نماذج وصيغ قانونية لمذكرة دفاع في جنحة تزوير اعلام وراثة
هيئة الأوقاف المصرية
الإدارة المركزية للشئون القانونية
الإدارة العامة للقضايا وتنفيذ الأحكام
إدارة القضايا
7 “أ” شارع يوسف نجيب، بالعتبة، القاهرة.
محكمة السيدة زينب الجزئية
دائرة الجنح – الخميس
مُـذكرة
بدفاع/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته (مدعي مدني)
ضـــــد
السادة/ فهيمة ع. ر. وآخرين (متهمون)
في الجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب،
والمحدد لنظرهما جلسة يوم الخميس الموافق 17/11/2011م للمرافعة.
أولاً- الوقائع
تخلص وقائع الجنحة الماثلة في أن النيابة العامة قد اتهمت المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر في الجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب، لأنهم في الفترة من 13/11/1994 وحتى 17/2/2004 بدائرة قسم بسيون – بمحافظة الغربية، قاموا بتزوير إعلامات الوراثة التي تتعلق بتحقيق الوفاة أمام السلطة القضائية بأقوال غير صحيحة، وقاموا باستعمال ذلك المحرر على النحو المبين بالتحقيق مع علمهم بتزويرها، كما قام المذكورون بالتعدي على أرض مملوكة للدولة والتي يعدها القانون المدني أموالاً من الأموال العامة؛ وطالبت النيابة العامة بتوقيع أقصى العقوبة المنصوص عليها طبقاً لقانون العقوبات وذلك بالمواد 226 و 372 مكرر عقوبات والمادة 36 مكرر من القانون رقم 114 لسنة 1946 المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1976 والخاص بتنظيم الشهر العقاري.
وتداولت الجنحة بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 23/4/2009 أدعت هيئة الأوقاف المصرية مدنياً بطلب إلزام المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر بأن يؤدوا إلي هيئة الأوقاف المصرية – متضامنين فيما بينهم – تعويضاً مؤقتاً بمبلغ 5001جم (خمسة آلاف وواحد جنيه مصري) جبراً للأضرار المادية والأدبية التي حاقت بهيئة الأوقاف المصرية.
خلفية الموضوع: لما كان وقف التداعي، وهو وقف/ محمد راتب باشا، مُعين ومُحدد بموجب خمس حجج مُحررة في تواريخ مُختلفة ومُتعاقبة ومُسجلة كلها في المحاكم الشرعية المُختصة … وخامس تلك الحجج: حجة تغيير بإخراج المُستحقين وتحويل الوقف كله إلى خيري محض، فبموجب حجة تغيير صادرة من محكمة مصر الشرعية والمُسجلة برقم 1 في يوم الثلاثاء 7/رجب/1350 هجرية والموافق 17/11/1931 ميلادية (بالصفحة 1 من المضبطة والسجل – قسم أول – جزء 1 متنوعة – عملية 1931/1932 القضائية) … أشهدت على نفسها الست كلبري هانم المُشهِدة المذكورة طائعة مُختارة بما لها من حق الإخراج والإعطاء والحرمان وباقي الشروط المذكورة؛ بأنها قد أخرجت من كامل ريع وقف المرحوم الواقف محمد راتب باشا المُشار إليه المُعين بحجة وقفه السالفة الذكر كلا من أخوي الواقف المذكور لأبيه وهما سعادة على باشا رضا ومحمود باشا طلعت وكذلك الست خنسوك هانم [خاتون هانم] كريمة المرحوم خليل بك حلمي حرم حضرة محمد بك يوسف المُحامي وذرية كل من أخوي الواقف المذكورين والست خنسوك هانم [خاتون هانم] سالفة الذكر ونسل كل من الثلاثة المذكورين وعقبهم وحرمتهم جميعاً هم وأولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم من الاستحقاق بشيء من ريع هذا الوقف كلاً أو بعضاً حالاً ومآلاً وصيرتهم جميعاً لا حق لهم ولا لأحد منهم ولا لذريتهم في هذا الوقف بأي وجه من الوجوه … وأشهدت على نفسها أيضاً ببقاء ريع باقي الأعيان الموقوفة من ثانياً إلى أخراً بكتاب الوقف الأول وقفاً عليها مُدة حياتها طبقاً لما هو منصوص عليه في كتاب الوقف المذكور، وصيرت ذلك من بعدها وقفاً خيرياً يُصرف ريعه – أي ريع باقي تلك الأعيان الموقوفة من ثانياً إلى أخراً – على (المعهد العلمي المعروف باسم “الجمعية الجغرافية الملكية”) التي أنشأها المغفور له إسماعيل باشا الخديوي الأسبق الكائن مقرها بمصر القاهرة … وبالجملة يكون صرف ريع ذلك حسب قوانين ونظام هذا المعهد في كل زمان، وبحسب اللوائح والأنظمة والقرارات والمراسيم وغيرها التي تصدر خاصة بهذا المعهد، ويكون الصرف في الوجوه التي تعين لذلك حسب القوانين والأنظمة التي تتعلق به، على الدوام والاستمرار وما دام المعهد قائماً بتحقيق الأغراض العلمية التي ترسم له حسبما يوضع له من القوانين والأنظمة، فإذا تعذر الصرف على ذلك يُصرف ريع ما ذُكِرَ على الفقراء والمساكين من المُسلمين بالقطر المصري إلى أن يزول المانع فيعود حق الصرف كما كان، وهكذا تعذراً وإمكاناً؛ وأقرت بأنها أسقطت وتنازلت عن الشروط العشرة التي كانت مشروطة لها من قِبَل الواقف في كتاب الوقف سالف الذكر، وأقرت بأنه لا حق لها من الآن في العمل بأي شرط من الشروط العشرة التي شرطها لها المرحوم [زوجها] الواقف في كتاب الوقف وهي الإدخال والإخراج وما عُطِفَ عليها من باقي الشروط، ولا في فعل أي شيء يُخالف ما أشهدت به في هذا المجلس أو يُنافيه، وأنها أصبحت غير مالكة لشيء من ذلك من الآن، وجعلت العمل والمعول على ما ورد في هذا الإشهاد وما لا يُخالفه فيما هو منصوص عليه في كتاب الوقف المُشار إليه كما جاء نصاً بتلك الحجة الأخيرة. ومدون في أعلى الصفحة الأولى من هذه الحُجة – تحت عنوان مقدار الرسم وما تم فيه – عبارة: “لا رسم على هذا الإشهاد لأنه إخراج وإدخال حول الوقف إلى جهة خيرية محضة”.
لما كان ما تقدم، وكانت حجج التغيير سالفة الذكر ثابتة ومسجلة رسمياً منذ عهود قديمة، فإن المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر استغلوا وجود تشابه بين أسمائهم واسم الواقف الأصلي لأعيان وأطيان التداعي، فقاموا باستخرجوا إعلامات وراثة مزورة تفيد اتصال نسبهم بالواقف الأصلي رغم أنه كان رحمه الله قد مات عقيماً دون ذرية ولم يرثه سوى زوجته وأخيه طبقاً للإعلام الوراثة الأصلي الخاص بالواقف الأصلي، حيث أن الثابت بالأوراق أن الواقف الأصلي (دولة المُشير/ محمد راتب باشا السردار بالجهادية المصرية) قد توفي إلى رحمه الله تعالى دون أن ينجب ذرية، وورثه زوجته (الست كلبري هانم الجركسية الجنس معتوقة المرحوم/ جنتمكان إسماعيل باشا خديوي مصر) مع أخوه شقيقه (اللواء/ علي رضا باشا)، وهذا ثابت من إعلام الوارثة التي استخرجته زوجته بوكالة أخو الواقف في تاريخ 16 مارس من عام 1920 والذي صدر بعد عمل التحريات الإدارية الجدية وسماع شهادة شهود ثقاة وعدل وذوي مناصب رفيعة في المملكة المصرية (أحدهما قائمقام والثاني صاغ بالجيش المصري) وفي زمن كان الضمير فيه ما زال حياً.
ولما كان المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر ومورثهم قد استغلوا تشابه الأسماء بينهم وبين الواقف الأصلي فاستخرجوا – على خلاف الحقيقة – إعلامات وراثة بشهادة شاهدي زور (في زمن خربت فيه الذمم) أثبتوا في أحدها على خلاف الحقيقة أن: الواقف قد توفي عن أبن وحيد وزعموا أن مورثهم هو ذاك الابن؟!! وذلك بموجب إعلام الوارثة رقم 18 لسنة 1998 وراثات السيدة زينب الصادر بتاريخ 19/1/1998، أي بعد وفاة الواقف الأصلي بحوالي ثمانين سنة؟!! وعند اكتشاف هيئة الأوقاف المصرية لهذه الخدعة الخبيثة قامت من فورها بالطعن على ذلك إعلام الوارثة بالدعوى رقم 15 لسنة 2008 محكمة السيدة زينب “شئون الأسرة” (أمام الدائرة 12) بغية القضاء لها ببطلان إعلام الوراثة رقم 18 لسنة 1998 وراثات السيدة زينب الجزئية للأحوال الشخصية الصادر بجلسة 19/1/1998 واعتباره كأن لم يكن وعدم الاعتداد به، وما زالت متداولة بالجلسات حتى تاريخه.
كما اضطرت الأوقاف إلى توجيه عدة دعاوى بطلب محو وشطب المشهرات التي سجل بموجبها المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر بيع أوقاف التداعي إلى بعضهم البعض وإلى الغير وتلك الدعاوى ما زالت متداولة وتباشرها هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد الدكتور/ وزير الأوقاف بصفته الناظر الشرعي والقانوني على الأوقاف الخيرية.
وتلك الوقائع كلها كانت محل تحقيقات النيابة العامة (نيابة الأموال العامة – نيابة استئناف طنطا – مكتب المُحامي العام) في القضية رقم 847 لسنة 2007 أموال عامة استئناف طنطا والمقيدة برقم 15 لسنة 2007 حصر أموال عامة استئناف طنطا، والتي أودع فيها مذكرة من النيابة العامة بتاريخ 26/2/2008 انتهى الرأي فيها إلى رفع الأوراق لمعالي السيد الأستاذ المستشار/ رئيس الاستئناف – المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا للموافقة على قيد الأوراق جنحة بمركز بسيون وتقديم المتهمين (وهم المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر) للمحاكمة الجنائية.
وقد جاءت في تحقيقات نيابة الأموال العامة أن المتهمين (المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر) قاموا بتزوير واستعمال محررات مزورة بما فيهـا إعلامـات خاصـة بتحقيـق الوفـاة والوراثة والوصية الواجبة مزورة مع علمهم بتزويرها إذ تم ضبطها (أي ضبط تلك الإعلامات) بموجب إقرارات أمام السلطة المختصة بضبطها وأقوال غير صحيحة أثبتوا فيها زوراً أنهم من ورثة الواقف الأصلي حيث ثبت ذلك التزوير يقيناً وبما لا يدع مجالاً للشك حسبما هو ثابت من أصل شهادتي قيد الميلاد المرفقين المعلتين تحت رقم “5” والثابت فيهما أن اسم والد المتهمين رباعياً هو/ عبد الحميد محمد راتب آيف، بينما الواقف الأصلي اسمه/ محمد راتب باشا ابن المرحوم كوبان ابن طبه الجركسي.
ومن ثم، انتهت مذكرة النيابة العامة إلى إحالة المتهمين (المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر) إلى المحاكمة الجنائية. ومن ثم حركت النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد المعلن إليهم بالجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب، بتهمة التزوير في أوراق رسمية والتعدي على أملاك الدولة.
وحيث عمد المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر إلى الاستيلاء على أطيان وأعيان ذلك الوقف ونزعه بدون مسوغ قانوني مشروع من تحت يد هيئة الأوقاف المصرية التي تختص بموجب قانون إنشائها بإدارة والاستثمار والتصرف في أموال وأعيان الأوقاف الخيرية، مما ألحق أبلغ الضرر بهيئة الأوقاف وحرمها من الانتفاع بأموال وأعيان ذلك الوقف – وهي كثيرة ومتعددة في أكثر من محافظة من محافظات مصر، فمنها أكثر من 600ف (ستمائة فدان) أطيان زراعية كائنة بعدة نواحي بمحافظة الغربية وكذا كامل أرض وبناء السرايا الكائنة بحمامات حلوان، وأيضاً كامل أرض وبناء السرايا وتوابعها الكائنة بقسم الدرب الأحمر بالقاهرة وستة منازل كائنة بالدرب الأحمر بالقاهرة. كما عمد المذكورين إلى إقامة الدعاوى القضائية مستغلين تلك الإعلامات الوراثة المزورة للاستيلاء على أموال وأعيان ذلك الوقف مما كبد هيئة الأوقاف المصرية مصاريف ونفقات وأموالاً في سبيل الدفاع عن هذا الوقف أمام مختلف المحاكم ودرجاتها. فضلاً عما لحق بها من خسارة وما فاتها من كسب من جراء إجبارها على تسليم أطيان التداعي للحارس القضائي الذي سعى المدعى عليهم إلى تعيينه لإدارة والتصرف في أطيان وقف التداعي، ناهيك عن قيام المدعى عليهم ببيع العديد من أطيان التداعي وتسجيل عقود بيعها للغير عدم ملكيتهم لها ورغم ثبوت ملكية جهة الوقف الخيري لتلك الأعيان (التي تديرها هيئة الأوقاف المصرية) مما ألحق أبلغ الضرر بهيئة الأوقاف وبأموال وأطيان الوقف الخيري الذي هو على ملك الله تعالى.
ثانياً- الدفاع
أدلة ثبوت الواقعة بحق المتهمين:
1- تزوير إعلامات شرعية بالمخالفة للإعلام الأصلي:
وفاة الواقف عقيماً: حيث أن الثابت بالأوراق أن الواقف الأصلي (دولة المُشير/ محمد راتب باشا السردار بالجهادية المصرية) قد توفي إلى رحمه الله تعالى دون أن ينجب ذرية، وورثته زوجته (الست كلبري هانم الجركسية الجنس معتوقة المرحوم/ جنتمكان إسماعيل باشا خديوي مصر) مع أخوه شقيقه (اللواء/ علي رضا باشا). وهذا ثابت من إعلام الوارثة التي استخرجته زوجته بوكالة أخو الواقف في تاريخ 16 مارس من عام 1920 والذي صدر بعد عمل التحريات الإدارية الجدية وسماع شهادة شهود ثقاة وعدل وذوي مناصب رفيعة في المملكة المصرية آنذاك (أحدهما قائمقام والثاني صاغ بالجيش المصري) وفي زمن كان الضمير العام فيه ما زال حياً.
وكذلك ثابت بالأوراق وبمذكرة نيابة استئناف طنطا للأموال العامة – مكتب المحامي العام – بصفحة 3 في البند ثالثاً – قيام المتهم/ محمد ع. م. راتب بتاريخ 19/1/1998 باستخراج إعلام شرعي من محكمة السيدة زينب للأحوال الشخصية يفيد وفاة محمد راتب باشا “الواقف” بتاريخ 7/2/1920 وانحصار أرثه الشرعي في “أبنه” البالغ الوحيد عبد الحميد محمد راتب باشا ويستحق جميع تركته تعصيباً دون شريك ولا وارث له سواه ويستحق لوصية، وقد أسفرت التحريات أن هذا الإعلام الشرعي مزور استناداً إلى ما ورد به من استحقاق الابن البالغ الوحيد للميراث بالوصية الواجبة، مما يدل على وفاة هذا الابن حال حياة والده أي قبل عام 1920، إلا أن التحريات أكدت أن والد المتهم عبد الحميد محمد راتب من مواليد 1908 وأنه توفي في غضون عام 1971.
وكذلك قد دلت التحريات أن اسم المتهم مجرد تشابه أسماء استعملها المتهم في الحصول على إعلامات شرعية مزورة قدمها للمحكمة ووزارة الأوقاف بقصد الاستيلاء على أملاك الأوقاف، الأمر الذي تأكد من أنه بتاريخ 10/4/1920 تم صدور إعلام شرعي يفيد وفاة محمد راتب باشا من محكمة مصر الشرعية رقم 91 سجل 369 يفيد أن الواقف توفي عن زوجته كلبري هانم الجركسية وشقيقه علي باشا رضا فقط دون شريك، أي أن الواقف توفي عقيماً دون وجود ذرية ذكوراً أو إناثاً.
كما جاء بمذكرة النيابة المنوه عنها أيضاً ما نصه: … وحيث أنه عن الأدلة فالدعوى زاخرة بها دليلاً تلو الدليل على نحو ما يلي: “قيام المتهمين من الأول المتوفى حتى السابع باستعمال إعلامات خاصة بتحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة مزورة مع علمهم بتزويرها إذ تم ضبطها بموجب إقرارات أمام السلطة المختصة بضبطها وأقوال غير صحيحة أثبتوا فيها زوراً أنهم من ورثة الواقف الأصلي حيث ثبت ذلك التزوير ثبوتاً يقينياً وبما لا يدع مجالاً للشك حسبما هو ثابت من أصل شهادتي قيد الميلاد المرفقتين المعلتين تحت رقم … والثابت فيهما أن اسم والد المتهمين رباعياً هو: عبد الحميد محمد راتب آيف بينما الواقف الأصلي أسمه: محمد راتب باشا أبن المرحوم كوبان بن طية الجركسية”.
وكذلك حصول المتهمون على العديد من الإعلامات الشرعية التي أثبتوا فيها بيانات على خلاف الحقيقة تناقض بعضها البعض (وتتناقض جميعها مع الإعلام الأصلي الصادر في عام 1920)، على نحو ما يلي: “حصل المتهمون على إعلام شرعي صادر من محكمة شئون أسرة مصر القديمة للأحوال الشخصية للولاية على النفس والصادر في 1/4/1997 ثابت فيه وفاة محمد راتب باشا وانحصار أرثه الشرعي في أولاده البلغ مصطفى، ومحمد، وعبد الحميد، وأحمد، وإسماعيل، وزكريا، وذلك على خلاف الإعلام المنوه عنه في البند “1” (الإعلام الأصلي)”.
كما حصل المتهمون على إعلام شرعي آخر صادر من محكمة السيدة زينب الجزئية للأحوال الشخصية – الولاية على النفس – الصادر بجلسة 19/1/1998 الثابت فيه وفاة محمد راتب باشا وانحصار أرثه الشرعي في أبنه الوحيد عبد الحميد م. راتب باشا وهو يستحق جميع تركته تعصيباً.
كما حصل المتهم الأول المتوفى محمد ع. م. راتب والصادر من محكمة السيدة زينب للأحوال الشخصية بتاريخ 19/1/1998 والثابت فيه محمد راتب باشا وانحصار أرثه الشرعي في أبن أبنه البالغ الوحيد محمد ع. م. راتب ويستحق جميع تركته تعصيباً. (وهو يناقض ويتناقض مع الإعلام الوراثة سالف الذكر في الفقرة “ب” رغم زعم صدوره من ذات المحكمة بذات التشكيل بذات الجلسة ولكن مع اختلاف الوريث المستحق للتركة)؟!!
حصول المتهم محمد ع. على إعلام شرعي بتاريخ 8/3/1999 مرفق صورته ثابت فيها وفاة علي رضا مصطفى راتب وانحصار أرثه الشرعي فيه شقيقه محمد مصطفى راتب باشا ويستحق جميع تركته تعصيباً وذلك على خلاف ما هو ثابت بالإعلام الشرعي المرفق صورته الرسمية في وفاة محمد راتب باشا وانحصار أرثه الشرعي في زوجته وشقيقه على رضا باشا.
2- ثبوت قيام المتهمين بالتعدي على أملاك الدولة:
كما ثبت من مذكرة النيابة أنفة الذكر، قيام المتهمين بالتعدي على أعيان وقف/ محمد راتب باشا بطريق التحايل وتزوير إعلامات وراثة نسبوا أنفسهم زوراً فيها للواقف الأصلي على النحو آنف البيان.
ومن ثم تحصلوا بطريق الغش والتزوير على أحكام قضائية مستعجلة بتسليمهم الحراسة على أعيان ذلك الوقف، ومن ثم شرعوا في بيع أراضيه وأعيانه للغير.
لا سيما وأنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “لما كانت المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات المستحدثة بالقانون رقم 34 سنة 1984 الصادر في 27 من مارس سنة 1984 تنص في فقرتها الأولى على عقاب “كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة و ذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة”. والبين من صور التعدي التي ساقها النص على سبيل المثال – أن هذه الجريمة إما أن تكون وقتية وإما أن تكون مستمرة، والفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة في هذا الصدد هو طبيعة فعل التعدي الذي قارفه الجاني، فإذا كان الفعل مما تتم وتنتهي الجريمة بمجرد ارتكابه كانت وقتية أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، فإذا كانت الواقعة التي دين بها الطاعن هي أنه تعدى على أرض مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية بأن أقام بناء عليها فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإقامة هذا البناء، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة وقتية، ولا يؤثر في هذا النظر ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه قانوناً، ومن ثم فلا يعتد في هذا الشأن ببقاء ذلك البناء لأن بقاءه يكون في هذه الحالة أثراً من آثار الإنشاء و نتيجة طبيعة له”. (نقض جنائي في الطعن رقم 5551 لسنة 58 قضائية – جلسة 24/5/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 762).
وبالنسبة للتوكيلات التي سبق وأن أصدرتها وزارة الأوقاف لمورث المدعى عليهم مدنياً: فإنها صدرت من وزارة الأوقاف لمورث المدعى عليهم مدنياً على أساس تصديق زعمه بأنه من ورثة الواقف، فإن تلك التوكيلات تصدر – بصفة عامة – لأي شخص يرغب في عمل الخير دون التحري عن صلته بالواقف وما إذا كان ينتسب إليه من عدمه، فضلاً عن أن تلك التوكيلات صادرة لهم للصرف على مدفن الواقف (طبقاً لشروط حجة الوقف) من قراءة قرأن وزرع نباتات.
3- صحة التهم المنسوبة للمتهمين:
يتضح من سائر أوراق الجنحة الماثلة، وما جاء بصحيفة افتتاح الإدعاء المدني المقدم من هيئة الأوقاف المصرية، ومذكرات دفاع الهيئة المقدمة لعدالة المحكمة، صحة التهم المنسوبة إلى المتهمين، وأن دفاع ودفوع المتهمين كلها جاءت على خلاف حقيقة الواقع وصحيح القانون، ولا أدل على ذلك من وجود أكثر من خمس إعلامات وراثة مختلفة ومتناقضة من بينها إعلامين صادرين من ذات المحكمة وبذات تشكيل هيئة وبذات الجلسة وعن ذات المورث المزعوم ولكن بورثة مختلفين؟!! إلى هذه الدرجة وصل الحال بالمتهمين في الجرأة على الحق.
وتجدر الإشارة إلى أن الأحكام القضائية التي استصدرها المتهمون لصالحهم، وبل والتوكيلات التي نجحوا في استصدارها من وزارة الأوقاف، إنما تم بناء على تلك الإعلامات الوراثة المزورة قبل انكشاف أمرها، وقبل العثور على إعلام الوراثة الأصلي في دار الوثائق والمعلومات. ومن ثم، فلا يجوز لهم الاحتجاج بتلك الأحكام أو هذه التوكيلات بل هي دليل ضدهم على استعمالهم للمحررات المزورة للاستيلاء على مال الوقف الخيري الذي هو على ملك الله تعالى.
وهذا ما حدا بعناية وزير الأوقاف للتقدم ببلاغ إلى النيابة العامة في تاريخ 17/6/2007 مرفق به تحريات الرقابة الإدارية والذي تضمن قيام بعض المواطنين بالاستيلاء على مساحة 689 فدان بمحافظة الغربية وكذا بعض العقارات بالقاهرة أهمها سرايا حلوان على زعم بأنهم من ورثة الواقف، بالرغم من أن الواقف/ محمد راتب باشا بن كوبان بن طبه الجركسية كان قد مات عقيماً عن زوجته كلبري هانم وشقيقه علي باشا رضا (كما هو ثابت بالإعلام الشرعي رقم 91 من سجل 369 المستخرج من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 28/10/2009).
إلا أن المتهمين زعموا – على خلاف الحقيقة – أنهم من نسل الواقف وذريته، وقاموا باستخراج خمس إعلامات وراثة (على الأقل) كلها متعارضة مع بعضها ومخالفة لحقيقة الواقع، منها الإعلام الشرعي الصادر في تاريخ 1/4/1997 من محكمة مصر القديمة والذين أثبتوا فيه وفاة الواقف/ محمد راتب باشا في تاريخ 7/3/1920 وانحصار أرثه في (أبنائه) مصطفى وأحمد وإسماعيل وزكريا، وإعلام وراثة آخر مؤرخ في 19/1/1998 صادر من محكمة السيدة زينب يفيد وفاة الواقف في ذات التاريخ ولكن بوارث واحد فقط هو أبنه المزعوم/ عبد الحميد، وفي ذات التاريخ 19/1/1998 أصدروا إعلام وراثة آخر صادر من ذات المحكمة بذات التشكيل في ذات التاريخ تفيد وفاة ذات المورث الواقف ولكن بوارث مختلف تماماً هو أبن أبنه المزعوم/ محمد ع. م. راتب.
ومن ثم قام المتهمون برفع الدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة، ضد وزير الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية بادعاء ملكيتهم لسرايا الواقف في حلوان، وكذلك الدعوى رقم 4 لسنة 2004 مدني كلي شمال القاهرة، التي يطالب فيها المتهمون باستحقاقهم في وقف التداعي، ويتمسك فيها المدعون (المتهمون في الجنحة الماثلة) بإعلامات الوارثة المزورة موضوع التهمة الماثلة.
فضلاً عن أن المتهمين قد سبق لهم أن أقاموا الدعوى رقم 2105 لسنة 2002 مستعجل القاهرة ضد وزير الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية وآخرين طالبين عزل وزير الأوقاف من الحراسة على وقف التداعي وتعيين حارس منهم عليه بدلا من الوزير. واستطاعوا بطريقة ما الحصول على حكم لصالحهم في تلك الدعوى والتي تأيد استئنافياً بالاستئناف رقم 1113 لسنة 2002 مستأنف مستعجل.
ومن ثم قاموا بتنفيذ حكم الحراسة واستلام حوالي 600 فدان تابعة للوقف في محافظة الغربية وشرعوا في تقسيمها وبيعها للغير والاستيلاء على ريع تلك الأراضي وأثمان بيعها لأنفسهم بدون وجه حق مع علمهم بتزوير إعلامات الوارثة التي استخرجوها واستعملوها للحصول على تلك الأحكام المستعجلة المنوه عنها آنفاً.
وهناك حالياً العديد من القضايا المثارة حالياً بشأن الاستشكال في تنفيذ الأحكام المستعجلة سالفة الذكر، وبعدم الاعتداد بتلك الأحكام، وما زالت متداولة أمام مختلف درجات المحاكم حتى تاريخه، وما زال المتهمون يتمسكون في تلك الدعاوى بإعلامات الوراثة المزورة مع علمهم بذلك حتى هذه اللحظة.
كما قام المتهمون ببيع سرايا الواقف في حلوان إلى المتهم/ عماد س. ع.، بعد أن قاموا بإشهار إنهاء الوقف وإشهار حق أرث وبيع مستغلين إعلامات الوراثة المزورة بالتنسيق مع المتهم/ عماد س. ع. (المشتري)، والذي قام بدوره بهدمها كلياً حتى سطح الأرض، ثم باعها كأرض فضاء إلى الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بشركة بورتلاند حلوان التي استصدرت بدورها ترخيصاً ببناء برج سكني عليها ومطعون حالياً أمام القضاء الإداري لوقف العمل بذلك الترخيص بالبناء، كما أقامت وزارة الأوقاف عدة دعاوى قضائية بطلب محو وشطب المشهرات التي قام بها المتهمون مستغلين إعلامات الوراثة المزورة وما زالت متداولة حتى الآن.
فضلاً عن أن الجمعية الجغرافية المصرية (الجهة المستفيدة لريع وقف التداعي) قد أقامت هي أيضاً برفع عدة دعاوى ضد المتهمين، وتمسك فيها المتهمون بإعلامات الوراثة المزورة واستعمالها في تلك الدعاوى رغم علمهم بتزويرها.
4- ثبوت التهمة في حق المتهمين طبقاً لما ورد بتحريات الرقابة الإدارية:
الثابت من تحريات الرقابة الإدارية والمسطرة بالأوراق بأن المستوى الاجتماعي لمن يزعمون بأنهم من ورثة الواقف لا يتناسب مع زعمهم هذا، مع ملاحظة أن الواقف كان وزيراً للحربية وشقيقة برتبة لواء في الجيش المصري وزوجته جركسية، بينما المتهمون الذين يزعمون انتسابهم لهم زوراً وبهتاناً يشغلون وظائف دنيا من المجتمع فالمتهم/ محمد ع. م. راتب يعمل ملاحظ فني، والمتهم/ إسماعيل يعمل وكيلاً للفنانين، والمتهم/ سعيد يعمل مبلط أرضيات بمديرية الطرق، والمتهم/ محمود يعمل فني بشركة الاتصالات، والمتهم/ مصطفى ك. ع. يعمل سمكري سيارات في هيئة النقل العام، وليس من بينهم من يحمل مؤهل عالي بل بعضهم أمي لا يقرأ ولا يكتب، فهل يعقل أن هؤلاء هم أحفاد وزير حربية المملكة المصرية حينئذ؟!!
وكذلك يبين من الأوراق أنه يوجد في أحد الإعلامات المزورة يزعم أن المتهم/ عبد الحميد م. راتب مستحق لوصية واجبة، أي أنه من المفترض – لو صح ذلك الزعم – وفاة الأب في حياة الجد (الواقف) أي قبل عام 1920، في حين أن الثابت بالأوراق أن الأب المذكور من مواليد 1908، أي من المفترض أن يكون الأب قد ولد وتزوج وأنجب وتوفي كل ذلك وعمره لا يتعدى 12 سنة؟!!! ويفضح كذب هذا الإعلان أن الأب المذكور متوفى في عام 1971 وليس في حياة الواقف قبل عام 1920.
وأيضاً يبين من الأوراق أن المتهم/ عماد س. ع. هو الرأس المدبر لتلك المؤامرة بأكملها ومنذ بدايتها، حيث يقر المتهم/ مصطفى ك. ع. عند سؤاله في التحقيقات بأنه يعمل سمكري سيارات في هيئة النقل العام، وأنه سمع من أخيه “محمد” أن لهم تركة كبيرة “وجاءهم ناس منهم عماد س. ع. وآخرين عايزين يتعاملوا ويتصرفوا في الأطيان بتاعة التركة دي، وعلشان هما مافيش فلوس معاهم عملوا توكيلات لعماد س. ع. ليقوم بكل شيء باسمهم خصوصاً أنه هو إلي معاه الفلوس وبيعرف يطلع الورق لأن له سلطة وواصل وقادر”؟!! (لطفاً، تحقيقات النيابة العامة – صـ 87). أي أن المتهم/ عماد س. ع. كان على علم بكل شيء بل هو من حرك الأمور لتسير في الاتجاهات التي رسمها مسبقاً وخطط لها بإتقان ونفذها بصبر وإصرار حتى تحقق له مأربه ونال بغيته وكان له ما تمنى.
5- أقوال الشهود تؤيد كل ما ورد بتحريات الرقابة الإدارية:
بسؤال السيد/ أمين معوض دويدار وكيل رئيس الجمعية الجغرافية أفاد بادعاء بعض الأشخاص صدور أحكام قضائية لصالحهم في الدعوى رقم 2323 لسنة 2002 مستعجل القاهرة، بعزل محمد عبد العزيز عن حراسة أعيان وقف التداعي، وصدور حكم في الاستئناف رقم 363 لسنة 2004 بتعيين حارس من الجدول. وأن الجمعية الجغرافية المصرية قد أقامت الدعوى رقم 3237 لسنة 2003 مدني كلي طنطا بطلب عدم سريان الحكم رقم 2105 لسنة 2002 مستعجل القاهرة والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم 1113 لسنة 2002 والقاضي بعزل وزير الأوقاف من النظارة والحراسة على أعيان وقف التداعي. وبسؤاله عن المستندات التي قام المتهمون بتزويرها أفاد بأنها الحجة الشرعية المقدمة منهم حيث قاموا بطمس الهامش الذي يفيد خيرية وقف التداعي (وليس وقفاً أهلياً وبالتالي لا استحقاق فيه لأحد من الورثة على فرض وجود هؤلاء الورثة أصلاً)، وكذلك قدموا صورتين لإعلامين وراثة كلاهما مؤرخ 18/1/1998 والورثة فيه متعارضين وكلاهما متعارض مع إعلام الوراثة الأصلي. وبسؤاله كيف عرفت تلك المحررات مزورة، أجاب من خلال رجوعنا إلى مصلحة الأحوال المدنية تبين أن اسم والد المتهم/ عبد الحميد م. راتب آيف. وبسؤاله عن تلك الأعيان أجاب أنها ملك وقف/ محمد راتب باشا ابن توبان ابن طيه الجركسي، وأصبحت موقوفة على الجمعية الجغرافية المصرية. وعند سؤاله ما قولك فيما ورد بتحريات الرقابة الإدارية من أن الثابت وفاة محمد راتب باشا بالإعلام الشرعي رقم 91 سجل 396 وانحصار أرثه الشرعي في زوجته كلبري هانم وشقيقه اللواء علي رضا، فأجاب: ده أكيد معي حجة تغيير وأصل إعلامي شرعي. وبسؤاله ما هي الأضرار التي لحقت الجمعية، فأجاب: ترتب على النزاعات توقف إيراد الجمعية نتيجة النزاعات.
وبسؤال السيد/ حسن محمد عبد العال رئيس قسم السجلات، عن ما تعليلك لما ثبت من التحريات من استحصال محمد ع. م. راتب على إعلامات شرعية، فأجاب: هذا الكلام أكيد، بدليل أن وزارة الأوقاف تمكنت من الحصول على الإعلام الشرعي الأصلي يتضمن وفاة الواقف عقيماً وانحصار أرثه الشرعي في زوجته كلبري هانم وشقيقه اللواء على باشا رضا (ملحوظة: قدم لنا أصل الإعلام الشرعي). وقرر أيضاً بأن الإعلامات مزورة، وعايز أقول بأن المعتدين (المتهمين) حاولوا أن يسجلوا أرض الوقف باسمهم فيما يخص سرايا الواقف في حلوان (العقار رقم 25 بشارع عزام بحلوان) وتم مخاطبة الشهر العقاري بإيقاف التسجيل.
وبسؤال عاطف عثمان مدير عام الأوقاف والمحاسبة بوزارة الأوقاف (صـ 60) قرر ما يلي: أوقف محمد راتب باشا أعيان على زوجته بخلاف 105 فدان وقفاً خيرياً على مدفنه، ثم طرأت عدة تغييرات على تلك الحجة انتهت إلى أحقية كلبري هانم زوجة الواقف في تغيير مصارف الوجه، إذ لها الحق في استعمال الشروط العشرة وليس لأحد غيرها ذلك، وجعلت الوقف جميعه خيري يصرف من ريعه على الجمعية الجغرافية المصرية، وانتظم صرف ذلك الريع على تلك الجمعية حتى عام 2004، إلى أن صدر حكم بعزل وزير الأوقاف (بناء على طلب المتهمين)، وقرر أيضاً بتزوير إعلامات وراثة تمكنوا بمقتضاها من الاستيلاء على أعيان الوقف وتأكد التزوير من خلال الرجوع إلى دار الوثائق القومية حيث حصلنا على إعلام شرعي يفيد وفاة الواقف عقيماً من دون ذرية. وقرر أيضاً وجود تعدي مادي بالاستيلاء على سرايا (فيلا) الواقف في حلوان، ووقوع تعدي قانوني بإقامة دعاوى والضرر المترتب على ذلك بالنسبة للسرايا تدر 240 جنيه سنوياً وريع الأطيان في محافظة الغربية 186000 جنيه (فضلاً عن ثمن بيعها للغير)، وبسؤاله من هو الواقف الحقيقي، قرر: محمد راتب باشا أبن طبه الجركسي، وقررت سلفاً بحدوث اعتداء على أعيان الوقف، ومن هو المعتدي بالتحديد؟ أجاب: المتعدي محمد ع. راتب آيف الذي توفي، وتلي ذلك ورثته، تلي التعدي من قبل المشترين عماد س. ع. وقرر أيضاً بأقواله وقوع تعدي من الخلف الخاص، وأكد علم عماد س. ع. علم اليقين بأن الوقف خيري إلا أن استمر في الاعتداء وقد حضر لمقر عملي لدى حصوله على حكم (باسم الورثة) بعزل وزير الأوقاف من الحراسة على الوقف المذكور، وأبلغته بأن هذا الوقف جميعه خيري وبعدم أحقية البائعين له في ذلك. وبسؤاله عن كيفية تمكن المتهمين من اتخاذ إجراءات التسجيل؟ أجاب: من خلال عقود البيع التي زعموا فيها أنهم من ورثة الواقف الأصلي وكذا الإعلامات المزورة وحصولهم على حكم قِبل المستأجرين وتمكنوا من إزالة سرايا الواقف في حلوان. وبسؤاله ما تعليلك للمكاتبات الصادرة للشهر العقاري وما بين هيئة الأوقاف ووزارة الأوقاف، أجاب: طبقاً للائحة الشهر العقاري يتطلب تقديم مستندات الملكية مطبقة هندسياً ومرفق بها خرائط مساحية خلال مدة 21 يوم فقط لا غير وهذا مستحيل تنفيذه لكونها تستغرق وقتاً طويلاً.
وبسؤال السيد/ عبد الرحمن الكردي مستشار الملكية العقارية بهيئة الأوقاف المصرية عن معلوماته بشأن الواقعة محل التحقيق، أفاد بأن محمد ع. م. راتب وورثه/ عبد الحميد م. راتب قاموا بتزوير إعلامات شرعية تمكنوا بمقتضاها من الاعتداء علي أعيان وقف/ محمد راتب باشا، وتبعهم في ذلك الاعتداء عماد س. ع. وآخرين باعتبارهم خلف خاص للمعتدين الأصليين الذي زعموا بأنهم ورثة الواقف. ومن هو الواقف؟ أجاب: محمد راتب باشا أبن كسوة أبن طبة طبقاً للإعلام الشرعي وأن زوجته من بعده هي التي قامت بتغيير مصارف الوقف وجعلته خيرياً لصالح الجمعية الجغرافية المصرية. ومن هم المعتدين علي وجه التحديد، أجاب: المتعدين هم فهيمة ع. ر. ع.، ومحمد ع. ومحمود وزكريا وعائشة ومصطفي وسعيد وإسماعيل وعماد س. ع. وكمال ومحمود وأسامة، تعدي مادي وقانوني، استيلاء علي فيلا حلوان (سرايا الواقف بحلوان)، الورثة وعماد س. ع. يعلموا علم اليقين بعدم أحقيتهم في الوقف. وأن عماد س. ع. حضر وأفهمته وبالرغم من ذلك استمر في الاعتداء وما زال الاعتداء علي الأرض بعد أن قام بالهدم. ما هو الأضرار الذي لحق بهيئة الأوقاف المصرية. أجاب: الضرر يتمثل في الاستيلاء علي سرايا حلوان وهدمها وعدم الحصول علي الريع ومقداره 240 جنيه سنوياً وكذا ريع الأرض الكائنة بمحافظة الغربية وقدره 186000 جنيه. ولما لم تقم الهيئة باتخاذ الإجراءات الكفيلة لمنع تسجيل السرايا. هي الهيئة بذلت ما في وسعها بأن خاطبت الشهر العقاري لعدم السير في التسجيل استنداَ إلي أن الوقف خيري إلا أن إجراءات الشهر العقاري تعطي مدة 21 يوم يتخللها إرسال واستلام الخطابات. (لطفاً، صـ 70 من التحقيقات).
وبسؤال السيدة/ آمنة أحمد علي مدير عام هيئة الأوقاف المصرية عما ما هو وجه التعدي. أجابت: تعدي مادي وقانوني ويوجد عدد من الدعاوى المقامة. وما هو الضرر الذي لحق هيئة الأوقاف، أجابت: يتمثل في الاستيلاء علي سرايا حلوان وهدمها وعدم الحصول علي الريع السنوي ومقداره 240 جنية وكذا الأرض الكائنة بالغربية وريعها يقدر بمبلغ 186000 جنيه جنية وقد توقف الصرف من عام 2004 (للجمعية الجغرافية المصرية لعدم قبضه أصلاً لاستيلاء المتهمون عليه). ولم تقم الهيئة باتخاذ إجراءات لمنع التسجيل. الوزارة قامت بإبلاغ الشهر العقاري أكثر من مرة لإيقاف التعامل وقررت أيضاً بأن المدة المحكوم بها الشهر العقاري وباللائحة هي 21 يوم وأن إجراءات تقديم المستندات تحتاج إلي وقت طويل. (لطفاً، صـ 75 و 76 من التحقيقات).
7- أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة يؤيد ثبوت ارتكاب الواقعة:
وبسؤال المتهم/ إسماعيل ع ا. ويعمل وكيل فنانين، فيما هو منسوب إليه، قرر: إن اللي حصل أني عرفت من “محمد” أخي إن لنا ورث كبير، فعملت له توكيلات أنا وأخواتي، وبعد كده طلب توكيلات بالبيع فاحنا عملنا له توكيلات بالبيع فعلاً. وبسؤاله عن طبيعة علاقتك بالواقف/ محمد راتب باشا ابن طبه، قرر: أنا معرفش إذا كان ده جدي ولا لأ. وقرر أيضاً بأنه لم يتعد وأن أخويا محمد طلب توكيلات وبعد كده طلب توكيلات بالبيع، وقرر أيضاً انه كان يعمل وكيل فنانين وربنا تاب على وأعمل حالياً سواق تاكسي. وبسؤاله ما تعليلك لما ثبت من التحقيقات والانتقال لنيابة جنوب القاهرة من وجود صحف دعاوى مقامة منك وآخرين بشأن أعيان الوقف محل التحقيقات، فأجاب: فعلاً محمد أخويا قال لنا ميراث واحنا عشان كده أقامنا الدعاوى. (لطفاً، صـ 82 من التحقيقات).
وبسؤال المتهم/ مصطفى ويعمل سمكري سيارات بهيئة النقل العام، أنكر التهمة (التعدي والتزوير)، وقرر أني سمعت وأنا صغير أن أحنا لنا تركة كبيرة، وبعدين جالنا ناس منهم عماد س. ع. وآخرين وعايزين يتعاملوا ويتصرفوا في الأطيان بتاعتها (يقصد أطيان التركة)، علشان أحنا ممعناش فلوس وهم اللي بيطلعوا الورق وبعد كده محمد أخويا طلب عمل توكيلات بالقضايا وبعد كده توكيلات بالبيع ولما مات حولنا التوكيلات على أخويا زكريا بس توكيل قضايا. وبسؤاله ما هي علاقتك بمحمد راتب باشا صاحب الوقف الأصلي، قرر: هو جدي. وبسؤاله قررت سلفاً بعلمك بأيلولة تركة من مورثك محمد راتب باشا، فمن أبلغك بها، قرر: والدي الله يرحمه. وما هي الإجراء الذي اتخذ حيال ذلك، أجاب: أحنا معملناش حاجة إلى ما بعد وفاة أبي بفترة طويلة حيث جات لنا ناس لهم سلطة وقادرة على استخراج مستندات منهم عماد س. ع. وجابوا لنا ورق وبعدها طلب مننا توكيلات وعملنا له توكيلات وبعد كده طلب مننا توكيلات بالبيع وعملنا له برضه ولما محمد أخويا مات عملنا توكيلات لأخويا زكريا …الخ. (لطفاً، صـ 87 من التحقيقات).
وبسؤال المتهمة/ عائشة، ربة منزل، أنكرت التزوير والتعدي وقررت بأن “محمد” أخويا الله يرحمه كان هو بيقول لنا أن لنا أراضي بتاعة جدنا واحتا منعرفش عنها حاجة ولا شوفناها وبعد كده طلب مني أعمل له توكيلات وبعد ما مات وبعد كده جالي محامي معرفش اسمه وطلب أعمل له توكيل وعملت له توكيل ماعرفش نوعه. وامبارح بالليل فوجئت المباحث أخذتني من المطعم وحولوني على الرقابة الإدارية. (لطفاً، صـ 91 من التحقيقات).
وبسؤال المتهم/ عماد س. ع. ما الذي حدث إذا، فقرر: بأنه تقابل مع محمد ع. راتب عن طريق وسيط بصفتي أنا قائم علي تجارة الأراضي، أنه إحنا لنا وقف من طنطا وحلوان بموجب أحكام نهائية وحكم حراسة وعلي توكيل بالبيع لنفسه وللغير وأبلغوني بأن الأعيان خاصة مورثه/ محمد عبد الحميد راتب، وقام بشراء مساحة 3819 متر مربع بموجب عقد ابتدائي في 5/5/2003 بثمن 2.5 مليون جنيه، وبعد العقود اشتريت 495 فدان من أ. النعناعي اللي هو اشتراهم من محمد ع. راتب بمبلغ 2 مليون جنية بحوالي خمسة آلاف جنية للفدان، مع العلم بأن العقد المحرر باسم أ. النعناعي ورثة/ محمد عبد الحميد كان مبلغ 25 ألف، ولما عرفت أن لي أمر ضبط وإحضار حضرت من تلقاء نفسي. وهل أطلعك سالف الذكر علي ما بحوزته من مستندات وما هي, فأجاب: أيوه وهي تقرر خبير يفيد بأن الوقف أهلي، وحكم ابتدائي بعزل الوزير ثم الاستئناف، وبموجب حجة شرعية باسم كالبرى هانم، وأن المحكمة لا تطمئن إلي هذا المستند وكشف عوايد، وتوكيل صرف من الأوقاف باسم/ محمد ع. راتب لصرف الريع وقرر أيضاً بناء علي المستندات أبرمت عقد ابتدائي في 5/5/2003. من كامل الورثة وبموجب هذا العقد اشتريت 3819 متر بمبلغ 2.5 مليون جنية وقرر بشراء مساحة 495 فدان من أ. النعناعي وكان علي العقد صحة وتوقيع ضد/ محمد ع. راتب. وبسؤاله ألم يسترعي انتباهك بخس الثمن في أعيان الوقف، قرر بأن البيع تم بالتراضي. وما قولك فيما جاء بأقوال عاطف عثمان مدير الأوقاف والمحاسبة بالتحقيقات من عملك علماً يقيناً بأن الوقف خيري وأنهم غير مستحقين فيه، قرر: بأن هذا الكلام غير صحيح لا أساس له من الصحة وقرر عدم تقابله معه. وبسؤاله ما تعليلك لما أضاف من حضورك إليه وأبلغك بطبيعة الوقف وما زال الاعتداء مستمر، قرر: بأنه لم أتوجه إليه إلا بعد تاريخ 17/3/2007 بمعرفة خطاب من رئيس مجلس الإدارة. وبسؤاله ما قولك فيما ثبت من الإعلان الشرعي الثابت فيه وفاة محمد راتب باشا أبن طبه وانحصار أرثه الشرعي في زوجته كالبري هانم الجركسية وشقيقه على باشا رضا. فأجاب: أنا معرفش حاجة عن هذا الإعلان لأنه لم يثبت في جميع الأحكام. وبسؤاله: قررت سلفاً بأنك تقدمت لشراء أعيان الوقف الكائنة بحلوان بعد تأكدك من صدور أحكام نهائية ومستنداً لتقارير خبراء من بينها تقرير خبير مودع ملف الدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة فما تعليلك وقد ثبت لنا من خلال الانتقال والإطلاع على الملف الفرعي في تلك الدعوى أنها ما زالت متداولة أمام مكتب خبراء وزارة العدل. فلما لم تتريث لحين صدور حكماً نهائياً فاصل للملكية بشأن أعيان الوقف؟ فأجاب: لأني استندت إلى أحكام قضائية نهائية تفيد أن محمد عبد الحميد راتب هو وريث محمد راتب باشا، فضلاً عن التوكيل الصادر من الإدارة العامة للأوقاف والمحاسبة الصادر بعد تلك الأحكام التي تؤكد أنه هو المالك لأعيان الوقف. ما تعليلك لما ثبت لنا من مطالعة ذلك التوكيل أنه مجرد وكالة في صرف ريع لصرفه على الجهات الخيرية ولم يثبت بهذا التوكيل أنه من المستحقين للوقف، فأجاب: أنا سألت في الأوقاف وقيل لي بأن هذا التوكيل لا يصدر إلا لمستحق، والمستحقين هم الورثة؟؟!!!! وما تعليلك لما ورد بتحريات هيئة الرقابة الإدارية وأقوال مسئولي هيئة الأوقاف في التحقيقات إذن، فأجاب: أنا انتهيت من الشراء والتسجيل في عام 2004 ولم يقدم لي أحد أي مستند بعد هذا التاريخ أن الوقف ده خيري أو أن من قاموا بالبيع لي ليسوا من الورثة. (لطفاً، صـ 102 و 103 من التحقيقات).
ومفاد كل تلك الشهادات، والأقوال، التي لم تسمع في التحقيق السابق، أن المتهمين قاموا بتزوير إعلامات الوراثة للإيحاء بانتسابهم للواقف الأصلي، وبتزوير حجة الوقف، وبالاستيلاء والتعدي على أملاك الوقف الخيري والتصرف فيه على نحو أضر بالوقف الخيري وبهيئة الأوقاف المصرية وبوزارة الأوقاف وبالجمعية الجغرافية المصرية.
توافر القصد الجنائي لدى المتهمين:
حيث توافر لدى المتهمين عنصري العلم والإرادة، لكونهم كانوا يعلمون يقيناً أنهم يقومون بتغيير الحقيقة في محرر رسمي وانتوائهم استعماله فيما غيرت الحقيقية من أجله. ومن ثم يكون قد تحقق عندهم القصد الجنائي.
حيث إنه من المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أن: “القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية، تحققه: متى تعمد الجاني تغيير الحقيقية في المحرر، مع انتوائه استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة”. (الطعن رقم 19675 لسنة 67 قضائية – جلسة 5/10/1999. مشار إليه في: “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 46).
كما قضت محكمة النقض بأنه: “من المقرر أن القصد الجنائي فى جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة فى محرر يتمتع بقوة فى الإثبات، بطريقة من الطرق التى حددها القانون، تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً مع انتواء استعماله فى الغرض الذى زور من أجله”. (نقض جنائي في الطعن رقم 4519 لسنة 57 قضائية – جلسة 3/11/1988 مجموعة المكتب الفني – السنة 39 – صـ 1001 – فقرة 5).
“غير إنه لا يلزم التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر ركن القصد الجنائي في جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه”. (الطعن رقم 758 لسنة 38 قضائية – جلسة 10/6/1968. والطعن رقم 1811 لسنة 40 قضائية – جلسة 11/1/1971. مشار إليهم في: “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 46).
وتبدو علة ذلك واضحة في أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها. لذلك قضي بأن: “القصد الجنائي في جريمة التزوير موضوعي. التحدث عنه صراحة في الحكم غير لازم، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه”. (الطعن رقم 6722 لسنة 66 قضائية – جلسة 10/2/1998. والطعن رقم 20999 لسنة 62 قضائية – جلسة 8/10/1998. مشار إليهم في: “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 46 و 47).
وطالما كان المتهمون يهدفون من وراء تغيير الحقيقية في إعلامات الوارثة التي زوروها – موضوع الجنحة الماثلة – إثبات (على خلاف الحقيقية) انتسابهم للواقف سعياً للاستيلاء على أعيانه وأطيانه في كل من القاهرة والغربية، فإنه يكون قد تحقق لديهم القصد الجنائي بكافة أركانه، ومن ثم استوجبوا العقاب على فعلهم المؤثم قانوناً.
“الضرر” سبب الإدعاء المدني، وركن جريمة التزوير:
لما كانت الإدعاء المدني يجد أساسه في “الضرر” الذي سببته الجريمة، أياً كانت درجة جسامة الجريمة جناية أو جنحة أو حتى مخالفة. وسواء ورد النص على الجريمة في قانون العقوبات أو في قوانين خاصة.
والضرر الذي يصلح سبباً للدعوى المدنية قد يكون ضرراً مادياً أو أدبياً، ويراد بالضرر المادي أي إخلال بمصلحة مالية للمدعي بالحق المدني، أي ما لحق المدعي المدني من خسارة وما فاته من كسب. والضرران المادي والأدبي سيان في إيجاب التعويض لمن أصابه شيء منهما، وتقديره في كل منهما خاضع لسلطة محكمة الموضوع.
إلا أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “لا تثريب على المحكمة إن هي لم تبين الضرر بنوعيه المادي والأدبي الذى حاق بالمدعى بالحقوق المدنية بصفته، لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت بالتعويض المؤقت الذى طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذى سيطالبه به، بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذى ارتكب الفعل الضار المسند إليه، فهذا يكفى لتقدير التعويض الذى قضت به، أما بيان مدى الضرر فإنما يستوجبه التعويض الذى قد يطالب به فيما بعد، وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به”. (نقض جنائي في الطعن رقم 1869 لسنة 39 قضائية – جلسة 16/3/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 382 – فقرة 6).
حيث تواتر قضاء النقض على أن: “من المقرر أن إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما مما يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض، ولا على المحكمة، من بعد، إن هي لم تبين الضرر الذى حاق بالمدعى بالحقوق المدنية بنوعيه المادي والأدبي، وذلك لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعى بالحقوق المدنية بالتعويض الذى طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذى سيطالب به بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذى ارتكب الفعل الضار المسند إليه فهذا يكفى تبريراً للقضاء بالتعويض المؤقت، أما بيان الضرر فإنما يستوجبه التعويض النهائي الذى يطالب به بعد وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا المقام لا يكون مقبولاً”. (نقض جنائي في الطعن رقم 6549 لسنة 53 قضائية – جلسة 18/12/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 907 – فقرة 2).
وفضلاً عما تقدم، فإن: “القانون لا يشترط في التزوير وقوع ضرر بالفعل، بل يكفي باحتمال وقوعه”. (الطعن رقم 1987 لسنة 15 قضائية – جلسة 10/10/1945. والطعن رقم 1398 لسنة 39 قضائية – جلسة 20/11/1969. مشار إليهم في: “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 48).
وفي جميع الأحوال فإن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض، حيث إنه من المقرر في قضاء النقض أن: “من المقرر أن الضرر في تزوير الأوراق الرسمية مفترض، لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما ورد بها”. (الطعن رقم 4870 لسنة 51 قضائية – جلسة 9/3/1982 السنة 33 – صـ 310. مشار إليه في: “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 100).
التعويض وصوره: نصت المادة 220 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: “يجوز رفع الدعوى المدنية مهما كانت قيمتها بالتعويض الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية”.
هذا، وقد بينت المادة 171/2 من القانون المدني أنواع التعويض عن الضرر، فنصت على أن: “يقدر التعويض بالنقد على أنه يجوز للقاضي تبعاً للظروف وبناء على طلب المضرور، أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، أو أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع، وذلك على سبيل التعويض”.
وعلى ذلك فالأصل في التعويض أن يكون نقدياً، ومع ذلك فقد يتحقق في صورة رد الأشياء التي حصل عليها المتهم عن طريق الجريمة، كما قد يكون بدفع المصاريف القضائية، أو يكون بنشر الحكم في الصحف أو تعليقه على بعض المحال العامة، وهو ما أشير إليه في نص المادة 171/2 من القانون المدني بعبارة: “أداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع”.
الرد: و”الرد” الذي يكون موضوعاً للدعوى المدنية التبعية، هو إعادة الشيء الذي وقعت عليه الجريمة إلى مالكه أو حائزه القانوني. فيرد الشيء المسروق إلى مالكه أو من كان حائزه قبل وقوع الجريمة، أي رد الشيء عيناً. (لطفاً، المرجع: “شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية” – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – الحائز على جائزة الجامعة التقديرية في العلوم القانونية – طبعة نادي القضاة 2003 القاهرة – بند 730 – صـ 1084 وما بعدها).
وقد نصت المادة 103 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: “يصدر الأمر بالرد من النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، ويجوز للمحكمة أن تأمر بالرد أثناء نظر الدعوى”.
كما نصت المادة 105 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: “يؤمر بالرد ولو من غير طلب، ولا يجوز للنيابة العامة ولا لقاضي التحقيق الأمر بالرد عند المنازعة، ويرفع الأمر في هذه الحالة أو في حالة وجود شك فيمن له الحق في تسلم الشيء إلى محكمة الجنح المستأنفة المنعقدة في غرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية بناء على طلب ذوي الشأن لتأمر بما تراه”.
لذلك، وبناء على تطبيق كل تلك القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع الدعوى الماثلة، قامت هيئة الأوقاف المصرية بتوجيه الإدعاء المدني ضد المدعى عليهم من الأول حتى الحادي عشر بغية القضاء لها بإلزامهم بأداء بتعويض مؤقت لها عن الأضرار الناتجة من ارتكابهم لجرائم التزوير في محررات رسمية واستعمال محررات مزورة مع علمهم بذلك والتعدي على أملاك الوقف الخيري الذي هو على ملك الله تعالى ويعد من الأموال العامة، مع إلزامهم برد جميع الأموال والعقارات والأطيان التي تسلموها أو وضعوا اليد عليها (سواء بالذات أو بالواسطة الحارس القضائي المعين بناء على طلبهم، وسواء الـ 600 فدان أطيان زراعية الكائنة بعدة نواحي بمحافظة الغربية وكامل أرض وبناء السرايا الكائنة بحمامات حلوان) نتيجة تزويرهم في إعلامات وراثة الواقف الأصلي.
الرد على دفع المتهمين بحجية الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى:
تنص المادة 197 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: “الأمر الصادر من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى يمنع من العودة إلى التحقيق إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية. ويعد من الدلائل الجديدة شهادة الشهود والمحاضر والأوراق الأخرى التي تعرض على قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام ويكون من شأنها تقوية الدلائل التي وجدت غير كافية، أو زيادة الإيضاح المؤدي إلى ظهور الحقيقة. ولا تجوز العودة إلى التحقيق إلا بناء على طلب النيابة العامة”.
كما تنص المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: “الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى وفقاً للمادة 209 لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت دلائل جديدة طبقاً للمادة 197”.
وعلى ذلك، فإن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى يفقد قوته (في امتناع العودة إلى التحقيق) إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية. علماً بأن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى ذو طبيعة قضائية نابعة من كونه إجراء من إجراءات التحقيق لذا فهو يقطع تقادم الدعوى من يوم صدوره.
ومعنى هذا، إنه إذا ظهرت دلائل جديدة في التحقيق بعد صدور الأمر بألا وجه فإنه يكون للمحقق أن يعود إلى التحقيق مرة أخرى، أي إلغاء الأمر السابق. وقد يجئ ظهور هذه الدلائل مصادفة بناء على تحقيق يجري في قضية أخرى، أو يكون نتيجة لاستمرار جهة الضبطية القضائية في جمع استدلالاتها وتحرياتها، أو تقدم شاهد من تلقاء نفسه لم يسمع من قبل، تنطوي شهادته على أدلة جديدة.
ويُشترط لاكتساب الدلائل التي تظهر القوة في إلغاء الأمر السابق الشروط الآتية:
أن تكون هذه الدلائل جديدة: وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها أو أن يكون تحقيق الدليل بمعرفته غير ميسر من قبل، إما لخفاء الدليل نفسه أو فقدانه أحد العناصر التي تعجز المحقق عن استيفائه. (نقض جنائي جلسة 10/5/1960 مجموعة أحكام النقض – السنة 11 – صـ 432 – رقم 84. ونقض جنائي جلسة 2/12/1962 مجموعة أحكام النقض – السنة 13 – صـ 815 – رقم 197).
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأنه: “متى كان الثابت أن النيابة العامة وإن كانت أصدرت أمراً بحفظ الشكوى إدارياً وهي الشكوى المتضمنة محضر ضابط الشرطة عن بلاغ سرقة السيارة، إلا أنه قد تكشف لها من الإطلاع على محضر الشرطة وعلى التقرير الفني عن نتيجة فحص السيارة المضبوطة المحررين في تاريخ لاحق ولما أسفر عنه الإطلاع على ملفات سيارات أخرى ما يعد أدلة جديدة لم تكن قد عرضت عليها عند إصدارها قرارها السابق، مما يجيز لها العودة إلى التحقيق ويطلق حقها في رفع الدعوى الجنائية بناء على ما يظهر من تلك الأدلة التي جدت أمامها في الدعوى”. (نقض جنائي جلسة 5/3/1972 مجموعة أحكام النقض – السنة 23 – صـ 262 – رقم 63. ونقض جنائي جلسة 16/12/1973 مجموعة أحكام النقض – السنة 24 – صـ 1223 – رقم 248).
وأن يكون من شأن الدلائل الجديدة تقوية الدليل الموجود: فلابد أن يكون من شأن ظهور الدلائل الجديدة تقوية الأدلة القائمة الموجودة في الأوراق عند صدور الأمر بألا وجه، والتي كان ضعفها سبب صدور هذا الأمر.
ومن المقرر في قضاء النقض أنه: “يُشترط في الأدلة الغير مانعة من العودة للتحقيق أن تكون جديدة، وأن يكون من شأنها تقوية الدلائل التي وجدت غير كافية أو زيادة الإيضاح المؤدي إلى ظهور الحقيقة، والضابط في اعتبار الدلائل جديدة هو: التقاء المحقق بها لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بأن لا وجه لإقامتها”. (نقض جنائي جلسة 3/12/1962 مجموعة أحكام النقض – السنة 13 – صـ 4815 – رقم 197).
ومن المقرر في قضاء النقض كذلك أن: “ذكر أسماء شهود أثناء التحقيق لا يمنع من أن شهادتهم مجهولة ما دامت لم تسمع، فتعتبر دليلاً جديداً. فإذا كان يعتبر دليلاً جديداً: عدول الشاهد عن أقواله التي أبداها في التحقيق، فلا شيء يمنع – من باب أولى – من سماع شهود لم تأخذ أقوالهم بالمرة”. (نقض جنائي جلسة 27/12/1902 المجموعة الرسمية – السنة 4 – صـ 182 – رقم 78).
أن تظهر الدلائل الجديدة قبل انقضاء مدة التقادم: ويجب أن تظهر الدلائل الجديدة التي من شأنها تقوية الأدلة القائمة في الدعوى قبل مرور مدة تقادم الدعوى الجنائية. وتحسب مدة التقادم من تاريخ آخر إجراء قاطع للتقادم، وهو من تاريخ صدور الأمر بألا وجه أو إذا كان قد طُعِنَ فيه، فمن تاريخ القرار الصادر من غرفة المشورة برفض الطعن.
لا تجوز العودة إلى التحقيق إلا بناء على طلب النيابة العامة: فقد خص المشرع العودة إلى التحقيق في الأمر الصادر من قاضي التحقيق بألا وجه لإقامة الدعوى بحكم خاص هو أنه لم يجز لقاضي التحقيق إلغاء الأمر الصادر منه بألا وجه والعودة إلى التحقيق بناء على ظهور دلائل جديدة إلا إذا كان ذلك بناء على طلب من النيابة العامة.
تلك هي شروط وجود الدلائل الكافية، فإذا توافرت ورفعت الدعوى بناء عليها: “فيتعين على المحكمة أن تذكر في حكمها إيضاحاً للأدلة الجديدة التي ظهرت حتى تتمكن محكمة النقض من مراقبة ما إذا كانت الوقائع التي اعتبرتها المحكمة وقائع جديدة تطابق القانون، وإغفال هذا الإيضاح يترتب عليه بطلان الحكم”. (نقض جنائي جلسة 22/5/1909 المجموعة الرسمية – السنة 10 – صـ 259 – رقم 108).
لما كان ما تقدم، وكان الثابت من مطالعة الصورة الرسمية من تحقيقات نيابة السيدة زينب الجزئية في القضية رقم 5299 لسنة 2006 إداري السيدة زينب، والصادر فيها قرار تلك النيابة باستبعاد شبهة جريمة التزوير المثارة بالأوراق، ووافقت عليها النيابة الكلية في 1/7/2007. فإذا عُد ذلك أمراً بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة، وحيث ظهرت أدلة قاطعة رسمية متمثلة في شهادة الشهود والمستندات الرسمية (شهادات الميلاد وإعلامات الوراثة)، وكلها لم تكن مطروحة على السيد وكيل النائب العام المحقق، وذلك حسبما هو ثابت من الصورة الرسمية منه، بما يجوز معه – والحال كذلك – العودة إلى التحقيق والتصرف فيه على ضوء ما أسفرت عنه الأدلة الجديدة. (لطفاً، راجع: مذكرة النيابة العامة – نيابة استئناف طنطا للأموال العامة – مكتب المحامي العام. في القضية رقم 847 لسنة 2007 أموال عامة استئناف طنطا – والمقيدة برقم 15 لسنة 2007 حصر أموال عامة استئناف طنطا – والمؤرخة 26/2/2008 – صـ 9 و 10 – المرفقة بأوراق الجنحة الماثلة).
علماً بأن التحقيق السابق حفظته نيابة السيدة زينب في 1/7/2007 وفي ذات اليوم بدأت نيابة استئناف طنطا في التحقيق الجديد.
ومن ثم، يتضح جلياً لعدالة المحكمة الموقرة أن الدفوع التي يتمسك بها المتهمون في الجنحة الماثلة، من الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية الماثلة لسابقة الفصل فيها بالأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر في المحضر الإداري رقم 5299 لسنة 2006 السيدة زينب، قد جاء مخالفاً لحقيقة الواقع وبلا سند من صحيح القانون، خليقاً بالرفض.
* هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن أمر الحفظ الصادر من نيابة بسيون في المحضر رقم 5187 لسنة 2008 إداري بسيون والذي تم ضمه للمحضر رقم 5186 إداري بسيون (في مادة إثبات حالة) وتم حفظه في 23/12/2008. ليس إلا أمر إداري “بالحفظ” (وليس أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية) وبالتالي فلا حجية له ولا يحول دون إقامة الدعوى الجنائية ضد المتهمين في الجنحة الماثلة.
ولا أدل على ذلك من أنه يشترط في الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى أن يكون مسبباً، أي يشتمل على الأسباب التي بني عليها، وإلا فقد شرطاً من شروط صحته، طبقاً لصريح نص المادتين 154 و 209/2 من قانون الإجراءات الجنائية، فطالما إن الأمر قابل للطعن عليه فلابد من تسبيبه لكي يمكن مناقشته، والمراد بالتسبيب أن يبين مصدر القرار الواقعة محل الأمر وأركان الجريمة وكيفية عدم توافرها كلها أو بعضها وكذلك بيان الأدلة المقدمة في التحقيق والرد عليها.
أما مجرد التأشير بحفظ الأوراق وبدون إجراء تحقيق وبدون تسبيب قرار الحفظ على الوجه المتقدم ذكره، فإن تلك التأشيرة بالحفظ هي “قرار إداري” وليس قراراً بألا وجه لإقامة الدعوى، وبالتالي فلا يحوز هذا القرار الإدارية أية حجية ولا يمنع من إعادة التحقيق مرة ثانية لظهور دلائل جديدة ولا يمنع من باب أولى إقامة الدعوى الجنائية ضد المتهمين.
فمن المقرر قانوناً (فقهاً وقضاءً) أن : “قرار الحفظ ذو طبيعة إدارية ولا يتمتع بأية حجية فلا يكسب المتهم حقاً ولا يقيد النيابة العامة في شيء، فتستطيع البدء في التحقيق في أي وقت بعد صدور قرار الحفظ، كما يمكنها رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة رغم صدوره، ويمكن للمدعي بالحق المدني رفع دعواه مباشرة إلى القضاء رغم صدور أمر الحفظ”. (لطفاً، المرجع: “شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية” – للدكتور/ عبد الرءوف مهدي – طبعة 2003 – بند 354/4 – صـ 567 وهامش 58. ونقض جنائي جلسة 22/6/1959 مجموعة أحكام النقض – السنة 11 – رقم 145. ونقض 20/6/1976 – السنة 27 – صـ 661 رقم 148). وهدياً بما تقدم، فيكون الدفع المبدى من المتهمين في هذا الشأن قد جاء على غير سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض والالتفات عنه بالكلية.
الرد على دفع المتهمون بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم:
دفع المتهمون بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، بزعم مرور أكثر من ثلاث سنوات على صدور أول إعلام وراثة الصادر في 1994 بينما التحقيق معهم لم يبدأ إلا في عام 2005، وهذا الزعم ظاهر البطلان – كالدفع السابق – وإنما ينم عن إفلاس دفاع المتهمين. حيث أنه من المقرر قانوناً أن جرائم التزوير في محررات رسمية واستعمالها هي جرائم مستمرة.
ولما كانت الجريمة المستمرة هي الجريمة التي يكون السلوك الإجرامي فيها قابلاً لأن يوصف بأنه حالة جنائية مستمرة فترة من الزمن. وفيها يتدخل الجاني بإرادته للإبقاء على سلوكه الإجرامي فترة طويلة، حتى تصبح حالة قائمة تكون هي المقصودة بالتجريم، ومثالها: جريمة التزوير في محرر رسمي واستعمال محرر رسمي مزور.
وكان من المقرر قانوناً أن بداية التقادم في الجرائم المستمرة تكون من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار التي يتصف بها السلوك الإجرامي في هذا النوع من الجرائم. ففي جريمة استعمال المحرر المزور، يبدأ التقادم من تاريخ انتهاء التمسك بهذا المحرر في الغرض الذي استعمل من أجله.
وعلى هذا قضت به محكمة النقض بأن: “جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقى مقدمها متمسكاً بها ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها أو من تاريخ الحكم بتزويرها”. (نقض جنائي في الطعن رقم 1322 لسنة 47 قضائية – جلسة 5/3/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 224 – فقرة 2. ونقض جنائي جلسة 14/11/1973 مجموعة أحكام النقض – السنة 24 – صـ 897 – رقم 185. ونقض جنائي جلسة 10/6/1963 مجموعة أحكام النقض – السنة 14 – صـ 501 – رقم 98).
وقد تواتر قضاء محكمة النقض على أن: “جريمة استعمال المحرر المزور جريمة مستمرة، تبدأ بتقديم ذلك المحرر لأية جهة من جهات التعامل والتمسك بها، وتظل قائمة ما دام مقدم الورقة متمسكاً بها حتى يتنازل عن التمسك بها أو يقضي نهائياً بتزويرها، ولا تبدأ مدة انقضاء الدعوى الجنائية إلا من هذا التاريخ”. (الطعن رقم 1584 لسنة 39 قضائية – جلسة 24/11/1969 السنة 20 صـ 269. والطعن رقم 5501 لسنة 52 قضائية – جلسة 14/3/1983 السنة 34 صـ 349. مشار إليهم في: : “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 93).
ومن المقرر قانوناً (في الفقه والقضاء) أنه: “يترتب على اعتبار جريمة الاستعمال جريمة مستمرة أمران:
أولهما- أنه إذا لم يكن القصد الجنائي متوفراً لحظة بدء استعمال المحرر المزور ثم توافر القصد لديه فإن أركان جريمة الاستعمال تكون متوافرة في حقه ولزم عقابه.
وثانيهما- أن مدة تقادم الدعوى الجنائية لا يبدأ سريانها إلا إذا انتهت حالة الاستمرار”. (نقض جنائي جلسة 14/3/1983 السنة 34 صـ 349. مشار إليه في: “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 93 و 94).
وهدياً بما تقدم، ولما كانت الجرائم المتهم فيها المتهمون في الجنحة الماثلة هي جرائم تزوير محررات رسمية، واستعمال محررات مزورة، وكانت تلك الجرائم جرائم مستمرة، وبالتالي فلا تسقط بالتقادم طالما كان المتهمون ما زالوا متمسكين بتلك المحررات، ومن ثم يكون دفعهم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، قد جاء بلا سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون خليقاً بالرفض.
الرد على الدفع بوجوب سبق صدور حكم من محكمة الأحوال الشخصية ببطلان إعلام الوراثة قد إقامة جنحة التزوير:
وهذا الدفع ظاهر البطلان، ومردود عليه بأنه في حال رفع دعويين مدنية وجنائية بينهما ارتباط، فإن الدعوى التي يجب وقفها هي الدعوى المدنية لحين الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، فالحكم الجنائي هو الذي يقيد القاضي المدني وليس العكس.
حيث تنص المادة 265/1 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 على أنه: “إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية، يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها”.
كما تنص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية سالف الذكر، على أن: “يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بنى على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون”.
ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “مؤدى نص المادة 265/1 من قانون الإجراءات الجنائية إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية، ورفعت دعوى المسئولية المدنية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية، سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها، يوجب على المحكمة المدنية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، وهذا الحكم متعلق بالنظام العام ويجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى، ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة بوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والذي نصت عليه المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية”. (نقض مدني في الطعن رقم 496 لسنة 44 قضائية – جلسة 26/12/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 1882 – فقرة 3).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: “لما كانت المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه: “إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو للمدعى بالحقوق المدنية أو للمجني عليه حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص”. فأجاز الشارع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية بما لا يقتضي وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة، ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تر من ظروف الدعوى أن الأمر يقتضي وقفها ريثما يتم استصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية ومضت في نظرها مقررة للاعتبارات السائغة التي أوردتها أن الطاعن هو بعينه……. وليس……. كما زعم حين أتخذ إجراءات تحقيق الوفاة والوراثة محل الجريمة، و من ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل”. (نقض جنائي في الطعن رقم 604 لسنة 47 قضائية – جلسة 9/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 32 – فقرة 5).
ومن المُقرر في قضاء النقض: “إنه وإن كان يجب على المحكمة الجنائية إذا ما أثيرت أمامها مسألة من مسائل الأحوال الشخصية يتوقف عليها الفصل في الدعوى العمومية أن توقف الفصل في الدعوى حتى تفصل المحكمة المختصة في المسألة الفرعية، فإن هذا محله أن يكون الدفع جدياً يؤيده الظاهر. فإذا تبين للمحكمة أن الطلب لم يقصد به إلا عرقلة سير الدعوى وتأخير الحكم فيها، وأن مسألة الأحوال الشخصية لا شك فيها، كان لها أن تلتفت عن الطلب و تفصل في موضوع الدعوى”. (نقض جنائي في الطعن رقم 397 لسنة 16 قضائية – جلسة 8/4/1946 مجموعة عمر – 7ع – صـ 119 – فقرة 1).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أن: “المُشرع أمد القاضي الجنائي – وهو يفصل في الدعوى الجنائية – إدانة أو براءة – بسلطة واسعة تكفل له كشف الواقعة على حقيقتها كي لا يعاقب بريء أو يفلت جان، فلا يعتد في ذلك إلا بقيد يورده القانون، ومن ثم كان له الفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية، لأن قاض الأصل هو قاض الفرع، وليس عليه أن يوقف الفصل فيها تربصاً لما عسى أن يصدر من أية محكمة غير جنائية أو محاكم السلطة القضائية أو أية جهة أخرى”. (نقض جنائي جلسة 23/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 718).
ومن ثم، يكون دفع المتهمون ببطلان إجراءات إقامة الجنحة الماثلة قبل صدور حكم من محكمة الأحوال الشخصية في دعوى بطلان إعلامات الوراثة يكون قد جاء مخالفاً على غير سند من صحيح القانون خليقاً بالرفض.
الرد على دفع المتهمون ببطلان الإجراءات بزعم عدم إطلاع المحكمة على السند المزور:
حيث زعم المتهمون بوجوب إطلاع المحكمة السند المزور وإلا بطلت إجراءات المحاكمة، حيث إنه من المقرر قانوناً أن وجوب إطلاع المحكمة على الورقة المدعى بتزويرها إنما يكون فقط في الإدعاء بالتزوير (سواء بدعوى التزوير الأصلية أو دعوى التزوير الأصلية)، أما أمام القاضي الجنائي في جنحة التزوير فلا يوجب القانون إطلاع المحكمة على المستند المزور، حيث إنه من المقرر قانوناً أن للقاضي الجنائي أن يكون عقيدته فيها دون التقيد بدليل معين ما دام استخلاصه لها مستمداً من أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها.
ولذلك تواتر قضاء محكمة النقض على أن: “دعاوى التزوير لم يحدد لها القانون طريقة إثبات، للقاضي تكوين عقيدته دون التقيد بدليل معين، أخذ المحكمة بالصورة الضوئية للمحرر المزور كدليل في الدعوى، لا عيب”. (الطعن رقم 17639 لسنة 67 قضائية جلسة 17/12/1998 القاعدة 210 صـ 1486. والطعن رقم 5412 لسنة 67 قضائية – جلسة 18/4/1999 القاعدة 52 صـ 216. والطعن رقم 3717 لسنة 65 قضائية – جلسة 1/2/1999 القاعدة 17 صـ 84. مشار إليهم: في: “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 122).
كما تواتر قضاء النقض على أن: “عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير، للمحكمة أن تكون عقيدتها في شأن ثبوتها بكل طرق الإثبات”. (الطعن رقم 41 لسنة 62 قضائية – جلسة 1/10/2000 القاعدة 111 صـ 571. مشار إليه في: “الإدانة والبراءة في تزوير المحررات” – للدكتور/ مصطفى يوسف – طبعة 2008 – صـ 122).
وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه: “لما كان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة تزويره إذ الأمر فى هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير، وللمحكمة أن تكون عقيدتها فى ذلك بكل طرق الإثبات ما دام فى القانون الجنائي لم يحدد طريق إثبات معينة فى دعاوى التزوير، ولها أن تأخذ بالصورة الضوئية كدليل فى الدعوى إذا ما أطمأنت إلى صحتها وكان الحكم – على السياق المتقدم – قد خلص فى منطق سائغ وبتدليل مقبول إلى سابقة وجود عقد الإيجار المزور وإلى أن الطاعن قد أستعمله بتقديمه لمحرر المحضر سالف البيان وهو ما لا يمارى الطاعن فى سلامة مأخذه، وكان ما أورده الحكم قد كشف عن أن المحكمة لم تكن فى حاجة إلى إجراء تحقيق أو الاستعانة بخبير الإثبات حصول التزوير، فإن ما يثيره الطاعن من عدم وجود عقد إيجار مزور ما ينعاه على المحكمة من قعود عن إجراء تحقيق أو مضاهاة وتعويل على صورة ضوئية للعقد غير مؤشر عليها بمطابقتها الأصل. ينحل جمعيه إلى جدل موضوعي فى تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض”. (نقض جنائي في الطعن رقم 6033 لسنة 56 قضائية – جلسة 21/1/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 38 – صـ 119 – فقرة 1. وفي الطعن رقم 7811 لسنة 54 قضائية – جلسة 13/3/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 395 – فقرة 2).
وعلى أية حال فإن صور إعلامات الوراثة المزورة المقدم بشأنها المتهمين إلى المحاكمة الجنائية في الجنحة الماثلة مقدم العديد من صورها الضوئية بملف الدعوى الماثلة، ونعيد تقديمها مرة أخرى سداً للذرائع، ونلتمس من عدالة المحكمة الموقرة الإطلاع عليها في حضور الخصوم لسد ذرائع المتهمين.
رد هيئة الأوقاف المصرية على زعم المدعين “ببطلان حجة التغيير”:
وهذا الزعم من جانب المتهمون مردود عليه من ثلاثة أوجه، هي:
* من ناحية أولى: تنص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن أحكام الوقف، على إنه: “للواقف أن يشترط لنفسه – لا لغيره – الشروط العشرة أو ما يشاء منها وتكرارها، على ألا تنفذ إلا في حدود القانون”.
وحيث تنص المادة 60 من ذات القانون على أن: “الأحكام النهائية التي صدرت قبل العمل بهذا القانون في غير الولاية على الوقف تكون نافذة بالنسبة لطرفي الخصومة ولو خالفت أحكام هذا القانون”.
كما تنص المادة 62 من ذات القانون سالف الذكر على أن: “على وزير العدل تنفيذ هذا القانون ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية”.
وقد صدر هذا القانون ونشر بجريدة الوقائع المصرية في 17 يونيو سنة 1946م بالعدد 61 .
لما كان ما تقدم، وحيث إن المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن أحكام الوقف والتي يستند إليها المدعون في دفعهم ببطلان حجة التغيير الصادرة من زوجة الواقف بعد وفاته (الحجة الأخيرة المؤرخة 17/11/1931م)، لما كانت المادة 12 هذه قد صدرت بالقانون رقم 48 لسنة 1946 المعمول به اعتباراً من 17 يونيو سنة 1946 والذي نص فيه أيضاً على أن جميع التصرفات والأحكام النهائية التي صدرت قبل العمل بهذا القانون فهي سارية ونافذة طبقاً لصريح نص المادة 60 من ذات القانون المذكور، وحيث إن القانون رقم 48 لسنة 1946 قد نص على تاريخ سريانه الذي يبدأ في 17 يونيو سنة 1946 ولم يضع تاريخاً أسبق على سريانه، ومن ثم فإن جميع التصرفات والأحكام النهائية والمراكز القانونية التي استقرت قبل العمل به تكون سارية ونافذة طبقاً لصريح نص المادة 60 من القانون المذكور.
لما كان ذلك، وكان نص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 والذي جعل الشروط العشرة مقصورة على الواقف فقط – لا غيره – وكان هذا النص لا ينطبق على وقائع الدعوى الماثلة حيث إن الواقف قد اشترط لزوجته الشروط العشرة بعد وفاته، وكان ذلك قبل تاريخ العمل بقانون الوقف رقم 48 لسنة 1946، كما إنه قد صدر به حكم نهائي، وبيان ذلك كالآتي:
– الواقف الأصلي لأرض التداعي هو/ محمد راتب باشا، وأوقفها بموجب حجة وقف صادرة من محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 20 يونيو سنة 1900 ومسجلة بسجلات الإشهاد بها في 4 يوليو سنة 1901 برقم 690 مسلسلة ومسجلة بوزارة الأوقاف برقم 2686/40، حيث أوقف مساحة من الأرض قدرها 6س 20ط 626ف (ستمائة وستة وعشرون فدان وعشرون قيراط وستة أسهم) كائنة بناحية كتامة – مركز بسيون – محافظة الغربية، منها مساحة 16س 13ط 105ف (مائة وخمسة أفدنه وثلاثة عشر قيراط وستة عشر سهماً) في البند الأول من الحجة على مدفنه لعمارته ومرمته وقراءة القرآن والحديث، وأوقف باقي الأعيان المذكورة بحجة الوقف – والواردة في البنود من الثاني حتى الأخير – على نفسه حال حياته ثم على زوجته الست/ كلبري هانم الشركسية من بعده، ثم من بعدها يكون وقفاً على أخويه لوالده، محمود بك طلعت و علي بك رضا، وجعل النظر على الوقف لنفسه ومن بعده لزوجته، واشترط لنفسه الشروط العشرة.
– ثم بموجب حجة تغيير وتعديل صادرة عن محكمة مصر الشرعية بتاريخ 13 مارس سنة 1910 أجرى الواقف تعديلاً وتغييراً على حجة الوقف الأولى الصادرة في 20 يونيو سنة 1900 وذلك بأن اشترط في حجة التغيير لزوجته الست/ كلبري هانم – بعد وفاته – الشروط العشرة (الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال)، وحيث قد صدرت حجة التغيير هذه والتي اشترط فيها الواقف لزوجته – من بعده – الشروط العشرة في تاريخ 13 مارس 1910 من محكمة مصر الشرعية، أي قبل العمل بأحكام القانون رقم 48 لسنة 1946 المعمول به اعتباراً من 17 يونيو سنة 1946 (أي إن حجة التغيير قد صدرت من المحكمة الشرعية المختصة قبل صدور قانون الوقف المذكور بحوالي 36 عاماً)، ومن ثم فلا يسري حكم نص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 على وقف التداعي، وعليه تكون حجة التغيير والتعديل الصادرة من المحكمة الشرعية المختصة في عام 1910 قد صدرت صحيحة وفق صحيح القانون (والشريعة السمحاء) ولم يشوبها أي بطلان.
– ثم بعد وفاة الواقف وحلول زوجته محله في النظارة على وقف التداعي، قامت – بما لها من الشروط العشرة التي اشترطها لها الواقف – بإخراج جميع المستحقين في حصة الوقف الأهلي الموقوف ريعها عليهم والواردة في البنود من الثاني حتى الأخير بحجة الوقف الأولى، ومن ثم أوقفتها جميعاً على نفسها حال حياتها وجعلتها بعد وفاتها وقفاً خيرياً صرفاً على الجمعية الجغرافية الملكية (وهي جهة بر عام لا تنقطع)، وأبقت على القدر الموقوف على مدفن زوجها، وذلك بموجب حجة التغيير الأخيرة الصادرة من المحكمة الشرعية المختصة في تاريخ 17 نوفمبر من سنة 1931 ومسجلة بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية برقم 8270/63 و 23717/90. وحيث صدرت حجة التغيير سالفة الذكر في عام 1931 ومن ثم فلا يسري عليها نص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 المعمول به اعتباراً من عام 1946 (أي بعد حوالي 15 سنة من صدور حجة التغيير المذكورة)، وعليه تكون حجة التغيير والتعديل الصادرة من المحكمة الشرعية المختصة في عام 1931 قد صدرت وفق صحيح القانون (والشريعة السمحاء) ولم يشوبها أي بطلان.
* هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية: فإن المادتين 187 و 188 من الدستور المصري تنصان على أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، وأن القوانين تنشر في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم صدورها، ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حدد لذلك ميعاداً آخر في قانون الإصدار.
وعدم سريان القوانين بأثر رجعي قاعدة أصولية عامة معمول بها في كافة الشرائع والقوانين، وقانون أحكام الوقف ذاته أخذ بها حين نص في صدر المادة الأولى منه على أنه: “من وقت العمل بهذا القانون لا يصح الوقف ولا الرجوع فيه ولا التغيير في مصارفه وشروطه ولا الاستبدال به من الواقف إلا إذا صدر بذلك إشهاد ممن يملكه لدى إحدى المحاكم …”.
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: “الأصل أنه لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضي لتطبيق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التي ترتبت في الماضي على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضي عند بحثه في هذه العلاقات القانونية وما يترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون الساري عند نشوئها وعند إنتاجها هذه الآثار”. (نقض مدني في الطعن رقم 482 لسنة 39 قضائية – جلسة 23/2/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 511).
وعلى ذلك تواتر قضاء محكمة النقض: “الأصل ألا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب أي أثر بالنسبة لما وقع قبلها، ومن ثم فليس للمحاكم – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تعود إلى الماضي لتطبيق القانون الجديد على ما نشأ من علاقات قانونية وما يترتب عليها من آثار قبل العمل بأحكامه، وإنما يجب عليها وهي بصدد بحث هذه العلاقات وتلك الآثار أن ترجع إلى القانون الذي نشأت في ظله”. (نقض مدني في الطعن رقم 210 لسنة 42 قضائية – جلسة 29/12/1982).
وبناء عليه، ولما كانت حجة الوقف الخامسة التي قامت فيها زوجة الواقف والمُستحقة الوحيدة فيه والناظرة الوحيدة عليها وبما أعطاه لها زوجها الواقف من حق في استعمال الشروط العشرة بتغيير مصارف الوقف وتحويله كله إلى وقف خيري، لما كانت هذه الحجة المذكورة قد صدرت في تاريخ 17/11/1931م فمن ثم تسري عليها لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المُتعلقة بها الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المنشور بالوقائع المصرية بالعدد 53 “غير عادي” في تاريخ 20/5/1931.. ولما كانت هذا المرسوم بقانون قد جاء خلواً من أي نص يمنع أو يحظر على الواقف منح أو إعطاء الشروط العشرة لغيره فإن هذا الشرط الوارد في حجج أوقاف التداعي والتي استعملته زوجة الواقف في حجة الوقف الخامسة والأخيرة يكون جائزاً شرعاً وقانوناً ولا مخالفة فيه ولا يشوبه أي شائبة. وعليه، فإن صدور قانون الوقف الجديد الصادر في عام 1946 والقاضي في المادة 12 منه بعدم إعطاء الحق في استعمال الشروط العشرة إلا للواقف نفسه دون غيره، ولكن بعد أن منح الواقف الشروط العشرة لزوجته من بعده، ومن ثم استعملت زوجة الواقف حقها في استخدام الشروط العشرة، فإن صدور هذا قانون الأوقاف الجديد (في عام 1946) لا يؤثر على التصرفات التي نشأت وتمت صحيحة قبل صدوره بمدة طويلة جداً.
* ومن ناحية ثالثة، فإنه في جميع الأحوال، لا يجوز طلب إبطال تصرف قانوني بعد مُضي أكثر من 73 (ثلاثة وسبعون عاماً) من صدوره، فحجة التغيير الخامسة سالفة الذكر صادرة في عام 1931 والدعوى الماثلة التي بنيت وأسست على بطلان هذه الحجة أقيمت في عام 2004 ؟!! أي بعد أكثر من 83 عاماً على صدور تلك الحجة المذكورة.
علماً بأن حجة التغيير الخامسة سالفة الذكر الصادرة في عام 1931 والتي استعملت بموجبها زوجة الواقف حقها في استخدام الشروط العشرة إنما جاءت بناء على حجة التغيير الثانية التي منح فيها الواقف الشروط العشرة لزوجته من بعده وتلك الحجة الثانية المذكورة صادرة في عام 1910 بينما الدعوى الماثلة مقامة في عام 2004 أي بعد الحجة الأساسية المذكورة (والمشروط فيها الشروط العشرة لزوجة الواقف من بعده) بحوالي 94 سنة كاملة؟!! أي ما يقرب من قرن كامل؟!!
لما كان ذلك، وكانت المادة 140 مدني تنص على أنه: “يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات. ويبدأ سريان هذه المدة، في حال نقص الأهلية، من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب، وفي حالة الغلط أو التدليس، من اليوم الذي ينكشف فيه، وفي حالة الإكراه، من يوم انقطاعه، وفي كل حال لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد”..
ولما كانت المادة 141/2 مدني تنص على أنه: “تسقط دعوى البُطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد”..
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “النص في المادة 140 من القانون المدني يدل على أنه في العقد القابل للإبطال يسقط الحق في طلب إبطاله بانقضاء ثلاث سنوات دون التمسك به من صاحبه، حيث تتقادم دعوى طلب إبطال العقد في أحوال الغلط والتدليس والإكراه بأقصر الأجلين إما بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي ينكشف فيه الغلط أو التدليس أو من يوم انقطاع الإكراه، وإما بمضي خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد”. (نقض مدني في الطعن رقم 1439 لسنة 51 قضائية – جلسة 28/12/1989).
وكذلك فمن المُقرر في قضاء النقض أن: “سقوط دعوى البطلان المطلق بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد عملاً بالمادة 141 من القانون المدني”. (نقض مدني في الطعن رقم 136 لسنة 41 قضائية – جلسة 25/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1477).
و
يتبين من هذه النصوص أن الحق في إبطال العقد يسقط بالتقادم إذا مضت المُدة القانونية المُقررة، فلا يجوز بعد ذلك إبطاله لا من طريق الدعوى ولا من طريق الدفع، وبذلك يستقر العقد نهائياً بعد أن كان مُهدداً بالزوال، ويترتب على ذلك أن يصبح العقد صحيحاً بصفة نهائية.
هيئة الأوقاف المصرية تدفع بعدم قبول طعن المدعون بالتزوير على حجة التغيير الأخيرة في وقف التداعي لأنه غير منتج في الدعوى طبقاً لنص المادة 52 من قانون الإثبات، حيث إنه لا صفة ولا مصلحة في هذا الوقف:
حيث تنص المادة 52 من قانون الإثبات على إنه: “إذا كان الإدعاء بالتزوير منتجاً في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لإقناع المحكمة بصحة المحرر أو تزويره ورأت أن إجراء التحقيق الذي طلبه الطاعن في مذكرته منتج وجائز أمرت بالتحقيق”.
وقد قضت محكمة النقض بأن: “قبول الإدعاء بالتزوير – شرطه أن يكون منتجاً في النزاع – وجوب الحكم بعدم قبوله إن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى دون البحث في شواهده أو تحقيقها”. (نقض مدني في الطعن رقم 851 لسنة 67 قضائية – جلسة 18/6/1998. مشار إليه في: “موسوعة مبادئ النقض في الإثبات في عشرين عاماً” – للمستشار/ أحمد هبة – الطبعة الأولى، سنة 2004 – صـ 362).
كما قضت محكمة النقض بأن: “يشترط لقبول الإدعاء بالتزوير طبقاً للمادة 52 من قانون الإثبات أن يكون منتجاً في النزاع، فإن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحقيقها إذ لا جدوى من تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً في موضوع الدعوى”. (نقض مدني في الطعن رقم 2090 لسنة 54 قضائية – جلسة 13/12/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – ع2 – صـ 868. مشار إليه في: “موسوعة مبادئ النقض في الإثبات في عشرين عاماً” – للمستشار/ أحمد هبة – الطبعة الأولى، سنة 2004 – صـ 363).
كما قضت محكمة النقض بأن: “مناط قبول الإدعاء بالتزوير على ما تقرره المادة 52 من قانون الإثبات أن يكون منتجاً في النزاع فإذا كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقيم قضائها بعدم قبوله على أسباب سائغة تكفي لحمله”. (نقض مدني في الطعن رقم 170 لسنة 54 قضائية – جلسة 18/19/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – ع2 – صـ 523. “موسوعة مبادئ النقض في الإثبات في عشرين عاماً” – للمستشار/ أحمد هبة – الطبعة الأولى، سنة 2004 – صـ 363).
لما كان ما تقدم، وكان المتهمون لا ينتسبون للواقف في وقف التداعي، وإعلامات الوراثة المقدمة منهم في العديد من الدعاوى القضائية، مطعون عليها بالبطلان أمام المحاكم المختصة التي أصدرت تلك الإعلامات، ومن ثم فهم لا صفة لهم ولا مصلحة قانونية لهم في وقف التداعي، ومن ثم فقد بات طعنهم بالتزوير على حجة التغيير في وقف التداعي غير منتج في موضوع الدعوى الماثلة، لأنه وأياً ما كان وجه الرأي فيه فلن يؤثر على مسار الدعوى الماثلة لكونها مقامة من غير ذي صفة وممن لا مصلحة قانونية له في وقف التداعي، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالتزوير منهم عملاً بنص المادة 52 من قانون الإثبات.
تعليق هيئة الأوقاف المصرية على صورة تقرير الطب الشرعي المقدم في الطعن بالتزوير في الدعوى رقم 4287 لسنة 2003 مدني كلي طنطا:
يتمسك المتهمون بتقرير مبدئي للطب الشرعي في الطعن التزوير المقام منهم في الدعوى رقم 4287 لسنة 2003 مدني كلي طنطا، والذي انتهى إلى نتيجة مفادها:
– أن الصورة طبق الأصل من الحجة الشرعية المؤرخة 7 رجب 1350هـ الموافق 17 نوفمبر 1931م موضوع البحث لم نجد لها ثمة أصل في سجل المضبطة رقم 15 والمثبت فيه الجلسات من 22 أغسطس 1931 حتى 27 فبراير 1932.
– إن الصورة طبق الأصل من الحجة موضوع البحث تختلف عن مواد الجلسات المدونة في المضبطة رقم 15، ومن أبرز أوجه الاختلاف ما يلي:
· صورة الحجة موضوع البحث معنونة (الطبعة الأميرية 447 س 1930 – 147) بينما سجل المضبطة رقم 15 صفحاته معنونة (الطبعة الأميرية 309 س 1929 – 400).
· صورة الحجة موضوع البحث غير مذيلة بتوقيع (كاتب المادة) بينما في سجل المضبطة رقم 15 وجدنا جميع الجلسات المحرر به مذيلة بتوقيعات (كاتب المادة).
· اختلاف الأسلوب الكتابي في الديباجة، حيث إن صورة الحجة موضوع البحث تبدأ بـ (في يوم الثلاثاء 7 شهر رجب سنة 1350 هجرية الموافق 17 نوفمبر 1931 أفرنكية لدينا نحن …)، بينما سجل المضبطة رقم 15 تبدأ مواده بـ (بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية بجلسة التصرفات المنعقدة بها في يوم الأربعاء غرة رجب 1350 (11 نوفمبر 1931) أمامنا نحن …).
– قد وجدنا نسخة أخرى من الحجة موضوع في سجل آخر رقم 518 قيد سندات صفحاته معنونة (سجل قيد السندات الشرعية – نموذج رقم 13 محاكم شرعية – الطبعة الأميرية س 1930 – 147) وهذا السجل يختلف عن باقي السجلات المودعة فيما يلي:
· لا توجد عليه أية ملصقات على غلافه الخارجي أو بيانات تبين محتواه، بينما قد حرر على أولى صفحاته بالمداد الجاف الأحمر العبارة (محكمة مصر الشرعية سجل قيد سندات شرعية 17 نوفمبر).
· إن السجل رقم 518 قيد سندات مكون من عدد 100 صفحة، وقد حررت نسخة الحجة موضوع البحث في عدد 6 صفحات الأولى فقط، بينما باقي صفحات السجل غير محررة وخالية من أية بيانات أو مواد جلسات.
وتعقيباً على ذلك التقرير قدمت هيئة قضايا الدولة (قسم كليات طنطا) مذكرة بدفاعها تضمنت الرد الكافي والشافي على ما انتهى إليه تقرير الطب الشرعي، وخلصت تلك المذكرة إلى أن ذلك التقرير شابته العيوب وتعلقت به المطاعن الآتية:
أ ) القصور ومخالفة الثابت بالأوراق:
حيث قدمت هيئة قضايا الدولة بجلسات سابقة حوافظ مستندات بهما صور رسمية طبق الأصل من شهادة صادرة من نيابة القاهرة للأحوال الشخصية (قلم الحفظ – بمجمع التحرير) ثابت بها إنه يوجد بقلم الحفظ الحجة المؤرخة 17 نوفمبر 1931 الصادرة من محكمة مصر الشرعية باسم وقف/ محمد راتب باشا وإنها موجودة حتى الآن بقلم الحفظ بمجمع التحرير (وهذه هي الحجة المطعون عليها بالتزوير) وأرفقت مع هذه مذكرة الدفاع حافظة مستندات أخرى بها ذات الشهادة.
وهو ما كان يتوجب على الخبير أن ينتقل إلى قلم الحفظ بنيابة القاهرة للأحوال الشخصية بمجمع التحرير بالقاهرة للإطلاع على أصل الحجة المطعون عليها بالتزوير، إلا أن الخبير قد عزف عن ذلك، وبدلاً من الانتقال إلى نيابة القاهرة للأحوال الشخصية (قلم الحفظ – بمجمع التحرير) انتقل إلى دار الوثائق القومية وباشر مأموريته على مستندات لا صلة لها بموضوع الدعوى، وهو ما أدى إلى نتيجة غير صحيحة وتخالف الثابت بالأوراق وتخالف حقيقة الواقع ومن ثم جاء التقرير غير متصل بالدعوى وغير منتج فيها وذلك للقصور المدقع في مباشرة المأمورية لعدم الانتقال إلى الجهة المختصة بحفظ أصل الحجة المطعون عليها بالتزوير، ومن ثم تعين عدم الأخذ بتقرير الخبير فيما خلص إليه من أن الحجة المطعون عليها بالتزوير لا أصل لها في سجل المضبطة الموجودة في دار الوثائق القومية، إذ أن أصل الحجة المطعون عليها موجود طرف نيابة القاهرة للأحوال الشخصية (قلم الحفظ – بمجمع التحرير)، ولو أن السيد الخبير قد انتقل إلى هذه الجهة لوجد أصل الحجة المطعون عليها بالتزوير.
ب ) ومن ناحية أخرى، فإن تقرير الخبير قد اعتراه عيب التناقض:
وأية ذلك، إنه قرر تارة (في البند الأول من النتيجة النهائية) أن الحجة المطعون عليها لا أصل لها في سجل المضبطة رقم 15 .. ثم عاد تارة أخرى ليقرر (في البند الثالث من النتيجة النهائية) أنه وجد الحجة المطعون عليها في السجل رقم 518 قيد سندات في عدد 6 صفحات .. وهو ما يتناقض مع ما خلص إليه في البند أولاً من إنه لا أصل لحجة الوقف المطعون عليها.
وهو ما دعى هيئة الأوقاف المصرية لأن تبحث بنفسها في السجل رقم 518 قيد سندات الذي أشار إليه الخبير، وقامت باستخراج صورة طبق الأصل من الحجة المطعون عليها والمقدمة طي حافظة مستندات الدولة رفق هذه المذكرة، وثابت بها إن الست/ كلبري هانم زوجة الواقف قد أخرجت جميع المستحقين في الوقف المشار إليهم في الحجج السابقة (بما لها من حق الإخراج والإعطاء والحرمان وباقي الشروط العشرة المذكورة في الحجة) وأبقت – كما ورد بصفحة 5 من الحجة – على الوقف على الجمعية الجغرافية الملكية التي أنشأها المغفور له بإذن الله تعالى خديوي مصر السابق (إسماعيل باشا) وهو ما يؤكد صيرورة الوقف جميعه وقفاً خيرياً لا استحقاق فيه لأحد.
وذلك وفقاً للثابت من الحجة المؤرخة 17/11/1931م وكافة الحجج المقدمة للمحكمة ومقدم على حافة مستندات الدولة صورة طبق الأصل من الحجة الشرعية المؤرخة 1901م وهي الحجة الأولى للواقف والذي قام بعد ذلك بتعديلها بتغيير مصارف الوقف ثم قامت بعد ذلك زوجته الست/ كلبري هانم بالتغيير في مصارف الوقف وفقاً للثابت بالحجة الأخيرة المؤرخة 17/11/1931م (المطعون عليها بالتزوير).
كما أرفقت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات الدولة طويت على صورتين من تقريري الخبرة المودعين في الدعويين رقمي 7 لسنة 2008 و 226 لسنة 2008 مدني بسيون والذي انتهت فيهما الخبرة إلى أن وقف/ محمد راتب باشا وقف خيري ملك هيئة الأوقاف المصرية.
ج ) ومن ناحية أخرى، فإن تقرير الخبير قد أخل بحق الأوقاف في الدفاع:
ذلك أنه قد ترتب على عدم انتقال الخبير إلى جهة الاختصاص بحفظ الحجة المطعون عليها وهي نيابة القاهرة للأحوال الشخصية (قلم الحفظ – بمجمع التحرير) أن الخبير قد خلص إلى نتيجة من شأنها إهدار حجية الحجة محل الطعن في الإثبات وإفراغها من قوتها التدليلية في مواجهة الكافة بوصفها مستند رسمي يبرهن على ملكية وزارة الأوقاف لأرض التداعي بوصفها وقفاً خيرياً، ذلك أن الخبير حين خلص إلى أن الحجة المطعون عليها لا أصل لها – وهو ما يخالف حقيقة الواقع – فإنه بذلك يكون قد أضر وأخل بحق الأوقاف في الدفاع والإرشاد عن مكان حفظ أصل الحجة التي تعول عليها لإثبات خيرية الوقف محل التداعي، ومن ثم يكون تقرير الخبير على النحو المتقدم قد أخل بحق الأوقاف في الدفاع وتعين عدم الأخذ به.
وحاصل ما تقدم، إن تقرير الخبير قد شابه البطلان والقصور والتناقض ومخالفة الثابت بالمستندات وعدم الالتزام بالحكم الصادر بندبه وكذا الإخلال بحق الدفاع وهو ما يتوجب معه إطراحه وعدم التعويل عليه ورفض الطعن بالتزوير أو إعادة الدعوى للخبرة الفنية لبحث هذه الاعتراضات جميعها.
وبالفعل فقد استجابت محكمة مدني كلي طنطا لاعتراضات هيئة قضايا الدولة على تقرير الطب الشرعي وأعادت المأمورية إلى الطب الشرعي مرة أخرى لإعادة بحث المأمورية من جديد بناء على اعتراضات هيئة قضايا الدولة سالفة الذكر.
تعليق هيئة الأوقاف المصرية على صورة الحجة رقم 400 المقدمة من المدعين والتي تفيد تصرف الواقف في أطيان التداعي بالغربية بعد صدور الإشهاد على حجة وقفه الأولى؟!! :
قدم المتهمون صورة ضوئية (تجحدها هيئة الأوقاف المصرية) تمثل عقد بيع تصرف بموجبه الواقف في أطيان الواقف الكائنة بمحافظة الغربية، وهذا التصرف كان في تاريخ تالي لتاريخ إصدار إشهاده على حجة الوقف الأولى، بما يزعم معه المتهمون بأن الواقف قد رجع في وقفه.
وهذا الزعم مردود عليه بما يلي (على فرض أن هذا العقد صحيحاً، وهو ما لا نسلم به أصلاً):
الشريعة الإسلامية (الخاضع لأحكامها مسائل الوقف، حيث إن نظام الوقف مستمداً أصلاً من الشريعة الإسلامية السمحاء) لا تجيز للواقف الرجوع في وقفه:
خضوع مسائل الوقف لأحكام الشريعة الإسلامية:
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “الوقف له حكمان: حكم من حيث إنه نظام قائم له شخصية قانونية، وحكم من حيث علاقاته الحقوقية بالغير. فأما ماهيته وكيانه وأركانه وشروطه والولاية عليه وناظره ومدى سلطانه فى التحدث عنه والتصرف فى شئونه، وما إلى ذلك مما يخص نظام الوقف فهو على حاله خاضع لحكم الشريعة الإسلامية. وقد قنن الشارع بعض أحكامه بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية وأخيراً بالقانون رقم 48 لسنة 1946، فعلى المحاكم الأهلية إعمال موجب ذلك عند الاقتضاء فيما يعترضها من مسائله. أما العلاقات الحقوقية بين الوقف والغير فهي خاضعة لحكم القانون المدني”. (نقض مدني في الطعن رقم 11 لسنة 16 قضائية – جلسة 23/1/1947 مجموعة عمر 5ع – صـ 317. وفي الطعن رقم 16 لسنة 14 قضائية – جلسة 1/3/1945 مجموعة عمر 4ع – صـ 574. وفي الطعن رقم 203 لسنة 44 قضائية – جلسة 24/1/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 338 – فقرة 5).
الشريعة الإسلامية تقضي بأبدية الأموال الموقوفة:
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “إن القواعد الشرعية تقضى بوجوب المحافظة على أبدية الأموال الموقوفة لتبقى على حالها على الدوام محبوسة أبدا عن أن يتصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات من بيع أو هبة أو رهن أو وصية أو توارث. فالواقف وذريته، وناظر الوقف، والمستحقون فيه، والمستأجرين والمستحكرون له، وورثتهم مهما تسلسل توريثهم، ومهما طال وضع يدهم بهذه الصفات، لا يتملك أيهم العين الموقوفة بالمدة الطويلة، ولا يقبل من أيهم أن يجحد الوقف، أو أن يدعى ملكيته، أو أن يتصرف تصرفاً يخشى منه على رقبته، سواء أكان هو الواقف أو المتولي على الوقف أم المستأجر أم المحتكر أم أي شخص آخر آل إليه الوقف، وإلا نزع الوقف من يده ولو كان ما وقع منه قد وقع في غرة أو سلامة نية”. (نقض مدني في الطعن رقم 89 لسنة 7 قضائية – جلسة 7/4/1938 مجموعة عمر 2ع – صـ 327 – فقرة 3.وفي الطعن رقم 86 لسنة 6 قضائية – جلسة 22/4/1937 مجموعة عمر 2ع – صـ 151. وفي الطعن رقم 207 لسنة 28 قضائية – جلسة 23/5/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 708).
الشريعة الإسلامية لا تجيز للواقف الرجوع في وقفه:
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “الراجح فى مذهب الحنفية – وهو رأى الصاحبين وجمهور الفقهاء – أن تبرع الواقف بريع وقفه لازم، وأن الموقوف عليه يستحق نصيبه منه على سبيل التبرع اللازم، فلا يسوغ منعه أو صرفه إلى غيره إلا طبقاً لكتاب الوقف، ويحق له المطالبة به إذا لم يؤده إليه الواقف أو ناظر الوقف”. (نقض مدني في الطعن رقم 10 لسنة 50 قضائية – جلسة 21/4/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 1205 – فقرة 2).
تواتر الفتاوى الإسلامية على عدم جواز الرجوع في الوقف:
فقد تواترت فتاوى علماء الإسلام على أنه: “متى فعل الواقف ما يدل على الوقف أو نطق بالصيغة لزم الوقف بشرط أن يكون الواقف ممن يصح تصرفه، بأن يكون كامل الأهلية من العقل والبلوغ والحرية والاختيار، ولا يحتاج في انعقاده إلى قبول الموقوف عليه، وإذا لزم الوقف فإنه لا يجوز بيعه ولا هبته ولا التصرف فيه بأي شيء يزيل وقفيته. وإذا مات الواقف لا يورث عنه لأن هذا هو مقتضى الوقف. ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقدم في حديث ابن عمر: “لا يباع ولا يوهب ولا يورث”. والراجح فى مذهب الشافعية أن الملك في رقبة الموقوف ينتقل إلى الله عز وجل فلا يكون ملكاً للواقف ولا ملكاً للوقوف عليه. وقال مالك وأحمد: ينتقل الملك إلى الموقوف عليه. وبناء على هذا نقول للسائل مادام الورثة قد اتفقوا جميعا على وقف هذا المال لله عز وجل فلا يجوز لهم الرجوع فى هذا الوقف وليحتسبوا أجره عند الله وسيعوضهم الله خيرا منه والله أعلم”. (المصدر: موقع “نافذة الخير” على شبكة الإنترنت – وعنوانها كالتالي:
http://www.insanonline.net/news_details.php?id=824).
(وفتوى: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، “فتاوى إسلامية” (3/23). المصدر: موقع: “الإسلام: سؤال وجواب” على شبكة الإنترنت – وعنوانه كالتالي:
http://knoz-hasanat.maktoobblog.com/1404698//).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، وبتطبيق القواعد الشرعية والقانونية سالفة الذكر، فإنه: “طالما انعقد الوقف صحيحاً مستوفياً لشروطه وأركانه، فإن المال الموقوف يكون قد خرج عن ملك الواقف واعتباره على ملك الله تعالى، وبالتالي فقد لزم الوقف فلا يجوز الرجوع فيه أو التصرف فيه بأي تصرف ناقل للملكية لا بيع ولا هبة ولا ميراث، ومن ثم فإن عقد بيع الوقف – بعد ثبوت الإيقاف – يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لوروده على محل غير قابل للتعامل فيه بحكم الشرع والقانون ومن ثم فلا تلحقه الإجازة”. (نقض مدني في الطعن رقم 207 لسنة 28 قضائية – جلسة 23/5/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 708 – فقرة 1).
فضلاً عن أن أعيان وقف التداعي كانت دوماً في حيازة ناظر الوقف يدير شئونها ويتولى أمرها بدون منازعة من أي جهة أو أي شخص. كما إن من يدعون استحقاقهم في الوقف، بزعم إنهم من ورثة الواقف، قد سبق لهم أن أقاموا دعوى بعزل وزير الأوقاف من الحراسة وتعيين حارس قضائي منهم على أطيان وقف التداعي وبعد تعيين ذلك الحارس منهم شرع في بيع تلك الأراضي للغير، فكيف يستقيم ذلك مع زعمهم بأن الواقف قد تصرف بالبيع في الأعيان الموقوفة؟!!
ومن ناحية أخرى، فإن حجج وقف التداعي قد صدر بها إشهاد رسمي من المحكمة الشرعية المختصة (جهة التوثيق المختصة في ذلك الوقت)، بينما صورة عقد البيع الذي يتمسك به المتهمون (والمنسوب صدوره من الواقف بعد صدور إشهاد المحكمة الشرعية بالوقف) هذا العقد غير مسجل وليس عليه أية توقيعات رسمية، كما إن جميع حجج وقف التداعي مؤشر عليها في الهامش الجانبي بما ورد عليها من تغييرات بموجب باقي الحجج ولم يرد ضمن هذا التأشيرات الهامشية أي ذكر لحجة البيع رقم 400 التي يتمسك بها المتهمون. فضلاً عن عدم إمكان التأكد من صحة توقيع الواقف عليه وظروفه (على فرض صحة وجود هذا العقد أصلاً وهو ما لا نسلم به)، وفي جميع الأحوال فإنه لا يصح – وفق القانون الصادر في ظله وقف التداعي – رجوع الوقف في وقفه (حتى لو ثبت تسجيل أو إشهاد على هذا الرجوع)، ناهيك عن أن ملكية أطيان وقف التداعي ثابتة لجهة الوقف وهو ما نفصله على النحو التالي:
الأرض محل التداعي هي أرض ملك للوقف الخيري:
الواقف الأصلي لأرض التداعي هو/ محمد راتب باشا (الواقف)، وبموجب حجة وقف صادرة من محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 20 يونيو سنة 1900م ومسجلة بسجل الإشهادات بها في 4 يوليو سنة 1901م برقم 690 ومسجلة بوزارة الأوقاف برقم 2686/40 قد أوقف ذلك الواقف مساحة من الأرض قدرها 6س 20ط 626ف (ستمائة وستة وعشرون فدان وعشرون قيراط وستة أسهم) كائنة بناحية كتامة مركز بسيون بمحافظة الغربية، منها مساحة 16س 13ط 105ف (مائة وخمسة أفدنه وثلاثة عشر قيراط وستة عشر سهما) بالبند الأول من الحجة على مدفنه لعمارته ومرمته وقراءة القرآن والحديث، وأوقف باقي الأعيان المذكورة بحجة الوقف والواردة بالبنود من الثاني حتى الأخير على نفسه حال حياته ثم على زوجته الست/ كلبري هانم الشركسية ثم من بعدها يكون وقفاً على أخويه لوالده/ محمود بك طلعت و علي بك رضا وجعل النظر على الوقف من بعده لزوجته واشترط لنفسه الشروط العشرة.
ثم بموجب حجة تغيير وتعديل صادرة من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 13 مارس سنة 1910م أدخل الواقف على حجة الوقف الصادرة في 20 يونيو سنة 1900م تعديلاً بأن اشترط لزوجته الست/ كلبري هانم بعد وفاته الشروط العشرة (الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال) وحيث قد صدرت حجة التغيير سالفة الذكر والتي اشترط فيها الواقف لزوجته الشروط العشرة بتاريخ 13 مارس سنة 1910م من محكمة مصر الشرعية.
ثم بعد وفاة الواقف وحلول زوجته ناظراً على الوقف وبما لها من الشروط العشرة التي اشترطها لها الواقف، قامت بإخراج جميع المستحقين في حصة الوقف الأهلي الموقوفة عليهم والواردة في البنود من الثاني حتى الأخير بحجة الوقف الأصلية وأوقفتها على نفسها وجعلتها من بعدها وقفاً خيرياً صرفاً على الجمعية الجغرافية الملكية وأبقت على القدر الموقوف على مدفن زوجها وذلك بموجب حجة التغيير الصادرة في 17 نوفمبر سنة 1931م ومسجلة بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية برقم 8270/63 و 23717/90 وحيث قد صدرت حجة التغيير سالفة الذكر بتاريخ 17 نوفمبر 1931م من محكمة مصر الشرعية.
ومن المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أنه: “الوقف يعد خيرياً إذا كان على جهة من جهات البر التي لا تنقطع”. (نقص مدني في الطعن رقم 3 لسنة 49 قضائية – جلسة 16/1/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – الجزء الأول – صـ 186).
ومن جماع ما تقدم يتضح لعدالة المحكمة أن جميع أطيان التداعي هي أرض ملك الوقف الخيري، بعد أن قامت زوجة الواقف بتوجيه جميع ريع أطيان الوقف على جهة بر عامة لا تنقطع وأخرجت جميع المستحقين من الوقف بحيث لم يعد هذا الوقف وقفاً أهلياً ولا مستحقين فيه، كما لا يجوز الرجوع فيه لا صراحة ولا ضمناً، ناهيك عن عدم وجود حجة رجوع في الوقف سواء كان قد صدر بشأنها إشهاد من المحكمة الشرعية المختصة ومن باب أولى إذا لم يكن قد صدر مثل هذا الإشهاد بالرجوع في الوقف.
ثابت من شهادات القيود والمطابقة ومن مكلفات الضرائب العقارية ملكية الأوقاف لأرض التداعي (فضلاً عن حجج الوقف المثبتة لذلك):
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “قيد اسم شخص بذاته في السجلات التي تعدها الدولة لجباية الضرائب على العقارات قرينة على الملكية”. (نقض مدني في الطعن رقم 424 لسنة 53 قضائية – جلسة 15/5/1968. مشار إليه في: “مجموعة قواعد النقض المدني في خمس سنوات” – للمستشار/ محمود البناوي – المجلد الثاني – صـ 1067).
ولما كان الثابت بالأوراق أن شهادات القيود والمطابقة ومكلفات الضرائب العقارية لأرض التداعي جميعها صادرة باسم/ الوقف الخيري، مما يؤكد يقيناً أن أرض التداعي ملكاً للوقف الخيري، وإنه لا صحة مطلقاً لما يدعيه المتهمون من رجوع الواقف في وقفه وقيامه بالتصرف في أطيان التداعي للغير.
ثم إن المتهمون في الدعوى الماثلة قد أقاموا دعاوى عدة بطنطا بطلب صحة ونفاذ عقود بيع صادرة من المتهمين الذين يزعمون إنهم ورثة الواقف – على غير حقيقة الواقع – مع طلب الإلزام بتسليم أطيان التداعي بالغربية، فإذا كان الواقف قد تصرف في تلك الأطيان بالبيع للغير بما يفيد رجوعه في وقفه (على حد زعم المتهمون) فعلى أي أساس أقاموا واختصموا في دعاوى صحة ونفاذ عقود البيع والتسليم المثارة في محاكم طنطا المدنية؟!!
كل ما سبق يدحض وينفي ويفند زعم المتهمون بقيام الواقف بالتصرف في أطيان التداعي للغير بعد صدور إشهاده على حجج وقف التداعي، بما يتعين معه – والحال كذلك – الالتفات بالكلية عن ذلك المستند (الذي جحدت هيئة الأوقاف المصرية صورته الضوئية المقدمة من المتهمين).
الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة الموقرة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الجنحة والادعاء المدني الماثل:
“برفض كافة الدفوع المبداه من المتهمين، وفي موضوع الجنحة بتوقيع أقصى عقوبة منصوص عليها في المواد 226 و 372 مكرر من قانون العقوبات، والمادة 36 مكرر من القانون رقم 114 لسنة 1946 المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1976 بتنظيم الشهر العقاري. وفي الإدعاء المدني: بإلزام المتهمون متضامنين فيما بينهم، بأن يؤدوا لهيئة الأوقاف المصرية، مبلغاً وقدره 100.001جم (مائة ألف جنيه وجنيه واحد) على سبيل التعويض المؤقت. مع إلزامهم برد جميع الأموال والعقارات والأطيان التي تسلموها أو وضعوا اليد عليها (سواء بالذات أو بالواسطة الحارس القضائي المعين بناء على طلبهم، وسواء الـ 600 فدان أطيان زراعية الكائنة بعدة نواحي بمحافظة الغربية أو كامل أرض وبناء السرايا الكائنة بحمامات حلوان) نتيجة تزويرهم في إعلامات وراثة الواقف الأصلي، ردها وتسليمها مرة أخرى إلى هيئة الأوقاف المصرية. مع إلزامهم بالمصروفات القضائية ومقابل أتعاب المحاماة”.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،
عن هيئة الأوقاف المصرية
أ. محمد عبد العظيم
أ. أشرف رشوان
أ. عمرو سراج
المحامون
بإدارة قضايا الهيئة
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً