نموذج وصيغة مذكرة دفاع بازالة التعدي الواقع من الغير على أملاك هيئة الأوقاف المصرية
هيئة الأوقاف المصرية
الإدارة المركزية للشئون القانونية
الإدارة العامة للقضايا وتنفيذ الأحكام
إدارة القضايا
7 “أ” شارع يوسف نجيب، بالعتبة، القاهرة.
مجلس الدولة
محكمة “القضاء الإداري”
الدائرة/ الرابعة “منازعات أفراد – ج”
مذكرة
بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (المطعون ضدها الأولى)
ضــــــــــــــد
السيد/ سيد إبراهيم أحمد حامد (الطاعن)
في الطعن رقم 43218 لسنة 64 قضائية “قضاء إداري”
والمحجوزة للحكم لجلسة 18/10/2011م للمرافعة.
أولاً- الوقائع
تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي فيها عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/8/2010 طلب في ختامها الحكم له: “أولاً- بقبول الطعن شكلاً. ثانياً- وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 523 لسنة 2010، لحين الفصل في موضوع الطعن بحكم نهائي وبات. ثالثاً- وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 523 لسنة 2010، وعدم الاعتداد به في مواجهة المدعي، مع إلغاء ما يترتب على ذلك من آثار. مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف والأتعاب، مع الحكم بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، وذلك بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة”.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه يمتلك – على حد زعمه – عقار التداعي بموجب عقد بيع ابتدائي ممن يدعى/ عطية محي الدين بسيوني، وإذ أصدرت هيئة الأوقاف المصرية قرارها المطعون فيه بإزالة التعدي الواقع منه على عقار التداعي، وإذ يعني المدعى على ذلك القرار بمخالفته للدستور وعدم المشروعية وانعدام ركن السبب فيه (على حد زعمه)، مما حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.
ثانياً- الدفاع
مقدمة لازمة:
لما كان الثابت بالأوراق، وبالمستندات المقدمة من هيئة الأوقاف المصرية، أن قطعة الأرض محل النزاع الماثل مملوكة لجهة الوقف الخيري الذي تديره (وتتصرف فيه وتستثمره) هيئة الأوقاف المصرية نيابة عن وزارة الأوقاف (طبقاً لقانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية رقم 80 لسنة 1971).
وبموجب قائمة شروط استبدال (بيع) أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة في 29/7/1978م، صادرة من هيئة الأوقاف المصرية (كبائعة)، وموقع عليها من السيد/ عطية محي الدين بسيوني (كمشتري)، اشترى المذكور بموجبه قطعة أرض زراعية مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان واحد وقيراطان وسبعة أسهم) تعادل 4005م2 (أربعة آلاف وخمسة أمتار مربعة)، كائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – القاهرة، لقاء ثمن إجمالي قدره ــ/180.050جم (مائة وثمانون ألف وخمسون جنيهاً).
وإذ تقاعس المشتري (السيد/ عطية محي الدين بسيوني) عن سداد قيمة أقساط ثمن الأرض المبيعة، مما حدا بهيئة الأوقاف المصرية إلى إقامة الدعوى رقم 15669 لسنة 1996 إيجارات كلي جنوب القاهرة، ضد المشتري منها (سالف الذكر) بغية القضاء لها: “أولاً: بفسخ قائمة شروط استبدال أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة 29/7/1978 عن مساحة الأرض الزراعية البالغ مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان واحد وقيراطان وسبعة أسهم) الكائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – القاهرة. ثانياً: بإخراج هذا القدر من الحراسة المفروضة على المشتري بواسطة المدعى عليه الثاني بصفته (السيد المستشار/ المدعي العام الاشتراكي بصفته) وتسليم هذه المساحة لهيئة الأوقاف المصرية بالحالة التي كانت عليها عند التعاقد. مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة”.
وتداولت الدعوى رقم 15669 لسنة 1996 إيجارات كلي جنوب القاهرة بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 27/12/1997 أصدرت الدائرة 23 إيجارات بمحكمة جنوب القاهرة الكلية حكمها الذي جرى منطوقه على النحو التالي: “أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني بصفته (السيد المستشار/ المدعي العام الاشتراكي بصفته). ثانياً: بفسخ قائمة شروط استبدال أعيان الأوقاف الخيرية المؤرخة 29/7/1978 الصادر لصالح المدعى عليه الأول (السيد/ عطية محي الدين بسيوني) عن مساحة الأرض الزراعية المبينة بصحيفة الدعوى، وألزمت المدعى عليه الأول بالمصاريف وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات”. وقد أصبح هذا الحكم نهائي بفوات مواعيد الطعن وعدم الطعن عليه بطريق الاستئناف، وبالتالي فقد حاز قوة وحجية الأمر المقضي به.
حجية الحكم النهائي القاضي بفسخ قائمة شروط الاستبدال (البيع) لعين النزاع في مواجهة المدعي في الدعوى الماثلة:
لما كان ما تقدم، وكان المدعي في الدعوى الماثلة هو خلف خاص للبائع له (المدعو/ عطية محي الدين بسيوني – المشتري بدوره من هيئة الأوقاف المصرية “المطعون ضدها الأولى”)، حيث إن المدعي في الدعوى الماثلة اشترى من سلفه جزء من الأرض المبيعة لهذا الأخير من هيئة الأوقاف المصرية، وحيث إن المدعي في الدعوى الماثلة لم يسجل عقد شرائه من سلفه، ومن ثم فالمدعي يُعد خلفاً خاصاً للبائع له، وبالتالي يكون الحكم الصادر ضد البائع (المدعو/ عطية محي الدين بسيوني) بفسخ عقد شرائه من هيئة الأوقاف المصرية نافذاً ويحوز حجية وقوة الأمر المقضي بالنسبة إلى المدعي في الدعوى الماثلة.
حيث إنه من المقرر قانوناً أن:
“المشتري الذي لم يسجل عقد شرائه، يعتبر دائناً عادياً للبائع، ومن ثم يحاج المشتري بالأحكام التي تصدر ضد البائع متعلقة بالعقار المبيع. إذ أن الأحكام ليست حجة على الخصوم فيها فحسب، وإنما هي حجة كذلك على خلفهم العام. كما إنها حجة على الخلف الخاص بشرط أن يكون الحكم متعلقاً بالعين التي انتقلت إلى الخلف الخاص وأن تكون الدعوى التي صدر فيها الحكم قد رفعت قبل انتقال العين إلى الخلف الخاص (بتسجيل عقد البيع)”.
(لطفاً، المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول – المجلد الثاني – طبعة 2006 – بند 366 – صـ 618).
ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
“الحكم الذي يصدر ضد البائع فيما يقوم بشأن العقار المبيع من نزاع يُعتبر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – حجة على المُشتري الذي لم يكن قد سجل عقد شرائه عند صدوره على أساس أن المُشتري يُعتبر مُمثلاً في شخص البائع له في تلك الدعوى المُقامة ضده وأنه خلف خاص له”.
(الطعن رقم 2555 لسنة 52 قضائية – جلسة 7/3/1984. مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – الجزء الأول – صـ 630).
ومن المُقرر في قضاء النقض كذلك، أن:
“الأحكام الصادرة في مواجهة السلف تكون حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه إذا صدرت قبل انتقال الحق إلى الخلف واكتسابه الحق عليه، أما إذا صدر الحكم فيها بعد ذلك فإنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يتعدى أثره ولا تمتد حجيته إلى الخلف الخاص فيُعتبر من الغير بالنسبة له”.
(نقض مدني في الطعن رقم 2049 لسنة 53 قضائية – جلسة 12/2/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – الجزء الأول – صـ 228.
ونقض مدني في الطعنين رقمي 2508 و 2526 لسنة 52 قضائية – جلسة 8/5/1986).
الأثر المترتب على الفسخ:
لما كانت المادة 160 من القانون المدني تنص على أنه:
“إذا فُسِخَ العقد أُعيدَ المُتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض”.
وكان من المُقرر في قضاء النقض أن:
“النص في المادة 160 من القانون المدني يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أنه يترتب على فسخ عقد البيع انحلال العقد بأثر رجعى منذ نشوئه بحيث تعود العين المبيعة إلى البائع – بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1458 لسنة 49 قضائية – جلسة 8/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 652).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإنه يترتب على صدور الحكم النهائي ضد المشتري الأصلي (البائع للمدعي في الدعوى الماثلة) بفسخ عقد شرائه من الأوقاف، وكان هذا الحكم حجة على المدعي في الدعوى الماثلة حيث إنه لم يسجل عقد شرائه قبل صدور حكم الفسخ (على نحو ما سلف بيانه)، فإنه يترتب على ذلك الفسخ الذي هو حجة على المدعي أن يعاد جميع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد، ومن ثم تكون ملكية أرض التداعي ما زالت قانوناً لهيئة الأوقاف المصرية دون المدعي، حيث إن ملكية تلك الأرض لم تنتقل لا إلى المشتري من هيئة الأوقاف ولا إلى المدعي في الدعوى الماثلة (المشتري من المشتري من هيئة الأوقاف) لأنهما كلاهما لم يسجل عقد شرائه، ومن المعلوم أن الملكية في العقارات لا تنتقل لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل وفقاً لقانون الشهر العقاري والتوثيق، ومن ثم يظل ملك تلك الأرض لهيئة الأوقاف المصرية المالكة الأصلية والدائمة والحالية.
حظر التعدي أو وضع اليد على الأوقاف الخيرية، وحظر اكتساب أي حق عليها بالتقادم، وإجازة التعدي الواقع عليها بالطريق الإداري:
لما كان ما تقدم، وكان المشرع قد حظر التعدي أو وضع اليد على أملاك الأوقاف الخيرية، كما منع اكتساب أي حق عيني على الأوقاف الخيرية بالتقادم، بل ومنح المشرع للأوقاف الخيرية سلطة إزالة التعدي أو وضع اليد على أملاكها بالطريق الإداري، طبقاً لصريح نص المادة 970 من القانون المدني.
حيث تنص المادة 970/2 و 3 من القانون المدني على أنه:
“لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة وفى حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً”.
ومن المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه:
“وحيث أن المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957، و 309 لسنة 1959 و 55 لسنة 1970 تنص على أنه “… لا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص إزالته إدارياً”، ومؤدى هذا النص، في ضوء المذكرات الإيضاحية لتعديلاته، أنه مراعاة لكثرة وقوع حالات الإدعاء بالملكية وحوادث التعدي على أملاك الحكومة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي من هذه الأشخاص العامة وكذلك شركات القطاع العام وجهات الوقف الخيري، فقد اقتضى الأمر إضفاء حماية خاصة على تلك الأموال في مواجهة كل من التقادم المكسب للغير والتعدي، وذلك نأياً بها عن مجال تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها، وتأميناً لها من خطر التعدي عليها بحيث إذا وقع مثل هذا التعدي كان من حق الجهة الإدارية المختصة إزالته بالطريق الإداري. ومن حيث أنه يؤخذ مما تقدم أن المشرع لم يشأ أن يقصر حمايته للأموال الخاصة المملوكة للدولة ولجهات الوقف الخيري وغيرها من الجهات التي حددها في النص المشار إليه، على مجرد حظر تملك هذه الأموال أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وإنما بسط هذه الحماية لتشمل منع أي تعد عليها، وأعطى في ذات الوقت الجهات المذكورة حق دفع هذا التعدي ورده بإزالته إدارياً وذلك تفادياً لدخولها مع واضعي اليد من المعتدين في دعاوى ومنازعات إذا ما ترك أمر تقدير الإزالة لجهات القضاء، وغير خاف ما يستغرقه الفصل في هذه الإشكالات من وقت وجهد يعوق تلك الأموال عن أداء الدور السياسي المنوط بها في خدمة الاقتصاد القومي ويغل يد الإدارة عن استغلالها وتنفيذ مشروعاتها”.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 234 و 240 لسنة 25 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 21/6/1980، مجموعة العشر سنوات – جـ1 – صـ 625.
وفي الطعن رقم 682 لسنة 31 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 14/1/1989 – السنة 34 – صـ 432.
وفي الطعن رقم 864 لسنة 28 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 28/12/1985 – السنة 30 – صـ 45.
وفي الطعن رقم 1246 لسنة 29 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 17/1/1987 – السنة 32 – صـ 654).
هذا، وقد تواتر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه:
“ومن حيث أنه باستقراء المادة 970 من القانون المدني، المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957، و 309 لسنة 1959، و 55 لسنة 1970، على هدى من المذكرات الإيضاحية، يبين أن المشرع بسط الحماية على الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، سواء بحظره تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم، أو بتجريمه التعدي عليها، أو بتخويله الجهة الإدارية المعنية سلطة إزالة هذا التعدي إدارياً، دون حاجة إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في دعاوى غيرها. فلا يعوق سلطتها في إزالة التعدي مجرد منازعة واضع اليد أو محض ادعائه حقاً لنفسه أو إقامته دعوى بذلك أمام القضاء المدني، طالما أن لدى الجهة الإدارية مستندات أو أدلة جدية بحقها، وهو ما يخضع لرقابة القضاء الإداري عند بحثه مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في موضوع الملكية أو الحق المتنازع عليه حتى يفحص المستندات ويفحص الأوراق المقدمة من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه عند التحقق من صحة هذا القرار وخاصة قيامه على سببه المبرر له قانوناً المستمد من شواهد ودلائل جدية”.
(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1336 لسنة 30 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 7/11/1987 – السنة 33 – صـ 154).
اختصاص هيئة الأوقاف المصرية بإصدار قرارات الإزالة:
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
“المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنه 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية – المشرع أنشأ هيئة الأوقاف المصرية بمقتضى هذا القانون وخولها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها – أساس ذلك – اعتبارها نائبا عن وزير الأوقاف بصفته ناظر وقف. إزالة التعدي على الأوقاف الخيرية – شروطها – توافر أسباب ودواعي استعمالها كوجود اعتداء ظاهر على تلك الأموال أو محاولة غصبها بدون مبرر قانوني – هيئة الأوقاف المصرية هي صاحبة الاختصاص في إزالة هذا التعدي – أساس ذلك – أنها الملكة والمسئولة عن إدارة هذه الأراضي ومن ثم مختصة بالمحافظة عليها”.
(نقض مدني في الطعن رقم 3927 لسنة 73 قضائية – جلسة 30/1/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 693).
وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الدعوى الماثلة يتضح جلياً لعدالة المحكمة الموقرة أن عين مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية، وأن عقد بيعها لسلف المدعي في الدعوى الماثلة قد تم فسخه لإخلاله ببنود العقد، وأن حكم الفسخ يحوز الحجية ضد المدعي في الدعوى الماثلة بوصفه خلف خاص للبائع له لعدم تسجيله عقد شرائه منه قبل (أو حتى بعد) صدور حكم الفسخ، وإنه يترتب على الفسخ إعادة المتعاقدين (وخلفهم العام والخاص) إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد، ومن ثم تظل ملكية عين التداعي ثابتة لهيئة الأوقاف المصرية دون منازع، وأن المشرع قد حظر التعدي أو وضع اليد على أعيان الأوقاف الخيرية كما منع اكتساب أي حق عيني عليها بالتقادم، وأجاز لهيئة الأوقاف المصرية سلطة إزالة ذلك التعدي (أو وضع اليد الذي لا يستند إلى سبب قانوني يبرره في مواجهة الأوقاف) بالطريق الإداري، دون حاجة إلى استصراخ القضاء من جانبها أو انتظار كلمته في دعاوى غيرها. وكان من المُقرر قانوناً – على نحو ما سلف بيانه – أنه لا يعوق سلطة الجهة الإدارية في إزالة التعدي مجرد منازعة واضع اليد أو محض ادعائه حقاً لنفسه أو إقامته دعوى بذلك أمام القضاء المدني، طالما أن لدى الجهة الإدارية مستندات أو أدلة جدية بحقها، وهو ما يخضع لرقابة القضاء الإداري عند بحثه مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي، فهو لا يفصل في موضوع الملكية أو الحق المتنازع عليه حين يفحص المستندات ويمحص الأوراق المقدمة من الطرفين، وإنما يقف اختصاصه عند التحقق من صحة هذا القرار وخاصة قيامه على سببه المبرر له قانوناً المستمد من شواهد ودلائل جدية. ولما كان كل ذلك متوافر ومتحقق في حالة دعوانا الماثلة بما مفاده أن الدعوى الماثلة قد جاء على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون جديرة بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.
الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها: “برفض الدعوى الماثلة – بشقيها المستعجل والموضوعي – مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة”.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الخيرية أياً ما كانت،،،
عن هيئة الأوقاف المصرية
….
المحامي
…………
وبجلسة 22/11/2011 صدر الحكم التالي في الدعوى المتقدم ذكرها:
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الرابعة – منازعات أفراد
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 22/11/2011م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ **** نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ ***** نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ ***** نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ ****** مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ ***** أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 43218 لسنة 64 قضائية
المقامة من/ سيد إبراهيم أحمد حامد
ضـــــد
1- السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته.
2- السيد/ محافظ القاهرة بصفته.
3- السيد/ كبير محضري الشرابية بصفته.
4- السيد/ مأمور قسم الشرابية بصفته.
5- السيد/ مدير منطقة الإسكان بمحافظة القاهرة – حي الشرابية بصفته.
الوقائع
تخلص وقائع الدعوى في أن المدعي أقام دعواه الماثلة بصحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/8/2010 طالباً في ختامها الحكم: “بوقف تنفيذ، ثم إلغاء القرار المطعون فيه رقم 253 لسنة 2010 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان”.
وذكر المدعي شرحاً لدعواه إنه يمتلك قطعة أرض وبناء العقار رقم 36 بشارع عبد الرحمن عبد الغني بالشرابية بمساحة 124م2 (مائة وأربعة وعشرون متراً مربعاً) بموجب عقد الشراء من/ عطية محي الدين بسيوني، وإذ فوجئ بصدور القرار رقم 253 لسنة 2010 متضمناً إزالة التعدي الواقع منه على العقار، وذلك بالمخالفة للقانون لأن تلك الأرض امتلكها عن طريق الشراء بموجب العقد المؤرخ 18/3/1979 من/ عطية محي الدين بسيوني وقد قام بالبناء على نفقته الخاصة وحيازته لها مستقرة، وكان يتعين أن يكون هذا القرار مستنداً لسبب من الواقع، وإذ هو خالف ذلك، ومن ثم يكون باطلاً، مما يتعين وقف تنفيذه ثم إلغائه. وفي ختام عريضة دعواه طلب المدعي الحكم بطلباته سالفة البيان.
وتداول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن المدعي 3 حوافظ مستندات ومذكرة، وقدم الحاضر عن الهيئة المدعى عليها حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وبجلسة 18/10/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن حيث أن المدعي يطلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث أن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم يتعين الحكم بقبولها شكلاً.
ومن حيث أن الشق العاجل من الدعوى بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه يتعين لقبول هذا الطلب ركنان: أولهما- ركن “الجدية”، بقيام أدلة الطالب، بحسب الظاهر، على أسباب يرجح معها إلغاء القرار المطعون فيه؛ وثانيهما- ركن “الاستعجال”، بأن يترتب على القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
ومن حيث أنه عن ركن “الجدية”، فإن المادة 87 من القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 المعدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954 تنص على أنه: ”
1- تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
2- وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم”.
ومن حيث أن المادة 970 من ذات القانون، والمعدلة بالقرارين الجمهوريين رقمي 147 لسنة 1957 و 309 لسنة 1959، والقانون رقم 55 لسنة 1970، تنص على أنه: ”
1- …
2- ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
3- ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفى حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً”.
ومن حيث أن مؤدى ما سبق: “أن المشرع أضفى حماية خاصة على الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة أو خاصة، و ذلك في مواجهة كل من التقادم المكسب وفي مواجهة التعدي، حتى ينأى بهذه الأموال عن مجال تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم أو وضع اليد، وتأميناً لها من خطر التعدي والغصب، فإذا وقع شيء من ذلك، فللإدارة – بقرار منها – إزالته إدارياً دون اللجوء للقضاء، إلا أنه يتعين عليها عند استعمالها لهذا الحق أن تثبت أولاً ملكيتها للمال محل الإزالة، وأن يكون سند ادعائها له أصل ثابت بالأوراق، والقضاء الإداري يبسط رقابته على هذا جميعه دون أن يتولى البحث في الملكية التي يختص بنظرها القضاء المدني، فإذا ما استند واضع اليد على مال مملوك للدولة إلى ادعاء بحق له ما يبرره من مستندات تؤيده في ظاهرها ادعائه، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه لنفسه، فلا يسوغ للإدارة أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد، على اعتبار أنها في هذا الصدد لا تكون في مناسبة دفع اعتداء أو إزالة غصب، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تدعيه حقاً لها، وهو أمر غير جائز بحسبان أن الأصل إحالة هذا النزاع للسلطة القضائية للفصل فيه بحكم ولايتها الدستورية أو القانونية”.
(يراجع في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3747 لسنة 31 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 27/5/1989؛ مشار إليه في: “الموسوعة الإدارية الحديثة”، الجزء رقم 27 ، صـ 380. وفي ذات المعنى: حكمها في الطعن رقم 2519 لسنة 43 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 16/7/2000).
ومن حيث أن المقصود بالتعدي – التي أجازت المادة 970 مدني إزالته بالطريق الإداري – هو: أن يقع عدوان مادي على مال من الأموال المملوكة ملكية خاصة للدولة أو للأشخاص المشار إليها في تلك المادة، وأن يتجرد هذا العدوان من أي أساس قانوني يستند إليه.
(يراجع في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2156 لسنة 34 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 7/12/1997؛ مشار إليه في: “الموسوعة الإدارية الحديثة”، الجزء رقم 41 ، صـ 1366).
ومن حيث أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد أستقر على أن: “سلطة الجهة الإدارية في إزالة التعدي على أملاكها الخاصة بالطريق الإداري المخولة لها بمقتضى النصوص السابقة – منوطه بتوافر أسبابها: من اعتداء ظاهر على تلك الأملاك أو محاولة غصبها؛ أما إذا كان واضع اليد يستند في وضع يده إلى ادعاء بحق على هذا الملك له ما يبرره من مستندات تؤيد ما يدعيه من حق أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه إلى نفسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار، فلا يكون ثمة غصب أو اعتداء وقع على ملك الدولة، وبالتالي لا يسوغ في هذه الحالة أن تتدخل الجهة الإدارية بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد لأنها لا تكون عندئذ في مناسبة إزالة اعتداء على ملكيتها، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تدعيه من حق وهو أمر غير جائز قانوناً بحسب الأصول العامة التي تجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم النزاع فيها لسلطة القضاء المختصة بحكم ولايتها الدستورية والقانونية”.
(يراجع في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1389 لسنة 44 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 5/5/2004. وفي ذات المعنى: حكمها في الطعن رقم 1326 لسنة 46 قضائية “إدارية عليا” الصادر بجلسة 25/1/2006).
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم، وكان البادي من ظاهر الأوراق بالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى أن: الهيئة المدعى عليها لها وقف خيري على قطعة أرض زراعية مساحتها 7س 2ط 1ف (فدان واحد وقيراطان وسبعة أسهم) تعادل 4005م2 (أربعة آلاف وخمسة أمتار مربعة)، كائنة بحوض اليازجي نمرة 5 – قطعة رقم 7 – بناحية منية السرج – بالشرابية – بالقاهرة، وقد قامت باستبدالها بأكملها للمدعو/ عطية محي الدين بسيوني إلا أنه لم يقم بسداد باقي مستحقات الهيئة ولم يلتزم بشروط الاستبدال وصدر ضده حكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 15669 لسنة 1996 بفسخ قائمة شروط الاستبدال لتلك الأرض. إلا أن المدعي وآخرين وقد سبق لهم شراء قطع أراضي مقسمة من تلك المساحة، منها الأرض محل القرار المطعون فيه، وأقام عليها المباني من نفقته الخاصة. لما كان ذلك، وكانت علاقة البائع بالهيئة المدعى عليها قد انفصمت بمقتضى الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة بفسخ قائمة شروط الاستبدال ومن ثم لا تربطه أية علاقات مع تلك الهيئة، مما ينعكس على علاقة المدعي بالهيئة ذاتها، وإذ رفض المدعي وآخرون أداء قيمة إيجارية أو مقابل انتفاع لتلك الأراضي، ومن ثم يكون وضع يد المدعي على تلك الأرض يد غاصب دون سند من القانون، ويكون لقرار الهيئة المدعى عليها سبب ظاهر من الأوراق، قد صدر قائماً على سبب صحيح ومتفقاً وأحكام القانون وغير مرجح الإلغاء، فينتفي بذلك ركن “الجدية” في طلب وقف التنفيذ، مما يتعين معه القضاء برفضه، دون حاجة لبحث ركن “الاستعجال” لعدم جدواه.
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: “بقبول الدعوى شكلاً؛ وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب؛ وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء”.
أمين السر رئيس المحكمة
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً