عرض قانوني لدور النيابة العامة في قضايا الاسرة وفقا للتشريع الجزائري
خلافا للدور الأصيل للنيابة العامة في تحريك ومباشرة الدعوى العمومية أمام الفضاء الجزائي، فقد منح المشرع الجزائري للنيابة العامة حق التدخل في الدعاوى المدنية بهدف حماية النظام العام، ويتم هذا التدخل إما بصفتها خصم في الدعوى كمدعية أو مدعى عليها، وهو ما نصت عليه المادة 256 من قانون الاجراءات المدنية والادارية، أو بصفتها متدخلة في خصومة قائمة من أجل إبداء الرأي بما يحقق سلامة تطبيق القانون فتكون طرفا منضما حسب ما نصت عليه المادة 259 من نفس القانون. ولقد نصت المادة 260 من قانون الإجراءات المدنية والادارية على سبيل الحصر القضايا التي يجب اطلاع وابلاغ النيابة العامة بشأنها 10 عشرة أيام قبل الجلسة من أجل ابداء رأيها الكتابي حول تطبيق القانون، كما مكنت المادة للنيابة سلطة التدخل التلقائي في القضايا التي تقدر بأنها متعلقة بالنظام العام، كما منحت ايضا للقاضي امكانية طلب تدخل النبابة العامة لذات الغرض في أية قضية أخرى. الفقرة الاخيرة من المادة 260 من ق.إ.م.إ.
وعليه فإن تدخل النيابة العامة في كلا الحالتين بغرض تقديم الرأي بما يتوافق والتطبيق السليم للقانون دون أن تستهدف مصلحة أحد الخصمين، فهي تعمل بهذه الصفة كمستشار فني للقاضي دون أن يكون رأيها ملزما له. ولكن بالمقابل يكون القاضي ملزما بتمكين النيابة من الاطلاع على ملف القضية متى كان تدخلها وجوبيا وإلا تعرض حكمه للبطلان.
وبالرجوع إلى أحكام قانون الأسرة الجزائري، الذي تم تعديله بالأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27/02/2005 نجده قد نص على إجراء إلزامي جديد يخص قضايا الأحوال الشخصية، وهو وجوب أن تكون النيابة العامة طرفا أصليا في جميع تلك القضايا، فجاءت صياغة المادة 3 مكرر من قانون الأسرة على النحو التالي: ” تعد النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذا القانون”.
إن التطبيق العملي لهذا النص واجه اختلاف وتناقض كبير خاصة في كيفية تبليغ النيابة العامة من طرف الخصوم وكذا من خلال تحديد طبيعة دور النيابة العامة في بعض المسائل والقضايا التي ليس لها ارتباط بفكرة النظام العام. ومن هنا يمكن طرح التساؤل التالي: ما الهدف الذي أراده المشرع من جعل النيابة العامة طرفا أصليا في قضايا الأسرة بالرغم من أنها ليست كلها متعلقة بالنظام العام؟ ألا يمكن اعتبار تدخل النيابة العامة في هذه القضايا كطرف أصلي أصبح يشكل عبئا على المتقاضي من حيث نفقات التبليغ؟. وهل فعلا النيابة تعمل كطرف أصلي في مثل تلك القضايا ولكن ضد من تكون خصما؟.
قبل التطرق للإجابة عن هذه التساؤلات، ينبغي التطرق إلى الأساس التاريخي لفكرة حماية النظام العام من طرف النيابة العامة.
أولا : الأساس التاريخي لفكرة حماية النظام العام من طرف النيابة العامة.
يرجع الأصل التاريخي لفكرة حماية النظام العام والآداب من طرف النيابة العامة إلى نظام دعاوى الحسبة المعروف في الشريعة الإسلامية، لذلك سنتطرق بإيجاز إلى تعريف دعاوى الحسبة والهدف من رفعها، ثم نتطرق إلى تطورها في العهد الروماني وفي الشريعة الإسلامية وموقف المشرع الجزائري من دعاوى الحسبة.
1- تعريف دعاوى الحسبة
يقصد بالحسبة لغة حسن الحسبة أي يحسن التدبير، وقد تكون تعني الإنكار مثل احتسبت عليه أي أنكر عليه وقد تأتي بمعنى الكفاية. أما المقصود بها اصطلاحا فهي الأمر بالمعروف إذا ظهر تركه والنهي عن منكر إذا ظهر فعله( ).
2- الهدف من رفع دعاوى الحسبة:
الأصل أن ترفع دعوى الحسبة بقصد المراقبة الجماعية وذلك من أي فرد عن أي حق من حقوق الله أو كان حق الله فيه غالبا.
و إذا كانت الدعوى تشمل على حق من حقوق الأفراد، لاسيما إذا كان القصد منها إزالة منكر قائم، كدعوى التفريق بين زوجين يكون زواجهما باطلا أو فاسدا، بحيث لا يعتد بحال من الأحوال برضا ذوو الشأن أو بسكوتهما من جهة، كما لا يعتد بأن يكون لمن رفع دعوى الحسبة شأن فيها, حتى و لو انتفى له شرط المصلحة الشخصية في الدعوى، وفقا لأحكام المادة 03 من قانون المرافعات المصري من جهة ثانية( ).
وقد يكون القصد من دعوى الحسبة حماية الصغير أو ناقص الأهلية أوعديمها، كطلب الحجر على شخص وطلب تعيين قيم، بحيث يجب في كل حالة الدفاع عن النظام العام.
والمدعي في الحسبة القائم بالخصومة يعد في ذات الوقت شاهدا، لهذا يطلق عليه “شاهد الحسبة”. ومن جهة ثانية فإن رافع دعوى الحسبة لا يعد خصما في المفهوم الإجرائي إذ ينتهي دوره بمجرد رفعها، لتتولى النيابة العامة دور الخصوم فيها لحماية المصلحة العامة، وللقاضي النظـر في الدعوى إصدار حكمه فيها. وإذا ما رفعت الدعوى فإنه لا يكنه التنازل عنها أو تركها، وعلى فرض تنازل عن الدعوى فان للقاضي السلطة التقديرية في تحديد المقصود منها حتى ولو لم يحضر رافعها. ولو لم يتدخل عضو النيابة العامة بحكم ولايته العامة، واعتباره نائبا عن الله بمجرد رفع الدعوى فيعد هنا محتسبا، ويعتبر مركز النيابة العامة في دعوى الحسبة طرف أصلي باعتبارها الجهة الأمنية التي تحمي المصلحة العامة.
3- تطور دعاوى الحسبة
*في العهد الروماني:
ظهرت دعاوى الحسبة في أول الأمر في العهد الروماني وكانت تسمى بالدعوى الشعبية “l’action populaire”. ولقد كان الفرد هو الذي يقوم برفع الدعوى إلى المحاكم عن طريق شكوى، وذلك إذا وجد أن هناك فعلا يمس بمصلحة أو كيان الدولة.
أما عن الجزاء أو العقوبة التي كانت تفرض على الشخص الذي تثبت إدانته, فلقد كانت مجرد غرامة مالية دون أن تتعدى أو تصل إلى السجن.
*في الشريعة الإسلامية
لقد بلغت دعاوى الحسبة أوج تطورها في الشريعة الإسلامية فلقد كانت تقوم أمام المحاكم الشرعية، وأساس هذه الدعوى هي قوله تعالى:﴿ ولتكـن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ﴾ سورة آل عمران الآية 104.
و قوله:﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ﴾ سورة الأعراف الآية 199. وعن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.” أخرجه الإمام مسلم.
والحسبة فرض كفاية وهي تؤدى إما بتقديم شكوى إلى المحتسب أو إلى المظالم وإما برفع دعوى إلى القاضي أو بالشهادة أمامه في دعوى قائمة( ).
والحقوق التي تتعلق بها الحسبة عديدة إلا أن الضابط فيها هو الشرع، فكل ما نهت عنه الشريعة يكون محضورا وجب على المحتسب إزالته والمنع عن فعله، وما أباحته الشريعة أقر وابقي على ما هو عليه. والأمر بالمعروف منه :
– ما يتعلق بحق من حقوق الله تعالى كالإشراف على إقامة العبادات وتأدية الشعائر.
– ومنه ما يتعلق بحق من حقوق العباد العامة والخاصة، كالإشراف على دور المرافق العامة ومنع الظلم أو المماطلة بين الناس كأن يحث المدين علـى السـداد والدائـن على حسـن الطلب.
– ومنه ما يعد خالصا للعباد فيمنع المحتسب أكل أموال الناس بالباطل، وكل ما يعد غشا أو تدليسا.
– ومنه ما يكون مشتركا بين الله والعباد كمنع التعرض لأهل الذمة أو كبار السن، كذلك هناك الأشياء التي تقبل عليها شهادة الحسبة مثل: شهادة الحسبة لإثبات طلاق المرأة الحرة والأمة طلاقا بائنا، فلو كان رجعيا ترفض الشهادة، لأن الزوج يمكنه مراجعة زوجته. كذلك تقبل شهادة الحسبة على الرضاع وعلى جرح الشاهد( ).
* موقف المشرع الجزائري من دعاوى الحسبة
لم يعرف النظام القضائي الجزائري دعاوى الحسبة، وذلك لأنهمـا في علاقة طرديـة أو علاقة تضاد مع دور النيابة العامة، فلا يمكن الجمع بينهما فحيث توجد النيابة العامة لا نجد دعوى الحسبة وحيث توجد دعوى الحسبة لا نجد النيابة العامة.
وهذا راجع إلى أن دعوى الحسبة، وكما سبق ذكره، يمكن لأي شخص أن يرفعها بالرغم من انه لا يعد خصما في الدعوى, أما الآن وفي الوقت الحالي فان النيابة العامة هي التي تقوم بهذا الدور.
ثانيا : دور النيابة العامة وفق القانون رقم 84/11
لقد أعطى المشرع الجزائري للنيابة العامة من خلال القانون رقم 84/11 دورا أصيلا في ثلاث حالات سندرسها إتباعا كما يلي: تعيين مقدم، الحجر، المفقود والغائب، وقبل هذا يجب أن نبين أن القانون المصري رقم 126 سنة 1951 وفي نص المادة 969 منه جعل القاعدة في خصوص الطلبات المتعلقة بالولاية أو الوصاية أو القوامة، أنها مـواد مـن الحسبـة التي جعلها الشارع مرتبطة بمصلحة المجتمع.
وبالتالي فالنيابة العامة هي التي تتولى مصالح عديمي الأهلية فهي تمثلهم أمام القضاء. أما غيرها من الخصوم فإنهم ينضمون إليها تحقيقا للمصلحة العامة التي تهيمن عليها النيابة العامة وحدها، وحيث أنه متى كانت النيابة العامة ممثلة في الدعوى فان القضاء بشطبها لعدم حضور المدعي وهذا يكون مخالفا للقانون.
1 – تعيين مقدم
تنص المادة 99 من قانون الأسرة على أنه : “المقدم هو من تعينه المحكمة في حالة عدم وجـود ولـي أو وصي على من كان فاقد الأهلية أو ناقصها بناء على طلـب أحـد أقاربه، أو ممن له مصلحة أو من النيابة العامة.”( )
ونستخلص من هذه المادة أن:
– المحكمة هي المختصة بتعيين المقدم، وذلك لكل من لم يبلغ سن الرشد أو كان عديم الأهلية وليس له ولي يقوم بتولي شؤونه أو وصي.
– ويكون هذا التعيين بناء على طلب أحد من أقارب القاصر أو ممن له مصلحة أو من طرف النيابة العامة، وإذا وجه إليها مباشرة فهي تبدي فيه ملاحظاتها كتابة في ميعاد يحدد لذلك، بعد أن ترفق به ما قد أجرته من تحقيق في خصوص هذا الطلب.
حسب نص المادة 100 من قانون الأسرة فان المقدم يقوم بنفـس المهام الموكلة للوصي و يقوم مقامه, ويخضع لنفس الأحكام التي تسري عليه.
وهو ما نصت عليه المادة 92 من قانون الأسرة: “يجوز للأب أو الجد تعيين وصي للولد القاصر، إذا لم تكن له أم تتولى أموره أو تثبت عدم أهليتها لذلك بالطرق القانونية وإذا تعدد الأوصياء, فللقاضي اختيار الأصلح منهم مع مراعاة أحكام المادة 86 من هذا القانون.”
ويفهم من نص هذه المادة أن المشرع أعطى الخيار لكـل من الأب أو الجد في تعيين وصي للولد القاصر الذي لم تكن له أم تدير أموره، أو إذا ثبت عدم أهليتها لتولي شؤونه بالطرق القانونية، وتثبت عدم قدرتها وأهليتها لذلك بأدلة الإثبات وفقا للقانون، وذلك مع جواز سلطة القاضي في اختيار الوصي الصالح المناسب لتولي شؤون القاصر بسبب نقص إرادته وعدم علمه بشؤونه, وهذا عندما يكون تعدد في الأوصياء، مع مراعـاة الأحكام الخاصة في هذا الصدد.
ثم جاء نص المادة 93 من قانون الأسرة ليبين الشروط الواجب توافرها في الوصي القائم على شؤون القاصر وعديم الأهلية ومن بينها ما يلي:
– الإسلام: أن يكون الوصي والموصى له من نفس الدين وهو الإسلام، وهو شرط ضروري لتسيير مال القاصر وشؤونه وفقا للشريعة الإسلامية والقانون المتعارف عليه.
– وأن يكون كامل الأهلية للتصرف أي بالغا، عاقلا، حرا وأمينا غير سفيه يخشى على مال القاصر منه.
ونص المادة 94 من نفس القانون يشترط وجوب عرض طلب الوصاية على القاضي بمجرد وفاة الأب كما أن له السلطة التقديرية الكاملة في قبوله أو رفضه، فهو شرط لازم فمن أراد التقدم أو القيام بالوصاية فعليه اللجوء إلى المحكمة.
وتنص المادة 98 من نفس القانون: “يكون الوصي مسؤولا عما يلحق أموال القاصر من ضرر بسبب تقصيره.”
فحرصا من المشرع على أموال القاصر فلقد شد على تصرفات الوصي بأن تكون بمعيار حرص الرجل على أمواله فيراعي في إدارتها مصلحته ويكون مسؤولا عن تصرفاته وفقا لأحكام القانون العام، كما عليه أن يطلب إذن القاضي في التصرفات الآتية نظرا لخطورتها فهي تقضي مزيدا من الضمانات وهي: بيع العقار أو قسمته ورهنه وإجراء المصالحة. بيع المنقولات ذات الأهمية الخاصة أي تلك التي لها قيمة مالية يعتد بها كاستثمار أموال القاصر بالإقراض أو الاقتراض أو المساهمة في شركة، التجارة بعقار القاصر لمدة تزيد على 3 سنوات أو تمتد لأكثر من سنة بعد بلوغه سن الرشد.
وعليه، فان لم يطلب إذن المحكمة في هذه التصرفات تعتبر تصرفاته باطلة ومنافية للقانون، أو تعد كأن لم تكن.
و تنص المادة 89 على ضرورة التزام القاضي في الإذن مراعاة حالتين :
1- حالة الضرورة مثلا: خوفا من تلفها أو ضياعها. والمصلحة كتفويـت فرصة الربح و زيادة المال.
2- أن يتم بيع العقار بالمزاد العلني تحقيقا لمصلحة الموصى له ورعايتها.
وتأتي المادة 90 لتبين انه في حالة تعارض المصالح بين الوصي والقاصر، فللقاضي أن يعين متصرفا خاص على هذه المصالح لأن له الصلاحية في ذلك بناءا على تقديـم طلب ممن له مصلحة.
أما المادة 96 فإنها تحدد كيفية إنهاء مهام الوصي وحالاتها.
2 – الحجر
تنص المادة 102: “يكون الحجر بناءا على طلب احد الأقارب أو ممن له مصلحة أو من النيابة العامة.”( )
و الحجر حسب نص المادة 101 من نفس القانون هو من بلغ سن الرشد و هو مجنون أو معتوه أو سفيه أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليه.
و من المبادئ التي قررتها محكمة النقض في مواد الحجر هي
1- السفه والغفلة : بوجه عام يشتركان في معنى واحد هو ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس، إلا أن الصفة المميزة للسفه هي أنها تعتري الإنسان فتحمله على تبذير المال وإنفاقه على خلاف مقتضى العقل والشرع.
أما الغفلة فهي تعتبر صورة من صور ضعف الملكات النفسيـة ترد على حسن الإدارة والتقديـر وهـي لا تخل بالعقل من الناحية الطبيعية وإنما تقوم على فساد التدبير وسوء الإدارة والتقدير.
2- الجنون: هو من أصيب باختلال في العقل يفقده الإدراك تماما، وتكون حالته حالة اضطراب. حكمه أن تصرفاته القولية، تكون باطلة بطلانا كليا، فلا تصح له عبارة أصلا ولا يبنى عليها أي حكم من الأحكام.
• دعوى الحجر:
هي دعوى المنع من التصرفات، فإذا ثبت بإقرار طالب الحجر أو من تحقيقات النيابة العامة أثناء بحث طلب الحجر أنه قد تصرف في جميع ما يملكه قبل توقيع الحجر، أصبح طلب الحجر غير ذات الموضوع وولي حفظه, وعلى صاحب المصلحة أن يلجا إلى القضاء المدني بدعوى بطلان تصرف المطلوب الحجر عليه، إذا توافرت شروط البطلان المقررة في القانون المدني، وفي حالة ما إذا جاء الحكم في دعوى حجر دون إبداء النيابة العامة لرأيها فيه فإن الحكم يكون باطلا, و ذلك لبطلان الإجراءات التي بني عليها( ).
تنص المادة 103: “يجب أن يكون الحجر بحكم و للقاضي أن يستعين بأهل الخبرة في إثبات أسباب الحجر.”( )
ومن نص هذه المادة يفهم أن الحجر يثبت بحكم من القاضي، وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة كالأطباء المختصين في الأمراض العقلية والنفسية, الشهادات الطبية, المهم أن يتوافر الدليل على قيام سبب الحجر قبل الحكم.
ومن قضاء المحاكم المصرية، فقد تم الحكم في موضوع طب الحجر ورفض ما طلبت النيابة العامة بشأن مرض المطلوب الحجر عليها في الكشف الطبي حيث أن النيابة العامة طلبت ندب مدير مستشفى الأمراض العقلية لتوقيع الكشف الطبي على المطلوب الحجر عليها لبيان حالتها العقلية, كما طلبت الحكم برفض طلب إصدار الأمر بالتحفظ على السائل بمنزل المطلوب الحجر عليها، وذلك بغرض أن الشارع قرر وجوب تدخل النيابة وإبداء الرأي في قضية الحجر يكون قد تحقق وبالتالي فان القول بأن النيابة لم تبـد رأيها في الموضوع على غير أساس( ) .
3 – المفقود والغائب
تنص المادة 114 من قانون الأسرة: “يصدر الحكم بفقدان أو موت المفقود بناء على طلب أحد الورثة أو من له مصلحة أو النيابة العامة.
والمفقود هو الشخص الغائب الذي لا يعرف مكانه و لا يعرف حياته أو موته، ولا يعتبر مفقودا إلا بحكم، وهذا حسب ما جاءت به المادة 109 من قانون الأسرة.
أما الغائب، فحسب نص المادة 110، فهو الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة مدة سنة، وتسبب غيابه في ضرر الغير.
وحالات الغيبة تشمل ما يلي:
1- من غاب إلى جهة غير معلومة لمدة سنة فأكثر أو تعطلت مصالحه, ولم يعثر له على أثر ولم تعرف حياته أو مماته, فهذا هو المفقود الذي يعتبره القانون غائبا, ويوجب على المحكمة أن تقيم وكيلا عنه إذا كان كامل الأهلية، ولم يترك وكيلا عنه قبل غيبته.
2- الغائب هو الذي ليس له محل إقامة, ولا موطن معلوم ولا يهتدي إليه,كشخص هام على وجهة لسبب غير معلوم, أو قرار من إجراءات اتخذت ضده أو أحكام صدرت عليه.
3-الغائب خارج حدود الدولة، ومعلوم محل إقامته، وموطنه، ولكن استحال عليه أن يتولى شؤون نفسه بنفسه، أو أن يشرف على من ينوبه في إدارتها لظرف طارئ غير معلوم من ينتهي، كقيام حرب مفاجئة منعته من العودة واستمرت مانعة له سنة فأكثر,وتعطلت أعماله لذلك، فمثل هذا الشخص أصبح عاجزا عن تولي أمور غيره، لعجـزه عـن النظـر فـي أمور نفسه( ).
ويفهم من نص المادة 144 من قانون الأسرة أن:
* الفقدان يكون بحكم.
* ويكون بناء على طلب أحد ورثة إذا كان الحكم صادرا بموت المفقود موتا حكميا.
* ويكون كذلك بناء على طلب من له مصلحة أو من النيابة العامة, إذ أجاز القانون أن ترفع النيابة العامة هذه الدعوى كأي فرد عادي.
كما تنص المادة 32 من الأمر 06/01، المتضمن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية على ما يلي: “يصدر الحكم القاضي بوفاة المفقود بناء على طلب من أحد ورثته أو من كل شخص ذي مصلحة في ذلك أو من النيابة العامة.
يفصـل القاضي المختص ابتدائيا ونهائيا في أجل لا يتجاوز شهرين ابتداء من تاريخ رفع الدعوى.” من خلال نص هذه المادة نستخلص أن:
– الحكم الصادر بوفاة المفقود يكون بناء على طلـب من احد الورثـة أو من أي شخص له مصلحة أو من النيابة العامة وذلك لتعلقه بالنظام العام.
– يتم الفصل ابتدائيا ونهائيا في اجل لا يتجاوز شهرين ابتداء من تاريخ رفع الدعوى.
كما تنص المادة 34 من نفس الأمر على: “تمنح المساعدة القضائية بقوة القانون بناء على طلب من احد الأشخاص المذكورين في المادة 32 أعلاه.”( )
و على العموم فلقد أجاز المشرع الجزائري للنيابة العامة أن تكون طرفا أصليا في الدعوى المدنية كلما تعلق الأمر بالنظام العام، ويترتب عن عدم تبليغها البطلان الإجرائي( ).
اترك تعليقاً