ضعف إعمال المحاكم الجزئية من نظام مكافحة المخدرات
تزل قدم بعض المغرر بهم فيقع في شراك المخدرات، وقد يكون المتعاطي رباً لأسرة أو شاباً في مقتبل العمر لم يسبق أن قيدت عليه سابقة أو جنحة جنائية، أو يكون ضحية لرفقاء السوء الذين دفعوه لسلوك هذا المنحى الإجرامي، وحين القبض عليه في قضية حيازة أو تعاط للمخدر فإنه يعرض على القضاء الشرعي لينال العقوبة المقررة التي استحقها نتيجة للجرم الذي اقترفه. ونظام مكافحة المخدرات راعى الجوانب الإنسانية والسلوكية وظروف القضية للمدان بقضية تعاطي المخدرات، وجعل منها سبباً لوقف نفاذ عقوبة السجن المقررة في حق المحكوم عليه في مثل هذه القضايا، ومنح المحكمة المختصة سلطة إيقاف نفاذ العقوبة الصادرة في حقه، فقد نصت المادة الستون من نظام مكافحة المخدرات على أن ”للمحكمة – ولأسباب معتبرة، أو إذا ظهر لها من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو ظروفه الشخصية أو الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة أو غير ذلك مما يبعث على الاعتقاد بأن المتهم لن يعود إلى مخالفة أحكام هذا النظام – النزول عن الحد الأدنى من عقوبة السجن المنصوص عليها في المواد السابعة والثلاثين والثامنة والثلاثين، والتاسعة والثلاثين، والأربعين والحادية والأربعين من هذا النظام. كما أن للمحكمة وقف تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها طبقا للمادة الثامنة والأربعين من هذا النظام للأسباب نفسها، ما لم يكن سبق أن حكم عليه وعاد إلى المخالفة نفسها. ويجب أن تبين الأسباب التي استند إليها في الحكم في جميع الأحوال”.
والمتفحص للأحكام التي يصدرها أصحاب الفضيلة القضاة في حق متعاطي المخدرات يقف على أن جل أحكامهم مشمولة بالنفاذ، ويندر أن يكون الحكم مشمولاً بوقف النفاذ استناداً إلى المادة المشار إليها.
مع أن وقف تنفيذ العقوبة يعد حكماً نظامياً تحكم به الدوائر القضائية المختصة في ديوان المظالم وفقاً لما نصت عليه المادة الثانية والثلاثون من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 190 وتاريخ 16/11/1409هـ على أنه: (للدائرة إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو ظروفه الشخصية أو الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة أو غير ذلك مما يبعث على القناعة بوقف التنفيذ أن تنص في حكمها على وقف تنفيذ العقوبة، ولا أثر لذلك الإيقاف على الجزاءات التأديبية التي يخضع لها المحكوم عليه، ويلغى الإيقاف إذا أدين المحكوم عليه أمام إحدى دوائر الديوان بعقوبة بدنية في قضية جزائية أخرى ارتكبها خلال ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم الموقوف تنفيذه نهائياً).
ومن وجهة نظري أن التوسع في إعمال أصحاب الفضيلة القضاة للمادة الستين من نظام مكافحة المخدرات وتعليق أحكام السجن في حق المتعاطي الذي يظهر لناظر القضية أنه مغرر به أو من زلت به القدم للمرة الأولى، ومن لم يعرف بالانحراف والسلوك الإجرامي وفقاً لسجله الجنائي، وكذا أرباب الأسر من غير أصحاب السوابق، فوقف تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها في حق آمثال أولئك المتعاطين غير المتمرسين سيحدّ من تفشي ظاهرة التعاطي في المجتمع، وسيكون سبباً في إصلاحهم وتقويم سلوكهم وإعانتهم على الفكاك من شرور هذه الآفة، خصوصاً أن السجون – في الغالب – تكون مجالاً رحباً لاقتران المتعاطين بالمروجين وأصحاب السوابق ومن توغلوا في الإجرام ومكوث أمثال أولئك معهم يترتب عليه توثيق الصلات بينهم وبناء علاقات واكتساب سلوكيات وتبادل خبرات تجعل من المتعاطي الذي زلت به القدم للمرة الأولى – غالباً – مجرماً حقيقياً متمرساً بعد خروجه من السجن مع ما يترتب على السجن من فصل من الوظيفة وتشهير وتشتيت للأسرة .. فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
اترك تعليقاً