الطعن 2361 لسنة 59 ق جلسة 15 /6 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 190 ص 998
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة وعلي جمجوم.
————
– 1 نقض “الخصوم في الطعن بالنقض”.
الاختصام في الطعن بالنقض . شرطه .
إذا كان المطعون ضده الأول بصفته بمنأى عن الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ومن ثم فلا محل لتوجيه الطعن إليه ويكون اختصامه في الطعن غير مقبول.
– 2 مقاولة. عقد “الرضا” “انعقاد العقد”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير عناصر الأجر”.
عقد المقاولة تمامه باتفاق الطرفين على المسائل الجوهرية . الخلاف على المسائل التفصيلية . للطرفين اللجوء للمحكمة للفصل فيها . عدم تحديد الأجر . التزام المحكمة بتعيينه . تقدير عناصر الأجر عدم الاتفاق عليها او تقدير مدى توافر الإرهاق الذى يهدد بخسارة فادحة أو عدم توافره من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضى الموضوع . شرطه . أن يكون سائغا من اصل ثابت بالأوراق .
مفاد نص المادتين 95، 659 من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها اعتبر العقد قد تم، وإذا قام بينها خلاف على المسائل التي أرجئ الاتفاق عليها كان لهما أن يلجئا إلى المحكمة للفصل فيه، ومن ثم فإنه في حالة عدم تحديد مقدار الأجر مقدماً فإنه يوجب على المحكمة تعيينه مسترشدة في ذلك بالعرف الجاري في الصنعة وما يكون قد سبقه أو عاصره من اتفاقات وعلى أن تدخل في حسابها قيمة العمل وما تكبده من نفقات في سبيل إنجازه والوقت الذي استغرقه والمؤهلات والكفاية الفنية والسمعة وأسعار المواد التي استخدمت وأجور العمال وغير ذلك من النفقات وتقدير عناصر الأجر عند الاتفاق عليها أو تقدير مدى توافر الإرهاق الذي يهدد بخسارة فادحة أو عدم توافره هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً ومستمداً مما له أصله الثابت بالأوراق.
———–
الوقائع
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوي رقم 7582 لسنة 1984 مدني كلي جنوب القاهرة على وزير التعمير والمجتمعات الجديدة والمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفاتهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 444 مليم و 868291 جنيه وقال بياناً لها أن المطعون ضده الثالث بصفته أسند إليه أعمال الحفر والردم والتسوية بمناطق الغابات بمدينة العاشر من رمضان في غضون عام 1979 دون تحديد الفئات التي سيحاسبه عليها، وقد قام بإتمام تلك الأعمال على مراحل وتمت محاسبته عنها مجزأة بسعر 950 مليماً لمتر الحفر، 450 مليماً للردم، 157 مليماً للتسوية بينما تمت محاسبة مقاولين آخرين عن ذات العمل بأسعار بلغت جنيهان لمتر الحفر، 250 مليم و 1 جنيه لمتر الردم، 500 مليم و 2 جنيه لمتر التسوية، وبالنظر إلى جملة الأعمال التي قام بها والفارق بين ما تقاضاه بالفعل على الفئات التي حوسب عليها والفئات التي حوسب عليها المقاولون الآخرون يستحق فروقاً مقدارها 444 مليم و 369291 جنيه، وإذ رفض المطعون ضدهما الثاني والثالث ووزير التعمير دفع مستحقاته سالفة الذكر وكان قد أصابه أضراراً مادية وأدبية من جراء ذلك يقدر التعويض الجابر لها بمبلغ مليون جنيه فقد أقام الدعوى. دفع وزير التعمير بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، ودفع المطعون ضده الثاني بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. ندبت محكمة أول درجة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بجلسة 30/12/1986 برفض الدعوى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير التعمير وبرفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1970 لسنة 104 ق. وبتاريخ 18/4/1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول لعدم سبق اختصامه في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه وأبدت الرأي في موضوع الطعن برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة في محله ذلك أن البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول بصفته كان بمنأى عن الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ومن ثم فلا محل لتوجيه الطعن إليه ويكون اختصامه في الطعن غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وعدم فهم الواقع في الدعوى والقصور في التسبيب وفي بيان أولهما يقول أن عقد المقاولة الذي تم بينه وبين المطعون ضده الأخير إذ خلا من تحديد الأجر فإنه يجب الرجوع في تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول عملاً بالمادتين 95 ، 659 من القانون المدني دون البحث عن النية المشتركة لطرفيه، وفي بيان ثانيهما يقول أن الحكم المطعون فيه لم يكشف عن إرادته الظاهرة أو الضمنية وأقام قضاءه برفض الدعوى على أنه كان يجب عليه أن يتوقف عن العمل ويتنصل منه إذا لم يرتض ما عرض عليه من أسعار مع أنه ذلك كان يهدده بخسارة ما قام به وما توقف عن إتمامه فضلاً عن أن محاسبته كانت تتم على مراحل من جانب رب العمل وحده ولا تتم بالإرادة المشتركة ولم تكن محاسبة نهائية وأن قبوله صرف قيمتها لا يعني موافقته على مضمونها. وفي بيان ثالثها يقول أن الحكم المطعون فيه إذ قرر في قضائه أن المحاسبة الزائدة التي ميز بها المطعون ضده الأخير أحد المقاولين إنما يقع على الأجهزة الرقابية عبء البحث في أسبابها مع أن المطعون ضده الأخير لم يجاوز الحق مع غيره من المقاولين وإنما جاوز الحق معه فإنه يكون قد أخطأ فهم الواقع في الدعوى وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان رابعها يقول أنه إذا كان تقرير الخبير المنتدب في الدعوى قد خلا من بيان قيمة الأعمال التي قام بها وتكلفتها فإن المهندسين الذين يعملون بجهاز المطعون ضده أقروا بأحقيته فيما يطالب به وبأن الأسعار التي تمت محاسبته على أساسها لا تتناسب مع التكلفة الحقيقية لتلك الأعمال إلا أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى معولاً على ما جاء بهذا التقرير دون أن يبحث طبيعة المعاملة أو العرف أو العدالة وأهدر حقه في الحصول على أجره العادل فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود ذلك أنه لما كان النص في المادة 659 من القانون المدني على أنه ” إذا لم يحدد الأجر سلفاً وجب الرجوع في تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول” ما هو إلا تطبيق لنص المادة 95 من ذات القانون وكان المقررـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أن مفاد هذين النصين أنه إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها اعتبر العقد قد تم، وإذا قام بينهما خلاف على المسائل التي أرجئ الاتفاق عليها كان لهما أن يلجئا إلى المحكمة للفصل فيه، ومن ثم فإنه في حالة عدم تحديد مقدار الأجر مقدماً فإنه يجب على المحكمة تعيينه مسترشدة في ذلك بالعرف الجاري في الصنعة وما يكون قد سبقه أو عاصره من اتفاقات على أن تدخل في حسابها قيمة العمل وما تكبده من نفقات في سبيل إنجازه والوقت الذي استغرقه والمؤهلات والكفاية الفنية والسمعة وأسعار المواد التي استخدمت وأجور العامل وغير ذلك من النفقات. لما كان ذلك وكان تقدير عناصر الأجر عند عدم الاتفاق عليها أو تقدير مدى توافر الإرهاق الذي يهدد بخسارة فادحة أو عدم توافره هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض مادام استخلاصه سائغاً ومستمداً مما له أصله الثابت بالأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على سند مما حصله سائغاً من تقرير الخبير المنتدب فيها نتيجة اطلاعه على ملفات بعض المقاولين وإعمالاً لسلطته في تقدير ما ترك من بنود عقد المقاولة موضوع النزاع أن المطعون ضده الثالث حاسب الطاعن طبقاً لمتوسط الأسعار التي تتم المحاسبة بمقتضاها لأعمال المقاولات المماثلة التي تقوم بها شركات أخرى عديدة ولا يفوقه في هذا إلا شركة واحدة تميزت بأسعار تبدو المغالاة فيها لا يجوز أن تكون محل مقارنة في تقدير الأحقية أو تكون هي القاعدة التي تلزم جهة التعاقد باعتبارها أساساً لتعاقداتها، وأن الطاعن كان يتقاضى مستحقاته طبقاً لمستخلصات منفصلة واستمر بعد ذلك على ذات القيم التي تمت محاسبته عليها من قبل بما يعني قبوله لها وهو من الحكم استخلاص سائغ له أصله في الأوراق وكاف لحمل قضائه، ولا يعيبه عدم رده على ما وجه إلى تقرير الخبير من مطاعن لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد الدليل عليها الرد الضمني المسقط لما ساقه الطاعن من أقوال وحجج مخالفة ويكون النعي عليه بهذه الأسباب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً