بقلم د. حسن فتوخ
مستشار بمحكمة النقض
رئيس قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي
أستاذ بالمعهد العالي للقضاء
رئيس مكتب الودادية الحسنية للقضاة بمحكمة النقض
يطرح الإشكال في الواقع العملي على القضاء بشأن الكيفية التي يتم بواسطتها التوفيق بين مقتضيات القانون العقاري، ونصوص مدونة الأسرة، أثناء نظره في القضايا التي تمس بحق سكنى المحضون[1].
فهل يحق للزوج المطلق إفراغ الحاضنة مع محضونهما من بيت الزوجية بعلة أنها أصبحت أجنبية عنه بالطلاق؟
وهل تتوفر المصلحة في دعوى طرد الحاضنة والمحضون من طرف المالك الجديد للعقار المثقل بحق سكنى المحضون في حالة تفويته من طرف الزوج المطلق؟
نعتقد أن التوفيق من الناحية الإجرائية بين القوة الثبوتية للرسم العقاري وحق سكنى المحضون يقتضي منا بيانه كالتالي:
المحور الأول: مدى أحقية الأب في إفراغ الأبناء المحضونين.
المحور الثاني: مدى أحقية المالك الجديد في إفراغ الحاضنة.
المحور الأول: مدى أحقية الأب في إفراغ الأبناء المحضونين
إذا وقع إنهاء العلاقة الزوجية بين الطرفين، وقضت المحكمة بإبقاء الأبناء المحضونين في بيت الزوجية المملوك لوالدهم، فإن هذا الأخير لا يحق له طلب إفراغهم إلا بعد تهيئ محل خاص لسكناهم، أو أن يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه كواجب عليه لسكنى المحضون، علما أن المحكمة تملك الصلاحية في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه حسب مقتضيات المادة 168 من مدونة الأسرة.
وبمقتضى هذا المستجد التشريعي الجديد، يكون المشرع قد وضع حدا للخلاف الذي كان سائدا حول مدى تحقق مصلحة المطلق في إفراغ المحضون من بيت الزوجية[2]، بحيث وضع الحدود الفاصلة بين شرعية التواجد وعدمه[3].
وقد انتهى هذا الجدل القضائي بانتصار محكمة النقض[4] في قراراتها الأخيرة[5] للرأي القائل بشرعية بقاء الحاضنة ببيت الزوجية، مكرسا بذلك الحماية الواجبة للمحضون واستقراره في السكن إلى حين بلوغ المحضون الذكر سن الرشد القانوني المحدد في ثمانية عشرة سنة شمسية كاملة،
أو زواج البنت المحضونة أو حصولها على الكسب حسبما أكدته محكمة النقض في أحد قراراتها المؤرخ في 23 يونيو 2015 معتبرة: “أن المحكمة لما قضت برفض طلب إفراغ بيت الزوجية بعلة أن الطاعن لم يدل بما يفيد توفر البنتين على سكن لهما أو أنه يؤدي لهما واجبه، لكونه يبقى حتى بعد بلوغهما سن الرشد حقا لهما عليه إلى حين زواجهما أو توفرهما على الكسب ولا يفرغان منه إلا بعد ضمان سكن لهما طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 168 من مدونة الأسرة، تكون قد عللت قرارها بما فيه الكفاية”[6].
وجدير بالذكر في هذا السياق أن المشرع أقر إمكانية استفادة الأم الحاضنة لأطفالها من استمرار مفعول الكراء لفائدتها بنفس الشروط التعاقدية التي كانت تربط مطلقها مع المكري وذلك بمقتضى المادة 54 من قانون الكراء الجديد 12.67 على أنه: “يمكن في حالة طلاق الزوجين أن يستمر مفعول الكراء لفائدة الأم الحاضنة لأطفالها بنفس الشروط التعاقدية التي كانت تربط مطلقها مع المكري”[7].
ويتضح جليا من خلال هذا المقتضى أن المشرع استحضر البعد الإنساني والحقوقي لوضعية الزوجة المطلقة الحاضنة لأطفالها، وجعلها من بين الفئات التي يمكن أن يستمر مفعول الكراء الذي يربط مطلقها مع المكري لفائدتها بشروط تختص المحكمة في إطار سلطتها التقديرية للبحث في مدى وجودها من عدمها وترتيب الآثار القانونية اللازمة عن ذلك.
المحور الثاني : مدى أحقية المالك الجديد في إفراغ الحاضنة
إذا تعلق الأمر بتفويت الزوج المطلق العقار المثقل بحق سكنى المحضون، فإن المالك الجديد المقيد في الرسم العقاري يتمسك بالقوة الثبوتية للبيانات المدونة بهذا الأخير، ويعتبر نفسه صاحب المصلحة في طلب إفراغ الحاضنة أو من يقوم مقامها بمن فيهم المحضون. فكيف تعامل إذن القضاء المغربي مع هذه الوضعية؟
جوابا على ذلك، نشير إلى أن العمل القضائي اعتبر الحاضنة محتلة بدون سند بمجرد فقدان مفارقها لملكية العقار المثقل بحق سكنى المحضونين عن طريق تفويته للغير الذي بادر إلى تقييد شراءه بالرسم العقاري، ومن ثم فإن هذا الأخير يعد أجنبيا عن العلاقة بين المالك السابق وطليقته وأبنائه المحضونين، ولا يجوز لها بالتالي الاحتجاج عليه بمقتضيات مدونة الأسرة طالما أنه ليس لها أي حق شخصي أو بالأحرى حق عيني على العقار المفوت له.[8]
غير أن هذا التوجه القضائي يتنافى كليا مع أحكام مدونة الأسرة من جهة، ومقتضيات الفصل 498 من ق.ل.ع من جهة أخرى كما سنتولى بيانه تباعا كما يلي:
1- نعتقد أن الغاية من إقرار حق سكنى المحضون وتحديده من قبل المحكمة بشكل مستقل عن باقي المستحقات الأخرى تتمثل في توفير الحماية اللازمة له من التشرد والضياع وحرمانه من الدفء الأسري رفقة حاضنته التي تتواجد معه بصفة تبعية.
وأن المنع التشريعي الصريح للأب من إفراغ المحضون إلا بعد تهيئ سكن له، أو تأدية المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه، يكرس لا محالة نفي الاحتلال عن استمرار تواجد الحاضنة ببيت الزوجية رفقة المحضون، بدليل أن بقاءها بعقار مفارقها يستند طبعا إلى الحكم القضائي المنهي للعلاقة الزوجية بين الطرفين، والمحدد لسكنى المحضون ببيت الزوجية.
ومن ثم فإن تفويت هذا العقار المثقل بحق سكنى المحضون من طرف الزوج المطلق لا يخول للمالك الجديد المصلحة القانونية في دعوى إفراغ الحاضنة والمحضونين منه، على اعتبار أنه لا يمكن قانونا توجيه هذه الدعوى ضد الحاضنة طالما أنها لا تملك أي حق على العقار، وإنما يتعين توجيهها ضد الأب غير الحاضن بصفته النائب الشرعي عن أبنائه القاصرين، والذي قام بتفويت العقار المذكور المتعلق به حق سكناهم بموجب حكم قضائي.
ذلك، أنه وحتى على فرض الاستجابة لطلب الإفراغ فإن الصعوبة العملية تثار عند تنفيذ الحكم، إذ يتم طرد الحاضنة وحدها دون الأبناء المحضونين الذين لا يعتبرون طرفا في الحكم محل التنفيذ، ويتواجدون في العقار بناء على حق السكن المقرر لهم قانونا وقضاء تجاه والدهم المفوت للعقار المذكور.
2- أما بالنسبة لمقتضيات الفصل 498 من ق.ل.ع، فإن البائع هو الملزم بتسليم الشيء المبيع، ويتم حين يتخلى عنه هذا الأخير أو نائبه ويضعه تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع هذا حيازته بدون عائق طبقا للفصل 499 من نفس القانون.
لذلك كان على المالك الجديد في النازلة أعلاه أن يرفع دعوى إتمام إجراءات البيع ضد البائع الرامية إلى الحكم عليه بالتسليم المادي للعقاري المبيع[9]، أو مباشرة دعوى الفسخ بسبب إخفائه عليه أن المبيع مثقل بحق سكنى المحضونين بمقتضى حكم قضائي، وليس له بالتالي المصلحة في مقاضاة الحاضنة ومطالبته بطردها هي أو من يقوم مقامها من المبيع، على أساس أنها تتواجد في العقار بالتبعية مع الأبناء المحضونين بناء على سند مشروع وهو الحكم القضائي الذي يكتسي حجية الشيء المقضي به ما لم يقع إلغاؤه من طرف الجهة القضائية المؤهلة لذلك.
وترتيبا على ما أشير إليه أعلاه، فإن تفعيل مقتضيات مدونة الأسرة بشكل أمثل يقتضي العمل على درء التواطؤ الذي يمكن أن يقع من طرف بعض الآباء ذوي النيات السيئة مع مشترين وهميين من أجل حرمان الأبناء المحضونين من حقهم في السكن ببيت الزوجية،
وذلك من خلال إجراء تقييد الحكم القضائي المحدد لسكنى المحضون بالرسم العقاري من قبل المحافظ، حتى يعلم الكافة أن العقار مثقل مؤقتا بحق سكنى المحضون إلى حين سقوطه شرعا[10]، الشيء الذي من شأنه توفير الحماية القانونية لحق يتعلق بأبناء قاصرين لا ذنب لهم في انفصام عرى الزوجية وتحقيق الانسجام بين مدونة الأسرة والقانون العقاري.
[1]- جاء في قرار لمحكمة عدد 185 الصادر بتاريخ 14 أبريل 2015 في الملف الشرعي عدد 253/2/1/2014 منشور بالنشرة المتخصصة لمحكمة النقض، عدد 22، سنة 2015 ما يلي:
“إن ما تضمنه الاستئناف الفرعي للطاعن من طلب إعفائه من واجبات سكن المحضون لزواج المطلوبة لا يعتبر طلبا جديدا وإنما يهدف إلى ما يهدف إليه الاستئناف الأصلي ويمكن إثارته في كافة مراحل الدعوى، وعلى المحكمة النظر فيه طبقا للفصل 143 من قانون المسطرة المدنية”.
[2]- وجدير بالتنبيه في هذا الصدد إلى أن المشرع الأسري يتحدث عن إفراغ المحضون من بيت الزوجية وليس إفراغ الحاضنة مما يدفعنا إلى التساؤل عن مدى إمكانية مقاضاة المحضون – مع العلم أنه لازال لم يبلغ بعد سن الرشد القانوني – أمام القضاء الاستعجالي أو الموضوعي والمطالبة بطرده من بيت الزوجية للاحتلال بدون سند، بعد إثبات الأب تنفيذ الحكم الخاص بواجب سكنى المحضون ؟
ونعتقد أن هذه الإمكانية متيسرة مسطريا وإجرائيا، على اعتبار أن الأب يفقد صفة الولاية الشرعية لكونه خصما في الدعوى، ويجب توجيه الدعوى ضد الحاضنة بصفتها تلك المخولة لها قانونا بنص المادة 171 من مدونة الأسرة، والمسندة إليها قضاء بحكم من المحكمة القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق أو التطليق طبق للمادة 88 من مدونة الأسرة. إذ لا يمكن قانونا للأب الجمع بين صفة المدعي طالب الإفراغ وصفة المدعى عليه كنائب شرعي عن الولد المحضون المطلوب ضده الإفراغ.
[3]- نشير إلى أن الاتجاهات الفقهية السائدة آنذاك كانت تتأرجح بين قائل بشرعية هذا التواجد، استنادا إلى أن الأب ملزم بتوفير السكن لأبنائه المحضونين، وأن تواجد الحاضنة ببيت الزوجية مستمد من هذا الأصل لأنها تتواجد بحكم التبعية مع أبنائها المحضونين في إطار الرقابة والإشراف المسندة إليها بصفتها حاضنة، وبين قائل بعدم شرعية هذا التواجد، لأن الزوج يؤدي النفقة ومن مشمولاتها تكاليف السكن.
– للاطلاع على المواقف المتباينة للأساتذة مشقاقة وعبدالسلام حادوش والعلوي المدغري انظر:
– محمد الخضراوي: “دور محكمة النقض في حماية حقوق المرأة “- منشور بمجلة المنتدى، تصدر عن منتدى البحث القانوني بمراكش- العدد 4 – يوليوز 2004 – ص 119 و120.
[4]- قرار صادر عن الغرفة التجارية بتاريخ 11 أكتوبر 2000 . (أشار إليه محمد الخضراوي “م.س” – ص 121) جاء فيه ما يلي:
“… إذا كانت الحاضنة تستمد شرعية وجوده أثناء عدتها ببيت الزوجية الذي هو في ملك زوجها من الأمر القضائي فإن بقائها بمنزل مطلقها باعتبارها حاضنة لمحضوناتها الأربعة لا يمكن أن يوصف تلقائيا بالاحتلال دون التحقق من أن قاضي التوثيق قد حقق سلفا في أمره بالنفقة مبلغا خاصا باجرة المسكن للمحضونات أو هيأ لهن مسكنا مناسبا لحالته المادية تمشيا مع الأهداف التي توخاها الفقه والقانون في هذا المجال والمحكمة لما قضت بإفراغ الحاضنة من المنزل دون التأكد مما ذكر يكون قرارها ناقصا في التعليل يوازي انعدامه”.
[5]- قرار محكمة النقض عدد 181 المؤرخ في 19يناير2005 في الملف المدني عدد 1952/3/2/2000 منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 63 ص 70 جاء فيه ما يلي:
” … حيث صح ما عابته الطالبة على القرار ذلك أنه بمقتضى الفصلين 126 و 127 من مدونة الأحوال الشخصية القديم الصادر في ظله القرار المطعون فيه فإنه يجب للأولاد على الآباء النفقة وما يتبعها من المؤونة والكسوة والسكنى وتستمر هذه الحقوق بالنسبة للأنثى إلى أن تتزوج والثابت من أوراق الملف أن الطالبة بحكم كونها بنتا للمطلوب لم تتزوج بعد فإن سكناها واجبة عليه بمقتضى القانون السالف الذكر وقد تمسكت في جميع مراحل الدعوى بكون وجودها بمنزل المطلوب مبررا قانونا استنادا إلى حقها في السكنى غير أن المحكمة اعتبرتها مع ذلك محتلة لموضوع الدعوى بدون سند قانوني بعلة أن بإمكانها المطالبة بحقها في السكنى أمام القضاء وهو تعليل فاسد باعتبار الطالبة بحكم كونها صاحبة الحق في السكنى وتستفيد من هذا الحق بدار والدها فإنها ليست ملزمة قانونا باللجوء إلى القضاء للمطالبة به وإنما يكفيها في هذه الحالة أن تدفع بحقها الدعوى الرامية إلى حرمانها منه لا سيما ليس بالملف ما يفيد أن المطلوب قد وضع رهن إشارتها مسكنا بديلا أو أدى لها الأجر الكافي لتكتري به مسكنا آخر، فجاء بذلك قرارها معللا تعليلا فاسدا وغير مرتكز على أساس مما يعرضه للنقض”.
ومع ذلك، فإنه يلاحظ من خلال حيثيات القرار المشار إليه أعلاه أنها تكرس تناقضا في الحماية المخولة للبنت التي طلقت والدتها في ظل مدونة الأحوال الشخصية القديمة حيث لا تعتبر محتلة بدون سند ما لم تتزوج رغم بلوغها سن الرشد القانوني، وبين الحماية المخولة للبنت التي طلقت والدتها في ظل مدونة الأسرة الجديدة حيث تعتبر محتلة بدون سند بمجرد بلوغها لسن الرشد القانوني، ويبقى حقها في النفقة فقط إلى حين توفرها على الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها طبقا للمادة 198 من مدونة الأسرة.
وبهذا المستجد القانوني يكون المشرع قد وضع حدا لإشكالية بقاء الزوجة المطلقة في المحل المكترى الذي تقطنه مع مطلقها بعد انفصام العلاقة الزوجية وانقضاء العدة، لأنها تعتبر في حكم المحتل بدون سند.
[6]- القرار عدد 330 الصادر بتاريخ 23 يونيو 2015 في الملف الشرعي عدد 506/2/1/2014.
[7]- قانون رقم 12.67 يتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني صادر بالجريدة الرسمية عدد 6208.
[8] – حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش تحت عدد 407 بتاريخ 3 أبريل 2007 ملف عقاري رقم 283/9/2006 غير منشور، جاء فيه ما يلي:
“… حيث إن مطالب المدعي ترمي إلى الحكم بطرد المدعى عليها من الشقة الكائنة بعنوانها أعلاه بعلة أنه هو المالك لهذه الشقة والمسجلة باسمه في الرسم العقاري عدد 88424/04، وأن المطلوبة في الدعوى مجرد محتلة للملك المذكور بدون سند ولا قانون.
وحيث أقرت المدعى عليها في مذكرتها بعد الخبرة أنها تشغل الشقة محل النزاع معللة ذلك أنها كانت متزوجة بالمالك الأصلي المسمى… وأنه طلقها بعدما أنجبت منه طفلين يوجدان تحت حضانتها وأنه باع الشقة للمدعي بتواطؤ مع هذا الأخير وأنه لا يجوز للأب إفراغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذه للحكم الخاص بسكنى المحضون طبقا للفصل 168 من مدونة الأسرة.
وحيث إن المدعى عليها تكون بذلك قد أقرت أن الشقة لم تعد ملكا لمفارقها وأنه باعها للمدعي، وقد أدلى هذا الأخير بشهادة من المحافظة العقارية تفيد تقييد البيع بالرسم العقاري. كما أقرت المدعى عليها أنها لازالت تشغل الشقة محل النزاع بصفتها حاضنة.
لكن، حيث إن ما عللت به المدعى عليها احتلالها لا يجد له سندا في القانون في مواجهة المدعي الذي انتقلت إليه ملكية الشقة التي كانت بيتا للزوجية، وهو يعتبر أجنبيا عن العلاقة بين المالك السابق وطليقته وأبناءه القاصرين، فالمدعى عليها ليس لها إذن أي حق شخصي أو بالأحرى أي حق عيني على الشقة ولا يمكنها الاحتجاج بأحكام مدونة الأسرة في مواجهة المدعي.
وحيث إنه ما دام قد ثبت بحجة قانونية وبإقرار المدعى عليها أن المدعي هو المالك الحالي للشقة، وما دام أن هذه الأخيرة لا تربطها بهذا المالك أية علاقة قانونية فإنها تعتبر مجرد محتلة للمدعى فيه بدون سند ولا قانون مما يستوجب طردها منه هي ومن يقوم مقامها.
وحيث ارتأت المحكمة إقرار غرامة تهديدية قدرها 100 درهم عن كل يوم تتأخر فيه عن التنفيذ”.
[9]- وقد أكدت محكمة النقض هذا الاتجاه في قراره عدد 1765 بتاريخ 30/11/1983 الصادر في الملف المدني عدد 78535، مجموعة قرارات محكمة النقض، المادة المدنية، الجزء الثاني، 1983-1991، ص 125 من خلال حيثياته كما يلي:
“… لكن من جهة فإن الطاعن باعتباره بائعا لأرض النزاع فهو ملزم أن يضمن للمشتري حوز المبيع والتصرف فيه بلا معارض أي بضمان الاستحقاق الذي من صوره أن يكون المبيع في حوز الغير، ولهذا فقد كان من حق المطلوبة أن تطالبه وحده دون ضرورة اشراك الشخص الآخر الذي يوجد العقار في يده..”.
كما أن المحكمة الابتدائية بمراكش قد تبنت نفس الاتجاه أعلاه من خلال حكمها بتاريخ 16 ماي 05 ملف رقم 119/9/04 (غير منشور ) كما يلي:
“… لكن حيث إنه بمقتضى الفصل 532 من ق.ل.ع فإن البائع ملزم بضمان حوز المبيع والتصرف فيه بلا معارض، وبضمان الاستحقاق الذي من صوره أن يكون المبيع في حوز الغير.
وحيث إن الثابت من محضر المعاينة والاستجواب المنجز بتاريخ 04 يونيو 2004 في إطار الملف التنفيذي رقم 1258/04 أن العقارات المبيعة توجد في حوزة الغير والذين صرحوا للعون الذي أنجز المحضر أنهم يتواجدون بهذه العقارات منذ مدة طويلة وذلك أبا عن جد وعليه فمن حق المشتري أن يوجه دعواه ضد البائعين له دون ضرورة إشراك الغير الذي يوجد العقار في يده استنادا لمقتضيات الفصل المذكور. كما أن مقتضيات الفصل 534 من ق.ل.ع تنص على أنه يلتزم البائع بقوة القانون أن يضمن للمشتري الاستحقاق الذي يقع ضده بمقتضى حق كان موجودا عند البيع. وفي النازلة فسبب الاستحقاق كان قائما عند البيع.
وحيث إن البائع ملزم أيضا بمقتضى الفصل 498 من ق.ل.ع بتسلم الشيء المبيع وأن تسلم المبيع حسب الفصل 500 من ق.ل.ع يتم تخلي البائع أو نائبه عند وضعه حق تصرف المشتري بتمكينه من الاستيلاء عليه وصيانته دون أن يكون هناك عائق يحول دون ذلك”.
[10]- جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 265 بتاريخ 26/04/2006 ملف رقم 645/2/1/2005 غ.م ما يلي:
“تسقط نفقة البنت بزواجها وتقوم مرة أخرى بطلاقها ورجوعها للعيش في كنف والدها”.
ويستفاد من هذا التوجه القضائي أنه ما دام حق سكنى المحضون يستمر بالنسبة للبنت المحضونة إلى حين زواجها أو حصولها على الكسب، فإنه في حالة زواج البنت المذكورة وطلاقها فيما بعد، يقوم مرة أخرى حق السكن تجاه والدها من تاريخ الطلاق باعتبار الحكم الصادر به يعد نهائيا في هذا الشق عملا بمقتضيات المادة 128 من مدونة الأسرة.
اترك تعليقاً