بحث قانوني هام فى عدم دستورية الامر الجنائى الصادر من النيابة العامة و القضاة
مبروك محمد حسن
المحامـى
بالاستئناف العالى ومجلس الدولة
كوم مهنا – كفر الزيات
È 0107530314- 0100616707
È 0118899733
*** بحث فى مدى دستورية الامر الجنائى ***
استحدث المشرع المصرى طريقة قانونية لتسهيل الاجراءت امام القضاء لسرعة الفصل فى القضايا المنظورة امام المحاكم حتى يتم الانتهاء منها منعا لتكدث المحاكم بالقضايا نظرا لقلة عدد القضاة من ناحية ولكثرة القضايا المطروحة على المحاكم من ناحية اخرى .
فقد وضع المشرع المصرى لمواجهة هذة المشكلة ما يسمى ((الامر))…
وهو **امر الاداء او الامر الجنائى** …والامر… سواء كان امر الاداء او الامر الجنائى فهما يمثلان طريق مختصر للقضاء ان يامر بناء على مجرد اتباع اجراءات بسيط ودون مرافعة فى الامر المعروض علية بصدور امر ملزم للمخاطبين بة ان يقوموا بتنفيذة ولو جبرا باستخدام الاساليب القانونية التى تساعد على تنفيذة حتى ولو بالاكراة البدنى كما هو الحال فى الامر الجنائى الصادر بغرامة مالية كبيرة يعجز عن سدادها الشخص الصادر ضددة الامر الجنائى فيتم التنفيذ البدنى علية بقيمة الغرامة الصادر بها الامر الجنائى ..
ونظرا لاهمية هذا الامر الجنائى او امر الاداء وما يمثلانة فى القانون والقضاء من اهمية بالغة تؤثر على حقوق المتقاضين وقد تضر بمصالحهم وتنال من حقوقهم الدستورية التى اقراها لهم الدستور من المساواة امام القانون فى الحقوق والحريات ومن ضمان محاكمة عادلة للمتهمين يكفل لهم فيها القانون كافة الضمانات القانونية لمحاكمة قانونية عادلة .
وبناء على ما تنص علية المادة 170 من الدستور على أن يسهم الشعب فى اقامة العدالة على الوجة وفى الحدود المبينة فى القانون وحرصا على الوصول الى تحقيق العدالة القضائية والاجتماعية والاقتصادية التى يهدف الدستور والقوانين كافة الى تحقيقها لبلدنا فاننى سوف أتناول البحث فى مدى مطابقة الامر الجنائى للدستور وهل هذا الامر يحقق المساواة والعدالة القضائية للمتقاضين ام انة يؤدى الى اهدار الضمانات الدستورية التى اقرها الدستور للمتقاضين فى المواد8و40و65و66و67و68و69و72و166 من الدستور …..
**** الضمانات الدستورية للمتقاضين ****
جاء الدستور حفاظا منة على المواطنين بالعديد من المبادء الدستورية والتى نصت عليها كثيرا من مواد الدستور ومن اهم هذة المباداء مبداء تكافاء الفرص لجميع المواطنين و مساوتهم امام القانون وان المتهم برىء الى ان تثبت ادانتة فى محاكمة عادلة تتوافر لة فيها كافة الضمانات القانونية وكذا مبداء كفالة حق المتقاضين الاصيل فى اللجواء الى القضاء وعدم تحصين اى عمل او قرار ادارى من رقابة القضاء …
وقد نص المشرع الدستورى على هذة المبادء والضمانات التى تؤكد حق الافراد فى الحماية القضائية والقانونية وذلك فى النصوص الدستورية الاتية :-
1) مبداء تكافى الفرص لجميع المواطنين:- تنص المادة 8 من لدستوروالتى على (( ان تكفل الدولة تكافاء الفرص لجميع المواطنين ))..
2) مبداء مساواة المواطنين امام القانون :- تنص المادة 40 من الدستور على (( ان المواطنين امام القانون سواء وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة لا تميز بينهم فى ذلك بسبب الجنس او الاصل اواللغة او الدين او العقيدة .
3) مبداء استقلال القضاء وضامن حقوق الافراد وحرياتهم بمعرفة السلطة القضائية :- تنص المادة 65 من الدستور على (( ان تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانتة ضمانان اساسيان لحماية الحقوق والحريات )).
4) مبداء استقلال القضاء بالفصل فى القضايا وانة لا توقع اى عقوبة الا بحكم قضائى :- تنص المادة 66 من الدستور على (( ان العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة الا بحكم قضائى، ولا عقاب الا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون .
5) مبداء افتراض البراءة للمتهم وضمان حقة فى محاكمة عادلة تتوافر لة فيها الضمانات القانونية للدفاع عن نفسة :- تنص المادة 67 المتهم برئ حتى تثبت ادانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه وكل متهم فى جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه
6) مبداء تيسير حق التقاضى وتقريبة من المتقاضين وعدم تحصين القرارات الادارية والاعمال من رقابة القضاء:- تنص المادة 68 على ان التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعى وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار ادارى من رقابة القضاء .
7) مبداء كفالة حق المتقاضين الغير قادرين ماليا فى الدفاع عن انفسهم وحقهم فى اللجواء الى القضاء :- تنص المادة 69على حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول ويكفل القانون لغير القادرين ماليا وسائل الالتجاء الى القضاء والدفاع عن حقوقهم .
8) مبداء استقلال القضاة لضمان حيدتهم ونزاهتهم فى قضائهم :- تنص المادة 166 من الدستور على ان القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة .
*** ان الدستور المصرى قد اهتم بالحقوق والضمانات التى تحافظ على تحقيق العدالة القضائية للافراد وحتى لا يكون هناك تمييز بين المواطنين او اهدار لحقوقهم فى المواطنة صونا للوحدة الوطنية التى ينص عليها الدستور فى المادة السابعة منة والتى تنص على ان يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى ..
وفى سبيل تحقيق العدالة القضائية التى ينشدها الدستور فان هذا الامر يستلزم منا ان نبحث فى القوانين التى تصدرها السلطة التشريعية والتى قد تؤثر سلبا او ايجابا على حقوق الافراد وممتلكاتهم او قد تكون عائقا امام الموطنين فى استقرارهم و نيلهم لحقوقهم وحرياتهم المقررة لهم بمقتضى الدستور ومدى التزام الجهات التنفيذية والتشريعية والقضائية بتحقيق هذة الحماية الواجبة للحقوق والحريات التى كفلها الدستورا للمواطنين والتزامهم بمبداء سيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع ..
ومن هذا المنطلق وبالنظر فى نص المادة 323 و325 من قانون الاجراءات الجنائية وهما ينظمان الامر الجنائى من حيث كيفية صدورة والحالات التى يجوز أصدار امر جنائى فيها وطريقة اصدار هذا الامر الجنائى وذلك لبيان ما اذا كان الامر الجنائى يخالف الدستور من عدمة ومدى اهميتة فى الحياة العملية وتاثيرة على حقوق المتقاضين .
ومن اول وهلة نجد ان الامر الجنائى طريق استثنائى لجىء الية المشرع لمواجهة مشكلة تكدث المحاكم بالقضايا والتى يرىء المشرع انها من القضايا قليلة الاهمية من حيث نوع العقوبات التى تفرض عليها من غرامات مالية .
وهذا الراىء محل نظر ذلك لان الامر الجنائى هو طريق غير دستورى يتعارض مع الدستور حيث انة يشكل اعتداء على حقوق المتقاضين ويؤدى الى الاخلال بحقهم فى الدفاع عن انفسهم ويحول بينهم وبين حقهم فى محاكمة عادلة كما انة يهدر مبداء مساواة المواطنين امام القانون ..
كما ان الامر الجنائى يتمتع بالضمانات والسلطات الدستورية التى منحها الدستور للاحكام القضائية فقط دون غيرها وهذا كلة مخالف للدستور حيث ان الامر الجنائى يهدر الضمانات التى اقراها الدستور للمتقاضين ويشكل اعتداء على حق السلطة القضائية ويسلبها حقها الاصيل فى تحقيق العدالة القضائية وذلك باعطاء النيابة العامة الحق فى سلطة اصدار الامر الجنائى مما يشكل مخالفة جسيمة لنصوص الدستور الواردة فى المواد 8و40و65و66و67و68و69 من الدستور …. وبيان ذلك فيما يلى
الامر الجنائى
تنص المادة 323 من قانون الاجراءات الجنائية على ان (( للنيابة العامة فى مواد الجنح التى لا يوجب القانون الحكم فيها بعقوبة الحبس اذا رات ان الجريمة بسبب ظروفها تكفى فيها عقوبة الغرامة فضلاً عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب ردة والمصاريف ان تطلب من قاضى المحكمة الجزئية التى من اختصاصها نظرالدعوى توقيع العقوبة على المتهم بامر يصدرة بناء على محضر جمع الاستدلالات او ادلة الاثبات الاخرى بغير اجراء تحقيق اوسماع مرافعة )) .
كما تنص المادة 325مكرر من قانون الاجراءات الجنائية على (( ان لكل عضو نيابة من درجة وكيل نيابة على الاقل بالمحكمة التى من اختصاصها نظر الدعوى ان يصدر الامر الجنائى فى الجنح التى لا يوجب القانون الحكم فيها بالحبس او الغرامة التى يزيد حدها الادنى على الف جنية فضلاً عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب ردة والمصاريف )).
اعطى المشرع للنيابة العامة بموجب المادة 323 من قانون الاجراءات الجنائية الحق فى احالة بعض الجنح التى لا يوجب القانون الحكم فيها بعقوبة الحبس الى القاضى الجزئى المختص لاصدار امر جنائيا فيها اذا رات ان الجريمة بسب ظروفها تكفى فيها عقوبة الغرامة فضلاً عن العقوبات التكميلية والتضمينات ومايجب ردة والمصاريف ..
بناء على تلك المادة يجوز للنيابة العامة ان تطلب من القاضى الجزئى المختص بنظر الدعوى توقيع العقوبة على المتهم بامر يصدر منة دون اعلان المتهم او حضورة ودون سماع مرافعة او السماح بتقديم اوراق او مستندات ، وذلك بمجرد الاطلاع على المحضر والتى تقدم الية النيابة العامة وهو لا يحتوى غالبا الا على مجرد محضر جمع الاستدلالات .
((خصائص الامر الجنائى))
ورد الامر الجنائى فى الموادة من 323 وحتى 330 من قانون الاجراءات الجنائية وحدد المشرع فى تلك المواد طبيعة الامر الجنائى ومن لة حق اصدارة والحالات التى يمكن اصدار امر جنائى فيها وشروطة وكيفية الطعن علية وصيرورتة نهائيا ومن هذة المواد يتضح ان الامر الجنائى يتميز بالخصائص الاتية :-
1:- الامر الجنائى جوازى للنيابة العامة ان تصدرة او لا تصدرة فى الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التى لا تزيد عن الف جنية طبقا للمادة 325 اجراءات جنائية .
2: – ان الامر الجنائى طبقا للمادة 323 اجراءات جنائية يتم بناء على طلب من النيابة العامة للقاضى المختص باستصدار الامر الجنائى وهو جوازيا وليس وجوبيا فاللنيابة العامة ان تطلب من القاضى اصدارة او لا تطلبة فى الجرائم المعاقب عليها بالغرامة فقط دون الحبس .
ولا تتقيد النيابة العامة فى اللجواء الى امر الاداء بنوع معين من الجرائم او التقيد بشخص المتهم .
3 :- ان الامر الجنائى لا يجوز اصدارة الا فى الجرائم التى يعاقب عليها بالغرامة فقط دون الجرائم المعاقب عليها بالحبس .
4 :- لا يجوز للمتهم فى الامر الجنائى الحق فى الحضور امام القاضى اوامام النيابة العامة اثناء نظر الامر للدفاع عن نفسة .
5:- تطلب النيابة العامة من القاضى المختص اصدار امر جنائى بناء على مجرد محضر جمع الاستدلالات او ادلة الاثبات الاخرى دون ان تكون النيابة العامة قد اجرت اى تحقيق فى الدعوى..
6 :- اللجواء الى الامر الجنائى سواء باصدارة او طلب اصدارة من القاضى المختص هو امر قاصر على النيابة العامة فقط دون غيرها.
7 :- لا يتم اعلان المتهم للحضور اثناء نظر الامر الجنائى فان الامر يصدر دون علمة ودون حضورة .
8- يتم اعلان المتهم بالامر الصادر ضدة على النحو الموضح بالمادة 326 اجراءات ولة الحق فى استئناف الامر الصادر ضدة بعد تنفيذالمتهم للامرالصادر ضدة بسداد الغرامة والعقوبات التكميلية والمصاريف ..
9- غلظة العقوبة التى يقضى بها فى الامر الجنائى :- ان الامر الجنائى يقضى فية بالغرامات والعقوبات التكميلية والتضمينات والمصاريف ويمكن ان يبلغ حد العقوبة المالية الصادرة ضد المتهم الى 30000 ثلاثون الف جنية فى جريمة القذف التى تقع فى حق موظف عام طبقا لنص المادة 303 من قانون العقوبات والتى تنص على ان يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن سبعة الاف وخمسمائة جنية ولا تزيد عن خمسة وعشرون الف جنية .
واذا وقع القذف فى حق موظف عام او شخص ذى صفة نيابة عامة . لا تقل الغرامة عن خمسة عشر الف جنية ولا تزيد عن ثلاثون الف جنية , وتصل العقوبة الى الضعف وهو 60000 ستون الف جنية اذا تمت عن طريق النشر فى احد الصحف وذلك طبقا لنص المادة 307 من قانون العقوبات والتى تنص على انة اذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها فى المواد من 182 الى 185 و303 و306 بطريق النشر فى احد الجرائد او المطبوعات رفعت الحدود الدنيا والقصوى للعقوبة العرامة المبينة فى المواد المذكورة الى الضعف.
10:- أصدار النيابة العامة امر جنائى فى مخالفات المرور ( مخالف للقانون ) :-
تتولى النيابة العامة اصدار اوامر جنائية فى كافة المخالفات والجنح المرورية على الرغم من بطلان هذة الاوامر (بخلاف عدم دستوريتها ) وذلك لمخالفتها لنص المادة 325 اجراءات جنائية والتى تشترط لاصدار الامر الجنائى سواء الصادر من القاضى او من النيابة العامة الشروط الاتية:-
اولا :- ان تكون الواقعة غير معاقب عليها بالحبس .. وعلى خلاف ذلك نجد ان النيابة العامة تقوم باصدار الاوامر الجنائية فى مخالفات المرور وهى معاقب عليها بالحبس والغرامة معا كما هو الحال فى المواد 74مكرر2 و 75 و75 مكرر و76 مكرر والمعدلين بالقانون 121 لسنة 2008 فالنيابة العامة تصدر قرراتها فى مخالفات المرور على هذا النحو رغم عدم اختصاصها ومخالفتها للقانون.
ثانيا :- ان لا تزيد الغرامة المفروضة فيها على الف جنية :-
تخالف النيابة العامة القانون فى اصدار اوامر جنائية فى مخالفات المرور بالمخالفة لنص المادة 325 اجراءات جنائية والتى تنص على حق النيابة العامة فى اصدار الاوامر الجنائية فى الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التى لا تزيد قيمتها عن الف جنية الا اننا نجد ان النيابة العامة تصدر اوامر فى الجرائم التى يزيد حدها الاقصى على الف جنية كما هو الحال فى المادة 76 مكرر والخاصة بجريمة السير عكس الاتجاة والمعاقب عليها بعقوبة لا تقل عن الف جنية ولا تزيد على ثلاث الاف جنية .
مخالفة الامر الجنائى للدستور
ان ما يتميز بة الامر الجنائى من خصائص اهمها انة يصدر ضد المتهم دون اعلانة ودون اتباع للاجراءات المعادة للمحاكمة العادلة والمنصفة التى تتيح للمتهم الحق فى الدفاع عن نفسة , فضلا عن ان هذا الامر الجنائى يكون واجب النفاذ رغم صدور غيابيا وانة يفوت على المتهم درجة من درجات التقاضى , هذا بخلاف العديد من اوجة القصور والتى جعلت الامر الجنائى على النحو المنصوص علية فى المادة 323 و330 اجراءات جنائية مخالف للمواد 40 و67 و 69 و72 و165 و166 من الدستور ذلك لانة لا يتفق مع تحقيق العدالة القضائية التى اقرها الدستور للمحاكمة العادلة والمنصفة ويمثل اخلال بمبداء المساواة امام القانون ومبداء حق المتهم فى الدفاع عن نفسة وان المتهم برىء الى ان تثبت ادانتة فى محاكمة عادلة تكفل لة فيها ضمانات الدفاع عن نفسة ومخالف لمبداء افتراض البراءة التى يقرها الدستور .
لقد اهدر المشرع فى الامر الجنائى كافة الضمانات الدستورية التى وضعها المشرع الدستورى لضمان حق المتهم فى الدفاع عن نفسة عندما اعطى للقاضى الجزئى المختص ان يصدر الامر الجنائى بدون سماع مرافعة او اجراء تحقيق فى الدعوى وهذا الامر مخالف لنص المادة 67 من الدستور .
كما ان المشرع قد حرم المتهم فى الامر الجنائى من حقة فى اجراء معارضة فى الامر الصادر ضدة غيابيا من القاضى وذلك ما قررتة المادة 327 من قانون الاجراءات من ان الطعن على الامر الصادر من القاضى يكون امام محكمة جنح مستأنف … وقد فوت بذلك على المتهم درجة من درجات التقاضى مخالفا بذلك نص المادة 40 من الدستور .
ومن ناحية اخرى نجد ان الامرالجنائى يمثل اعتداء على السلطة القضائية ويشكل اهدارا لحق السلطة القضائية فى ان تتولى دورها الذى اناطها الدستور اياة ووظيفتها التى اقرها لها من مهمة الفصل فى القضايا على النحو الذى حددة الدستور من ان السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها و درجاتها .
فاذا كان المشرع فى المادتين 323 و325 اجراءات جنائية قد نص على حق النيابة العامة فى احالة بعض الجنح الى القاضى المختص ليتولى بدورة اصدار امر جنائى يكون ملزما للشخص الصادر ضدة بتنفيذة كما اعطى للنيابة العامة هى الاخرى الحق فى اصدار الامر الجنائى فان هذة الامر الجنائى مخالف للمواد 40 و67 و 69 و72 و165 و166 من الدستور .
اسباب مخالفة الامر الجنائى للدستور
بالبحث فى الامر الجنائى من حيث طبيعتة وطريقة اصدارة وما يقضى فية من جرائم وحجيتة القضائية وطرق تنفيذة والتى تبلغ حدا الاكراة البدنى ، من كل ذلك نجد ان هذا الامر يهدر حقوق المتهم فى الحصول على محاكمة عادلة ومنصفة ويخل بمبداء المساواة بين االمتهمين ويتعارض مع مبداء كفالة حق الدفاع عن النفس ومباء استقلال القضاء مما يجعلة مخالف للدستور، للاسباب الاتية :-
اولا :- الاخلال بمبداء مساواة المواطنين امام القانون :-
نظرا لما يمثلة الامر الجنائى من تجاوز وانحراف عن المسيرة القضائية التى ارسى الدستور قواعدها واستكملت بنيانها المبداء الدستورية التى ترسى قواعدها احكام المحكمة الدستورية العليا ، والتى تتولى اسباغ الدستورية الحقيقية على القوانين انصافا منها للحقوق والحريات وصونا منها للتضامن الاجتماعى والترابط داخل المجتمع المصرى بتقرير مبادء الدستور بما تتضمنة من معانا سامية تهدف الى تحقيق العدالة بمفهومها الشامل وغير متقيدة فى قضائها بالقوالب الثابتة للنصوص الدستورية الضيقة .
ولما كان الامر الجنائى يشكل اخلالا بمبداء المساواة بين المواطنين امام القانون والتى تنص علية المادة 40 من الدستور بقولها ان المواطنين امام القانون سواء وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس او الاصل اواللغة او الدين او العقيدة ، وتتضح اوجة مخالف الامر الجنائى لتلك المادة على النحو الاتى :-
ا:- ان الامر الجنائى امر جوازيا للنيابة العامة وليس وجوبيا .
ان المادة 323 قد اعطت للنيابة العامة فى مواد الجنح الغير معاقب عليها بالحبس ان تطلب من القاضى الجزئي المختص ان يصدر امراًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً جنائياً فى الجرائم المعاقب عليها بالغرامة والعقوبات التكميلية والمصاريف وهو طلب جوازيا وليس وجوبياًً للنيابة العامة ان تلجىء الية لسرعة الفصل فى الجنح المعاقب عليها بالغرامة حتى تسرع فى الانتهاء من تراكم الجنح المعروضة على المحاكم للفصل فيها دون ان تكون النيابة العامة ملزمة بسلوك هذا الطريق من طلب اصدار امر جنائى فى نوع معين من الجرائم دون باقى الجرائم الاخرى .
وهذا خطأ ومخالف للدستور لانة يشكل عدم مساواة للمتقاضين امام القضاء حيث انة يخالف المادة 40من الدستور والتى تؤكد على ان المواطنين امام القانون سواء ومتساون فى الحقوق والواجبات .
ذلك لان النيابة العامة اذا احالت متهم بموجب هذا النص عن جريمة معاقب عليها بالغرامة وطلبت من القاضى المختص اصدار امر جنائى ضد المتهم ، فانة لا يحق للمتهم ان يحضرامام القاضى المختص ليقدم دفاعة او مرافعتة قبل صدور الامر الجنائى والذى يصدر دون اجراء اى تحقيق او مرافعة ، كما نجد ان الامر الجنائى يصدر دون علم المتهم ولا يتم اعلانة باحالة الواقعة المقيدة ضدة الى القاضى ليصدر فيها امر جنائيا .
فى حين انة اذا قامت النيابة العامة بتقديم متهم اخر ارتكب ذات الجريمة وقدمتة الى المحاكمة العادية بالاجراءات المعتادة الى محكمة الجنح فان المتهم يكون لة حق الحضر امام المحكمة ويقدم ما شاء من دفاع او مستندات حتى يقضى لة بالبراءة على خلاف الامر الجنائى الذى يصدرة القاضى بدون مرافعة او دفاع اوتمكين المهتم من الدفاع عن نفسة واهدار لحقة الاصيل فى ان ينال محاكمة عادلة تتوافر لة فيها الضمانات الدستورية للمحاكمة المنصفة .
ان فى ذلك اخلال بمبداء مساواة المواطنين امام القانون واهدار لحق المتهم فى الدفاع عن نفسة مخالفا بذلك نص المادة 40 و67 من الدستور .
2 :- عدم مساواة المواطنين فى طرق التقاضى .
تنص المادة 327 اجراءات على انة للنيابة العامة ان تعلن عدم قبولها للامر الجنائى الصادر من القاضى ولباقى الخصوم ان يعلنوا عدم قبولهم للامر الصادر من القاضى او من النيابة العامة ويكون ذلك بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المستانفة فيما يتعلق بالامر الصادر من القاضى طبقا للمادة 323 مكرر من هذا القانون وبتقرير بقلم محكمة الجنح فى غير هذة الحالات ..
حدد المشرع فى المادة 327 اجراءات طريقين للطعن على الاوامر الجنائية ..
اولهما.. يتعلق بالاوامر الصادرة من القاضى المختص واوضح المشرع ان طرق الطعن على تلك الاوامر هو بتقرير فى قلم كتاب محكمة الجنح المستانفة ، والذى يتولى تحديد جلسة لنظر الطعن فاذا حضرالمتهم ينظر الامر فى مواجهتة واذا ايدت المحكمة الامر ضدة اصبح نهائيا , واذا لم يحضر المتهم اثناء نظر الامر اصبح الامر نهائيا وتعود لة قوتة ويصبح واجب النفاذ .
وثانيهما .. ان الامر الذى تصدرة النيابة العامة يتم الطعن علية امام محكمة الجنح ويتم تحديد جلسة لنظرة فى حضور المتهم فاذا تايد الحكم عادت لة قوتة واصبح واجب النفاذ , واذا لم يحضر المتهم اصبح الامر نهائيا وواجب النفاذ .
نخلص من ذلك الى ان الامر الجنائى لا يتم نظرة فى حضور المتهم الا مرة واحد وعلى درجة واحدة حتى تتاح الفرصة امام المتهم من المثول امام محكمة الجنح المستانفة اذا كان الامر صادر من القاضى وطعن علية المتهم لينظر امام تلك المحكمة .
واذا كان الامر صادر من النيابة العامة وتم الطعن على الامر امام محكمة الجنح فان المتهم لا يتمكن من الحصول الا على فرصة واحدة للدفاع عن نفسة وعلى درجة واحدة من درجات التقاضى .
لما كان ذلك وكان المتهم فى الامر الجنائى لا ينل حقة فى الدفاع عن نفسة الا مرة واحدة وعلى درجة واحدة من درجات التقاضى سواء كانت امام محكمة الجنح العادية او محكمة الجنح المستانفة الامر الذى يشكل اخلال بمبداء مساواة المواطنين امام القانون ومخالف بذلك المادة 40 من الدستور حيث ان المتهم الذى تتولى النيابة العامة احالتة الى محكمة الجنح طبقا للاجراءات المعتادة وهو ذات المتهم وعن ذات الجريمة التى قد تحيلها النيابة العامة طبقا لاجراءات الامر الجنائى الى القاضى المختص لاصدار امر جنائى فيها .
فنجد ان المتهم التى تتولى النيابة العامة احالتة طبقا للاجراءات المعتادة الى محكمة الجنح يتم نظر الاتهام الموجة الية على درجتين من درجات التقاضى .
اولهما :- امام محكمة الجنح والتى يكون من حق المتهم الحضور امامها وتقديم كافة اوجة دفاعة فاذا صدر حكم ادانة ضدة يكون من حقة الطعن على هذا الحكم بالاستئناف .
وثانيهما :- امام محكمة الجنح المستانفة عند نظر الاستئناف المقدم من المتهم والذى يستانف بموجبة الحكم الصادر ضدة من محكمة اول درجة ( محكمة الجنح ) ويكون للمتهم الحق فى الحضور امام محكمة الجنح المستانفة للدفاع عن نفسة بكافة طرق الدفاع وتتاح للمتهم فرصة الحصول على محاكمة عادلة يبدى فيها ما يشاء لة من دفوع و دفاع فى سبيل الحصول على البراءة.
ان المتهم اذا ما احيل من النيابة العامة الى محكمة الجنح طبقا للاجراءات المعتادة فانة يتمتع بحقة فى المحاكمة على درجتين وتكون امامة فرصة الدفاع عن نفسة متاحة عند محاكمتة امام محكمة الجنح وامام محكمة الجنح المستانفة عند نظر استئنافة ويتم محاكمتة طبقا للاجراءات المعتادة والتى يحصل فيها على كافة الضمانات القانونية للحاكمة المنصفة والعادلة ,
** على خلاف المتهم الذى تصدر النيابة العامة ضدة امر جنائيا طبقا لقواعد الامر الجنائى والذى يحرم من حقة فى الحصول على محاكمة منصفة وعادلة على درجتين حيث انة لا يتمتع بامكانية المحاكمة على درجتين مثل غيرة ممن يتم احالتهم من النيابة العامة الى المحاكم طبقا للاجراءات المعتادة امام محكمة الجنح .
وهذا الامر يشكل اهدار لحق المتهم فى الامر الجنائى واخلال بمبداء المساواة بين المواطنين امام القانون لمخالفتة لنص المادة 40 من الدستور ،
وفى هذا المعنى قررت المحكمة الدستورية العليا فى العديد من احكامها على انة:-
اذا كان الدستور بما نص علية فى المادة 68 من ان لكل مواطن حق الالتجاء الى قاضية الطبيعى ، قد دل على ان هذا الحق فى اصل شرعتة هو حق للناس كافة تتكافا فية مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعا عن مصالحهم الذاتية ، وان الناس جميعا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ الى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الاجرائية او الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ولا فى مجال التداعى بشان الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها .
اذ ينبغى دائما ان يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها او الدفاع عنها او الطعن فى الاحكام التى تصدر فيها .. وكان مجلس الدولة بنص المادة 172 من الدستور هو قاضى القانون العام فى المنازعات الادارية والدعاوى التاديبية , ما فتىء قائما عليها باسطا ولايتة على مختلف اشكالها وتعدد صورها . لما كان ذلك وكان الدستور قد نص فى المادة 165 على ان السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها , فانة اذا ما قدر المشرع ملائمة اسناد الفصل فى بعض المنازاعات الادارية الى محاكم السلطة القضائية , فان سلطتة فى هذا الشان تكون مقيدة بعدم الخروج على النصوص الدستور وعلى الاخص تلك التى تضمنتها نصوص المواد 40و68و165 و172 من الدستور. (( دعوى 101 لسنة 26 ق دستورية عليا))
ثانيا :- تقيد حق القاضى فى تحقيق العدالة
تنص المادة 323 اجراءات جنائية على ان يصدر القاضى المختص امر بناء على محضر جمع الاستدلالات اوادلة الاثبات بغير اجراء تحقيق او سماع مرافعة وفى ذلك مخالفة للدستورالذىكفل للمتهم الحق فى الدفاع عن نفسة امام قاضية الطبيعى وجعل الدستور من القاضى حصن امان يلجىء الية المتقاضين لنيل حقوقهم والدفاع عن انفسهم اذا لحقت بهم صائبة او الم بهم جور .
وقد جاء الدستور بضمانات عديدة للمحافظة على حقوق الافراد وحرياتهم فقد نصت المادة 65 من الدستور على ان تخضع الدولة للقانون وان استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات .
واوردت المادة 166 من الدستور ضمانات دستورية للقاضى حتى يتولى الفصل فى القضايا بحيدة ونزاهة فقررت ان القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة وذلك حتى يتمكن القضاة من تحقيق العدالة .
الا ان المشرع عندما نص فى المادة 323 اجراءات جنائية على ان يصدر الامر الجنائى من القاضى دون سماع مرافعة او شهود وفى غيبة المتهم فان هذا الامر يغل يد القاضى ويحول بينة وبين الوصول الى الحقيقة التى يستكشف بها صحة الاتهام من عدمة كما انة يهدر حق القاضى فى تحقيق العدالة ولا يكون امام القاضى الا احد امرين ام ان يقضى بعقوبة دون سماع اى دفاع من المتهم او ان يقضى برفض اصدار امر جنائى ،
ان المادة 323 اجراءات تقيد سلطة القاضى وتحد من حريتة اثناء نظرة للواقعة محل الاتهام المقدم الية لاصدار امر جنائية فية ويشكل ذلك مخالفة جسيمة للدستور الذى منح القاضى السلطة المطلقة فى استجلاء كافة وقائع الدعوى دون التقيد باى قيد او شرط يحول دون القاضى ودون الوصول الى حقيقة الاتهام او يحرم القاضى من القضاء بالبراءة متى اطمئن وجدانة اليها .
و فى هذا الخصوص نجد ان الامر الجنائى يخالف نص المادة 166 الدستور والتى كفلت للقاضى الحرية المطلقة فى سبيل تحقيق العدالة وجعلتة مستقلا فى قضائة لا سلطان علية لغير القانون .. والقانون هنا هو القانون الذى يتفق مع صحيح الدستور ولا يخالفة .
وفى هذا المعنى قررت المحكمة الدستورية العليا بانة :-
وحيث إن تناسب العقوبة مع الجريمة ومرتكبها إنصافا لواقعها وحال مرتكبها، يتحقق بوسائل متعددة من بينها تلك التى يجريها القاضى فى كل واقعة على حدة بين الأمر بتنفيذها أوإيقافها؛ وكان المشرع بالفقرة الأخيرة من المادة 155 المطعون عليها قد جرد القاضى من السلطة التى يقدر بها لكل جريمة عقوبتها التى تناسبها بما يناقض موضوعية تطبيقها؛ وكان لا يجوز للدولة فى مجال مباشرتها لسلطة فرض العقوبة صونا لنظامها الاجتماعى أن تنال من الحد الأدنى لتلك الحقوق التى لايطمئن المتهم فى غيابها إلى محاكمة منصفة، غايتها إدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة وفقا لمتطلباتها التى بينتها المادة 67 من الدستور؛ وكان من المقرر أن “شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة محلها” مرتبطتان “بمن يكون قانونا مسئولا عن ارتكابها” على ضوء دوره فيها، ونواياه التى قارنتها، ومدى الضرر الناجم عنها، ليكون الجزاء عنها موافقا لخياراته بشأنها؛ وكان تقدير هذه العناصر جميعها، داخلا فى إطار الخصائص الجوهرية للوظيفة القضائية باعتباره من مكوناتها؛ فإن حرمان من يباشرونها من سلطتهم فى مجال تفريد العقوبة بما يوائم “بين الصيغة التى أفرغت فيها ومتطلبات تطبيقها فى حالة بذاتها” مؤداه بالضرورة أن تفقد النصوص العقابية اتصالها بواقعها، فلاتنبض بالحياة، ولايكون إنفاذها “إلاعملا مجردا يعزلها عن بيئتها” دالا على قسوتها أو مجاوزاتها حد الاعتدال، جامدا فجا منافيا لقيم الحق والعدل.
وحيث إن النص المطعون فيه- وعلى ضوء ما تقدم- يكون قد أهدر من خلال إلغاء سلطة القاضى فى تفريد العقوبة جوهر الوظيفة القضائية؛ وجاء منطويا كذلك على تدخل فى شئونها؛ مقيدا الحرية الشخصية فى غير ضرورة؛ ونائيا عن ضوابط المحاكمة المنصفة؛ وواقعا بالتالى فى حمأة مخالفة أحكام المواد 41، 67، 165، 166 من الدستور .. ((( دعوى رقم 64 لسنة 19 ق دستورية عليا )))
ثالثا :- اهدار قوة الاحكام القضائية الواردة فى الدستور..!!!
يختلف الامر الجنائى عن الاحكام القضائى حيث ان الامرالجنائى هو ذات طبيعة ادارية وليست قضائية ويتم اصدارة سواء من النيابة العامة او القاضى المختص بطريقة ادارية دون حضور المتهم ودون اعلانة ولا يتم نظرة فى جلسة علنية او ان يصدر فية قرار علنى اثناء انعقاد الجلسة ولا تتوفر لة مقومات المحاكمة العادلة وعلى الرغم من ذلك فقد اعطى المشرع للامر الجنائى الضمانات الدستورية التى ينص عليها الدستور للاحكام القضائية وانزلة المشرع مكانة الاحكام القضائية مما جعل للامر الجنائى القوة والحصانة القانونية التى تتعارض مع تطبيق صحيح الدستور وتخالف طبيعة وحقيقة الامر الجنائى وهذة الضمانات التى اعطاها المشرع للامر الجنائى هى:-
1) للامر الجنائى سلطة الفصل فى القضايا مثل الاحكام القضائية ..
2) للامر الجنائى قوة الاحكام القضائية ..
3) يتم ينفيذ الامر الجنائى بذات الطرق المقررة للاحكام القضائية ..
وهذا امر مخالف للدستور حيث انة يتعارض مع الموادة66و68و72 من الدستور وذلك على النحو الاتى :-
اولا :- مخالفة المادة 66 من الدستور والتى تنص على انة لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ولا توقع عقوبة الا بحكم قضائى ..
فلا يجوز توقيع اى عقوبة على اى متهم الا بناء على حكم قضائى تتوافر فية الضمانات الدستورية التى كفالها الدستور للمحاكمة العادلة فى حين ان الامر الجنائى هو ذات طبيعة ادارية وليست قضائية ..
ثانيا:- ويتعارض مع المادة 68 من الدستور والتى تنص على ان التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعى وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار ادارى من رقابة القضاء ..
ثالثا :- ويخالف نص المادة 72 من الدستور والتى تنص على ان تصدر الاحكام وتنفذ باسم الشعب الا اننا نجد ان القانون يصبغ على الامر الجنائى صفة الالزام والاجبار ويتم تنفيذة ولو قهرا بالاكراة البدانى اذا ما امتنع المتهم عن سداد قيمة الغرامة الصادرة فى الامر طبقا لنص المادة 511 اجراءات جنائية لان العقوبات التى يقضى بها فى الامر الجنائى ( الغرامة والعقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب ردة والمصروفات ) هى عقوبات غليظة وليست بسيطة .
والغرامة المقضى بها قد تكون من الجسامة بحيث لا يستطيع المتهم ادائها وبالتالى سوف يقوم بالتنفيذ البدنى طبقاً للمادة 511 اجراءات جنائية بواقع 5ج قيمة اليوم الحبس مدة الحبس ثلاث اشهر للغرامة وثلاث اشهر للمصاريف والتعويضات ويضاعف هذا الحد اذا تعددت الغرامات والمصاريف بحيث لاتزيد عن ستة اشهر + ستة اشهر.
ثالثا :- مخالفة نص المادة 165 من الدستور والتى تنص على ان السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون .
الا ان المشرع قد منح الامر الجنائى سواء الصادر من النيابة العامة او من القاضى صفة الاحكام القضائية من حيث قوتها وحجيتها فى الفصل فى القضايا بقرارات لها حجيتها القانونية المنهية للخصومة والتى يترتب عليها عدم جواز الفصل فى القضايا الصادر فيها اوامر جنائية وتم الطعن عليها وتايدت تلك القرارات طبقا لنص المادة 327 اجراءات جنائية , الامر الذى لا يجوز معة اعادة النظر فى الجرائم الصادر فيها امر جنائي بات .
رابعا :- اهدار حق المتهم فى ان ينال محاكمة عادلة تكفل لة فيها الدولة حق الدفاع عن نفسة.
قرر المشروع فى المادة 325 اجراءات جنائية الحق للنيابة العامة ان تصدر الامر الجنائى بناء على مجرد محضر جمع الاستدلالات اوادلة الثبوت وبدون اجراء اى تحقيق او سماع مرافعة ودن اعلان المتهم للحضور اثناء اصدار الامر الجنائى ودون حضور المتهم اثناء نظر الامر الجنائى حتى يتمكن من الدفاع عن نفسة ودفع الاتهام عنة واهدر المشرع بهذا النص حق المتهم الاصيل فى ان ينال برائتة فى محاكمة عادلة ومنصفة تكفل لة فيها كافة الضمانات القانونية التى نص عليها الدستور لحماية حقوق وحريات الافراد .
فى حين ان ذات المتهم او اى متهم اخر اذا ما تم احالتة من النيابة العامة الى محكمة الجنح طبقا للاجراءات المعتادة عن ذات الجريمة فانة يتمتع بالضمانات القانونية الاتية :-
اولا :- انة لابد من اعلانة باحالة الاتهام الموجهة ضدة الى محكمة الجنح (وان عدم الاعلان يترتب علية بطلان الحكم الصادر فى الدعوى) .
ثانيا :- يكون للمتهم الحق فى الحضور امام المحكمة (القاضى) اثناء نظر الاتهام الموجهة الية ويحق لة ابداء ما يعن لة من دفوع ودفاع وتقديم الشهود والمستندات التى تساندة وتؤيدة للحصول على البراءة كما وانة يحق لة ابداء ما يشاء من طلبات تتعلق برد المحكمة او تنحيها اذا اراد، وهذة كلها امور واردة ، وحقوق وضمانات يحق للمتهم ان ينالها اذا ما احيلت الواقعة او الجريمة الى المحكمة لتنظرها طبقا للاجراءات المعتادة .
*** هذا على خلاف ما اذا كان نظر ذات الاتهام وذات المتهم عن طريق الامر الجنائى والذى يحرم المتهم حينها من كل هذة الضمانات المكفولة للمحاكمة العادلة !!!
وفى ذلك اهدار لحق المتهم فى الدفاع عن نفسة ومخالف للدستور الذى تنص المادة 67 منة على (( ان المتهم برئ حتى تثبت ادانتة فى محاكمة عادلة تكفل لة فيها ضمانات الدفاع عن نفسة )) كما وانها تمثل اعتداء على الحقوق والحريات التى يحميها الدستور لمخالفتة للدستور وعلى وجة الخصوص نص المادة 40 والتى تنص على ان المواطنين امام القانون سواء وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة لا تميز بينهم فى ذلك بسبب الجنس او الاصل اواللغة او الدين او العقيدة.
هذا وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على انة :-
وحيث ان الدستورعنى فى مادتة السابعة والستين بضمان الحق فى المحاكمة المنصفة بما تنص علية من ان المتهم برئ حتى تثبيت ادانتة فى محاكمة قانونية تكفل لة فيها ضمانات الدفاع عن نفسة ، وهو حق نص علية الاعلان العالمى لحقوق الانسان فى مادتة العاشرة والحادية عشرة التى تقرر (( اولهما )) ان لكل شخص حقاً مكتملا ًومتكافاً مع غيرة فى محاكمة علنية ومنصفة تقوم عليها محكمة مستقلة محايدة تتولى الفصل فى حقوقة والتزاماتة المدنية او فى التهمة الجنائية المواجهة وتردد (( ثانيتهما)) فى فقرتها الاولى حق كل شخص وجهت الية تهمة جنائية فى انة برىء الى ان تثبت ادانتة فى محاكمة علنية توفر فيها الضمانات الضرورية لدفاعة .
هذة الفقرة التى تستمد منها المادة 67 من الدستور اصلها وهى تردد قاعدة استقر العمل على تطبيقها فى الدول الديموقراطية وتقع فى اطارها مجموعة من الضمانات الاساسية تكفل بتكاملها مفهوماً للعدالة يتفق بوجة عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها فى الدول المتحضرة وهى بذلك تتصل بتشكيل المحكمة وقواعد تنظيمها وطبيعة القواعد الاجرائية المعمول بها امامها وكيفية تطبيقها من النا حية العلمية كما انها تعتبر فى نطاق الاتهام الجنائى وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى قضى الدستور فى المادة 41 بانها من الحقوق الطبيعية التى لايجوز اخلال بها او تقييدها بالمخالفة لاحكامة ولا يجوز بالتالى تفسير هذة القاعدة تفسيراً ضيقاً اذ هى ضمان مبدئى لرد العدوان على حقوق المواطن وحرياتة الاساسية وهى التى تكفل تمتعة بها فى اطار من الفرص المتكافئة ولان نطاقها وان كان لا يقتصر على الاتهام الجنائى وانما يمتد الى كل دعوى ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدينة الا ان المحاكمة المنصفة تعتبر اكثر لزوماً فى الدعوى الجنائية وذلك اياً كانت طبيعة الجريمة وبغض النظر عن درجة خطورتها .
وعلة ذلك ان ادانة المتهم بالجريمة انما تعرضة لاخطرالقيود على حريتة الشخصية واكثرها تهديداً لحقة فى الحياة وهى مخاطر لا سبيل الى توقيها الاعلى ضوء ضمانات فعلية توازن بين حق الفرد فى الحرية من ناحية وحق الجماعة فى الدفاع عن مصالحها الاساسية من ناحية اخرى ويتحقق ذلك كلما كان الاتهام الجنائى معرفاً بالتهمة مبيناً طبيعتها مفصلاً ادلتها وكافة العناصرالمتصلة بها وبمراعاة ان يكون الفصل فى هذا الاتهام عن طريق محكمة مستقلة ومحايدة ينشائها القانون وان تجرى المحاكمة علانية وخلال مدة معقولة وان تستند المحكمة فى قرارها بالادانة اذا اخلصت اليها الى موضوعية التحقيق التى تجرية والى عرض متجرد للحقائق والى تقدير سائغ للمصالح المتنازعة وتلك جميعها من الضمانات الجوهرية التى لاتقوم المحاكمة المنصفة بدونها ومن ثم كلفها الدستور فى المادة 67 منة وقرنها بضمانتين تعتبران من مقوماتها و تندرجان تحت مفهومها هما افتراض البراءة من ناحية وحق الدفاع لدحض الاتهام الجنائى من ناحية اخرى وهو حق عززتة المادة 69 من الدستور بنصها على ان حق الدفاع بالاصالة او بالوكالة مكفول.
(دعوى رقم31 لسنة 16 ق دستورية )
خامسا :- اهدار النيابة العامة لحق السلطة القضائية فى الفصل فى القضايا.
لقد منح الدستور للسلطة القضائية من الاستقلال والحصانة والذى لا يتوافر لغيرها ما يجعل من قضائها :- قضاء لا سلطان علية لغير القانون ..
قضاء عادل ومستقل لة من السلطات والضمانات الدستورية والقانونية ما يكفل لة حرية الفصل فى القضايا والنزاعات التى تعرض علية .
قضاء لة من الاستقلال ما يجعلة مهيمنا على شئون العدالة التى اوكلها الية الدستور.
قضاء لة من الضمانات ما يحول بينة وبين تدخل اى سلطة اخرى فى تحقيق العدالة.
قضاء يتولى شئونة والقيام بوظيفتة قضاة لهم من الحيدة والنزاهة والخبرة والهدواء والسكينة والترواى فى اداء عملهم ما يؤهلهم للقيام بتولى اعمال السلطة القضائية فى المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها لتحقيق العدالة القضائية والاجتماعية والاقتصادية بين افراد وهيئات المجتمع وصولا الى تحقيق الترابط والتضامن والتكافل داخل المجتمع .
ان المشرع فى المادة 325 اجراءات قد اعطى الحق للنيابة العامة فى اصدار الامر الجنائى فى الجرائم التى لايوجب القانون الحكم فيها بالحبس او الغرامة التى يزيد حدها الادنى على الف جنية وفى ذلك مخالفة للمواد 65و66 و67و72و165و166 من الدستور ذلك لان النيابة العامة ليست سلطة قضائية وان كان القانون قد اوكلها القيام ببعض اعمال السلطة القضائية وهذا امر مخالف للدستور وذلك على النحو الاتى:-
1- النيابة العامة جهة اتهام وسلطة فصل فى القضايا .
ان المشرع عندما اعطى الحق للنيابة العامة فى اصدار الامر الجنائى طبقا لنص المادة 325 مكرر اجراءات جنائية لم يراعى ان النيابة العامة هى ذاتها الجهة المجنى عليها بصفتها نائبا عن المجتمع وبناء على ذلك فان النيابة العامة التى تتولى ضبط الجرائم وتحرير محضر المخالفات بصفتها رئيس للضبطية القضائية وتابع لها مامورى الضبط القضائى ، وهى المختصة بتحريك الدعوى الجنائية ضد الجانى .
وفى ذات الوقت تقوم باصدار الامر الجنائى وتصدر قرارها بفرض عقوبة فى ذات الامر وهى بذلك قد جمعت بين حق الاتهام وسلطة العقاب وهذا غير صحيح .
ذلك لان سلطة الفصل فى المنازعات يجب ان تختلف عن جهة الاتهام او الجهة المجنى عليها هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان الدستور قد منح السلطة القضائية دون النيابة العامة اوسع السلطات والضمانات الدستورية حتى يطمئن المتقاضين الى سلامة القضاء وحسن سير العدالة القضائية حيث قرر المشرع الدستورى فى العديد من النصوص الدستورية على هذا المعنى فقد نصت المادة 65 من الدستور على ان تخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات .
كما تنص المادة العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة الا بحكم قضائى، ولا عقاب الا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون
كما تنص المادة 68 على التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار ادارى من رقابة القضاء .
ان هذة الضمانات الدستورية وغيرها لا تتوافر لاى جهة مثل النيابة العامة او اى سلطة اخرى الامر الذى جعل من السلطة القضائية قلعة يحتمى اليها المواطنين من اى ظلم او جور قد ينال من حرياتهم او حقوقهم الشخصية اوالمادية .
*** وفى هذا المعنى تواترت احكام المحكة الدستورية العاليا على تاكيد حق الجانى فى ان ينال حقة محاكمة عادلة ، فقد قررت المحكمة الدستورية فى العديد من احكامها على :-
***وحيث انه علي ضوء ما تقدم ، تتمثل ضوابط المحاكمة المنصفة في مجموعه من القواعد المبدئية التي تعكس مضامينها نظاما متكامل الملامح ، ويتوخي بالاسس التي يقوم عليها ، صون كرامة الانسان وحماية حقوقه الاساسية ، ويحول بضماناته دون اساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن اهدافه ، وذلك انطلاقا من ايمان الامم المتحضرة بحرمة الحياة الخاصة ، وبوطأة القيود التي تنال من الحرية الشخصية ، ولضمان ان تتقيد السلطة التشريعية عند مباشرتها لمهمتها في مجال فرض العقوبة صونا للنظام الاجتماعي بالاغراض النهائية للقوانين العقابية التي ينافيها ان تكون ادانه المتهم هدفا مقصودا لذاته او تكون القواعد التي تتم محاكماتها علي ضوئها ، مصادة للمفهوم الصحيح لادارة العدالة الجنائية إدارة فعالة ، بل يتعين ان تلتزم هذه القواعد مجموعه من القيم التي تكفل لحقوق المتهم الحد الادني من الحماية التي لا يجوز النزول عنها او الانتقاص منها ، وهذه القواعد – وان كانت اجرائية في الاصل – الا ان تطبيقها في مجال الدعوي الجنائية – وعلي امتداد مراحلها يؤثر بالضرورة علي محصلتها النهائية ، ويندرج تحتها اصل البراءة كقاعده اولية تمليها الفطرة وتفرضها مبادئ الشريعة الاسلامية في قوله عليه السلام ” ادراءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فان وجدتم للمسلم مخرجا فاخلوا سبيله فان الامام لان يخطئ في العفو خير من ان يخطئ في العقوبة ” وهي بعد قاعدة حرص الدستور علي ابرازها في المادة الحادية عشرة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة السادسة من الاتفاقية الاوروبية لحماية حقوق الانسان . (دعوى رقم31 لسنة 16 ق دستورية )
2- اعتداء النيابة العامة على وظيفة السلطة القضائية .
استقرت الاحكام القضائية على ان النيابة العامة وهى الامينة على الدعوى الجنائية وهى تتمتع فى سبيل ادائها لمهامها بالحيدة والنزاهة والاستقلالية ولا سلطان على اعضاء النيابة لغير القانون وان النيابة العامة تجمع بين الوظيفة الادارية(النيابية) والوظيفة القضائية .
هذا امر صحيح من جانب ان النيابة العامة ونحن نكن لاعضائها كامل التقدير والاحترام ، لانهم يتمتعون فى اداء اعمالهم بالحيدة والنزاهة الامر الذى يجب ان يتوافر لدى كل شخص يتولى مثل هذة المناصب الهامة .
الا ان ما استقرت علية احكام القضاء من ان النيابة العامة لها الحق فى الجمع بين الاعمال النيابية والاعمال القضائية قولا غير سديد ومخالف للدستور والذى ينص فى المادة 165 على السلطة القضائية مستقلة ، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، وتصدر أحكامها وفق القانون .
ان المشرع الدستورى عندما نص فى المادة 165 من الدستور على ان السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها , فانة يعنى بالسلطة القضائية القضاة دون غيرهم فاذا كان يريد ادخال النيابة العامة فى تولى القضاء لكان نصة شاملا ذلك.
كما وان المشرع الدستورى قد اكد هذا المعنى فى المادة166 من الدستور عندما قرر ان القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة .
وتؤكد المادة 166على ان السلطة القضائية ممثلة فقط فى القضاة , الا ان قانون السلطة القضائية قد خالف هذا النص الدستورى عندما اورد النيابة العامة ضمن قانون السلطة القضائية والذى كان من الواجب ان يشتمل على تشكيل الهيئات القضائية من قضاء عادى ومجلس دولة ومحكمة دستورية وقضاء عسكرى ، ثم يتولى تنظيم المحاكم لكل هيئة قضائية وترتيب تلك المحاكم داخل كل هيئة قضائية ، ويتولى تحديد كافة الحقوق والالتزامات الخاصة بالقضاة على متسوى السلطة القضائية بكامل هيئاتها .
ان نص المادة 325 مكرر اجراءات جنائية يشكل مخالفة جسيمة ويمثل اعتداء صارخ على الوظيفة القضائية التى اناطها الدستور الى القضاة وليس لغيرهم اى حق فى القيام بادائها ولان ذلك يشكل اعتداء على حق السلطة القضائية فى تولى القضاء والقيام على شئون العدالة مخالفا بذلك نص المادة165و166 من الدستور والتى تنص على ان القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة .
اذا كانت النيابة العامة قد تدخلت فى صميم الوظيفة القضائية والتى هى من اختصاص السلطة القضائية فان هذا الامر يرجع الى تقصير السلطة القضائية فى مواجهة الكم الهائل من القضايا والتى تعزف السلطة القضائية عن مواجهة ذلك بتعيين اعداد اكثر من السادة القضاة لمواجهة هذا القصور والذى استعاضت عنة بالتنازل عن جزاء من وظيفتها فى تحقيق العدالة الى النيابة العامة لاستكمال هذا العجز فى اعداد السادة القضاة .
3- تعارض وظيفة النيابة العامة مع وظيفة السلطة القضائية .
ان تقارب النيابة العامة من السلطة القضائية اوجد خلطا ولبس فى الاذهان عن حقيقة العلاقة بين السلطة القضائية والنيابة العامة .
فاذا كانت النيابة العامة هى الامينة على الدعوى العمومية ذلك لانها تنوب عن المجتمع وهى الممثل القانونى لة امام السلطة القضائية ضد الجانى .
وهنا تتضح حقيقة الوظيفة النيابية التى تتولاها النيابة العامة عن المجتمع بصفتها الوكيل والنائب القانونى عن المجتمع .
وفى حقيقة الامر يظهر هذا الدور النيابى للنيابة العامة فى مثولها امام القضاء للدفاع عن حق المجنى علية ضد الجانى ، وفى قيام النيابة العامة بالطعن على الاحكام القضائية الصادرة من المحاكم (السلطة القضائية ) سواء بالطعن بالاستئناف او النقض للاحكام التى ترى النيابة العامة انها صدرت مخالفة للقانون ,
ان هذا الدور والوظيفة الحقيقة للنيابة العامة توكد على انها لا يجوز عقلا ومنطقا وقانونا ودستوريا ان تكون النيابة العامة هى ضمن الكيان القانونى للسلطة القضائية كما هى وارد بقانون السلطة القضائية .
كما ان القول بان النيابة العامة تجمع بين الوظيفة النيابة والاعمال القضائية فان هذا القول مخالف للدستور الذى جعل فى مادتة 66 من استقلال القضاء وحريتة ضمانان للحقوق والحريات ، ودون ان ينص على تلك الضمانات للنيابة العامة .
والذى قرر فى مادتة 165 على ان السلطة القضائية فقط هى التى تتولى المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها ، دون النيابة العامة والذى جعل قانون السلطة القضائية منها امينا على ادارة اموال المحاكم فقط طبقا لنص المادة 28 من هذا القانون .
والذى اناط فى مادتة 166 بالسلطة القضائية سلطة القيام على شئون العدالة ، ودون ان يشرك النيابة العامة معها فى تولى هذا الدور.
وقد قررت المحكمة الدستورية فى حكما لها انة :-
وحيث ان احكام المحكمة الدستورية العليا قد اطردت على ان الدستور هو القانون الاعلى الذى يرسى القواعد والاصول التى يقوم عليها نظام الحكم ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الاساسية لحمايتها ويحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحيتها ويضع الحدود والقيود القضائية الضابطة لنشاطتها بما يحول دون تدخل اى منها فى ممارسة اختصاصاتها التى ناطها الدستور بها.
وحيث ان الد ستور اختص السلطة التشريعية بسن القانون وفقا لاحكامة فنص فى المادة 86 منة على ان يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصا دية كما يمارس الرقابة على اعمال السلطة التنفذ ية وذلك كلة على الوجة المبين با لد ستور كما اختص السلطة القضائية بالفضل فى المنازعات والخصومات على النحو المبين فى الدستور فنص فى المادة 165 منةعلى ان السلطة القضائية مستقلة وتتولها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر احكامها وفق القانون .
وحيث ان اختصاص السلطة التشريعية بسن القوانين طبقاً للمادة 86 من الدستور لا يخولها التدخل فى اعمال اسندها الدستور الى السلطة القضائية وقصرها عليها والاكان افتئاتا على ولايتها واخلالاً بمبدا الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية.
(دعوى رقم31 لسنة 16 ق دستورية )
سادسا :- الاخلال بمبداء تكافىء الفرص امام المواطنين .
اورد المشرع فى الامر الجنائى شرط وقواعد مجحفة ومخلة بحقوق المواطنين حيث انها تهدر حقوقهم فى ان ينالوا محاكمة عادلة قبل ان يصدر ضدهم اى حكم او قرار بادانتهم ، مثل غيرهم ممن ينالوا حقهم فى الدفاع عن انفسهم من قبل ان يصدر ضدهم اى حكم قضائى بالادانة .
كما ان عدم تمكين المتهم الذى يصدر ضدة امر جنائيا من ان ينال حقة فى التقاضى على درجتين مثل اقرنائة والتى تتم محاكمتهم طبقا للاجراءات المعتادة امام محكمة الجنح الامر الذى يشكل اخلال بمبداء تكافؤ الفرص امام المواطنين والتى تنص علية المادة 8 من الدستور والتى تقرر بان تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين .
وقد قررت المحكمة الدستورية العليا مفى العديد من احكامها على انة :-
وحيث ان الدستور بما نص علية فى المادة 68 من ان لكل مواطن حق الالتجاء الى قاضية الطبيعى ، وقد دل – على ما جرى بة قضاء هذة المحكمة على ان هذا الحق فى اصل شرعتة هو حق للناس كافة تتكافا فية مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعا عن مصالحصم الذاتية ، وان الناس جميعا لا يتمايزون بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ الى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الاجرائية او الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا فى مجال التداعى بشان الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، اذ ينبغى دوما ان يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها او الدفاع عنها او الطعن فى الاحكام التى تصدر فيها .
لما كان ما تقدم وكان النص المطعون علية اذ خول المدين ولوج طريقى التظلم والاستئناف طعنا منة على هذا الامر وحرم الدائن طالب الامر من مكنة التظلم او الاستئناف حال عدم اجابتة لكامل طلباتة – فانة يكون قد مايز فى مجال ممارسة حق التقاضى – بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية ، دون ان يستند الى اسس موضوعية تقتضيه ، بما يمثل اخلال بمبداء مساواة المواطنين امام القانون وانتقاصا لحق التقاضى مخالف بذلك احكام المادتين (40 و68 من الدستور ) ولا يقيل ذلك النص من عثرتة التذرع بالطبيعة الخاصة لنظام امر الاداء وما تهدف الية من تيسير الاجراءات وتحقيق السرعة فى حسم الانزعة، ذلك ان لحق التقاضى غاية غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التى يتناضل المتقاضون من اجل الحصول عليها لجبر الاضرار التى اصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونها فاذا ارهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها او تحول دونها ، كان ذلك اخلالا بالحماية التى كفلها الدستور لهذا الحق….
*** طعن رقم 99 لسنة 26 ق دستورية عليا ***
*** نخلص من ذلك الى ان الامر الجنائى يشكل مخالفة جسيمة للدستور حيث انة يمثل اعتداء على الحقوق الدستورية التى اقرها المشرع الدستورى فى المواد 8و40و65و66و67و68و69و72و165و166 من الدستور ويتضح ذلك فى الحياة العملية
من اصدار النيابة العامة اوامر جنائية فى مخالفات المرور يلتزم المواطنين جبرا عنهم بسدادها
وايضا من اصدار القضاة اوامر جنائية مجحفة فى قضابا المبانى وفى غير ذلك من القضايا المعاقب عليها بغرامات باهظة القيمة
الامر الذى يتطلب تصحيح هذا الخطاء القانونى الذى يمس امن وحرية المتقاضين فى ان ينالوا حقوقهم الدستورية والقانونية فى اطار دستورى صحيح **** والله الموفق ***
اترك تعليقاً