الطعن 979 لسنة 57 ق جلسة 31 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ج 2 ق 300 ص 1473
جلسة 31 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
————
(300)
الطعن رقم 979 لسنة 57 القضائية
(1)دعوى “نظر الدعوى: تقديم المستندات، الدفاع في الدعوى”. محكمة الموضوع. دفوع.
عدم جواز قبول مذكرات أو أوراق من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها. م 168 مرافعات. علة ذلك. عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم في إبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه. حجز المحكمة الدعوى للحكم وتصريحها للخصوم بتقديم مذكرات خلال أجل معين دون أن تحدد لكل منهم ميعاداً يقدم المذكرة خلاله. لكل منهم الحق في تقديمها في أي وقت خلال الأجل المحدد.
(2)تزوير. دعوى “المصلحة في الدعوى” “الدفاع في الدعوى”. دفوع.
قاعدة عدم جواز الحكم بصحة الورقة أو تزويرها وفي الموضوع معاً. م 44 إثبات. مقررة لمصلحة الخصم مبدي الدفع بالتزوير. علة ذلك. ليس للخصم الآخر المتمسك بالورقة المطعون عليها التمسك بها.
(5 – 3) عقد “تفسير العقد”. محكمة الموضوع. حكم “تسبيبه” “تسبيب كاف”. إثبات.
(3) محكمة الموضوع. سلطتها في تفسير المستندات وصيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين.
(4)محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة. حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وإقامة قضاءها على ما يكفي لحمله. عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم والرد عليها استقلالاً.
(5) محكمة الموضوع. استخلاصها الحقيقة الواقعة في الدعوى استخلاصاً سائغاً. عدم التزامها بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً.
(6) استئناف “أحوال عدم جواز الاستئناف”: قبول الحكم” “الاستئناف الفرعي”. حكم. “الطعن في الحكم”.
حق المستأنف عليه في رفع استئناف فرعي ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف. قصر حالة القبول على تلك التي تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي. طلب المستأنف عليه – ولو في صحيفة تعجيل الاستئناف بعد نقض الحكم أو في صحيفة تعجيله من الانقطاع بعد وفاة أحد الخصوم – تأييد الحكم المستأنف. يعتبر قبولاً منه لذلك الحكم بعد دفع الاستئناف الأصلي. منعه إياه من إقامة استئناف فرعي.
(7)حكم “عيوب التدليل” “التناقض”.
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته.
(8، 9) نقض “أثر نقض الحكم”. استئناف “نطاق الاستئناف” “سلطة محكمة الاستئناف” “أثر نقض الحكم والإحالة”.
(8)نقض الحكم. أثره. وجوب التزام محكمة الإحالة بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض. م 269/ 2 مرافعات. المقصود بالمسألة القانونية. ما طرح على محكمة النقض وأدلت برأيها فيه فاكتسب حجية الأمر المقضي. امتناع محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى عن المساس بهذه الحجية. لها بناء حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى.
(9) نقض الحكم لقصور في التسبيب ولو تطرق لبيان أوجه القصور. لا يتضمن حسماً لمسألة قانونية تلتزم محكمة الإحالة بإتباعها.
———-
1 – إن ما ترمي إليه المادة 168 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه.
2 – لئن كان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – تطبيقاً للمادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع عند قضائها بعدم قبول الطعن بالتزوير أن تقضي في موضوع الدعوى، بل يجب عليها أن تجعل حكمها مقصوراً على الطعن بالتزوير إلا أن تقرير هذه القاعدة مستهدف به إتاحة الفرصة لمبدي هذا الدفع من إبداء ما قد يعن له من أوجه دفاع أو دفوع أخرى في الدعوى فيكون هو صاحب المصلحة في تعييب الحكم إذ خالفها للإخلال بحقه في الدفاع دون الخصم الآخر المتمسك بالورقة المطعون عليها.
3 – المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات وصيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحتمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع.
4 – لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير قيمة كل ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات قانوناً وحسبها أن تتبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
5 – متى كانت محكمة الموضوع قد أقامت الحقيقة الواقعة التي استخلصتها على ما يقيمها فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
6 – لئن أجاز المشرع بالفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً فرعياً في مواجهة المستأنف ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف، فقد قصر حالة القبول على تلك التي تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي، لأن علة جواز الاستئناف الفرعي هي أن المستأنف عليه ما فوت على نفسه ميعاد الطعن أو قبل الحكم إلا لاعتقاده برضاء خصمه بالحكم، هذه العلة تنتفي إذا ما قبل المستأنف عليه الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي ويعتبر طلب المستأنف عليه بتأييد الحكم المستأنف قبولاً منه لذلك الحكم مانعاً إياه من إقامة استئناف فرعي بطلب تعديل الحكم المستأنف.
7 – المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه.
8 – لئن كانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات قد نصت في عجزها على أنه “يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة……” إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبنى حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها.
9 – نقض الحكم لقصور في التسبيب – أياً كان وجه هذا القصور – لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن “تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة” بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم أولاً أقام الدعوى رقم 81 لسنة 1974 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن الأول – رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية لبناء المساكن لأعضاء هيئة التدريس وموظفي هيئات الأزهر – والمطعون ضده الثاني – رئيس مجلس إدارة شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير – بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 6/ 1966 المتضمن بيع الطاعن الأول له قطعة الأرض الفضاء المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والبالغ مساحتها 654.50 متراً مربعاً لقاء ثمن مقداره 400 مليم و2094 جنيه والتسليم وقال بياناً لذلك إن المطعون ضده الثاني خصص لمورث المطعون ضدهم الخمسة الأولين أرضاً فضاء مقسمة بالمنطقة الثامنة بمدينة نصر وقد قبل الطاعن الأول عضويته في الجمعية وحصل منه قيمة اشتراكه بالإيصال المؤرخ 2/ 6/ 1966 وفي ذات الوقت باع له قطعة الأرض موضوع التداعي وقبض منه مبلغ مائة جنيه مقدم ثمنها بموجب الإيصال المؤرخ 1/ 1/ 1970 ثم أرسل له خطاباً آخر لكي يسدد باقي الثمن إلى المطعون ضده الثاني فبادر إلى سداده بالإيصال المؤرخ 7/ 6/ 1971 ولامتناع الطاعن الأول والمطعون ضده الثاني عن تسليمه الأرض المبيعة وإنجاز العقد فقد أقام الدعوى، بتاريخ 2/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان لعدم سداد كامل الثمن، استأنف مورث المطعون ضدهم أولاً هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2782 لسنة 91 ق وعرض باقي الثمن على الطاعن الأول وإذ رفض قبوله أودعه خزانة المحكمة، تدخل الطاعن الثاني خصماً منضماً إلى الطاعن الأول في طلباته على سند أنه عضو بالجمعية وخصصت له قطعة الأرض موضوع التداعي، وبتاريخ 27/ 1/ 1976 حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعن الثاني خصماً منضماً إلى الطاعن الأول وبإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 6/ 1966 المتضمن بيع الطاعن الأول والمطعون ضده الثاني لمورث المطعون ضدهم أولاً قطعة الأرض المبينة المساحة والحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والمسجلة برقم 6950 في 31/ 10/ 1974 شهر عقاري القاهرة لقاء ثمن مقداره 400 مليم و2094 جنيه والتسليم، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 279 لسنة 46 ق وبتاريخ 27/ 1/ 1981 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، عجل الطاعنان الاستئناف أمام تلك المحكمة وطلبا الحكم برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 3/ 3/ 1982 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورث المطعون ضدهم أولاً، فعجل الطاعنان الاستئناف ضد ورثته وطلبا أيضاً الحكم برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 21/ 4/ 1983 أقام الطاعنان استئنافاً فرعياً بمذكرة وطلبا تعديل الحكم المستأنف إلى القضاء برفض الدعوى قيد برقم 3440 لسنة 100 ق القاهرة، قدم الطاعن الأول النظام الداخلي للجمعية فطعن عليه المطعون ضدهم أولاً بالتزوير في خصوص عبارة “العاملين بهيئات الأزهر” المضافة بخط اليد وبتاريخ 11/ 2/ 1987 حكمت المحكمة أولاً بعدم قبول الاستئناف الفرعي وبعدم قبول الادعاء بالتزوير وبإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 6/ 1966 موضوع الدعوى والتسليم، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والبطلان وفي بيان ذلك يقولان إن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 6/ 12/ 1986 حجز الدعوى للحكم وصرحت بتقديم مذكرات في خلال شهر فيكون آخر ميعاد لتقديم المطعون ضدهم أولاً مذكرتهم هو يوم 22/ 12/ 1986 إلا أنهم قدموها في 6/ 1/ 1987 متجاوزين بذلك الميعاد الذي حددته المحكمة مما كان يتعين عليها استبعادها وعدم الاعتداد بما جاء بها وإذ قبلت المحكمة تلك المذكرة واعتدت بها فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن ما ترمى إليه المادة 168 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن محكمة الاستئناف حجزت الدعوى للحكم بتاريخ 6/ 12/ 1986 وحددت للنطق به جلسة 11/ 2/ 1987 وصرحت للخصوم بتقديم مذكرات في خلال شهر ولم تحدد لكل منهما ميعاداً ليقدم المذكرة خلاله فيكون له الحق في تقديمها في أي وقت خلال الأجل المحدد، وكان الطاعنان قدما مذكرة سلمت صورتها لوكيل المطعون ضدهما أولاً كما أودع الأخيرين مذكرة معلنة للطاعنين في 5/ 1/ 1987 في خلال الأجل الذي حددته المحكمة فإن الغاية التي استهدفها المشرع بالمادة 168 من قانون المرافعات تكون قد تحققت ولا تثريب على المحكمة إن هي قبلت هذه المذكرة ويضحي النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه قضى في الإدعاء بالتزوير وفي الموضوع معاً بحكم واحد مخالفاً بذلك القاعدة المقررة بالمادة 44 من قانون الإثبات بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأنه وإن كان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – تطبيقاً للمادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع عند قضائها بعدم قبول الطعن بالتزوير أن تقضي في موضوع الدعوى، بل يجب عليها أن تجعل حكمها مقصوراً على الطعن بالتزوير إلا أن تقرير هذه القاعدة مستهدف به إتاحة الفرصة لمبدي هذا الدفع من إبداء ما قد يعن له من أوجه دفاع أو دفوع أخرى في الدعوى فيكون هو صاحب المصلحة في تعييب الحكم إذ خالفها للإخلال بحقه في الدفاع دون الخصم الآخر المتمسك بالورقة المطعون عليها وإذ كان الثابت من واقع الدعوى أن المطعون ضدهم هم الذين أبدوا الدفع بتزوير النظام الداخلي للجمعية الذي تمسك به الطاعنان فإن هذين الأخيرين تنتفي مصلحتهما ولا يكون لهما شأن في إثارة نعى على الحكم المطعون فيه بإخلاله بحق الدفاع خصمه فيما قضى به من عدم قبول الطعن بالتزوير وفي موضوع الدعوى معاً.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام المحكمة بأن التعديل الذي أدخل على نظام الجمعية باستبدال عبارة “العاملين بهيئات الأزهر” بلفظ “المواطنين” تم بإجماع المؤسسين، واكتساب الشخص للعضوية لا يكون إلا بإجراءات نص عليها نظام الجمعية وهي غير متوافرة في حق مورث المطعون ضدهم أولاً كما أن توزيع الأراضي على الأعضاء يكون حسب ترتيب اشتراكهم في سجل قيدهم ولا يكون ذلك إلا بموافقة مجلس إدارة الجمعية أو رئيسها الذي يعتد في هذا الصدد بالإيجاب الصادر منه لصحة عقد البيع، كما حدد نظام الجمعية اختصاص أمين الصندوق ولم يخول له الحق في إعطاء خطابات للأعضاء بتخصيص قطع أراضي لهم، ولما كان مورث المطعون ضدهم أولاً ليس من بين أعضاء هيئة تدريس وموظفي الأزهر فلا يكون عضواً بالجمعية، ولا يعتد في هذا الصدد بالمستندات التي قدمها وجميعها صادرة من أمين صندوق الجمعية وهي غير ملزمة للجمعية لصدورها من شخص لا صفة له في إصدارها وتمت بالتواطؤ فيما بينهما ومن أجل ذلك تم عزله وإبلاغ النيابة ضده، غير أن الحكم المطعون فيه اعتد بعضويته وأورد تبريراً لذلك أن نظام الجمعية لا يرتب البطلان على مخالفة شروط العضوية ورتب على ذلك الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى لاستيفائه أركانه القانونية بحسبانه من العقود الرضائية في حين أن نظام الجمعية اشترط تحرير العقد كتابة بين الجمعية وبين العضو بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات وصيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحتمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع، وأن لها سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير قيمة كل ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات قانوناً وحسبها أن تتبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف – في حدود سلطتها التقديرية – استخلصت من الأوراق المقدمة في الدعوى أن الجمعية وافقت على التحاق مورث المطعون ضدهم أولاً عضواً بالجمعية وأنها وافقت على تخصيص قطعة الأرض موضوع التداعي له وأقامت قضاءها على أن “….. يبين من الاطلاع على كتاب الجمعية المستأنف ضدها المرسل لشركة مدينة نصر المقدم من الشركة المؤرخ 3/ 4/ 1968 الموقع من رئيس الجمعية والكشف الملحق به المؤرخ بذات التاريخ أن الجمعية المذكورة تقر بعضوية مورث المستأنفين بها وإتمام حجز القطعة رقم 9 بلوك 25 بالمنطقة الثامنة وذلك باعتباره عضواً بالجمعية المستأنف ضدها وكذلك خطاب رئيس الجمعية المؤرخ 1/ 1/ 1970 الموجه إلى مورث المستأنفين بمطالبته بسداد باقي عشر الثمن المستحق على قطعة الأرض المخصصة له بالمنطقة الثامنة بمدينة نصر ومصاريف التسجيل المقدم للشهر العقاري المرفق صورته بحافظة مستندات المستأنفين، كذلك إيصال شركة مدينة نصر باستلام المبلغ المستحق على مورث المستأنفين سداداً لباقي عشر الثمن، ولما كان النظام الأساسي للجمعية المستأنف ضدها لا يرتب البطلان على مخالفة شروط العضوية، ويحظر على الغير أن يكون عضواً بها، ومن ثم يكون الإدعاء بالتزوير غير منتج في النزاع… وحيث إنه لما كان عقد البيع من العقود الرضائية التي لا يلزم إفراغها في شكل خاص ويكفي في شأنها التقاء الإيجاب والقبول على التعاقد وتحديد المبيع والثمن وكانت الجمعية المستأنف ضدها قد خصصت لمورث المستأنفين قطعة الأرض المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى وقد وافقت الجهة المالكة للأرض وهي الشركة المستأنف ضدها الثانية وقد تحدد الثمن بموجب الخطاب الموجه من الجمعية المذكورة إلى مورث المستأنفين بسعر المتر 200 مليم و3 جنيه ومن ثم يكون عقد البيع موضوع الدعوى قد استوفى أركانه القانونية من إيجاب وقبول….. ويكون العقد قد انعقد صحيحاً….” وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه وتؤدي إليه عبارات المستندات المقدمة بملف الدعوى ولا تخرج عن المعنى الذي تحتمله، فإن ما ينعاه الطاعنان بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحي النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم لم يعرض للقرار الصادر بتاريخ 25/ 3/ 1974 من مجلس إدارة الجمعية بتخصيص قطعة الأرض موضوع التداعي إلى الطاعن الثاني وهو الإيجاب الصحيح الصادر من ذي صفة الذي ينعقد به البيع ولم توازن المحكمة بين هذا التصرف وبين تصرف أمين صندوق الجمعية السابق بتخصيص قطعة الأرض إلى مورث المطعون ضدهم أولاً وهو لا صفة له في إصداره وإذ التفت الحكم عن هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأنه متى كانت المحكمة قد أقامت الحقيقة الواقعة التي استخلصتها على ما يقيمها فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت صحيحاً من الأوراق المقدمة بملف الدعوى أن مورث المطعون ضدهم كان عضواً بالجمعية وأنها خصصت له قطعة الأرض موضوع التداعي، وأقامت قضاءها في هذا الصدد على أسباب سائغة تكفي لحمله – على ما سلف في الرد على السبب السابق من أسباب النعي – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من قصور لإغفاله الرد على بعض أوجه دفاعهما يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى بعدم قبول الاستئناف الفرعي المرفوع منهما استناداً إلى أنهما قبلا الحكم المستأنف قبل رفعه، المستفاد من طلبهما الحكم برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف في صحيفة تعجيل الاستئناف بعد نقض الحكم وفي صحيفة تعجيله من الانقطاع بعد وفاة مورث المطعون ضدهم أولاً، ولما كان الطاعنان لا يستطيعان تعديل طلباتهما في صحيفة التعجيل وهو عمل إداري لا يثبت به حق أو ينفيه ومن ثم فإن استدلال الحكم المطعون فيه على قبولهما الحكم المستأنف بما لا يجوز لهما رفع استئناف فرعي يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن أجاز الشارع بالفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً فرعياً في مواجهة المستأنف ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف، فقد قصر حالة القبول على تلك التي تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي، لأن علة جواز الاستئناف الفرعي هي أن المستأنف عليه ما فوت على نفسه ميعاد الطعن أو قبل الحكم إلا لاعتقاده برضاء خصمه بالحكم، هذه العلة تنتفي إذا ما قبل المستأنف عليه الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي ويعتبر طلب المستأنف عليه بتأييد الحكم المستأنف قبولاً منه لذلك الحكم مانعاً إياه من إقامة استئناف فرعي بطلب تعديل الحكم المستأنف، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قبلا الحكم المستأنف بعد رفع الاستئناف الأصلي إذ طلبا في صحيفة تعجيل الاستئناف الأصلي بعد نقض الحكم ثم في صحيفة تعجيله من الانقطاع بعد وفاة مورث المطعون ضدهم أولاً رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من ذلك أنهما قبلا الحكم المستأنف بما لا يجوز لهما رفع استئناف فرعي فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحي النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم إذ قضى بعدم قبول الاستئناف الفرعي فإنه يكون قد قضى ضمناً بصحة نظام الجمعية بما لحقه من إضافة بقصر العضوية على العاملين بالأزهر، إلا أن الحكم المطعون فيه عاد وأورد في موضع آخر بأحقية مورث المطعون ضدهم أولاً في عضوية الجمعية بما يعيب الحكم بالتناقض فضلاً عن مخالفته قضاء محكمة النقض السابق الذي انتهى إلى عدم صحة عضوية مورث المطعون ضدهم أولاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه، ولما كان ذلك وكان قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعنين لا يتضمن قضاءً ضمنياً بصحة النظام الأساسي للجمعية، وهو ما لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من صحة ونفاذ عقد البيع موضوع التداعي باعتبار أن مورث المطعون ضدهم أولاً عضواً بالجمعية هذا ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات قد نصت في عجزها على أنه “يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة…..” إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة…. – أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأولت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبنى حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها وكان نقض الحكم لقصور في التسبيب – أياً كان وجه هذا القصور – لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن “تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة” بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوض، لما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوراً في التسبيب لإغفاله الرد على دفاع الطاعن الثاني من أن مورث المطعون ضدهم الأولين ليس عضواً بالجمعية التي تقصر عضويتها على العاملين بالأزهر طبقاً للنظام الداخلي للجمعية ولم يصدر قرار من مجلس الإدارة بتخصيص قطعة الأرض له ولا عبرة بالتصرف الصادر من أمين صندوق الجمعية السابق ولالتفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن المذكور رغم ما لها من دلائل، وكان هذا الذي أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلاً في مسألة قانونية اكتسبت قوة الأمر المقضي بحيث تحول بين محكمة الإحالة وبين معاودة النظر في دفاع الطاعن الثاني ومستنداته أو تحول بينها وبين الرد على هذا الدفاع بما يكفي لحمله، أو تحول بينها وبين دحض دلالة هذه المستندات بدلالة أقوى بل لا تحول بينها وبين أن تبنى حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى وهي في ذلك لا يقيدها إلا التزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات، وإذ استكمل الحكم المطعون فيه القصور الذي شاب الحكم المنقوض وأقام قضاءه على أسباب سائغة وكافية لحمله على النحو السالف بيانه في الرد على أسباب الطعن وأحاط بتقريرات الحكم الناقض والتزم به وأتبع مفهومه في سداد يتفق وصحيح الواقع والقانون ومن ثم يضحي النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً