عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم 157 لسنة 1981
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 ديسمبر سنة 2005م الموافق 9 من ذى القعدة 1426 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى والسيد عبد المنعم حشيش
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 125 لسنة 18 قضائية ” دستورية “.
المقامة من
1- السيد / محمد لطفى محمد البربرى
2- السيد / كمال محمد البربرى
ضد
1- السيد / رئيس مجلس الوزراء
2- السيد / وزير المالية
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من نوفمبر سنة 1996 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا بطلب الحكم بعدم دستورية الفقرات 9 ، 10 ، 11 من المادة الأولى والمواد 27 ، 38 ، 39 ، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم.
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعيين كانا قد قدما إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراتهما الضريبية عن السنوات من 1983 – 1986 متضمنه عدم تجاوز صافى أرباحهما المحققة الحد الذى يستحق عنه الضريبة عن نشاطهما التجارى والصناعى بورشة النجارة التى يشتركان فى ملكيتها وذلك فيما عدا نشاط عام 1985 الذى حقق فيه المدعى الثانى ارباحاً استحق عنها مبلغ 878ر37 جنيه ، ونظراً لأنهما غير ملزمين بإمساك دفاتر منتظمة فقد قامت مأمورية الضرائب المختصة بربط الضريبة المستحقة عليهما عن تلك السنوات الأربع بعد تقدير أرباحهما المحققة عن سنوات المطالبة بواقع 17681 جنيه و18772 جنيه و19848 جنيه و20916 جنيه على التوالى وطعن المدعيان على هذه التقديرات ،
وقررت لجنة طعن ضرائب القاهرة تخفيض التقدير إلى 4873 جنيه و5240 و5592 جنيه و5936 جنيه – على التوالى ، وإذ لم يرتض المدعيان ذلك التقدير فقد أقاما الدعوى رقم 297 لسنة 1996 ضرائب كلى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طعناً على ذلك القرار ، وضمنا صحيفة الدعوى دفعاً بعدم دستورية المواد 13 ، 35 ، 36 ، 37، 38 ، 82 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 ، وبجلسة 5/9/1998 قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية فأقاما الدعوى الماثلة طعناً على الفقرات 9 ، 10 ، 11 من المادة الأولى والمواد 27 ، 38 ، 39 ، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل المشار إليه .
وحيث إن المدعى وقد دفع بعدم دستورية نصوص المواد 13 ، 35 ، 36، 37، 38 ، 82 من القانون رقم 157 لسنة 1981 . وصرحت المحكمة برفع الدعوى الدستورية بشأنها إلا أنه أقام الدعوى الماثلة – وعلى ماسلف بيانه – طعناً على الفقرات 9 ، 10 ، 11 من المادة الأولى والمواد 27 ، 38 ، 39 ، 157، 158 من القانون رقم 157 لسنة 1981 ، ومن ثم فإن الطعن فيما عدا المادة 38، يكون غير مقبول باعتباره طعناً مباشراً يخرج عن نطاق تصريح محكمة الموضوع .
وحيث إنه لما كانت المصلحة الشخصية المباشرة – وهى مناط قبول الدعوى الدستورية – ترتبط بالنزاع الموضوعى بحيث تكون المسألة الدستورية المطلوب طرحها على هذه المحكمة لازمة للفصل فى الطلبات الموضوعية ومرتبطة بها. وإذ كانت الدعوى الموضوعية تدور حول قيام مأمورية الضرائب المختصة بإهدار إقرارات المدعيين التى تمثل أرباحهما الحقيقية خلال سنوات المطالبة وتقديرها تقديراً مغالى فيه دون أسباب واضحة تستند إليها .
فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد فقط بنص الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم 157 المشار إليه فيما تضمنه من إعطاء الحق لمصلحة الضرائب فى عدم الاعتداد بالإقرار المقدم من الممول وتحديد الأرباح بطريق التقدير الجزافى .
وحيث إن المادة 38 من القانون رقم 157 لسنة 1981 – المطعون عليها تنص على أنه: ” تربط الضريبة على الأرباح الحقيقية الثابتة من واقع الإقرار المقدم من الممول إذا قبلته مصلحة الضرائب .وللمصلحة تصحيح الإقرار وتعديله ، كما يكون لها عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الأرباح بطريق التقدير “ .
وحيث إن المدعيين ينعيان على النص المطعون فيه ، أنه أطلق يد مصلحة الضرائب فى تقدير أرباح صغار الممولين بغير ضوابط أو أسباب عندما ترفض إقراراتهما ، بينما هى ملزمة باثبات ما تدعيه من تقديرات على الممولين الأخرين ممن يلتزمون بإمساك دفاتر ولا يقدمون إقرارات معتمدة من أحد المحاسبين ، وهو مايخل بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين ويناقض مبدأ العدالة الاجتماعية الذى يقوم عليه النظام الضريبى مخالفاً بذلك نصوص المواد 8 ، 38 ، 40 من الدستور .
وحيث إنه لما كانت الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً وبصفة نهائية من المكلفين بها وهى بكل صورها تمثل عبئاً مالياً عليهم ويتعين بالتالى ، وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها – أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها محدداً الشروط الموضوعية ل لاقتضائها نائياً عن التمييز بينها دون مسوغ ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً فى شأن الحقوق عينها ، فلا يحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها . \ولما كانت السلطة التشريعية التى تنظم أوضاع الضريبة العامة بقانون يصدر عنها – على ما تقضى به المادة 119 من الدستور – يكون متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره وبيان مبلغها ، والملتزمين أصلاً بأدائها ، والمسئولين عن توريدها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها وضوابط تقادمها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيانها ،
كما أن الضريبة التى يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون – وعلى ما تدل عليه المادتان 61، 119 من الدستور – هى التى تتوافر لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية ، وتكون العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى ضابطاً لها فى الحدود المنصوص عليها فى المادة 38 من الدستور ، إذ ليس ثمة مصلحة مشروعة ترتجى من وراء إقرار تنظيم ضريبى يتوخى مجرد تنمية موارد الدولة من خلال فرض ضريبة تفتقر إلى تلك القوالب والأسس ، ذلك أن جباية الأموال فى ذاتها لا تعتبر هدفاً يحميه الدستور .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها ، باعتبار أن ذلك يعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة . ويتعين أن يكون ذلك الدين – وهو مايطلق عليه وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها – محققاً ومحدداً على أسس واقعية يكون ممكناً معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه ، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص ، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها ، وباعتباره منسوباً إليه ، ومحمولاً عليه ، وفق الشروط التى يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور ، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها ، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها .
ولا يحول إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة دون أن تباشر هذه المحكمة رقابتها عليه فى شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر تلك الضريبة ؛ وذلك بالنظر إلى خطورة الأثار التى تحدثها ، وتمتد هذه الرقابة إلى الواقعة القانونية التى أنشأتها وقوامها تلك الصلة المنطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها ، والمال المتخذ وعاءَ لها محملاً بعبئها ، وهذه الصلة وهى التى لا تنهض الضريبة بتخلفها تتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغى أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعى محدداً مضمونها وغايتها على ضوء القيم التى احتضنها الدستور.
وحيث إن المشرع فى النص الطعين لم يحقق التوازن المطلوب بين أمرين هما حق الدولة فى استئداء الضريبة المستحقة قانوناً لما تمثله من أهمية بالغة نحو وفاء الدولة بالتزاماتها العامة تجاه الأفراد ، وبين الضمانات الدستورية والقانونية المقررة فى مجال فرض الضرائب على أفراد المجتمع لا سيما من حيث تحديد وعاء الضريبة تحديداً حقيقياً كشرط لعدالتها . ذلك أن المشرع قد منح مصلحة الضرائب سلطة عدم الاعتداد بالإقرار المقدم من الممول غير الملتزم بإمساك دفاتر تجارية واعتماد إقراره من أحد المحاسبين المعتمدين ، واللجوء إلى تحديد أرباحه الخاضعة للضريبة بطريق التقدير الجزافى دون سند لديها من الأوراق أو القرائن، وهو ماقد يؤدى إلى انتفاء تحقق التقدير الحقيقى لوعاء الضريبة المفروضة ، وإمكانية حصول الشطط فى هذا التقدير ليجاوز أرباح الممول الفعليـة ، ويتعداها إلى أصل رأس المال فتدمره سيما والمفروض أن هذا الممول من صغار الممولين أصحاب النشاط التجارى والصناعى ،
فضلاً عن أن ذلك التقدير الجزافى الذى تفرضه المصلحة ، دون أدنى دليل وبغير ضمانات تكون كافلة لتقدير المقدرة التكيفية للممولين تقديراً حقيقياً، يصادم توقع الممولين المشروع ، ويباغت حياتهم عاصفاً بمقدراتهم حاكماً لكذب إقراراتهم فلا يكون مقدار الضريبة الملزمين بأدائها معروفاً لهم قبل استحقاقها ، ولا عبؤها ماثلاً فى أذهانهم عند سابق تعاملاتهم الأمر الذى يؤدى إلى إهدار أسس وقواعد العدالة الاجتماعية على نحو يخالف حكم المادة 38 من الدستور ، هذا فضلاً عن أن النص الطعين – على نحو ما تقدم بيانه – وقد اعتمد أسلوب التقدير الجزافى كوسيلة لربط الضريبة وإعادة تقدير الأرباح بالنسبة لطائفة صغار الممولين من أصحاب النشاط التجارى الغير ملتزمين بإمساك دفاتر منتظمة أو اعتماد إقراراتهم الضريبية من أحد المحاسبين ، يكون قد غاير بذلك ما انتهجه بشأن غيرهم من الممولين لذات الضريبة أو ممولى الضريبة على أرباح المهن غير التجارية ، إذ اعتمد لهؤلاء وأولئك أسلوب التقدير الإدارى فألزم مصلحة الضرائب إذا لم تقبل إقراراتهم أن تثبت مخالفتها وعدم مطابقتها للحقيقة بالأدلة والبراهين ، وأن يكون تقديرها لوعاء الضريبة بناء على مؤشرات الدخل وغيرها من القرائن التى تكشف عن الأرباح الحقيقية للممول وتكاليف مزاولة المهنة والتى يصدر ببيانها قرار من وزير المالية .
وهو بهذه المغايرة غير المبررة وإن قصد تمييزاً لطائفة صغار التجار والصناع بإعفائهم من إمساك دفاتر تجارية منتظمة واعتماد إقراراتهم من أحد المحاسبين المعتمدين إلا أن هذه الميزة أضحت وبالاً عليهم حيث ترتب عليها حرمانهم من المعاملة القانونية الكافلة لمشروعية فرض تلك الضريبة عليهم لضمان تقدير وعائها تقديراً حقيقياً يقوم على ماتنبئ عنه مؤشرات الدخل وغيرها من القرائن والأدلة بما يجعل هذا التمييز تحكمياً ومنهياً عنه لمخالفته نص المادتين 8 ، 40 من الدستور ، يؤكد ذلك عزوف المشرع عن أسلوب التقدير الجزافى عند إصداره لقانون الضرائب على الدخل رقم 91 لسنة 2005 .
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم قبول الدعوى بالنسبة للفقرات 9 ، 10 ، 11 من المادة الأولى ونصوص المواد 27 ، 39 ، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 .
ثانياً : عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم 157 لسنة 1981 فيما تضمنه من أن يكون لمصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الأرباح بطريق التقدير وذلك دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير .
ثالثاً : إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.
اترك تعليقاً