صيغة ونموذج مذكرة دفاع في دعوى الزام بتحرير وابرام عقد استبدال .
أولاً- الوقائع
تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة، طلب في ختامها الحكم له: “بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بتحرير عقد استبدال بالممارسة له عن أرض التداعي (وهي قطعة الأرض الزراعية البالغ جملة مساحتها 11س 13ط –ف والتابعة لجهة وقف/ دار الكتب الخيري. والكائنة بحوض أم مرعي/1 ضمن القطعة 25 و 4 ، بمنشأة القناطر، بالجيزة) والمبينة الحدود والمعالم بصدر صحيفة الدعوى، وذلك على أساس القيمة التقديرية لسعر القيراط في عام 2003 كقرار رئيس الهيئة ونصوص اللائحة والقانون، والمسدد عنها مبلغ 80000جم (ثمانون ألف جنيه) على ذمة الدخول في الممارسة، مع إلزام المدعى عليهما بصفتيهما بالمصاريف والأتعاب، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة”.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يستأجر أعيان التداعي من هيئة الأوقاف المصرية منذ مدة طويلة، وحيث أنه تقدم بطلب إلى هيئة الأوقاف المصرية لاستبدال تلك الأطيان (شرائها)، وفي غضون عام 2003 وافق السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية (كما زعم المدعي) على أن يسدد المدعي مبلغاً تحت حساب دخول جلسة الممارسة، وقد اعتبر المدعي ذلك بمثابة “وعداً بالبيع”.
كما أستند المدعي في دعواه إلى قيام الهيئة بتقدير سعر القيراط في غضون عام 2003 لأرض قريبة من أطيان التداعي بمبلغ 25000جم (خمسة وعشرون ألف جنيه) للقيراط الواحد. مما حدا بالمدعي إلى إقامة دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.
إلا أن المدعي تردد في تأصيل وبيان أسانيد دعواه، حيث أن تارة يزعم بوجود “وعد بالبيع” ويخوض في تفاصيل شرح أركان وأحكام “الوعد بالبيع”، ثم نراه تارة أخرى يركن إلى الاستناد إلى “العربون” وأحكامه الواردة في القانون المدني. علماً بأن كلا الموضوعين (الوعد بالبيع – والبيع بالعربون) يختلفان عن بعضهما كلاً وجزءاً، كما أن المدعي تارة يلجأ إلى أحكام القانون المدني وتارة أخرى يلجأ إلى القواعد الخاصة المنصوص عليها في لائحة استبدال الأعيان الموقوفة، علماً بأن الخاص يقيد العام، وأن الأحكام الواردة في لائحة الاستبدال تختلف عن القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني، مما شاب صحيفة الدعوى الماثلة بتشويش الرؤية وعدم وضوح السند الذي تؤسس عليه الدعوى، وإن كان الهدف منها واضحاً وهو إلزام الأوقاف ببيعها أملاكها للمدعي بدون سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون.
ثانياً- الدفاع
في مستهل دفاعنا نتمسك بجميع أوجه الدفاع والدفوع السابق إبداؤها منا سواء بمذكرات دفاعنا أو بحوافظ مستنداتنا أو بمحاضر الجلسات، ونعتبرهم جميعاً جزءاً لا يتجزأ من دفاعنا الراهن، ونضيف إلى ما سبق ما يلي:
1- ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمُدعى عليه الثاني:
تنص المادة الأولى من القرار الجمهوري بقانون رقم 80 لسنة 1971 بشأن إنشاء هيئة الأوقاف المصرية على أن: “تنشأ هيئة عامة تسمى “هيئة الأوقاف المصرية” تكون لها الشخصية الاعتبارية”.
كما تنص المادة التاسعة من القرار الجمهوري بقانون رقم 1141 لسنة 1972 بشأن تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية على أن: “يختص رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بتمثيل هيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفى صلاتها بالغير”.
ومفاد ذلك أن الممثل القانوني الوحيد لهيئة الأوقاف المصرية أمام القضاء وفي صلاتها بالغير هو السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية دون سواه، وليس للسيد/ وكيل الوزارة للملكية العقارية بهيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليه الثاني) أية صفة في تمثيل الهيئة أمام القضاء أو في صلاتها بالغير، حيث أن إدارة الملكية العقارية رئاسة المدعى عليه الثاني ما هي إلا إدارة من إدارات الهيكل التنظيمي لهيئة الأوقاف المصرية التي يمثلها كلها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية فقط. وعليه يكون الدفع المبدى من هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها الأولى) بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوكيل الوزارة للملكية العقارية بهيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليه الثاني) قد جاء مصادفاً لحقيقة الواقع وصحيح القانون متعيناً قبوله والقضاء به طبقاً للقانون.
علماً بأنه من المقرر في قضاء النقض أن: “المادة 115/1 مرافعات تنص على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، والمقصود بهذا الدفع هو الدفع بعدم القبول الموضوعي فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع [الشكلي] الذي يتخذ اسم عدم القبول [أي الدفع بعدم القبول الإجرائي] لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه”. (نقض مدني في الطعن رقم 1863 لسنة 50 قضائية – جلسة 15/5/1984. لطفاً، المرجع: للمستشار/ عز الدين الدناصوري “التعليق على قانون المرافعات” – الطبعة الثامنة 1996 القاهرة – التعليق على المادة 115 مرافعات – صـ 650 وما بعدها).
حيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه. (لطفاً، المرجع: للدكتور فتحي والى “الوسيط في شرح قانون القضاء المدني” – الطبعة الثالثة 1981 القاهرة – بند 282 – صـ 559 وما بعدها).
2- ندفع بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها:
تنص المادة 65/3 من قانون المرافعات على أنه: “لا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا أُشهرت صحيفتها”.
والدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إشهار الصحيفة هو دفع شكلي موجه إلى إجراءات الخصومة وكيفية توجيهها، ألا أنه دفع متعلق بالنظام العام لأن الباعث إلى تقريره – على ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون – هو تحقيق مصلحة عامة اجتماعية واقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد. ومن ثم يجوز إبداء هذا الدفع في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف، بل للمحكمة من تلقاء نفسها أن تعرُض له وتحكم بعدم قبول الدعوى إذا ما استبان لها عدم شهر الصحيفة.
ويجب على المحكمة أن تتصدى لهذا الدفع وتفصل فيه على استقلال قبل التعرض للموضوع ومن ثم لا يجوز لها أن تأمر بضمه إلى الموضوع.
ولما كان طلب المُدعي الإلزام بتحرير عقد استبدال يقتضي أن تفصل المحكمة في أمر صحة ذلك العقد، وأن تفصل في أمر امتناع الهيئة المُستبدلة عن تنفيذ التزاماتها التي من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المُستبدل. فإن هذه الدعوى – وفقاً للتكييف القانوني الصحيح المُنطبق على وقائعها – هي دعوى إثبات التعاقد المُسماة بـ: “دعوى صحة التعاقد”. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “دعوى إثبات التعاقد ودعوى صحة ونفاذ العقد هما مُسميان لدعوى واحدة موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه”. (نقض مدني في الطعن رقم 462 لسنة 39 قضائية – جلسة 7/12/1983. وفي الطعن رقم 86 لسنة 26 قضائية – جلسة 27/12/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 1214. لطفاً، المرجع: “قضاء النقض في المواد المدنية” – للمُستشار/ عبد المنعم الدسوقي – المُجلد الأول – بيع – نطاق دعوى صحة التعاقد – القاعدة رقم 2758 – صـ 1029).
لما كان ما تقدم، وكان البين من الإطلاع على مُفردات هذه الدعوى أن المُدعي لم يقم بإشهار صحيفتها مما يتعين معه – والحال كذلك – القضاء بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها.
3- ندفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات:
تنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المُنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها على أن: “تُنشأ في كل وزارة ومُحافظة وهيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة”.
كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أنه: “عدا المسائل التي يختص بها القضاء المُستعجل ومُنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المُقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تُقبل الدعوى التي تُرفع ابتداءاً إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة”.
كما تنص المادة 14 من ذات القانون على أن: يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000
وكذلك تنص المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 بتنظيم العمل في لجان التوفيق في المُنازعات وأماناتها الفنية على أن: “تختص اللجان المُشار إليها بالمادة السابقة بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأة فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك فيما عدا المُنازعات الآتية:
1- المُنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها.
2- المُنازعات المُتعلقة بالحقوق العينية العقارية.
3- المُنازعات التي يُوجب القانون فضها أو تسويتها أو نظر التظلُمات المُتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية.
4- المُنازعات التي يتفق الأطراف على فضها عن طريق هيئات التحكيم.
5- المُنازعات التي تُقرر لها القوانين أنظمة خاصة بها تنفرد بالاختصاص بنظرها”.
وحيث أن مفاد ما تقدم، أن المُشرع رغبةً منه في تيسير إجراءات التقاضي وعدم إطالة أمد التقاضي في المحاكم قد قام بإنشاء لجان في كل وزارة أو مُحافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لتختص بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأ فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وأوجب المشرع بالنسبة للمُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون عدم رفع الدعوى ابتداءاً إلى المحاكم إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، ورتب المشرع على رفع الدعوى ابتداءاً إلى المحاكم دون اتخاذ الإجراءات سالفة الذكر، عدم قبول الدعوى .
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الدعوى الماثلة من الدعاوى التي تخضع لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 حيث أنها رُفِعَت ضد هيئة عامة في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون سالف الذكر والساري اعتباراً من 1/10/2000، كما أن الدعوى الماثلة ليست من المُنازعات المُستثناة من الخضوع لأحكامه، كما أن الثابت أن الدعوى الماثلة قد رُفِعَت ابتداءاً أمام عدالة المحكمة دون إتباع الإجراءات المُحددة في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 وهي تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، فمن ثم تعين القضاء بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
علماً بأن عدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون من النظام العام، ذلك أن هذا الدفع يتعلق بإجراءات التقاضي وهي من النظام العام ويترتب على ذلك أنه إذا ما رُفِعَت الدعوى ابتداءً أمام المحكمة المُختصة وكانت من المُنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 أو رُفِعَت دون مُراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها بالمادتين العاشرة والحادية عشرة كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع أو طلب من الخصوم. كما يجوز للخصوم ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالدفع، كما يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أنه لا يجوز الاتفاق بين الخصوم على رفع المُنازعة الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 أمام المحكمة المُختصة مُباشرة دون اللجوء إلى لجان التوفيق وكل اتفاق من هذا القبيل يُعد باطلاً لمُخالفته لقواعد القانون الآمرة التي لا يجوز الاتفاق على مًُخالفتها. (المرجع: “قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة” – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الأولى عام 2000 القاهرة – بند 330 – صـ 240 ، 241).
ومما هو جدير بالذكر أن محكمة النقض قضت في الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 79 لسنة 1975 الخاص بالتأمين الاجتماعي بأن: “الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم مُراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في قانون التأمين الاجتماعي يُعد مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يُدفع به أمامها، وعلة ذلك هي تعلقه بالنظام العام فلا يسقط الحق في التمسك به ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها”. (نقض مدني في الطعن رقم 5024 لسنة 61 قضائية – جلسة 1/3/1998. والطعن رقم 2247 لسنة 51 قضائية – جلسة 3/3/1985. ومُشار إليهما في مرجع: “قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة” – المرجع السابق – نفس الموضع).
ومن جماع ما تقدم، يتضح لعدالة المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات، قد صادف حقيقة الواقع وصحيح القانون جديراً بالقبول والقضاء به.
4- نجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي:
قدم المدعي صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المقدمة في الدعوى الماثلة، وهيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة.
لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أنه: “لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع”. (نقض مدني في الطعون أرقام 407 لسنة 49 قضائية – جلسة 19/12/1982 وفي الطعنين رقمي 598 و 55 لسنة 50 قضائية – جلسة 28/2/1984. وفي الطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية – جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).
وهدياً بما تقدم، ولما كان المُدعي قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المُدعى عليها) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه المُدعي قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة. مما يتعين معه الالتفات بالكلية عن تلك الأوراق المجحودة.
5- نطلب رفض الدعوى الماثلة..
تأسيساً على عدم الإعلان عن تمليك أطيان التداعي:
حيث أن هيئة الأوقاف المصرية لم يسبق لها أن أعلنت عن تمليك أطيان التداعي. وعلى سبيل الفرض الجدلي المحض أن هيئة الأوقاف قد أعلنت عن رغبتها في تمليك أطيان فإن هذا الإعلان لا يعدو أن يكون دعوة إلي التفاوض ليس إلا. وقد كان المشروع التمهيدي للقانون المدني ينص في المادة 134 منه على أن: “النشر والإعلان وبيان الأسعار الجاري التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعروض أو طلبات موجهة للجمهور أو للأفراد، لا تعتبر عند الشك إيجاباً، وإنما يكون دعوة إلي التفاوض”. وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة لعدم الحاجة إليه إذ يسهل على القضاء تطبيق هذا الحكم دون النص عليه. (مجموعة الأعمال التحضيرية 2 صـ 41 في الهامش).
هذا، مع الأخذ في الاعتبار أن القانون لا يرتب على المفاوضات أثراً قانونياً، فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة في الوقت الذي يريد. ولا مسئولية على من عدل، بل هو لا يكلف بإثبات أنه عدل لسبب جدي، وليست المفاوضات إلا عملاً مادياً لا يلزم أحداً. (لطفاً، المرجع: للدكتور عبد الرازق أحمد السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني – الجزء الأول “مصادر الالتزام” – المجلد الأول “العقد” – الطبعة الثالثة 1981 القاهرة – بند 100 – صـ 261 وما بعدها وهوامشها).
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: “المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإعلان الموجه للجمهور أو للأفراد لا يعدو أن يكون دعوة إلي التفاوض وأن المفاوضات ليست إلا عملاً مادياً ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة في الوقت الذي يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو يُطَالب ببيان المبرر لعدوله”. (نقض مدني في الطعن رقم 862 لسنة 52 قضائية – جلسة 19/1/1986 منشور بمجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في خمس سنوات “1980/1985” للمستشار/ محمود نبيل النباوي – المجلد الثاني “في المواد المدنية والإثبات” – طبعة نادي القضاة 1989 – صـ 861).
ومفاد ما تقدم، أنه لا مسئولية على هيئة الأوقاف المصرية لعدم إبرامها عقد بيع أطيان التداعي، لأنها “أولاً” لم تعلن عن بيع تلك الأعيان؛ ولأنها “ثانياً” عل فرض إعلانها عن بيع تلك العين، فإن هذا الإعلان إنما هو دعوة للتفاوض ولا مسئولية على الهيئة إن هي عدلت عن إبرام البيع، وهي كذلك غير ملزمة ببيان مبرر لعدولها. وعليه تكون دعوى المدعي الماثلة قد جاءت مخالفة لحقيقة الواقع وصحيح القانون متعيناً – والحال كذلك – القضاء برفضها، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.
6- نطلب رفض الدعوى الماثلة..
تأسيساً على عدم اعتماد رئيس مجلس الإدارة للبيع المزعوم:
حيث تنص المادة الحادية عشر من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية، على أن: “يصدر رئيس الجمهورية قراراً بتنظيم العمل بالهيئة وتشكيل مجلس إدارتها وبيان اختصاصاته …”.
كما تنص المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1141 لسنة 1972 بشأن تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية، على أن: “تقوم هيئة الأوقاف المصرية بإدارة واستثمار الأوقاف على الوجه الذي يحقق لها أكبر عائد للمعاونة في تحقيق أهداف نظام الوقف ورسالة وزارة الأوقاف، ويكون للهيئة أن تتعاقد وتجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله”.
كما تنص المادة الحادية عشر (المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 724 لسنة 1981) من القرار الجمهوري رقم 1141 لسنة 1972 سالف الذكر، على أن: “يكون للهيئة أن تشتري الأعيان التي تتولى لجان القسمة بيعها طبقاً لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1960 … وكذلك لها استبدال أو بيع العقارات بطريق المزاد العلني، ويجوز للهيئة الاستبدال أو البيع بالممارسة في الأحوال الآتية: أ- … ب- … ج- … د- لمستأجري الأراضي الزراعية للمساحات المتناثرة التي لا تزيد كل منها على ثلاثة أفدنه … وذلك كله بالشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة الهيئة بقصد إعادة استثمار هذه الأموال”.
كما تنص المادة الرابعة (البند أولاً) من لائحة إدارة واستثمار أموال وأعيان الأوقاف والتصرف فيها، على أن: “يختص مجلس إدارة الهيئة بالبت في المسائل الآتية: أولاً- استبدال الأعيان …”.
كما تنص المادة الخامسة من اللائحة المذكورة، على أن: “يكون الاستبدال بالمزاد العلني في جميع الأحوال على أنه يجوز الاستبدال أو البيع بالممارسة على أساس الثمن الأساسي المحدد بمعرفة اللجان المختصة، وذلك في الأحوال الآتية: … لمستأجري الأراضي الزراعية للمساحات المتناثرة التي لا تزيد كل منها على ثلاثة أفدنه …”.
كما تنص المادة السادسة من اللائحة المذكورة، على أن: “في حالة الاستبدال بالممارسة لمستأجري الأراضي الزراعية للمساحات المتناثرة التي لا تزيد كل منها على ثلاثة أفدنه … يراعى ما يأتي: أ- تسديد 20% من الثمن المقدر بمعرفة الهيئة مُقدماً مع الرسوم المستحقة والمصاريف بواقع 10% من جملة قيمة الثمن تحت الحساب. ب- تسديد باقي الثمن على عشرة أقساط سنوية على أن يستحق القسط الأول خلال شهر من تاريخ قرار رئيس مجلس الإدارة بالموافقة على الاستبدال …”.
كما تنص المادة الرابعة عشر من اللائحة المذكورة، على أن: “تتم إجراءات الاستبدال على الوجه التالي: أ- … ب- … ج- … د- تتولى الإدارة العامة للملكية العقارية عرض الصفقات على لجنة الاستبدال لتقرير ما تراه بشأن الموافقة على الاستبدال من عدمه، واعتماد السعر الأساسي للاستبدال. هـ- تعرض قرارات لجنة الاستبدال على مجلس الإدارة للنظر في الموافقة على الاستبدال واعتماد سعر البيع الأساسي للصفقات، وفي حالة موافقة المجلس على ذلك، تقوم أجهزة الهيئة باتخاذ إجراءات الاستبدال النهائية. و- … ز- … ح- يكون لمدير عام الأملاك والاستثمار بالهيئة اعتماد المزاد أو الممارسة فيما لا يجاوز 2000 جنيه للصفقة الواحدة، ولمدير عام الهيئة اعتماد مرسى المزاد والممارسة فيما لا يجاوز 5000 جنيه للصفقة الواحدة، وما زاد على ذلك يكون باعتماد رئيس مجلس الإدارة …”.
“ومفاد جميع ما تقدم – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أن الأصل في استبدال أو بيع عقارات الأوقاف يكون بطريق المزاد العلني – دفعاً لكل مظنة وضماناً لحسن التصرف في هذه العقارات، وأن المشرع أجاز للهيئة – على سبيل الاستثناء – في ذلك سبيل، الممارسة في الأحوال المبينة حصراً بهذه النصوص، تقديراً منه لاعتبارات تدل عليها كل حالة بذاتها، وأن بيع أو استبدال أملاك الأوقاف بهذا الطريق لا ينعقد بمجرد موافقة الهيئة على طلب الاستبدال وإجراء المفاوضات مع طالبي الاستبدال بشأن شروطه وتحديد الثمن الأساسي له بمعرفة اللجان المختصة أو دفع مقدم ذلك الثمن، إذ لا يعد ذلك قبولاً من هيئة الأوقاف للاستبدال، وإنما يتم القبول فيه وبالتالي انعقاده باعتماده من صاحب الصفة وهو رئيس مجلس إدارة الأوقاف المصرية طبقاً لما تضمنته قائمة شروط استبدال عقارات الأوقاف الخيرية بالممارسة، باعتبارها قانون المتعاقدين. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن صفقة الاستبدال بالممارسة موضوع الدعوى تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه، ولم يقدم المطعون ضده ما يدل على الموافقة عليها واعتمادها من صاحب الصفة قانوناً وهو رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف، وفقاً لحكم الفقرة “ب” من المادة السادسة والفقرة “ج” من المادة الرابعة عشر من لائحة إدارة واستثمار أموال وأعيان الأوقاف المشار إليها، فإن الاستبدال لا يكون قد انعقد قانوناً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بصفته (رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته) بإتمام إجراءات الاستبدال للعقارات محل النزاع وإلزامه تحرير عقد استبدال عنها، تأسيساً على أن موافقة مجلس إدارة هيئة الأوقاف بتاريخ 11/2/1986 على البدء في إجراءات الاستبدال واعتماد السعر الأساسي الذي حددته اللجنة المختصة وقيام المطعون ضده بسداد مقدم الثمن، مما ينعقد به العقد، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه”. (نقض مدني في الطعن رقم 2103 لسنة 63 قضائية – جلسة 17/5/2007 المقام من رئيس هيئة الأوقاف المصرية بصفته ضد السيد/ إبراهيم سليمان جاب الله).
فيجب إذن التصديق على بيوع الأوقاف من رئيس مجلس إدارة الهيئة:
لما كان ما تقدم، وكان من المقرر قانوناً (فقهً وقضاءً) أنه إذا كان الأصل أن عقد البيع عقداً رضائياً ينعقد بتوافق ارادتين ودون حاجة إلي إثباته في محرر، إلا أنه يستثنى من ذلك أن تكون قائمة شروط البيع أو القوانين أو اللوائح تجعل البيع معلقاً على تصديق جهة معينة، ففي تلك الحالة لا ينعقد البيع إلا بتصديق هذه الجهة. فإذا صدقت الجهة المعنية على البيع أنعقد العقد بهذا التصديق وإلا انقضى برفض التصديق. وقبل التصديق تظل ملكية المبيع للجهة البائعة.
لما كان ذلك، وكانت اللوائح المعمول بها في شأن بيع الأموال الخاصة المملوكة للحكومة أو للهيئات العامة أو للأوقاف الخيرية تجعل البيوع التي تبرمها تلك الجهات معلقة على التصديق عليها من المختص بذلك، وهو في حالة دعوانا الماثلة السيد اللواء/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته، والذي له حق اعتماد هذه البيوع أو رفضها أو إعادة الإشهار عنها دون إبداء الأسباب، وفي حالة رفض التصديق لا يكون لدافع مقدم الثمن الحق في المطالبة بأي تعويض أو فوائد، ويقتصر حقه في استرداد ما دفعه. (لطفاً، راجع: نص المادة 20 فقرة 3 من قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بشأن أحكام لائحة الاستبدال).
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: “التعاقد بشأن بيع الأملاك الخاصة بالدولة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يتم إلا بالتصديق عليه ممن يملكه”. (نقض مدني في الطعن رقم 2366 لسنة 52 قضائية – جلسة 16/11/1983. وفي الطعن رقم 922 لسنة 52 قضائية – جلسة 19/3/1986).
كما تواتر قضاء النقض على أن: “مفاد نص المادة 89 من القانون المدني يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن العقد ينعقد بمجرد أن تتطابق إرادة طرفيه إذا لم يقرر القانون أوضاعاً معينة لانعقاده، فإذا استلزم القانون أوضاعاً أو إجراءات معينة فلا ينعقد العقد إلا بعد استيفاء القانون تلك الأوضاع أو هذه الإجراءات، ولا عبرة بما يتم قبلها من إعلان عن الرغبة في التعاقد أو ما تتخذ بشأنه من مفاوضات”. (نقض مدني في الطعن رقم 1733 لسنة 53 قضائية – جلسة 15/2/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 474 – فقرة 2).
كما أستقر قضاء النقض على أن: “مفاد نص المادة 99 من القانون المدني أن التقدم بالعطاء في المزايدات ليس إلا إيجاباً من صاحب العطاء، فلا بد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزاد عليه ممن يملكه، مما مؤداه أن العقد في البيع بالمزاد ينعقد كأصل عام بإيجاب من المزايد هو العطاء الذي يتقدم به وقبول من الجهة صاحبة المزاد يتم برسو المزاد، إلا أنه إذا كان القبول معلقاً بموجب قائمة المزاد أو القوانين واللوائح على تصديق جهة معينة فلا ينعقد في هذه الحالة برسو المزاد إنما يعتبر مجرد اتفاق على أن يتقيد الراسي عليه المزاد بعطائه إلى أن يتم تصديق هذه الجهة فينعقد بهذا التصديق”. (نقض مدني في الطعن رقم 1622 لسنة 55 قضائية – جلسة 12/5/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 1078 – فقرة 2).
لما كان ما تقدم، وعلى فرض أن هناك عقد قد تم التوصل إلي إبرامه كل من هيئة الأوقاف المصرية والمدعي في الدعوى الماثلة، وعلى فرض صحة هذا الزعم (وهذا مجرد فرض جدلي ظني لا يرقى إلى مرتبة الحقيقة ولا يغني عن الحق شيئا) فإنه مادام السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية لم يصدق ولم يعتمد هذا العقد، ولم يزعم المدعي ذاته أنه تم الاعتماد والتصديق على عقد البيع من السيد اللواء/ رئيس مجلس إدارة الهيئة المدعى عليها، فلا يعتبر البيع قد تم وتظل ملكية الشيء المبيع في الذمة المالية للجهة البائعة وفقاً للمبادئ القانونية السالف ذكرها.
وعليه تكون مطالبة المدعي في الدعوى الماثلة بإلزام هيئة الأوقاف بتحرير عقد استبدال له عن أطيان التداعي فإنها تكون قد جاءت مخالفة لحقيقة الواقع وعلى غير سند من صحيح القانون وعارية عن كل دليل يؤيد مزاعمها مما يتعين معه – والحال كذلك – القضاء برفضها، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين، لا سيما أنه ليس هناك عقد أصلاً إلا في مخيلة المدعى نفسه.
وما دفعه المدعي من مبالغ للهيئة كان على سبيل الأمانة:
لما كان ما تقدم، وكانت المادة “19” من لائحة شروط وقيود بيع أملاك الميري الحرة تنص على أنـه: “إذا رغب المُشتري قبل التصديق من نظارة المالية على البيع، سداد باقي الثمن وما يتبعه أو جزء منه، يسوغ قبوله منه على سبيل الأمانة …”.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: “… يكون قبول الجهة البائعة استلام المبلغ الذي يدفعه راغب الشراء على أنه الثمن أو جزء منه، لا يعتبر قبولاً من الجهة البائعة، للتعاقد، بل يكون على سبيل الأمانة ليس إلا وفقاً للمادة 19 من المنشور رقم 100 الصادر من نظارة المالية بتاريخ 21 أغسطس سنة 1902”. (نقض جلسة 2/1/1986 في الطعن رقم 989 لسنة 51 قضائية. منشور بمرجع : “أحكام التصرف في أملاك الدولة” – الكتاب الأول “عقد بيع أملاك الدولة الخاصة” – للمستشار/ عبد الرحيم على على محمد بهيئة قضايا الدولة – الطبعة الأولى 1997 القاهرة – صـ 71 ، 72 – وهامش صـ 72).
ومفاد ذلك، أن المبالغ التي دفعها المدعي للهيئة من ثمن أو تأمينات أو خلافه قبل التصديق على البيع فإنها تكون تحت يد الهيئة على سبيل الأمانة، فإذا لم يتم التصديق على البيع، وجب على الهيئة ردها. وهذا هو كل ما للمدعى في الدعوى الماثلة من حقوق قِبل الهيئة المُدعى عليها. ومن ثم يكون طلب المدعي في الدعوى الماثلة إلزام الهيئة المدعى عليها الأولى بتحرير عقد استبدال لها عن أطيان التداعي، يكون هذا الطلب قد جاء على غير سند من صحيح القانون خليقاً بالرفض، وهو ما تتمسك به الهيئة المدعى عليها على سبيل الجزم واليقين.
7- عدم صحة أسانيد المدعي في دعواه الماثلة:
تردد المدعي في تأصيل وبيان أسانيد دعواه، حيث أن تارة يزعم بوجود “وعد بالبيع” ويخوض في تفاصيل شرح أركان وأحكام “الوعد بالبيع”، ثم نراه تارة أخرى يركن إلى الاستناد إلى “العربون” وأحكامه الواردة في القانون المدني. علماً بأن كلا الموضوعين (الوعد بالبيع – والبيع بالعربون) يختلفان عن بعضهما كلاً وجزءاً، وكلا السندين غير متوافرين ولا منطبقين على حالة دعوانا الماثلة، وهو ما نوضحه على النحو التالي:
انتفاء أركان وشروط “الوعد بالبيع”: حيث تنص المادة 101 من القانون المدني على أن: “1- الاتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل، لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها. 2- وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين، فهذا الشكل تجب مراعاته أيضاً في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد”.
ويخلص من نص المادة 101 مدني المتقدم ذكرها أنه يشترط لانعقاد الوعد البيع الاتفاق على جميع الأركان والمسائل الجوهرية للبيع الموعود، فيجب أن يتفق الواعد والموعود له على المبيع والثمن وعلى جميع شروط البيع التي يريان الاتفاق عليها، حتى يكون السبيل مهيأ لإبرام البيع النهائي بمجرد ظهور رغبة الموعود له في الشراء، ويجب أيضاً أن يحدد المتعاقدان مدة يظهر في خلالها الموعود له رغبته في الشراء، حتى إذا انقضت هذه المدة ولم تظهر هذه الرغبة سقط الوعد، ونرى من ذلك أن أقل ما يجب أن يتم الاتفاق عليه لانعقاد الوعد بالبيع هو ما يأتي:
1- العين المراد بيعها، مع تعيينها التعيين الواجب شأن كل مبيع.
2- الثمن الذي تباع به، مع تحديده تحديداً كافياً شأن كل ثمن.
3- المدة التي يجب في خلالها على الموعود له أن يظهر رغبته في الشراء. (لطفاً، المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجز الرابع (البيع والمقايضة) – طبعة 2006 القاهرة – بند رقم 28 – صـ 50 وما بعدها).
وهدياً بما تقدم، ولما كان المدعي لم يثبت على وجه قاطع، بأي دليل مقبول ومعتبر قانوناً، أن الهيئة المدعى عليها قد حددت له العين المبيعة، والثمن الذي تقبل البيع به، والمدة التي يجب عليه في خلال أن يظهر رغبته في الشراء (علماً بأن المبالغ المسددة من المدعي على سبيل الأمانة تحت حساب التمارس على شراء أطيان التداعي آخرها مؤرخ في يناير من عام 2004، بينما المدعي لم يقم دعواه الماثلة إلا في غضون عام 2008، فهل يزعم أن المدة المتفق عليها لإبداء رغبته في الشراء تزيد على أربعة سنوات؟؟!!!). ومن كل ما سبق يتضح أن جميع أركان “الوعد بالبيع” التي يزعمها المدعي غير متوافرة ويكون زعمه مجرد أقوال مرسلة لا سند لها من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقة بالرفض.
انتفاء أركان وشروط “البيع بالعربون”: تنص المادة 103 من القانون المدني على أن: “1- دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك. 2- فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه رد ضعفه، وهذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر”.
فالأصل في دفع العربون أن تكون له دلالة جواز العدول عن البيع، إلا إذا اتفق الطرفان على أن دفع العربون معناه البت والتأكيد والبدء في التنفيذ. والعربون عادة لا يدفعه المشتري إلى البائع إلا عند التوقيع على عقد البيع الابتدائي. (لطفاً، وسيط السنهوري – المرجع السابق – البند رقم 45 – صـ 76).
وطالما لم يثبت أصلاً أن هناك عقد تم إبرامه مع المدعي، فكيف يتسنى له القول بأنه قد تم البدء في تنفيذه ودفع عربون له؟؟!! ثم أنه لم يثبت مطلقاً أنه قد تم الاتفاق على الثمن المفترض لبيع أطيان التداعي، فيكف يسوغ منطق المدعي في تكييف المبالغ (التي تقدم هو نفسه بطلب دفعها للهيئة تحت حساب التمارس على شراء أطيان التداعي، وقبلتها الهيئة منه على سبيل الأمانة، على نحو ما سلف بيانه) فكيف يسوغ تكييفها على أنها عربوناً؟؟!!
ومما سبق يتضح أن جميع مزاعم وأقوال المدعي وأسانيده الواهية لا ظل لها من حقيقة الواقع ولا سند لها من صحيح القانون، خليقة بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.
ثالثاً- الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:
أولاً- بصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى لعدم شهر صحيفتها.
ثانياً- وبصفة احتياطية: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
ثالثاً- وعلى سبيل الاحتياط الكلي:
1- بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني.
2- وبرفض الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول.
وفي جميع الأحوال: بإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً