عرض مميز لأنواع التشريعات في القانون المغربي
يعرف القانون من الناحية الموضوعية على أنه مجموع القواعد القانونية العامة و المجردة و الملزمة و التي تتسم بالديمومة و الاستقرار لمدة زمنية معينة.
و من الناحية الشكلية يعرف كلاسيكيا على أنه: “كل تصرف صدر عن البرلمان بالتصويت ” . إن تعريف القانون بالمعيار الشكلي أصبح غير ذي قيمة بعد تحديد مجال القانون، فالبرلمان لم يعد وحده صاحب الاختصاص في تشريع القوانين، إذ أن مهمة صناعة القوانين أصبحت موزعة بين البرلمان و السلطة التنفيذية، و حتى مجال القانون أصبح بإمكان البرلمان التفويض للحكومة للتشريع فيه ، لذلك يعرف الأستاذ عبد الرحمان أمالو القانون على أنه: “كل تصرف اتخذه البرلمان في المجال الذي حدده الدستور و جعله محصورا عليه” و يذهب الأستاذ خالد الناصري إلى اعتبار أن “القانون ينظر إليه انطلاقا من تعريف مزدوج مادي و شكلي، فهو محدد من الناحية المادية بموجب لائحة حصرية من المواد المدرجة بشكل خاص في مجال القانون بموجب الفصل 45 و هو محدد من الناحية الشكلية بموجب الفصل 44 الذي بمقتضاه تصبح القوانين تلك التي يصوت عليها البرلمان دون غيره .
و يشير Jean Marie Auby إلى أن دستور 1958 الفرنسي اعتمد معيارين لتعريف القانون : المعيار الكلاسيكي الشكلي، و بموجبه يعرف القانون على أنه: مجموع النصوص التي يصوت عليها البرلمان، و المعيار المادي: مجموع المواد التي عرض لها الفصل 34، و هو الفصل الذي حدد مجال القانون في .
و الحقيقة أنه لا يمكن الاستغناء عن أي من المعيارين ( المادي و الشكلي) لتقديم تعريف دقيق للقانون، لأنه إذا اعتمدنا فقط على المعيار المادي لتعريف القانون و ألغينا التعريف الشكلي أضفينا صفة القانون على اللوائح التنظيمية و القرارات الإدارية، لذلك لابد من الجمع بين المعيارين لإعطاء تعريف للقانون في ظل ما استجد من تحديد لمجاله في الدستور الفرنسي و المغربي.
و بناء على ذلك تتنوع التشريعات في القانون المغربي تبعا للجهة التي وضعتها- البرلمان أو الحكومة- و تبعا لمجال موضوع التشريع-مجال القانون أو مجال التنظيم –بالإضافة إلى الدستور الذي يسمو هذه التشريعات جميعا.
1. الدستور
الدستور هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم شكل الدولة, و طبيعتها, و نظام تسييرها, و المبادئ الأساسية فيها من حيث الحقوق و الواجبات و الحريات العامة الجماعية و الفردية, و اختصاصات المؤسسات الوطنية العليا و علاقاتها فيما بينها. وتعتبر قواعد القانون الدستوري أسمى القواعد القانونية , وعليه لا يجوز لأي قانون تصدره السلطة التشريعية مخالفتها و إلا حكم بعدم دستوريته . وقد مُنح المغرب أول دستور سنة 1962 تمت مراجعته في سنوات 1970 و1972 و1992 و1996, و هو من الدساتير الجامدة التي يتطلب تعديلها إجراءات معقدة. و يتألف الدستور المغربي المراجع بموجب استفتاء 1996 من ديباجة و ثلاثة عشر بابا تضم مائة و ثمانية فصول.
2. القوانين التنظيمية
القوانين التنظيمية هي التي نص الدستور على أنها كذلك , وقد جعلها المشرع الدستوري المغربي من اختصاص البرلمان و حصرها في 9 ميادين هي:
1- القوانين التنظيمية التي تبين الشروط و الإجراءات التي تمكن من ممارسة حق الانتخاب (الفصل 14 من الدستور).
2- ما يقضي به الفصل 21 من الدستور من أن قواعد سير مجلس الوصاية تحدد بقانون تنظيمي (الفقرة 2 من الفصل 21).
3- تحديد عدد أعضاء مجلس النواب و نظام انتخابهم، و شروط القابلية للانتخاب و حالات التنافي و نظام المنازعات الانتخابية (فق 2 من ف 37 من د).
4- عدد أعضاء مجلس المستشارين و نظام انتخابهم، و عدد الأعضاء الذين تنتخبهم كل هيئة ناخبة، و توزيع المقاعد على مختلف جهات المملكة، و شروط القابلية للانتخاب و حالات التنافي، و طريقة إجراء القرعة، و تنظيم المنازعات الانتخابية يحدد بقانون تنظيمي.
5- يحدد قانون تنظيمي طريقة تسيير لجان تقصي الحقائق (ف 42 فق أخيرة).
6- يبين قانون تنظيمي شروط التصويت على قانون المالية ( ف 50 فق1).
7- يحدد قانون تنظيمي قواعد تنظيم و سير المجلس الدستوري و الإجراءات المتبعة أمامه خصوصا ما يتعلق بالآجال المقررة لعرض مختلف المنازعات عليه (فق 1 فصل 80).
8- يحدد قانون تنظيمي عدد أعضاء المحكمة العليا و كيفية انتخابهم ، و كذلك المسطرة التي يتعين اتباعها (ف 92 من د)
9- يحدد قانون تنظيمي تركيب المجلس الأعلى الاقتصادي و الاجتماعي و تنظيمه و صلاحيته و طريقة تسييره (ف95).
و يتحتم على البرلمان أثناء إقراره للقانون التنظيمي “أن يتقيد بالإجراءات الخاصة المنصوص عليها في الدستور كما أن إصدارها يتوقف على التدخل الوجوبي (اللازم) للمجلس الدستوري الأمر الذي يجعل الإجراءات المتعلقة بالقوانين التنظيمية أكثر شدة من تلك المقررة لسن القوانين العادية و أقل صرامة من تلك الواجب اتباعها حينما يكون الأمر متعلقا بإدخال تعديلات على بعض النصوص الدستورية”
3. القانون العادي
يضم القانون العادي مجموعة التشريعات التي أوردها ف 46 من دستور 1996 على سبيل الحصر، و كذلك الحريات الواردة في الباب الأول، و ما هو منصوص عليه في نصوص متفرقة من الدستور.
1- المواد التي حصرها الفصل 46 من دستور 1996.
ينص الفصل 46من الدستورعلى أنه:”يختص القانون بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين الآتية:
– الحقوق الفردية و الجماعية المنصوص عليها في الباب الأول من هذا الدستور
– تحديد الجرائم و العقوبات الجارية عليها و المسطرة الجنائية و المسطرة المدنية و إعداد أصناف جديدة من المحاكم.
– النظام الأساسي للقضاة.
– النظام الأساسي للوظيفة العمومية
– الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين و العسكريين.
– النظام الانتخابي لمجالس الجماعات المحلية.
– نظام الالتزامات المدنية و التجارية.
– إحداث المؤسسات العمومية.
– تأميم المنشآت و نقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
للبرلمان صلاحية التصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية”.
بخصوص هذه المواد يؤكد عبد الرحمان أمالو بأن المشرع الدستوري عموما جعلها من اختصاص السلطة التشريعية دون اعتبار مسائل شكلية أو جوهرية .
و لقد أثار حصر هذه القائمة من مجال القانون إجماعا فقهيا على أنه تقليص من صلاحيات السلطة التشريعية باعتبار أن القانون يعبر عن إرادة الأمة من خلال ممثليها، و هذه الإرادة هي الإرادة العليا، لذلك لا يمكن تحديد مجال القانون على سبيل الحصر، غير أن الأستاذ “محمد أشركي” – و استثناء من هذا الإجماع- يرى أن مجال القانون في المغرب مجال واسع لأنه يمتد إلى أهم مناحي الحياة الاقتصادية و القانونية و الاجتماعية .
و بالنظر إلى الموضوعات الواردة في ف 46 من دستور 1996 يلاحظ أن بعضها لا يخلو من غموض أثار الجدل حوله رغم محاولات المشرع الدستوري تجنب ذلك، خصوصا فيما يتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة لموظفي الدولة المدنيين و العسكريين … فما المقصود بالضمانات الأساسية الممنوحة لموظفي الدولة خاصة إذا تعلق الأمر بتلك الممنوحة للموظفين العسكريين؛ حيث إن المجال العسكري مجال تكتنفه عادة السرية التامة لأنه مرتبط بميدان هام هو ميدان “أمن الدولة”، و لا شك أن أي قانون من هذا القبيل يؤدي لا محالة – أثناء مناقشته – إلى جدل سياسي، و هو ما دفع الملك الحسن الثاني – رحمه الله – إلى أن يطلب من القوى السياسية بمناسبة أحداث فاس بتاريخ 14-12-1990 أن تجعل الميدان العسكري في منأى عن كل جدل سياسي .
و يتساءل عبد الرحمان أمالو عما إذا كانت هذه الضمانات تشمل أساليب التعيين و الترقية، و منصب الموظف، و كذلك صفة العون المرسم، و التفاصيل المتعلقة بتدبير المنصب الإداري .
و يكتنف الغموض أيضا اختصاص البرلمان في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، حيث إن دوره لا يتعدى حدود التصويت على القوانين التي تضع إطارا لهذه التعديلات.
2- الحقوق و الحريات الفردية و الجماعية الواردة في الباب الأول من الدستور و هي:
– حقوق مدنية و سياسية: و هي تلك المتعلقة بحرية تشكيل و اختيار الأحزاب السياسية و المنظمات النقابية (ف3)، المساواة في التمتع بالحقوق السياسية بين الرجل و المرأة (ف8)، حرية العقيدة و العبادات في إطار الضوابط الإسلامية (ف 6)، حرية التجول و حرية الاستقرار بجميع أرجاء المملكة، حرية تأسيس الجمعيات و الانخراط في أية منطقة نقابية أو سياسية (ف 9)، منع تقييد حرية الفرد إلا في إطار القانون و ضمان حرمة المنزل ( ف10) ، عدم انتهاك سرية المراسلات (ف 11) ، المساواة في تقلد المناصب و الوظائف العمومية (ف 12).
– حقوق اقتصادية و اجتماعية و ثقافية: و هي الحقوق المتعلقة بالمساواة في التربية و الشغل (ف 13) ، و حق الملكية و حرية المبادرة الخاصة مضمونان ( ف15)،و تضاف الواجبات الملقاة على الأفراد و المرتبطة مباشرة بالحقوق التي ذكرت مثال الدفاع عن الوطن حق واجب على كل المواطنين (ف 16)، تحمل التكاليف العمومية (ف 17) ، و تحمل التكاليف الناتجة عن الكوارث الطبيعية (ف 18).
3- ما هو منصوص عليه في نصوص متفرقة من الدستور:
– الفصل 31 الذي ينص في فقرته الثانية على أنه: “يوقع الملك المعاهدات و يصادق عليها غير أنه لا يصادق على المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة إلا بعد الموافقة عليها بقانون”.
– الفصل 45 في فقرته الثانية المتعلقة بقانون الإذن حيث يجوز للبرلمان أن يفوض للحكومة أن تشرع بمقتضى مراسيم في مجالات تدخل في اختصاصه.
– الفصل 49 الذي يقضي بأنه لا يمكن تمديد أجل الحصار(30 يوما) إلا بالقانون.
– الفصل 50 الذي جعل قانون المالية يصدر عن البرلمان بالتصويت.
– الفصل 80 الذي ينص أن “لا يعزل قضاة الأحكام و لا ينقلون إلا بمقتضى قانون”.
– الفصل 99 الذي جعل اختصاصات المجلس الأعلى و المجالس الجهوية للحسابات و قواعد تنظيمها و طريقة سيرها تحدد بقانون.
– الفصل 100 الذي جعل إحداث الجماعات المحلية بالمملكة (الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات الحضرية) لا يتم إلا بقانون.
– الفصل 101 المتعلق بالنظام الانتخابي للجماعات المحلية و بقواعد تدبير شؤونها و التي جعلها من اختصاص القانون (فقرة1) ، كما تبين (الفقرة 2) أن القانون يحدد شروط تنفيذ العمال لقرارات العمالات و الأقاليم و الجهات .
إن هذه المجالات التي حددها النص الدستوري المغربي للقانون و إن كانت تبدو على سبيل التعداد كثيرة و متعددة فإنه بالرغم من ذلك يبقى مجال القانون محددا أيا كان اتساعه .
و لكن بالرغم من ذلك يلاحظ أن مجال القانون في الدستور المغربي أوسع من نظيره في الدستور الفرنسي، فقد لاحظ الأستاذ “محمد أشركي” أن مجال القانون في الدستور المغربي يبدو – من بعض الوجوه – أوسع من نظيره في الدستور الفرنسي لسببين:
الأول: أنه لا يميز بين المواضيع التي يسن فيها القانون القواعد و تلك التي يكتفي فيها بوضع المبادئ الأساسية.
و الثاني: أن سلطة المشرع في المجال الجنائي و إحداث المؤسسات العمومية و تدبير الجماعات المحلية أوسع في الدستور المغربي منه في نظيره الفرنسي .
إن هذه المجالات التي حددها النص الدستوري المغربي للقانون و إن كانت تبدو على سبيل التعداد كثيرة و متعددة فإنه بالرغم من ذلك يبقى مجال القانون محددا أيا كان اتساعه .
4. الظهائر الشريفة
يستأثر الملك بالوظيفة التشريعية في حالة غياب البرلمان إما بانتهاء ولايته انتهاء عاديا أو عن طريق الحل أو في حالة الاستثناء سدا للفراغ التشريعي عن طريق ظهائر شريفة معتبرة بمثابة قانون (عادي أو تنظيمي ) تمييزا لها عن الظهائر الشريفة التي يصدرها الملك لتنفيذ القانون.
ويمكن للملك أن يلجأ إلى ممارسة السلطة التشريعية و تعويض الغياب السياسي للبرلمان بعد انتهاء ولايته مستندا في ذلك إلى الفصل 19 من الدستور و بالذات إلى مهمته السامية كأمير للمؤمنين ,و مستفيدا في ذات الوقت من سكوت الدستور عن معالجة الفرضية التي يتم فيها تأجيل الانتخابات التشريعية .
كما يمكنه الاستناد إلى الفصل 72 من الدستور (الفقرة الثانية ) “…و في أثناء ذلك يمارس الملك بالإضافة إلى السلط المخولة له بمقتضى هذا الدستور السلط التي يختص يها البرلمان في مجال التشريع ” رغم أن هذا الفصل يهم فترة ما بعد الحل إلا أنه يمكن تعميمه على فترات غياب البرلمان .
و بخصوص حالة الاستثناء فبالرغم من تنصيص الدستور (الفصل 35) على أنه “…لا يترتب عن حالة الاستثناء حل البرلمان ” إلا أنه لا يضمن للبرلمان ممارسة وظيفته التشريعية و لا حتى اجتماع أعضائه و بالتالي فإن الاختصاص التشريعي للملك يبقى في منأى عن أي تقييد / .
و لقد مارس الملك الوظيفة التشريعية نيابة عن البرلمان خلال الفترة الانتقالية في الدساتير السابقة عن دستور 1996 دامت مدتها أكثر من سنة بخصوص دستور 1992 و 5 سنوات و 7 أشهر بخصوص دستور 1972 و شهران بخصوص دستور 1970 و 11 شهرا بخصوص دستور 1962.أما دستور 1996 فقد أسند مهمة التشريع خلال الفترة الانتقالية لمجلس النواب و ليس للملك ,و تجدر الإشارة إلى أن الإجراءات التشريعية التي يتم اتخاذها في المرحلة الانتقالية ليس لها مجال محدد إذ يمكن لها أن تتدخل في كل المجالات ..مجال القانون بنوعيه العادي و التنظيمي و تلك التي يتمتع بها رئيس الدولة
5. المراسيم التنظيمية المستقلة.
يقصد بالسلطة التنظيمية المستقلة التشريع في جميع المجالات باستثناء تلك التي أعطيت للبرلمان صراحة بموجب مقتضيات الدستور و تمارس بموجب مراسيم تسمى المراسيم المستقلة، و هي مراسيم تصدر دون الاستناد إلى قانون قائم فهي قائمة بذاتها لا تستند إلى قانون آخر تعمل على تنفيذه. و لقد اعتبرها بعض الفقهاء تشريعا حكوميا بالمعنى الكامل للتشريع، مما جعلها في نظر الكثير من الفقهاء الفرنسيين و المغاربة مساوية للقانون في سلم القواعد القانونية من حيث مكانتها و مرتبتها و قيمتها القانونية.
و مجال السلطة التنظيمية واسع جدا كما يشير إلى ذلك الفصل 47 من الدستور بنصه على أن المواد الأخرى التي لا يشملها اختصاص القانون (أي القانون العادي الصادر عن البرلمان ) يختص بها المجال التنظيمي، فهناك مسائل عديدة ذات صبغة تقنية و جزئية لا يمكن للبرلمان أن يحيط بها كالقواعد اللازمة لتسيير المرافق العامة و المحافظة على الأمن .
و لا تختلف المراسيم المستقلة عن القانون العادي إلا من حيث الجهة التي أصدرتها ، و الموضوعات التي صدرت فيها. فهي مثل القوانين العادية من حيث هي عامة و مجردة و ملزمة كما أنها تتمتع بالاستقلال في علاقتها مع القانون لأنها تتم في إطار المجال الذي حدده الدستور للسلطة التنظيمية، و هو مجال مستقل عن مجال القانون، و هذا الموقف يشذ عنه في المغرب الأستاذ “محمد أشركي” حيث ينكر استقلال المراسيم التنظيمية عن القانون، و بالتالي يجعلها أقل مكانة و رتبة من القانون العادي الصادر عن البرلمان في نطاق مجاله يقول: “… و فضلا عن الندرة النسبية للمراسيم التنظيمية المستقلة بالقياس للقوانين من جهة و بالقياس أيضا للمراسيم التطبيقية من جهة أخرى فإن هذه المراسيم المسماة بالمستقلة لا تتمتع إلا باستقلال وهمي، فإذا تركنا جانبا استقلال القانون العضوي عن القوانين لكونها لا تصدر تطبيقا لها ، فإن هذه المراسيم ليست لها أية هوية قانونية تميزها عن غيرها، فهي تحتل في سلم تدرج القواعد القانونية نفس المرتبة التي يحتلها كل مرسوم تنظيمي،و من هنا فهي تخضع للدستور و المعاهدات الدولية و القوانين، والمبادئ العامة للقانون التي تنزل منزلة القانون،حتى ولو اتخذت بناء على تأهيل تشريعي” و يخالفه الأستاذ عبد القادر باينة حيث يرى أن المراسيم المستقلة رغم أنها شكليا هي مجرد مقررات إدارية يمكن الطعن فيها بالإلغاء إلا أنها تحتل مكانة مساوية لمكانة القانون العادي .
و تجدر الإشارة إلى أن السلطة التنظيمية يقوم بها الوزير الأول بناء على الفصل 63 من الدستور الذي ينص على أنه “يمارس الوزير الأول السلطة التنظيمية”.
6. المراسيم التشريعية
و هي التشريعات المتخذة بناء على الفصل45 من الدستور وهو الفصل الذي يسمح للحكومة اتخاذ تشريعات بإذن من البرلمان أو ما يصطلح عليه” بتفويض التشريع”و تسمى أيضا” مراسيم قوانين”, وتضم أيضا التشريعات التي تتخذ بناء على الفصل 50من الدستور والذي تتخذ الحكومة بموجبه الاعتمادات الضرورية لسير المرافق العمومية على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة بقصد الموافقة, وأيضا تضم المراسيم التي تتخذها الحكومة في الفترة الفاصلة بين الدورات باتفاق مع اللجان البرلمانية التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين و ذلك بناء على الفصل 55 من الدستور.
7. المراسيم التطبيقية.
تختلف المراسيم التطبيقية أو التنفيذية عن المراسيم التنظيمية في كونها “ترتبط بنص تشريعي قائم،والمرسوم الذي يتخذه الوزير الأول في هذا الخصوص يصدر لتنفيذ الأمور القانونية التي يتضمنها هذا النص” كما أنها “تضع القواعد التفصيلية اللازمة لتيسير تنفيذ القانون” لذلك فالعلاقة بين القانون و المرسوم المنفذ له هي “علاقة نشأة متبادلة حيث كل واحد منهما يعطي شهادة الولادة للآخر” فلا يمكن تصور قانون ما دون إجراءات لأن البرلمان لا يمكن أن يشرع في الجزئيات لسببين ، الأول: لأن القوانين التي يضعها البرلمان تقتصر عادة على وضع الأحكام العامة و الخطوط العريضة دون الدخول في التفاصيل و الجزئيات التي تكون عرضة للتغيير المستمر ، و السبب الثاني مؤداه تخفيف العبء عن السلطة التشريعية لتتفرغ لوضع المبادئ و المسائل الرئيسية . ولأن القانون مهما كان كاملا فهو في حاجة إلى تدابير تطبيقية يتوجب اتخاذها بمرسوم .
و تتحدد وظيفة المرسوم التطبيقي في كونه “يفصل حيث أجمل القانون و يفسر حيث عمم، و يضع الإجراءات حيث لم يضع القانون إلا المبادئ الأساسية” و هو بذلك لا يمكن أن يؤدي هذه الوظائف في غياب القانون أي بشكل مستقل عن نطاقه فهو خاضع للقانون و تابع له، فلا يمكن أن تتعارض مقتضياته مع مقتضيات القانون – الذي يسعى لتنفيذه- و إلا عد غير مشروع، و أمكن بالتالي الطعن فيه أمام القضاء الإداري المختص .
و لقد أسند الدستور المغربي في الفصل 61 مهمة تنفيذ القوانين عن طريق المراسيم التطبيقية إلى الحكومة حيث نص على أنه: ” تعمل الحكومة على تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير الأول، و الإدارة موضوعة رهن تصرفها” فتنفيذ القوانين لا يتم إلا بصورة جماعية و هذه إحدى أهم صور التعاون بين المؤسسة التشريعية و المؤسسة التنفيذية .
اترك تعليقاً