صيغة ونموذج مذكرة دفاع في جنحة مباشرة – جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم أو أمر
هيئة الأوقاف المصرية
منطقة أوقاف سوهاج
الشئون القانونية
محكمة سوهاج الجزئية
دائرة الجنح
مذكرة
بدفاع/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية (بصفته مسئول عن الحقوق المدنية)
ضد
السيدة/ رجاء فهمي عبد القادر طايع. (مدعية بالحق المدني)
في الجنحة رقم ……………………………… لسنة 2007 جنح سوهاج (قسم أول)، والمحدد لنظرها جلسة يوم السبت الموافق 14/7/2007م للمرافعة.
أولاً- الوقائع
تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعية بالحق المدني قد قام بتحريك الدعوى الجنائية بطريق الإدعاء المباشر ضد المتهمين، بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة، وأعلنت قانوناً، طلب في ختامها الحكم بمعاقبة المتهمين وفقاً لنص المادة 123 عقوبات لأنهما بتاريخ 26/3/2007 بدائرة قسم أول سوهاج امتنعا عن تنفيذ الأمر الصادر من مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية والمقيد تحت رقم 196 لسنة 2005 في تاريخ 23/1/2005، بأن رفضا تحرير عقود تمليك عدد خمس وحدات بالبرج رقم 4 بحي الكوثر والتابع لهيئة الأوقاف المصرية بسوهاج رغم إنذارهما واختصاصهما بذلك، مع إلزامهما بدفع مبلغ 2001جم (ألفا وواحد جنيه) على سبيل التعويض المؤقت للطالبة وتحميلهما المصروفات والأتعاب.
وقالت المدعية بالحق المدني شرحاً لدعواها الماثلة أن مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية كان قد أصدر قراره الرقيم 196 لسنة 2005 بتاريخ 3/1/2005 والذي نص على: “الموافقة على ما جاء بالمذكرة المعروضة على المجلس من الإدارة العامة للإسكان والتشييد بشأن طلب جمعية مستثمري سوهاج بتخصيص البرج رقم 4 بحي الكوثر بسوهاج بمقدم ثمن 15% على أن يسدد الباقي بريع 7% لمدة 20 عاماً”.
وحيث أنه نفاذاً لذلك “الأمر الصادر من الحكومة” تقدمت المدعية بالحق المدني بطلب إلى جمعية المستثمرين بحي الكوثر بصفتها صاحبة مصنع يوباكو بحي الكوثر بسوهاج للتعاقد على عدد خمس وحدات بالبرج رقم 4 الخاص بأعضاء جمعية المستثمرين، وقامت بسداد نسبة 15% التي اشترطتها الهيئة حسب المستندات التي تم الدفع على أساسها، وحيث أنها طالبت مدير عام منطقة أوقاف سوهاج بتحرير العقود الخاصة بهذه الوحدات بعد سداد المبالغ المطلوبة إلا أنه أمتنع دون وجه حق – على حد زعمها – مما حدا بها إلى التقدم بشكوى إلى قسم شرطة أول سوهاج ضد المتهمين وقيدت الشكوى تحت رقم 1416 لسنة 2007 إداري قسم أول سوهاج. وحيث أن المدعية بالحق المدني قد أنذرت المتهمين بتحرير العقود في مدة أقصاها ثمانية أيام إلا أنهما لم يحركا ساكناً – على حد زعمها – مما حدا بها إلى إقامة الدعوى الماثلة بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر، تأسيساً على أن المقصود بالأوامر الصادرة من الحكومة التي يقصدها نص المادة 123 من قانون العقوبات هي القرارات الإدارية. ومن ثم تم تحديد جلسة اليوم لنظر الدعوى.
ثانياً- الدفاع
أولاً- نطلب قبول تدخل رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته المسئول عن الحقوق المدنية في الدعوى الجنائية القائمـة:
حيث تنص المادة 254 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: “للمسئول عن الحقوق المدنية أن يدخل من تلقاء نفسه في الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها”.
ومؤدى هذا النص أنه يجوز للمسئول المدني أن يدخل في الدعوى الجنائية لو لم تكن ثمة دعوى مدنية قائمة. وعلة ذلك أن الحكم الذي يصدر في الدعوى الجنائية سوف ينصرف أثره إليه حتماً عند مطالبته بالتعويض في دعوى مدنية تُقام ضده فيما بعد، فأجاز له القانون دخوله للدفاع عن المُتهم وعن نفسه بطريق غير مُباشر. (نقض 6 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض س 7 رقم 88 صـ 288). وللمسئول مدنياً أن يتدخل في الدعوى الجنائية، في أية حالة كانت عليها، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض. (المرجع: “شرح قانون الإجراءات الجنائية” – للدكتور العميد/ محمود نجيب حُسني – الطبعة الثانية 1987 القاهرة – بند 293 صـ 269 و 270 وهوامشهما).
ونظراً لأن المسئول عن الحقوق المدنية يُضار من الحكم على المُتهم بالإدانة حتى ولو لم يكن هناك ادعاء مدني من قِبل المضرور، فقد أباح له القانون أن يتدخل في الدعوى الجنائية، وقد نصت على ذلك المادة 254 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث أن للمسئول عن الحقوق المدنية مصلحة مُحققة في هذا التدخل، ذلك أنه لو صدر حكم بالإدانة فإن هذا الحكم تكون له حجيته من حيث ثبوت الخطأ المدني وما يتبعه من تعويضات إذا ما رفع المضرور دعواه أمام المحكمة المدنية، هذا فضلاً عن أن تدخله قد يحول دون تواطؤ المُتهم مع المُدعي المدني للحكم للأخير بالتعويض. (المرجع: “الإجراءات الجنائية في التشريع المصري” – للدكتور/ مأمون سلامة – صـ 327. و”مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري” – للدكتور/ رءوف عبيد – ط 10 – سنة 1974 – صـ 208. ونقض جنائي في الطعن رقم 69 لسنة 26 قضائية – جلسة 2/4/1956 – السنة 7 – صـ 459 مجموعة الخمسين عاماً).
ولما كانت مزاعم المُدعية بالحق المدني تقوم على زعم امتناع المتهمين وهما من موظفي هيئة الأوقاف، فإنه يحق – والحال كذلك – للمسئول عن الحقوق المدنية أن يتدخل في الدعوى الجنائية القائمة درءاً للمسئولية بنفي الجريمة عن المُتهمين.
انتفاء أركان جريمة الامتناع عن تنفيذ أمر صادر من الحكومة:
حيث تنص المادة 123 من قانون العقوبات على أن: ”
يُعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح وتأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة.
كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاص الموظف”.
فتعالج هذه المادة موضوع عرقلة تنفيذ ما يجب تنفيذه من الأوامر والأحكام وما إلى ذلك، فتعاقب بفقرتيها على جريمتين متميزتين مختلفتين إذ تعاقب بالفقرة الأولى الجاني الذي يستغل سلطة وظيفته العمومية في “وقف تنفيذ” شيء من تلك الأمور، أو تأخير أدائه حال كونه ليس منوطا به هو تنفيذ ما ذكر؛ بينما تعاقب الفقرة الثانية الموظف العمومي المنوط به التنفيذ أو المساهمة فيه إذا “امتنع” عمداً عن القيام بهذا الواجب.
أركان الجريمة الامتناع عن تنفيذ حكم أو أمر:
يشترط للعقاب على جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم أو أمر المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 123 عقوبات، توافر الأركان الآتية:
أن يكون قد صدر حكم أو أمر من الحكومة: فإذا كان حكماً أو أمراً قضائياً، وجب أن يكون نهائياً أو مشمولا بالنفاذ المعجل، وألا يكون قد أوقف نفاذه أو تنفيذه. (نقض جنائي في الطعن رقم 12206 لسنة 60 قضائية – جلسة 6/6/1999).
امتناع موظف عام عن التنفيذ: والموظف العام هو من عين في عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الحكومة المركزية أو السلطات الإدارية بأسلوب الاستغلال المباشر، كموظفي الحكومة والمحافظات والمحليات والهيئات العامة وعمال المرافق العامة التي تدار عن طريق الإدارة المباشرة كهيئة السكك الحديدية.
وجوب إعلان السند التنفيذي للموظف: بالنسبة للأحكام وأوامر الأداء على عرائض يجب طبقا لنص المادة 281 من قانون المرافعات أن يكون الحكم أو الأمر قد تم إعلانه للموظف المختص مع تكليفه بالتنفيذ، فلا يقوم الركن المادي في الجريمة بغير هذا الإعلان. ويشترط أن يتم إعلان السند التنفيذي لشخص الموظف أو في موطنه الأصلي، ومن ثم لا يجوز إعلانه بالسند التنفيذي في مقر عمله إلا إذا تم مع شخصه.
وجوب إنذار الموظف: بعد إعلان السند التنفيذي للموظف المناط به التنفيذ بيوم على الأقل، على طالب التنفيذ إنذار الموظف المختص المطلوب إليه التنفيذ بوجوب تنفيذ الحكم لتحديد مبدأ مهلة الثمانية أيام. ويشترط أن يكون الإنذار على يد محضر لشخصه أو في موطنه فلا يصلح الخطاب الموصى عليه أو الموصى عليه بعلم الوصول كإجراء لسريان مبدأ المهلة. فإذا انقضت مدة الثمانية أيام دون تنفيذ وقعت الجريمة مع ملاحظة أن ميعاد الثمانية أيام يبدأ من اليوم التالي لإعلان الإنذار، ويمتد هذا الميعاد بسبب العطلة الرسمية.
القصد الجنائي: يشترط لاكتمال أركان الجريمة أن يكون الموظف قد تعمد عدم تنفيذ الحكم رغم إمكانية تنفيذه، أما إذا استحال تنفيذه لمانع مادي أو قانوني فلا جريمة، كما أن التراخي في تنفيذ الحكم لا يكفي بمجرده على توافر القصد الجنائي.
الركن المادي لجريمة الامتناع عن تنفيذ حكم أو أمر:
الركن المادي لجريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام والأوامر يتكون من العناصر الآتية:
عنصر مفترض: في فاعل الجريمة هو صفة الموظف العمومي ذي الاختصاص المباشر بتنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة أخرى مختصة قانوناً.
امتناع هذا المختص المباشر عن تنفيذ ذلك الحكم أو هذا الأمر.
شرط عقاب: توجيه صاحب المصلحة إنذاراً علي يد محضر إلى الموظف المختص مباشرة بالتنفيذ، ومضي ثمانية أيام على هذا الإنذار دون أن يقوم الموظف بالتنفيذ.
الأوامر التي قد يمتنع الموظف العام عن تنفيذها:
يهمنا في هذا المقام تحديد المقصود بـ “الأوامر الصادرة عن الحكومة” و “الأمر الصادر من أية جهة مختصة”:
المقصود بـ “الأوامر الصادرة عن الحكومة” و “الأمر الصادر من أية جهة مختصة” هو: “القرارات الإدارية” بأنواعها المختلفة (اللائحية والفردية). والقرار الإداري وفقاً للتعريف القضائي له – وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا – هو: “إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 674 لسنة 12 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 2/9/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 12 – صـ 1236).
فليس كل قرار يصدر من هيئة إدارية عامة يعد قراراً إدارياً. حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: “ليس كل قرار يصدر عن هيئة إدارية عامة يُعد قراراً إدارياً مما يختص القضاء الإداري بطلب إلغائه أو وقف تنفيذه، إذ لابد لتحقق وصف القرار الإداري أن يكون كذلك بحكم موضوعه، فإذا دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإدارة مال شخص معنوي خاص أو أريد به تطهير الوقف الخيري المشمول بنظارة وزارة الأوقاف من حق من الحقوق العينية القائمة عليها كحق الحكر، لم يعتبر هذا القرار قراراً إدارياً”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1565 لسنة 10 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 22/6/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 1083).
ويقوم هذا المبدأ القضائي على تغليب المعيار الموضوعي لتمييز القرار الإداري عن غيره، حيث لا يعتد بالهيئة الصادر عنها القرار، وإنما يهتم بمضمون القرار وموضوعه وفحواه. (المرجع: “شرح جرائم الامتناع عن تنفيذ الأحكام وغيرها من جرائم الامتناع” – للمستشار/ عبد الفتاح مراد – صـ 94).
فالقرار الإداري يتعين – فضلاً عن صدوره من جهة إدارية – أن يكون إدارياً بحسب موضوعه وفحواه، حيث تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن: “القرار الإداري – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة، وغني عن البيان أن مجرد صدور قرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري بالمعنى المتقدم، وإنما يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه، فإذا ما دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإدارة شخص معنوي خاص خرج من عِداد القرارات الإدارية أياً كان مُصدره ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإداري”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 432 لسنة 23 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 27/1/1979 مجموعة 15 سنة عليا – صـ 75. وفي الطعن رقم 675 لسنة 28 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 9/12/1984 السنة 30).
وكذلك من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: “هيئة الأوقاف إنما تنوب قانوناً عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً للوقف، وأن نشاط وزير الأوقاف ومن بعده هيئة الأوقاف في تصديه للقيام على شئون الأموال الموقوفة إنما هو نشاط ناظراً للوقف، ولما كان الوقف هو من أشخاص القانون الخاص، فمن ثم فإن النزاع المتصل بشأن من شئون النظارة على الوقف – ولو كان أحد أطرافه من أشخاص القانون العام – لا يُعتبر مُتعلقاً بقرار إداري، كما لا يمثل منازعة إدارية، ومن ثم يخرج الفصل فيه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 711 و 717 لسنة 28 قضائية “إدارية عليا” – بجلسة 14/6/1986. وحكمها في الطعن رقم 2360 لسنة 30 قضائية “إدارية عليا” – بجلسة 5/12/1987).
هذا، وقد قضت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة (والمنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة) في حكم هام لها صادر في الطعن رقم 3096 لسنة 35 قضائية “إدارية عليا” – بجلسة 6/5/1999 بأن: “التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها، تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها”.
وقد كان النزاع المطروح على المحكمة عند إصدارها حكمها المتقدم ذكره يدور حول تصرف هيئة الأوقاف بالتمليك لوحدات عقار مملوك لها من أموال الأوقاف، وقد أسست دائرة توحيد المبادئ حكمها الهام المتقدم ذكره على ما يلي:
ومن حيث أن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول طبيعة التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف بصفتها ناظراً للوقف في الأموال الموقوفة، وما إذا كانت هذه التصرفات ذات طبيعة إدارية تسوغ لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بنظر المنازعات التي تثور بشأنها، أم أنها تعد من قبيل التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص، ومن ثم فلا اختصاص لمحاكم مجلس الدولة بنظر الأنزعة التي تتفرع عنها.
ومن حيث أن المادة 52/3 من القانون المدني تنص على أن: “الأشخاص الاعتبارية هي: … الأوقاف …”.
وتنص المادة 1 من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف على أن: “تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف …”.
وتنص المادة 51 من هذا القانون على أن: “تتقاضى وزارة الأوقاف نظير إدارتها أعيان الوقف … نسبة 10% من أصل إيراداتها، ويؤخذ علاوة على ذلك 5% من قيمة تكاليف الأعمال الفنية التي تنفذ في هذه الأعيان”.
ولقد صدر بعد ذلك، القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية، ونصت المادة 1 منه على أن: “تنشأ هيئة عامة تسمى “هيئة الأوقاف المصرية” تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع وزير الأوقاف، ويكون مقرها مدينة القاهرة، ويجوز إنشاء فروع لها في المحافظات بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة”.
كما نصت المادة 2 من ذات القانون على أن: “تختص الهيئة وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف …”.
وتنص المادة 5 منه على أن: “تتولى الهيئة، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة …”.
وتنص المادة 6 منه على أنه: “على الهيئة أن تؤدي إلى وزارة الأوقاف صافي ريع الأوقاف الخيرية لصرفه وفقاً لشروط الواقفين، وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من إجمالي الإيرادات المحصلة بالنسبة إلى هذه الأعيان …”.
ومن حيث أن المستفاد من النصوص المتقدمة، أن القانون المدني أدخل في المادة 52 منه (في البند 3) ضمن صور الأشخاص الاعتبارية “الأوقاف”، بعد أن عدد في البند 1 من ذات المادة الأشخاص الاعتبارية العامة كالدولة والمحافظات والمدن والقرى والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة، ويستفاد من هذه المقابلة أن الوقف الخيري لا يعدو أن يكون شخصاً اعتبارياً خاصاً، وتعتبر أمواله أموالاً خاصة..
ولا يغير من طبيعتها أن تكون المادة 970 من القانون المدني قد أسبغت عليها نوع من الحماية والرعاية حفظاً لها من طمع الطامعين، فحظرت تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وأجازت في الوقت ذاته، إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري، ذلك أن المشرع ساوى في شأن الحماية التي أسبغها بموجب نص المادة 970 المشار إليها بين أموال الأوقاف الخيرية وأموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وكذلك أموال شركات القطاع العام غير التابعة لأيهما، دون أن يدعي أحد بأن أموال هذه الجهات تعتبر أموالاً عامة تتماثل في طبيعتها وصفاتها مع المال العام المملوك للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة المخصصة لأغراض النفع العام.
وحيث أصبح لهيئة الأوقاف وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية، باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذي كان يتولى إدارة الأموال بوصفه ناظر وقف، والوقف من أشخاص القانون الخاص، فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه في هذا المنصب – ولو ثبتت له هذه النيابة بنص في القانون – في حكم من يشغل منصباً عاماً، لأن ولاية هذا المنصب، وإن كانت سند النظر، إلا أنها لا تصبح بذلك جزءاً من الولاية العامة للمنصب، إذ يظل ناظر الوقف على وضعه القانوني مجرد نائب عن شخص من أشخاص القانون الخاص، ولا يقوم ناظر الوقف هنا – و هو هيئة الأوقاف – إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص، فما يصدر عنها لا يصدر بوصفها سلطة عامة، وإنما باعتبارها نائبة عن الناظر على الوقف، وكل من الناظر أو نائبه إنما يمارس هذه الإدارة وأعمالها كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص يقوم بالنظارة على وقف خيري، وليس من شأن هذه النظارة المتمثلة في تصريف شئون الوقف وتحصيل ريعه وإنفاق غلته في المصارف التي نص عليها كتاب الوقف أو استثمارها فيما يعود بالنفع على المستحقين أن تخلع على أموال الوقف صفة المال العام، ولا تجعل من القرارات والإجراءات التي تتخذها الهيئة في إدارة هذه الأموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية، كما أن ما يثور بشأنها من منازعات لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية التي نص عليها البند الرابع عشر من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات.
ومن ثم، انتهت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة إلى قضائها بأن: “التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها، تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها”. (الطعن سالف الذكر).
الخلاصة والتطبيق:
وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية المتقدم ذكرها على وقائع الدعوى الماثلة، يتضح بجلاء أن المقصود بـ “الأوامر الصادرة عن الحكومة” و “الأمر الصادر من أية جهة مختصة”، والتي تعاقب المادة 123 عقوبات كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذها أو أمتنع عمداً عن تنفيذها بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذها داخلاً في اختصاصه، يقصد بها “القرارات الإدارية” التي تفصح بها الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة.
ولما كانت هيئة الأوقاف وحدها صاحبة الاختصاص بإدارة واستثمار والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية، باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذي كان يتولى إدارة الأموال بوصفه ناظر وقف، ولما كان الوقف هو شخص من أشخاص القانون الخاص، فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه في هذا المنصب، في حكم من يشغل منصباً عاماً، إذ يظل ناظر الوقف على وضعه القانوني مجرد نائب عن شخص من أشخاص القانون الخاص، ولا يقوم ناظر الوقف هنا – و هو هيئة الأوقاف – إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص، فما يصدر عنها لا يصدر بوصفها سلطة عامة، وإنما باعتبارها نائبة عن الناظر على الوقف، وكل من الناظر أو نائبه إنما يمارس هذه الإدارة وأعمالها كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص، وليس من شأن هذه النظارة أن تخلع على أموال الوقف صفة المال العام، ولا تجعل من القرارات والإجراءات التي تتخذها الهيئة في إدارة هذه الأموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية، – كما سلف بيانه مؤيداً بأحكام المحاكم العليا – ومن ثم، فلا يتوافر، في حالة دعوانا الماثلة، الركن المادي المتطلب قانوناً لقيام جريمة الامتناع عن تنفيذ أمر صادر عن الحكومة، إذ لا يوجد قرار إداري بالمفهوم السالف شرحه حتى يمتنع المتهمان عن تنفيذه، حيث أن كل ما تتخذه هيئة الأوقاف من قرارات وإجراءات في شأن إدارة أموال الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها تقوم به كشخص من أشخاص القانون الخاص وليس بوصفها سلطة عامة وتتغيا مصلحة خاصة وهي تنمية أموال الوقف باعتبارها أموالاً خاصة ولا تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة، وغني عن البيان أن مجرد صدور قرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري بالمعنى المتقدم، وإنما يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه، فإذا ما دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإدارة شخص معنوي خاص خرج من عِداد القرارات الإدارية أياً كان مُصدره ومهما كان موقعه في مدارج السلم الإداري، ومن ثم يكون قرار مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الصادر في اجتماعه رقم 166 بتاريخ 3/1/2005 بخصوص الموافقة على ما جاء بالمذكرة المعروضة على المجلس من الإدارة العامة للإسكان والتشييد بالهيئة بشأن طلب جمعية مستثمري سوهاج بتمليك البرج رقم 4 بحي الكوثر بسوهاج بمقدم ثمن 15% على أن يسدد الباقي بريع 7% على عشرين عاماً، هذا القرار لم يصدر من مجلس الإدارة بوصفة سلطة عامة ولا ابتغاء تحقيق مصلحة عامة ولا هو يدير مرفق عام، وإنما هو يدير مال خاص هو مال الوقف وبهدف تنمية هذا المال وبوصفة شخص من أشخاص القانون الخاص وبالتالي فهذا القرار ليس قراراً إدارياً ولا يصلح ولا يصح وصفة بأنه من “الأوامر الصادرة عن الحكومة” التي يؤثم نص المادة 123 عقوبات جريمة الامتناع عن تنفيذها، ومن ثم تنتفي أركان تلك الجريمة في حق المتهمين الماثلين ومن ثم تكون الدعوى الماثلة – والحال كذلك – قد جاءت على غير سند صحيح من القانون، مما يتعين معه القضاء ببراءة المتهمين لانتفاء أركان الجريمة، والقضاء برفض الدعوى المدنية، مع إلزام المدعية بالحق المدني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
كل ذلك، مع حفظ حق المتهمين في الرجوع بالتعويضات المناسبة على المدعية بالحق المدني بسبب إساءة استعمالها لحق التقاضي وما أصابهما من أضرار مادية ومعنوية من جراء ذلك.
ثالثاً- الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من عدالة المحكمة الموقرة الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:
أولاً- بقبول تدخل هيئة الأوقاف المصرية كمسئولة عن الحقوق المدنية شكلاً في الدعوى.
ثانياً- وفي موضوع الموضوع والتدخل: “ببراءة المتهمين وبرفض الدعوى المدنية، مع إلزام المدعية بالحق المدني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة”.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت،،،
تحريراً في: 1/7/2007م
عن هيئة الأوقاف المصرية
أ. ……………………………………………….
المحامي
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً