صورية عقد الكفالة في أحكام القانون والقضاء المصري
الطعن 3083 لسنة 81 ق جلسة 27 / 12/ 2011 مكتب فني 62 ق 174 ص 1069
برئاسة السيد القاضي / عبد المنعم دسوقـي نائـب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / د . خالـد عبد الحميد ، عمـران عبد المجيـد نائبي رئيس المحكمة ، عبدالرحيـم الشاهد والريـدي عدلـي.
————
(1، 2) محاكم اقتصادية ” اختصاص المحاكم الاقتصادية ” .
(1) الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية . مناطه . تعلق الدعوى بالمنازعات الناشئة عن تطبيق القوانين الواردة بالمادة السادسة ق 120 لسنة 2008 . الاستثناء . الدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة .
(2) قرار المحكمة المدنية بإحالة الدعوى إلى المحكمة الاقتصادية . قضاء ضمني بعدم الاختصاص النوعي . أثره . جواز الطعن عليه . م 212 مرافعات . عدم الطعن عليه . لازمه . صيرورته حائزا لقوة الأمر المقضي . امتناع معاودة مناقشته بــأدلة قانونية أو واقعية لم تسبق إثارتها . علة ذلك . خطأ الحكم المطعون فيه في تقريراته القانونية . لا يعيبه ما دام قد انتهى إلى نتيجة صحيحة . لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع بأسباب الحكم من أخطاء قانونية دون نقضه.
(3) بنوك ” عمليات البنوك : الحساب الجاري ” .
دين رصيد الحساب الجاري وعائده . خضوعه لمدة التقادم العادي . م 372 ق التجارة الجديد .
(4) التزام ” انقضاء الالتزام : انقضاء الالتزام دون الوفاء به : التقادم المسقط ” .
التزامات التجار قبل بعضهم البعض . انقضاؤها بسبع سنوات . م 68 ق التجارة الجديد .
(5) بنوك ” عمليات البنوك : الحساب الجاري : قفل الحساب الجاري ” .
قفل الحساب الجاري . أثره . صيرورة رصيده ديناً عادياً . مؤداه . خضوعه للتقادم العادي . م 374 مدنى . خطأ الحكم المطعون فيه في تقريراته القانونية . لا يعيبه ما دام قد انتهى إلى نتيجة صحيحة . لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع بأسباب الحكم من أخطاء قانونية دون نقضه .
(6) محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للصورية ” .
سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير أدلـــة الــــصورية . عدم خضوعها رقـابة لمحكمة النقض . شرطه . إقامة قضائها على أسباب سائغة .
(7) عقد ” عقد الكفالة : صورية عقد الكفالة ” .
قضاء الحكم المطعون فيه برفض صورية عقدي الكفالة أخذا بما تضمناه من تحديد للمبلغ المكفول استقلالاً عن الورقة سند الدين . النعي عليه في هذا الخصوص . جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض .
(8) التــزام ” تعـدد طرفي الالتزام : التضامن : التضامن بين المدينين ” .
للدائن الحق في الرجوع على الكفلاء المتضامنين دون قيد . علة ذلك . الكفيل المتضامن يعتبر في حكم المدين المتضامن . جواز مطالبته وحده بكل الدين دون التزام بالرجوع أولاً على المدين الأصلي أو اختصامه في دعوى مطالبة الكفيل بكامل الدين .
(9 ، 10 ) إفلاس ” حكم شهر الإفلاس : آثار حكم شهر الإفلاس : آثار شهر الإفلاس بالنسبة للدائنين ” .
(9) إفلاس المدين قبل حلول أجل الدين المكفول . وجوب تقدم الدائن بحقه في تفليسة المدين وإلا برأت ذمة الكفيل بقدر ما كان يستطيع الحصول عليه من التفليسة . م 786 مدنى .
(10) براءة ذمة الكفيل مـما كـان سيحصل عليه الدائن من تفليسـة المدين في حالة تقدمه فيها . شرطه . طلب الكفيل استنزال ذلك المبلغ . شكل الطلب . عدم تحديد الكفيل مقدار المبلغ لإمكانية إجراء المقاصة . أثره . رفض طلبه ببراءة ذمته . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
(11) محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة ” .
فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة والموازنة بينها . من سلطة محكمة الموضوع . لها أن تأخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه . حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة .
(12) نقض ” أسباب الطعن بالنقض : الأسباب الموضوعية ” .
قضاء الحكم المطعون فيه صحيحاً بإلزام الطاعنتين متضامنتين بالمديونية المستحقة للبنك المطعون ضده على سند مما ورد بعقدي الكفالة من التزامهما بها بالتضامن . النعي عليه جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – النص في المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية على أنه “فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة , تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها ، بنظر المنازعات والدعاوى التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه , والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية : …. (6) قانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة , وعمليات البنوك والإفلاس والصلح الواقي منه ….. وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية ، دون غيرها , بالنظر ابتداءً في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة” . بما مفاده أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعياً ، دون غيرها من المحاكم المدنية ، بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص – فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة – وأن قصره هذا الاختصاص ليس مردَّه نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على أساس , قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستــــدعى تطبيــق تلك القوانين ، بما لا يجعل منها مجرد دوائر بالمحكمة المدنية والتجارية .
2 – لا تعتبر إحالة الدعوى مـــن المحكمة المدنية إليها – المحكمة الاقتصادية – مجرد قرار بإحالة الدعوى إدارياً من دائرة من دوائر المحكمة إلى دائرة أخرى من دوائرها ، وإنما هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص تلك المحكمة نوعياً بنظر الدعوى ، وبإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية باعتبارها المختصة بنظرها ومن ثم يقبل الطعن المباشر تطبيقاً لحكم المادة 212 من قانون المرافعات، فإذا لم يطعن الخصوم فيه بطرق الطعن المقررة قانوناً فإن قضاءها في هذا الشأن يحوز قوة الأمر المقضي ويمتنع عليهم العودة إلى مناقشة هذه المسألة ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم تسبق إثارتها كما يمتنع على المحكمة معاودة النظر فيه لما هو مقرر أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام . لما كان ذلك , وكانت الطاعنتان لم تطعنـــــا على الحكم الضمني الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية , فإنه لا يجوز لهما – بعد فوات ميعاد الطعن – الطعن فيه , كما تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون المرافعات , وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فلا يعيبه أن تنكب الوسيلة وذلك فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه التقريرات دون أن تنقضه .
3 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن قانون التجارة الجديد قد قامت فلسفته على المغايرة في مدد التقادم المتعلقة بالموضوعات التي تولى تنظيمها فجعل دين رصيد الحســــاب الجاري وعائده خاضعاً للتقادم العادي وفقاً لما تقضى به المادة 372 منه .
4 – خص ” المشرع في قانون التجارة الجديد ” التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية بتقادم أقصر مدته سبع سنوات على ما جاء بالمادة 68 منه والتي لا تواجه تقادم رصيد الحساب الجاري .
5 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الحساب الجاري تزول عنه صفته بإقفاله ويصبح رصيده ديناً عادياً يخضع للتقادم العادي، إذ الأصل في الالتزام مدنياً كان أو تجارياً أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً للمادة 374 من القانون المدني . لما كان ذلك , وكان تاريخ إقفال الحساب الجاري – وفق قول الطاعنتين في هذا الشأن – هو 19 من ديسمبر سنة 1998 , بينما أقام المطعون ضده دعواه بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 2004 قبل اكتمال مدة التقادم الطويل خمس عشرة سنة , فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بالتقادم , يكون قد طبق صحيح القانون ، ويضحى تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة غير منتج ، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما شاب تلك الأسباب من خطأ دون أن تنقضه .
6 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة الصورية وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت منها دون رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله .
7 – إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض صورية عقدي الكفالة على ما أورده في مدوناته أن عقدي الكفالة تضمنا التزام الطاعنتين بالتضامن في سداد جميع المديونيات المستحقة على رصيد شركة …. للبنك المطعون ضده وسداد جميع المبالغ التي يمكن أن تستدينها الشركة بالحساب الجاري المدين المؤرخ 20 من ديسمبر سنة 1997 , كما تم تحديد المبلغ بثلاثين مليون جنيه في عقدي الكفالة اللذين وردا مستقلين عن الورقة سند الدين بما يكشف عن تبصرة الطاعنتين بحجم المديونية، وجدية عقد الكفالة , وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سنداً لقضائه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه , فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المطروحة فيها وهو مما ينحسر عنه رقابة هذه المحكمة .
8 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن حق الدائن في الرجوع على الكفلاء المتضامنين غير مقيد بأي قيد , وأن الكفيل المتضامن يعتبر بوجه عام في حكم المدين المتضامن من حيث جواز مطالبة الدائن له وحده بكل الدين دون التزام بالرجوع أولاً على المدين الأصلي أو حتى مجرد اختصامه في دعواه بمطالبة ذلك الكفيل بكل الدين .
9 – النص في المادة 786 من القانون المدني على أن ” إذا أفلس المدين وجب على الدائن أن يتقدم في التفليسة بالدين , وإلا سقط حقه في الرجوع على الكفيل بقدر ما أصاب هذا الأخير من ضرر بسبب إهمال الدائن ” مفاده – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أنه إذا أفلس المدين قبل حلول أجل الدين المكفول , فإنه يتعين على الدائن أن يتقدم بحقه في تفليسة المدين ليحصل على ما يمكنه الحصول عليه من حقه ثم يرجع بالباقي عند حلول الأجل على الكفيل , فإذا قصر الدائن ولم يتقدم في تفليسة المدين , فإن ذمة الكفيل تبرأ بقدر ما كان يستطيع الدائن الحصول عليه من التفليسة .
10 – يجب على الكفيل في حالة – عدم تقدم الدائن بحقه في تفليسة المدين – أن يطلب استنزال ما كان يحصل عليه الدائن من تفليسة المدين سواء كان ذلك في صورة الدعوى أو في صورة الدفع , باعتبار أن مقدار هذا المبلغ يمثل الضرر الذى أصابه من عدم تقدم الدائن في التفليسة بالدين . فلا يبرأ الكفيل بقوة القانون من هـذا المقدار بل لابد له من الطلب . لما كان ذلك , وكانت الطاعنتان لم تحددا أو تثبتا مقدار المبلغ المراد استنزاله وهو ما كان للمطعون ضده كدائن الحصول عليه من حقه إذا تقدم في تفليسة المدين شركة … وهو ذاته الذى يمثل مقدار الضرر الذى أصابهما من إهماله في التقدم حتى يمكن إجراء المقاصة بين مديونية الطاعنتين ومقدار ما أصابهما من ضرر . بما يكون طلبهما ببراءة ذمتها على غير سند صحيح من القانون ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فقد أصاب صحيح القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الشق على غير أساس .
11 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة والموازنة بينهما وترجيح ما تطمئن إليه منها والأخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه متى اطمأنت إلى كفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي أقيم عليها التقرير , وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة .
12 – إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنتين متضامنتين بأن يؤديا للبنك المطعون ضده مبلغ ستين مليون جنيه وفق كشوف الحساب المرفق صورتها بتقرير الخبير المنتدب من أن رصيد مديونية الشركة المكفولة حتـى نهاية 2004 مبلغ 115019910 جنيهات , بعد استبعاده صورتي عقدي اعتماد الحساب الجاري المؤرخين 20 من ديسمبر 1997 و26 من فبراير سنة 1998 وما ترتب عليهما من مديونية على الشركة المكفولة لجحدهما من الطاعنتين , وأن سند إلزام الطاعنتين بالمبلغ محل الحكم ما ورد بعقدي الكفالة من التزام كل من الطاعنتين على حدة بالتضامن وسداد جميع المديونيات التي تستحق على رصيد الشركة المدينة في حدود ثلاثين مليون جنيه وكان هذا الذى خلص إليه الحكم يقوم على أسباب سائغة وله معينه الثابت في الأوراق بما يكفى لحمل قضائه , فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا النعي يضحى جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في فهم تقدير الأدلة المطروحة في الدعوى , مما ينحسر عنه رقابة هذه المحكمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام على الطاعنتين الدعوى رقم … لسنة 2008 تجارى جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما متضامنتين بأن تؤديا له مبلغ 283053990 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة وحتى تاريخ السداد, على سند أنهما كفلتا متضامنتين شركة …. ، التي تقاعست عن سداد مديونيتها الناشئة عــن التسهيلات الائتمانية الممنوحة لها بموجب عقد فتح اعتماد بحساب جارِ ومقدارها المبلغ المطالب به ، وإذ رفضت الطاعنتان سداد هذا المبلغ رغم التنبيه عليهما فأقام الدعوى . بتاريخ 28 من أكتوبر سنة 2008 قررت المحكمة إحالة الدعوى للمحكمة الاقتصادية بالقاهرة للاختصاص , حيث قيدت برقم …. لسنة 1 قضائية , وجهت الطاعنتان دعوى فرعية في مواجهة المطعون ضده بطلب إلزامه بتقديم عقد الاعتماد وما يفيد سحب الدين المكفول وببراءة ذمتهما من المبلغ المطالب به , وبتاريخ 20 من يوليو سنة 2009 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص النوعي وندبت خبيراً في الدعوى , وبعد أن أودع تقريره , قضت بتاريخ 11 من يناير سنة 2011 برفض الدعوى الفرعية , وبإلزام الطاعنتين متضامنتين بأن تؤديا للبنك المطعون ضده مبلغ ستين مليون جنيه مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الحاصل في 28 من سبتمبر 2008 وحتى تمام السداد . طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن , وإذ عُرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية , حددت جلسة لنظره أمام هذه المحكمة , وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنتان بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ؛ ذلك أنه لمــا كانت كفالة الدين التجاري تعتبر عملاً مدنياً ولو كان الكفيل تاجراً إعمالاً للمادة 797 من القانون المدني , بما تختص بنظر النزاع بشأنها المحاكم المدنية , كما أن كفالة الدين التجاري لا تدخل في أعمال البنوك التي تختص بنظرها المحاكم الاقتصادية , فإن الحكم إذ رفض الدفع المبدى منهما بعدم الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية يكــــون قد خالف القانون ، وإذ كان هذا الرفض من الحكم يعتبر حكماً فرعياً ، فإن ميعاد الطعن فيه يمتد حتى صدور الحكم المنهى للخصومة برمتها بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد , ذلك بأن النص في المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية على أنه ” فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة , تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها , بنظر المنازعات والدعاوى , التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه , والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية : …. (6) قانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة , وعمليات البنوك والإفلاس والصلح الواقي منه …. وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية , دون غيرها , بالنظر ابتداءً في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة ، إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ” . بما مفاده أن المشرع اختص دوائـــــــر المحاكـــم الاقتصادية نوعياً ، دون غيرها من المحاكم المدنية ، بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص – فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة – وأن قصره هذا الاختصاص ليس مَرَّده نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على أساس ، قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعى تطبيق تلك القوانين ، بما لا يجعل منها مجرد دوائر بالمحكمة المدنية والتجارية ، ومن ثم فلا تعتبر إحالة الدعوى من المحكمة المدنية إليها مجرد قرار بإحالة الدعوى إدارياً من دائرة من دوائر المحكمة إلى دائرة أخرى من دوائرها , وإنما هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص تلك المحكمة نوعياً بنظر الدعوى , وبإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية باعتبارها المختصة بنظرها , ومن ثم يقبل الطعن المباشر تطبيقاً لحكم المادة 212 من قانون المرافعات , فإذا لم يطعن الخصوم فيه بطرق الطعن المقررة قانوناً فإن قضاءها في هذا الشأن يحوز قوة الأمر المقضي ويمتنع عليهم العودة إلى مناقشة هذه المسألة ولو بـــــأدلة قانونية أو واقــــعية لــــم تسبق إثارتها كما يمتنع على المحكمة معاودة النظر فيه لما هو مقرر أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام . لما كان ذلك , وكانت الطاعنتان لم تطعنـــــا على الحكم الضمني الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية , فإنه لا يجوز لهما ـ بعد فوات ميعاد الطعن ـ الطعن فيه , كما تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون المرافعات , وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فلا يعيبه أن تنكَّب الوسيلة وذلك فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه التقريرات دون أن تنقضه ويكون النعي عليه على غير أساس .
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالوجه الثاني من السبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون , إذ رفض الدفع بسقوط الحق في الدعوى بالتقادم بمضي سبع سنوات إعمالاً للمادة 68 من قانون التجارة , استناداً منه أن قفل الحساب الجاري كان بتاريخ صدور حكم بشهر إفلاس المدين المكفول في 30 من ديسمبر سنة 2004 في حين أن تاريخ إقفال الحساب الجاري كان بانتهاء مدته في 19 من ديسمبر سنة 1998 وأن البنك المطعون ضده أقام دعواه بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 2008 بما تكون مدة التقادم قد اكتملت , مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير منتج , ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن قانون التجارة الجديد قد قامت فلسفته على المغايرة في مدد التقادم المتعلقة بالموضوعات التي تولى تنظيمها فجعل دين رصيد الحساب الجاري وعائده خاضعاً للتقادم العادي وفقاً لما تقضى به المادة 372 منه , وخص التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية بتقادم أقصر مدته سبع سنوات على ما جاء بالمادة 68 منه والتي لا تواجه تقادم رصيد حسابه الجاري , وكان المقرر أن الحساب الجاري تزول عنه صفته بإقفاله ويصبح رصيده ديناً عادياً يخضع للتقادم العادي ، إذ الأصل في الالتزام مدنياً كان أو تجارياً أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً للمادة 374 من القانون المدني . لما كان ذلك , وكان تاريخ إقفال الحساب الجاري ـ وفق قول الطاعنتين في هذا الشأن ـ هو 19 من ديسمبر سنة 1998بينما أقام المطعون ضده دعواه بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 2004 قبل اكتمال مدة التقادم الطويل خمس عشرة سنة ، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بالتقادم , يكون قد طبق صحيح القانون ، ويضحى تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة غير منتج ، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما شاب تلك الأسباب من خطأ دون أن تنقضه .
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالوجه الثالث من السبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنهما دفعتا بصورية عقدي الكفالة سند الدعوى لعدم تقديم البنك المطعون ضده عقد فتح الاعتماد بالحساب الجاري المؤرخ20 من ديسمبر سنة 1997 بمبلغ ثلاثين مليون جنيه ، كما عجز عن تقديم المستندات الدالة على سحب المبلغ محل الكفالة من الاعتماد بمعرفة الشركة المكفولة كما خالف عقدا الكفالة المادة 744 مدنى لعدم يسار الطاعنتين ، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفــــض هـــذا الدفع وانتهى إلى جدية عقدي الكفالة يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ؛ ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة الصورية وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت منها دون رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض صورية عقدي الكفالة على ما أورده في مدوناته أن عقدي الكفالة تضمنا التزام الطاعنتين بالتضامن على سداد جميع المديونيات المستحقة على رصيد شركة …. للبنك المطعون ضده وسداد جميع المبالغ التي يمكن أن تستدينها الشركة بالحساب الجاري المدين المؤرخ 20 من ديسمبر سنة 1997 , كما تم تحديد المبلغ بثلاثين مليون جنيه في عقدي الكفالة اللذين وردا مستقلين عن الورقة سند الدين بما يكشف عن تبصرة الطاعنتين بحجم المديونية , وجدية عقد الكفالة , وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سنداً لقضائه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه , فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المطروحة فيها وهو مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة , ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالوجه الرابع من السبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون , ذلك بأنهما تمسكتا ببراءة ذمتهما من الدين ، لعدم تقدم المطعون ضده في تفليسة الشركة المدينة الأصلية والتي أُشهر إفلاسها بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 2004 بموجب الحكم رقم … لسنة 2004 إفلاس جنوب القاهرة الابتدائية . وإذ أصابها ضرر بمقدار ما كان يحصل عليه المطعون ضده من التفليسة إعمالاً للمادة 786 من القانون المدني ، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض دعواهما الفرعية , يكون معيباً بمـا يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن حق الدائن في الرجوع على الكفلاء المتضامنين غير مقيد بأي قيد , وأن الكفيل المتضامن يعتبر بوجه عام في حكم المدين المتضامن من حيث جواز مطالبة الدائن له وحده بكل الدين دون التزام بالرجوع أولاً على المدين الأصلي أو حتى مجرد اختصامه في دعواه بمطالبة ذلك الكفيل بكل الدين ، وأن النص في المادة 786 من القانون المدني على أن ” إذا أفلس المدين وجب على الدائن أن يتقدم في التفليسة بالدين , وإلا سقط حقه في الرجوع على الكفيل بقدر ما أصاب هذا الأخير من ضرر بسبب إهمال الدائن ” مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه إذا أفلس المدين قبل حلول أجل الدين المكفول , فإنه يتعين على الدائن أن يتقدم بحقه في تفليسة المدين ليحصل على ما يمكنه الحصول عليه من حقه ثم يرجع بالباقي عند حلول الأجل على الكفيل , فإذا قصر الدائن ولم يتقدم في تفليسة المدين , فإن ذمة الكفيل تبرأ بقدر ما كان يستطيع الدائن الحصول عليه من التفليسة , ويجب على الكفيل في هذه الحالة أن يطلب استنزال ما كان يحصل عليه الدائن من تفليسة المدين سواء كان ذلك في صورة الدعوى أو في صورة الدفع ، باعتبار أن مقدار هذا المبلغ يمثل الضرر الذى أصابه من عدم تقدم الدائن في التفليسة بالدين . فلا يبرأ الكفيل بقوة القانون من هذا المقدار ، بل لابد له من الطلب . لما كان ذلك ، وكانت الطاعنتان لم تحددا أو تثبتا مقدار المبلغ المراد استنزاله وهو ما كان للمطعون ضده كدائن الحصول عليه من حقه إذا تقدم في تفليسة المدين ـ شركة … لتجارة الورق ـ وهو ذاته الذى يمثل مقدار الضرر الذى أصابهما من إهماله في التقدم , حتى يمكن إجراء المقاصة بين مديونية الطاعنتين ومقدار ما أصابهما من ضرر . بما يكون طلبهما ببراءة ذمتها على غير سند صحيح من القانون ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فقد أصاب صحيح القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الشق على غير أساس .
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع , إذ تمسكتا ببراءة ذمتهما لعدم تقديم المطعون ضده عقد فتح الاعتماد بالحساب الجاري المؤرخ 20 مــــــــن ديسمبر سنة 1997 والذى على أساسه تم تحرير كشوف الحساب الذى استند إليها الخبيـــــــر في تقريره , كما لم يقدم الإيصالات الدالة على سحب المبالغ محل عقدي الكفالة , كما أن مسئوليتهما في كفالة الدين تنحصر حتى نهاية العقد في 19 من ديسمبر 1998 دون أي مديونيات أخرى , فإن الحكم إذ انتهى إلى انشغال ذمتهما بالمبلغ المقضي به استناداً إلى تقرير الخبير المنتدب رغم فساده ودون الرد على دفاع الطاعنتين , فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة والموازنة بينهما وترجيح ما تطمئن إليه منها والأخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه متى اطمأنت إلى كفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي أقيم عليها التقرير ، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنتين متضامنتين بأن يؤديا للبنك المطعون ضده مبلغ ستين مليون جنيه وفق كشوف الحساب المرفقة صورتها بتقرير الخبير المنتدب من أن رصيد مديونية الشركة المكفولة حتـى نهاية 2004 مبلغ 115019910 جنيهات , بعد استبعاده صورتي عقدي اعتماد الحساب الجاري المؤرخين 20 من ديسمبر 1997 و26 من فبراير سنة 1998 وما ترتب عليهما من مديونية على الشركة المكفولة لجحدهما من الطاعنتين ، وأن سند إلزام الطاعنتين بالمبلغ محل الحكم ما ورد بعقدي الكفالة من التزام كل من الطاعنتين على حدة بالتضامن وسداد جميع المديونيات التي تستحق على رصيد الشركة المدينة في حدود ثلاثين مليون جنيه . وكان هذا الذى خلص إليه الحكم يقوم على أسباب سائغة وله معينه الثابت في الأوراق بما يكفى لحمل قضائه ، فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا النعي يضحى جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في فهم تقدير الأدلة المطروحة في الدعوى ، مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ، ومن ثم غير مقبول .
ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً