أحكام عامة في الولاية على المال:
تقرر المادة (144) في فقرتها الأولى، للولي على مال الصغير أو المحجور عليه أو المفقود أو الغائب الحق في أن يأخذ أجرًا عن ولايته تقدره له المحكمة، على أن يكون هذا الأجر مناسبًا لما يؤديه من أعمال، من غير أن يبهظ المُولى عليه، ولا يسقط حق الولي في الأجر إلا إذا قضى القانون بغير ذلك، أو كان الولي قد قبل أن تكون ولايته بدون مقابل.
وتقرر المادة (144) في فقرتها الثانية، أن الحق في طلب الأجر عن الولاية مقصور على الشخص الذي يتولاها، فلو كان على الولي ديون فلا يكون للدائنين الحق في أن يطالبوا بهذا الأجر باسمه ونيابةً عنه بمقتضى الدعوى غير المباشرة، كما أن حق الولي في الأجر لا ينتقل بعد موته إلى ورثته، إلا إذا كان قد تقدم للقضاء يطلب أجرًا عن ولايته، ومات قبل أن يُقضى له به. وإعطاء الولي أجرًا عن ولايته يتفق في الجملة مع المقرر في الفقه الإسلامي، وقد أشار إليه القرآن الكريم في قول الله عز وجل (ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف).
وتقرر المادة (145) الحكم في حالة زوال الولاية أو الوصاية أو القوامة عمن يتولاها، فتنص على إلزام كل من زالت ولايته بأي سبب من أسباب زوالها بتسليم الأموال التي كانت في ولايته لذي الصفة في تسلمها، ولا يجوز لمن زالت ولايته أن يتأخر في تسليم المال الذي كان في ولايته، إلا بمقدار المدة التي يقتضيها التسليم، ويجب على من زالت ولايته تقديم حساب مفصل عن أعماله التي باشرها أثناء ولايته في خلال مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء ولايته.
وتحدد المادة (146) مسؤولية كل من الولي والوصي والقيم عن أعمالهم التي يباشرونها بمقتضى ولايتهم على أموال القاصر. وقد فرقت في هذه المسؤولية بين الأب والأم والجد وبين غيرهم، فقصرت مسؤولية الأب والأم والجد على حالة الخطأ الجسيم، حتى ولو تقاضى واحد منهم أجرًا عن ولايته، أما الخطأ اليسير فلا مسؤولية لهم عنه، أما غير الأب والجد والأم فإن مسؤوليته لا تقتصر على الخطأ الجسيم، بل تشمله وتشمل الخطأ اليسير معًا، سواء تقاضى أجرًا عن ولايته أم لم يتقاضَ أجرًا عنها، شأنه في ذلك شأن الوكيل بأجر، فإذا أخل الوصي أو القيم غير الأب والجد والأم بواجب من الواجبات المفروضة عليه بمقتضى القانون كان مسؤولاً عما لحق القاصر من ضرر بسبب ذلك مسؤولية الوكيل بأجر، حتى وإن لم يتقاضَ أجرًا عن وصايته أو قوامته.
والسبب في هذه التفرقة يرجع إلى أن الأب والجد والأم تربطهم بالقاصر القرابة القريبة، وهذه القرابة باعثة على بذل العناية والرعاية الزائدة بشؤون المُولى عليه، فلا يكون ثمة ما يدعو إلى حث صاحب هذه القرابة على بذل مزيد من الحرص على مصلحة المُولى عليه بجعله مسؤولاً حتى عن تقصيره اليسير، ومن ناحية أخرى، فإن ما بين هؤلاء الأقارب وبين القاصر من روابط القرابة القريبة ينبغي أن يكون شفيعًا لهم في الخطأ اليسير، إبقاءً على الربط العائلي من أن يؤثر فيه الرجوع عليهم بناءً على الخطأ اليسير، وهو خطأ يكثر وقوعه وقلما يمكن الاحتراز منه حتى في مال الولي نفسه. أما الوصي أو القيم الذي لا يكون أبًا ولا جدًا ولا أمًا، فإنه لا يوجد بينه وبين القاصر مثل هذه القرابة القريبة حتى تدعوه إلى بذل العناية التامة في أعماله الخاصة بالقاصر، فكان من الحكمة أن يكون ملزمًا في مباشرة شؤون القاصر ببذل عناية الشخص العادي دائمًا سواء تقاضى على عمله أجرًا أو لم يتقاضَ عنه أجرًا، فلا يغتفر له الخطأ اليسير، كما يغتفر للأب والجد والأم.
وقد سوى المشروع في هذه المسؤولية بين الأب والجد والأم، ولم يفرق بينه وبينهما فيها، كما فعل القانون المصري. ووجهته في ذلك أن قرابة الأبوة متحققة في كل من الجد والأم كما هي متحققة في الأب، أما تحققها في الأم فواضح، لأن قرابتها لابنها بمنزلة قرابة الأب، وأما تحققها في الجد، فلأن الجد يقال: إنه أب لولد ابنه، وقد سماه القرآن بذلك في قوله تعالي في شأن يوسف عليه السلام “ يتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق “، فإنه سبحانه – جعل كلاً من إبراهيم وإسحاق أبًا ليوسف مع أن كلاً منهما جد له، وما دام الجد والأم يشتركان في قرابة الأبوة مع الأب، فإنهما يشتركان معه في الحكم الذي يُبنى عليها، في خصوص المسؤولية عن الولاية على مال الصغير.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً