطة واسعة وناجعة لإعمال رقابتها حتى تحمي كرامة المحامين وشرف المهنة من جميع الممارسات التي تضر بمصلحة المحاماة وتعيقها عن أداء رسالتها السامية وذلك إيمانا من المشرع بان الرقابة تهدف إلى الوقاية والإصلاح قبل الانتقال إلى الوسائل الزجرية. وتتوفر الهياكل المهنية للمحاماة إلى جانب سلطاتها الرقابية على سلطة ردع فكيف ذلك ؟
2/ سلطة الردع : تختص كافة الهياكل المهنية للمحاماة في مختلف بلدان العالم بسلطة اتخاذ التدابير التأديبية في مواجهة المحامين الذين يتقاعسون عن أداء واجباتهم ويحطون من كرامة المحامي أو يدنسون شرف المحاماة، وقد خصت التشاريع المختلفة كل هيكل مهني للمحاماة مختص بالتأديب بسلم عقوبات تأديبية مضبوط يتم إعداده في تسليط العقوبة حسب نوعية الإخلال المرتكب من قبل المحامي ودرجة خطورته على شرف المهنة ومصلحتها. وقد عدد المشرع التونسي هذه العقوبات حسب طبيعة الإخلال المقترف وما يستوجبه من عقاب فتدرجت من الإنذار إلى التوبيخ إلى الحط من قسم التعقيب إلى قسم الاستئناف إلى الإيقاف المؤقت عن ممارسة المهنة لمدة لا تتجاوز عامين إلى التشطيب على الاسم من الجدول لمدة لا تتجاوز ثلاثة أعوام إلى محو الاسم من الجدول بصفة نهائية ويجوز الإذن بالنفاذ العاجل في حالة الإيقاف أو التشطيب أو المحو . وتقوم الهياكل المهنية للمحاماة بتسليط هذه العقوبات التأديبية بما يتناسب مع التكييف القانوني للإخلال المرتكب من قبل المحامي، من ذلك أن سلط مجلس الهيئة عند انتصابه للتأديب في عدة مناسبات عقوبة الإيقاف المؤقت عن ممارسة المهنة بمدد مختلفة تراوحت بين الستة اشهر والسنتين مع الإذن بالنفاذ العاجل من اجل امتهانهم لكرامة المحامي وتدنيسهم لشرف المهنة بتعاطيهم للسمسرة واستجلاب الحرفاء المعاقب عليها جزائيا ، فالمحاماة ليس “تجارة” أو “سمسرة” لجمع المال، بل هي مهنة للدفاع عن حرية الناس وحقوقهم، ولنصرة الضعيف والمظلوم .
بينما تعتبر هذه الممارسة مشروعة في الولايات المتحدة الأمريكية إذ توجد شركات أو أشخاص يديرون أعمال ذوي الأموال ورجال الأعمال فينتقون لفائدتهم الشركات المهنية للمحامين التي تتناسب خدماتها مع متطلباتهم، وتتم عمليات الوساطة هذه بمقابل مادي تقبضه شركات الوساطة أو مديري الأعمال إما من أصحاب الثروة ورجال الأعمال وإما من الشركات المهنية للمحاماة وذلك حسب ما ينص عليه العقد المبرم مع الوسطاء، فمثل هذه الممارسات لا تعد منافية لشرف المهنة وللأخلاق بالنسبة للقانون الانجلو أمريكي في مجتمع تسوده الرأسمالية المتوحشة وتعتبر فيه المحاماة بمثابة صناعة “Une Industrie” عابرة للقارات تدر أموالا طائلة من العملات الصعبة على الاقتصاد الأمريكي. وينطبق نفس الأمر على فتح أكثر من مكتب لمزاولة المحاماة فبينما يسلط مجلس الهيئة الوطنية للمحامين عند انتصابه للتأديب العقاب على كل محام يفتح أكثر من مكتب مهني لمباشرة المحاماة بتراب الجمهورية التونسية معتبرا ذلك من قبيل السمسرة والمنافسة غير المشروعة التي تمس بكرامة المحامي وشرف المهنة، تعتبر هذه الممارسة مشروعة في الولايات المتحدة الأمريكية فاغلب الشركات المهنية للمحاماة تفتح فروعا لها في جميع الولايات وحتى في المدن وحتى في الخارج بمختلف أصقاع العالم باعتبارها تتصرف واقعيا كمؤسسات متعددة الجنسيات “De véritable Sociétés Multinationales” متكتلة بعيدة كل البعد عن الصفات والممارسات الأخلاقية السامية للمحاماة، منظمة كأساطيل بحرية وجوية ذات رأسمال بملايين الدولارات متفرعة في أصقاع العالم مرافقة في غزوها العالمي لكبريات الشركات العالمية ودولها منطقها الوحيد هو منطق الربح والسطو على الأسواق الخارجية .
غير انه لا بد من الإشارة إلى أن السلطات الواسعة التي خولها المشرع التونسي للهياكل المهنية للمحاماة في مجالي الرقابة والردع ليست وحدها الكفيلة بالقيام بهذا الدور إنما تعززها سلطة الرقابة والردع القضائية فيما يتعلق بكل من المسؤولية الجزائية والمدنية، فالمحامي يظل مواطنا كغيره من المواطنين يخضع للقواعد النظام العام. هذا إلى جانب كون أداء الهياكل المهنية للمحاماة لا يمكن أن يرقى إلى المستوى المأمول من حيث صون كرامة المحامين وشرف المحاماة إلا من خلال التفاف المحامين حول هياكلهم حتى يتم تفعيل قراراتها وبرامجها فكيف ذلك ؟ المطلب الثاني : الالتفاف حول الهياكل وتفعيل قراراتها وبرامجها يتجلى الالتفاف حول الهياكل المهنية للمحاماة وتفعيل قراراتها وبرامجها في طبيعة تعامل المحامي معها أي مع عميد الهيئة الوطنية للمحامين ومجلس الهيئة الوطنية للمحامين وأعضائه ورؤساء الفروع الجهوية للمحامين ومجالس الفروع الجهوية للمحامين وأعضائها وممثلي الفروع بالجهات، فاحترام هياكل المهنة المنتخبة ديمقراطيا واجب على كل محامية ومحام لان في احترامها والالتفاف حولها بهدف تفعيل قراراتها وبرامجها ضمان لوحدة المحامين التي بها تصان كرامة المحامي وشرف المهنة ومصلحتها، فلا يمكن صون شرف المهنة إلا بوحدة المحامين والتفافهم حول هياكلهم المهنية.
فحتى وان اختلف المحامي مع الهياكل المهنية للمحاماة في الرأي وطريقة تسييرها لشؤون المهنة فانه يظل ملزما باحترامها تطبيقا لأخلاقيات المهنة وصونا لشرفها وحفاظا على مصلحتها بوحدة صف المحامين. ويتوجب على المحامي أن يمسك عن كل سلوك أو عمل أو تصرف أو قول قد يشكل مسا بعميد المحامين أو رؤساء الفروع الجهوية للمحامين أو أي عضو من أعضاء مجالس الهيئة والفروع أو ممثليها بالجهات أو أن يشكك في كفاءتهم أو سمعتهم، فالمحامي مطالب بان ينأى بنفسه عن حملات التشهير والتشكيك في نزاهة أي عضو من أعضاء الهياكل المهنية للمحاماة إذ في ذلك كل التقدير لإرادة المحامين التي أفرزتهم ديمقراطيا عبر الاقتراع السري.
فلا شك أن أي مساس أو إساءة مهما كان نوعها لعميد المحامين رمز المهنة أو لأعضاء الهياكل المهنية للمحاماة إنما يمثل إهانة للمحامين كافة وللمحاماة ككل أمام الجهاز القضائي ولدى الرأي العام، فالتشهير بالهياكل المهنية للمحاماة والتلاسن والتشويه على أعمدة الصحف إبان الحملات الانتخابية لانتخابات العمادة ورئاسة الفروع وعضوية مجالس الهيئة والفروع يعطي لا محالة صورة قاتمة غير مشرفة عن المحاماة مهينة للمحامين كافة ترذل بها كرامتهم ويدنس شرف مهنتهم فيطعن جوهر رسالتها من نبل وسمو في الصميم.
فحتى وان كانت الهياكل المهنية المتخلية قد فشلت في أداء مهامها التي انتخبت من اجل انجازها فان ذلك ليس بمبرر لتشن عليها الحملات التشهيرية والتشويهية في تهافت على ولوج المهنة أو تجديد المهام بها بأي ثمن وبأي طريقة مهما كانت مبتذلة وكأن انتخاب “فلان أو “علان” غاية في حد ذاته، في إغفال تام لشرف المهنة ومصلحتها التي من المفروض أن تكون فوق جميع المحامين لان الرسالة المنوطة بعهدة المحاماة أسمى منا جميعا هياكل مهنية وعموم محامين. فمثل هذه السلوكيات الماسة بكرامة المحامي والمخلة بشرف المهنة يرفضها ويأباها على نفسه وعلى مهنته كل محام غيور على رسالة المحاماة معتز بانتمائه إلى مهنة الدفاع، فما أصبح يأتيه بعض المحامين أشباه الصحافيين من نشر لمقالات تكاد تكون دورية تستخدم لضرب هياكل المهنة والتشهير بها وتشويهها بعيدا عن الموضوعية والعقلانية وما قد يسببه ذلك – إلى جانب رسم صورة حالكة منفرة عن المحاماة لدى القضاء وعامة الناس – من عداوات بين المحامين وهياكلهم ومن شق لوحدة المحاماة وما تمثله هذه الوحدة من صمام الأمان لصون كرامة المحامين وشرف المحاماة.
ويضحي الأمر اشد سوء عندما ترتكب هذه الممارسات المشينة من قبل أعضاء هياكل المهنة تجاه بعضهم البعض إن مباشرة أو بواسطة مسانديهم من المحامين خلال حملاتهم الانتخابية لولوج الهياكل المهنية فيصبح التلاسن والتراشق بالتهم أمام العموم وعلى صفحات “الفايس بوك” وغير ذلك من المواقع على الشبكة العنكبوتية الشغل الشاغل لهؤلاء، كل ذلك في ظل مواكبة لهذه الممارسات الدنيئة من قبل الصحافة الصفراء مع ما يؤدي إليه كل ذلك من تخريب لوحدة المحاماة وتشويه لرموزها وضياع لهيبتها وانحراف عن رسالتها وتدنيس لشرفها وإضرار فادح بمصلحتها، فيضحي المحامي فاقدا لكرامته.
وتجدر الإشارة إلى أن المحامين في إطار التفافهم حول هياكلهم بهدف صون وحدتهم وتفعيل قراراتها وبرامجها بما يخدم مصلحة المحاماة ويحفظ كرامتهم ملزمون أخلاقيا بالحضور في جلساتها العامة العادية والخارقة للعادة والانتخابية والإخبارية وفي الندوات والملتقيات والدورات التكوينية التي تنظمها وفي الافتتاح الرسمي لمحاضرات التمرين وبصفة عامة فان المحامي مطالب بمواكبة جميع الأنشطة التي تنظمها هياكل المهنة ولعب دور ايجابي خلالها نظرا لما يمثله ذلك الحضور من وسيلة فعالة لراب الصدع بين المحامين وهياكلهم إن وجد لا قدر الله، ولمزيد من اللحمة بينهم تدعيما لوحدة المحاماة وحتى يكون المحامي على إطلاع دائم على قرارات هياكله المهنية ليظل دوما على أهبة الاستعداد لتفعيلها على صعيد الواقع والممارسة لما فيه خير المهنة ذودا عن كرامة المحامين وحفاظا على شرف المحاماة.
فجميع المحاميات والمحامين مدعوون إلى الابتعاد عن كل ما يمس من هيبة المحاماة والى الالتفاف حول هياكلهم المنتخبة ديمقراطيا وعلى رأسها عميد المحامين . ولا يمكن تناول كرامة المحامي وشرف المهنة بمعزل عن كرامة الأشخاص الذين يشكلون هياكل المهنة التي ينتمي إليها إذ تعكس الهياكل عميدا وأعضاء مجالس وممثلي فروع صورة المحامي الفرد فجميع ما يسري بالضرورة على المكونين لهياكل المهنة يسري على عموم المحامين، إذ لا يمكن أن يعتز المحامي بمهنته ويفخر بشرفها وان يشعر ويتمتع بكرامته إذا كان بعض أعضاء الهياكل المهنية يأتون سلوكيات تخدش الكرامة وتلوث شرف المهنة، فحتى يلتف المحامون حول هياكلهم المهنية ويسعون إلى تفعيل قراراتها وبرامجها لا بد أن تكون هذه الهياكل في مستوى تطلعاتهم من حيث امتناع أعضائها عن إتيان كل ما ترذل به الكرامة وان يكون سهرهم دؤوبا على صون كرامة كافة المحامين وشرف المهنة ومصلحتها فدورهم الأساسي يتمثل في تعزيز الاعتبار لقيم المحاماة وحماية أفرادها بما يكفل حقوق المحامي ويضمن شرف المهنة .
وقاعدة المحامين مسؤولة بطبيعة الحال عن اختيار الأشخاص الذين يمثلونها في هياكلها عبر الانتخاب لذا فإذا كانت هياكل المهنة تتسم بالضعف والفساد فان ذلك منبثق عن ضعف وفساد المحامين بصفة عامة فكيفما كنتم يولى عليكم . فالكرامة ترذل عندما يقوم احد المترشحين لانتخابات العمادة أو عضوية المجالس المهنية باستجداء أصوات زملائه من خلال إقامة السهرات الماجنة لاستقطاب ذوي النفوس الضعيفة حتى يصوتوا له في الانتخابات المهنية، أو أن يقوم بارشاء بعض معدومي الضمير حتى يساعدوه في حملته الانتخابية بمساعدتهم في الحصول على قروض بنكية وغيرها من الصلات المادية أو من خلال تقديم وعود لهؤلاء بحل بعض مشاكلهم المهنية في حالة انتخابه. فجميع هذه الممارسات المشينة التي يأتيها البعض للأسف تخدش كرامة المحامي وتلوث شرف المهنة وتزيد من شق صف المحامين ووحدتهم وتجعل التفافهم حول هياكلهم مبنيا على المصالح الشخصية والولاء المادي الذي هو زائل لا محالة بزوال أسبابه المخلة بالكرامة والشرف. فإذا كان “طالب الولاية لا يولى” فلا كرامة حتما لمن يسعى للحصول على الولاية بأساليب ملتوية دنيئة أو ببناء حملته الانتخابية على سب وشتم باقي المترشحين وإضفاء الشبهات عليهم.
وترذل كرامة المحامي ويهدر شرف المهنة عندما تستغل مؤسسة العمادة أو عضوية المجالس المهنية للمحاماة بهدف إشباع أحقاد شخصية أو تسخيرها لانتقامات فردية، فمثل هذه التصرفات ليست من الحكمة في شيء إذ المفروض أن يتنزه كل من وقع انتخابه من قاعدة المحامين ليمثلهم ويرعى مصالحهم داخل اطر المهنة ويصون كرامتهم عن مثل تلك الممارسات المخالفة لأخلاقيات المهنة، والتي تنفر المحامين من الالتفاف حول هياكلهم المهنية وتشق صف وحدتهم مما يؤثر سلبا على مصلحة المهنة وإشعاعها.
وكرامة المحامي وشرف المهنة تهدر عندما يخاطب العميد أو بعض أعضاء المجالس المهنية للمحامين زملائهم بأسلوب غير لائق، أو حينما يتواجه العمداء أو أعضاء مجلس الهيئة أو الفرع أو محامون بصفة مباشرة أو على أعمدة الصحف بغرض تصفية حسابات ضيقة لا علاقة مباشرة لها بالمهنة. ولا يعقل أن العميد بعد أن يترأس مجلس الهيئة الوطنية للمحامين في جلسة تأديب ويسلط هذا المجلس على احد المحامين عقوبة التشطيب أو المحو من الجدول، يقوم بعد ذلك بالدفاع عنه في قضية جزائية، ونفس الأمر ينطبق على أعضاء مجالس الهيئة والفروع فلئن كانت هذه الممارسات غير ممنوعة بنص قانوني إلا أنها تتنافى وابسط ما تدعو إليه أخلاقيات المهنة وأعرافها وتقاليدها، فليس مقبولا أن ينتصب العميد وأعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين كهيئة قضائية إدارية لتأديب المحامي المذنب ثم يرتدون بعد ذلك زي المهنة للدفاع عنه أمام إحدى الدوائر الجزائية. ولا يقبل أن يحابي العميد أو أعضاء مجالس الهيئة والفروع محاميا على حساب محام آخر لأسباب قبلية أو حزبية أو دينية أو غيرها من الأسباب التي لا علاقة لها بمهنة المحاماة، فالانتماءات بأنواعها لا يجب بأي حال من الأحوال أن تتخذ ذريعة لهضم حقوق بعض المحامين وازدراءهم. فالعميد عميد كافة المحامين ومجلس الهيئة مجلس جميع المنتميات والمنتمين للهيئة الوطنية للمحامين، لا فرق بين محام وآخر بالنسبة إليهم، همهم الأول السعي لصون كرامة المحامين والحفاظ على شرف المحاماة حتى تؤدي رسالتها السامية على أحسن ما يرام، فالمحامي حر في قناعاته وأفكاره وانتماءاته ومسؤول عنها وحده ولنا عبرة في “العميد الأستاذ فتحي زهير” الذي كان جمع بين عمادة المحامين ونيابة رئيس مجلس الأمة آنذاك ولكنه رغم ذلك شرف المهنة وشرفته لأنه لم يخلط بين المهمتين وأعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله .
فهياكل المهنة مسؤولة عن حماية الكرامة المهنية للمحامين والذود عنها فالكرامة حق من حقوق المحامي والدفاع عنها واجب من واجبات الهياكل المهنية للمحامين ففي غياب كرامة المحامين لا يمكن تحقيق التفافهم حول هياكلهم، فمن واجب العميد ورئيس الفرع المختص أو من ينوبهما أن يحرصا على رد الاعتبار إلى المحامي الذي تعرض إلى المس بكرامته خلال أو بمناسبة قيامه بواجبه المهني ، وتسهر الهياكل المهنية للمحامين على ضمان كرامة المحامي وضمان استقلاله وحماية حرمته الجسدية والمعنوية خلال أو بمناسبة أدائه لواجبه المهني ، فهياكل المهنة والمحامون ملزمون بالحرص على أداء واجبهم بما يليق برسالة المحاماة وكرامتها خلال مزاولة أعمالهم أمام القضاء .
فلا سبيل لصون كرامة المحامي والحفاظ على شرف المهنة إلا إذا التزم المحامون بوحدة المحاماة وبواجب التضامن والتآزر فيما بينهم وبالالتفاف حول هياكلهم المنتخبة واحترامها ودعمها ، فحتى يكون المحامي جديرا بشرف الانتماء إلى مهنة المحاماة لا بد أن يحترم هياكل المهنة ويلتف حولها بتفعيل قراراتها ، ففي غياب التفاف المحامين حول هياكلهم وتفعيل قراراتها وبرامجها يستحيل أن يدرك المحامي واقع المهنة والمشاكل المحدقة بها ولا يمكنه أن يعي طبيعة العوائق التي تحول دون صون كرامته وممارسة مهمته بنبل وشرف، فعلى المحامي في إطار سعيه للإسهام في تذليل الصعاب أمام هياكل المهنة أن يلفت انتباه زملائه دائما وأبدا إلى أن أزمة قطاع المحاماة ليست سوى صورة مجهرية لما يجري على صعيد المجتمع ككل، وان يحرض زملائه ويحثهم على التآزر والتضامن فيما بينهم ونبذ الفرقة بتجسيد الالتفاف حول هياكلهم المنتخبة ديمقراطيا وتفعيل قراراتها طبقا لأخلاقيات المحاماة الكونية ، غير أن انتخاب العميد وباقي أعضاء الهياكل المهنية للمحامين ليس تشريفا ينعمون به إنما هو تكليف ارتأى عموم المحامين أن يحملوهم مسؤوليته بجميع ما تتطلبه من تجرد ونزاهة وحرص على التحلي بالاستقامة والشرف وحماية المهنة والمحامين من أي جهة تبغي الإساءة إليهم . مجمل القول إن وحدة المحامين جميعا حول مهنتهم بالالتفاف حول هياكلهم هي ضمانتهم الأساسية وهي متاحة كلما صح العزم وخلصت النية، فليكن زينا دوما رباطنا المقدس وعروتنا الوثقى التي تجمعنا ولندافع عنها بالحق والقانون فهياكلنا في حاجة إلى دعم كل زميلة وزميل ولها ما له وعليها ما عليه في إطار المهنة، فالحل لصون كرامتنا وشرف مهنتنا في وحدتنا والتفافنا حول هياكلنا وقضايانا المصيرية والتزامنا بقواعد المهنة وأخلاقياتها وتقاليدها وأعرافها .
خاتمة إن صون كرامة المحامي والذود عن شرف المهنة لا يمكن لا يمكن أن يكونا وليدي الرقابة التي تمارسها الهياكل المهنية للمحامين فقط، لأنها مهما سعت لأجل ذلك بتاطير المحامين وتوعيتهم بل وتأديبهم وآخر الطب الكي، لن تقدر على إجبارهم على اعتناق المبادئ المكونة لأخلاقيات المحاماة والتي هي عماد المهنة التي دونها لا مجال للحديث عن رسالة المحاماة السامية، لأنه في ظل غياب وازع الضمير لدى المحامي وإيمانه العميق والمبدئي بهذه القيم الأخلاقية لن تنجح الهياكل المهنية من جانب واحد في صون أهم هذه المبادئ ألا وهي كرامة المحامي وشرف المهنة. فكل محام من واجبه صون كرامته وكرامة زميله والحفاظ على شرف المحاماة، لان المحامي يجب أن لا يتصرف أو يشارك في تصرف يمس شرفه أو كرامته ، ولأنه عليه أن يحافظ دوما على شرف وسمعة المهنة ، وبصفة عامة عليه أن يراعي قواعد سلوك المهنة ويحافظ عليها نصا وروحا .
فأخلاقيات مهنة المحاماة ارث معنوي بمثابة ثروة قيمية لا تقدر بثمن نظرا لعراقتها وسمو غاياتها كرسالة سمتها الأساسية النبل والشرف ولكونيتها، وهذا الإرث المعنوي لا مجال للتفريط فيه أو الاكتفاء بجزء منه إذ لا سبيل إلى تحصين مهنة المحاماة أمام تحديات العولمة دون التمسك المطلق بأخلاقيات المهنة في كونيتها، فالكرامة والشرف مثلا لا يمكن أن تحتمل أكثر من تفسير ومن ثمة فنظرا لاتساع دائرة أخلاقيات مهنة المحاماة لكونيتها فان أي تقنين غير قادر على الإحاطة بكافة واجبات المحامين وأخلاقياتهم وقواعد سلوكهم وأعرافهم، وبقاء هذه المبادئ والقيم التي لا غنى عنها في انجاز رسالة المحاماة ورفع لوائها مبعثرة بين القانون المنظم للمهنة ونظامها الداخلي وأعراف المهنة وتقاليدها لا يفي بالغرض المنشود بحيث أضحى ضروريا جمع شبه شامل ودقيق لقواعد أخلاقيات المهنة ومبادئها في نص موحد، يكون بمثابة الدليل السلوكي العام يسترشد به المحامون فينير سبيلهم لانجاز رسالتهم بما يتضمنه من قيم لكن دون الاكتفاء بما هو مقنن صلبه نظرا لكون أخلاقيات المحاماة كونية مما يضفي عليها التغير والتطور باطراد، ولا أظن هذا المسعى عسيرا على هياكلنا المهنية وشيوخ مهنتنا، كما لا اعتقد أن قاعدة المحامين ستعارض مثل هذا المسعى النبيل الذي فيه خير مهنتنا ومن ثمة صلاح مجتمعنا، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال تصور مهنة المحاماة دون أخلاقيات لأنه إذا فقد المحامي أخلاقياته فتلك هي نهايته . فلئن كان المحامي يحيا اليوم عصر الحداثة والعولمة والتطورات التقنية والعلمية الهائلة، فان ذلك لا يعني أبدا أن يتخلى المحامون عن تقاليد وأعراف مهنتهم التي أساسها القيم والمبادئ السامية والأخلاق الحميدة، فلا بد من صون أخلاقيات المهنة والعمل على استرجاع كرامة المحاماة وهيبتها والحفاظ على دورها المقدس داخل المحاكم وخارجها .
فحتى وان كنا نحس كمحامين في الوقت الراهن أن كرامتنا تداس وشرف مهنتنا يهدر كل حين وساعة فمرد ذلك انحراف ممارسات الكثيرين منا محاميات ومحامين عن أخلاقيات مهنتنا وتقمصهم شخصية الإنسان المادي المنبت عن أرضية مهنتنا ومجتمعنا العربي الإسلامي الخصبة بالقيم والمبادئ السامية والأخلاق الحميدة، فلا بد من محاولة استنهاض هممنا بالالتفاف حول هياكلنا المنتخبة للقطع مع الثقافة المادية المحضة التي طغت على المهنة، بغية استرداد كرامتنا وشرف مهنتنا حتى لا يستقر شأننا شأن أية دابة تدب على الأرض، فإصلاح أوضاع المحاماة التونسية يستوجب منا العودة إلى الثوابت والتمسك بالمرجعيات التي طالما ميزت مهنتنا وكانت سببا في رفعتها وشموخها .
25 يونيو، 2018 at 9:26 م
توضيح للحرفاء الأفاضل:
1) إذا لم أجب على مكالمتك فإني في جلسة أو عمل أو اجتماع ولا أستطيع الرد لذا لا داعي لمعاودة الاتصال مرارا وتكرارا يمكنك الاتصال بالمكتب او الانتظار و الإتصال في موعد لاحق .
2) لا داعي للسؤال “هل من جديد ” و ” ماذا حصل بالقضية ” عندما يكون هناك جديد او يحصل اي تطور سيقع اعلامك مباشرة.
3) قبولي لقضيتك لا يعني انه لا حرفاء لدي سواك ولا يجعلني الطبيب النفسي لك او مستشارك الشخصي لكل امورك واضطراباتك مهمتي هي حفظ حقوقك بالقانون في تلك القضية فقط موضوع التعاقد .
4) يومي السبت والأحد والعطل الرسمية هي ايام راحة لي ، و الدوام ينتهي مع السادسة مساء ، فاحترم ذلك فأنا ايضا لي حياة خاصة و عائلة و أبناء .
5) لا تقل أن فلان قال انه يجب فعل كذا او القيام بكذا فانت كلفتني ولم تكلفه كما ان المحامي يشير ولا يشار عليه.
6) احتسائي للقهوة مع محامي الخصم لا يعني أنني بعت قضيتك فهو زميلي قبل ان انوبك وعند نيابتك وبعد نيابتك