صيغة ونموذج مذكرة دفاع في دعوى طلب امتداد عقد الايجار للشريك في المحل التجاري .
أولاً- الوقائع
نستأذن عدالة المحكمة في الإحالة فيما يخص وقائع الدعوى الماثلة إلى ما جاء بصحيفة افتتاحها وإلى الحكم التمهيدي الصادر فيها وإلى تقرير الخبراء المودع بها وإلى سائر أوراقها منعاً من التكرار وحفاظاً على ثمين وقت عدالة المحكمة.
ثانياً- الدفاع
نجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي في الدعوى الماثلة:
قدم المدعي صوراً ضوئية لمستنداته بحوافظ مستنداته المقدمة في الدعوى الماثلة، وهيئة الأوقاف المصرية تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعي.
ولما كان من المقرر في قضاء النقض أنه: “لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع”. (نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية – جلسة 19/12/1982. والطعنان رقما 598 و 55 لسنة 50 قضائية – جلسة 28/2/1984. والطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية – جلسة 24/1/1978 السنة 29 صـ 279).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: “القانون لم يشترط طريقاً مُعيناً يتعين على من يُنكر التوقيع على المُحرر العرفي إتباعه إذ يكفي إبداء الدفع بالإنكار صراحةً حتى تسقط عن المُحرر حجيته في الإثبات إعمالاً لنص المادة 14/1 من قانون الإثبات”. (نقض مدني في الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية – جلسة 19/5/1980).
وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن: “استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور”.
وهدياً بما تقدم، ولما كان المدعي في الدعوى قد جاءت مُستندات دعواه الماثلة خالية من أصولها وكانت هيئة الأوقاف المصرية قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات بما يكون معه المدعي قد أخفق في إثبات دعواه في هذه الحالة. مما يتعين معه الالتفات عن تلك المُستندات المجحود صورها الضوئية والقضاء في الدعوى الماثلة برفضها لعجز المدعي عن إثبات دعواه، أو بالأقل رفض الدعوى بحالتها. علماً بأن عدالة المحكمة الموقرة غير مُكلفة بتكليف الخصم بإثبات دعواه أو لفت نظره لمُقتضيات دفاعه.
قوانين إيجار الأماكن، قوانين خاصة:
لما كانت تشريعات إيجار الأماكن تشريعات خاصة، خرج بها المُشرع على الأحكام العامة لعقد الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني (الشريعة العامة)، ووضع بتلك التشريعات الخاصة أحكاماً قصد بها إلى تقييد حرية المؤجر في تحديد الأجرة وفي طلب الإخلاء، وكذلك إلى فرض التزامات خاصة على عاتق كل من المؤجر والمستأجر، وهذه الأحكام الخاصة هي التي تسري – من دون أحكام القانون المدني التي تتعارض معها – ما دامت العين المؤجرة كائنة ببلدة من البلدان التي نصت تلك التشريعات الخاصة على سريانها عليها. (نقض مدني في الطعن رقم 839 لسنة 43 قضائية – جلسة 7/6/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – القاعدة رقم 275 – صـ 1428). وفيما عدا الأحكام المذكورة تسري على العلاقات الايجارية الأحكام العامة لعقد الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني. (نقض مدني في الطعن رقم 1132 لسنة 47 قضائية – جلسة 3/3/1982).
وطالما أن قوانين إيجار الأماكن هي قوانين خاصة، فإن تطبيقها يكون تحت مظلة القانون العام، وهو القانون المدني، فيرجع إلى القانون المدني – حتى بالنسبة إلى العلاقات والأماكن التي يسري عليها قانون إيجار الأماكن – في كل ما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون الخاص. أي أنه في حالة ما إذا خلا التشريع الخاص من تنظيم وضع معين، فإنه يتعين الرجوع بشأنه إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية والشريعة العامة، حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها في عقد الإيجار قد انتهت وأصبح عقد الإيجار مُمتداً بقوة القانون الخاص. (نقض مدني في الطعن رقم 1532 لسنة 52 قضائية – جلسة 25/8/1988).
تطبيق قواعد قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة، بالنسبة إلى الامتداد القانوني:
ولما كانت العبرة في تحديد أي قانون من قوانين إيجار الأماكن المُتعاقبة هو الذي يحكم مسألة امتداد عقد الإيجار من عدمه، تكون بالنظر إلى تاريخ الواقعة سند وسبب هذا الامتداد، أي تاريخ الوفاة أو التخلي أو الترك.
فالعبرة في هذا الصدد هي بوقت حصول الواقعة المُنشئة للمركز القانوني (الوفاة أو التخلي أو الترك)، وليس بوقت المُطالبة به.
وذلك تطبيقاً لمبدأ “عدم رجعية القوانين”. المنصوص عليه في المادة 187 من الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية الصادر في عام 1971.
فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مُكتسباً في ظل قانون قديم، تخضع من حيث آثارها وانقضاؤها وفقاً لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد في قانون لاحق من أحكام، إنما يُطبق بأثر فوري ومباشر في هذا الشأن على ما لم يكن قد أكتمل من هذه المراكز، والعبرة دائماً في هذا الخصوص هي بوقت حصول الواقعة المنشئة أو التي أكتمل بها المركز القانوني وليس بوقت المُطالبة به، طالما لم يحدد القانون ميعاداً لذلك. (المرجع: “شرح قانون إيجار الأماكن” – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الأول – الطبعة التاسعة 1990 القاهرة –سليمان مرقس – صـ 27).
وهذا ما جرى عليه قضاء محكمة النقض، حيث أستقر قضائها على أنه: “لما كان البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن واقعة إخلاء المطعون ضده من الشقة استئجاره وهدم العقار تمت قبل 9/9/1977 – تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1979 – نفاذاً لقرار هندسي صدر بالهدم لآيلولته للسقوط صدر في 26/6/1975 وأن المطعون ضده كان يشغل وحدة بالدور الأرضي منه للسكنى وبالتالي فقد نشأ وأكتمل له – بواقعة الإخلاء والهدم – مركز قانوني أضحى حقاً مكتسباً قبل هذا التاريخ يخول له إعمالاً للمادة 39/3 من القانون رقم 52 لسنة 1969 الحق في شغل وحدة بالعقار الجديد وفق القواعد والإجراءات التي حددها قرار وزير الإسكان رقم 418 لسنة 1970 المنفذ له، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 قد صدر وأصبح نافذاً منذ 9/9/1977 ومن ثم فلا يسري على واقعة النزاع ولا يُطبق في مجالها ما يكون قد ورد به من قواعد موضوعية لا تخول مثل هذا الحق الذي نشأ وأكتمل قبل صدوره، فإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل القانون رقم 52 لسنة 1969 فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح، وبالتالي يكون النعي على غير أساس”. (نقض مدني في الطعن رقم 2003 لسنة 50 قضائية – جلسة 19/2/1986).
ولما كانت الواقعة المُنشئة للحق في الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار هي وفاة المُستأجر الأصلي أو تركه للعين المؤجرة أو التخلي عنها، فإذا حصلت مثل هذه الوفاة أو الترك أو التخلي (وبها ينشأ ويكتمل المركز القانوني للمستفيد من الامتداد القانوني) في ظل القانون ما، وقبل سريان ونفاذ قانون آخر تالي عليه، فإن القانون الأول يكون هو القانون الواجب التطبيق ولو حدثت المُطالبة بالحق في الامتداد القانوني في ظل القانون التالي له.
فمن المُقرر في قضاء النقض أن: “حكم نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا يسري إلا على الوفاة أو الترك التي تقع بعد بدء العمل به، أما ما حدث من ذلك قبل هذا التاريخ وبعد بدء العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 فتسري عليه المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969”. (نقض مدني في الطعن رقم 629 لسنة 52 قضائية – جلسة 30/12/1982. ونقض مدني في الطعن رقم 702 لسنة 50 قضائية – جلسة 7/2/1981).
شروط الامتداد في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969، بالنسبة للأماكن المؤجرة لغير أغراض السكني:
لما كان ما تقدم، وكان القانون رقم 52 لسنة 1969 قد خلا من النص على امتداد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، حيث أن المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 (المقابلة لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977) اقتصرت على النص على امتداد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين بالنسبة للمساكن فقط.
ومن ثم يتعين الاحتكام إلى نص المادتين 601 و 602 من القانون المدني (الشريعة العامة)؛ حيث أنه من المُقرر قانوناً (فقه وقضاءً) أنه إذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية والشريعة العامة حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد مُمتداً بقوة القانون الاستثنائي. (نقض مدني في الطعن رقم 1275 لسنة 48 قضائية – جلسة 5/12/1979. ونقض مدني في الطعن رقم 862 لسنة 43 قضائية – جلسة 26/10/1977. ونقض مدني في الطعن رقم 346 لسنة 49 قضائية – جلسة 21/5/1980. وأنظر: “موسوعة الفقه والقضاء والتشريع – أجرة الأماكن القديمة وما طرأ عليها من تخفيضات وزيادات” – للمستشار/ محمد عزمي البكري – بند 23 – صـ 143).
· حكم القانون المدني:
وحيث تقضي القاعدة العامة في القانون المدني أن الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر ولا بموت المستأجر (م 601/1 مدني)، فيحل ورثة المستأجر (الشرعيين- بصرف النظر عن إقامتهم معه في العين قبل وفاته أو مباشرتهم لنفس النشاط الذي كان يباشره المستأجر الأصلي) في حقوقه وكذا في التزاماته الناشئة عن العقد طوال الفترة الباقية من العقد وذلك في حدود تركته؛ فيكون لهؤلاء الورثة حق الاستمرار في الانتفاع بالعين المؤجرة أصلاً لمورثهم في مقابل الوفاء بالتزاماته إلى أن تنتهي مدة العقد، ولو لم يكونوا مقيمين معه قبل الوفاة، أما إذا كان الإيجار لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه، جاز لورثة المستأجر في الحالة الأولى وللمؤجر ولورثة المستأجر في الحالة الثانية طلب إنهاء العقد. (عزمي البكري – المرجع السابق – بند 2 – صـ 7 و 8).
وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية على وقائع الدعوى الماثلة يتضح جلياً – كما أثبت تقرير الخبير – أن المستأجر الأصلي قد توفي بتاريخ 4/6/1974، أي قبل صدور القانون رقم 49 لسنة 1977، ومن ثم فالقانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 52 لسنة 1969، وهذا القانون قد خلا من تنظيم العلاقات الايجارية فيما يتعلق بالأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى، ومن ثم يتم تطبيق الشريعة العامة وهو القانون المدني، الذي يعطي الحق لورثة المستأجر الأصلي في شغل العين المؤجرة لحين انتهاء مدة العقد فقط، وهذا القانون لا يعرف الامتداد القانوني لعقود الإيجار، وإذ أقر المدعي ذاته في صحيفة دعواه الماثلة أنه ليس وارثاً للمستأجر الأصلي، وهذا إقرار قضائي منه ملزم له ولعدالة المحكمة، ولا يجوز له الرجوع فيه، ومن ثم فلا تكون له أية أحقية في شغل عين التداعي، وبالتالي تكون دعواه الماثلة قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض وهو ما تصمم عليه الهيئة المدعى عليها على سبيل الجزم واليقين.
في حالة قيام شركة في العين المؤجرة، يظل عقد الإيجار على حاله قائماً لصالح المستأجر وحده دون شريكه:
من المقرر في قضاء النقض أن: “قيام مُستأجر العين بإشراك آخر معه في النشاط الذي يُباشره عن طريق تكوين شركة بينهما لا يعدو أن يكون مُتابعة من جانبه للانتفاع بالعين فيما أُجِرَت من أجله، ودون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخليه عن تلك العين سواء كلها أو بعضها إلى شريكه في المشروع المالي بأي طريق من طرق التخلي بل يظل عقد الإيجار على حاله قائماً لصالحه وحده ومُرتباً لآثاره بين طرفيه – ما لم يثبت بدليل آخر تخليه عن حقوقه المُتولدة عنه – إلى الغير بأي طريق، إيجاراً كان من الباطن أو تنازلاً عن الإيجار، ولا تقوم ثمة رابطة قانونية مُباشرة أو غير مُباشرة بين شريكه وبين المُؤجر، وذلك لانتفاء التلازم بين قيام الشركة ووجودها العين المُؤجرة أو مباشرة نشاطها فيها، وترتيباً على ذلك – فإن المُستأجر يُعتبر وحده هو صاحب الصفة في المنازعات الناشئة عن عقد إيجار العين المُنشأة بها شركة بينه وبين الغير، فهو الذي يُخاصِم ويُخاصَم في الدعاوى المُتعلقة بهذه المنازعات دون شريكه”. (الطعنان رقما 2936 و 3444 لسنة 60 قضائية – جلسة 15/1/1995. والطعن رقم 1373 لسنة 58 قضائية – جلسة 27/1/1993. المصدر: “مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين إيجار الأماكن” – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 1097 – صـ 1217. وراجع العديد من أحكام النقض بذات المعني بالمرجع السابق القواعد من 1092 : 1097 – صـ 1214).
عدم دستورية النص على استمرار عقد الإيجار لصالح الشركاء في الشركة:
حيث قضت المحكمة الدستورية العليا: “بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر، وذلك فيما نصت عليه من استمرار شركاء المُستأجر الأصلي للعين التي كان يزاول فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً، في مُباشرة ذات النشاط بها بعد تخلي هذا المُستأجر عنها، وبسقوط فقرتها الثالثة في مجال تطبيقها بالنسبة إلى هؤلاء الشركاء، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مُقابل أتعاب المُحاماة”. (الطعن رقم 4 لسنة 15 قضائية “دستورية” – بجلسة 6/7/1996. والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 28 في 18/7/1996).
الأثر المُترتب على الحكم بعدم دستورية نص في القانون:
تنص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، على أن: “أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير مُلزمة لجميع السلطات وللكافة. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يُحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مُباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المُدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص”.
ومن المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه: “تنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسن 1979 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية … مُلزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتُنشر الأحكام … في الجريدة الرسمية ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص من قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره. ومفاد هذا النص أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية – وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري – تكون لها حجية مُطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وكذلك جميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمُذكرة الإيضاحية للقانون لا يقتصر على المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم”. (الطعن رقم 48 لسنة 3 قضائية – جلسة 11/6/1983 مجموعة المكتب الفني – سنة 2 – صـ 148 – فقرة 1).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض المدني أن: “النص في المادة 178 من الدستور على أنه “تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار”، والنص في المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 الخاص بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة الدستورية العليا على أنه “تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل في دستورية القوانين وتكون هذه الأحكام ملزمة لجميع جهات القضاء”، يدل على أن نشر تلك الأحكام قصد به علم الكافة، وأن هذا العلم يفترض بمجرد حصول هذا النشر، وأنه يترتب على هذه الأحكام عدم نفاذ النصوص التشريعية المحكوم بعدم دستوريتها من تاريخ نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع جهات القضاء منذ هذا التاريخ”. (نقض مدني في الطعن رقم 128 لسنة 47 قضائية – جلسة 18/3/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 861. والطعنان رقمي 507 و 1354 لسنة 47 قضائية – جلسة 27/3/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 937. المصدر: “قضاء النقض في المواد المدنية” – للمستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4971 – صـ 1870).
كما قضت محكمة النقض المدني بأنه: “إذا كان الثابت من الطلب الذي قدمته المطعون ضدها لفتح باب المُرافعة في الدعوى بعد حجزها للحكم أنه أشار إلى قرار المحكمة الدستورية العليا الصادر في طلب التفسير رقم 4 لسنة 8 قضائية “دستورية عليا”، وكانت المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 تنص على أنه “تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا …”، فإن مُقتضى ذلك افتراض علم الكافة به، ولا يكون من أوجه الدفاع التي يمتنع على المحكمة قبولها دون إطلاع الخصم عليها طبقاً للمادة 168 مرافعات”. (الطعن رقم 302 لسنة 48 قضائية – جلسة 13/2/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 454. المصدر: “قضاء النقض في المواد المدنية” – للمُستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4972 – صـ 1871).
وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية على وقائع الدعوى الماثلة، وكان الثابت بالأوراق والمستندات – بما فيها المقدمة من المدعي ذاته – وكما أود الخبير المنتدب في الدعوى في تقريره المودع فيها أنه مرفق بملف الدعوى حافظة مستندات المدعي المقدمة أمام عدالة المحكمة معلاة تحت رقم 2 دوسيه طويت على … مستند رقم 11: عقد تعديل شركة تضامن محرر في 1/11/1964 بين كل من 1) كركور تششيان طرف أول المستأجر الأصلي 2) ميساك ارتين تششيان طرف ثان المدعي في الدعوى الماثلة 3) ماري كركور بازرجلنيان طرف ثالث … بموجبه أقر الطرف الأول (المستأجر الأصلي) بأنه أستلم حصته في رأس مال الشركة من الطرف الثالث وأحل محله الطرف الثالث (صفحة رقم 7 من تقرير الخبير). أي تخارج المستأجر الأصلي من الشركة المكونة في عين التداعي.
وقد أكد الخبير المنتدب في الدعوى تلك الحقيقة مرة ثانية – في ملاحظته الواردة بصفحة 9 من التقرير – حيث أورد ما نصه: “واستمرت شركة التضامن حتى أن تم تعديل لشركة التضامن بتاريخ 1/1/1964 عقد تعديل شركة التضامن وذلك بتخارج المستأجر الأصلي كركور تششيان من الشركة وأحل محله ماري كركور بازرجلنيان …”.
ومن ثم، فبعد تخارج المستأجر الأصلي من الشركة التي كونها مع المدعي في الدعوى الماثلة، وصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم أحقية الشريك الذي تم التخارج لصالحه في شغل العين المؤجرة، يكون شغل المدعي للعين المؤجرة بدون سند من القانون أي غصباً لها، وتكون دعواه الماثلة قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض.
وهذه الحقائق الواضحة والثابتة بموجب المستندات المقدمة من المدعي ذاته تثبت حقيقة هذا التخارج ومن ثم فلا مجال للاعتداد بأية مزاعم من أي طرف في هذا الشأن تدعي بأن المدعي كان شريك مع المستأجر الأصلي الذي ظل يمارس ذات النشاط في العين المؤجرة حتى وفاته في 4/6/1974. على نحو ما حاول الخبير – بخلاف حقيقة الواقع – الإيحاء به في البند 5 من النتيجة النهائية لتقريره المودع بملف الدعوى والذي يناقض ما أثبته الخبير ذاته في بحثه الفني ومن خلال مستندات المدعي ذاته بأن المستأجر الأصلي قد تخارج من الشركة التي كونها مع المدعي في الدعوى الماثلة.
ومع ملاحظة أنه من ضمن المستندات التي قدمها المدعي ذاته وأثبتها الخبير المنتدب في الدعوى ما هو: “كتاب هيئة الأوقاف المصرية بشأن القضية رقم 641 لسنة 2003 إداري الجمالية قررت الجهة المدعى عليها بأن سبب تواجد المدعي الماثل بالعين محل النزاع كشريك مع المستأجر الأصلي وأن سبب تواجده عقد شركة التجارة وأن عقد الشركة قد تم عرضه على الشئون القانونية وتم بحثه وإبداء الرأي بإزالة التعدي الواقع منه على عين النزاع وذلك لعدم وجود صفة له. وقد صدر قرار النيابة في المحضر 641 لسنة 2003 إداري الجمالية بقيده إداري بتاريخ 9/4/2003”. (الصفحة رقم 12 من تقرير الخبير). أي أن الهيئة المدعى عليها فور علمها بشغل المدعي لعين التداعي وبحثت الموضوع قررت إصدار قرار إزالة التعدي الواقع منه على عين التداعي لأنه ليس له صفة ويشغل هذه العين بدون سند ساري ونافذ في حق هيئة الأوقاف المدعى عليها وقد أقر بذلك المدعي ذاته بمضمون ذلك القرار الإداري بإزالة التعدي الواقع منه على عين التداعي بصدر صحيفة دعواه الماثلة.
عقد الإيجار عقد شخصي، لا يُكتسب بالتقادم:
لما كان من المسلم به أن عقد الإيجار هو عقد شخصي ينصب على التزامات بين أشخاص وليس حق عيني عقاري ينصب على عقار، ومن ثم تكون المُنازعات المُتفرعة بطلب إثباته أو فسخه هي دعاوى شخصية، وبالتالي تخرج عن نطاق الاستثناء الوارد في قانون لجان التوفيق في بعض المُنازعات. حيث أنه من المُقرر قانوناً أن عقد الإيجار عقد ملزم للجانبين، لأنه يرتب في ذمة المؤجر التزامات تقابلها التزامات أخرى تنشأ في جانب المُستأجر. فالمُؤجر يلتزم بتمكين المُستأجر من الانتفاع الشيء المُؤجر مع بقاء الملكية للمُؤجر. فالمُستأجر لا يتمتع بسلطة مُباشرة يخولها له القانون على العين المُؤجرة، بل لا بد من تدخل المُؤجر لتمكينه من الانتفاع بالعين المُؤجرة، وينبني على ذلك أن حق المُستأجر (على فرض أن المُدعي مُستأجر) هو مُجرد حق شخصي دائماً وليس حقاً عينياً، وهو بهذه المثابة يعتبر مالاً منقولاً، ولو كان محله الإيجار عقاراً. كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “لأن المُستأجر ليس له حق عيني على العين المُؤجرة حتى يستطيع رفع دعوى الريع على المتعرض فضلاً عن أنه ليس هناك صلة بينه وبين المتعرض تخوله مقاضاته ومن ثم ليس للمُستأجر أن يطلب إلزام المتعرض بالريع”. (نقض مدني في الطعن رقم 70 لسنة 18 قضائية – جلسة 19/1/1950. المصدر: “موسوعة الفقه والقضاء والتشريع” – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – الجزء الخامس – الطبعة الخامسة 2001 القاهرة – القاعدة رقم 1 – صـ 16).
ولما كانت المادة 968 مدني تنص على أنه: “من حاز منقولاً أو عقاراً دون أن يكون مالكاً له، أو حاز حقاً عينياً على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصاً به، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة”. ويخلص من هذا النص أن الحقوق العينية وحدها، وعلى رأسها حق الملكية، في العقار وفي المنقول على السواء، هي التي يمكن تملكها بالتقادم المكسب الطويل، أما الحقوق الشخصية فلا يجوز تملكها بالتقادم. ولا يكسب الحق الشخصي بالتقادم حتى لو كان قابلاً للحيازة، كما هو شأن حق المستأجر فالمستأجر إذا كان يحوز حقه كمستأجر إلا أن حيازته هذه لا تؤدي به إلي كسب هذا الحق بالتقادم المكسب، وإن كانت تصلح لأن تحمى بجميع دعاوى الحيازة. (المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور عبد الرازق أحمد السنهوري – الجزء التاسع “أسباب كسب الملكية” – المجلد الثاني “الحيازة المكسبة للملكية” – الطبعة الثانية 1993 القاهرة – بند 371 – صـ 1358 وما بعدها).
ولما كان عقد الإيجار عقد شخصي، وليس عقد عيني والحقوق المتولدة عنه حقوق شخصية وليست حقوق عينية فلا يجوز للمدعي في الدعوى الأصلية الاحتجاج بأنه قد كسب الحق في استئجار عين التداعي بالتقادم الطويل المكسب قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا آنف الذكر.
ثالثاً- الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:
أولاً- بصفة أصلية: برفض الدعوى الماثلة وإلزام رافعها بالمصروفات وخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
ثانياً- وبصفة احتياطية: بإعادة الدعوى لمكتب خبراء وزارة العدل لإعادة بحث المأمورية وتحقيق عناصر الدعوى على ضوء ما ورد بهذه المذكرة، حيث أننا لم نتمكن من الحضور بأياً من جلسات الخبراء لعدم إعلاننا بها قانوناً في وقت مناسب.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً كانت
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً