صفة الفاعل في جريمة إفشاء السر المهني البنكي
يعتبر ركن صفة الفاعل مهما في جريمة إفشاء الأسرار عموما، إذ لا يرتكب هذه الجريمة أي شخص بل شخص ذو صفة معينة،و هذه الصفة مستمدة من نوع المهنة التي يمارسها أي أنها صفة مهنية. والعلة في تطلب هذا الركن أن القانون يعاقب على إفشاء السر صيانة لمصالح الأفراد حين يلجأون إلى أصحاب المهن و الوظائف طالبين خدماتهم فيضطرون إلى الإفضاء إليهم ببعض الأمور أو يودعون لديهم أسرارا، فسر المهنة يرتبط ارتباطا وثيقا بصفة الأمين الضروري وهو الشخص الذي يجد الناس أنفسهم مضطرين إلى اللجوء إليه من أجل مهنته.>>
وجريمة إفشاء السر المهني البنكي هي الأخرى من جرائم ذوي الصفة الخاصة، وهذه الصفة تستفاد من الفصل 446 من القانون الجنائي، الذي أورد في صياغته أن “كل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة”، وعليه فصفة الأمين على السر تستمد من المهنة أو الوظيفة التي تمكن صاحبها من معرفة الأسرار.>>
والسر المهني البنكي ينبغي أن يفهم منه أمران:>>
– أن يعرف هذا السر أثناء مزاولة النشاط البنكي.>>
– أن تكون له علاقة بالمهنة البنكية نفسها.>>
ويضيف الفقيه ريمون فرحات أنه لا يكفي أن تكون الوقائع المفشاة سرا، بل يجب أن تكون زيادة على ذلك وثيقة الصلة بممارسة المهنة البنكية مما يخرج عنها المعلومات التي عرفها البنكي خارج إطار علاقات الأعمال التي تربطه بالزبون سواء بصفته كصديق أو قريب له.>>
وبالتالي فإن الإفشاء الذي يكون خارج إطار المهنة البنكية وغير مرتبط بها، لا يشكل جنحة إفشاء السرالمهني البنكي المعاقب عليها، بل لا يعتبر سرا بنكيا.>>
ولا يعتد في تحديد صفة الفاعل بوقت الإفشاء، بل وقت معرفة السر، لأن المتهم بعد تركه لوظيفته داخل البنك قد يفشي السر الذي علم به أثناء ممارسته لعمله، وبالتالي تتوافر فيه صفة الفاعل، أما إذا علم بالسر الذي أفشاه بعد ترك وظيفته فإن تلك الصفة تعتبر غير متوافرة، وبالتالي لا وجود لجريمة إفشاء الأسرار.>>
وعليه تبقى صفة الفاعل ركن لازم أو شرط ضروري لقيام الجريمة، حيث إن جوهر الجريمة هو إخلال بالتزام ناشئ عن المهنة، وما يتفرع عنها من واجبات أهمها الإخلاص في حماية مصالح الزبون وعدم إفشاء أسراره، بالإضافة إلى أن علة التجريم هي الحفاظ على المصلحة الاقتصادية العامة، والسير السليم والمنتظم لمهن معينة ذات أهمية اقتصادية واجتماعية مهمة وتدعيم الثقة فيها لجلب الزبناء.>>
لكن إذا كان القانون الجنائي في الفصل 446 منه قد ألزم أشخاصا معينين بصفتهم أمناء على الأسرار، بكتمان هذا السر وعدم إفشائه، فهل يمكن أن يمتد هذا الالتزام إلى المشارك في جريمة الإفشاء؟>>
يذهب بعض الفقه إلى أن الشريك، كالفاعل الأصلي في جريمة إفشاء الأسرار ولو لم يحمل الصفة التي تطلبها القانون في الفاعل الأصلي شريطة توفر جميع عناصر المشاركة حسب القواعد العامة للقانون الجنائي. هذا ما أكدته غرفة الجنايات بمحكمة النقض الفرنسية في قرار لها بتاريخ 22 فبراير 1938 حيث أدانت شخصا غير ملزم بالسرية المهنية بجريمة المشاركة في انتهاك هذه السرية
اترك تعليقاً