عرض قانوني لحقوق الانسان في ليبيا
المواثيق الدولية
انضمت ليبيا إلى اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع المعنية بحقوق الإنسان وهي: “العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية”، و”الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”(1970), و”اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”(1968), و”اتفاقية القضاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة”(1989), و”اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”(1989)، و “اتفاقية حقوق الطفل” (1993)، و”اتفاقية حماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم”(2004). كما انضمت إلى “البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”, بشأن تقديم الشكاوى من قبل الأفراد (1989), و”البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (2004), و”البروتوكولان الاختياريان لاتفاقية حقوق الطفل” بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وبيع الأطفال، واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية (18/6/2004).
انضمت ليبيا أيضاً إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثماني المعنية بحقوق الإنسان وهي: “الاتفاقيتان (87) و(98) المعنيتان بحرية التجمع والمفاوضة الجماعية” (2000, 1962 على التوالي)، و”الاتفاقيتان (29) و(105) المعنيتان بالقضاء على السخرة والعمل الإجباري”(1961)، و”الاتفاقيتان (100) و(111) المعنيتان بالقضاء على التمييز في شغل الوظائف” (1962، 1975 على التوالي), و”الاتفاقيتان (138) و(182) المعنيتان بمنع استخدام الأطفال والقاصرين” (1975، 2000 على التوالي).
تحفظت ليبيا على أحكام بعض الاتفاقيات التي صادقت عليها على النحو التالي:
العهدان الدوليان : إعلان بأن انضمام ليبيا إلى العهدين لا ينطوي على الاعتراف بإسرائيل أو الدخول في أية علاقة معها
– “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”: تحفظ عام بأن انضمامها للاتفاقية لا ينطوي على أي اعتراف بإسرائيل. وعدم الالتزام بالمادة (22), والتي تتعلق بسبل حل النزاع بين الدول الأطراف حول تفسير الاتفاقية أو تطبيقها.
– “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”: المادة (2), التي تتعلق بتعهد الدول الأطراف بإدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية وتشريعاتها, وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ، وحظر كل تمييز ضد المرأة، حيث ذكرت أن هذا المبدأ سيطبق في إطار مبادئ الشريعة الإسلامية. وعلى المادة (16/ف1), التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية؛ حيث اشترطت ألا يتعارض ما جاء في هاتين الفقرتين مع ما كفلته الشريعة الإسلامية للمرأة من حقوق. والمادة (22), التي تتعلق بحق الوكالات المتخصصة في أن توفد من يمثلها لدى النظر فيما يقع في نطاق أعمالها من أحكام هذه الاتفاقيات.
المواثيق الإقليمية
أما بالنسبة للمواثيق الإقليمية، فقد وافقت ليبيا على “إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام” الصادر عن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990, وهو وثيقة إرشادية لا تحتاج إلى تصديق. كما صادقت أيضاً على “الميثاق العربي لحقوق الإنسان/المعدل”, الذي اعتمدته القمة العربية في تونس في مايو/أيار 2004, ولم يدخل بعد حيز النفاذ. وانضمت كذلك إلى “الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب”(1983). وصادقت في على “البروتوكول الاختياري الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب”, الذي ينص على تأسيس المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (فبراير/شباط 2004).
مؤسسات حقوق الإنسان
لا توجد في ليبيا منظمات غير حكومية مستقلة لحقوق الإنسان، ويتوافر بها بعض الهياكل الحكومية المعنية بحقوق المرأة، وبعض المنظمات المرتبطة بالحكومة, مثل: “اللجنة الليبية لحقوق الإنسان”. ورغم ذلك فقد انبثقت عن “مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية”، التي يرأسها “سيف الإسلام القذافي” أحد أبناء العقيد القذافي، جمعية لحقوق الإنسان في ديسمبر/كانون أول 1998 عملت بنشاط في مجال تعزيز حقوق الإنسان؛ حيث أطلقت حملات واسعة للإفراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين, تبعها الإفراج عن أعداد كبيرة منهم، كما أطلقت حملة ضد التعذيب في ليبيا والشرق الأوسط, وقامت بزيارة أماكن الاعتقال وقدمت توصيات بتحسين أوضاعها.
إنجازات على طريق الحكم الرشيد
1- النهوض بأوضاع المرأة, وشمل ذلك إدماج المرأة في جميع مجالات التنمية, بزيادة نسبة مشاركتها في النشاطات الاقتصادية والاجتماعية وكذا في النظام التشريعي أيضاً، وإتاحة عملها في كل المجالات – بما في ذلك السلك القضائي والقوات المسلحة – وشغل الوظائف العليا والتمثيل الدبلوماسي.
2- إلغاء محكمة الشعب (2005), التي كانت موضع انتقادات متواصلة محلياً ودولياً لغياب شروط العدالة فيها وانتهاجها نهجاً غليظاً في العقوبات، والفصل بين وزارتي الداخلية والعدل، والشروع في إعداد قانون جديد للعقوبات.
3- واصلت الحكومة سياسة إطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين والسجناء السياسيين على دفعات والتي تتبعها منذ العام 2001، حيث أصدرت في العام 2006 عفواً عن 132 سجيناً سياسياً، بعد أن أمضى معظم المفرج عنهم أكثر من سبع سنوات رهن الاحتجاز بسبب نشاطات سياسية سلمية، إثر محاكمة غير منصفة.
4- رفعت السلطات الليبية في العام 2003 القيود المفروضة على سفر الآلاف من المواطنين الليبيين الذين منعوا من مغادرة البلاد، ومنذ ذلك الحين استعاد العديد منهم جوازات سفرهم. وألغت منذ العام 2005 شرط موافقة مكتب الاتصال في اللجان الثورية لإيفاد الموظفين والطلبة للعمل أو الدراسة في الخارج. وألغت أيضا شرط موافقة مكتب الاتصال على تعيين أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الليبية، وتعيين موظفي السفارات الليبية في الخارج.
الصعوبات والمعيقات
تتمثل أهم الصعوبات فيما يلي:
1- عدم وجود دستور للبلاد.
2- وجود عدد كبير من القوانين التي تتعارض تماماً مع معايير حقوق الإنسان التي التزمت بها ليبيا بانضمامها للاتفاقيات الدولية المعنية, ومن بينها: القانون رقم (71) لعام 1972 الذي يحظر أي شكل من أشكال النشاط الجماعي القائم على أيديولوجية سياسية معارضة لمبادئ ثورة الفاتح من سبتمبر وينزل عقوبة الإعدام بسبب تشكيل مجموعات يحظرها القانون أو الانضمام إليها أو دعمها. وقانون العقوبات (48 للعام 1956) الذي ينزل عقوبة الإعدام بأولئك الذين يدعون إلى إقامة أي تجمع أو تنظيم أو تشكيل محظور قانوناً، والسجن مدى الحياة بسبب نشر معلومات تعتبر أنها تسيء إلى سمعة البلاد أو تزعزع الثقة بها في الخارج (م/178), وعقوبة الإعدام لكل من يروج نظريات أو مبادئ ترمى لتغيير مبادئ الدستور الأساسي أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو نظم الدولة (م/207), ومن بينها ميثاق الشرف الصادر عام 1997, والذي يجيز تطبيق العقاب الجماعي على جميع أفراد جماعة معينة سواء كانت صغيرة أو كبيرة يعتقد أن لها صلة بالجريمة, وغير ذلك من القوانين.
3- تردي أوضاع السجون، وقد قامت مجموعة من السجناء في سجن بو سليم في 4 أكتوبر/تشرين أول 2006 باحتجاجات، وأطلق الحراس النار على المحتجين مما أدى – طبقاً للمصادر الرسمية – إلى قتل وإصابة أربعة سجناء، وإصابة ثمانية من أفراد الشرطة. ويذكر أن سجن بو سليم ذاته كان قد شهد احتجاجات في العام 1996، وتم خلال قمعها قتل وإصابة مئات من السجناء، وذكرت الحكومة في العام 2005 أنها شكلت لجنة للتحقيق في الحادث لكن لم تظهر أية نتائج لعملها.
4- وتحتجز السلطات النساء والفتيات اللاتي يشتبه في مخالفتهن قواعد السلوك الأخلاقية “لأجل غير مسمى” في مراكز “إعادة التأهيل الاجتماعي، التي تصور على أنها دور رعاية للنساء والفتيات المعرضات للانحراف الأخلاقي، أو من ترفضهن أسرهن، وعادة ما تنتهك السلطات الحقوق الإنسانية والقانونية للمحتجزات. وتشير التقارير إلى أن كثيراً من المحتجزات لم يرتكبن جرائم، أو قضين بالفعل مدد الأحكام الصادرة ضدهن. ولا سبيل للخروج من هذه المراكز إلا إذا تولى أحد الأقارب الذكور الوصاية على المرأة أو الفتاة، أو إذا وافقت هي على الزواج.
5- ويواجه المجتمع الليبي قضية بالغة الحساسية والتعقيد من العام 1999، وهي قضية حقن الأطفال الليبيين بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، والتي أصيب من جرائها 426 طفلاً بالإيدز توفي نحو خمسين منهم. وقد أدانت محكمة جنائية ليبية الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني المتهمين في هذه القضية وحكمت بإعدامهم، وتم نقض الحكم لأسباب إجرائية في العام 2005، وأعيدت المحاكمة أمام محكمة جنائية أخرى وقضت بنفس العقوبة في العام 2006. ويضغط الاتحاد الأوربي وبلغاريا من أجل إطلاق سراح المدانين، بينما يطرح أسر الضحايا القضية من منظور الضحايا والجانب الإنساني المؤلم فيها. وضرورة عدم الإفلات من العقوبة. وتحجم بلغاريا عن المقترحات المطروحة للتعويض حتى لا تعترف بالمسئولية الجنائية.
6- امتلاك الدولة وسائل الإعلام, ومن ثم خضوعها الكامل لسيطرتها. ويتحكم قانون المطبوعات رقم 76 لعام 1972 والقانون رقم 75 لعام 1973 في عمل الصحافة، ويحصران جميع حقوق النشر بهيئتين عامتين هما: “المؤسسة العامة للصحافة, و”الاتحادات والنقابات المهنية”, و”الدار الجماهيرية”.
7- وتقيد ليبيا الحق في تكوين الجمعيات، ويقضي القانون رقم (19) الخاص بتكوين الجمعيات بأن تحصل الجمعيات على موافقة حتى يمكنها ممارسة عملها، وليس لها حق الاستئناف إذا جاء الجواب بالرفض، ورفضت الحكومة إنشاء منظمة مستقلة للصحفيين، ولا تسمح لنقابة المحامين بتعيين قيادتها بنفسها، ويحد القانون رقم (71) وغيره من القوانين المقيدة للحرية بشدة إنشاء جمعيات مستقلة. وتخلو البلاد فعلياً من أية منظمات غير حكومية مستقلة.
8- وقد قامت الحكومة على مدار العام 2006 بترحيل آلاف الأجانب الذين لا يحملون وثائق قانونية، وأغلبهم من الدول الإفريقية جنوب الصحراء، وذكر بعضهم أنهم تعرضوا للضرب وغيره من أشكال الإيذاء خلال اعتقالهم وترحيلهم، وذكرت السلطات أن مثل هذه الحالات فردية، وأنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية، لكن لم تورد أي تفاصيل. وكشفت الحكومة في 26 فبراير/شباط 2007 عن “مجموعة من الضوابط الجديدة” للعمالة الأجنبية الراغبة في الدخول إلى الأراضي الليبية.
9- حث العقيد القذافي قائد الثورة الليبية مؤيديه في ذكرى الفاتح من سبتمبر/أيلول 2006، على سحق الأعداء إذا طالبوا بتغيير سياسي. وذكر أنه لن يسمح لأحد بأن يسرق السلطة من الشعب تحت شعار تداول السلطة. وقد جاءت هذه التصريحات بعد أيام من تصريحات لسيف الإسلام القذافي رئيس مؤسسة القذافي للتنمية انتقد فيها حالة الفوضى السائدة في ليبيا، وأرجعها لغياب الدستور والقوانين، وتصدي من وصفهم “بالمافيا الليبية” للمشروعات الإصلاحية.
البرامج المستقبلية
أما أهم البرامج المستقبلية, فقد أعلنت ليبيا مراراً عن عزمها إصدار دستور للبلاد، بل وناقشت بعض أحكام هذا الدستور في معرض مناقشتها لتقريرها أمام لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما تعد قانوناً جديداً للعقوبات، ذكر وزير العدل أنه سوف يقصر عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم والإرهاب، وآخر للإجراءات الجنائية. وتعهدت أكثر من مرة باتخاذ خطوات جادة نحو تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتدعو بعض الهيئات الليبية لفتح ملفات الانتهاكات الجسيمة السابقة.
ودعا العقيد القذافي في الفاتح من سبتمبر/أيلول 2006 إلى تخصيص ستة مليارات دولار لصندوق المحتاجين الليبيين، بينها أربعة مليارات من الأموال الأجنبية، ومليار ونصف المليار من الأموال التي تم استردادها من الولايات المتحدة، داعياً إلى أن توضع هذه الأموال في صندوق المحتاجين والأسر الليبية الفقيرة. وأضاف أن عائد هذه الأموال الذي يصل إلى 600 مليون دولار يجب أن تستثمر في مختلف الأنشطة ويوزع على الأسر في حساباتهم، وأن تكون لهم أسهم في المصارف والعقارات السياحية. كما دعا إلى تمليك شركات النفط المملوكة للدولة لليبيين الفقراء.
ويقود سيف الإسلام القذافي رئيس مؤسسة القذافي للتنمية (نجل الزعيم الليبي) اتجاهاً إصلاحياً، دعا – في إطاره – في أغسطس/أب 2006 إلى إعادة تأسيس دستور ثابت، ووضع مرجعية ثابتة، وإلى التحول السياسي من “ليبيا الثورة” إلى “ليبيا الدولة”، ووجه انتقادات حادة للنظام السياسي الليبي.
وقد شكلت الحكومة في مارس/آذار 2007 لجنة عليا لإعادة هيكلة وتنظيم الصحافة برئاسة أمين اللجنة الشعبية العامة (رئيس الوزراء) وعضوية عدد من الوزراء من بينهم وزراء التعليم، والخارجية، والثقافة والإعلام، وعدد من الكتاب والصحفيين، بعد أن وضعت وزارة الثقافة والإعلام خطتها السنوية الجديدة لتطوير القطاعات الثقافية والإعلامية وسبل النهوض بمجالات القطاعات المتعددة ومن بينها الصحافة.
اترك تعليقاً